تابع نبوات عن بابل
(1) معاقبة بابل (ع1- 14):
1- هكذا قال الرب هأنذا أوقظ على بابل و على الساكنين في وسط القائمين علي ريحا مهلكة. 2- و أرسل إلى بابل مذرين فيذرونها و يفرغون أرضها لأنهم يكونون عليها من كل جهة في يوم الشر. 3- على النازع في قوسه فلينزع النازع و على المفتخر بدرعه فلا تشفقوا على منتخبيها بل حرموا كل جندها. 4- فتسقط القتلى في أرض الكلدانيين و المطعونون في شوارعها. 5- لأن إسرائيل و يهوذا ليسا بمقطوعين عن إلههما عن رب الجنود و إن تكن أرضهما ملآنة إثما على قدوس إسرائيل. 6- أهربوا من وسط بابل و أنجوا كل واحد بنفسه لا تهلكوا بذنبها لأن هذا زمان إنتقام الرب هو يؤدي لها جزاءها. 7- بابل كأس ذهب بيد الرب تسكر كل الأرض. من خمرها شربت الشعوب من أجل ذلك جنت الشعوب. 8- سقطت بابل بغتة و تحطمت ولولوا عليها خذوا بلسانا لجرحها لعلها تشفى. 9- داوينا بابل فلم تشف. دعوها و لنذهب كل واحد إلى أرضه لأن قضاءها وصل إلى السماء و أرتفع إلى السحاب. 10- قد أخرج الرب برنا هلم فنقص في صهيون عمل الرب إلهنا. 11- سنوا السهام. أعدوا الأتراس. قد أيقظ الرب روح ملوك مادي لأن قصده على بابل أن يهلكها لأنه نقمة الرب نقمة هيكله. 12- على أسوار بابل أرفعوا الراية. شددوا الحراسة. أقيموا الحراس. أعدوا الكمين لأن الرب قد قصد و أيضا فعل ما تكلم به على سكان بابل. 13- أيتها الساكنة على مياه كثيرة الوافرة الخزائن قد أتت آخرتك كيل اغتصابك. 14- قد حلف رب الجنود بنفسه إني لأملأنك أناس كالغوغاء فيرفعون عليك جلبة.
ع1: يعلن الله أن بابل القائمة على الله وعلى شعبه سيهيج عليها ريحاً شديدة هي مملكة مادى وفارس فتدمرها، وهنا يظهر الله ضابط الكل الذي يستخدم قوة الأرض لتنفيذ مشيئته. فيستخدم بابل لتأديب شعبه والأمم ثم يستخدم مادى وفارس لتأديب بابل لعل الكل يتوبون.
ع2: يشبه مادى وفارس، ليس فقط بريح مهلكة، بل بمذرين، أي الذي يفصلون الحبوب عن القش بواسطة آلة تسمى المذراة. ولأن بابل ليس فيها أي صلاح الذي يُرمَز إليه بالحبوب لذا فالمذرين يذرون القش فيطير بعيداً وتصبح بابل فارغة لأن الحبوب تسقط قريباً والقش يطير بعيداً، أي أن مادى وفارس يخربون بابل فتصبح مهجورة. ويوضح أن مادى وفارس ستحاصر بابل من جميع الجوانب، فتقتل من فيها ويهرب القليلون منها.
ع 3 : منتخبيها : أبطالها.
حرموا : اقتلوا
ينادي الله مادىوفارس لقتل جنود بابل، سواء الذين يضربون السهام بالقوس أو الذين يلبسون الدروع لتحميهم ويهاجمون بالسيوف والرماح، فتقتل مادى وفارس الجبابرة أبطال بابل.
ع 4 : وهكذا تمتلئ بابل من جثث القتلى في كل الشوارع
ع 5 : يوضح هنا الله أنه وإن أخطأ اليهود في مملكتي يهوذا وإسرائيل بعبادة الأوثان أو الشهوات وأغضبوا إلههم، لكنه يحبهم إذ هم مؤمنون باسمه دون جميع الشعوب، فهو يؤدبهم بابل ثم يعاقب بابل التي كانت قاسية عليهم ويطالبها بكل دماء شعبه.
