خلاص المسيا وصفاته
(1) صفات المسيا (ع1-5):
1وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، 2وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. 3وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ، 4بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ. 5وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.
ع1 : قضيب : فرع.
جذع: ساق.
غصن: فرع صغير.
بعد أن ختم إشعياء الأصحاح السابق بقطع مملكة آشور التي اعتدت على شعب الله، يبدأ هذا الأصحاح بالخلاص الذي يقدمه المسيا المنتظر لشعبه، وللعالم كله. وكما قطعت أغصان آشور (ص10 : 33) يظهر الآن في هذه الآية فرعٌ، أو قضيبٌ من جذع يسي، وهذا رجاء للمؤمنين أن الله يهتم بأولاده، ويخرجهم من الضيق، ويعزي قلوبهم.
ونلاحظ أنه يتكلم عن المسيا المنتظر، ويقول: أنه يخرج من جذع يسي، ويسَّي رب عائلة بسيطة فقيرة، ولم يقل من نسل داود الملك؛ ليعلن اتضاع المسيا المنتظر، وقد ولد المسيح فعلاً من عشيرة فقيرة في قرية بيت لحم الصغيرة، بل وُلد في مذود للبقر.
ولذا أيضًا يقول عن المسيا المنتظر: أنه غصن من أصول يسَّي؛ أى يهوذا، لنفس السبب، وهو أن الغصن فرع صغير؛ ليؤكد اتضاع المسيح. ونلاحظ أن مملكة يهوذا كانت قد انتهت أيام ميلاد المسيح، ولم يعد لها قوة، أو سلطان، فأعلنت النبوة مجىء المسيح من نسل يسَّي وليس الملك داود، حيث أن مملكة داود كانت قد انتهت.
ع2 : المسيا المنتظر، أى المسيح، يحل عليه الروح القدس، وهذا معناه أن هذا الحلول ظهر أمامنا في المعمودية بشكل حمامة؛ لنعرف أن الروح القدس فيه، ولا ننسى أنه حُبل به من الروح القدس، أي أن الروح القدس فيه.
وتوضح هذه الآية سبع صفات للروح القدس كانت في المسيح:
1- روح الرب. 2- روح الحكمة. 3- روح الفهم.
4- روح المشورة. 5- روح القوة. 6- روح المعرفة.
7- روح مخافة الرب.
كل هذا كان في المسيا الآتي لخلاص العالم، والذي بفدائه يفيض علينا الروح القدس بكل صفاته؛ ليعمل فينا كنعمة مجانية من الله. أما المسيح، فحلول الروح القدس فيه كان حلولاً أقنومياً، أى جوهر الروح القدس فيه.
وإشعياء يعلن : أن الروح القدس بصفاته السبعة هو السبعة أرواح القائمة أمام عرش الله (رؤ 1 : 4)، وكل هذه الصفات ظهرت في المسيح في حياته على الأرض، وفي قطع صلاة الساعة الثالثة بالأجبية نذكر سبع صفات للروح القدس أيضًا.
ع3 : البشر عمومًا يحكمون بحسب نظر أعينهم وسمع آذانهم، فيسقطوا في شهوات ردية، ويتعرضون لخداع المظاهر والوشايات التى يسمعونها أيضاً. أما المسيح فلذته في مخافة الرب، وبالتالي لا يمكن أن يخطئ؛ ليكون مثالاً لنا في السلوك المسيحي، إذ نخاف الله، فنسلك في الطريق المستقيم، وهو قال عن نفسه: “من منكم يبكتني على خطية” (يو8: 41).
ع4 : من صفات المسيا المنتظر ما يلي:
1- عادل: فيقضي بالعدل للمساكين الذين لا يستندون على قوى العالم، بل على الله، وينصف المظلومين، ليعيد إليهم حقوقهم وفرحهم.
2- ديان: فيضرب سكان الأرض بقضيب فمه، وهو وصاياه، وتعاليمه، ويميت المنافق الذي هو إبليس بنفخة شفتيه من خلال صليبه، ويدين كل الأشرار التابعين لإبليس ويعاقبهم.
