الله ينتصر على سنحاريب
هذا الإصحاح هو بالنص (2مل19)، ويمكن الرجوع إليه فى تفسير الموسوعة الكنسية الجزء 6 .
(1) حزقيا يطلب صلاة إشعياء (ع1-7):
1 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. 2 وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشَبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمُسُوحٍ إِلَى إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ النَّبِيِّ. 3 فَقَالُوا لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا: هذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ الأَجِنَّةَ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ عَلَى الْوِلاَدَةِ. 4 لَعَلَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَسْمَعُ كَلاَمَ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ الإِلهَ الْحَيَّ، فَيُوَبِّخَ عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. فَارْفَعْ صَلاَةً لأَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ». 5 فَجَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَاءَ. 6 فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَاءُ: « هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. 7 هأَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا فَيَسْمَعُ خَبَرًا وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ».
ع1-5 : لما سمع حزقيا الملك كلام مندوبيه عن تعييرات ربشاقى للشعب ولحزقيا، ولله، حزن جداً، وتذلل أمام الله، ولبس المسوح، أى الملابس الخشنة.
وأرسل حزقيا مندوبيه، وشيوخ الكهنة، وهم متذللين بلبس المسوح إلى إشعياء النبى؛
ليقولوا لإشعياء أن اليوم يوم شدة، وضيق على حزقيا وكل شعبه. وعبر حزقيا عن عجزه
بتشبيه نفسه بأم حبلى، وجاءت ساعة ولادتها، وليس لها قوة أن تلد؛ وهذا معناه احتياجه الشديد لله، وإيمانه بقوته القادرة أن تخلصه من ملك آشور.
وطلب حزقيا من إشعياء، موضحاً رجاءه فى الله القادر أن يعاقب ربشاقى على تعييراته، أن يصلى لله إلهه؛ لأن إشعياء النبى قريب من الله، ويطلب من أجل بقية شعب الله الموجود فى مملكة يهوذا، خاصة أن مملكة إسرائيل كانت آشور أخذتها للسبى، فجاء مندوبو حزقيا إلى إشعياء وأبلغوه بهذا الكلام.
ومما سبق يُفهم :
- تذلل واتضاع حزقيا، وقادة مملكة يهوذا.
- إيمان حزقيا بالله؛ لذا التجأ إليه.
- إيمان حزقيا بإشعياء أنه نبى الله وقريب منه.
- إيمان حزقيا بأن الله سيخلصه وشعبه من هذه الضيقة، ويعطيهم حياة، أى يولدوا من جديد بإيمان أقوى من ذى قبل.
ع6، 7: رد إشعياء على حزقيا برسالة يطمئنه فيها : ألا يخف من تهديدات غلمان ملك آشور. وكلمة غلمان تحقير لهم؛ لأنهم كصبية ضعفاء ليس لهم قوة. وأعلمه أن سنحاريب سيسمع خبراً يزعجه، ويجعل فيه روح خوف، وهو عزم ترهاقة ملك مصر وكوش أن يهجم
عليه، ثم خبر قتل ملاك الله لجيشه، فأسرع راجعاً إلى بلاده؛ لينجو بنفسه، وهناك قتله إبناه بالسيف.
إطمئن ما دام الله معك، فكل تهديدات الشيطان بلا قيمة، مهما بدا الشيطان قوياً، فالله سيتدخل وينقذك ويحفظك من كل شروره، فتفرح وتشكر الله.
[2] ملك آشور يستمر فى تهديداته (8-13) :
8 فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. 9 وَسَمِعَ
عَنْ تِرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشَ قَوْلًا: «قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ». فَلَمَّا سَمِعَ أَرْسَلَ رُسُلًا إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا:10 «هكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ: لاَ يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَوَكِّلٌ عَلَيْهِ، قَائِلًا: لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. 11 إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ الأَرَاضِي لِتَحْرِيمِهَا. وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ 12 هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ الأُمَمِ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي، جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصَفَ وَبَنِي عَدَنَ، الَّذِينَ فِي تَلَسَّارَ؟ 13 أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفَرْوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟».
ع8، 9: سمع ربشاقى مندوب سنحاريب ملك آشور أن سنحاريب ترك مدينة لخيش التى فى جنوب مملكة يهوذا، وذهب إلى مدينة أخرى اسمها لبنة فى جنوب مملكة يهوذا أيضاً؛ ليستولى عليها، فذهب إليه ربشاقى، وهناك سمع أن ترهاقة ملك مصر وكوش سيحارب سنحاريب، فتفاهم مع سنحاريب، الذى أمره أن يتفاوض مع حزقيا، بطريقة أكثر ليونة، ويحاول إقناعه بالاستسلام لآشور، ليقوى مركزه أمام ترهاقة، ويتفرغ لمحاربته.
