رسالة إلى المسبيين
(1) رسالة إلى المسبيين ( ع1- 23):
1- هذا كلام الرسالة التي أرسلها إرميا النبي من أورشليم إلى بقية شيوخ السبي، و إلى الكهنة والأنبياء و إلى كل الشعب الذين سباهم نبوخذناصر من أورشليم إلى بابل. 2- بعد خروج يكنيا الملك و الملكة و الخصيان و رؤساء يهوذا و أورشليم و النجارين و الحدادين من أورشليم، 3- بيد العاسة بن شافان، و جمريا بن حلقيا، اللذين أرسلهما صدقيا ملك يهوذا إلى نبوخذناصر ملك بابل إلى بابل قائلاً : 4- هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل لكل السبي الذي سبيته من أورشليم إلى بابل.
5- ابنوا بيوتا و اسكنوا، و اغرسوا جنات و كلوا ثمرها. 6- خذوا نساء ولدوا بنين و بنات وخذوا لبنيكم نساء و أعطوا بناتكم لرجال فيلدن بنين و بنات و أكثروا هناك و لا تقلوا. 7- و اطلبوا سلام المدينة التي سبيتم إليها، و صلوا لأجلها إلى الرب لأنه بسلامها يكون لكم سلام. 8- لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : لا تغشكم أنبياؤكم الذين في وسطكم و عرافوكم، و لا تسمعوا لأحلامكم التي تتحلمونها. 9- لأنهم إنما يتنبأون لكم باسمي بالكذب أنا لم أرسلهم، يقول الرب. 10- لأنه هكذا قال الرب : إني عند تمام سبعين سنة لبابل أتعهدكم و أقيم لكم كلامي الصالح بردكم إلى هذا الموضع. 11- لأني عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها عنكم، يقول الرب أفكار سلام لا شر، لأعطيكم آخرة ورجاء. 12- فتدعونني و تذهبون و تصلون إليَّ فأسمع لكم. 13- و تطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم. 14- فأوجد لكم، يقول الرب، و أرد سبيكم و أجمعكم من كل الأمم و من كل المواضع التي طردتكم إليها، يقول الرب، و أردكم إلى الموضع الذي سبيتكم منه. 15- لأنكم قلتم قد أقام لنا الرب نبيين في بابل. 16- فهكذا قال الرب للملك الجالس على كرسي داود، و لكل الشعب الجالس في هذه المدينة، اخوتكم الذين لم يخرجوا معكم في السبي. 17- هكذا قال رب الجنود : هأنذا أُرسل عليهم السيف و الجوع و الوبأ، و اجعلهم كتين رديء لا يؤكل من الرداءة. 18- و أُلحقهم بالسيف و الجوع و الوبأ، و اجعلهم قلقاً لكل ممالك الأرض حلفاً و دهشاً و صفيراً و عاراً في جميع الأمم الذين طردتهم إليهم. 19- من أجل أنهم لم يسمعوا لكلامي، يقول الرب، إذ أرسلت إليهم عبيدي الأنبياء مبكراً و مرسلاً و لم تسمعوا، يقول الرب. 20- و أنتم فاسمعوا كلمة الرب يا جميع السبي الذي أرسلتهم من أورشليم إلى بابل. 21- هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل عن آخاب بن قولايا، و عن صدقيا بن معسيا، اللذين يتنبآن لكم باسمي بالكذب هأنذا ادفعهما ليد نبوخذراصر ملك بابل فيقتلهما أمام عيونكم. 22- و تؤخذ منهما لعنة لكل سبي يهوذا الذين في بابل، فيقال : يجعلك الرب مثل صدقيا و مثل آخاب اللذين قلاهما ملك بابل بالنار. 23- من أجل إنهما عملا قبيحا في إسرائيل، و زنيا بنساء أصحابهما و تكلما باسمي كلاما كاذبا لم أوصهما به، و أنا العارف و الشاهد، يقول الرب.
ع1: بعد سبى “نبوخذ نصر” “ليكنيا” الملك الذى يُدعى أيضاً “يهوياكين” ومعه العظماء الذين فى أورشليم، أرسل إرميا هذه الرسالة وكان ذلك عام 597 ق.م. وهذه الرسالة أرسلها إرميا من أورشليم إلى قادة المسبيين وهم الكهنة والأنبياء ليقرأوها لكل الشعب.
ع2: كان مع “يكنيا” الملك المسبى زوجته الملكة وكذلك بعض الرجال الذين خصاهم ملك بابل للعمل عنده خاصة فى قصور نسائه بالإضافة إلى المتميزين فى الحرف المختلفة من اليهود.
