مقاومة فشحور لإرميا
(1) ارتعاد فشحور لضربه إرميا (ع1-6):
1- و سمع فشحور بن إمير الكاهن و هو ناظر أول في بيت الرب إرميا يتنبأ بهذه الكلمات.
2- فضرب فشحور إرميا النبي و جعله في المقطرة التي في باب بنيامين الأعلى الذي عند بيت الرب. 3- و كان في الغد أن فشحور أخرج إرميا من المقطرة فقال له إرميا لم يدع الرب اسمك فشحور بل مجور مسابيب. 4- لأنه هكذا قال الرب هأنذا أجعلك خوفاً لنفسك و لكل محبيك فيسقطون بسيف أعدائهم و عيناك تنظران و أدفع كل يهوذا ليد ملك بابل فيسبيهم إلى بابل و يضربهم بالسيف.
5- و أدفع كل ثروة هذه المدينة و كل تعبها و كل مثمناتها و كل خزائن ملوك يهوذا أدفعها ليد أعدائهم فيغنمونها و يأخذونها و يحضرونها إلى بابل. 6- و أنت يا فشحور و كل سكان بيتك تذهبون في السبي و تأتي إلى بابل و هناك تموت و هناك تدفن أنت و كل محبيك الذين تنبأت لهم بالكذب.
ع1: فشحور بن إمير : كاهن متقدم فى الهيكل ومعنى اسمه “مثمراً من كل جانب” ناظر أول. كاهن رئيس فى بيت الرب.
هذه الكلمات : كلمات إرميا بالخراب لأورشليم والهيكل التى أعلنها فى الأصحاح السابق (ص19: 15).
كان فشحور أحد المتقدمين والرؤساء فى الكهنة وسمع نبوات إرميا التى تعلن شر الكهنة والأنبياء وغضب الله عليهم.
المقطرة : لوح خشبى يقيد فيه اليدين والقدمين ويكون الإنسان مستلقياً على ظهره وذلك داخل السجن.
اغتاظ فشحور من توبيخات إرميا للكهنة والأنبياء الكذبة. فضربه ووضعه فى السجن وربطه بالمقطرة مهملاً لكون أرميا كاهناً مثله ودون أى محاكمات رسمية له معتمداً على كرامة الكهنة والرؤساء له فلن يعترض أحد على هذا الظلم، وكان هذا السجن بجوار أحد أبواب الهيكل الذى يسمى باب بنيامين فى حجرة علوية.
ع3: مجور مسابيب : رعب من كل جانب أو رحيل.
بعد أن سجن فشحور إرميا لمدة يوم أخرجه وهو يتوقع أن يكون إرميا قد خاف من الضرب والسجن ولكنه فوجئ به يوبخه بشجاعة معلناً نبوة الله عليه بتغيير اسمه من فشحور إلى مجور مسابيب أى من مثمر فى كل جانب إلى رعب من كل جانب والبعض يفسرون الاسم بأنه رحيل. وهذا معناه أن فشحور سيكون مرتعداً ارتعاداً عظيماً أمام الهجوم البابلى وسيرحل ويسبونه بعيداً عن أورشليم.
كن شجاعاً مهما كانت تهديدات من يسيئون إليك واطلب معونة الله فتستطيع أن تعلن صوته فيخاف منك الناس ومن إلهك مهما ظهرت قوتهم أو بدا ضعفك. فأنت أقوى من الجميع بقوة الله التى معك.
ع4: خوفاً لنفسك : يصدر الخوف من داخلك.
أنذره إرميا بالخوف الشديد الذى سيملأ قلبه فيثير الرعب فى قلوب كل من حوله عندما تهجم جيوش بابل عليهم وتقتلهم بالسيف.
ع5: وسيستولى البابليون على كل ثروات رجال يهوذا ويأخذونها إلى بابل سواء الفضة أو الذهب أو الحيوانات الثمينة وكل شئ له قيمة فيتركونها خراباً ويدمرونها.
ع6: يظهر من هنا أن فشحور لم يكن فقط كاهناً لكن من الأنبياء الكذبة أيضاً لذا تنبأ عليه إرميا بأنه سيسبى هو وكل محبيه إلى بابل ويظل هناك حتى يموت.
(2) محاولة إرميا السكوت (ع7-9):
7- قد أقنعتني يا رب فأقتنعت و ألححت علي فغلبت صرت للضحك كل النهار كل واحد استهزأ بي. 8- لأني كلما تكلمت صرخت ناديت ظلم و اغتصاب لأن كلمة الرب صارت لي للعار و للسخرة كل النهار. 9- فقلت لا أذكره و لا أنطق بعد باسمه فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك و لم أستطع.
ع7: ضعف إرميا أمام الضرب والسجن وشعر أن الله تخلى عنه ولم ينفذ وعوده بحمايته فعاتب الله الذى أقنعه بأنه سيحميه وألح عليه أن يخرج ليعلن اسمه ويوبخ الكل حتى يتوبوا لكن للأسف سخر منه الكل وضحكوا عليه بل قاوموه وضربوه وسجنوه فتشكك إرميا فى رسالته وحاول التخلى عنها.
ع8: وكلما نادى إرميا بكلام الله وصار موبخاً الكل حتى يتوبوا وغضب الكل منه، وسخروا من كلامه وتمادوا فى ظلمهم وشرهم. وإذ لم يجد ثمراً لكلامه شعر أن خدمته بلا فائدة ولعله فكر أن يعبد الله بهدوء ويترك هذه الخدمة الشاقة.