ع 6 : ينادي الله شعبه وكل الأمم الذين يقبلون نبواته على فم إرميا ليهربوا من بابل لأنها ستخرب، وكل من صدق كلام الله وهرب نجا من الموت.
ع 7 : يشبه الله بابل بكأس ذهبية من أجل كثرة غناها، ولكنها بيد الرب خالقها، يستخدمها لتأديب شعبه والأمم، وإذ لا تتوب يؤدبها. وخطيئة بابل أنها لم تفعل الشر فقط، بل أعثرت الأمم بخطاياها ويشبه ذلك بكأس مملوء خمراً تسقى كل الأمم فتغويهم وتسقطهم في الشر. بل من انغماس الأمم في الشر فقدت ملكها وصارت كالمجنونة.
ع 8 : بلساناً : دواء يؤخذ من نبات كان ينمو في جنوب فلسطين.
ينادي الله الملائكة ليحضروا دواءً لبابل لعلها تشفى، ولكنها رفضت كلام الله على فم الأنبياء، فلم تجد دواء ينفعها، لكن شعب الله قبل الدواء، أي تاب، فأرجعهم سالمين إلى بلادهم في بداية حكم مادى وفارس. وهكذا تحطمت بابل أما شعب الله فعاد ليعبده في أورشليم.
ع 9 : أدرك شعب الله إصرار بابل على الشر ورفضها التوبة، فتركوها ونجوا بأنفسهم وعادوا إلى أورشليم
ع 10 : صهيون : أورشليم
فرح شعب الله بإعادته لهم من السبى وغفرانه لخطاياهم، فرجعوا إلى أورشليم يخبرون بإنقاذ الله لهم عندما تابوا وإعادته لهم ليعبدوه في هيكله.
ع 11 : ينادي الله جنود مادى وفارس ليستعدوا حتى يحاربوا بابل وينتقموا منها منفذين إرادة الله من أجل ظلمهم لشعبه.
ع 12 : يستكمل كلامه مع جنود مادى وفارس لمحاصرتها وإقامة حراس حولها وإعداد كمين يقتحم المدينة من تحت أسوارها، من خلال مجرى نهر الفرات الذي جففوه.
ع 13 : يعاتب بابل التي اعتمدت على غناها بوفرة مياهها من خلال نهر الفرات العظيم الذي يمر فيها وكثرة الفضة والذهب في خزائنها وينذرها بأنها ستغتصب بيد مادى وفارس، فيكيل الله عليها الدمار وهكذا يشبه الدمار بكيل ممتلئ شراً وغصباً يسكبه عليها.
ع 14 : الغوغاء : الجراد.
جلبة : ضوضاء.
يختم الله كلامه في معاقبة بابل بأن جيوش بابل ستهجم عليهم بكثرة كالجراد وبضوضاء شديد فتخربها
لا تعتمد على قوتك أو غناك فكل هذا زائل، ولا تستهن بالشر لأن الله يراقب كل شيء إرجع إليه بالتوبة واتكل عليه وثق في محبته أنه يقبلك مهما كانت خطاياك.
[2] الله وليس سواه (ع 15 – 26):
15- صانع الأرض بقوته و مؤسس المسكونة بحكمته و بفهمه مد السماوات. 16- إذا أعطى قولا تكون كثرة مياه في السماوات و يصعد السحاب من أقاصي الأرض. صنع بروقا للمطر و أخرج الريح من خزائنه. 17- بلد كل إنسان بمعرفته. خزي كل صائغ من التمثال لأن مسبوكه كذب و لا روح فيه. 18- هي باطلة صنعة الأضاليل. في وقت عقابها تبيد. 19- ليس كهذه نصيب يعقوب لأنه مصور الجميع و قضيب ميراثه رب الجنود اسمه. 20- أنت لي فأس و أدوات حرب فأسحق بك الأمم و أهلك بك الممالك. 21- و أكسر بك الفرس و راكبه و أسحق بك المركبة و راكبها.