ع5 : متنيه : ظهره.
حقويه: أسفل الظهر، أي عند الوسط.
المسيا يكون منطقة متينة، أي ما يلبسه على ظهره هو البر.
أما منطقة حقويه، أي الحزام الذي يلبسه على وسطه هو الأمانة، فهو يتغطي بالبر، ويشد نفسه بالأمانة؛ لكيما يعمل ويجتهد، فالذي يعمل يشد وسطه ليقوم بأعمال كثيرة.
والخلاصة أن المسيا المنتظر يكتسي بالبر، ويسلك بالأمانة في كل أعماله، ليكون قدوة لكل من يؤمن به.
إن كانت منطقة المتنين هي الملابس التى يلبسها الملوك، فالمسيح كملك تمنطق بالبر، وليس بالثياب الفاخرة. وإن كانت منطقة الحقوين هي لباس العبيد والخدم، فقد تمنطق المسيح بالأمانة ليكون قدوة لعبيده. وقد خدم المسيح كعبد، عندما غسل أقدام تلاميذه (يو 13 : 4).
تجسد المسيح وعاش بيننا ليكون قدوة لنا، فليتك يا أخي تتأمل حياة المسيح في الأربعة أناجيل لتسلك مثله، فيكون لك راحة وسلام، وتخلص من كل شر.
(2) زمن المسيا (ع6-9):
6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. 7وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ. 9لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ.
ع 6 – 8 : يربض: يجلس.
الجدي: ذكر الماعز.
العجل: ابن البقرة.
الشبل: ابن الأسد.
سرب: جُحْر.
الصل: نوع من الثعابين سام وخبيث جدًا.
الأفعوان: ذكر الأفعي، وهو الحية الخبيثة السامة.
المسمن: حيوان تم تسمينه للذبح، مثل الخروف، أو الحمل.
يتكلم إشعياء هنا عن زمن المسيا المنتظر، حيث يؤثر المسيح في المؤمنين به، فينزع عنهم طباعهم الوحشية؛ ليصيروا في محبة ولطف ووداعة، مثل الحيوانات المفترسة كالذئب والأسد والدب والثعبان؛ هذه كلها تعيش مع الحيوانات الأليفة دون أن تؤذيها.
وتظهر طباع غريبة على الأشرار المتوحشين، مثل الأسد، إذ يأكل التبن مثل البقر، أي يتخلي عن عنفه وشهواته، ويأكل طعامًا بسيطًا، كما تحول موسي الأسود من رئيس عصابة يأكل نصف خروف في وجبته الواحدة، إلي راهب ناسك يأكل طعامًا بسيطًا، ومثل شاول الطرسوسي، الذي كان كالذئب، أو الأسد يقبض على المسيحيين ويلقيهم في السجون، فيصير بولس الرسول الذي يحتمل آلامًا كثيرة من أجل محبة المسيح كالحمل الوديع.
ونلاحظ في هذا الجو اللطيف أن صبياً صغيراً يقود حيوانات متنوعة كان أصلها شرسًا، أو أليفًا، فيصير البشر المؤمنون بالمسيح مطيعين وخاضعين يقودهم صبي صغير، أى خادم، أو كاهن وديع ومتواضع.
وإذا كانت البقرة ترمز للحيوانات الطاهرة المسموح لشعب الله أن يأكلها، فالدب يرمز للحيوانات غير الطاهرة، أي للأمم. فالبقرة والدبة ترعيان معاً؛ هما وأولادهما، هكذا أيضًا المسيحيون من أصل يهودي، أو أممي يعيشون معاً، هم وأولادهم في محبة وألفة.
ولا يخاف الإنسان من أخيه، فالطفل والعظيم يلعبان مع الثعابين، أي الذين كان أصلهم خبيثاً وساماً وشرساً يصبحون لطفاءً، وأولاد الأفاعي يصبحون ودعاءً، محبين بعضهم لبعض بعدما آمنوا.
