المسيح المخلص والأنبياء الكذبة
(1) المسيح الراعى والمخلص (ع1-8):
1- ويل للرعاة الذين يهلكون و يبددون غنم رعيتي، يقول الرب. 2- لذلك هكذا قال الرب إله إسرائيل عن الرعاة الذين يرعون شعبي : أنتم بددتم غنمي و طردتموها و لم تتعهدوها. هأنذا أعاقبكم على شر أعمالكم، يقول الرب. 3- و أنا أجمع بقية غنمي من جميع الأراضي التي طردتها إليها، و أردها إلى مرابضها فتثمر و تكثر. 4- و أقيم عليها رعاة يرعونها فلا تخاف بعد و لا ترتعد ولا تفقد، يقول الرب. 5- ها أيام تأتي، يقول الرب، و أقيم لداود غصن بر، فيملك ملك و ينجح، و يجري حقا و عدلا في الأرض. 6- في أيامه يخلص يهوذا، و يسكن إسرائيل آمناً، و هذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا. 7- لذلك ها أيام تأتي، يقول الرب، و لا يقولون بعد حي هو الرب الذي اصعد بني إسرائيل من أرض مصر. 8- بل : حي هو الرب الذي أصعد و أتى بنسل بيت إسرائيل من أرض الشمال و من جميع الأراضي التي طردتهم إليها فيسكنون في أرضهم.
ع1: ينذر الله الرؤساء والكهنة وكل المسئولين عن شعبه فى مملكة يهوذا، لأنهم بدلاً من أن يجمعوا الشعب لله بددوهم وأبعدوهم عنه، بل وأضلوهم وأهلكوهم بنشر عبادة الأوثان بينهم وتشجيعهم للشر. وكان ذلك فى نهاية مملكة يهوذا أيام صدقيا الملك عندما بدأت بابل تهاجم أورشليم ومملكة يهوذا.
ع2: يهدد الله هؤلاء الرعاة الأشرار بأنه سيعاقبهم على سلوكهم فى الشر وتقصيرهم فى الرعاية وتضليلهم لشعبه.
ع3: مرابضها : حظائرها.
يتدخل الله بنفسه ليجمع شعبه الذى سار فى الشر، فيؤدبهم الله بالسبى والتشتيت فى مملكة بابل، ثم يأتى بهم من بلاد بابل ويعيدهم من السبى إلى أورشليم واليهودية ويباركهم فينموا ويكثروا.
ع4: يعد الله بإقامة رعاة يهتموا برعيته هم رجاله الأبرار الذين أعادوهم من السبى زروبابل وعزرا ونحميا، ويقصد أيضاً رسل العهد الجديد والأساقفة والكهنة فى الكنيسة، وهكذا تطمئن الرعية ولا يستطيع إبليس أن يخطفها.
ع5: يتحدث هنا بوضوح عن المسيا المنتظر الراعى الحقيقى لشعب الله، ويشبهه بغصن لأنه مرتبط بالأصل أى “شجرة داود” فهو من نسله، ولأنه تجسد لينمو فى وسطنا ويتمم برنا بفدائنا على الصليب. والمسيح يرعى شعبه بنجاح ويحكم بالحق والعدل.
ع6: يتكلم هنا عن المسيح المخلص الذى يخلص شعبه بموته على الصليب، فيخلص مملكتى اليهود : يهوذا وإسرائيل، بل والعالم كله المؤمنين به. ويبرر الله أولاده برفع خطاياهم عنهم ويهبهم فضائله فنصير أبراراً بنعمة الله أى المسيح يصير سبب برنا.
ع7: يتنبأ عن الرجوع من السبى، أى من بابل إلى أورشليم، والذى سيكون حدثاً عظيماً جداً غير متوقع يرتفع خبره فوق خبر الخروج من مصر وعبوديتها، كل هذا يرمز للتحرر من الخطية بفداء المسيح ثم التحرر من ثقل الجسد والعالم الزائل بالدخول إلى ملكوت السموات.
إن لم تجد من يسمعك أو يرشدك وجدت تقصيراً فى الرعاية الروحية المُقدمة لك .. فلا تنزعج، وثق أن الله قادر أن يرعاك ويرشدك بأساليب مختلفة فتخلص وتجد مكانك فى السموات.
(2) الأنبياء والزنى (ع9-12):
9- في الأنبياء : انسحق قلبي في وسطي. ارتخت كل عظامي. صرت كإنسان سكران و مثل رجل غلبته الخمر، من أجل الرب و من أجل كلام قدسه. 10- لأن الأرض امتلأت من الفاسقين. لأنه من أجل اللعن ناحت الأرض. جفت مراعي البرية، و صار سعيهم للشر و جبروتهم للباطل.
