الرجوع إلى الله
(1) مقارنة بين الله والأصنام (ع1-16):
1- اسمعوا الكلمة التي تكلم بها الرب عليكم يا بيت إسرائيل. 2- هكذا قال الرب لا تتعلموا طريق الأمم و من آيات السماوات لا ترتعبوا لأن الأمم ترتعب منها. 3- لان فرائض الأمم باطلة لأنها شجرة يقطعونها من الوعر صنعة يدي نجار بالقدوم. 4- بالفضة و الذهب يزينونها و بالمسامير والمطارق يشددونها فلا تتحرك. 5- هي كاللعين في مقثأة فلا تتكلم تحمل حملا لأنها لا تمشي لا تخافوها لأنها لا تضر و لا فيها أن تصنع خيرا. 6- لا مثل لك يا رب عظيم أنت و عظيم اسمك في الجبروت. 7- من لا يخافك يا ملك الشعوب لأنه بك يليق لأنه في جميع حكماء الشعوب و في كل ممالكهم ليس مثلك. 8- بلدوا و حمقوا معا أدب أباطيل هو الخشب. 9- فضة مطرقة تجلب من ترشيش و ذهب من أوفاز صنعة صانع و يدي صائغ أسمانجوني و أرجوان لباسها كلها صنعة حكماء. 10- أما الرب الإله فحق هو إله حي و ملك أبدي من سخطه ترتعد الأرض و لا تطيق الأمم غضبه.11- هكذا تقولون لهم الآلهة التي لم تصنع السماوات و الأرض تبيد من الأرض و من تحت هذه السماوات. 12- صانع الأرض بقوته مؤسس المسكونة بحكمته و بفهمه بسط السماوات. 13- إذا أعطى قولا تكون كثرة مياه في السماوات و يصعد السحاب من أقاصي الأرض صنع بروقا للمطر و أخرج الريح من خزائنه. 14- بلد كل إنسان من معرفته خزي كل صائغ من التمثال لأن مسبوكه كذب و لا روح فيه. 15- هي باطلة صنعة الأضاليل في وقت عقابها تبيد. 16- ليس كهذه نصيب يعقوب لأنه مصور الجميع و إسرائيل قضيب ميراثه رب الجنود اسمه.
ع1، 2: طريق الأمم : عبادة الأوثان.
آيات السموات : تحركات الكواكب والشمس بشكل عظيم إعجازى فتعبدونها.
يحذر الله شعبه من الانسياق فى عبادة الأوثان مثل الأمم المحيطة به، والخوف من سلطانها، ومن هذه العبادات عبادة الكواكب والسماء.
ع3: فرائض الأمم : العبادات الوثنية للأمم.
الوعر : الصحراء والمكان المقفر.
القدوم : الشاكوش.
ينبههم الله إلى أن ما يعبده الأمم من الأوثان هو عبارة عن قطع خشبية من شجرة قطعت من الصحراء، أو أى مكان، ثم حولها النجار إلى تمثال مستخدماً القدوم وأدوات النجارة.
ع4: يظهر ضعف هذه التماثيل بأنها تزين بالمعادن الثمينة من الفضة والذهب، ويعطونها بهاءً ومجداً، وحتى لا تتكسر بسهولة يثبتونها بالمسامير، ويدقون عليها بالمطارق، أى الشواكيش حتى تصير تمثالاً لأى شخص.
ع5: اللعين : خيال المآتة، وهو خشبتان متعامدتان يعلق عليهما جلباب يحركه الهواء، فتظنه الطيور شخصاً فتطير وتبعد عن الحقل ولا تضر الزرع.
مقثأة : حقل مزروع قثاء (قثة).
يوضح الله ضعف هذه التماثيل، فيشبهها بخيال المآتة الذى يضعه الفلاحون فى حقولهم لطرد الطيور الضارة التى تأكل ثمارهم، فهذا التمثال مثل خيال المآتة مجرد منظر ولكن ليس فيه حياة، وهذه الآلهة الوثنية عاجزة لا تستطيع أن تمشى، فيحملها من يعبدونها، وهى بالتالى بلا قيمة لا تضر أحداً ولا تصنع خيراً له.