والخلاصة، أن كنيسة العهد الجديد ستجمع الناس من كل الأجناس والأديان والمذاهب، فيؤمنون جميعًا، ويعيشون معًا في هدوء وسلام ومحبة، ويشبعون جميعًا من جسد المسيح ودمه، ويصيرون أعضاءً في جسد المسيح، أي الكنيسة.
ع9: ويكون أيضًا في زمن المسيا المنتظر، أن يعيش الناس في حياة نقية، لا يسيئون بعضهم لبعض، ولا يصنعون شرورًا مفسدة في كل جبل قدس الرب، أي في كل المناطق التى يعيشون فيها، ويصلون فيها في كنائس العهد الجديد.
وبهذا، فالأرض حيث يسكن ويعيش المؤمنون، تمتلئ من معرفة الرب، والمقصود بالمعرفة، الحياة العملية بوصايا المسيح، وتعاليم الكنيسة. وهكذا تنتشر معرفة الله، فتعطي الأرض كلها في أرجاء المسكونة، كما تغطي المياه البحر. وكما أن البحر عميق، تكون معرفة الرب المنتشرة عميقة في نفوس وحياة أولاده المؤمنين.
ليتك تراجع تصرفاتك؛ حتى تكون إيجابية بناءة، لا تسىء فيها لأحد، ولا تتمم فيها أي شر، بل تمجد الله الذي تعرفه وتحيا بكلامه.
(3) المسيا رجاء الأمم واليهود (ع10-16):
10وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ، إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ، وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا. 11وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ السَّيِّدَ يُعِيدُ يَدَهُ ثَانِيَةً لِيَقْتَنِيَ بَقِيَّةَ شَعْبِهِ، الَّتِي بَقِيَتْ، مِنْ أَشُّورَ، وَمِنْ مِصْرَ، وَمِنْ فَتْرُوسَ، وَمِنْ كُوشَ، وَمِنْ عِيلاَمَ، وَمِنْ شِنْعَارَ، وَمِنْ حَمَاةَ، وَمِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ. 12وَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ، وَيَجْمَعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ، وَيَضُمُّ مُشَتَّتِي يَهُوذَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ الأَرْضِ. 13فَيَزُولُ حَسَدُ أَفْرَايِمَ، وَيَنْقَرِضُ الْمُضَايِقُونَ مِنْ يَهُوذَا. أَفْرَايِمُ لاَ يَحْسِدُ يَهُوذَا، وَيَهُوذَا لاَ يُضَايِقُ أَفْرَايِمَ. 14وَيَنْقَضَّانِ عَلَى أَكْتَافِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ غَرْبًا، وَيَنْهَبُونَ بَنِي الْمَشْرِقِ مَعًا. يَكُونُ عَلَى أَدُومَ وَمُوآبَ امْتِدَادُ يَدِهِمَا، وَبَنُو عَمُّونَ فِي طَاعَتِهِمَا. 15وَيُبِيدُ الرَّبُّ لِسَانَ بَحْرِ مِصْرَ، وَيَهُزُّ يَدَهُ عَلَى النَّهْرِ بِقُوَّةِ رِيحِهِ، وَيَضْرِبُهُ إِلَى سَبْعِ سَوَاق، وَيُجِيزُ فِيهَا بِالأَحْذِيَةِ. 16وَتَكُونُ سِكَّةٌ لِبَقِيَّةِ شَعْبِهِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ أَشُّورَ، كَمَا كَانَ لإِسْرَائِيلَ يَوْمَ صُعُودِهِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
ع10: يقول إشعياء: “ويكون في ذلك اليوم“، ويقصد به أيام حزقيا الملك الذي اتكل على الله، فأنقذه من يد الأشوريين، وقتل ملاك الله جيوشهم، ومات أيضًا سنحاريب.
