الله الراعى طويل الآناة
(1) خطايا شعب الله (ع1-11):
1 «اِسْمَعُوا هذَا يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ، الْمَدْعُوِّينَ بِاسْمِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِيَاهِ يَهُوذَا، الْحَالِفِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَالَّذِينَ يَذْكُرُونَ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ بِالصِّدْقِ وَلاَ بِالْحَقِّ! 2 فَإِنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ مِنْ مَدِينَةِ الْقُدْسِ وَيُسْنَدُونَ إِلَى إِلهِ إِسْرَائِيلَ. رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. 3 بِالأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ زَمَانٍ أَخْبَرْتُ، وَمِنْ فَمِي خَرَجَتْ وَأَنْبَأْتُ بِهَا. بَغْتَةً صَنَعْتُهَا فَأَتَتْ. 4 لِمَعْرِفَتِي أَنَّكَ قَاسٍ، وَعَضَلٌ مِنْ حَدِيدٍ عُنُقُكَ، وَجَبْهَتُكَ نُحَاسٌ، 5 أَخْبَرْتُكَ مُنْذُ زَمَانٍ. قَبْلَمَا أَتَتْ أَنْبَأْتُكَ، لِئَلاَّ تَقُولَ: صَنَمِي قَدْ صَنَعَهَا، وَمَنْحُوتِي وَمَسْبُوكِي أَمَرَ بِهَا. 6 قَدْ سَمِعْتَ فَانْظُرْ كُلَّهَا. وَأَنْتُمْ أَلاَ تُخْبِرُونَ؟ قَدْ أَنْبَأْتُكَ بِحَدِيثَاتٍ مُنْذُ الآنَ، وَبِمَخْفِيَّاتٍ لَمْ تَعْرِفْهَا. 7 الآنَ خُلِقَتْ وَلَيْسَ مُنْذُ زَمَانٍ، وَقَبْلَ الْيَوْمِ لَمْ تَسْمَعْ بِهَا، لِئَلاَّ تَقُولَ: هأَنَذَا قَدْ عَرَفْتُهَا. 8 لَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ تَعْرِفْ، وَمُنْذُ زَمَانٍ لَمْ تَنْفَتِحْ أُذُنُكَ، فَإِنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ تَغْدُرُ غَدْرًا، وَمِنَ الْبَطْنِ سُمِّيتَ عَاصِيًا. 9 مِنْ أَجْلِ اسْمِي أُبَطِّئُ غَضَبِي، وَمِنْ أَجْلِ فَخْرِي أُمْسِكُ عَنْكَ حَتَّى لاَ أَقْطَعَكَ. 10 هأَنَذَا قَدْ نَقَّيْتُكَ وَلَيْسَ بِفِضَّةٍ. اخْتَرْتُكَ فِي كُورِ الْمَشَقَّةِ. 11 مِنْ أَجْلِ نَفْسِي، مِنْ أَجْلِ نَفْسِي أَفْعَلُ. لأَنَّهُ كَيْفَ يُدَنَّسُ اسْمِي؟ وَكَرَامَتِي لاَ أُعْطِيهَا لآخَرَ.
ع1، 2: يعاتب الله شعبه الذي تمتع ببركات كثيرة من الله، ويقول له:
1- “المدعوين باسم إسرائيل” فأنتم يابنى يعقوب الذين اخترتكم كشعب خاص بي، إذ دعوت أباكم يعقوب بإسرائيل، ومعناه “الذي جاهد وصارع مع الله” فأنتم شعب مختار وخاص بالله، ولكم علاقة محبة وارتباط متميز مع الله.
2- “خرجوا من مياه يهوذا” يهوذا هو السبط الملكي، الذي خرج منه داود الملك، ومن نسله المسيح ملك الملوك. فأنتم السبط الملكى، ومملكة يهوذا هى التى احتوت هيكل الله، فهم أبناء الملك والملتصقون بهيكل الله.
3- “الحالفين باسم الرب” فأنتم تقسمون باسم الرب، بخلاف باقى شعوب العالم التى تحلف بأسماء الآلهة الوثنية التى تعبدها، فأنتم متميزون بإيمانكم بالله خالق السموات والأرض.