11- لأن الأنبياء و الكهنة تنجسوا جميعاً، بل في بيتي وجدت شرهم، يقول الرب. 12- لذلك يكون طريقهم لهم كمزالق في ظلام دامس، فيطردون و يسقطون فيها، لأني أجلب عليهم شراً سنة عقابهم، يقول الرب.
ع9: نظر إرميا إلى شر الأنبياء الكذبة الذى يستوجب غضب الله عليهم، فقبل أن ينطق بكلمات الله لعقابهم تظهر أبوته لهم فى انسحاق قلبه من أجلهم، أى توجع مشاعره من أجل ما سيحل بهم، وكذلك ارتخاء عظامه أى ضعف جسده بأقوى ما فيه وهو العظام، بل من التألم على مصيرهم الردىء صار يترنح كالسكران من الخمر.
كن شفوقاً على الخطاة حتى وأنت تدعوهم للتوبة، فحنانك يغلف توبيخك لهم، وإذ يشعرون بأبوتك تتأثر قلوبهم ليرجعوا إلى الله، وينظر الله إلى صلواتك من أجلهم فيسامحهم ويقودهم إلى طريق الحياة الجديدة معه.
ع10: الفاسقين : العصاة السالكين فى النجاسات.
بنبوات الأنبياء الكذبة، أنتشر الشر وعبادة الأوثان وممارسة الزنا وكل نجاسة فى أورشليم وما حولها، فجاءت عليهم لعنة الله وفقدت الأرض خصوبتها ومراعيها، أى لم يجد الإنسان والحيوان طعاماً، وإتجه مجهود الإنسان إلى عبادة الأوثان وعمل النجاسة بكل قوة.
ع11: اشترك أيضاً الأنبياء والكهنة مع الشعب فى هذه الشرور حتى أنهم وضعوا تماثيل الآلهة الغريبة فى بيت الرب ونقشوها على حوائطه.
ع12: يعاقبهم الله إذ أن طريق زناهم جعلهم ينحدرون من شر إلى شر كمن يتزحلق فى منحدر أثناء الظلام فيعثر ولا يستطيع القيام، ويسمح الله لهم بالطرد من بلادهم على يد بابل ويسقطون قتلى بالسيف، ويعاقبهم الله فى سنة هجوم بابل عليهم التى يدمرون فيها أورشليم ويحرقونها.
(3) الأنبياء والكذب (ع13-22) :
13- و قد رأيت في أنبياء السامرة حماقة تنبأوا بالبعل و أضلوا شعبي إسرائيل. 14- و في أنبياء أورشليم رأيت ما يُقشعر منه يفسقون و يسلكون بالكذب، و يشددون أيادي فاعلي الشر حتى لا يرجعوا الواحد عن شره صاروا لي كلهم كسدوم و سكانها كعمورة. 15- لذلك هكذا قال رب الجنود عن الأنبياء هأنذا أطعمهم أفسنتيناً و أسقيهم ماء العلقم لأنه من عند أنبياء أورشليم خرج نفاق في كل الأرض.16- هكذا قال رب الجنود : لا تسمعوا لكلام الأنبياء الذين يتنبأون لكم، فأنهم يجعلونكم باطلاً : يتكلمون برؤيا قلبهم لا عن فم الرب. 17- قائلين قولاً لمحتقري : قال الرب يكون لكم سلام و يقولون لكل من يسير في عناد قلبه : لا يأتي عليكم شر. 18- لأنه من وقف في مجلس الرب و رأى و سمع كلمته ؟ من أصغى لكلمته و سمع ؟ 19- ها زوبعة الرب غيظ يخرج و نوء هائج على رؤوس الأشرار يثور. 20- لا يرتد غضب الرب حتى يجري و يقيم مقاصد قلبه في آخر الأيام تفهمون فهماً. 21- لم أرسل الأنبياء بل هم جروا لم أتكلم معهم بل هم تنبأوا. 22- و لو وقفوا في مجلسي لأخبروا شعبي بكلامي و ردوهم عن طريقهم الرديء و عن شر أعمالهم.
ع13: سلك الأنبياء الكذبة بالكذب إرضاءً للملوك، فساعدوا بنبواتهم نشر عبادة البعل فى المملكة الشمالية مملكة إسرائيل التى عاصمتها السامرة، كل هذا أضّل الشعب وأبعدهم عن الله.
ع14: واشترك أيضاً الأنبياء الكذبة فى أورشليم فى الكذب، فأضلوا شعب الله مثل أنبياء السامرة، وساروا فى العصيان والنجاسة بل وشجعوا الأشرار بدلاً من أن يوبخوهم، فصاروا أخوة لسدوم وعمورة أى زاد شرهم جداً واستحقوا الهلاك مثل سدوم وعمورة.