ويقول: “أصل يسَّي” وليس أصل داود؛ لأنه كما ذكرنا كان داود ملكًا، أما يسيَّ أبوه، فكان إنسانًا بسيطًا، وهذا يعلن الاتضاع الذي تميز به حزقيا عند التجائه لله. ثم يقول: يصبر هذا الأصل “راية للشعوب”، فقصة انتصار الله على أعدائه، أيام حزقيا، عرفها العالم كله، وشعر أن الله بقوته جعل حزقيا قائماً مرتفع الرأس، وكذلك “أياه تطلب الأمم”؛ لأنه بعد احتلال أشور لمملكة إسرائيل، هرب الكثيرون من شعب إسرائيل، وانضموا إلي مملكة يهوذا تحت رعاية حزقيا الملك، وهكذا عادت بعض الأسباط للاتحاد.
“ويكون محله مجدًا” أي تصير أورشليم، محل الملك حزقيا، ممجدة بين الشعوب من أجل حزقيا الملك العظيم المتكل على الله.
لهذه الآية معني آخر بعيد، وهو أيام المسيح، “فذلك اليوم” هو زمن تجسد المسيح علي الأرض، “وأصل يسَّي” المقصود به المسيح الذي صار راية للشعوب، حيث أمن الكثيرون بالمسيح.
والمسيح قام من الأموات، وهذا هو أصل يسَّي القائم. “وإياه تطلب الأمم” إذ انتشرت المسيحية في العالم كله. ونري اليونانيين يطلبون من فيلبس أن يروا المسيح
(يو12: 20،21)، وكرنيليوس الأممي طلب أن يري بطرس ليبشره بالمسيح (أع10).
ويكون محل المسيح مجدًا، فكما رفع المسيح على الصليب راية لخلاص الشعوب، وليس لليهود فقط، فكذلك محله، أي قبره في أورشليم، وهى القدس يصير مجدًا، أي بركة على مدي الأجيال للمؤمنين في العالم كله، ويفرحون بزيارته ونوال بركته.
ونري بولس الرسول يقتبس هذه الآية، ويذكرها كنبوة عن الإيمان بالمسيح (رو15: 12).
ع11: فتروس : مصر العليا (الجزء الجنوبي من مصر).
كوش : أثيوبيا.
عيلام : مملكة إلي الشرق من دجلة والشمال الشرقي من الخليج الفارسي، أي إيران.
شنعار : سهل بابل.
حماة : مدينة شهيرة في سوريا.
جزائر البحر: جزر بالبحر الأبيض المتوسط
“ذلك اليوم”، يقصد به أيام حزقيا الملك، عندما ارتفعت الصلوات إلي الله بواسطة حزقيا وإشعياء النبي وكل شعبهما؛ ليخلصهم الله من جيش الآشوريين.
الله يعيد يده ثانية؛ ليجمع شعبه الذين هربوا من مملكة إسرائيل إلي مملكة يهوذا؛ ليعيشوا مع الله، ويعبدوه في هيكله، وهؤلاء كانوا متفرقين في بلاد أخرى، مثل آشور ومصر وأثيوبيا وإيران، أو العراق وسوريا وجزر البحر.
وينطبق “ذلك اليوم” أيضًا على الرجوع من السبي البابلي، حيث يعيد الله أولاده المؤمنين به المتفرقين في مملكة بابل على يد وبأمر كورش الملك الفارسي.
وذلك اليوم هو أيضًا أيام المسيح، حيث يعودون إلي الله بالإيمان به من بلاد الأمم المختلفة السابق ذكرها وغيرها من بلاد العالم.
ويعيد الله يده ثانية؛ لأن المرة الأولي مد الله يده، وأخرج شعبه من أرض مصر على يد موسي وشق لهم البحر الأحمر.
ع12: يرفع راية الأمم، أي يدعوهم ويقبلهم من كل أطراف الأرض في أرجاء المملكة البابلية، فيعودوا من السبي في بداية الحكم الفارسي.
