تأديب مصر
(1) معركة كركميش (ع1،2):
1- كلمة الرب التي صارت إلى إرميا النبي عن الأمم. 2- عن مصر عن جيش فرعون نخو ملك مصر الذي كان على نهر الفرات في كركميش الذي ضربه نبوخذراصر ملك بابل في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.
ع1: يبدأ من هذا الإصحاح نبوات عن الأمم حتى نهاية السفر وهو يهتم بتأديب الأمم لأن الله خالق جميع الشعوب ويريد خلاصهم فإن كان يؤدبهم بشدة فحتى يتوبوا وحينئذ يباركهم ببركة عظيمة مثل مصر التي أدبها بهزيمة تلو الأخرى وفقر وذل حتى تتوب ثم يعطيها بركة فتصير كنيسة قوية لله حتى الآن.
ع2: فرعون نخو : هو الملك الثاني من الأسرة السادسة والعشرين ويمثل نهاية الملوك الأقوياء في مصر وملك من عام 609 – 583 ق . م
كركميش : معناها قلعة كاموش إله موآب الرئيسي وتقع على نهر الفرات في عربة النبوة الأولى المذكورة في هذا الإصحاح عن هزيمة فرعون نخو ملك مصر بيد نبوخذراصر ملك بابل في معركة كركميش في السنة الرابعة للملك يهوياقيم ملك يهوذا أي عام 605 ق.م
رغم أن نخو كان مستولياً على كركميش لمدة 4 سنوات وقد حصنها واستولى على كل البلاد التي قبلها في سورية ولكنه هزم على يد نبوخذ نصر وضاع كل سلطانه على هذه المنطقة. فلا تتكبر مهما كانت قوتك واعلم أن كل قوة معك هي نعمة من الله أشكره عليها واستخدمها بأمانة لمجده.
[2] سقوط مصر المتكبرة (ع 3 – 12)
3- أعدوا المجن و الترس و تقدموا للحرب. 4- أسرجوا الخيل و أصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ أصقلوا الرماح ألبسوا الدروع. 5- لماذا أراهم مرتعبين و مدبرين إلى الوراء و قد تحطمت أبطالهم و فروا هاربين و لم يلتفتوا الخوف حواليهم يقول الرب. 6- الخفيف لا ينوص والبطل لا ينجو في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا و سقطوا. 7- من هذا الصاعد كالنيل كأنهار تتلاطم أمواهها. 8- تصعد مصر كالنيل و كأنهار تتلاطم المياه فيقول أصعد و أغطي الأرض أهلك المدينة والساكنين فيها. 9- أصعدي أيتها الخيل و هيجي أيتها المركبات و لتخرج الأبطال كوش و فوط القابضان المجن و اللوديون القابضون و المادون القوس. 10- فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة للإنتقام من مبغضيه فيأكل السيف و يشبع و يرتوي من دمهم لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات. 11- أصعدي إلى جلعاد و خذي بلسانا يا عذراء بنت مصر باطلا تكثرين العقاقير لا رفادة لك. 12- قد سمعت الأمم بخزيك و قد ملأ الأرض عويلك لأن بطلا يصدم بطلا فيسقطان كلاهما معا.
ع 3 : المجن : آلة حربية للدفاع مثل الترس.
ترس : قرص خشبى له عروة يلبسه الجندى فى ذراعه ويحركه أمامه لحمايته من السهام.
ينادى قادة الجيش المصرى جنودهم ليعدوا أسلحتهم، ويتقدموا لمحاربة جيش بابل فى معرك كركميش.
ع 4 : أسرجوا الخيل : ضعوا السُرج على ظهر الخيول والسُرج جمع سِرج وهو المقعد الذي يجلس عليه الفارس فوق ظهر الفرس.
الخوذ : جمع خوذة وهي غطاء معدني يوضع على رأس الجندي لحمايته من الضربات.
اصقلوا : نظفوها لتصير حادة ومدببة فتصيب الأعداء.
الدروع : جمع درع وهو ما يلبسه الجندي على صدره حتى فوق ركبتيه ويكون معدني لحمايته من الضربات.
يستكمل الله دعوتهم لجنودهم ليعدوا الآت الحرب ويلبسونها للدخول في معركة مع البابليين.
