الخطايا التى سببت تخريب أورشليم
(1) تخريب أورشليم (ع1-5):
1- اهربوا يا بني بنيامين من وسط أورشليم و اضربوا بالبوق في تقوع و على بيت هكاريم ارفعوا علم نار لأن الشر أشرف من الشمال و كسر عظيم. 2- الجميلة اللطيفة ابنة صهيون أهلكها. 3- إليها تأتي الرعاة و قطعانهم ينصبون عندها خياما حواليها يرعون كل واحد في مكانه. 4- قدسوا عليها حربا قوموا فنصعد في الظهيرة ويل لنا لأن النهار مال لأن ظلال المساء امتدت. 5- قوموا فنصعد في الليل و نهدم قصورها.
ع1: بنى بنيامين : سبط بنيامين، وهو جزء من مملكة يهوذا والتى عاصمتها أورشليم. فيناديهم إرميا لأنهم يمثلون سكان أورشليم ومملكة يهوذا كلها.
تقوع : مدينة تبعد حوالى 12 ميلاً جنوب أورشليم وكانت موطن عاموس النبى.
هكاريم : مدينة على ربوة جنوب أورشليم فى طريق بيت لحم، التى تبعد خمسة أميال عن أورشليم.
ينبه إرميا سكان أورشليم بأن خرابها قد اقترب على يد جيوش بابل، ويطلب من المؤمنين بكلامه أن يهربوا منها حتى لا يموتوا. ويُعلن أيضاً أن الخراب سيكون فى كل بلاد اليهودية المحيطة بأورشليم، ويختار منها تقوع وهكاريم.
كما يؤكد أن الهجوم شرس كالنار التى تأكل كل ما يصادفها، فيكون كسر، أى هزيمة عظيمة لمملكة يهوذا.
ع2: بعين الأبوة يرى الله أن مملكة يهوذا هى ابنته الجميلة اللطيفة، رغم أنها عصت الله وتمادت فى شرها، فاضطر لتأديبها بالهجوم البابلى لعلها تتوب وترجع إلى جمالها الروحى ولطفها.
ع3: بعد أن تخرب أورشليم وتصير مهجورة لا يسكنها أحد، يأتى إليها الرعاة بأغنامهم ليرعوا حولها وينصبوا خيامهم هناك، فلم تعد هناك مدينة، بل مجرد برية ترعى فيها الأغنام.
ع4: قدسوا : خصصوا.
يُنادى الله جيوش بابل لتخوض حرباً قوية ضد أورشليم لتأديبها، فيهجمون عليها وقت الظهيرة وفى المساء وأثناء الليل، أى يهاجمونها فى كل الأوقات حتى يخربوها، ولذا يتأوه سكان أورشليم وقت ميل النهار، أى فى المساء للهجوم الآتى عليهم، وكذا عند دخول الليل، أى عندما تمتد ظلال المساء؛ لأنهم يُفاجاؤن بهجوم جديد والحرب مستمرة.
ع5: هذا هجوم رابع فى أثناء الليل، فيخربون أعظم منازلها التى تسمى قصور. فقد هاجم البابليون أورشليم فى الظهيرة، ووقت المساء، وعند دخول الليل، وفى أثناء الليل.
عندما تحل بك أية ضيقة، اهرب إلى الله بالتوبة والصلاة، وإن ازدادت الضيقة لا تنزعج؛ لأن الله الذى يحبك يسمح بها لتقترب إليه. فالضيقة لا تهلكك، بل تزكيك، وتنميك فى طريق محبة الله.
(2) أورشليم الظالمة تخرب (ع6-8):
6- لأنه هكذا قال رب الجنود اقطعوا أشجارا أقيموا حول أورشليم مترسة هي المدينة المعاقبة كلها ظلم في وسطها. 7- كما تنبع العين مياهها هكذا تنبع هي شرها ظلم و خطف يسمع فيها أمامي دائما مرض و ضرب. 8- تأدبي يا أورشليم لئلا تجفوك نفسي لئلا أجعلك خرابا أرضا غير مسكونة.