4- “يسمون من مدينة القدس” أنتم تنتسبون إلي المدينة المقدسة، التى فيها الهيكل أى تدعون أبناء هيكل الله الذي تعبدونه فيه، بخلاف باقي الأمم.
5- “يسندون إلي إله إسرائيل” فأنتم تسندون، وتتكلون على الله، وليس على قوى العالم، مثل باقي الأمم.
ولكنكم رغم كل هذا التميز، تذكرون اسم الله ليس بالصدق ولا بالحق، أى أن قلوبكم شريرة، ولكم شكل العبادة الخارجية، والمظهر الحسن في انتسابكم لله، ولكنكم لا ترتبطون به بقلوبكم، بل ترتبطون بالخطية وشرور العالم، فخطيتكم هي الرياء والعبادة الشكلية.
ع3: الأمر السادس الذي يذكرهم به الله بخلاف الخمسة أمور المذكورة في (ع 1، 2)، هو أن الله أنبأهم بأمور ستتم، وحدثت فجأة، ورأوها بأعينهم، رغم أنهم كانوا متشككين، أو غير مصدقين لهذه النبوات، مثل إنباء الله لهم، على يد موسى، أنهم سيخرجون من أرض مصر، وخرجوا فعلاً بالضربات العشر، وبعبور البحر الأحمر، وأنبأهم أيضًا بهلاك جيش سنحاريب، وتم أمام عيونهم في ليلة واحدة.
ع4: إن كانت الخطية الأولى للشعب هي العبادة الشكلية، فالخطية الثانية التى يعلنها الله في عتابه لشعبه في هذه الآية هي قساوة القلب. فيصف الله عنق هذا الشعب إنه من حديد، وجبهته من نحاس، فهو عنيد، ولا يخضع لله، ولذا يقدم له نبوات تتم بعد فترة قصيرة، ليصدق أنه هو الله وحده، وليس الآلهة الوثنية؛ حتى يؤمن به ويطيع كلامه.
ع5: الله يخبر بالأمور الآتية منذ زمان، ثم تتم بعد فترة، والله هو الذى يعلنها بنفسه؛ حتى لا يظن شعب الله أن الأصنام، التى ينظر إليها شعبه، هي التى فعلت هذه الأمور العجيبة. وهذا يبين خطية ثالثة للشعب، وهى ارتباط قلوبهم وعبادتهم للأصنام، بجوار عبادتهم لله، فاحتاج الله أن يؤكد لهم أنه هو الله وحده الذي ينبئ بالأمور الآتية، ولا تستطيع الآلهة الوثنية أن تفعل هذا.
ع6: يطلب الله من شعبه أن ينظر، أى ينتظر تحقيق النبوات التى سمعها؛ حتى يتأكد من صدق الله، ويثبت إيمانه به، بل ويطلب منه أيضًا، أن يخبر باقى الشعوب بما أنبأ الله به، وتحقق لعلهم يؤمنون.
ويضيف الله، ويقول لشعبه: قد أنبأتك، عن طريق إشعياء النبى، بنبوات حديثة عن المسيح، وهى مخفية عن كل البشر، فهى تذكر تفاصيل عن المسيا المنتظر لا يعرفها أحد.
ع7: ويقول الله عن هذه النبوات، المذكورة في العدد السابق، أنها الآن خلقت، أى أعلنت، ولم تعلن من قبل، فهى نبوات جديدة عن المسيح، لم تذكر بهذا التحديد قبل إشعياء، وبالتالي لا يستطيع شعب الله أن يقول أني قد عرفتها من قبل؛ لأن إشعياء فقط هو الذي نطق بها، ولئلا يقول شعب الله أن الآلهة الوثنية قد أعلنتها.
ع8: يعاتب الله شعبه أنه لم يسمع ولم يعرف بكلام الله، ولم تنتفح أذنه الداخلية؛ ليؤمن بهذا الكلام. وذلك يؤكد عناد شعب الله، وصلابة رقابهم، بل إنهم سيغدرون بالله؛ لأنهم شعب عاصى منذ زمن طويل، منذ بداية تكوينه، وقد غدروا وقاموا على المسيح وصلبوه.
