بركات الله لكنيسته
بعد أن تكلم إشعياء فى الإصحاح السابق عن الصليب والفداء، يتحدث هنا فى هذا الإصحاح عن بركات الصليب، وهى كنيسة العهد الجديد المملوءة بالثمار الصالحة، والبركات العظيمة، التى ينتظرها ميراث أبدى لا يعبر عنه.
(1) إحسانات الله لشعبه (ع1-10):
1 «تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَمْخَضْ، لأَنَّ بَنِي الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي ذَاتِ الْبَعْلِ، قَالَ الرَّبُّ. 2 أَوْسِعِي مَكَانَ خَيْمَتِكِ، وَلْتُبْسَطْ شُقَقُ مَسَاكِنِكِ. لاَ تُمْسِكِي. أَطِيلِي أَطْنَابَكِ وَشَدِّدِي أَوْتَادَكِ، 3 لأَنَّكِ تَمْتَدِّينَ إِلَى الْيَمِينِ وَإِلَى الْيَسَارِ، وَيَرِثُ نَسْلُكِ أُمَمًا، وَيُعْمِرُ مُدُنًا خَرِبَةً. 4 لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ لاَ تَخْزَيْنَ، وَلاَ تَخْجَلِي لأَنَّكِ لاَ تَسْتَحِينَ. فَإِنَّكِ تَنْسَيْنَ خِزْيَ صَبَاكِ، وَعَارُ تَرَمُّلِكِ لاَ تَذْكُرِينَهُ بَعْدُ. 5 لأَنَّ بَعْلَكِ هُوَ صَانِعُكِ، رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ، وَوَلِيُّكِ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، إِلهَ كُلِّ الأَرْضِ يُدْعَى. 6 لأَنَّهُ كَامْرَأَةٍ مَهْجُورَةٍ وَمَحْزُونَةِ الرُّوحِ دَعَاكِ الرَّبُّ، وَكَزَوْجَةِ الصِّبَا إِذَا رُذِلَتْ، قَالَ إِلهُكِ. 7 لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ، وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ. 8 بِفَيَضَانِ الْغَضَبِ حَجَبْتُ وَجْهِي عَنْكِ لَحْظَةً، وَبِإِحْسَانٍ أَبَدِيٍّ أَرْحَمُكِ، قَالَ وَلِيُّكِ الرَّبُّ. 9 لأَنَّهُ كَمِيَاهِ نُوحٍ هذِهِ لِي. كَمَا حَلَفْتُ أَنْ لاَ تَعْبُرَ بَعْدُ مِيَاهُ نُوحٍ عَلَى الأَرْضِ، هكَذَا حَلَفْتُ أَنْ لاَ أَغْضَبَ عَلَيْكِ وَلاَ أَزْجُرَكِ. 10 فَإِنَّ الْجِبَالَ تَزُولُ، وَالآكَامَ تَتَزَعْزَعُ، أَمَّا إِحْسَانِي فَلاَ يَزُولُ عَنْكِ، وَعَهْدُ سَلاَمِي لاَ يَتَزَعْزَعُ، قَالَ رَاحِمُكِ الرَّبُّ.
ع1: أشيدى : أنشدى وترنمى.
تمخض : آلام الولادة.
المستوحشة : المهجورة المتروكة.
البعل : الزوج.
العاقر هى الأمة اليهودية المسبية فى بابل وقد كانت مستوحشة، ولكن عندما تابت ورجعت إلى الله، أرجعها إلى بلادها وباركها، واستمرت تعبد الله فى هيكله.
والعاقر والمستوحشة هى الأمة اليهودية عموماً التى تمسكت بحرفية الناموس لا جوهره، فلم يكن لها فضائل روحية، إلى أن أتى المسيح، وتغير فهمها للروحيات، فامتلأت بثمار الروح القدس ومواهبه.
والعاقر هى الأمم التى كانت بعيدة ومستوحشة، وبلا ثمر، فلما آمنت بالمسيح صار لها ثمار صالحة، وانضمت للكنيسة التى أصبح لها بنينٌ كثيرون من اليهود والأمم، الذين تنصروا.
