الصليب المقدس
كان اليهود يؤمنون أن هذا الأصحاح، وكلامه عن عبد الرب، يقصد به المسيا المنتظر؛ كان ذلك حتى القرن الثانى عشر، ولكن بعد هذا، إذ شعروا أن كثيراً من اليهود سيؤمنون بالسيد المسيح بعد قراءة هذا الأصحاح، اضطروا أن يقدموا تفسيراً آخر عن عبد الرب، ففسروه بأنه شعب اليهود، أو إرميا، أو يوشيا الملك.
وهذه النبوات أعلنها إشعياء النبى قبل ميلاد المسيح بسبع مائة عاماً، وهى تصف آلام المسيح بدقة، فيصعب تجاهلها.
(1) حرية أورشليم بعد ذلها (ع1-3):
1 مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا، وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ 2 نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. 3 مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.
ع1: يتعجب إشعياء أن المسيا المنتظر سيولد بين اليهود لأجل خلاصهم، كما أعلنت النبوات، ولكنهم لم يؤمنوا به، رغم أن ذراع الرب، أى تجسده وفداءه كان واضحاً لليهود، لكنهم رفضوا الإيمان به لغلاظة قلوبهم.
ويمكن أن يكون المتكلم هو المسيح نفسه الذى جاء لليهود، ولم يصدقوه، ولم يفهموا ويؤمنوا بذراع الرب، أى التجسد والفداء.
ع2: كفرخ : كنبتة صغيرة.
كعرق : كغصن.
يصف إشعياء المسيح بأنه ظهر كنبات صغير قدام الله، وأمام البشر، وكان كغصن طلع من أرض يابسة، والمقصود بالأرض اليابسة، هى التى لا ينتظر أن يخرج منها نبات. فقد ظهر السيد المسيح من سبط يهوذا، الذى لم يعد له سلطان الملك، إذ انتهى الملك من بيت داود مع السبى، وولد المسيح من العذراء التى لا يمكن أن تلد إلا بحلول الروح القدس عليها، وخرج من الأمة اليهودية التى كانت ضعيفة فى هذا الوقت، وتحت عبودية الإمبراطورية الرومانية.
والخلاصة، أن المسيح وُلد بشكل متواضع جداً فى مزود بقر، وأسرة فقيرة، عائلها نجار عجوز، ونما بهدوء فى القامة والنعمة، فلم يكن له مظاهر القوة والعظمة؛ حتى شجع هذا البسطاء، مثل الرعاة أن يقتربوا إليه.
ثم ينتقل النبى إلى منظر آخر للمسيا المنتظر، ليس فقط فى ميلاده وطفولته، إذ كان فى صورة العار، وهو معلق على الصليب، بعد جلده والاستهزاء به. فلم يكن منظره جميلاً، أو جذاباً، أو عظيماً، بل ضعيفاً مهاناً، بخلاف عظمته الحقيقة، التى ظهر شيئاً منها قليلاً على جبل التجلى، عندما أضاء وجهه كالشمس فى لمعانها (مت17: 2). فهو فى الحقيقة أبرع جمالاً من بنى البشر، لكنه احتمل كل هذه الآلام لأجل خلاصنا.
ع3: كمستر : كمختفى.
نعتد به : نهتم به.
كان المسيح محتقراً منذ ولادته، فولد فى حظيرة بهائم، وتربى فى بيت فقير، بيت نجار عجوز. وعندما بدأ كرازته، وتبشيره، قام عليه اليهود، محاولين قتله أكثر من مرة. وعند القبض عليه أهانوه واحتقروه، واستهزأوا به، وجلدوه، وبصقوا على وجهه، وعروه وألبسوه ثوب الأرجوان ليهزأوا به، ثم حمل صليبه، وسقط تحته عدة مرات من التعب والضعف، ثم سمروه على خشبة الصليب، مثال الخزى والعار، وعند محاكمته وصلبه تخلى عنه الجميع وخذلوه، فجاز المعصرة وحده، ولم يكن معه أحد من الشعوب (إش63: 3).