ع6: مترسة : حوائط تُبنى حول المدينة المحاصرة ويقف خلفها الأعداء لمنع سكانها من الهروب.
يؤكد الله الخراب والتدمير الذى سيحل بأورشليم، إذ سيخرب البابليون المناطق المحيطة بأورشليم، ويقطعون أشجارها، ثم يضعونها على أسوارها، ويشعلون فيها النار، فتهاجم النار سكان المدينة من كل جانب وتحرقهم، وإن حاولوا الهرب، يجدوا الأعداء قد أقاموا متاريس، ووقفوا وراءها لقتل سكان أورشليم ومنعهم من الهرب. كل هذا العقاب الإلهى بسبب سقوط سكانها فى خطية الظلم، ولم يرحموا المساكين، فلم يرحمهم الله وسمح بتأديبهم ليتوبوا.
ع7: يُعلن الله أن شر أورشليم مستمر مثل عين الماء التى يخرج منها ماء باستمرار، فيظلم سكانها بعضهم البعض ويخطفون ويسرقون بعضهم، وأصيب الضعفاء بالأمراض نتيجة ظلم إخوانهم لهم، وضربهم، والاعتداء عليهم بأشكال مختلفة.
ع8: تجفوك : من جفاء، أى يرفضها الله ويتخلى عنها.
يُنذر الله أورشليم بالتخلى عنها إن رفضت التأديب ولم تتب، فيسمح لها بضيقات أكثر وهى التدمير والتخريب البابلى، لعلها أيضاً ترجع وتتوب.
لا تظلم غيرك مهما كان ذلك متاحاً لك؛ لأن الله العادل يرى كل شئ، وسيعاقبك على أنانيتك وظلمك إن لم ترجع الحقوق لأصحابها.
(3) أسباب تخريب أورشليم (ع9-15):
9- هكذا قال رب الجنود تعليلا يعللون كجفنة بقية إسرائيل رد يدك كقاطف إلى السلال. 10- من أكلمهم و أنذرهم فيسمعوا ها أن أذنهم غلفاء فلا يقدرون أن يصغوا ها إن كلمة الرب صارت لهم عارا لا يسرون بها. 11- فامتلأت من غيظ الرب مللت الطاقة اسكبه على الأطفال في الخارج و على مجلس الشبان معا لأن الرجل و المرأة يؤخذان كلاهما و الشيخ مع الممتلئ أياما.
12- و تتحول بيوتهم إلى آخرين الحقول و النساء معا لأني أمد يدي على سكان الأرض يقول الرب. 13- لأنهم من صغيرهم إلى كبيرهم كل واحد مولع بالربح و من النبي إلى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. 14- و يشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام و لا سلام. 15- هل خزوا لأنهم عملوا رجسا بل لم يخزوا خزيا و لم يعرفوا الخجل لذلك يسقطون بين الساقطين في وقت معاقبتهم يعثرون قال الرب.
ع9: تعليلاً يعللون : بعد جمع العنب يمرون على الحقول لجمع أى حبات متناثرة باقية.
جفنة : شجرة عنب.
يُعلن الله أن البابليين سيخربون أورشليم مرة ومرات حتى تخرب تماماً، كما يُجمع العنب من الكرمة مرة ومرات حتى لا يكاد يبقى بها حبة واحدة، وأخيراً يوقفهم الله عن ذلك. فيقول لقاطف العنب ضع يدك فى السلة التى تجمع فيها العنب ولا تعود تقطف أية حبة أخرى؛ حتى يُبقى بقية لشعبه ليتوبوا ويرجعوا إليه. فالخلاصة أن التدمير سيكون شديداً لأورشليم.
ع10: أذنهم غلفاء : أى غير مختونة، ويقصد بها أن أذنهم مسدودة عن سماع صوت الله، ولم يقطع منها ميلها إلى الشر، لأن الختان يرمز إلى قطع الطبيعة الشريرة والإيمان بالله والبنوة له.
