حننيا النبى الكاذب
(1) نبوة حننيا الكاذبة ( ع1- 4):
1- و حدث في تلك السنة في ابتداء ملك صدقيا ملك يهوذا، في السنة الرابعة في الشهر الخامس، أن حننيا بن عزور النبي الذي من جبعون كلمني في بيت الرب أمام الكهنة و كل الشعب قائلاً. 2- هكذا تكلم رب الجنود إله إسرائيل قائلاً : قد كسرت نير ملك بابل. 3- في سنتين من الزمان أرد إلى هذا الموضع كل آنية بيت الرب التي أخذها نبوخذناصر ملك بابل من هذا الموضع وذهب بها إلى بابل. 4- و أرد إلى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا و كل سبي يهوذا الذين ذهبوا إلى بابل، يقول الرب لأني أكسر نير ملك بابل.
ع2: جبعون : مدينة يسكنها الكهنة تقع شمال غرب أورشليم نحو 5 أميال.
فى السنة الرابعة للملك صدقيا وفى بداية ملكه، ويقصد النصف الأول من ملكه لأنه ملك إحدى عشر سنة والسنة الرابعة تقابل 593 ق.م، تقدم أحد الأنبياء الكذبة ويدعى (حننيا بن عزور) وهو من مدينة جبعون التى يسكنها الكهنة لذا يظن أنه كاهن، ولأن جبعون مدينة فى سبط بنيامين وقريبة من أورشليم، لذا حضر حننيا إلى أورشليم ووقف فى بيت الرب حيث يجتمع الكثيرون ليعلن نبوته الكاذبة، وكان ذلك فى وجود إرميا ليشكك الشعب فى نبوات إرميا.
ع2: يلاحظ قوة التضليل التى لنبوة حننيا والتى تعتمد على :
- أنه كاهن.
- يتكلم فى بيت الرب أمام الجموع بجرأة.
- يتكلم فى وجود إرميا معلناً ضلال وخطأ نبواته.
- يستخدم نفس الألفاظ التى يقولها إرميا .. يقول رب الجنود إله إسرائيل .. كسر نير ملك بابل .. مستخدماً نفس وسيلة الإيضاح التى استخدمها إرميا.
- يحدد ميعاد لإتمام نبوته وهو بعد سنتين.
كن حريصاً أمام التعاليم الغريبة المضلة إذ لها الشكل المنطقى والصورة المبهرة، ولكن ما دامت تتعارض مع تعاليم الكنيسة والآباء القديسين فهى مضلة. لا تندفع وراءها وارفع قلبك بالصلاة، وتمسك بما عندك أى ما تعلمته من الكنيسة لئلا تضل.
ع3: ملخص النبوة هو انتهاء استعباد نبوخذ نصر لكل البلاد التى احتلها ومنها مملكة يهوذا بعد سنتين من الزمان وأنكسار بابل وعودة آنية بيت الرب التى أغتصبها نبوخذ نصر من الهيكل فى أورشليم. ويلاحظ انشغاله بالماديات أى آنية بيت الرب قبل المسبيين الذين هم أهم، وطبعاً نبوته كاذبة لأن إرميا أعلن أن السبى البابلى سيستمر 70 عاماً (إر25: 12).
ع4: يقدم دليلاً ثانياً على انتهاء استعباد بابل لمملكة يهوذا، أى كسر نيرها، وهو عودة الملك يكنيا ملك يهوذا المسبى إلى بابل وكل المسبيين معه إلى أورشليم واليهودية.
(2) رد إرميا على حننيا ( ع5-9):
5- فكلم إرميا النبي حننيا النبي أمام الكهنة و أمام كل الشعب الواقفين في بيت الرب،
6- وقال إرميا النبي : آمين. هكذا ليصنع الرب. ليقم الرب كلامك الذي تنبأت به، فيرد آنية بيت الرب و كل السبي من بابل إلى هذا الموضع. 7- و لكن اسمع هذه الكلمة التي أتكلم أنا بها في أذنيك و في آذان كل الشعب. 8- إن الأنبياء الذين كانوا قبلي و قبلك منذ القديم و تنبأوا على أراض كثيرة وعلى ممالك عظيمة بالحرب و الشر و الوبأ. 9- النبي الذي تنبأ بالسلام، فعند حصول كلمة النبي عُرف ذلك النبي إن الرب قد أرسله حقاً.
ع5: لم ينزعج إرميا من خداع حننيا الكاذب، ووقف أمامه فى بيت الرب، ورد عليه بهدوء وبقوة.
ع6: أعلن إرميا موافقته لا على نبوة حننيا بل على رجوع المسبيين وآنية بيت الرب، وهذا سيحدث فعلاً ولكن بعد 70 سنة فهى أمنية كل مملكة يهوذا، ولكن ليس بعد سنتين كما قال حنانيا.
ع7: استدرك إرميا كلامه مع حننيا، فهو إن كان يوافق على هذه الأمنية، ولكنه يظهر كذبه فيما يلى فى الآيتين التاليتين.
ع8، 9: قال إرميا لحننيا إن أى نبى يُعرف صدقه بتحقيق نبوته فى حينها هكذا حدث مع الأنبياء القدامى الذين سبقوه فإن كان كلامه حقاً فسيتم ما يقوله والحقيقة أن كلام حننيا متعارض ليس فقط مع كلام إرميا بل مع أنبياء كثيرين سابقين مثل يوئيل وعاموس وهوشع وميخا وصفنيا وناحوم وحبقوق وغيرهم.