ع6: من ناحية أخرى يعلن إرميا النبى أن الله فوق كل هذه الآلهة الوثنية ولا مجال للمقارنة معه فى الجبروت والقوة.
ع7: بك يليق : بك يليق المجد والخوف والخشوع.
يعلن إرميا أن الله هو ملك جميع شعوب العالم وليس الآلهة الوثنية، وهو مستحق الخوف والاحترام.
ع8: بلدوا : صاروا فى جهل.
أدب أباطيل : العبادات الوثنية الباطلة بكل آدابها وطقوسها.
كل من يعبد الأوثان هو جاهل وعبادته باطلة؛ لأنه يعبد قطعة خشبية صنعة أيدى البشر ويترك الله الإله الحقيقى.
ع9: مطرقة : تستخدم المطارق فى دق وتشكيل المعادن كالفضة والذهب.
ترشيش : مدينة فى أسبانيا تقع فى نهاية البحر الأبيض المتوسط، ومشهورة بالتجارة، وتعتبر نهاية العالم المعروف وقتذاك.
أوفاز : تسمى أيضاً أوفير وهى مكان فى جنوب شبه جزيرة العرب بجوار اليمن مشهور بإنتاج الذهب.
أسمانجونى : أقمشة زرقاء اللون.
أرجوان : أقمشة حمراء داكنة.
حكماء : الصناع المتخصصون.
يعلن أن عظمة هذه التماثيل راجع لتغطيتها بالفضة والذهب وإلباسها ملابس العظماء ذات اللون الأزرق والأحمر.
ع10: يعلن إرميا صفات الله العظيمة وهى :
- إله حق.
- إله حى.
- إله يملك إلى الأبد.
- إله قوى، غضبه يهلك كل الأشرار.
ع11: إن كان الله عظيم إلى هذه الدرجة، فالآلهة الوثنية التى لم تخلق السموات والأرض ولم تعمل شيئاً، إذ هى مجرد تماثيل، ستزول، أما الله فسيبقى.
ع12: الله هو خالق العالم كله سواء الأرض أو السموات وكل من يسكن ويحيا فيها.
ع13: يعلن أن الله ضابط الكل الذى يحرك السحاب، وهو كمية من الماء المتبخر، ويحركه من أقصى الأرض إلى أقصائها، ويوجه الرياح من مكان إلى مكان، فهى تخرج بأمر الله، لذا يوضح ذلك بقوله أنها تخرج من خزائنه، أى بأمره ومن عنده.
ع14: ظهر جهل كل إنسان لاعتماده على معرفته الشخصية، بل وشعر بالخجل والخزى كل من اعتمد على الآلهة الوثنية لأنها لن تنفعه وقت الضيقة.
ع15: يظهر بطلان وضعف الآلهة الوثنية، أنه عندما يعاقب الله الوثنيين لا تنفعهم آلهتهم بل تتحطم وتبيد معهم.
ع16: يعلن أن الله إله يعقوب أى إسرائيل، وهو ليس مثل هذه الآلهة الوثنية الضعيفة بل هو خالق ومصور كل الموجودات، وهو ملك على شعبه إسرائيل الذى يعطيهم لأجل إيمانهم به الميراث الأبدى، ويعبر عن ملكه بقضيب الملك، ثم يعلن فى النهاية قوته بوصفه أنه رب الجنود، وهو بهذا يدعو شعب الله للابتعاد عن عبادة الأوثان الباطلة والتمسك بعبادة الله القوى الحى إلى الأبد الذى يعطيهم ملكوت السموات.
كل ما يتعلق به الناس سواء المال، أو المركز، أو العلاقات … كلها أمور زائلة، فلا تنشغل بها، بل ليتعلق قلبك بالله الذى يملأك سلاماً ويهبك فى النهاية الحياة الأبدية معه.
(2) دمار شامل (ع17-22):
17- اجمعي من الأرض حزمك أيتها الساكنة في الحصار. 18- لأنه هكذا قال الرب هأنذا رام من مقلاع سكان الأرض هذه المرة و أضيق عليهم لكي يشعروا. 19- ويل لي من أجل سحقي ضربتي عديمة الشفاء فقلت إنما هذه مصيبة فاحتملها. 20- خيمتي خربت و كل أطنابي قطعت بني خرجوا عني و ليسوا ليس من يبسط بعد خيمتي و يقيم شققي. 21- لأن الرعاة بلدوا و الرب لم يطلبوا من أجل ذلك لم ينجحوا و كل رعيتهم تبددت. 22- هوذا صوت خبر جاء و إضطراب عظيم من أرض الشمال لجعل مدن يهوذا خرابا مأوى بنات آوى.