والمستوحشة والعاقر هى كل نفس ابتعدت عن الله، ثم عادت لإيمانها الأول ومحبتها، فباركها الله، وقبل توبتها، وأعطاها ثماراً روحية كثيرة.
ويُفهم أن البعل هو الله الذى يعطى مراحمه لأولاده ويباركهم.
ينادى كل هؤلاء بأن يرنموا، ويسبحوا الله، ويشكروه على رحمته، وعطاياه، وبركاته، ويفرحوا معه على الدوام.
ع2، 3: شقق : قطع من القماش توصل ببعضها لعمل الخيمة.
أطنابك : الحبال التى تربط بها الشقق بأوتاد الخيمة المثبتة فى الأرض.
أوتادك : الخشبة التى تدق في الأرض لتثبيت الخيمة.
يخاطب الله الأمة اليهودية التى ستؤمن بالمسيح، فتوسع مكان خيمتها، وتبسط، أى توصل وتمد شققاً جديدة للخيمة، أى مسكنها، بل تصير لها مساكن كثيرة هى الكنائس التى تنتشر فى العالم كله، لتحوى كل المؤمنين؛ ليس فقط من اليهود، بل الأمم أيضاً.
وأطيلى أطنابك؛ حتى تكون الخيمة أكبر ما يمكن، وثبتى أوتادك فى الأرض؛ لتغطى الكثيرين، والكثيرين من المؤمنين.
والامتداد إلى اليمين واليسار، يعنى احتواء المؤمنين من العالم كله، ويقصد أيضاً باليمين اليهود، واليسار الأمم، فالكل سيجتمعون بقلب واحد، وإيمان واحد.
لأن نسلك سينضم إليه أممٌ كثيرة، ترثه بالإيمان، فيصيروا أعضاء فى الكنيسة. والأماكن الخربة التى لم يكن فيها ذكر لله، ستصير عامرة بالمؤمنين، بدلاً من عبادة الأصنام والشياطين.
ع4: يقول الله للأمة اليهودية لا تخزى من ترملك؛ لأنك كنت فى بابل فى خزى السبى كأرملة مهجورة، وبلا سند، ولا تستحى من عار عبوديتك فى صباكِ عندما كنتِ فى مصر؛ كل هذا زال ويزول، فلا تضطربى من تحكم آشور وبابل، فهذا مؤقت، وسينتهى، والله سيرجعك من سبيك، بل فاديك المسيا المنتظر، الذى سيأتى فى ملء الزمان، سيرفع وجهك، وتكونين فى فرح.
ع5: وليك : هو المسئول عنك، والقادر أن يدفع ديونك.
ويواصل الله كلامه للأمة اليهودية فيقول لها : إن بعلك، أى عريسك هو صانعك الذى يعرف كل شىء عنك، وهو الذى خلقك، والقادر أن يحميك، ويحررك من كل عبودية، وهو أقوى من كل جيوش وجبابرة العالم، فلا تنزعجى من أية قوة، مثل آشور، أو بابل.
ووليك هو الله قدوس إسرائيل القادر أن يرجعك من السبى، بل أكثر من هذا يفديك على الصليب، ويعطيك الحرية الحقيقية من كل خطية. فهو وليك الذى يستطيع بدمه أن يوفى كل ديون خطاياك، وينقيك، فتعيشى له، وتفرحى فى الأرض، ثم فى السماء.
ع6: يقول الله لعروسه الأمة اليهودية أنها زوجة الصبا، التى اختارها من بين شعوب العالم، فآمنت به وقدمت له عبادة مقدسة منذ أيام موسى. ولكن عندما أخطأت وعبدت الأوثان عملت خطايا كثيرة فهجرها، واعتزل عنها، فخذلت بعار السبى. ولكنه يعود إليها بمراحمه عندما تتوب، ويعوضها عن كل أيام حزنها؛ لأنه يحبها، فهى عروسه منذ زمان طويل.
ع7، 8: تخلى الله عن شعبه فترة قصيرة جداً، يعبر عنها الله بلحيظة، أى تصغير لحظة، بالقياس بالفترة التى سيتمتع فيها بمراحمه، وهى ليست فى الأرض فقط، بل فى السماء، أى إلى الأبد، فمهما كان عدد السنين لا يقاس بالحياة الأبدية.