ع9: إن شعب الله العاصي يستحق أن يأتى عليه غضب الله، بل يستحق أن يقطعه، ولكن الله لا يفعل هذا من أجل اسمه الذي دُعى على هذا الشعب، ومن أجل افتخاره بأن هذا هو شعبه المختار الذي اعتنى به، وأخرجه من عبودية مصر، وعاله وأطعمه في البرية، وحفظه من الأعداء، والأخطار.
ع10: كور : فرن شديد الحرارة لصهر المعادن.
الله لم يغضب ولم يقطع شعبه، ولكن أراد فقط تأديبه حتى يتوب عن خطاياه. وإن كانت الفضة تنقى في الكور، فالله أدب شعبه، الذي هو فضة غالية الثمن في نظره، وذلك عن طريق السبى، واحتمال الذل والعبودية؛ حتى يتوب، وعندما تاب أعاده بمعجزة عظيمة إلي بلاده، وبنى الهيكل المقدس.
وسيسمح الله في نهاية الأيام بضيقة عظيمة (رؤ7: 14) لنفس السبب، أى لتنقية أولاده المؤمنين به، فينقيهم من كل شىء، ويدخلهم إلي الملكوت.
ع11: يؤكد الله اهتمامه بتنقية شعبه، وذلك ليس بسبب فضائل عظيمة في شعبه، ولكن من أجل اسم الله، وكرامته؛ فيليق بشعبه أن يكون نقيًا؛ ليستطيع أن يسكن مع الله، ويتمتع به إلي الأبد.
ويكرر الله من أجل نفسه مرتين؛ لتأكيد أن محبته وأبوته هي السبب في تنقية شعبه، وليس من أجل تميز هذا الشعب عن باقي الشعوب؛ لأنه شعب عاصى، كما قال الرب (ع8)، وليظهر مجد الله في تحويل العُصاة إلي مؤمنين؛ ليعطى رجاءً لكل الأمم أن تؤمن بالمسيح، وتخلص في ملء الزمان.
والله لا يستطيع أن يترك شعبه يتمادى في خطاياه، ولا يستطيع أيضا أن يفنيهم من أجل اسمه المدعو عليهم وكرامته.
وهذا التأديب هو نعمة من الله؛ ليخلص الشعب، كما ذكر بولس الرسول (عب12: 6-8) فهو تأكيد لبنوة الشعب وخضوعه، وحتى لا يهلك، بل يجد مكانًا في الأبدية.
إقبل الضيقات التى تمر بك، وافحص نفسك لتتوب عن خطاياك، وقد تكون هى السبب، ولكن ثق في محبة الله التى تؤدبك كإبن؛ لتتنقى وتخلص، وتنال حياتك الأبدية.
[2] رعاية الله لشعبه (ع12-22) :
12 «اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ، وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ: أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ، 13 وَيَدِي أَسَّسَتِ الأَرْضَ، وَيَمِينِي نَشَرَتِ السَّمَاوَاتِ. أَنَا أَدْعُوهُنَّ فَيَقِفْنَ مَعًا. 14 اِجْتَمِعُوا كُلُّكُمْ وَاسْمَعُوا. مَنْ مِنْهُمْ أَخْبَرَ بِهذِهِ؟ قَدْ أَحَبَّهُ الرَّبُّ. يَصْنَعُ مَسَرَّتَهُ بِبَابِلَ، وَيَكُونُ ذِرَاعُهُ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ. 15 أَنَا أَنَا تَكَلَّمْتُ وَدَعَوْتُهُ. أَتَيْتُ بِهِ فَيَنْجَحُ طَرِيقُهُ. 16 تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا هذَا: لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ» وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ. 17 هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكَ
قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ، وَأُمَشِّيكَ فِي طَرِيق تَسْلُكُ فِيهِ. 18 لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْرِ. 19 وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ، وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي. 20 «اُخْرُجُوا مِنْ بَابِلَ، اهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ. بِصَوْتِ التَّرَنُّمِ أَخْبِرُوا. نَادُوا بِهذَا. شَيِّعُوهُ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. قُولُوا: قَدْ فَدَى الرَّبُّ عَبْدَهُ يَعْقُوبَ. 21 وَلَمْ يَعْطَشُوا فِي الْقِفَارِ الَّتِي سَيَّرَهُمْ فِيهَا. أَجْرَى لَهُمْ مِنَ الصَّخْرِ مَاءً، وَشَقَّ الصَّخْرَ فَفَاضَتِ الْمِيَاهُ. 22 لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ».