والخلاصة أنه احتمل إهانات كثيرة طوال حياته، فنثنائيل قال عنه : “أَمِنَ الناصرة يخرج شئ صالح” (يو1: 46)، والهيود قالوا عليه أنه ابن زنا (يو8: 40)، وقالوا أيضاً أنه ببعلزبول يخرج الشياطين (لو11: 15)، واحتقروه وقالوا إنه أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة (مت11: 19)، ولم يعلموا أنه يبحث عن الخطاة ليتوبوا، ويحتمل كل الإهانات عنا؛ ليتمم خلاصنا.
وكان المسيح رجل أوجاع، تألم منذ ولادته، فلم يجد مكاناً مناسباً ليولد فيه، وهرب إلى مصر من وجه هيرودس الذى يريد قتله، واحتمل محاولات الكتبة والفريسيين أن يصطادوه بكلمة، ثم كملت الأوجاع فى آلام القبض عليه وصلبه، فاحتمل الأوجاع حتى الموت.
فى هذه الصورة الصعبة والآلام الشديدة جعلت الكثيرين يبعدون وجوههم عنه؛ لأنهم
ظنوا أن المسيا المنتظر سيأتى ملكاً عظيماً، وليس شخصاً مهاناً محتملاً للآلام؛ لأنهم أحبوا العظمة العالمية والكرامة، بل عندما رأوه على الصليب قالوا : أن هذا هو غضب الله الآتى عليه.
ومن كثرة الحقارة التى احتملها الرب يسوع، شعر الناس أنه ليس المسيا المنتظر، وحتى الشيطان – من كثرة الاحتقار – لم يعرفه، وبهذا أهملوه كحقير، وحتى من أحبوه، مثل تلميذى عمواس قالوا عنه : أنه كان نبياً مقتدراً فى الأقوال والأفعال، ولكن قتله اليهود (لو14: 19).
عندما تقابل آلاماً وأوجاعاً فى حياتك، لا تتذمر، ولكن تذكر مسيحك الذى تألم لأجلك، فتحتمل، واطلب معونته، فيسندك، فتنال بركة حمل الصليب وراءه، وبالتالى تنال أمجاد القيامة.
[2] صليب الخلاص (ع4-12) :
4 لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا.
5 وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6 كُلُّنَا
كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7 ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ
يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8 مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9 وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. 10 أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلًا تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. 11 مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. 12 لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.
ع4: تبدأ الآية بكلمة لكن، فرغم تصرفات البشر ضد المسيح الآتى لخلاصها، حمل هو خطايا (أوجاع البشر) والأحزان الناتجة عنها.
البشرية أخطأت كثيراً، ونتج عن أخطائها وأوجاعها أحزاناً، فأتى المسيح ليحمل خطاياها والأحزان الناتجة عنها، ومات على الصليب؛ ليفديها.
وظن الناس أن المسيح خاطئ فأتى عليه غضب الله، فهو مذلول بسبب خطاياه وأوجاعه، واحتمل المسيح أيضاً هذه الظنون من أجل محبته للبشر.
ع5: حُبر : الكدمات أو الآثار الناتجة عن الجلد والضرب.
الحقيقة هى أن المسيح ليس مضروباً ومذلولاً بسبب خطاياه، ولكنه مجروح، بل ومسحوق أيضاً من كثرة الآلام؛ لأجل خطايانا. هذا ما اكتشفه الناس الذين لهم استعداد للإيمان بعد قيامة المسيح، فعرفوا أن المسيح احتمل الصليب لأجلنا؛ ليرفع عنا خطايانا.
وحتى ننال نحن السلام الذى فقدناه بسبب خطايانا، كان ينبغى أن يحتمل هو التأديبات التى كانت لابد أن تأتى علينا، فحملها بدلاً منا على الصليب. وبالآلام والجلدات والضرب الذى نتج عنه حبراً فى جسده، نلنا نحن الشفاء من خطايانا. إنه الفداء العجيب الذى صنعه الرب يسوع لأجلنا، تألم لكيما نستريح، ومات لكيما نحيا، فلنسبحه ونمجده على الدوام.
