سلتّا التين
(1) سلتا التين (ع1-3):
1- أراني الرب و إذا سلتا تين موضوعتان أمام هيكل الرب بعدما سبى نبوخذراصر ملك بابل يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا و رؤساء يهوذا و النجارين و الحدادين من أورشليم و آتى بهم إلى بابل. 2- في السلة الواحدة تين جيد جداً مثل التين الباكوري، و في السلة الأخرى تين رديء جداً لا يؤكل من رداءته. 3- فقال لي الرب ماذا أنت راء يا إرميا ؟ فقلت : تيناً. التين الجيد جيد جداً، و التين الرديء رديء جداً لا يؤكل من رداءته.
ع1: يكنيا : هو الملك يهوياكين الذى ملك ثلاثة أشهر على مملكة يهوذا ثم سُبى إلى بابل.
رأى إرميا رؤيا وهى سلتان فيهما ثمار التين موضوعتان أمام هيكل الرب. ويحدد زمان الرؤيا وهو بعد أن سبى نبوخذنصر ملك بابل يكنيا ملك يهوذا وأخذ معه عظماء اليهود والصناع المهرة فى الحرف المختلفة من أورشليم وسباهم جميعاً إلى بابل.
ووجود السلتين أمام هيكل الله معناه وقوف اليهود بأنواعهم المختلفة أمام الله ليحكم عليهم، إذ أن كل شئ مكشوف وعريان أمام عينيه، وسمح الله بسبى يهوياكين لأجل شره إلى بابل. وقد سبى ملك بابل أفضل اليهود ليعملوا فى عاصمة مملكته مما يجعلها تزدهر وتتقوى، وكان بينهم أنبياء ورجال أتقياء. وثمرة التين ترمز إلى الوحدانية إذ بها بذور صغيرة كل منها ليس له قيمة فى حد ذاته ولكن تجمعها معاً داخل غلاف واحد يعطيها مذاقاً حلواً، كما يجتمع المؤمنون فى جسد واحد الذى هو الكنيسة جسد المسيح.
ع2: رغم أن السلتين بهما ثمرة واحدة هى التين ولكن يوجد نوعان مختلفان تماماً داخلها، والتين له ثلاثة أنوع :
- تين باكورى : أى باكورة التين الذى يظهر فى شهر يونيو وهو تين جيد جداً أى أفضل أنواع التين.
- تين صيفى : وهو تين جيد ينضج ويجمع فى شهر أغسطس.
- تين شتوى : وهو التين الذى يستمر على الشجرة طوال الشتاء حتى بداية فصل الربيع وهو تين ردئ جداً لا يمكن أكله.
وكانت السلتان اللتان أمام هيكل الرب أحدهما تينها جيد جداً أى من النوع الأول، أما الأخرى فكان تينها ردئ جداً وهو من النوع الثالث.
ع3: سأل الله ارميا عما يراه فى الرؤيا فأخبر انه يرى تيناً جيداً جداً فى السلة الأولى، وتين رديئاً جداً فى السلة الثانية وسأل الله هذا ليعلن النبى تمييزه الواضح بين النوعين، فالنوعان هما اليهود الصالحين واليهود الأشرار، فالنوع الأول هم من أطاعوا الله وذهبوا إلى السبى وأطاعوا وصاياه، أما النوع الثانى الردئ فهم من بقوا فى أورشليم وتمسكوا بعبادة الأوثان وبكل شرورهم.
إن الله هو فاحص القلوب والكلى وكلنا مكشوفون أمامه، فلا تتمادى فى الخطية لأنه يراك وفى نفس الوقت هو يعتبر جداً توبتك وجهادك ومحاولتك للإقتراب إليه. فذكر نفسك كل يوم أنك واقف أمامه لتقدم حساب وكالتك حتى لا تغويك الخطية ولا تخسر إكليلك.