ع17: حزمك : الأمتعة الخاصة بكل فرد التى يحملها على كتفه فى حزمة ليذهب إلى السبى.
ينادى الله على أورشليم المحاصرة من جيش بابل أن يجمع كل واحد من سكانها أمتعته الخاصة؛ لأنهم سيؤخذون أسرى، ويهجرون من أورشليم إلى بلاد مملكة بابل.
ع18: يعلن الله أنه سيضرب سكان أرض مملكة يهوذا بواسطة جيوش بابل التى ستضربهم بالأحجار عن طريق المقاليع، وبكل الأسلحة، مثل السهام والرماح لعلهم إذ يشعرون بهذه المصيبة ويرجعون إلى الله ويتوبون عن خطاياهم التى سببت لهم هذه الضيقة.
ع19: تصرخ أورشليم لأنها قد خُربت بواسطة بابل فانسحقت وتدمرت وأصيبت بضربات لا علاج لها، وليس أمامها إلا أن تحتمل هذا الخراب، وتفهم قصد الله وتتوب.
ع20: أطنابى : هى الحبال المربوطة فى قماش الخيمة وتنتهى بالوتد المثبت فى الأرض، وكلما طالت هذه الحبال كلما اتسع الظل الذى تحت الخيمة.
شققى : قطع من القماش تكون معاً الخيمة.
يشبه أورشليم بالخيمة، فعندما يهجم عليها جيش بابل تخرب هذه الخيمة وتنزع وتقطع حبالها، ويهرب بنوها منها فلا يوجد من يدافع عنها.
ع22: بنات آوى : حيوان أصغر من الذئب وأكبر من الثعلب وتفترس من يقابلها.
يوضح هجوم بابل الآتى من الشمال بصراخ الجيش الذى دمَّر أورشليم واليهودية وجعلها خربة بلا ساكن، فسكنتها الوحوش مثل بنات آوى.
اهتم بإنذارات الله لتتوب عن خطاياك، وتبتعد عن الشر، وتستعد للحياة الأبدية، وتحترس من هجمات إبليس بالحياة المقدسة فى الكنيسة، فتحيا مطمئناً وتنمو فى طريق الله.
(3) الرجوع لله (ع23-25):
23- عرفت يا رب انه ليس للإنسان طريقه ليس لإنسان يمشي أن يهدي خطواته. 24- أدبني يا رب و لكن بالحق لا بغضبك لئلا تفنيني. 25- أسكب غضبك على الأمم التي لم تعرفك و على العشائر التي لم تدع باسمك لأنهم أكلوا يعقوب أكلوه و أفنوه و أخربوا مسكنه
ع23: يعلن إرميا نيابة عن شعب الله ضعفه كإنسان لا يستطيع أن يعرف طريق الحياة الأبدية إلا بمعونة الله.
ع24: يعلن أيضاً توبته وحاجته إلى العقاب كتأديب من الله حتى يرجع إليه، وهو تأديب الأب لابنه دون أن يهلكه أى تأديب برحمته. والمقصود بالحق هو المحبة الأبوية والرحمة، أما الغضب فيقصد به العقاب لإهلاك الأشرار.
ع25: إن كان الله قد سمح للأمم فى شكل بابل أن تؤدب شعب الله حتى يتوب، ولكنه سيعاقبهم بعد ذلك بغضب شديد لإهلاكهم؛ لأنهم مصرون على رفض الله والإيمان به، فتأديب الله لأولاده حتى يتوبوا، أما غضبه على الأمم الأشرار فلإهلاكهم. أشكرك يا رب لأنك حنون علىّ حتى فى عقابك لتدعونى إلى التوبة، فانزع بالتأديب كل ميول داخلى إلى الشر لأعرفك وأحبك، وأتقدم فى طريقك إلى الملكوت.