22- و أسحق بك الرجل و المراة و أسحق بك الشيخ و الفتى و أسحق بك الغلام و العذراء.
23- و أسحق بك الراعي و قطيعه و أسحق بك الفلاح و فدانه و أسحق بك الولاة و الحكام.
24- و أكافئ بابل و كل سكان أرض الكلدانيين على كل شرهم الذي فعلوه في صهيون أمام عيونكم يقول الرب. 25- هأنذا عليك أيها الجبل المهلك يقول الرب المهلك كل الأرض فأمد يدي عليك و أدحرجك عن الصخور و أجعلك جبلا محرقا. 26- فلا يأخذون منك حجرا لزاوية و لا حجرا لأسس بل تكون خرابا إلى الأبد يقول الرب.
ع 15: يسبح إرميا الله خالق الكون كله، وما يذكره هنا من (ع 15 – 19) هو تكرار لما سبق وذكره في (ص 10 : 12 – 16). فهو خالق السماء والأرض والمسكونة كلها.
ع 16 : الله أيضاً هو محرك كل شيء في الكون، فيحرك الرياح لتسقط الأمطار ويعطي أمراً للبروق فتخرج بلمعانها وتسقط الأمطار معها ويشبه قوة الله ضابط الكل بخزائن يحتفظ فيها بالرياح ويأمرها فتخرج منها.
ع : 17 ، 18 : بلد : أصبح جاهلاً وغبياً.
أمام عظمة الله وعلمه، يظهر جهل الإنسان، فمعرفته محدودة جداً أمام حكمة الله غير المحدودة، ويظهر جهل الإنسان في تصويره آلهة بشكل أصنام لا قوة فيها، وبالتالي يشير هنا إلى ضعف بابل المتكلة على الأصنام أمام قوة الله غير المحدودة. فكل التماثيل التي صاغها الصناع باطلة ويظهر ضعفها أنها لا تعين أصحابها في الضيقات مثل هجوم مادى وفارس على بابل وتدميرهم لها.
ع 19: هذه أصنام بابل التي بلا قوة، أما شعب الله إسرائيل فملكهم الذي يشير إليه بالقضيب الذي يمسكه الملك في يده فقوي جداً يغلب كل قوة العالم وينجي شعبه المتكل عليه الذين هم ميراثه، أي ملكه والتابعين له. وهو أيضاً ميراثهم، إذ يرثون فيه ملكوت السموات.
ع 20 : بعد انتهاء التسبحة المقدمة لله، يخاطب دولة عظيمة يشبهها بفأس تحطم في الحرب كل من يقابلها وهي :
1- إما دولة مادى وفارس التي حطمت بابل واستولت على كل دول العالم.
2- أو بابل التي حطمت دول العالم ثم يعاقبها الله في (ع 24)
ع 21 : هذه الفأس تحطم كل القوى العسكرية لدول العالم المتمثلة في الخيل والمركبات الحربية.
ع 22 : يقتل بهذه الفأس جميع الناس رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، وكل الشباب.
ع 23 : ويقتل أيضاً ويخرب أنواع الحرف المختلفة، سواء الرعاة وقطعانهم، أو الفلاحين وزراعاتهم. بل ويقتل أيضاً ررؤساء هذه الدول.
ع 24 : يقرر الله أنه سيعاقب بابل على كل شرورها وظلمها لشعبه في أورشليم.
ع 25 : يشبه بابل العظيمة بجبل يتشامخ بكبريائه، فيحرقه الله ويدحرجه مثل حجر صغير، أي تصير بابل في منتهى الضعف. فكما أهلك سائر الأرض، تهلك بابل الآن بسبب شرها.