لا تنزعج من ضلال المعلمين الكذبة، وثق أن إلهك معك يسندك وسيحقق ما تؤمن به، فالشيطان ليس فقط كذاب وأبو الكذاب بل يتكلم بجرأة ووقاحة فلا تهتم بكلامه.
(3) كسر النير الخشبى ( ع10، 11):
10- ثم أخذ حننيا النبي النير عن عنق إرميا النبي و كسره. 11- و تكلم حننيا أمام كل الشعب قائلاً : هكذا قال الرب هكذا أكسر نير نبوخذناصر ملك بابل في سنتين من الزمان عن عنق كل الشعوب. و انطلق إرميا النبي في سبيله.
ع10: أيد حننيا كلامه بوسيلة إيضاح، فأخذ النير الذى يربطه إرميا فى عنقه وكسره أمام الشعب المجتمع ليثبت نبوته أن عبودية بابل ستنتهى مستخدماً وسيلة الإيضاح المؤثرة لتضليل الشعب.
ع11: أكد حننيا أن استعباد بابل لمملكة يهوذا وكل ما حولها من البلاد سينتهى بعد سنتين، وإذ وجد إرميا إصراره على الضلال تركه وإنصرف فالخادم يقوم بواجبه ولا ينزعج من كثرة الشر حتى لو أصر الأشرار عليه.
لا تخدع الآخرين فتسمعهم ما يريدون أن يسمعوه حتى لو كان ضد الحق، ولا تصدق ما ترغبه لئلا يضلك الآخرون فتبعد عن الحق، بل أطلب الله وأقبل كلامه فتتوب عن خطاياك وتكون مستعداً فى كل حين.
(4) النير الحديدى ( ع12-14):
12- ثم صار كلام الرب إلى إرميا، بعدما كسر حننيا النبي النير عن عنق ارميا النبي، قائلاً :
13- اذهب و كلم حننيا قائلاً : هكذا قال الرب قد كسرت انيار الخشب و عملت عوضاً عنها أنياراً من حديد. 14- لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : قد جعلت نيراً من حديد على عنق كل هؤلاء الشعوب ليخدموا نبوخذناصر ملك بابل فيخدمونه و قد أعطيته أيضاً حيوان الحقل.
ع12: لم يندفع إرميا فيعلن كلاماً لتوبيخ حننيا بل انصرف إلى الله وصلى حتى أُعلن له ما يقوله لحننيا فهو يتكلم بصوت الله وليس بكلامه الشخصى.
تأكد مما تقوله أنه صوت الله، فلا تتسرع فى الإجابة وأطلب الله ليرشدك مهما كانت استفزازات الآخرين وتهديداتهم، واطمئن لأن الله سيعلمك بالحق ويحفظك من شر الأعداء.
ع13: أعلن إرميا كلام الله لحننيا أنه باندفاع وخداع كسر النير الخشبى ليُعلن كذباً أن عبودية بابل ستنتهى، ولكن الحقيقة أن هذا الكلام تضليل للشعب، والله سيسمح بأنيار من حديد عوض الأنيار الخشبية أى تكون عبودية بابل قاسية ولا يمكن الخروج منها إلا بعد كمال الزمان أى بعد سبعين سنة.
ع14: الله سيسمح لبابل أن تستعبد كل الشعوب وكذلك كل ممتلكاتها مثل الحيوانات.
(5) توبيخ إرميا لحننيا ( ع15-17):
15- فقال إرميا النبي لحننيا النبي : اسمع يا حننيا. إن الرب لم يرسلك و أنت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب. 16- لذلك هكذا قال الرب هأنذا طاردك عن وجه الأرض هذه السنة تموت لأنك تكلمت بعصيان على الرب. 17- فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع.
ع15: أعلن إرميا كلام الله بوضوح فى توبيخ محدد لحننيا النبى الكاذب، إذ قال له إرميا أنك لست نبياً من الله بل أتيت من نفسك وأدعيت كذباً أن كلامك من الله.
ع16: الإعلان الإلهى الثانى لحننيا هو معاقبته على نبوته الكاذبة بأن يُطرد، ليس من بلده كما سيفعل البابليون لسكان مملكة يهوذا، بل يُطرد من الأرض كلها أى يموت جزاء كذبه كما حدث مع حنانيا وسفيرة اللذين كذبا فماتا فى الحال (أع5: 1-11).
ع17: تم فعلاً كلام الله، فمات حننيا فى نفس السنة بعد شهرين من نبوته الكاذبة التى كانت فى الشهر الخامس من السنة الرابعة لصدقيا الملك، فمات حنانيا فى الشهر السابع. ونرى هنا رحمة الله التى أعطته شهرين فرصة للتوبة وذلك أفضل من حالة حنانيا وسفيرة اللذين ماتا فى الحال، لقد تنبأ أنه بعد سنتين ستنتهى العبودية فلم يمض إلا شهرين ومات هو أما العبودية البابلية فظلت سبعين عاماً. إن الله يعطيك فرصة هذه الحياة للتوبة والرجوع إليه فلا تتهاون وتهملها واقبل التوبيخ من الآخرين فقد يكون رسالة إلهية إليك.