ع6: إن كل البشر أخطأوا، لم يوجد واحد لم يخطئ؛ كل هذه الخطايا، من آدم حتى نهاية العالم وضعت على المسيح، فهى ليست خطاياه، ولكن خطايا البشر؛ احتملها، ونال عقابها
– وهو الموت – بدلاً عنا.
ع7: شاة : واحد من الغنم والماشية.
النعجة : أنثى الخروف.
جازيها : من يجز، أو يقص صوفها.
لقد ظلم المسيح فى كل مقاومة اليهود له طوال خدمته، فحاولوا قتله، وأيضاً اصطياده بكلمة، ثم فى محاكماته لم يجدوا فيه علة، كما شهد بيلاطس (يو18: 38)، ولكن حُكم عليه ظلماً بالموت. ونلاحظ أن الآية تتكلم بصيغة الماضى؛ لأن هذه النبوة مؤكدة أنها ستتم وتحدث، وهى فى علم الله الذى ليس عنده زمان حاضر، أو ماض، أو مستقبل.
ولم يدافع المسيح عن نفسه، بل وقف كذليل متهم، مع أنه القدوس البار؛ لأنه يريد أن يتمم الفداء مخفياً لاهوته. ويشبه المسيح بشاة، أو نعجة، وهى الحيوان المسالم الذى لا يدافع عن نفسه، حتى إلى الذبح، أو قص صوفه، فقد احتمل فى صمت كل الأحكام والإهانات حتى الموت، ولكنه فى يوم الدينونة سيرتفع صوته ليدين كل الظالمين.
ع8: احتمل المسيح ضغوطاً كثيرة من العذابات، والإهانات، ثم احتمل أيضاً دينونة فى محاكماته الستة، التى كانت تظهره كأنه متهم، وهو برىء لم يفتح فاه، واحتمل من أجل خلاصنا.
وظن الناس فى أيامه أنه قطع من أرض الأحياء، أى صلب ومات من أجل خطاياه، مع أنه لم يخطئ فى شىء، بل حمل خطايانا؛ ليقدم لنا الفداء والخلاص، فهو ضُرب من أجل ذنب شعبه؛ لأنه بلا خطية.
وقد شهدت امرأة بيلاطس بهذا وأخبرت زوجها (مت27: 19)، وشهد أيضاً اللص اليمين أنه لم يفعل شيئاً ليس فى محله (لو23: 41). بل شهد أيضاً بيلاطس نفسه أنى لا أجد فيه علة ( يو18: 38).
ع9: قبر المسيح جُعل مع الأشرار، يقصد به أمران :
- أنه صلب بين لصين من الأشرار. وكان الصليب هو قبره؛ لأنه مات عليه.
- المقصود بالأشرار، العساكر الذين حرسوا القبر، والذين كذبوا وقالوا إن تلاميذه سرقوا قبره ونحن نيام (مت28: 13).
ويظهر هذا اتضاع المسيح من أجلنا، فقبل أن يكون مع الأشرار، وهو القدوس البار.
وكان المسيح مع غنى الذى هو يوسف الرامى، الذى أعد له قبراً جديداً كان يملكه، فدفن المسيح فيه، وبهذا حفظ الله الجسد؛ حتى لا يلقى فى أى مكان، أو مع اللصين، كما كان متبعاً وقتذاك، وبهذا تظهر معجزة قيامته من الأموات والقبر الفارغ.
“جُعل المسيح مع الأشرار قبره..، وهو لم يعمل ظلماً، ولا وُجد فى فمه غش”، قد يظن البعض أنه شرير، فوُضِعَ مع الأشرار، و الحقيقة أنه كان نقياً وطاهراً، وبلا خطية، وقال هذا بوضوح للجموع “من منكم يبكتنى على خطية” (يو8: 46).
