مخالفة العهد بتحرير العبيد
(1) مصير صدقيا (ع1-7):
1- الكلمة التي صارت إلى إرميا من قبل الرب حين كان نبوخذناصر ملك بابل و كل جيشه وكل ممالك أراضي سلطان يده و كل الشعوب، يحاربون أورشليم و كل مدنها قائلة. 2- هكذا قال الرب إله إسرائيل اذهب و كلم صدقيا ملك يهوذا و قل له : هكذا قال الرب هأنذا أدفع هذه المدينة ليد ملك بابل فيحرقها بالنار. 3- و أنت لا تفلت من يده، بل تُمسك إمساكاً و تُدفع ليده و ترى عيناك عيني ملك بابل، و تكلمه فماً لفم، و تذهب إلى بابل. 4- و لكن اسمع كلمة الرب يا صدقيا ملك يهوذا هكذا قال الرب من جهتك : لا تموت بالسيف. 5- بسلام تموت و بإحراق آبائك الملوك الأولين الذين كانوا قبلك، هكذا يُحرقون لك و يُندبونك قائلين آه يا سيد لأني أنا تكلمت بالكلمة، يقول الرب. 6- فكلم إرميا النبي صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام في أورشليم. 7- اذ كان جيش ملك بابل يحارب أورشليم و كل مدن يهوذا الباقية لخيش و عزيقة لأن هاتين بقيتا في مدن يهوذا مدينتين حصينتين.
ع1: يحدد إرميا زمن النبوة وهو الحصار الأخير لأورشليم حيث حاصر نبوخذ ناصر بجيشه المدينة، وكان معه جنود من البلاد التى احتلها، فقد فاز فى كل معاركه وبقيت أورشليم التى يحاصرها الآن ليستولى عليها، هى وكل المدن التابعة لها فى مملكة يهوذا، وتم ذلك عام 587 ق.م.
ع2: أمر الله إرميا أن يذهب لمقابلة صدقيا ملك يهوذا، ويكرر عليه قرار الله بأن نبوخذناصر سيحتل أورشليم ويحرقها، وهى محاولة أخيرة من الله ليتوب صدقيا وكل شعبه فيرحمهم الله وينجيهم، ولكن رغم احترام الملك لإرميا لم يكن مطيعاً لكلام الله ولم يتب عن خطاياه.
ع3: تضيف هذه النبوة أمراً ثانياً، بعد قرار حرق أورشليم، هو القبض على صدقيا الملك بيد جنود نبوخذ ناصر، أما الأمر الثالث فهو وقوف صدقيا أمام نبوخذ ناصر ورؤيته له، والأمر الرابع هو نقل صدقيا إلى بابل التى لم يراها بعيناه لإنهم قد فقأوا عينيه عند القبض عليه.
ع4: نتيجة استماع صدقيا لكلام إرميا وتوقيره له يعطيه الله نعمة فلا يموت بالسيف، بل يظل فى بابل حتى يموت موتاً طبيعياً. هذا هو الأمر الخامس.
أن الله لا ينسى أى فضيلة تعملها، فإن كان يكافئ الأشرار ببركات مادية فى هذا العالم، فبالأحرى يكافئك على كل عمل خير تعمله ببركات ليست فقط أرضية بل بالأولى سماوية.
ع5: إحراق آبائك : كانت العادة قديماً عند موت أحد ملوك اليهود أنهم يعملون له حريقة (2أى16: 14) و(2أى21: 19).
يندبون : يقولون كلمات رثاء.
آه يا سيد : يمجدونك ويعظمونك.
النبوة السادسة هى تكريم صدقيا عند موته بما يلى :
- عمل حريقة له كعادة الملوك العظماء.
- يندبونه.
- يعظمونه عند موته.
ع6: أخبر إرميا صدقيا بهذه النبؤات الستة فى أورشليم.
ع7: لخيش عزيقة : مدينتان يهوديتان محصنتان تقعان جنوب أورشليم.
فيما كان نبوخذنصر يحاصر أورشليم حصارها الأخير، كان يحارب أيضاً المدينتين لخيش وعزيقة لأنهما فقط اللتان بقيتا من مدن يهوذا إذ استولى نبوخذنصر على كل مملكة يهوذا وبقى أن يستولى على أورشليم ولخيش وعزيقة.