ع15: أفسنتينا : نبات شديد المرارة.
ماء العلقم : ماء مرٌّ جداً.
يعبر الله عن عقابه للأنبياء الكذبة وتأديبهم بأنه يجعل الأفسنتين المر طعامهم، وماء العلقم شرابهم لعلهم يتوبون، خاصة وأن أنبياء أورشليم انتشر كذبهم إلى البلاد المجاورة ليضلوا الجميع.
ع16: يتمادى الأنبياء الكذبة فى كذبهم، فينسبون كلامهم إلى الله، والله برىء منه تماماً، لذا يتكلم الله بقوة معلناً صفته رب الجنود أى القوى، ويأمر شعبه بعدم سماع الأنبياء الكذبة لأنه باطل وبلا فائدة وهو ما يرونه هم وليس الله.
ع17: للأسف يشجع الأنبياء الكذبة الأشرار على التمادى فى الشر فيحتقرون الله ويعبدون الأوثان ويصرون على الخطية فى عناد، ولكن يعدهم الأنبياء الكذبة بالسلام والطمأنينة والبركات.
ع18: يتساءل إرميا هل يوجد شخص واحد من الأنبياء قد وقف فى مجلس الله مع قديسيه أم الكل يكذب ويدعى أنه سمع من الله ؟
ع19: زوبعة : عاصفة.
نوء : ريح شديدة.
إذ تمادى الأنبياء فى كذبهم، غضب الله عليهم وهددهم بالتأديب مثل هبوب زوبعة وريح شديدة عليهم وعلى رؤوسهم فتزعجهم وتهلكهم.
ع20: آخر الأيام : نهاية فرصتهم للتوبة فيقوم غضبه عليهم كما حدث فى الهجوم البابلى والسبى ويعلن الله أن غضبه سيظل مستمراً يُهلك العصاة حتى يظهر الله عقاب الخطية ويتوب كل من له استعداد للتوبة.
ع21: يكرر الله براءته من كل ما قاله الأنبياء الكذبة.
ع22: يؤكد الله كذب هؤلاء الأنبياء لأنهم لو كانوا أنبياء حقيقيين لوقفوا فى مجلس الله من خلال صلواتهم وقداستهم وكانوا سيسمعون صوت الله ويتكلمون بكلامه.
لا تعلم الآخرين شيئاً لم تسمعه فى الكنيسة حتى لا تكون تعاليمك كاذبة وتعثر غيرك وتبعدهم عن الله. اتضع وتتلمذ فى الكنيسة واعلن عدم معرفتك إن كنت لا تعرف حتى تسأل وتعلم التعليم الصحيح.
(4) الأحلام وإدعاء النبوة (ع23-40) :
23- ألعلي إله من قريب، يقول الرب، و لست إلهاً من بعيد. 24- إذا اختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا، يقول الرب؛ أما أملأ أنا السماوات و الأرض، يقول الرب؟ 25- قد سمعت ما قاله الأنبياء الذين تنبأوا باسمي بالكذب قائلين حلمت حلمت. 26- حتى متى يوجد في قلب الأنبياء المتنبئين بالكذب؟ بل هم أنبياء خداع قلبهم. 27- الذين يفكرون أن ينسوا شعبي اسمي بأحلامهم التي يقصونها الرجل على صاحبه، كما نسي آباؤهم اسمي لأجل البعل. 28- النبي الذي معه حلم فليقص حلماً، و الذي معه كلمتي فليتكلم بكلمتي بالحق ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟29- أليست هكذا كلمتي كنار، يقول الرب، و كمطرقة تحطم الصخر. 30- لذلك هأنذا على الأنبياء، يقول الرب، الذين يسرقون كلمتي بعضهم من بعض. 31- هأنذا على الأنبياء، يقول الرب، الذين يأخذون لسانهم و يقولون قال. 32- هأنذا على الذين يتنبأون بأحلام كاذبة، يقول الرب، الذين يقصونها و يضلون شعبي بأكاذيبهم و مفاخراتهم و أنا لم أرسلهم و لا أمرتهم فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة، يقول الرب.33- و إذا سالك هذا الشعب أو نبي أو كاهن قائلاً : ما وحي الرب؟ فقل لهم : أي وحي؟ إني أرفضكم. هو قول الرب. 34- فالنبي أو الكاهن أو الشعب الذي يقول : وحي الرب، أعاقب ذلك الرجل و بيته. 35- هكذا تقولون الرجل لصاحبه و الرجل لأخيه : بماذا أجاب الرب؛ و ماذا تكلم به الرب؛ 36- أما وحي الرب فلا تذكروه بعد، لان كلمة كل إنسان تكون وحيه، إذ قد حرفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا. 37- هكذا تقول للنبي : بماذا أجابك الرب؛ و ماذا تكلم به الرب؟ 38- و إذا كنتم تقولون : وحي الرب، فلذلك هكذا قال الرب : من اجل قولكم هذه الكلمة : وحي الرب، و قد أرسلت إليكم قائلاً لا تقولوا : وحي الرب. 39- لذلك هأنذا أنساكم نسياناً وأرفضكم من أمام وجهي، أنتم والمدينة التي أعطيتكم و آباءكم إياها. 40- و أجعل عليكم عاراً أبدياً و خزيا أبدياً لا ينسى.