(2) التين الجيد (ع4-7):
4- ثم صار كلام الرب إليَّ قائلاً : 5- هكذا قال الرب إله إسرائيل : كهذا التين الجيد هكذا أنظر إلى سبي يهوذا الذي أرسلته من هذا الموضع إلى أرض الكلدانيين للخير. 6- و أجعل عيني عليهم للخير و أرجعهم إلى هذه الأرض و أبنيهم و لا أهدمهم و أغرسهم و لا أقلعهم. 7- وأعطيهم قلبا ليعرفوني إني أنا الرب فيكونوا لي شعبا و أنا أكون لهم إلهاً، لأنهم يرجعون إليَّ بكل قلبهم.
ع4، 5: يعلن الله أن التين الجيد هم اليهود الذين تم سبيهم إلى بابل، فقد فقدوا وجودهم بجوار الهيكل المتهدم ولكنهم متمسكين بوصايا الله، فالله يباركهم بالخير لأجل طاعتهم له وقبولهم التأديب لأجل خطاياهم إذ سمعوا لأنبيائه فقبل الله توبتهم وباركهم.
إن حلت بك ضيقة فأقبلها كتأديب من الله للتوبة وإصلاح أخطائك وأعلم أن الله قادر أن يباركك فى داخل الضيقة فتختبره وتعاينه أكثر من أى وقت فى حياتك.
ع6: يعد الله الذين أطاعوه وأتوا إلى السبى بأنه يباركهم لأجل قبولهم التأديب، وأنه سيكافئهم بالعودة إلى أورشليم ويثبتهم هناك، ويبنى لهم الهيكل ويبنيهم فى حياة روحية قوية لأنه الله القادر على كل شئ.
ع7: يعد الله أيضاً أولاده التائبين بأن يهبهم قلباً يميل إليه، أى مشاعر حب تتجه نحوه، ويعلن أيضاً تخصيصهم شعباً له ورعايته لهم لأجل توبتهم.
(3) التبن الردئ (ع8-10):
8- و كالتين الرديء الذي لا يؤكل من رداءته، هكذا قال الرب، هكذا أجعل صدقيا ملك يهوذا و رؤساءه و بقية أورشليم الباقية في هذه الأرض و الساكنة في أرض مصر. 9- و أُسلمهم للقلق و الشر في جميع ممالك الأرض عاراً و مثلاً و هزاة و لعنة في جميع المواضع التي أطردهم إليها. 10- و أُرسل عليهم السيف و الجوع و الوبأ حتى يفنوا عن وجه الأرض التي أعطيتهم و آباءهم إياها
ع8: يتكلم الله عن من سيعصاه ويتعلق بالماديات والشر، مثل صدقيا الملك آخر ملوك يهوذا وعبيده المقربين الذين يحكمون البلاد والشعب الباقى فى أورشليم واليهودية الذين رفضوا الذهاب إلى السبى، أنهم سيكونوا فى حالة تعيسة مثل التين الردئ، لأنهم بريائهم ظنوا أن وجودهم فى أورشليم هو الخير والصلاح مع أن قلوبهم ملآنة بالشر وعبادة الأوثان.
ع9: يتنبأ إرميا عن الأشرار الذين بقوا فى أورشليم أن الله سيتخلى عنهم فيصيرون فى قلق لأنهم اعتمدوا على ذواتهم ورفضوا الله، بل سيكونون لضعفهم مثالاً للاحتقار والهزء بين الشعوب، كل ذلك لعدم طاعتهم لله، وأنهم سيطردون أيضاً من أورشليم ويتعرضون لمتاعب كثيرة إذ أن بعضهم ذهب إلى مصر وقاسى شدائد كثيرة هناك.
ع10: يقرر الله أنه سيعاقبهم بثلاثة ضيقات :
- السيف أى الموت.
- فقرهم الشديد وجوعهم حتى للطعام الضرورى.
- إصابتهم بالأمراض الشديدة عن طريق الأوبئة التى تضعفهم وتهلك بعضهم.
بهذه الضربات سيموتون ولا يستفيدوا من وجودهم بأرض الميعاد لأن الوجود بالأماكن المقدسة دون السلوك بالقداسة لا يفيد. استفد من كل فرصة روحية تُعرض عليك حتى تعرف الله من خلالها، وتتمتع بعشرته لئلا تدينك كل هذه الفرص إذ أن الله أرسلها إليك لأنه يحبك.