ع 26 : تصبح حجارة هذا الجبل بلا فائدة ولا تصلح حجارة لبناء جديد، سواء حجارة قوية لوضعها في زاوية الحائط أو حتى حجارة عادية لأي بناء، أي تصبح بابل خربة ومهجورة، ولا تصلح لسكن أي إنسان.
تأمل عظمة الله في الخليقة لتسبحه وتمجده وتتكل عليه وتفرح بوجوده معك، فلا تعود تضطرب لتحركات الآخرين وتهديداتهم بل تحيا مطمئناً في حضن إلهك.
[3] الشعوب تحطم بابل (ع 27 – 33)
27- ارفعوا الراية في الأرض اضربوا بالبوق في الشعوب قدسوا عليها الأمم نادوا عليها ممالك أراراط و مني و أشكناز. أقيموا عليها قائدا أصعدوا الخيل كغوغاء مقشعرة. 28- قدسوا عليها الشعوب ملوك مادي ولأتها و كل حكامها و كل أرض سلطانها. 29- فترتجف الأرض و تتوجع لأن أفكار الرب تقوم على بابل ليجعل أرض بابل خرابا بلا ساكن. 30- كف جبابرة بابل عن الحرب
وجلسوا في الحصون. نضبت شجاعتهم صاروا نساء حرقوا مساكنها تحطمت عوارضها.
31- يركض عداء للقاء عداء و مخبر للقاء مخبر ليخبر ملك بابل بأن مدينته قد أخذت عن أقصى. 32- وأن المعابر قد أمسكت و القصب أحرقوه بالنار و رجال الحرب اضطربت. 33- لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل إن بنت بابل كبيدر وقت دوسه بعد قليل يأتي عليها وقت الحصاد.
ع 27 : أراراط : منطقة في أرمينيا شمال بحيرة فان.
منى : منطقة بجوار أراراط في أرمينيا.
أشكناز : هم شعب نسل جومر حفيد يافث (تك 10 : 3) يسكنون في أرمينيا.
يحدث الله مادى وفارس لتنادي على الشعوب المحيطة بها والتي أخضعتها مادى قبلاً بسلطانها لتخرج معها حتى تحارب بابل، فيرفع القائد المادي راية الحرب وتتبعه الشعوب لمهاجمة بابل. والمقصود أن أعداداً ضخمة من الجنود حاربت بابل وخربتها.
ع 28 : قدسوا : خصصوا
والخلاصة أن كل الشعوب التابعة لسلطان مادى ستهاجم بابل، إذ أصبحت مادى هي أقوى دولة في العالم وقتذاك واتحدت بها فارس وخضعت لها شعوب كثيرة سحقت بها ممالك الأرض التي أولها بابل.
ع 29 : يصور عظمة الهجوم المادى على بابل بأن الأرض تهتز وترتجف تحت أقدام الجنود المحتشدة حول بابل لتدميرها وذلك لأن الله ضابط الكل أراد معاقبة بابل.
ع 30 : نضبت : أي جفت والمقصود ضعفت جداً شجاعتهم أي صاروا بلا قوة.
عوارضها : الأخشاب التي تسند أعمدة البيت وتغطيه كسقف.
خاف أبطال بابل أي قادة جيوشها وعجزوا عن الحرب وهربوا ملتجئين إلى حصونهم وضاعت منهم شجاعتهم، فصاروا في ضعف النساء إذ رأوا بيوتهم وقصورهم قد احترقت بالنار.
ع 31 : عندما تحدث أي حرب، يسرع الجنود القادرون على الجرى سريعاً ليخبروا الملك بنتيجة الحرب. وهنا يجري العّداء أي سريع الجري ليعطي الخبر لعداء آخر فيصل الخبر سريعاً إلى الملك بسقوط بابل من أقصى المدينة إلى أقصاها، أي سقطت كلها.
ع 32 : وأخبروا الملك أن الطرق المؤدية إلى المدينة قد سيطر عليها الأعداء، وأنه عندما التجأ الجنود البابليون لأعواد القصب للاختفاء بينها، أحرق الأعداء القصب ليقضوا على الكل، وأصبح الجيش البابلي كله في ضعف واضطراب.