ع23، 24: يتساءل الله بتعجب : هل أنا مثل الآلهة الوثنية المحدودة التى توجد فى مكان معين ؟! بالطبع لا. هل أنا إله قريب ولا أوجد فى الأماكن البعيدة ؟! ويجيب الله أنه موجود فى كل مكان فيرى كل ما هو مستتر ومختبئ ويملأ السموات والأرض.
ع25: يعلن الله ضيقه من الأنبياء الكذبة الذين يدعون أنهم رأوا أحلاماً ويقصونها على الناس على أنها إعلانات إلهية.
ع26: يعلن الله أن هؤلاء الأنبياء كذبة ومخادعون.
ع27: يوبخ الله هؤلاء الأنبياء بأن أحلامهم الكاذبة وإدعاءهم النبوة يبعدهم عن الله ويربطهم بعبادة الأوثان مثل البعل، وهذه خطية خطيرة لأنها تضل الشعب عن الله.
ع28: يطلب الله من النبى الحقيقى الذى يعلن الله له رؤيا أن يتكلم بها، مثل إرميا النبى، أما الكاذبون فليسقطوا. ويتعجب الله لوجود الأنبياء الكذبة، الذين يشبههم بالتبن، مع النبى الحقيقى إرميا الذى يشبهه بالقمح (الحنطة).
ع29: ثم يكمل الله كلامه معلناً أن كلامه كالنار التى تأكل التبن أى تكشف خداع الأنبياء الكذبة المشبهين بالتبن، هكذا كشف الله هؤلاء الأنبياء الكذبة. ويشبه الله أيضاً كلمته كمطرقة تكسر القلوب الحجرية التى لهؤلاء الأنبياء.
ع30: أيضاً هؤلاء الأنبياء سقطوا فى خطية السرقة إذ سمعوا أنبياء الله مثل إرميا أو باروخ وأخذوا كلماتهم وادعوا أن الله أرشدهم إليها عن طريق أحلام ورؤى ويضيفون إليها أفكارهم الخاصة.
ع31: يُعلن الله حربه على الأنبياء الكذبة الذين يدعون أفكاراً خاصة ينطقون بها بلسانهم ويقولون أن الله هو الذى قالها، فهم ينسبون أنفسهم زوراً إلى الله.
ع32: يؤكد الله أنه ضد الأنبياء الكذبة الذين يتفاخرون بإدعاءاتهم وأحلامهم الكاذبة فلم يفيدوا شعبى بشئ بل أضلوهم.
لا تنسب أفكار غيرك إلى نفسك حتى تجد كرامة أكبر فتجلب على نفسك غضب الله بسبب كبريائك وكذبك. كن متضعاً فيهبك الله معرفة عظيمة وعميقة.
ع33: إذ سأل الشعب أو الأنبياء أو الكهنة لإرميا عن وحى الرب قال إن الرب أعلنه وهو رافض لهم بسبب شرورهم.
ع34: يكرر الله أنه سيعاقب كل من يدعى النبوة ومعرفته وحى الرب سواء من الأنبياء الكذبة أو الكهنة أو أى فرد من الشعب.
ع35: يطالب الشعب أن يبحثوا عن كلام الله الذين يعلنه أنبياؤه الحقيقيون مثل ارميا أو باروخ، ولا يعودوا يدعوا معرفتهم بوحى الرب.
ع36: يعاتبهم الله بحزن قائلاً إن ما يقولونه هو وحيهم وأفكارهم وليس وحى الرب وكلامه.
ع37: يستهزئ الله بإدعاءات الأنبياء الكذبة، ويطالب إرميا أن يواجههم ويقول لهذا النبى المخادع ماذا قال لك الله لعله ينتبه ويتوب عن خداعه وكذبه.
ع38-40: يختم الله كلامه بتهديد الأنبياء الكذبة المُصرّين على إدعاء النبوة بأنه سيعاقبهم بنسيانهم أى التخلى عنهم وعن مدينتهم أورشليم، فيهجم عليها البابليون ويدمرونها ويحرقونها، وتصير مدينة الآباء أورشليم، التى فيها هيكل الله، خزيا وعاراً أمام جميع الشعوب بسبب شر وعصيان شعب الله.