(2) تحرير العبيد (ع8-11):
8- الكلمة التي صارت إلى إرميا من قبل الرب بعد قطع الملك صدقيا عهداً مع كل الشعب الذي في أورشليم لينادوا بالعتق. 9- أن يطلق كل واحد عبده و كل واحد أمته العبراني و العبرانية حرين حتى لا يستعبدهما، أي أخويه اليهوديين، أحد. 10- فلما سمع كل الرؤساء و كل الشعب الذين دخلوا في العهد أن يطلقوا كل واحد عبده، و كل واحد أمته حرين و لا يستعبدوهما بعد، أطاعوا و أطلقوا. 11- و لكنهم عادوا بعد ذلك فأرجعوا العبيد و الإماء الذين أطلقوهم أحراراً وأخضعوهم عبيداً و إماء.
ع8، 9: تهاون اليهود فى تنفيذ الناموس بعتق العبيد العبرانيين فى السنة السابعة (تث15: 12)، فلما حاصر نبوخذ ناصر أورشليم وأقترب الموت منهم، أمر “صدقيا الملك” اليهود بتحرير أخواتهم العبيد عندهم لعل الله يرفع غضبه عنهم ويحميهم من نبوخذ ناصر.
ع10: جمع صدقيا رؤساء الشعب وحلفوا أمام الله بتنفيذ الناموس بتحرير أخواتهم العبيد، ونفذوا أمر الملك وأطلقوا العبيد. وهذا يظهر طاعتهم للوصية فى ساعة الضيقة وإلتجائهـم لله.
ع11: أثناء حصار نبوخذ ناصر لأورشليم، تقدم خفرع فرعون مصر بجيوشه نحو جيوش بابل المحاصرة لأورشليم، فخاف نبونصر وتراجع عن أورشليم ليستكمل عدته الحربية، أى ترك أورشليم لفترة ليعود إليهما، فظن اليهود أن الأزمة قد أنتهت، ورأوا حقولهم التى كان يعسكر فيها جنود بابل قد خلت، فشعروا بحاجتهم لعبيدهم ليزرعوها ففى أثناء الحصار كان العبيد لا يعملون ويكلفون سادتهم غذائهم فأستغنوا عنهم ونفذوا الوصية لأنها توفر لهم نفقات إطعام العبيد، أما بعد إخلاء الحقول فمصلحتهم إرجاع عبيدهم فرجعوا عن حلفهم وعهودهم لله وتركوا الوصية، وأرجعوا عبيدهم العبرانيين بالقوة.
أخضع لوصايا الله، حتى لو كانت ضد مصالحك المادية، فالوصية لخيرك حتى لو لم تكن مقتنعاً بها. وإن قدمت توبة فلا ترجع عنها وإن سقطت ثانية تب وأرجع سريعاً إلى الله.
(3) عقاب المخالفين لعهد الله (ع12-22):
12- فصارت كلمة الرب إلى إرميا من قبل الرب قائلة. 13- هكذا قال الرب إله إسرائيل : أنا قطعت عهداً مع آبائكم يوم أخرجتهم من أرض مصر من بيت العبيد قائلا : 14- في نهاية سبع سنين تطلقون كل واحد أخاه العبراني الذي بيع لك و خدمك ست سنين فتطلقه حراً من عندك و لكن لم يسمع آباؤكم لي و لا أمالوا أذنهم. 15- و قد رجعتم أنتم اليوم و فعلتم ما هو مستقيم في عيني منادين بالعتق كل واحد الى صاحبه و قطعتم عهداً أمامي في البيت الذي دعي بإسمي. 16- ثم عدتم و دنستم إسمي و أرجعتم كل واحد عبده و كل واحد أمته الذين أطلقتوهم أحراراً لأنفسهم وأخضعتموهم ليكونوا لكم عبيداً و إماء. 17- لذلك هكذا قال الرب أنتم لم تسمعوا لي لتنادوا بالعتق كل واحد إلى أخيه و كل واحد إلى صاحبه هأنذا أنادي لكم بالعتق يقول الرب للسيف و الوبأ و الجوع و أجعلكم قلقاً لكل ممالك الأرض. 18- و أدفع الناس الذي تعدوا عهدي الذين لم يقيموا كلام العهد الذي قطعوه أمامي العجل الذي قطعوه إلى إثنين و جازوا بين قطعتيه. 19- رؤساء يهوذا و رؤساء اورشليم الخصيان و الكهنة و كل شعب الارض الذين جازوا بين قطعتي العجل.