ع10: إن كان اليهود الأشرار أرادوا التخلص من المسيح بصلبه، لكنهم بهذا الشر الذى فعلوه تمموا مشيئة الله الآب، الذى أراد أن يسحق المسيح بالحزن، فيرى العالم كله محبته الفائقة، التى احتمل فيها كل الأحزان؛ لأجل فداء شعبه.
وبهذا يظهر إتمام الرموز التى ظهرت فى العهد القديم، وهى ذبائح الإثم، فقد تممها المسيح فى نفسه، فهو على الصليب كان ذبيحة إثم يحمل كل آثام البشرية؛ ليرفعها عنها. والمسيح نفسه أعلن أن حبة الحنطة، إن لم تمت فهى تبقى وحدها، ولكن إذا دُفنت فى الأرض تأتى بحبوب كثيرة (يو12: 24)، فالمسيح بموته على الصليب كان هو حبة الحنطة التى أتت بمؤمنين كثيرين.
وتطول أيامه، يقصد بها المسيح، كما يظهر ذلك من الترجمة اليسوعية، ومن الترجمة الإنجليزية، فالمسيح سيقوم من الأموات ويحيا إلى الأبد، فهو الله الأزلى الأبدى.
ومسرة الرب بيد المسيح تنجح؛ لأنه تمم إرادة الآب ومسرته، بفداء البشرية، وذلك بموته على الصليب، فأتى بنسل كثير، هم المؤمنين به، الذين ملأوا الكنائس فى العالم كله.
ولذا نقول فى التسبحة عن المسيح : “هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة”؛ هذه هى مسرة الآب.
ع11: إن المسيح من تعب نفسه، أى آلامه وموته على الصليب، يشبع بنفوس كثيرة تؤمن به، وتنال الخلاص.
وعبدى البار – الذى هو المسيح – من يعرفه ويؤمن به ينال الخلاص، وبهذا يتبرر المؤمن، إذ تُمحى خطاياه الذى يحملها المسيح عنه، فيحيا مع المسيح فى كنيسته، بل ويتمتع بالحياة الأبدية معه.
وهكذا نرى اتضاع المسيح أن يكون عبداً من أجلنا، وفى نفس الوقت هو البار القدوس. وعندما يحمل آثامنا على الصليب، ويموت عنا، فيرفع عنا خطايانا، وبقيامته يقيمنا معه فى الحياة الجديدة.
ع12: الآب يقسم للابن بين الأعزاء، وهم ملوك الأرض، فيعطيه نصيباً مثلهم، فإن كان ملوك الأرض يأخذون أراضى، وممتلكات، ونفوس الناس، فالمسيح الإبن ينال نفوساً تؤمن به، وتنال الخلاص الذى تممه على الصليب، أفضل من جميع ملوك الأرض.
ومع العظماء، أى القديسين المؤمنين به، يقسم المسيح غنيمة، هى مواهب الروح القدس وثماره، فهو قد تمم الخلاص على الصليب، وبروحه القدوس يعطى أولاده القديسين بركات لا تحصى.
كل هذا يعطيه المسيح، بسبب أنه سكب نفسه بموته على الصليب، فتمم خلاص البشرية. وأحصى المسيح مع الأثمة، أى اللصين، فهو حمل خطية كثيرين، أى كل خطايا البشر، وهو يشفع فى المذنبين، أى كل الخطاة الذين آمنوا به، وتابوا، وهو الشفيع الكفارى الوحيد، الذى يشفع بدمه فى المؤمنين به، فينالوا خلاصاً كاملاً من كل خطية.
وهكذا نرى المسيح المصلوب يقدم ثمار خلاصه لأولاده، من خلال الروح القدس فى كنيسته، فيشبع أولاده، ويسندهم كل أيام حياتهم على الأرض، بل ويمجدهم أيضاً فى السماء.
إذا تأملت يا أخى فى خلاص المسيح العجيب على الصليب، تشعر بعظمة محبته التى تفوق كل عقل، فتترك من أجله كل خطاياك، وتعلقاتك المادية؛ لتحيا له، بل تشتاق أن تكون خادماً له، تبذل حياتك؛ لتجمع الكثيرين إلى أحضانه.