ع 33 : يشبه بابل ببيدر، وهو المكان المتسع الذي تدرس فيه الحبوب بواسطة النوارج التى تجرها الحيوانات، أي أن بابل تدوسها أقدام الأعداء لتقتل من فيها وتقطع رؤوسهم عن أجسادهم بالسيوف كما تفصل الحبوب عن القش بالمدراس. وهكذا ستحصد رؤوس كل سكانها وتخرب المدينة تماماً. وكما خرَّبت بابل مملكة يهوذا ومصر وموآب، هكذا ستُخرب هي أيضاً. (ص 4 : 7).
لا تغضب الله بأفعالك لئلا يسمح بقيام الكل عليك ليضايقونك فإن أخطأت إرجع إليه سريعاً بالتوبة لأنه رحيم وطويل الأناة
[4] تدمير بابل لأنها ظلمت شعب الله (ع 34 – 40)
34- أكلني أفناني نبوخذراصر ملك بابل. جعلني إناء فارغا. أبتلعني كتنين و ملأ جوفه من نعمي طوحني. 35- ظلمي و لحمي على بابل تقول ساكنة صهيون و دمي على سكان أرض الكلدانيين تقول أورشليم. 36- لذلك هكذا قال الرب هأنذا أخاصم خصومتك و أنتقم نقمتك و أنشف بحرها و أجفف ينبوعها. 37- و تكون بابل كوما و ماوى بنات آوى و دهشا و صفيرا بلا ساكن. 38- يزمجرون معا كأشبال. يزئرون كجراء أسود. 39- عند حرارتهم أعد لهم شرابا وأسكرهم لكي يفرحوا و يناموا نوما أبديا و لا يستيقظون يقول الرب. 40- أنزلهم كخراف للذبح و ككباش مع أعتدة.
ع 34 : تصرخ يهوذا كأنثى ضعيفة أمام قسوة البابليين فتقول أن نبوخذ نصر ملك بابل قد أكل خيراتها ودمرها وابتلع كل مجدها كتنين يبتلع ويفترس أي شيء أمامه وشرب كل خيراتها فصارت إناءً فارغاً، وطوَّح كل سكانها الذين هربوا من سيوف جنوده.
ع 35 : تتوجع مملكة يهوذا معلنة أنها مظلومة وأن بابل ستحاسب على دماء يهوذا التي سالت في الشوارع.
ع 36 : يخرج الله ليدافع عن شعبه، فيصير خصماً لبابل بدلاً من شعبه الضعيف، فيمنع عن بابل خيراتها بتجفيف نهر الفرات الذي اعتمدت خيرات بابل عليه عندما حولت مادى نهر الفرات وجففته.
37 : عندما يخرب الله بابل، تصبح أكواماً من الحجارة ومهجورة لا يسكنها إنسان بل الوحوش مثل بنات آوى، ويتعجب كل من يمر بها، إذ كيف خربت أعظم مدن العالم، ويعرف أن السبب هو شرها.
ع 38 : جراء أسود : أشبال أو صغار الأسود.
يهاجم بابل جنود مادى، فتكون كصغار الأسود التي تفترس كل من يقابلها وتلتهم كل خيرات بابل وتصرخ عليها صراخاً مرعباً.
عند حرارتهم : عند هياجهم باللذات من الأكل والشرب احتفالاً بإلههم.
ع 39 : كان البابليون يحتفلون بعيد إلههم بال، ويشربون الخمر مع ملكهم، وإذ هم في لذة الشهوات هجم عليهم الماديون فشربوا غضب الله وماتوا لينتهوا إلى العذاب الأبدي لأجل شرورهم.
ع 40 : أعتدة : جمع عتاد وهي أسلحة الحرب وكل ممتلكات الإنسان.
يصبح البابليون مثل الخراف والكباش أمام قوة الماديين فيذبحونهم ويأخذون ممتلكاتهم وخيراتهم.