20- أدفعهم ليد أعدائهم و ليد طالبي نفوسهم فتكون جثثهم أكلا لطيور السماء و وحوش الارض. 21- و أدفع صدقيا ملك يهوذا و رؤساءه ليد اعدائهم و ليد طالبي نفوسهم و ليد جيش ملك بابل الذين صعدوا عنكم. 22- هأنذا أمر يقول الرب و أردهم إلى هذه المدينة فيحاربونها و يأخذونها ويحرقونها بالنار و أجعل مدن يهوذا خربة بلا ساكن.
ع12، 13: يذكرهم الله بتحريره لهم من عبودية مصر، ويسميها بيت العبيد، ويذكرهم أيضاً بالعهد الذى قطعه مع آباؤهم فى برية سيناء بعد خروجهم من مصر حين ظهر على الجبل وأعطاهم الوصايا والناموس.
ع14: كان العهد بين الله وشعبه فى كلام الناموس الذى يأمر بأنه إذا أضطر عبرانى نتيجة فقره أن يبيع نفسه أو يبيعه أهله عبداً لأحد أخواته العبرانيين فأنه يعمل عند سيده ستة سنوات ولابد أن يطلقه سيده فى السنة السابعة، ولكن للأسف لم يلتزم الآباء بتنفيذ هذا العهد واستعبدوا أخواتهم بالقوة أكثر من ستة سنوات. وقد ذُكرت هذه الشريعة فى (خر21: 2؛
تث15: 12).
ع15: يمدح الله شعبه فى مملكة يهوذا أيام إرميا بأنهم جددوا العهد مع الله فى بيته، أى الهيكل فى أورشليم، معلنين رجوعهم لتنفيذ الشريعة وتحرير العبيد العبرانيين فى السنة السابعة.
ع16: يعاتبهم الله لأنهم تراجعوا عن عهدهم معه فأعادوا العبيد العبرانيين الذين أطلقوهم لأنهم أكملوا أكثر من ستة سنوات، وهكذا أستعبدوهم مرة أخرى بالقوة وخالفوا بذلك شريعة الله.
ع17: يعلن الله عقابه لشعبه الذين رفضوا طاعة ناموسه ولم يحرروا أخواتهم العبرانيين الذين يعملون عبيداً عندهم، فيحرر الله السيف ليقتلهم، وكذلك الوبأ ليسقطهم مرضى، والجوع ليفنيهم، بل يصيروا مثالاً للأمة المضطربة المنزعجة بين أمم الأرض لأنهم خالفوا وصايا ألههم فيؤدبهم بشدة. والله يقصد من هذا أن يخافوه ويتوبوا عن خطاياهم.
عندما تقرأ وصايا الله فى الكتاب المقدس التى تأمرك عن الابتعاد عن الشر وتخيفك بالعقاب الإلهى، أرجع إليه سريعاً بالتوبة وأنفض عنك كل لذة شريرة لتخلص نفسك وتكسب أبديتك.
ع18، 19: طريقة قطع العهد التى كانت سائدة وقتذاك هى ذبح الحيوانات مثل العجل وقطعه إلى نصفين ومرور المتعاهدين بين قطعتين الذبيحة، هكذا فعل رؤساء اليهود فمروا بين عجل مذبوح إلى نصفين معلنين عهدهم مع الله بتحرير العبيد العبرانيين ولكنهم عادوا فخالفوا هذا العهد وقد قطع إبراهيم عهداً مع الله بنفس الطريقة (تك15: 9-10، 17).
جاز الرؤساء وكل الشعب بين قطعتى العجل ثم لما خالفوا عهدهم عاقبهم الله بدفعهم إلى يد بابل التى تقتلهم بالسيف والوبأ والجوع.
ع20: تظهر شناعة العقاب الإلهى لشعب الله المخالفين للعهد فى هجوم بابل العنيف عليهم وقتل الكثيرين وإلقاء جثثهم فى الشوارع فتأكلها الطيور الجارحة ووحوش الأرض، إذ ليس من يدفن هذه الجثث لكثرتها ولهروب الباقين من الخوف.ع21، 22: بعدابتعاد بابل عن حصارها لأورشليم، وظن شعب الله أنهم تخلصوا منهم، وخالفوا عهدهم مع الله، فاستعادوا أخوتهم العبرانيين عبيداً عندهـم، يسـمح الله فتعود بابل وتحاصر أورشليم وتخربها وتحرقها وتقبض على صدقيا الملك ورؤسـاء مملكة يهوذا بل تقتل الكثيرين منهم. وتخرب كل مدن مملكة يهوذا لأن الله أمر بعقابهم لعـدم طاعتهم لشريعته.