ع 5 : مدبرين : مسرعين هرباً إلى الوراء
بحزن شديد يرى إرميا بروح النبوة جنود مصر هاربين من أمام قوة الجيش البابلي وهم في خوف شديد يسرعون لينجوا بحياتهم.
ع 6: ينوص : يهرب
يرى إرميا أيضاً أن الجنود المتميزين بالخفة والسرعة لا يستطيعوا الهرب من وجه جيش بابل. وكذلك الأقوياء الأبطال المصريين يسقطون قتلى، وهكذا انهزم الجيش المصري في الشمال أي في كركميش على نهر الفرات.
ع 7 : أمواهها : مياهها وأمواجها
ع 8 : كان الجيش المصري واثقاً من قوته مثل نهر النيل المملوء بالحياه، فكان الجيش متأكداً من أنه سينتصر على بابل.
ع 9 : كوش : الحبشة
فوط : منطقة في ليبيا أو الصومال
اللوديون : باقي سكان ليبيا
كان الجيش المصري مستعيناً بالمرتزقة من البلاد المجاورة مثل ليبيا وأفريقيا وكذلك الحبشة وهؤلاء المرتزقة كانوا متمرنين على رمي السهام بالقوس، فتقدم الجيش المصري بثقة أنه سيغلب لقوته العظيمة
ع10 : كان يوم معركة كركميش يوم انتقام الرب من مصر المتكبرة التي أذلت شعبه أيام موسى وضايقته في العصور التالية، ويستخدم الله بابل كأداة لتأديب مصر فالله هو المنتقم ليذل المصريين لعلهم يتوبون ويرجعون إليه ولا يعتمدو على آلهتهم الوثنية. فقد قتل في هذه المعركة وسالت دماء الكثيرين من المصريين.
ع 11 : جلعاد : منطقة تقع شرق نهر الأردن واستولى عليها بنو إسرائيل وسكنوا فيها.
بلساناً : نبات عبارة عن أشجار مرتفعة ملساء لها ورق صغير، من جزع الشجرة يخرج سائل يستخدم في علاج أمراض كثيرة وكان ينمو في جلعاد والحبشة.
العقاقير : أدوية
رفادة : قطعة من القماش تلف على الجروح مثلما ما نسميه اليوم الشاش. وعبارة لا رفادة يقصد بها لا علاج لك.
يشبه مصر بامرأة ضعيفة يستعير لها اسم عذراء أي فتاة صغيرة ضعيفة قد أصابتها جيوش بابل وتبحث عن أدوية لعلاج جروحها ولكن بلا فائدة لأنها قد تحطمت أمام بابل.
ع 12 : يعلن هزيمة مصر التي أخذت تصرخ من هول الهزيمة في كركميش، وسمعت بها الدول المحيطة بها؛ لأنه إن كانت مصر قوية كالبطل لكن بابل أقوى منها فصدمتها كبطل وحطمتها.
إن كنت قد قابلت ضيقات وآلام فلا تبحث عن علاج لك في العالم إذ علاجك الوحيد هو معرفة المسيح والحياة معه فهو الذي يشفيك من جميع آلامك النفسية والجسدية ويعيد لك قوتك الروحية.
[3] هجوم بابل على مصر (ع 13 – 17) :
13- الكلمة التي تكلم بها الرب إلى إرميا النبي في مجيء نبوخذراصر ملك بابل ليضرب أرض مصر. 14- أخبروا في مصر و إسمعوا في مجدل و إسمعوا في نوف و في تحفنحيس قولوا أنتصب و تهيأ لأن السيف يأكل حواليك. 15- لماذا انطرح مقتدروك لا يقفون لأن الرب قد طرحهم. 16- كثر العاثرين حتى يسقط الواحد على صاحبه و يقولوا قوموا فنرجع إلى شعبنا و إلى أرض ميلادنا من وجه السيف الصارم. 17- قد نادوا هناك فرعون ملك مصر هالك قد فات الميعاد.
ع 13 : بعد انتصار بابل على مصر في معركة كركميش عام 605 ق . م تحركت جيوش بابل المحاصرة وأورشليم، فتقدمت جيوش مصر لمعاونة أورشليم فانسحب الجيش البابلي بحكمة حربية وذلك عام 588 ق . م وعادت جيوش مصر إلى مصر ثم تحركت جيوش بابل لمهاجمة مصر وذلك بعد حوالي 17 سنة من انتصارها عليهم في كركميش فدمرت قوة مصر ثم عادت لمحاصرة أورشليم واستولت عليه وضربتها عام 587 ق . م.