ع9: عندما حاول إرميا السكوت عن إعلان كلام الله شعر بكلام الله داخله كالنار التى تحرقه فلم يستطع الاستمرار فى إمساكها وعدم التبشير بها واضطر أن يستسلم فى النهاية لله ويواصل خدمته واثقاً أن هذه هى إرادة الله.
إذا لم تجد ثمراً لخدمتك فلا تنزعج بل واصل تقديم المحبة ودعوة الآخرين بالارتباط بالكنيسة وثق أن الثمار ستأتى فى الوقت المناسب مهما تأخر. فاطلب معونة الله ليسندك ويعزى قلبك.
(3) تسبيح الله المساند (ع10-13):
10- لأني سمعت مذمة من كثيرين خوف من كل جانب يقولون اشتكوا فنشتكي عليه كل أصحابي يراقبون ظلعي قائلين لعله يطغى فنقدر عليه و ننتقم منه. 11- و لكن الرب معي كجبار قدير من أجل ذلك يعثر مضطهدي و لا يقدرون خزوا جداً لأنهم لم ينجحوا خزياً أبدياً لا ينسى.
12- فيا رب الجنود مختبر الصديق ناظر الكلى و القلب دعني أرى نقمتك منهم لأني لك كشفت دعواي. 13- رنموا للرب سبحوا الرب لأنه قد أنقذ نفس المسكين من يد الأشرار.
ع10: ظلعى : عرجى أى خطأ يخرج منى بالانحراف عن الصواب.
يطغى : يتجاوز حدوده ويخطئ فى حق الله والناس.
بدأ إرميا يستعيد حماسه للخدمة ولكنه شاهد مقاومات كثيرة من كل من حوله الذين يلومونه ويهددونه ويخيفونه ويحاولون جمع شكاوى ضده ويراقبونه ليصطادوا أى خطأ عليه حتى ينتقموا منه.
ع12: يرفع إرميا قلبه بإيمان نحو الله الذى يشعر بقدرته فيناديه رب الجنود بعد أن فهم أن الضيقات التى مرت به كانت لاختبار إيمانه وثباته وهو يعرف قلوب البشر ويطيل أناته ولكنه فى النهاية ينتقم من الأشرار. وإرميا بهذا يعلن إيمانه بالله ورغبته فى إظهار خطأ الشر وثبات الصلاح والبر وليس قصده كراهية لأعدائه لأنه يحبه بأبوه كما يظهر من الأصحاحات السابقة.
ع13: آمن إرميا بأن الله سيخلصه من أيدى مقاوميه رغم أنهم مازالوا يخيفونه ويهددونه. وفى فرحه بإلهه الذى يسانده يدعو كل البشر لتسبيح الله القدير الذى يحمى أولاده.
عندما تحل بك أى ضيقة قف أمام الله فى الصلاة واطلب معونته فيثبت إيمانك ويتجدد رجاؤك بل يتعزى قلبك ويفرح وتستطيع بعد ذلك أن تساند الآخرين المتضايقين وتثبت إيمانهم.
(4) ضعف النبى (ع14-18):
14- ملعون اليوم الذي ولدت فيه اليوم الذي ولدتني فيه أمي لا يكن مباركاً. 15- ملعون الإنسان الذي بشر أبي قائلاً قد ولد لك ابن مفرحا إياه فرحا. 16- و ليكن ذلك الإنسان كالمدن التي قلبها الرب و لم يندم فيسمع صياحاً في الصباح و جلبة في وقت الظهيرة. 17- لأنه لم يقتلني من الرحم فكانت لي أمي قبري و رحمها حبلى إلى الأبد. 18- لماذا خرجت من الرحم لأرى تعباً و حزناً فتفنى بالخزي أيامي
ع14: عاد إرميا فتأثر بمقاومة كل الناس له فتمنى لو لم يكن قد ولد حتى لا يقابل كل هذه المتاعب التى شعر أنها فوق طاقته.
ع15: من غمه أيضاً لعن التبشير بميلاده إذ من كثرة ضيقه شعر أنه ولد للغم لا للفرح.
ع16: جلبة : ضوضاء.
من كثرة ضيقة تمنى من أن المبشر بميلاده قد مات ولم يبشر بهذا الميلاد وشبه موته بقلب بمدنتى سدوم وعمورة (قديماً) وسماع صياح البشر وهم يحترقون فيها.
ع17: تمنى أن الله يقتله وهو جنين فى بطن أمه فيصير بطنها قبراً له ويقال عن أمه أنها حبلت فقط ولم تلد.
ع18: فى حزن يقول إرميا لماذا ولدت حتى أقابل كل هذه المتاعب والإهانات والخزى من كل من حولى.
سجل لنا الكتاب المقدس ضعفات الأنبياء حتى لا نيأس إذا حاربتنا أفكار اليأس والتذمر ولكن نعود إلى إيماننا لأن أكبر الأنبياء تعرضوا لأفكار اليأس ولكنهم تغلبوا عليها.
هذا الكلام قاله إرميا فى قلبه ولكن ليس من الضرورى أن يكون أعلنه لأحد وسجله الكتاب المقدس لنا ليشجعنا مهما كانت خطايانا. إن حاربتك أفكار الشك أو اليأس أو التذمر فلا تنزعج بل اطلب معونة الله وقاوم هذه الأفكار بترديد المزامير فتخرج من تحتها وتستعيد إيمانك بل تصير أقوى مما كنت.