القحط
(1) آثار القحط ( ع1-6)
1- كلمة الرب التي صارت إلى إرميا من جهة القحط. 2- ناحت يهوذا و أبوابها ذبلت حزنت إلى الأرض و صعد عويل أورشليم. 3- و أشرافهم أرسلوا أصاغرهم للماء أتوا إلى الأجباب فلم يجدوا ماء رجعوا بآنيتهم فارغة خزوا و خجلوا و غطوا رؤوسهم. 4- من أجل أن الأرض قد تشققت لأنه لم يكن مطر على الأرض خزي الفلاحون غطوا رؤوسهم. 5- حتى أن الأيلة أيضا في الحقل ولدت و تركت لأنه لم يكن كلأ. 6- الفراء وقفت على الهضاب تستنشق الريح مثل بنات آوى كلت عيونها لأنه ليس عشب.
ع1، 2: كلم الرب إرميا عن قحط سيحل بمملكة يهوذا لعله يقودهم للتوبة وهو القحط الذى كان أيام يهوياقيم الملك قبل أن تهجم جيوش بابل وتسبيهم.
ناحت يهوذا : يصور مملكة يهوذا بإمرأة تبكى من أجل نقص الماء والعطش وجفاف الزرع وموت البهائم.
أبوابها ذبلت : أصبحت مدن يهوذا تعانى من العطش والجوع وخرج أبناؤها منها فلم تعد للأبواب قيمة فى حماية أو تحصين من فى المدينة كما تذبل الزهرة وتصبح بلا نفع.
حزنت إلى الأرض : زاد الضيق على شعب يهوذا فصاروا فى حزن شديد وطأطأوا رؤوسهم إلى الأرض وضعفت قوتهم فسقطوا على الأرض من العطش والجوع.
صعد عويل أورشليم : من شدة العطش والجوع صرخ الشعب فى كل مكان.
ع3: أصاغرهم : عبيدهم من يعملون عندهم.
أجباب : البرك ومجتمعات الماء.
الأغنياء والعظماء أرسلوا من يعملون عندهم أو عبيدهم بآنية ليملأوها ماء من أى مكان ولكنهم وجدوا مجتمعات الماء كلها قد جفت فعادوا فى خزى وعار إلى هؤلاء العظماء من شدة الخزى وغطوا رؤوسهم وطأطأوها إلى الأرض.
ع4: لم يعانى فقط العظماء من العطش بل أيضاًً الفقراء وهم الفلاحون العاملون فى الأرض لأنها قد تشققت من الجفاف وانقطاع المطر فصاروا فى خزى لذا غطوا رؤوسهم.
ع5: الأيلة : أنثى الأيل وهو نوع من الغزلان سريع الجرى.
الكلأ : الحشائش والأعشاب.
تركت الأيلة مكانها الطبيعى وهو الغابات إذ جفت الأرض وماتت النباتات وإذ وجدت أطفالها لم تجد لهم ماء ليشربوا أو طعام من الحشائش ليأكلوا فتركتهم ليموتوا وذهبت تبحث عن الماء والطعام.
ع6: الفراء : الحمار الوحشى.
بنات آوى : حيوانات مفترسة أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب.
الحمار الوحشى لم يجد طعاماً فصعد على التلال والهضاب بحثاً عن الطعام ومن جريه تعب وتنفس بصعوبة واحتاج أن يستنشق الريح لئلا يموت من الضعف والجوع والعطش وذلك مثل بنات آوى التى تجرى وتلهث، ومن هزال الفراء ضعف بصرها.
ابتعادك عن مصدر مياه النعمة أى الروح القدس العامل بالكنيسة يضعف روحك ويعرضك لمتاعب كثيرة فتكاد تموت وتكون فريسة سهلة للشيطان تسقط فى خطايا كثيرة. فاخضع له وتمسك بوصاياه واثبت فى كنيسته فتستعيد قوتك.
(2) صلاة توبة (ع7-9)
7- و إن تكن آثامنا تشهد علينا يا رب فاعمل لأجل اسمك لأن معاصينا كثرت. إليك أخطانا. 8- يا رجاء إسرائيل مخلصه في زمان الضيق لماذا تكون كغريب في الأرض و كمسافر يميل ليبيت.
9- لماذا تكون كإنسان قد تحير كجبار لا يستطيع أن يخلص و أنت في وسطنا يا رب و قد دعينا بإسمك لا تتركنا.
ع7: يتحمل إرميا النبى خطايا شعبه ويتقدم بهذه الصلاة معترفاً عنهم وعن ضعفه بأنهم قد أخطأوا فى حق الله وكثرت آثامهم التى تشهد على أنهم أشرار ويستحقون العقاب مثل هذا القحط ولكن رجاءهم فى محبة الله الذى يرحمهم لأن اسمه دعى عليهم فهم شعبه فهو بدالة الإبن يطلب رحمة الله.