كن عادلاً في تصرفاتك مع من حولك حتى لو كانوا بلا قوة. لا تظلم أحداً وأعط الكل حقه ليس فقط في المال بل في الكلام والتعبير عن نفسه وراحته ولا تفرح أنك نلت بأنانيتك ما تريده على حساب الآخرين لأنك ستحاسب على كل هذا.
[5] خراب بابل ونجاة شعب الله ( ع 41 – 53) :
41- كيف أخذت شيشك و أمسكت فخر كل الأرض كيف صارت بابل دهشا في الشعوب. 42- طلع البحر على بابل فتغطت بكثرة أمواجه. 43- صارت مدنها خرابا أرضا ناشفة و قفرا أرضا لا يسكن فيها إنسان و لا يعبر فيها ابن آدم. 44- و أعاقب بيل في بابل و أخرج من فمه ما ابتلعه فلا تجري إليه الشعوب بعد و يسقط سور بابل أيضا.45- أخرجوا من وسطها يا شعبي و لينج كل واحد نفسه من حمو غضب الرب. 46- و لا يضعف قلبكم فتخافوا من الخبر الذي سمع في الأرض فإنه يأتي خبر في هذه السنة ثم بعده في السنة الأخرى خبر و ظلم في الأرض متسلط على متسلط. 47- لذلك ها أيام تأتي و أعاقب منحوتات بابل فتخزى كل أرضها و تسقط كل قتلاها في وسطها. 48- فتهتف على بابل السماوات و الأرض و كل ما فيها لأن الناهبين يأتون عليها من الشمال يقول الرب. 49- كما أسقطت بابل قتلى إسرائيل تسقط أيضا قتلى بابل في كل الأرض. 50- أيها الناجون من السيف اذهبوا لا تقفوا اذكروا الرب من بعيد و لتخطر أورشليم ببالكم.
51- قد خزينا لأننا قد سمعنا عارا غطى الخجل وجوهنا لأن الغرباء دخلوا مقادس بيت الرب.
52- لذلك ها أيام تأتي يقول الرب و أعاقب منحوتاتها و يتنهد الجرحى في كل أرضها. 53- فلو صعدت بابل إلى السماوات و لو حصنت علياء عزها فمن عندي يأتي عليها الناهبون يقول الرب.
ع 41 : شيشك : الغاطسة في الماء والمقصود بابل التي على نهر الفرات أي حولها مياه كثيرة.
يظهر الله تبدل الأحوال ببابل العظيمة التي كانت تفتخر على كل بلاد العالم وكيف انهارت وتخربت لأجل كبريائها وشرورها.
ع 42 : يشبه هجوم مادى وفارس بالبحر الهائج الذي يغطي بابل فيغرقها أي يدمرها إذ كانت جنود مادى ومن يتبعها كثيرة جداً كأنها البحر.
ع 43 : بعد تخريب بابل ستصبح مهجورة لا يسكن فيها إنسان.
ع 44 : كان رمز قوة بابل هو إلهها بيل، فكانت بابل تظلم وتأكل كل الشعوب ويرمز إليها بالإله بيل الذي أكل كل الشعوب ولكنه لا شيء أمام قوة الله وهو مجرد تمثال يقدمون له الحيوانات ليأكلها، والحقيقة أن كهنته هم الذين يأكلونها (دا 13)، أي يُعلن الله ضعف بابل وإلهها الذي يتحطم وكذلك أسوارها العظيمة التي تفتخر بها على كل الشعوب تتكسر وتتهدم.
ع 45 : ينادي على شعبه المقيم في بابل ليهرب فيها عند هجوم مادى وفارس عليها ولا يعتقد بقوتها التي تتباهى بها لأنها ستخرب فيهرب شعب الله منها بسرعة، كل هذه النبوات أعلنها الله قبل خراب بابل بحوالي 70 سنة ولم يصدقها أحد إلا شعبه الذين هربوا فنجوا أنفسهم بطاعتهم لله.
