الاتكال على الرب
(1) عقوبة الاتكال على مصر (ع 1-3)
1وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَنْزِلُونَ إِلَى مِصْرَ لِلْمَعُونَةِ، وَيَسْتَنِدُونَ عَلَى الْخَيْلِ وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى الْمَرْكَبَاتِ لأَنَّهَا كَثِيرَةٌ، وَعَلَى الْفُرْسَانِ لأَنَّهُمْ أَقْوِيَاءُ جِدًّا، وَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ وَلاَ يَطْلُبُونَ الرَّبَّ. 2وَهُوَ أَيْضًا حَكِيمٌ وَيَأْتِي بِالشَّرِّ وَلاَ يَرْجعُ بِكَلاَمِهِ، وَيَقُومُ عَلَى بَيْتِ فَاعِلِي الشَّرِّ وَعَلَى مَعُونَةِ فَاعِلِي الإِثْمِ. 3وَأَمَّا الْمِصْرِيُّونَ فَهُمْ أُنَاسٌ لاَ آلِهَةٌ، وَخَيْلُهُمْ جَسَدٌ لاَ رُوحٌ. وَالرَّبُّ يَمُدُّ يَدَهُ فَيَعْثُرُ الْمُعِينُ، وَيَسْقُطُ الْمُعَانُ وَيَفْنَيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا.
ع1 : مملكة يهوذا كانت مملكة ضعيفة بالقياس بمصر وآشور، فحاولت مملكة يهوذا أن تتكل على مصر وتتحالف معها؛ لأن بها جيشاً قوياً له خيول ومركبات وفرسان أقوياء، ونسوا أن معهم الله القدوس، الذى هو أقوى من كل البشر، وقد رأوا بأعينهم كيف نجاهم أيام موسى من جيوش فرعون الذين غرقوا فى البحر الأحمر؛ لذا يهددهم الله بالعقاب نتيجة إيمانهم بمصر، وقوتها أكثر من الرب.
ع2: إن كانت مصر تتصف بالحكمة، لكن الله هو أصل الحكمة، فهو ليس فقط حكيماً مثل مصر، بل فوق كل حكيم، وسيأتى بالشر على شعبه الذين يريدون التحالف مع مصر، أى سيسمح لهم بضيقات لعلهم يتوبون. والله ثابت وقوى ولا يخطئ، فلا يرجع فى كلامه مثل البشر، أى سيتمم حتماً عقاب شعبه الذى التجأ إلى مصر، وأيضاً مصر التى تتكبر، وتفتخر بقوتها، ولن تسند يهوذا.
ع3: يؤكد الله أن المصريين بشر ضعفاء وليسوا آلهة، كما كانوا يدعون، أو كما كان يتخيلهم شعب الله أنهم عظماء كالآلهة، فهم وخيلهم أجساد ضعيفة، أما الله فهو القوى القادر على كل شىء؛ لذا سيؤدب شعبه لعدم إيمانهم به، فيعثروا، ويعانوا من ضيقات. وأيضاً المصريون الذين ظنوا أنهم يستطيعون أن يعينوهم سيسقطون، ويتعرضون لعقاب شديد، أى ضيقات قاسية. فالشعب الذى يطلب معونة من غير الله، والمصريون الذين يشعرون بقوتهم، وأنهم يستطيعون معونة غيرهم؛ الكل يسقط ويظهر ضعفه.
مهما كانت الضيقات التى تمر بها يا أخى، لا تنزعج، بل التجئ إلى الله، فهو يستطيع أن يسندك، ويعبر بك بسلام، مهما كانت الضيقات صعبة.