ع3: أرسل الملك صدقيا ملك يهوذا اثنين من العاملين عنده، هما “ألعاسة” و”جمريا”، ليصنع علاقة طيبة مع “نبوخذ نصر” الذى سمع بمحاولة عمل تحالف ضده فى غرب مملكته والذين منهم ملك يهوذا. فأرسل إرميا رسالته مع هذين الرسولين واللذين كانا صديقين له.
ع4: المتكلم هو إله إسرائيل أى إله الشعب المسبى فى ذل وعبودية، فيعلن أبوته ورعايته لهم ليطمئنهم ويؤكد هذه الطمأنينة بوصف نفسه أنه رب الجنود أى القوى القادر على كل شئ.
إذا مرت بك ضيقة، فثق أن إلهك الذى يحبك دائماً لن ينساك، وهو القوى القادر أن ينقذك برجوعك إليه بالتوبة ويحدد الوقت المناسب ليرفع عنك كل متاعبك، وأيضاً أثناء الضيقة لن يتركك بل يعزى قلبك ما دامت أنت متمسك به.
ع5: يأمرهم الله بالاستقرار فى بابل ولا ينخدعوا بأضاليل الأنبياء الكذبة الذين يوهمونهم بأن الرجوع من بابل سوف يكون بعد سنتين ويؤكد هذا الإستقرار من خلال أمرين :
- بناء بيوت خاصة لهم يقيمون فيها.
- يغرسون حدائق من أشجار الفاكهة ليأكلوا من ثمارها التى ستنضج بعد سنوات.
ومعنى هذا أنه يدعوهم لقبول التأديب الإلهى فيساعدهم ذلك على التوبة وبعد ذلك سيرجعهم الله إلى أورشليم وذلك بعد سبعين عاماً حتى تكمل توبتهم.
ع6: يثبت إستقرارهم بأمر ثالث، وهو دعوة الشباب للتزاوج وإقامة أسر جديدة وولادة أبناء، فلا داعى لتأجيل الزواج إذ أمامهم سبعين عاماً فى السبى. وطبعاً الزواج سيكون من المؤمنين اليهود وليس من الوثنيين.
ع7: يؤكد أيضاً إستقرارهم بأمر رابع هو أن يصلوا لأجل مملكة بابل، وإذ يكون لها سلام يتمتعون هم بالسلام والإستقرار. وهذا ما تفعله الكنيسة فى الصلاة لأجل المدينة التى هى مقامة فيها، ومن أجل الرؤساء المدنيين، وذلك فى صلوات القداس والصلوات الطقسية المختلفة (أوشية السلامة – أوشية الرئيس … ).
ع8، 9: يحذرهم الله من الإصغاء إلى أكاذيب الأنبياء والعرافين والحالمين فهو كلام تضليل منهم وليس كلام الله، فلن تخرب بابل بعد سنتين كما يدعون.
ع10، 11: إن كان الله قد سمح بتأديب شعبه ليتوبوا، فذلك لفترة محددة سبعين عاماً فى السبى، وبعد ذلك يرجعهم إلى بلادهم ليتمتعوا بعبادتهم له.
فخطة الله هى خلاص أولاده، والضيقات هى حلقة من حلقات هذه الخطة حتى يكونوا معه فى السماء.
ع12-14: أوجد لكم : تشعرون بوجودى فى وسطكم.
يشجع الله أولاده بأنه عندما تكمل توبتهم ويصلوا إليه ليس فقط بشفاههم بل بإيمانهم وكل مشاعرهم، يسمع لهم الله فيشعرهم بوجوده فى وسطهم، ويعيدهم من السبى إلى بلادهم.
ع15: يوبخ الله شعبه المسبى فى بابل لوصفهم النبيين الكاذبين وهما “آخاب بن قولايا” و”صدقيا بن معسيا” المذكورين فى (ع21) بأنهما نبيين من الله، وبالتالى صدقوا أكاذيبهما بأن بابل ستنقلب بعد سنتين، فعطلهم ذلك عن التوبة والرجوع إلى الله.
ع16: ثم يكلم الله المسبيين عن إخوتهم الذين مازالوا فى أورشليم ويقيم معهم الملك صدقيا أى يعطى للمسبيين رسالة من الله عن الباقين من أورشليم.
ع17: ظن الباقون فى أورشليم أنهم أبرار والذين فى السبى أشرار، فأعلن الله للباقين فى أورشليم أن غضبه سيأتى عليهم ليموتوا بثلاثة طرق هى :
- الموت بالسيف.
- الموت بالمرض أى بالوبأ.
- الموت بالجوع.
وستكون حالتهم تعيسة جداً ولا يقبل أحد التعامل معهم مثل التين الشتوى الردئ الذى لم يمكن أكله والذى سبق شرحه فى (ص24).