ويقصد أيضًا بالراية، المسيح المرفوع علي الصليب؛ ليقدم خلاصًا للعالم كله، فيجمع المؤمنين به من أطراف الأرض، أي من كل مكان في العالم.
وتنطبق هذه الآية أيضًا على رجوع المؤمنين بالله إلي الفردوس والملكوت في نهاية الأيام.
ع13: إن كان بنو إسرائيل قد انقسموا إلي مملكتين بعد حكم سليمان الملك، فبعد الرجوع من السبي يتحدا معاً، ويرمز لهما هنا بأفرايم عن مملكة إسرائيل، ويهوذا عن سبطي يهوذا وبنيامين، فلا توجد مشاعر حسد، أو بغضة بينهما.
وينطبق هذا بالأكثر عند الإيمان بالمسيح، حيث يكون المسيحيون متحدين؛ سواء كانوا من أصل يهودي، أو أممي.
ع14: ينقضان: يهجمان.
يعطي الله قوة لأولاده العائدين من السبي، فيبنوا الهيكل في أورشليم، ولا تعطلهم مقاومات من حولهم من الأمم، ثم في أيام المكابيين قبل مجىء المسيح في القرن الثاني قبل الميلاد، حين صارت لهم قوة كبيرة.
ولكن تكمل هذه الآية أيام المسيح، عندما ينتصر المسيحيون على أعدائهم الشياطين، الذين ترمز إليهم البلاد المجاورة، بل يكون للمسيحيين سلطانًا أن يدوسوا الحيات والعقارب، وكل قوة العدو الشيطان، كما نقول في صلاة الشكر.
ع15: يجيز: يسهل عبورها.
يتدخل الله؛ ليعيد شعبه المشتت في بلاد العالم المختلفة، وذلك في بداية الحكم الفارسي على يد كورش الملك، فيبيد الله قوة مصر، فلا تعطل رجوع بني إسرائيل إلي بلادهم.
وكذلك يهز الله يده على نهر الفرات، فيجف؛ لأن الفارسيين حولوا نهر الفرات إلي مجري آخر، فأصبح المجري القديم جافًا، ونزل فيه جنود الفارسيين بأحذيتهم، وعبروا من تحت أسوار بابل، ودخلوا المدينة، واستولوا عليها، وقتلوا من فيها، فلم يعد لبابل قوة؛ حتى تمنع اليهود من الرجوع إلي بلادهم، فهو هنا يشير إلي أقوى البلاد المعروفة وقتذاك، وهي مصر وبابل التى خضعت للحكم الفارسي.
ويضرب نهر الفرات إلي سبع سواق معناه الآتي:
كلمة سواق في الأصل العبري تعني أودية، أي سبعة أودية، فهكذا يصير النهر سبعة أودية جافة، أو ماء قليل فيها، فيعبر فيها جنود الفرس ويدخلوا إلي داخل مدينة بابل.
المعني الآخر لهذه الآية الأبعد، هو تحقيق هذا الكلام في ملء الزمان، عندما يأتي المسيح، وتضعف أمام البشارة بالمسيح كل قوة في العالم، والتي يرمز إليها بلسان مصر وبقوة نهر الفرات، فيؤمن الكثيرون في العالم بالمسيح، ولا يعطلهم أي عائق.
ع16: إن كان آشور قد أذل شعب الله وشتته، وبابل أيضًا أذلت شعب الله وشتته، يعيد الله الباقين من شعبه بأمر كورش الملك الفارسي، الذي حكم العالم بعد بابل، فيعود شعب الله إلي أورشليم، كما أخرج الله شعبه من مصر وهداهم في برية سيناء، وأدخلهم إلي أرض كنعان، هكذا يعيد الله شعبه إلي أورشليم، ويكون له طريقًا للعودة. مهما كانت خطاياك، ومهما ابتعدت عن الله، فالله ينتظرك لتتوب فيعيدك إلي بنوتك الأولي، وتتمتع ببنوتك له، ويرعاك بمحبته.