ع 46 : متسلط على متسلط : مادى وفارس تتسلط على بابل
يطمئن الله شعبه عندما يرون هجوم مادى وفارس على بابل ويعلن لهم أن الأخبار ستتوالى بتسلط مادى وفارس على العالم فلا ينزعجوا بسقوط بابل وتسلط مادى وفارس لأن الله سيعيدهم إلى بلادهم في بداية حكم مادى وفارس.
ع 47 : بهجوم مادى وفارس يحطمون بابل وآلهتها أي أصنامها ليعلنوا أن آلهتهم أقوى من آلهة بابل ويقتلوا رجال بابل ويخزي كل من يبقى حياً منهم.
ع 48 : لأن الله هو الذي أمر بتخريب بابل فإن السموات والأرض تفرحان بهذا، والأرض ترمز لمدن العالم التي ظلمتها بابل فيشمتون فيها عند خرابها أما السموات فترمز للملائكة الذين يفرحون بإزالة الشر ومعاقبته، وسيكون هجوم مادى وفارس على بابل من الشمال.
ع 49 : يبين الله هنا أن عقاب بابل هو بسبب ظلمها لشعب الله، وكما قتلت رجال شعب الله يقتل مادى وفارس رجال بابل.
ع 50 : يكلم شعب الله الهاربين من بابل ليُسرعوا في الهرب ويفكروا في الرجوع إلى أورشليم لتجديد هيكلها وتقديم العبادة لله.
ع 51 : يُذكر الله شعبه بالخزي الذي شعروا به عند مهاجمة بابل لأورشليم ودخولهم هيكل الله وتخريبه.
ع 52 : بسبب تدنيس بابل لهيكل الله يحطم الله أصنامها بيد مادى وفارس ويقتل ويجرح سكانها.
ع 53 : يقرر الله في النهاية أنه مهما تكبرت بابل واعتمدت على قوتها وعظمتها فالله سيعاقبها ويدمرها.
اهرب من الشر ومخالطة الأشرار وأماكنهم التي تعثرك وكل ما يًُسقطك في الخطية لأن هربك هذا معناه إيمانك بالله والطهارة فسيساعدك الله ويباركك ويُبعد عنك كل شر.
[6] تحطيم بابل العظيمة (ع 54 – 58) :
54- صوت صراخ من بابل و انحطام عظيم من أرض الكلدانيين. 55- لأن الرب مخرب بابل و قد أباد منها الصوت العظيم و قد عجت أمواجهم كمياه كثيرة و أطلق ضجيج صوتهم. 56- لأنه جاء عليها على بابل المخرب و أخذ جبابرتها و تحطمت قسيهم لأن الرب إله مجازاة يكافئ مكافأة. 57- و أسكر رؤساءها و حكماءها و ولاتها و حكامها و أبطالها فينامون نوما أبديا و لا يستيقظون يقول الملك رب الجنود اسمه. 58- هكذا قال رب الجنود إن أسوار بابل العريضة تدمر تدميرا وأبوابها الشامخة تحرق بالنار فتتعب الشعوب للباطل و القبائل للنار حتى تعيا.
ع 54 ، 55 : يصف الله ما سيحدث في بابل عند هجوم مادى وفارس عليها فيعلوا صوت تحطيم منازلها وأسوارها ويصاحبه صراخ سكانها الذين يسقطون بالسيف ويُخربون وينتهي أصوات الكبرياء الصادرة من الملك والرؤساء ويحل محله صوت الخوف والخزي وصراخ الهاربين.
ع 56 : الله يعاقب بابل من أجل شرورها فيحطمها بواسطة مادى وفارس ويقتل جنودها الأبطال ويحطم أسلحتها الحربية.
ع 57 : يسقط كل رؤساء وعظماء بابل كمن شربوا خمراً كثيراً جداً فترنحوا وسقطوا على الأرض ولن يقوموا لأنهم ماتوا.