وبهذا بدأ الله يهز ويخيف سنحاريب المتكبر، الذى يهدد أورشليم، وكانت هذه هى البداية، فإن لم يتب سنرى كيف سيعاقبه الله.
ع10-13: أرسل سنحاريب إلى حزقيا يشككه فى إيمانه، ويقول له : لا تنخدع بأن إلهك يستطيع أن يحميك؛ لأن كل آلهة الأمم، المذكور أسماؤها هنا، لم تستطع أن تحميها، بل تغلب عليها ملوك آشور، وبهذا يدعوه للاستسلام دون حرب، أى يخيفه؛ ليستسلم.
ملحوظة : أماكن بلاد الأمم المذكورة هنا موضحة فى تفسير الموسوعة الكنسية لسفر الملوك الثانى الجزء السادس (2مل17: 24، 18: 34 ؛ 19 : 11-13).
ثق أن إلهك أقوى من كل قوى العالم، وقادر أن يبعد كل من يضايقك بطرق لا يعرفها أحد، فقط تمسك بإيمانك، وصلواتك الدائمة له.
[3] صلاة حزقيا (ع14-20):
14 فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ يَدِ الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَنَشَرَهَا حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ، 15 وَصَلَّى حَزَقِيَّا إِلَى الرَّبِّ قَائِلًا: 16 «يَا رَبَّ الْجُنُودِ، إِلهَ إِسْرَائِيلَ الْجَالِسَ فَوْقَ الْكَرُوبِيمِ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 17 أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعِ. افْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كُلَّ كَلاَمِ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللهَ الْحَيَّ. 18 حَقًّا يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا كُلَّ الأُمَمِ وَأَرْضَهُمْ، 19 وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ، خَشَبٌ وَحَجَرٌ، فَأَبَادُوهُمْ. 20 وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلِّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ».
بإيمان قوى أخذ حزقيا الملك رسائل ملك آشور، وصعد إلى بيت الرب، ونشر الرسائل أمامه، أى أنه قال له : أنت المسئول عن حماية شعبك، وليس أنا، فهذا اتضاع من حزقيا، وإيمان فى نفس الوقت.
ثم صلى، وهذا يبين التجاءه السريع المتكرر لله، فهو رجل صلاة، فقد التجأ إلى الله عندما سأل إشعياء ليصلى عنه (ع4) وصلى عندما مرض (ص38: 2).
تكلم حزقيا مع الله، وأعلن إيمانه بأن الله هو الجالس على الملائكة (الكاروبيم)، أى أنه ملك السماء وكل ممالك الأرض، ولقبه بأنه رب الجنود، فهو يؤمن بقوة الله التى تقهر سنحاريب، وهو فوق كل قوة فى العالم.
ويطلب حزقيا من الله أن يسمع تعييرات سنحاريب، فهو الله الحى، أما آلهة الأمم التى انتصر عليها آشور وكلها خشب وحجارة، فهى ميتة بلا قيمة.
ثم فى ثقة كاملة يطلب من الله التدخل حالاً، أى الآن؛ ليخلص شعبه من يد آشور.
ليتك يا أخى تعتمد على الصلاة فى كل أمور حياتك، فهى قادرة أن تفتح لك الطريق، وترتب أمور حياتك، وتسندك فى كل خطواتك، فبالصلاة يتقدمك الله، فتدخل وراءه فى طمأنينة وسلام.
[4] استجابة الرب (ع21-38):
21 فَأَرْسَلَ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلًا: «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: 22 هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ: اِحْتَقَرَتْكَ. اسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ. نَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. 23 مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ، وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتًا، وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ؟ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ! 24 عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ، وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلُوِّ الْجِبَالِ، عِقَابِ لُبْنَانَ، فَأَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ، وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلُوِّهِ، وَعْرَ كَرْمَلِهِ. 25 أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا، وَأُنَشِّفُ بِبَطْنِ قَدَمِي جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. 26 أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ. مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ. الآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً.27 فَسُكَّانُهَا قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا. صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ، كَحَشِيشِ السُّطُوحِ، وَكَالْمَلْفُوحِ قَبْلَ نُمُوِّهِ. 28 وَلكِنَّنِي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. 29 لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ، أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَشَكِيمَتِي فِي شَفَتَيْكَ، وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ. 30 «وَهذِهِ لَكَ الْعَلاَمَةُ: تَأْكُلُونَ هذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً، وَأَمَّا السَّنَةُ الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ، وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 31 وَيَعُودُ النَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا الْبَاقُونَ يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَلَ، وَيَصْنَعُونَ ثَمَرًا إِلَى مَا فَوْقُ. 32 لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ بَقِيَّةٌ، وَنَاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا. 33 «لِذلِكَ هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا، وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. 34 فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجعُ، وَإِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 35 وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي، وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي». 36 فَخَرَجَ مَلاَكُ الرَّبِّ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةً وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. فَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيِّتَةٌ. 37 فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. 38 وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرْآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ أَسَرْحَدُّونَ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
ع21-25: عقاب : طريق أعلى الجبال.