وأجمعك تعنى أن الله يجمع أمة اليهود من تشتتها فى أنحاء العالم، ويعيدها إلى بلادها، أى يرجعها من السبى. وأجمعك تعنى أيضاً جمع اليهود والأمم فى كنيسة واحدة، هى كنيسة العهد الجديد. بالإضافة إلى أنه يجمع شعبه بكل فئاته، كبار وصغار، كهنة وخدام، وشعب، كلهم بقلب واحد، ومحبة واحدة. ثم فى النهاية، يجمع كل حواس الإنسان، وأفكاره ومشاعره، وكل إمكانياته فى وحدانية؛ ليحيا مع الله فى سلام.
إن كان تخلى الله عن الأمة اليهودية يبدو عنيفاً كالفيضان فى غضبه، ولكنه يتحول، عندما تتوب الأمة اليهودية، إلى إحسانات كثيرة جداً على الأرض فى الرجوع من السبى، وفى كنيسة العهد الجديد، ثم تمتد إلى الأبد، وبهذا يصير الغضب فترة صغيرة جداً وهى لحيظة، أما الإحسان فأبدى.
ع9: أزجرك : أنتهرك بشدة.
يعلن الرب : أنه كما كانت مياه نوح، أى الطوفان، ضيقة شديدة على الأرض لتطهيرها من الدنس والشر؛ هكذا أيضاً (هذه لى) أنا اضطررت أن أسمح بضيقة لشعبى، وتأديب؛ ليتوب ويرجع عن خطاياه من خلال السبى.
ولكن كما حلفت لنوح ألا يحدث طوفان على الأرض مرة أخرى، وعندما تمطر السماء بشدة يظهر قوس قزح بألوان الطيف السبع فى السماء – دليل على وعدى – هكذا أيضاً أحلف لكِ يا عروسى – الأمة اليهودية – بأنى لا أغضب عليكِ وأنتهرك بشدة مرة أخرى. فحتى لو حدثت ضيقات لكنى لا أترككِ؛ لأنكِ عروسى وأحبك. وأنا أحبك رغم معرفتى بكل خطياكِ، وأريد أن تكونى معى، ليس فى الأرض فقط، بل فى السماء إلى الأبد؛ لأنك آمنتِ بى، وأنا وعدتك من أجل الآباء، و الإيمان الذى قبلتهِ أن أظل معكِ إلى الأبد. فإن حدثت لكِ أية ضيقات تذكرى وعدى، وإرجعى إلىَّ سريعاً.
ع10: الآكام : التلال.
كل ما فى العالم معرض للاهتزاز والتغير، حتى الجبال و الآكام، ولكن الشىء الوحيد الذى لا يتغير هو كلامى ووعودى، التى هى إحسانى وعهد سلامى؛ لأنى راحمكِ وربكِ ولا أترككِ أبداً.
وهكذا أيضاً الكنيسة أعطاها الله عهد سلام، ووعد أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها (مت16: 18). وإن حدثت ضيقات، فلينتبه أبناء الكنيسة ليتوبوا، ويظل العهد ثابتاً ليرجع المؤمنون إلى الله، فيتمتعوا بسلامه على الأرض وفى السماء.
ليتك يا أخى تتأمل إحسانات الله لك طوال حياتك؛ لتشكر الله عليها، فتطمئن، ويثبت إيمانك، فتتقدم وتنمو فى محبتك لله.