ع 58 : تعيا : تتعب تعباً شديداً
يُظهر ضعف البشر مهما كانت قوتهم فقد بذلت بابل جهداً كبيراً وأموالاً طائلة في بناء أسوارها ولكنها ستتحطم حتى تعرف جميع الشعوب أن الحماية من الله وليس من القوة المادية.
لا تضيع وقتك كله في أعمال العالم وتنسى هدفك وهو الله وإذا حاربك القلق اتجه إليه وليس إلى تحصيل الأموال وحشد قوى العالم فهي لن تحميك أو تطمئنك.
[4] قراءة النبوات في بابل (ع 59 – 64) :
59- الأمر الذي أوصى به إرميا النبي سرايا بن نيريا بن محسيا عند ذهابه مع صدقيا ملك يهوذا إلى بابل في السنة الرابعة لملكه و كان سرايا رئيس المحلة.60- فكتب إرميا كل الشر الآتي على بابل في سفر واحد كل هذا الكلام المكتوب على بابل. 61- و قال إرميا لسرايا إذا دخلت إلى بابل ونظرت و قرأت كل هذا الكلام. 62- فقل أنت يا رب قد تكلمت على هذا الموضع لتقرضه حتى لا يكون فيه ساكن من الناس إلى البهائم بل يكون خربا أبدية. 63- و يكون إذا فرغت من قراءة هذا السفر أنك تربط فيه حجرا و تطرحه إلى وسط الفرات. 64- و تقول هكذا تغرق بابل و لا تقوم من الشر الذي أنا جالبه عليها و يعيون إلى هنا كلام إرميا.
ع 59 : اختار إرميا رجلاً مؤمناً من اتباع الملك صدقيا وهو سرايا بن نيريا رئيس المحلة أي رئيس المدينة التي يحل فيها ويسكن فيها الشعب ويبدو أنه كان رئيساً على أورشليم وهو رجل تقي وأخو باروخ بن نيريا النبي كاتب نبوات إرميا وتلميذه. وكان سرايا ذاهباً مع الملك صدقيا للسنة الرابعة لملكه إلى بابل لتجديد عهوده وولائه لبابل مع أنه بعد رجوعه خالف عهده وبدأ يميل إلى ملك مصر.
ع 60 : كتب إرميا نبواته التي أعلنها عن بابل والمكتوبه في ص 50, 51، كتبها بنفسه في سفر أي قطعة كبيرة من الجلد أو ورق البردي. ولخطورة هذه النبوات كتبها إرميا بنفسه ولم يجعل باروخ يكتبها حتى لا يعرضه للخطر بهياج بابل عليه احتلال أرضه، وتحمل المسئولية مجاذفاً بحياته تنفيذاً لأوامر الله. وهنا تظهر أبوة إرميا وبذله كخادم.
ع 62 : طلب إرميا من سرايا عند دخوله إلى بابل أن يجمع اليهود الذين تم سبيهم إلى بابل ويقرأ عليهم كلمات هذا السفر ويؤكد أن بابل ستخرب.
وقد يبدو هذا الكلام لغير المؤمنين غريباً جداً فكيف دعى إرميا شعبه للخضوع لبابل والآن يعلن أنها ستخرب، والسبب طبعا هو قبول تأديب الله للخضوع لبابل حتى يتوبوا ثم عدم التعلق بخيرات بابل والاحتماء بها لأنها ستخرب بسبب شرها وينبغي أن يؤمنوا بالله ويحتموا به.
ع 63 : أمر إرميا بتأكيد خراب بابل بمثال توضيحى وهو أن يربط السفر المكتوب فيه النبوات بحجر ثم يلقيه أمام أعين الشعب في نهر الفرات معلناً أن بابل ستغرق هكذا أي تخرب. إن الله ينبهك لأحداث العالم حتى تتوب وترجع إليه فيظهر لك سقوط قوى العالم وعقاب الأشرار حتى لا تعتمد على العالم الشرير فتأمل أعمال الله التي أمامك لتؤمن به وتحيا معه.