الأرز والسرو : أشجار عالية قوية تكثر فى لبنان.
وعر كرمله : المقصود الغابات الكثيفة.
خلجان : جمع خليج، وهو بحيرة مالحة من البحر تمتد داخل الأرض اليابسة.
استجاب الله سريعاً لصلاة حزقيا، وأرسل إليه إشعياء النبى بكلام الله رداً على صلاته.
فقال الله لسنحاريب : إن مملكة يهوذا التى تبدو ضعيفة، وشبهها بعذراء، هى أقوى دولة فى العالم؛ لأن الله معها؛ لذا فقد احتقرت أورشليم تهديداتك، بل هزت رأسها مستهزئة بكلامك (أنغضت رأسها).
فقد سقطت يا سنحاريب فى خطية عظيمة، وهى أنك ليس فقط تكبرت، بل تعاليت على الله الذى هو قدوس إسرائيل، وسمحت لنفسك أن تهدده، هو ومدينته المقدسة أورشليم.
وفى كبريائك يا سنحاريب، شعرت أن مركباتك الحربية تستطيع أن تصل إلى أشجار لبنان العالية، مثل الأرز والسرو، وترتفع فوق الجبال، بل فوق الغابات أيضاً، أى أنك تستطيع أن ترتفع فوق جميع الممالك، مهما كانت قوية، أو مرتفعة.
وتستطيع أن تشرب مياه بلاد غريبة عنك، حتى تنشف مياهها، أى أنك تستطيع أن تخضع جميع ممالك الأرض المختلفة، حتى القوية منها، مثل مصر، بل تدوسها بأقدام جنودك وتستولى عليها.
كل هذا الكلام لم يقله سنحاريب فى رسائله وتهديداته، ولكنه قاله فى قلبه، وكشفه الله؛ لأن الله سيعاقب سنحاريب المتكبر.
ع26-29: روابى : أماكن مرتفعة.
الملفوح : نباتات صغيرة أتت عليها رياح ساخنة فجففتها وصارت ضعيفة جداً.
خزامتى : حلقة حديدية توضع فى أنف العبيد إذلالاً لهم.
شكيمتى : قطعة حديدية توضع فى فم الحيوان مثل الحصان لتوجيهه، وهى اللجام.
وتقول إنى نشفت خلجان مصر، وهذا خيال لم يحدث، أما أنا فقد شققت البحر الأحمر، ونشفت قاع البحر، ألم تسمع كل هذا؛ وكيف جعلت مياه نهر الأردن تقف، وجعلت شعبى يعبر على أرض ناشفة فى قاعه ؟!
إن كنت قد هزمت بلاداً كثيرة، فلأن سكانها ضعفاء قصار الأيدى، لم يقاوموك، لأنهم يعتمدون على الأصنام، فهم يشبهون أعشاباً ضعيفة فى الحقل، أو نباتات خضراء صغيرة، وحشيش صغير ينبت على أسطح البيوت؛ لأن ليس له عمق، ومثل نباتات صغيرة ملفوحة.
وأنا أعلم كل شىء عنك، وكل كبريائك علىَّ، فأنا سأضع خزامتى فى أنفك، وشكيمتى فى فمك، وأوجهك كالحيوان؛ لتعود إلى بلادك فى خزى. هذا ما فعلته يا ملك آشور فى الأمم التى خربتها، فأنا سأفعله معك، وأعاقبك لأجل شرك.
ع30-32: زريعاً : حبوب تسقط أثناء الحصاد على الأرض، وتنبت بعد هذا وتعطى ثماراً.
خلفة : نباتات مزروعة، تؤخذ ثمارها، وتترك النباتات للسنة التالية، فتعطى ثماراً، ولكن أقل من السنة الأولى.