ع 14 : ينادى إرميا بروح النبوة مصر ببلادها المختلفة التي سبق الكلام عنها في (ص 44 : 1) حتى تستعد للهجوم البابلي الآتي عليها.
ع 15 : سقط أبطال وجبابرة الجيش المصري قتلى أمام الجيش البابلي ويوضح إرميا أن هذا بسماح من الله لتأديبهم لأجل كبريائهم لعلهم يتوبون لقوله لأن الرب قد طردهم.
ع 16 : كذلك جنود المرتزقة الذين ضمتهم مصر إلى جيشها من بلاد أفريقيا عندما رأوا ضعف مصر للمرة الثانية أمام بابل التي هاجمت مصر في أرضها وسقط بعضهم مع الجنود المصريين قتلى أمام بابل قالا هلم نرجع إلى بلادنا وذلك لينجوا أنفسهم لأن مصر أصبحت ضعيفة وأصبحت القوة المهيمنة على العالم هي بابل.
ع 17 : نادى الجنود المرتزقة وكذلك المصريون بأن فرعون الملك معرض للهلاك وقد مر الوقت الذي كانت فيه مصر القوى العظمى في العالم قبل أشور وبابل.
في ترجمة أخرى مثل اليسوعية ترجمت كلمة هالك بجلبة أي “ضجيج” والمعنى نادوا فرعون بأن مصر قد امتلأت ضجيجاً بسبب الهجوم البابلي وضاعت كرامة مصر وضعفت.
لا تعتمد على قوتك في مواجهة العالم لأنك إنسان ومهما كانت قوتك فهي معرضة للتقلب ولكن اعتمد على الله الذي لا يتغير فلا تخشى من قوة العالم واحتفظ بسلامك حتى لو مرت بك ضيقات فتكون مطمئناً كل حين.
[4] تخريب مصر بيد بابل (ع 18 – 26)
18- حي أنا يقول الملك رب الجنود اسمه كتابور بين الجبال و ككرمل عند البحر يأتي.
19- أصنعي لنفسك أهبة جلاء أيتها البنت الساكنة مصر لأن نوف تصير خربة و تحرق فلا ساكن. 20- مصر عجلة حسنة جدا الهلاك من الشمال جاء جاء. 21- أيضا متسأجروها في وسطها كعجول صيرة لأنهم هم أيضا يرتدون يهربون معا لم يقفوا لأن يوم هلاكهم أتى عليهم وقت عقابهم. 22- صوتها يمشي كحية لأنهم يسيرون بجيش و قد جاءوا إليها بالفؤوس كمحتطبي حطب.
23- يقطعون وعرها يقول الرب و إن يكن لا يحصى لأنهم قد كثروا أكثر من الجراد و لا عدد لهم. 24- قد أخزيت بنت مصر و دفعت ليد شعب الشمال.25- قال رب الجنود إله إسرائيل هأنذا أعاقب أمون نو و فرعون و مصر و آلهتها و ملوكها فرعون و المتوكلين عليه. 26- و أدفعهم ليد طالبي نفوسهم و ليد نبوخذراصر ملك بابل و ليد عبيده ثم بعد ذلك تسكن كالأيام القديمة يقول الرب.
ع 18 : تابور : جبل مرتفع إرتفاعه 1800 قدم يقع بجوار وادي يزرعيل في شمال بلاد اليهود.
كرمل : جبل مرتفع أيضاً إرتفاعه 1700 قدم يقع في شمال لبنان ما يقرب من البحر الأبيض المتوسط.
يشبه نبوخذ نصر ملك بابل بجبل مرتفع مثل جبل تابور أو جبل كرمل اللذين يقعان في شمال فلسطين فيتحرك نبوخذ نصر ويأتي ليهاجم مصر.
ع 19 : أهبة جلاء : الاستعداد للسفر وترك المكان، فيجمع الإنسان حاجياته الضرورية يشبه مصر بفتاة ضعيفة القوة ويدعوها لتستعد للهرب من وجه نبوخذ نصر وقد كانت تسكن آمنة ولكن هجوم بابل عليها، يجعلها تهرب من أمامها ونوف التي كانت تعتبر عاصمة لمصر في بعض الوقت وتقع نواحى شمال الجيزة وحلوان أي جنوب القاهرة تصير خربة من الهجوم البابلي ويتركها سكانها.