الله هو أبوك السماوى يفرح بالتجائك إليه فأطلب منه بلجاجة ليرحمك ويسندك وينقذك من كل ضيقة ويعطيك توبة ثق فى بنوتك له حتى تكلمه بدالة البنين وإن لم يستجب سريعاً فأعلم أنه مهتم بصلاتك وسينقذك فى النهاية.
ع8: يحاجج الله ويقول له لماذا قد تركتنا فى القحط والذل وصرت كغريب عنا مثل المسافر الذى يبيت فى الصحراء فيطلب إليه أن يدخل مدنهم وينقذهم لأنهم شعبه وهو رجاؤهم الوحيد فى ضيقاتهم.
ع9: يستمر فى مطالبة الله أن ينقذهم ويقول لماذا تقف ساكتاً ولا تمد يدك لترحمنا كأنك متحير لا تعرف كيف تنقذنا مع أنك جبار وتقدر على كل شئ أنت فى وسطنا وإلهنا فلا تتركنا فى ضيقنا بل أنقذنا.
(3) رفض الله عبادتهم (ع10-12)
10- هكذا قال الرب لهذا الشعب هكذا أحبوا أن يجولوا. لم يمنعوا أرجلهم فالرب لم يقبلهم الآن يذكر إثمهم و يعاقب خطاياهم. 11- و قال الرب لي لا تصل لأجل هذا الشعب للخير.
12- حين يصومون لا أسمع صراخهم و حين يصعدون محرقة و تقدمة لا أقبلهم بل بالسيف و الجوع و الوبأ أنا أفنيهم.
ع10: تضايق الله من عدم ثبات شعبه للحياة معه والعبادة فى أورشليم، إذ قد تحركوا فى أماكن كثيرة على التلال وفى الحقول لعبادة الأوثان التى أقاموها هناك .. لذا يناديهم هذا الشعب وليس شعبى بل هددهم بأنه ينظر إلى خطاياهم وسيعاقبهم عليها.
ع11: أمام إصرار شعب الله على خطاياهم لن تنفعهم صلوات النبى أو أى شفاعة لذا يقول الله له بحزن لا تصل لأجلهم لأنهم لم يتوبوا بعد وأنا لن أرفع عنهم العقاب الذى سمحت به لعلهم يتوبون.
ع12: يقرر الله أيضاً نتيجة إصرار شعبه على عبادة الأوثان والعبادة الشريرة أنه يرفض صلواتهم وكذلك ذبائحهم وتقدماتهم له لأنها بلا توبة بل يعلن أنه سيعاقبهم بأنواع من العقاب هى :
- السيف أى القتل وهو الذى تم عند هجوم جيوش بابل.
- الجوع وهو الذى تم أيام يهوياقيم الملك كما ذكر فى هذا الأصحاح.
- الوباء بانتشار أمراض مختلفة بينهم.
لا تبرر خطاياك لأن هذا يجعلك تتمادى فيها وتفقد غفران الله بل تحل بك ضيقات مختلفة يسمح الله بها لمحبته لك إذ يدعوك بها للتوبة لأنك إن نسيت الله يسمح لك الله بضيقات مادية لأنك تعلقت بالماديات وعندما تفقد رجاءك فيها تعود بالتوبة وتشعر بأهمية الروحيات فتتمسك بها وتجد طريقك نحو الأبدية.
(4) الأنبياء الكذبة (ع13-16)
13- فقلت آه أيها السيد الرب هوذا الأنبياء يقولون لهم لا ترون سيفا و لا يكون لكم جوع بل سلاما ثابتا أعطيكم في هذا الموضع. 14- فقال الرب لي بالكذب يتنبأ الأنبياء باسمي لم أرسلهم ولا أمرتهم و لا كلمتهم. برؤيا كاذبة و عرافة و باطل و مكر قلوبهم هم يتنبأون لكم. 15- لذلك هكذا قال الرب عن الأنبياء الذين يتنبأون باسمي و أنا لم أرسلهم و هم يقولون لا يكون سيف و لا جوع في هذه الأرض بالسيف و الجوع يفنى أولئك الأنبياء. 16- و الشعب الذي يتنبأون له يكون مطروحا في شوارع أورشليم من جرى الجوع و السيف و ليس من يدفنهم هم و نساؤهم و بنوهم و بناتهم و أسكب عليهم شرهم.
ع13: يلتمس إرميا العذر لشعبه أمام الله بأن سبب تماديهم فى الشر هو خداع الأنبياء الكذبة لهم الذين وعددهم بالسلام والراحة المادية ولم يوجهوهم للتوبة.
ع14: يعلن الله أنه لم يرسل الأنبياء الكذبة وأن كل ما يدعونه من رؤى وعرافة هو كذب وكلام باطل بلا قيمة حتى يعرف الشعب حقيقة الأنبياء الكذبة على فم إرميا ويرجعون بالتوبة إلى الله.
ع15: يعلن الله عقابه لهؤلاء الأنبياء الكذبة بأنه سيسمح بقتلهم وكذا معاناة الباقين من الجوع فيأتى شرهم على رؤوسهم إذ تنبأوا أنه لن يأتى سيف أو جوع فسيأتى أولاً عليهم السيف والجوع.