يتعجب النبى أنه لا يجد من يسمع كلام الله، بل يسدون آذانهم ويهملون إنذاراته، وأكثر من هذا يعتبرون كلمة الله عاراً، أى يحتقرونها ويرفضونها، إذ رفضوا كلام إرميا وعذبوه وألقوه فى السجن بسبب كلام الله الذى ينذرهم به، واعتبروا طاعة الله بالخضوع لبابل عاراً، أى رفضوا التأديب الإلهى، فخربت مدنهم وقُتِلوا بالسيف.
ع11: غيظ الرب : غضب الله.
مللت الطاقة : استنفذوا طول أناة الله كلها عليهم، فأتى عليهم غضبه.
الممتلئ أياماً : المسن أو العجوز.
إرميا هو صوت الله، فيعلن أنه امتلأ من الغضب الإلهى بعد أن استنفذ سكان أورشليم كل فرصهم للتوبة، فاستحقوا الموت، ولكن الله سمح لهم بالتأديب ليتوبوا. وأمر إرميا أن يعلن سكب الله لغضبه على كل سكان أورشليم، الأطفال والشبان والشيوخ والمسنين؛ لأنهم سقطوا فى الشر ورفضوا وصايا الله.
ع12: لأن شعب الله ظلموا بعضهم بعضاً، سمح لهم بالسبى البابلى، فسلب بيوتهم واغتصب نساءهم، فكان البابليون هم يد الله الممدودة لتأديب شعبه.
ع13: أظهر أن سبب تأديبهم هو رفضهم سماع صوت الله (ع10) وهنا يظهر سببين آخرين لتأديبهم :
- تعلقهم بمحبة المال جميعاً، سواء الكبار أو الصغار.
- سقوطهم فى الخداع والكذب كقادة للشعب، وهم الكهنة والأنبياء، فانساق الشعب وراءهم.
ع14: عثم : فساد.
الخطية الرابعة التى سببت تأديب الله لشعبه هى مظهريتهم وسطحيتهم فى علاج مشاكلهم، فحاولوا معالجة أمراضهم الروحية وفسادهم الداخلى بالخداع، إذ قال الأنبياء لهم سلام سلام ولا يأتى عليكم، أى تأديب إلهى، وكان الأجدر بهم أن يعالجوا جروحهم بكشفها لله بالتوبة والرجوع إليه فيشفيهم.
ع15: رجساً : نجاسة وشر.
الخطية الخامسة التى سببت التأديب لشعب الله هى التمادى فى الشر، وعدم الخجل من خطاياهم والندم عليها، لذا استحقوا التأديب والقتل والتأديبات المختلفة.
لا تتمادى فى خطاياك إن نبهك الله للتوبة عنها، وارجع إليه، فهو رحيم، فيسامحك على كل شر وتعود بقوة أعظم.
(4) رفض وصايا الله والعبادة المظهرية (ع16-25):
16- هكذا قال الرب قفوا على الطرق و انظروا و اسألوا عن السبل القديمة أين هو الطريق الصالح و سيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم و لكنهم قالوا لا نسير فيه. 17- و أقمت عليكم رقباء قائلين اصغوا لصوت البوق فقالوا لا نصغى. 18- لذلك اسمعوا يا أيها الشعوب و اعرفي أيتها الجماعة ما هو بينهم. 19- اسمعي أيتها الأرض هأنذا جالب شرا على هذا الشعب ثمر أفكارهم لأنهم لم يصغوا لكلامي و شريعتي رفضوها. 20- لماذا يأتي لي اللبان من شبا و قصب الذريرة من أرض بعيدة محرقاتكم غير مقبولة و ذبائحكم لا تلذ لي. 21- لذلك هكذا قال الرب هأنذا جاعل لهذا الشعب معثرات فيعثر بها الآباء و الأبناء معا الجار و صاحبه يبيدان.22- هكذا قال الرب هوذا شعب قادم من أرض الشمال و أمة عظيمة تقوم من أقاصي الأرض. 23- تمسك القوس و الرمح هي قاسية لا ترحم صوتها كالبحر يعج و على خيل تركب مصطفة كإنسان لمحاربتك يا ابنة صهيون.