ع12، 13: يكرر الله نداءه لشعبه، كما في بداية هذا الإصحاح، ليس ليعاتبهم على خطاياهم، ولكن ليظهر قوته لهم، فيقول:
1- أنا الأول وأنا الآخر: فهو الأزلى الأبدى، ليس قبله شىءٌ، ولا بعده شىءٌ، وبالتالى كل شىء خاضع له، وتحت سلطانه.
2- أنا الذي خلقت الأرض والسموات: وهى خاضعة لي، تطيعنى في كل شىء، وتقف عندما آمرها بهذا، أى تفعل كل ما أريد.
وبالتالي يا شعبى يبقى أن تخضع أنت أيضًا لي، فتنال مراحمي وبركاتي، وفي نفس الوقت تطمئن؛ لأن بيدى كل شىء، فأستطيع أن أخلصك من بابل، وأعيدك إلى بلادك، وأعطيك حريتك.
ع14: هذا هو النداء الثالث في نفس الإصحاح، فالله يدعو كل شعبه، ليسمعوا كلامه. ويتساءل : مَن مِن شعوب العالم كله أخبر بهذه النبوة التى أقولها الآن، وهى خراب بابل العظيمة المسيطرة على العالم وقتذاك.
لقد أحب الله كورش الفارسي الذي سيمد يده على بابل، ويصنع مسرة الله بتأديب بابل المتكبرة، وكل الكلدانيين الساكنين فيها، فيوقف استعبادها لشعب الله، ولكل الأمم.
ع15: يؤكد الله أنه هو الذي دعى كورش؛ لذا يقول “أنا .. أنا” فالله هو صانع الخلاص، وكورش هو الأداة التى يتم بها خلاص شعبه، والله سينجح طريقه، فتخضع له بابل وكل شعوب الأرض، ثم يحرر شعب الله، ويعيدهم إلي بلادهم.
ع16: يقول الرب : “تقدموا إلي، إسمعوا هذا”، وهذا هو النداء الرابع والأخير في هذا الإصحاح؛ إذ ينادي كل شعبه؛ ليعلن لهم أنه يتكلم علنًا منذ بداية الخليقة، وليس في الخفاء بكلمات غير مفهومة، مثل آلهة الوثنية.
يتكلم الله عن كورش الذي كان في ذهن الله منذ الأزل، فهو موجود في تدبير الله؛ ليخلص شعبه في الوقت المناسب. والذي أرسل كورش هو الرب نفسه، وروحه القدوس؛ لذا تقدم بقوة وحطم بابل، واستولى على كل الأمم.
وهذه الآية تتكلم بوضوح عن الثالوث القدوس، فالإبن يتكلم ويقول أنه موجود منذ الأزل مع الآب، وروحه القدوس. وكل أقنوم له عمله، الآب والإبن والروح القدس، وهو الذى دبر إرسال كورش لتخليص شعبه.
وبهذا نرى أن كورش رمزٌ للمسيح الإبن، الذي سيتجسد في ملء الزمان، والذي تتكلم عنه هذه الآية، وسيخلص شعبه من استعباد الشيطان له، ويحرره ليحيا معه إلي الأبد.
ع17: إن كان شعب الله قد عصاه، وسار في الخطية، وسمح الله بتأديبه في السبى، كى يكون نقياً (ع10)، فيكلمه الآن ليظهر محبته له، التى تظهر فيما يلي:
1- المتكلم هو الله فاديه، أى أنك يا شعب، غالي جدًا عندي، واخترتك، وخلصتك ممن يذلونك؛ سواء مصر، أو بابل.
2- أنا قدوس إسرائيل الذي أريد أن أمتعك بحياة القداسة، فتفرح معى الآن وإلى الأبد.