ع16: ثم بعد معاقبة الأنبياء سيعاقب الله أيضاً الشعب الذى سار وراءهم ورفض الله ولم يتب فيعاقبهم أيضاً بالسيف والجوع.
لا تتساهل فى كلامك فتسقط فى خطية الكذب وتخدع الآخرين لأن الله ينظر إليك وهو عادل وسيعاقبك لأنك سقطت فى الكذب وأعثرت غيرك فأسرع إلى التوبة فتنال مراحمه
(5) اعتراف وتضرع (ع17-22)
17- و تقول لهم هذه الكلمة. لتذرف عيناي دموعا ليلا و نهارا و لا تكفا لأن العذراء بنت شعبي سحقت سحقا عظيما بضربة موجعة جدا. 18- إذا خرجت إلى الحقل فإذا القتلى بالسيف و إذا دخلت المدينة فإذا المرضى بالجوع لان النبي و الكاهن كليهما يطوفان في الأرض و لا يعرفان شيئا. 19- هل رفضت يهوذا رفضا أو كرهت نفسك صهيون. لماذا ضربتنا و لا شفاء لنا انتظرنا السلام فلم يكن خير و زمان الشفاء فإذا رعب. 20- قد عرفنا يا رب شرنا أثم آبائنا لأننا قد أخطانا إليك. 21- لا ترفض لأجل اسمك. لا تهن كرسي مجدك اذكر لا تنقض عهدك معنا. 22- هل يوجد في أباطيل الأمم من يمطر أو هل تعطي السماوات وابلا أما أنت هو الرب إلهنا فنرجوك لأنك أنت صنعت كل هذه.
ع17: منع الله النبى من الصلاة لأجل الشعب لأنهم رافضون للتوبة ولكن أبوته تجعله حزيناً عليهم فيدعو النبى للبكاء الدائم عليهم ويشبه مملكة يهوذا بعذراء أى فتاة ضعيفة هجم عليها الأشرار وحطموها ويعلن بوضوح أن ضربة بابل التى ستهجم عليه ضربة مرة أى صعبة جداً. لعل الشعب يسمع كلام أرميا ويكف عن خطاياهم.
ع18: نتيجة هجوم بابل سيقتل الكثيرون ويطرحون فى الحقول ومن اختبأوا فى المدن سيمرضون من الجوع لأن بابل تحاصر مدنهم وتمنع عنهم الطعام والشراب.
أما قادة الشعب من الكهنة والأنبياء الكذبة فسيظهر عجزهم عن إنقاذ الشعب ويطوفون البلاد فى حيرة وعجز بل سينقلهم البابليون إلى بلاد أخرى يطوفون فيها فى خزى وذل العبودية.
ع19: يتضرع النبى متشفعاً فى شعبه ويكلم الله لينقذهم من هذه الضربة وبدالة البنوة يعاتبهم بحب قائلاً لماذا رفضت مملكتك يهوذا ومدينتك صهيون وهى الاسم القديم لأورشليم، فمازال شعبك يترجاك طالباً الشفاء من هذه الضربة وعودة السلام إليهم بعد هذا القرار.
لقد ظهر كذب الأنبياء الذين ادعوا أن أورشليم ويهوذا لن يصيبها شئ إذ بها هيكل الله وأن مملكة إسرائيل قد سباها أشور لأنها بعيدة عن أورشليم هكذا خدعوا الشعب ولم يقودونهم إلى التوبة.
ع20: يعترف إرميا عن شعبه بأنهم قد أخطأوا إلى الله واستمروا فى الشرور التى فعلها آباؤهم.
إن كنت أباً أو أماً أو خادماً فصل من أجل من ترعاهم واسجد وتضرع إلى الله لأجلهم مقدماً دموع التوبة عنهم لأن ضعف رعايتك سبب لك هذه الخطايا
ع21: يتضرع إرميا إلى الله عن شعبه ليس لأجل برهم ولكن لأجل صلاحه ويذكره بثلاثة أمور ليحنن قلبه عليهم وهى :
- اسم الله الذى يعنى رحمته وكماله فلأنهم شعبه الذين آمنوا به يسامحهم ويرفع الضيقة عنهم فهذا يظهر أبوة النبى لشعبه.
- كرسى مجد الله هو هيكله الذى حل فيه وامتلأ بصلوات الكثيرين من الأتقياء على مر العصور، فرغم عدم استحقاق الشعب الله يشفق عليه لأنه يتوب.
- عهد الله الذى قطعه مع الآباء إبراهيم واسحق ويعقوب فلأجل مراحم الله وصلاحه يرفع عنهم الضيقات.
ع22: وابلاً : المطر الشديد.
أباطيل الأمم : الآلهة الوثنية.
يعلن النبى إيمانه بأن الله هو وحده القادر على رفع القحط بإنزال المطر فينقذ شعبه من الجوع والموت أما الآلهة الوثنية فهى تماثيل عاجزة عن كل شئ.