24- سمعنا خبرها ارتخت أيدينا أمسكنا ضيق و وجع كالماخض. 25- لا تخرجوا إلى الحقل و في الطريق لا تمشوا لأن سيف العدو خوف من كل جهة.
ع16: طلب الله من شعبه أن يراجعوا أنفسهم هل سلوكهم سليم أم خاطئ، وطلب منهم أن يقفوا على طريق حياتهم ليتأكدوا من مدى صحة أفعالهم، لأنهم انحرفوا فى عبادة الأوثان، وطلب منهم أيضاً أن ينظروا فى كل تصرفاتهم ويفحصوها ويسألوا السبل القديمة، أى أسفار موسى وكلام الله على لسان الأنبياء، ويقيسوا حياتهم عليها، فإذا اكتشفوا الطريق السليم، أى وصايا الله يسيرون فيها، فيتمتعون براحة داخلية وسلام من الله. ولكنهم للأسف رفضوا أن يراجعوا أنفسهم ليسلكوا فى طرق الآباء السليم.
ع17: أقام الله الأنبياء كرقباء على شعبه يسمعوهم صوته كبوق ينذرهم حتى يرجعوا إليه، ولكنهم رفضوا.
ع18: يُشهد الله الأمم الوثنية وشعوب العالم على تمرد وعصيان شعبه وخطاياهم التى يسلكون فيها، إذ زادت خطاياهم عن خطايا الأمم.
ع19: يُشهد أيضاً الأرض وما عليها من بشر ومخلوقات على عصيان شعبه، ويُنذره بأنه سيعاقبه بتأديبات هى نتيجة طبيعية لأفكاره الشريرة ورفضه وصايا الله.
ع20: شبا : دولة تعيش جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، أى اليمن الحالية.
اللبان : مادة صمغية تنتج من نبات اللبان وله رائحة زكية عند احتراقه.
قصب الذريرة : نوع من القصب له رائحة زكية، وكلمة الذريرة معناه رائحة عطرة.
يعلن الله ضيقه من تقدمات ومحرقات شعبه التى يبذلون فيها جهداً كبيراً، فيستوردون مواد البخور مثل اللبان وقصب الذريرة من أماكن بعيدة مثل شبا. وذلك لأن هذه العبادة سطحية، أما قلوبهم فمملوءة شراً، وبالتالى فعبادتهم بلا قيمة، بل يرفضها الله.
ع21: يقرر الله أنه سيعاقب شعبه بالسبى البابلى الذى سيعثر ويسقط فيه الجميع، سواء الكبار، مثل الآباء، أو الصغار مثل الأبناء وذلك لسقوطهم جميعاً فى الشر.
ع22: يصف التأديب بأنه سيتم على يد مملكة بابل القوية التى ستأتى من شمال شرق مملكة يهوذا، فتأتى من بعيد من أقصى الأرض المعروفة وقتذاك على شعبه، وتدمرهم وتسبيهم.
ع23: يستكمل وصف قوة بابل بما يلى :
- تستخدم السهام والقوس لتصيب عن بعد رجال يهوذا وتقتلهم، وكذا الرماح لتقتل بشراسة وعنف من يصادفها.
- هجومها عنيف وصوتها قوى كالبحر الذى تتلاطم أمواجه بعجيج، أى صوت البحر القوى.
- منظمة وتمتلك خيولاً كثيرة يركبها فرسان مدربون يهجمون بصفوف تجتاح مدن إسرائيل وتقتل من فيها.
ع24: عندما يسمع الشعب ويرى هجوم بابل، يسقط فى اليأس ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، أى ترتخى أيديه ويتملكه الخوف، يتألم كالمرأة عند ولادتها (الماخض).
ع25: سيخاف شعب الله جداً، فيختبئون فى بيوتهم، ولا يستطيعون الخروج إلى الحقول، أو الطرق لئلا يقتلهم العدو.