[2] ميراث عبيد الرب (ع11-17) :
11 «أَيَّتُهَا الذَّلِيلَةُ الْمُضْطَرِبَةُ غَيْرُ الْمُتَعَزِّيَةِ، هأَنَذَا أَبْنِي بِالأُثْمُدِ حِجَارَتَكِ، وَبِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ أُؤَسِّسُكِ، 12 وَأَجْعَلُ شُرَفَكِ يَاقُوتًا، وَأَبْوَابَكِ حِجَارَةً بَهْرَمَانِيَّةً، وَكُلَّ تُخُومِكِ حِجَارَةً كَرِيمَةً 13 وَكُلَّ بَنِيكِ تَلاَمِيذَ الرَّبِّ، وَسَلاَمَ بَنِيكِ كَثِيرًا. 14 بِالْبِرِّ تُثَبَّتِينَ بَعِيدَةً عَنِ الظُّلْمِ فَلاَ تَخَافِينَ، وَعَنِ الارْتِعَابِ فَلاَ يَدْنُو مِنْكِ. 15 هَا إِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ اجْتِمَاعًا لَيْسَ مِنْ عِنْدِي. مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْكِ فَإِلَيْكِ يَسْقُطُ. 16 هأَنَذَا قَدْ خَلَقْتُ الْحَدَّادَ الَّذِي يَنْفُخُ الْفَحْمَ فِي النَّارِ وَيُخْرِجُ آلَةً لِعَمَلِهِ، وَأَنَا خَلَقْتُ الْمُهْلِكَ لِيَخْرِبَ. 17 «كُلُّ آلَةٍ صُوِّرَتْ ضِدَّكِ لاَ تَنْجَحُ، وَكُلُّ لِسَانٍ يَقُومُ عَلَيْكِ فِي الْقَضَاءِ تَحْكُمِينَ عَلَيْهِ. هذَا هُوَ مِيرَاثُ عَبِيدِ الرَّبِّ وَبِرُّهُمْ مِنْ عِنْدِي، يَقُولُ الرَّبُّ.
ع11، 12: الإثمد : حجر أسود يكحل به العين لتجميلها.
الياقوت الأزرق : حجر كريم لونه أزرق.
شرفك : جمع شرفة وهى ما يدعى بالعامية بلكونة، أو فرندة.
ياقوتاً : حجر كريم أزرق، أو شفاف.
بهرمانية : حجر كريم لونه أحمر.
تخومك : حدودك.
يحدث الرب أمته اليهودية، ويقول لها : أيتها الذليلة والمضطربة، أو غير المتعزية بسبب خطاياك، التى أوقعتكِ فى السبى والعبودية، ويعدها بوعود جميلة هى :
1- أبنى بالأثمد حجارتك :
والحجارة ترمز إلى أبناء هذه الأمة، والأثمد يرمز إلى الاستنارة، أى يتميز أبناؤك بالاستنارة الروحية والفهم والحكمة.
2- وبالياقوت الأزرق أؤسسك :
فيكون أساسك من حجر كريم هو الياقوت الأزرق، فأساسك يكون كريماً عظيماً، ولونه أزرق يشير للسماء الزرقاء، أى يكون أساس حياتك هو تعلقك بالسماء، فتعيشى على الأرض وأنت روحانية سماوية فى سلوكك، وأساس حياتك وتفكيرك هو أنك سماوية.
ويخبرنا الكتاب المقدس فى العهد الجديد أن المسيح هو حجر الزاوية الذى نؤسس عليه (أف2: 20)، بل والمسيح نفسه علم تلاميذه، وعلمنا الصلاة الربانية، التى تكلم الله بها، ونقول : أبانا الذى فى السموات، فإن كان أبونا سماوياً، فينبغى أن نحيا كلنا كأبناء له سماويين.
3- وأجعل شرفك ياقوتاً :
الياقوت لونه إما أزرق، أو شفاف، ويقصد به أن يكون تطلعك من الشرف لتبحثى عن السماء والنقاوة فى كل ما حولك، أى أنك إن كنت سماوية ونقية، فتلقائياً ستبحثين عن المسيح الذى هو سماوى ونقى، فتجدينه فى البشر وكل الكائنات حولك. والمسيح نفسه يعلن أن أنقياء القلب يعاينون الله، أى أن الأنقياء القلب يعاينون الله كلى النقاوة (مت5: 8).
4- وأبوابك حجارة بهرمانية :
الأبواب هى مداخل الأماكن، فهى تشير إلى حواس الإنسان، فتكون بهرمانية، أى ذات لون أحمر، وهو يرمز لدم المسيح الفادى، فتكون حواسك مائلة للعطاء والحب والبذل.
5- وكل تخومك حجارة كريمة :
فحدودك، أو مظهرك الخارجى يكون من هذه الحجارة الكريمة، التى ترمز للفضائل، أى يتحلى أولادك بالفضائل، وكل من يراهم يرى الله فيهم.