(2) الله يحمى الراجعين إليه (ع4-9):
4لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ الرَّبُّ: «كَمَا يَهِرُّ فَوْقَ فَرِيسَتِهِ الأَسَدُ وَالشِّبْلُ الَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّعَاةِ وَهُوَ لاَ يَرْتَاعُ مِنْ صَوْتِهِمْ وَلاَ يَتَذَلَّلُ لِجُمْهُورِهِمْ، هكَذَا يَنْزِلُ رَبُّ الْجُنُودِ لِلْمُحَارَبَةِ عَنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَعَنْ أَكَمَتِهَا. 5كَطُيُورٍ مُرِفَّةٍ هكَذَا يُحَامِي رَبُّ الْجُنُودِ عَنْ أُورُشَلِيمَ. يُحَامِي فَيُنْقِذُ. يَعْفُو فَيُنَجِّي». 6اِرْجِعُوا إِلَى الَّذِي ارْتَدَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَنْهُ مُتَعَمِّقِينَ. 7لأَنْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَرْفُضُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَوْثَانَ فِضَّتِهِ وَأَوْثَانَ ذَهَبِهِ الَّتِي صَنَعَتْهَا لَكُمْ أَيْدِيكُمْ خَطِيئَةً. 8وَيَسْقُطُ أَشُّورُ بِسَيْفِ غَيْرِ رَجُل، وَسَيْفُ غَيْرِ إِنْسَانٍ يَأْكُلُهُ، فَيَهْرُبُ مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ، وَيَكُونُ مُخْتَارُوهُ تَحْتَ الْجِزْيَةِ. 9وَصَخْرُهُ مِنَ الْخَوْفِ يَزُولُ، وَمِنَ الرَّايَةِ يَرْتَعِبُ رُؤَسَاؤُهُ، يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِي لَهُ نَارٌ فِي صِهْيَوْنَ، وَلَهُ تَنُّورٌ فِي أُورُشَلِيمَ.
ع4: يهر : يزمجر.
يرتاع : يخاف.
أكمتها : الأكمة هى التل.
يشبه الرب نفسه بأسد، أو شبل يهجم على فريسته، ويحاول الرعاة إبعاده عنها، فلا يهتم بهم، أو يخاف من أصواتهم، أو يظهر ضعفه من كثرتهم. هكذا أيضاً الله يحمى مملكة يهوذا، ولا يستطيع أحد أن يقف أمامه، أو يمنعه من حمايتها. والله كأسد يمسك بشعبه لا ليفترسه، بل ليحميه من أعدائه.
ع5: مرفة : ترفرف، أى تحرك أجنحتها.
يشبه الله أيضاً نفسه بطيور ترفرف على شعبه؛ ليبين حنانه ورعايته وحمايته لشعبه، فينجيهم من أعدائهم، ويسامحهم عن خطاياهم، التى يتوبون عنها، وهى التجاؤهم لمصر، وكل خطية عملوها.
ع6: يظهر حنان الله ورحمته فى مناداته لشعبه ليرجع إليه، بعد أن ارتد عنه، وتعمق فى الارتداد، أى تحالف مع مصر، بل وقبل عبادة أوثانها، والسلوك فى كل شر، إرضاءً لها. وهذا يبين عظمة رحمته، وتسامحه مع شعبه، مهما كانت خطاياه.
ع7: إن توبة شعب الله هى أن يرفض من قلبه محبته للأصنام التى صنعها من الفضة والذهب. والتخلص من جسم الخطية، والتعلق بها هو الدليل الحقيقى على التوبة، فينال التائب مراحم الله.
ع8: وتظهر حماية الله لشعبه، ليس فقط فى قبول توبته، ولكن أيضاً فى القضاء على أعدائه الذين يحاصرونه، ويهددونه، وهو جيش آشور، فيسقط ليس بسيف إنسان، ولكن بيد ملاك الله، الذى يقتل بسيفه جيش آشور، ويهرب الباقون، ثم تسقط آشور أمام قوة المملكة البابلية، التى تفرض الجزية على أقوياء ومختارى آشور، أى يكونون فى ذل العبودية؛ لأنهم تكبروا على مدينة الله المقدسة أورشليم.
ع9: تنور : فرن.
إن صخر آشور هو ملكه سنحاريب، الذى خاف من الله إله إسرائيل، وأسرع هارباً. وكذلك رؤساء آشور، الذين هددوا سكان أورشليم، كانوا فى رعب وخوف شديد، وهم يهربون، بعد أن قُتل الكثير منهم، وهم يرون راية الله، أى ملاكه يقتل الكثيرين منهم.
وهكذا تظهر قوة الله، الذى ناره ترتفع على مذبح المحرقة، حيث يعبده شعبه باتضاع واتكال عليه، ويكون أيضاً كتنور يحرق أعداء شعب الله، أى الآشوريين.
ما حدث مع آشور يرمز إلى ما حدث بالصليب، الذى خاف منه الشيطان، وقيده المسيح، بل فى يوم الدينونة، سيلقيه هو وأعوانه فى العذاب الأبدى. ومازال حتى اليوم يهرب الشياطين من أمام أولاد الله، المتكلين عليه، والممسكين بصليبه.? الله يحميك من كل شر، بشرط أن تكون بكل قلبك معه، وتلقى عنك ما تعلقت به من شهوات العالم، مثل المال والنجاسة وحب التملك؛ حتى يصير قلبك لله وحده، فتتمتع بسلام، بل بفرح عجيب لا يعبر عنه.