3- أنا أعلمك لتفهم وتقتنع، وتنتفع في حياتك، فأنا أهتم بحريتك لتسير معى بإرادتك ورغبتك، وليس كالحيوانات التى بلا فهم، وحتى تصير حكيمًا بتعليمي لك، فتحيا مطمئنًا
وفرحًا.
4- أمشيك في طريق الحياة، أى أساندك وأرشدك؛ لتتمتع بطريق مستقيم، فتحيا
مطمئنًا.
ع18: لجج: المياه العميقة.
ينبه الله شعبه أنه لو لم يكن قد عصاه، لما سقط في السبى، أما إن أصغى لوصايا الله، فسينال بركات جديدة إضافية لما سبق ذكره في الآية السابقة، وهي:
5- يصير سلامك كالنهر، أى مياه متجددة مستمرة، فهو سلام دائم، ومتجدد يفرح قلب الإنسان؛ لأن مصدره من الله السخي في عطائه لمحبيه.
6- يكون أيضًا برّك كثيرًا جدًا، مثل لجج البحر، فتتمتع بالنقاوة والأعمال الصالحة التى تعملها طوال حياتك.
ع19: يضيف الله بركة جديدة لما سبق، وهي:
7- يكون نسلك مثل الرمل في الكثرة، وذريتك، أى الخارجون منك، أحشاؤهم مثل أحشاء الرمل (ذراته)، أى يلدون كثيرًا ويصعب حصر أعدادهم، فيكون لهم اسمٌ أمام الله طوال الحياة على الأرض، بل في الأبدية أيضًا يحيون أمام الله.
ع20: شيعوه : بينوه وأخبروا به، وأنشروه.
ينبه الله شعبه، ويطلب منهم أن يخرجوا من بابل، بل أن يهربوا من بلاد الكلدانيين، التى هى بابل؛ لأنها مملوءة بالشر والذل، وحتى لا يتعرضوا للهجوم الفارسي على بابل.
والمقصود أيضًا بالخروج والهروب، هو عدم التعلق بالبلاد البابلية التى ولدوا فيها، أو اشتروا فيها أراضي وبيوتاً، بل يعودوا من السبى مع زربابل إلي أورشليم؛ ليبنوا الهيكل ويعبدوا الله.
لذا يقول لهم: أخرجوا بصوت الترنم لأنكم عائدون إلي بلادكم؛ لتعبدوا الله، وأنشروا هذا الخبر في كل مكان؛ ليجتمعوا إخوتكم معكم، وتعودوا إلي أورشليم.
ونفس هذا النداء الإلهى قاله الرب في سفر الرؤيا، للخروج من بابل التى تمثل الشر في العالم (رؤ18: 4) إعلنوا لإخوتكم؛ ليعودوا معكم، ولكل العالم أن الله قد فدى شعبه، وأعاده إلي بلاده، وخلصه من عبودية بابل.
ع21: القفار: الأماكن الجرداء التى ليس فيها ماء ولا ساكن.
أعاد الله شعبه من بابل بسلام، ولم يحتاج لشىء، بل عاله في الطريق، وكذلك عندما وصل إلي أورشليم واليهودية.
وعندما يقول: “ولم يعطشوا في القفار، وأجْرَى لهم من الصخر ماء، وشق الصخر ففاضت المياه”، يقصد النبى أن الرب عالهم في الطريق، ويتذكر إشعياء النبى ما حدث لشعب الله عندما خرج من مصر، وسقاه الله في برية سيناء من الصخرة بيد موسى.
ع22: أما الذين رفضوا أن يخرجوا من بابل من شعب الله، ليعبدوه في أورشليم، وظلوا وسط الوثنيين، وانشغلوا بشهوات العالم، فهؤلاء لن يتمتعوا بالسلام، والفرح لوجودهم بين الأشرار.
الله هو راعيك الذي يهتم بك، ويريد أن يهبك بركاته، فكما تتمتع بها، كن مطيعًا لوصاياه، واثبت في كنيستك وأسرارها المقدسة، فتحيا مطمئنًا.
بهذا ينتهى هذا الجزء (ص40 – 48) بأنه لاسلام قال الرب للأشرار، أى أن من يرفض الله ويصر على عبادة الأوثان لن يحصل على سلام.