ليتك تحاسب نفسك كل يوم لترجع عن خطاياك وتتوب عن أفكارك ونياتك الرديئة، فتستطيع تقديم عبادة مقدسة من القلب، يقبلها الله، ويفرح بها، ويرفع غضبه عنك مهما كانت خطاياك تستحق العقاب.
(5) التمادى فى الشر (ع26-30):
26- يا ابنة شعبي تنطقي بمسح و تمرغي في الرماد نوح وحيد اصنعي لنفسك مناحة مرة لأن المخرب يأتي علينا بغتة. 27- قد جعلتك برجا في شعبي حصنا لتعرف و تمتحن طريقهم. 28- كلهم عصاة متمردون ساعون في الوشاية هم نحاس و حديد كلهم مفسدون. 29- احترق المنفاخ من النار فني الرصاص باطلا صاغ الصائغ و الأشرار لا يفرزون. 30- فضة مرفوضة يدعون لأن الرب قد رفضهم
ع26: تنطقى : البسى منطقة، وهو ما يلبس على الوسط ويتدلى على الفخذين.
مسح : ملابس خشنة ترمز للتذلل.
نوح وحيد : البكاء على موت الابن الوحيد للتعلق به، وإذ يفقدانه يفقدان النسل كله الذى يأتى منه، وبهذا لا يكون للوالدين أى نسل.
إذ هجم الجيش البابلى على أورشليم واليهودية، يناديها الله بأبوته ويدعوها ابنته، فهو حزين عليها، ويدعوها إلى لبس المسوح والتمرغ فى التراب ووضعه على الرأس، كل هذه العادات كانوا يعملونها إظهاراً لحزنهم الشديد وذلهم. ويدعوها لعمل مناحة شديدة كما على موت الابن الوحيد، وذلك لانقضاض البابليين عليها وتخريبها.
عندما تأتى عليك ضيقة، اتضع أمام الله وابكِ على خطاياك، وثق أن دموعك غالية عنده، فإذ يرى توبتك لابد أن يتدخل وينقذك، لأن تأديبه مؤقت لمنفعتك الروحية.
ع27: ينادى الله إرميا يصفه بأنه برج وسط الشعب، حيث يكون رقيباً عليهم ويناديهم ليتوبوا. ويصفه أيضاً بأنه حصن؛ لأنه إذا تاب أحد سيلتجئ إليه، فيعلمه وصايا الله وبهذا ينجو من غضب الله.
ع28: يصف الشعب بالعصيان والتمرد والسعى للإيقاع بين الناس واختلاق المشاكل، ويصف عدم تجاوبهم بصلابة النحاس والحديد، أى أنهم متمادون فى شرهم، مصرون على الفساد بخطايا كثيرة.
ع29: المنفاخ : هو ما يعطى هواء للنار حتى تظل مشتعلة بقوة لصهر المعادن والتخلص من شوائبها.
الرصاص : يستخدم لفصل الشوائب عن المعادن.
يشبه إرميا بمنفاخ الصائغ للمعادن، إذ ينفخ الهواء ليشعل النار بإعلان صوت الله وإنذاراته حتى يتوب الشعب، ولكن عمله لم يأتِ بثمر، وذهب كلامه هباءً بالنسبة لسامعيه، كما يفنى الرصاص الذى يستخدم لتنقية المعادن فلم تتنق بعد. وفى النهاية احترق المنفاخ نفسه والمعادن لا تريد أن تتنقى، حيث رفضوا كلام إرميا، ثم قتلوه رجماً بالحجارة.
وهكذا لم يفلح الصائغ فى صياغته للمعادن، إذ ظلت الشوائب بها، أى مازال الأشرار متمادين فى شرهم، رافضين كلام إرميا.
ع20: فى النهاية يأتى الحكم الإلهى على شعبه المتمادى فى الشر، فيصفهم بأنهم فضة مرفوضة. والفضة ترمز لكلمة الله، أى أن الشعب يعرف كلمة الله، ولكن لم يحيا بها، فرفضه الله، ولأنهم رفضوا الله وأصروا على ذلك فالله رفضهم أيضاً.