نلاحظ أن هذه التشبيهات، والوعود الإلهية، تشبه وعود الله لأولاده والمدينة المقدسة أورشليم الجديدة، المذكورة فى سفر الرؤيا (رؤ21).
ع13: يضيف الله أيضاً وعداً جديداً للأمة اليهودية، وهو أن كل بنيها يكونون تلاميذ للرب، وكل من يحيا فى الإيمان وبنوة الله، يتعلم من الله، ويكون تلميذاً له، فيتميز بنعمة عظيمة هى السلام، بل السلام الكثير، فلا ينزعج من اضطرابات الحياة، ولكن يسلك فى الطريق الروحى كإبن لله، متمتع براحة وفرح. هذه هى عطايا الله لأولاده المؤمنين فى العهد القديم والعهد الجديد، وهو سلام بالطبع يختلف ويسمو عن سلام العالم المؤقت.
ع14: يدنو : يقترب.
وعد آخر يقدمه الله لأمته، وهى أنها تحيا فى البر، فتثبت فى حياة هادئة مستقرة، بعيدة عن الظلم، وبالتالى لا تخاف، أو ترتعب؛ لأن الضيقات التى ستمر بها ستكون بسماح من الله لفائدتها، ولا يستطيع أحدٌ، مهما كان قوياً، أن يؤذيها، كما قال المسيح لبيلاطس : “لم يكن لك علىّ سلطان لو لم تكن قد أعطيت من فوق” (يو19: 11).
ع15: يقول الرب : إن أراد أعداؤك أن يجتمعوا عليك؛ ليؤذوك، فلن يستطيعوا؛ لأنى أنا أحميك، أما هم فيسقطون أمامك، والمقصود بالسقوط هو عجزهم عن إيذائك، كما حدث مع سنحاريب وجيشه، الذى أهلكه الملاك، أو يسقطون أى يخضعون لك ويؤمنون بإلهك، وينضمون لك. فالدولة الرومانية قامت عليك، ولكن قد سقطت لك وآمنت بإلهك. وإريانوس أكثر والى عذب أبناءك المسيحيين فى مصر أيام دقلديانوس، آمن وصار شهيداً.
ع16: كما أن الحداد ينفخ فى النار لتصير قوية، ويشكل الحديد بالشكل الذى يريده بعد تسخينه، هكذا أيضاً المهلك الذى يدمر بلاد العالم، يخرب. والله ضابط الكل يستخدم المخرب كتأديب لشعبه، ثم يباركه بعد أن يتوب ويتضع من تأثير التأديبات عليه، أى أنه كما يحتاج الحديد إلى نار ليسهل تشكيله، كذلك أيضاً الإنسان يحتاج إلى تأديبات حتى يترك خطاياه، ويغير طباعه الشريرة، ويسلك مستقيما مع الله. وفى النهاية، الله يهتم بأولاده ليسعدهم، ويقربهم إليه، فيعيشوا مطمئنين تحت رعايته حتى داخل التجارب مهما كانت شديدة.
ع17: يختم إشعياء هذا الإصحاح بكلمات مطمئنة للأمة اليهودية التى تؤمن بالله، والتى ترمز للكنيسة، فيقول : “أن كل آلة صورت ضدك لا تنجح”، أى أن كل مؤامرات الشر، مهما كانت قوية، لا تنجح فى تخريبك، وتظل الكنيسة ثابتة بمبادئها وأفكارها الروحية، حتى لو قام المخربون وخربوا أماكن كثيرة من الكنيسة، فتظل قوية لا تزعزع.
وكل لسان يتكلم عليك سيحكم عليه يوم القضاء، أى يوم الدينونة، فالقديسون سيدينون العالم فى اليوم الأخير؛ لأنهم آمنوا بالله، فبحياتهم يدينون كل الأشرار، ويحكمون على كلماتهم الباطلة.
هذا هو ميراث عبيد الرب أن يهبهم الله طمأنينة وسلام، وأيضاً بر وصلاح، فهو يحفظهم كل أيام حياتهم بنعمته.
الله يطمئنك يا أخى فلا تنزعج من تهديدات العالم، أو تقلباته، بل اثبت فى إيمانك وعلاقتك بالله، فترى قوة الله المساندة لك، ويفرح قلبك.