ع 20 : يشبه مصر أيضاً بعجله حسنة المنظر فيلتهمها نبوخذ نصر ويذبحها ويأكلها لأنها عبدت العجل أبيس فسحقها ملك بابل لعلها تتوب وتؤمن بالله الحقيقي ونبوخذ نصر جاء من الشمال وهجم على مصر.
ع 21: صيرة : سمينة
استأجرت مصر جنود مرتزقة من أفريقيا لتقوي جيشها ولكن إذ رأوا ضعفها وأنهم سيذبحون كعجول سمينة مع جيش مصر المنهزم أمام بابل هربوا إلى بلادهم لينجوا بأنفسهم وهكذا صارت مصر ضعيفة أمام دول العالم لأنها تكبرت ولم تعرف الله خالق السماوات والأرض.
ع 22 : يشبه الجيش المصري بالحية التي صوتها وهو الحفيف صوت ضعيف جداً أمام صراخ الجيش البابلي القوي وكما تقطع رأس الحية بالفأس يشبه إرميا قوة جيوش بابل كأنهم يقطعون الحطب بفؤوسهم فيكسرون قوة مصر.
ع 23 : يشبه كثرة الجيش البابلي بالجراد في كثرته فيهجمون على مصر التي تشبه بالوعر أي المكان المقفر وفيه أشجار كثيرة فيقطعها ملك بابل ويتغلب على كل هذه الأشجار لكثرة أعداده.
ع 24 : بهزيمة مصر أمام بابل الآتية من الشمال صار لها الخزي والعار.
ع 25 : آمون نو : مدينة آمون أي طيبة عاصمة مصر وهي مدينة الأقصر. يُعلن الله أنه سيعاقب كبرياء المصريين وآلهتهم الكثيرة التي أعظمها آمون الذي مركزه في طيبة فيخربها ويخرب مدن مصر ويحطم آلهتهم بيد ملك بابل. فالله هو المحرك لأمور العالم ليدعو مصر إلى الاتضاع والرجوع إليه.
ع 26 : بعد أن يحطم نبوخذ نصر مصر يعود لتعمر ثانية ولكن عمراناً أفضل من العمران المادي وهو بدخول الإيمان على يد مارمرقس لتصبح مصر مسيحية وتترك عبادة الأوثان.
إن كانت الضيقات وتخريب حياتك المادية يؤدي إلى ثبات إيمانك فإقبله فهو طريق النجاة لك لأن الله يحبك وينتشلك من شرور العالم لتحيا له.
[5] خلاص إسرائيل (ع 27 ، 28) :
27- و أنت فلا تخف يا عبدي يعقوب و لا ترتعب يا إسرائيل لأني هأنذا أخلصك من بعيد ونسلك من أرض سبيهم فيرجع يعقوب و يطمئن و يستريح و لا مخيف. 28- أما أنت يا عبدي يعقوب فلا تخف لأني أنا معك لأني أفني كل الأمم الذين بددتك إليهم أما أنت فلا أفنيك بل أؤدبك بالحق و لا أبرئك تبرئة.
ع 27 : إذ يؤدب الله مصر التي أذلت شعبه سنيناً طويلة يبشر شعبه الذي سبته بابل بأنه سيرجع من السبى فلا يخاف من سطوة بابل أو آشور فكما تحطمت مصر وآشور ستتحطم بابل والإمبراطوريات التالية لها بل يستخدم الله ملوك مادى وفارس الذين يحطمون بابل فيعيدوا شعبه ليعمروا أورشليم واليهودية. وهذا رمزاً للرجوع إلى الله والإيمان بالمسيح في ملء الزمان.
ع 28 : إن كان الله قد يفني الإمبراطوريات العظيمة التي أذلت شعبه فهو يعدهم بالمحافظة عليهم وإن كان سيؤدبهم لخطاياهم حتى يتوبوا فهو يعود ويرحمهم إذ يؤمنون بالمسيح ويحيون معه إلى الأبد. وعود الله جميلة تقوي النفس مهما أحاطت بها شدائد وحتى تأديباته لأولاده بمقدار ضئيل حتى يتوبوا ثم يعطيهم مراحم كثيرة. فليطمئن قلبك يا أخي وتذكر وعودة فلا تخشى أي أتعاب.