ع18: قلقاً : سبب متاعب.
حلفاً : تحالف الأمم ضدهم.
دهشاً : تتعجب الأمم من ذلهم وتخلى إلههم عنهم.
صفيراً : يصفرون عليهم استهزاءً بهم.
عاراً : مثال للذل والهزء.
يستكمل الله عقابه للباقين فى أورشليم واليهودية باستمرار غضبه عليهم، فيموتون بالسيف والجوع والوبأ حتى بعد أن يطردهم وينقلهم البابليون من بلادهم إلى بلاد أخرى، ويصيرون سبب متاعب فى البلاد التى يذهبون إليها، ويستهزئ الكل بهم ويتعجبون للذل الذى صاروا فيه.
ع19: يواصل كلامه للباقين فى أورشليم موبخاً لهم بسبب عدم طاعتهم لأنبيائه الذين أرسلهم مُبكراً أى منذ سنوات طويلة وحتى الآن، ليدعونهم للإيمان والتوبة، وبسبب هذا العصيان أتى عليهم غضب الله.
ع20: يعود ليوجه كلامه إلى المسبيين فى بابل فيعطيهم رسالة جديدة ويوضح فى كلامه أنه هو الذى أرسلهم إلى بابل أى سمح بهذا التأديب ليقبلوه ويخضعوا لله ويتوبوا.
ع21: يتنبأ إرميا عن النبيين الكاذبين اللذين ظن المسبيون أنهما نبيان من الله فيعلن أن ملك بابل سيقتلهما وذلك عقاب إلهى بسبب كثرة خطاياهم وخاصة فى تضليلهما الشعب.
ع22: وسيقتلهما ملك بابل ليس بالسيف، بل يعذبهما بحرقهما بالنار أو الزيت المغلى فيموتان ميتة شنيعة تصير مثالاً للعار واللعن، ويسمح الله بذلك حتى يخاف الشعب ويبتعد عن الضلال.
ع23: يضيف الله سبب آخر، إلى جانب أكاذيب وتضليل هذين النبيين للشعب، أنهما زنيا مع نساء أصحابهما فهى خطية زنا وخيانة.
(2) رسالة إلى شمعيا ( ع24-29):
24- و كلم شمعيا النحلامي قائلاً. 25- هكذا تكلم رب الجنود إله إسرائيل قائلاً : من أجل أنك أرسلت رسائل باسمك إلى كل الشعب الذي في أورشليم، و إلى صفنيا بن معسيا الكاهن، و إلى كل الكهنة قائلاً : 26- قد جعلك الرب كاهناً عوضاً عن يهوياداع الكاهن، لتكونوا وكلاء في بيت الرب لكل رجل مجنون و متنبئ، فتدفعه إلى المقطرة و القيود. 27- و الآن لماذا لم تزجر ارميا العناثوثي المتنبئ لكم. 28- لأنه لذلك أرسل إلينا إلى بابل قائلا أنها مستطيلة ابنوا بيوتاً و اسكنوا، واغرسوا جنات و كلوا ثمرها. 29- فقرأ صفنيا الكاهن هذه الرسالة في أُذني إرميا النبي.
ع 24: طلب الله من إرميا أن يكلم أحد الأنبياء الكذبة الموجودين فى بابل، الذى يدعى شمعيا النحلامى، ولم تذكر تفاصيل هذه الرسالة ولكن فى جوهرها هو توبيخ شمعيا على رسالته التى أرسلها إلى صفنيا الكاهن ليثير الناس ضد كلام الله على فم إرميا.
ع25: رسالة أرميا إلى شمعيا يظهر فيها ما يلى :
- المتكلم صاحب الرسالة هو الله رب الجنود أى القوى ليخاف شمعيا ويتوب عن شره.
- كان صفنيا له وضع متميز بين الكهنة فى أورشليم، لذا أرسل له شمعيا رسالته.
- أراد شمعيا إثاره الكهنة كلهم ضد إرميا، فوجه رسالته ليس فقط إلى صفنيا بل إلى كل الكهنة، ولكن أرسلها لصفنيا لأنه متقدم بينهم ورئيس، وأرفقها برسائل بنفس الكلام إلى الكهنة.
- رب الجنود هو إله إسرائيل أى الذى يرعاه، ولا تستطيع رسائل الأنبياء الكذبة مثل شمعيا أن تغير خطته فهو يؤدبهم ليتوبوا ثم يرجعهم من السبى.
- هذه الرسائل هى بإسم شمعيا وليست بإسم الله فهى كلامه الشخصى وليس كما يدعى شمعيا أنها من الله.
ع26: المقطرة : قطعة خشبية فيها مكان لتثبيت اليدين والرجلين حيث يلقى الشخص على ظهره ثم تقيد يده ورجله بها فلا يستطيع الحركة داخل السجن.