تظهر بركة الله لشعبه، ليس فى إبعاد الأشوريين عنهم فقط، بل أيضاً بركته للحقول التى بعدما يحصدها الآشوريون، ويسقط قليلاً من الحبوب فى الأرض، يبارك الله هذا القليل الذى سقط، فيعطى محصولاً كبيراً، والمفروض أن تعطى ثمراً فى السنة التالية، ولكن قليلاً، وببركة الله يصير محصولاً كبيراً، يكفى كل الشعب. وفى السنة الثالثة يكون الشعب قد استعاد قوته، وبناء مدنه، وتحصينها، فيستطيع أن يزرع الأرض زراعة جيدة، ويحصد ويأكل من تعب يديه. فالله أعطاهم الحرية، وأيضاً الطعام الذى يحتاجونه.
وهكذا يبارك الله فى الباقين من شعبه القليلين، فيعطيهم قوة، كما يعطى النباتات، فتمتد جذورها فى الأرض، وترتفع، وتعطى ثماراً إلى فوق، وهذا ينطبق أيضاً على الراجعين من السبى البابلى، فببركة الله يجدون طعاماً، ويبنون بيوتهم، فينالوا حريتهم واحتياجاتهم.
كل هذا الخير والبركة هى من غيرة الله القوى رب الجنود على شعبه، فيباركهم ويحميهم، ويسندهم.
ع33-35: ترس : قطعة خشبية مغطاة بالجلد، ولها عروة من الخلف يدخل الجندى فيها يده، ويحركها أمام وجهه وصدره؛ ليحمى نفسه من السهام.
مترسة : حائط يبنيه العدو ليستتر خلفه، ويرمى القذائف الحجرية، أو النارية، ويمنع الخارجين من المدينة المحاصرة من أن يهربوا.
يعلن الله أن الأشوريين لن يدخلوا أورشليم، ولن يستخدموا أسلحتهم لمحاربتها، بل يرجعوا إلى بلادهم، وبهذا يحمى الله مدينته المقدسة، وهذا بالطبع يطمئن كل سكان أورشليم أن الله معهم، ويحميهم، فلا يقترب منهم العدو، ولا يؤذيهم، وذلك لسببين هما :
- من أجل اسم الله الذى دعى على شعبه، والذى تطاول العدو وعيره.
- من أجل كرامة وقداسة داود الذى كان قلبه مثل قلب الله (اع13: 22)، والذى من نسله جاء حزقيا الملك الصالح، الجالس على عرش داود، ويسلك باستقامة مثله، وبهذا تظهر كرامة، وشفاعة داود، فرغم أنه قد مات، ولكن قوة صلاته ظاهرة فى حماية أولاده شعب الله.
ع36-38: بعد أن أعلن الله قراره، الذى ذكرناه فى الثلاث آيات السابقة، بأن سنحاريب وجيشه لن يدخل أورشليم، فى نفس الليلة، قتل ملاك الرب 185.000 من جيش سنحاريب، فانزعج باقى الجيش عندما رأوا جثث اخوتهم حولهم فى كل مكان، وهربوا سريعاً.
وهرب سنحاريب مع الهاربين من جيشه؛ حتى وصل إلى عاصمته نينوى، فدخل وهو فى حزن شديد ويأس إلى معبد إلهه نسروخ، وكان عقاب الله ينتظره؛ لأجل كثرة كبريائه وشروره، ففيما هو يشتكى حاله لإلهه الصنم، دخل عليه إبناه وقتلاه بالسيف، وهربا إلى أرض أراراط، التى هى شرق نينوى، وملك آسرحدون ابن سنحاريب بدلاً منه.
ونلاحظ أمراً روحياً هاماً، حدث مع حزقيا الملك الصالح، إذ مر بثلاثة مراحل :
- خاف من ملك آشور، عندما هجم على اليهودية، وخضع له، وأرسل له الجزية، وهذا كان ضعف إيمان بالله.
- عندما حاصر سنحاريب أورشليم للمرة الأولى، وهدد حزقيا وكل شعبه، زاد إيمانه، والتجأ إلى الله لينقذه.
- عندما حاصر سنحاريب أورشليم للمرة الثانية، وعيَّر اسم الله القدوس، دبت الغيرة المقدسة فى قلب حزقيا، ووضع رسائل سنحاريب على مذبح الله، وصلى وطلب منه التدخل للحفاظ على اسمه القدوس، فتدخل الله سريعاً، وأهلك جيش سنحاريب.
وهكذا نجد حزقيا انتقل من ضعف إيمان إلى إيمان بالله، ثم غيره مقدسة وإلحاح على الله للتدخل، وهكذا نرى بركات الضيقة التى نقلت حزقيا إلى إيمان عظيم.
إقبل الضيقة التى تمر بك، والتجئ إلى الله بكل قلبك، فهو قادر فى طرفة عين أن يحول الشر إلى خير، فتحيا مطمئناً بين يديه.