رسالة شمعيا إلى صفنيا تحوى ما يلى :
- إدعاء شمعيا أن الله أقامه كاهناً رئيساً بل يهوياداع الذى لا نعرف عنه شيئاً ولكن يظن أنه كان مسؤولاً كبيراً بين الكهنة ومعروفاً لدى الجميع ومات فأقام شمعيا نفسه بدلاً منه وإدعى أن الله أقامه.
- يصف إرميا النبى بأنه مجنون وبالتالى كلامه غير سليم وليس كلام الله.
- إدعى أن الله أعطاه حق القبض على الأشرار الذين يقولون كلام ضد الهيكل مثل إرميا.
- يدعو الكهنة للقبض على إرميا وربطه بالمقطرة ووضعه فى السجن، ومن هذا يفهم أن يهوياداع هذا كان رئيساً للحرس المسؤول عن حماية الهيكل وحل محله شمعيا، لذا يأمر الكهنة ومساعديهم بالقبض على إرميا وإلقائه بالسجن.
كل هذا طبعاً أكاذيب وإدعاءات من شمعيا والله برىء منها تماماً.
ع27: يقول شمعيا فى رسالته إلى صفنيا معاتباً له عن تقصيره فى توبيخ إرميا الذى من قرية عناثوث القريبة من أورشليم.
ع28: مستطيلة : البقاء فى بابل سيكون مدة طويلة.
توضح رسالة شمعيا إلى صفنيا أن إرميا أخطأ لأنه أرسل رسالة إلى بابل يطلب من اليهود أن يستقروا فيها ويبنوا بيوتاً ويزرعوا بساتين فاكهة وينتظروا ليأكلوا منها. فهذا فى رأى شمعيا ضد شعب الله وتحالف مع الأعداء البابليين.
ولكن الحقيقة هى كلام إرميا وكلام الله لتأديب شعبه فى البقاء فى السبى لمدة 70 سنة حتى يتوبوا.
ع29: عندما وصلت رسالة شمعيا إلى صفنيا الكاهن أعلم بها ليس كل الكهنة والعاملين بالهيكل فقط، ولكن أعلنها أيضاً لإرميا حتى يتوقف عن نبوته فهى بمثابة تهديد له.
أما إرميا فلم يخف وأعلن الله له أن يرسل رسالة له يوبخه فيها على رسائله وأكاذيبه فأرسل له رسالة كما ذكرنا.
لا تخف من تهديدات الأشرار فليس لهم سلطان عليك بل الله وحده صاحب السلطان وهو يحميك لذا استمر بالتمسك بوصاياه وإعلان الحق ولا تخف من أحد.
(3) رسالة ثانية إلى المسبيين ( ع30-32):
30- ثم صار كلام الرب إلى إرميا قائلاً. 31- أرسل إلى كل السبي قائلاً : هكذا قال الرب لشمعيا النحلامي من أجل أن شمعيا قد تنبأ لكم و أنا لم أرسله، و جعلكم تتكلون على الكذب.
32- لذلك هكذا قال الرب هأنذا أعاقب شمعيا النحلامي و نسله. لا يكون له إنسان يجلس في وسط هذا الشعب، و لا يرى الخير الذي سأصنعه لشعبي، يقول الرب، لأنه تكلم بعصيان على الرب
ع30، 31: أمر الله إرميا أن يرسل رسالة ثانية إلى المسبيين فى بابل يعلن فيها عقابه لشمعيا الذى أضل المسبيين وأيضاً الذين فى أورشليم، والمقصود بإعلان عقاب الله أن يبتعد اليهود عن هذه الأضاليل ويتوبوا فيسامحهم الله.
ع32: العقاب الإلهى لشمعيا هو أن لا يكون له نسل يعيش حتى يرى الرجوع من السبى بعد 70 عاماً أى يموت أبناؤه وبناته ونسله ولا يتركون نسل بعده، فلا يتمتع نسله ببركة الله لشعبه الراجع من السبى.
وقد سبق وأعلن الله عقابه على فم إرميا لنبى آخر كاذب هو حننيا (ص28: 15-16) بموته فمات سريعاً، والغرض الإلهى أيضاً هو عدم الإصغاء لأكاذيب الأنبياء الكذبة.
ابتعد عن أى تعاليم غريبة تسمعها خارج الكنيسة وتتعارض مع تعاليمها، واستشر أب اعترافك فى هذه الاجتماعات حتى لا تعرض نفسك لأفكار تبعدك عن الله مهما كان شكلها جميل وجذاب، لأن إبليس متحايل يمكن أن يأخذ شكل ملاك ليضل أولاد الله.