محبة الحكمة والسلوك بها
(1) محبة الحكمة (ع1-9):
1- اِسْمَعُوا أَيُّهَا الْبَنُونَ تَأْدِيبَ الأَبِ، وَاصْغُوا لأَجْلِ مَعْرِفَةِ الْفَهْمِ، 2- لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا، فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي. 3- فَإِنِّي كُنْتُ ابْنًا لأَبِي، غَضًّا وَوَحِيدًا عِنْدَ أُمِّي، 4- وَكَانَ يُرِينِي وَيَقُولُ لِي: «لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5- اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي. 6- لاَ تَتْرُكْهَا فَتَحْفَظَكَ. أَحْبِبْهَا فَتَصُونَكَ. 7- الْحِكْمَةُ هِيَ الرَّأْسُ. فَاقْتَنِ الْحِكْمَةَ، وَبِكُلِّ مُقْتَنَاكَ اقْتَنِ الْفَهْمَ. 8- ارْفَعْهَا فَتُعَلِّيَكَ. تُمَجِّدُكَ إِذَا اعْتَنَقْتَهَا. 9- تُعْطِي رَأْسَكَ إِكْلِيلَ نِعْمَةٍ. تَاجَ جَمَال تَمْنَحُكَ».
ع1، 2: شريعته : إرشاداته.
بمسئولية الأب يتكلم سليمان مع محبى الحكمة، ويدعوهم بحنانه للإستماع إلى تعاليمه، وفهمها. بل يقبلون أيضاً تأديبه لأنه يصلح حياتهم، وإرشاداته لهم هى قانون، وشريعته لهم تحفظهم فى الطريق المستقيم مع الله. فالتأديب هو نوع من التعليم الصالح لإصلاح وتقويم الإبن.
ع3 : غضا : يقصد به الفتى الصغير السن الذى بدأ طريق النضوج.
يتكلم سليمان عن أبيه داود، فيقول أنه كان ابناً لأبيه، أى خاضعاً ومطيعاً له، ومتمتعاً بأبوته ورعايته. كذلك كان يشعر كأنه وحيد لأمه بثشبع مع أنه كان له إخوة آخرون (1أى3: 5) لكنه شعر باهتمام أمه به، وتربيتها له باهتمام كبير كأنه وحيد. وفى نفس الوقت كان سليمان يهتم بسماع وطاعة تعاليم أمه كأنه ابن وحيد لها.
ويصف سليمان نفسه بأنه كان غضاً، أى صغيراً قابلاً للتعليم أكثر من الكبار، مثل الغصن الجديد الأخضر، القابل للنمو على الشجرة.
ورغم أن سليمان قد تعلم علوماً كثيرة فى قصر أبيه داود، لكنه خضع لتعاليم أبيه الذى كان راعياً للغنم، ولم ينل شيئاً مما تعلمه سليمان، إذ سمع صوت الله على لسان أبيه، وكان داود حقاً قلبه مثل قلب الله (1صم13: 14، أع13: 22)، فنال حكمة إلهية علمها لإبنه الصغير.
هذه الآية نبوة عن المسيح، فسليمان رمز للمسيح، وهنا يقول المسيح أنه ابن وحيد للآب فى الجوهر، ووحيد لأمه العذراء مريم، فهى تنطبق بوضوح عن المسيح أكثر من سليمان. وكما دُعى المسيح الابن الحبيب (مت3: 17)، كذلك دُعى سليمان يديديا، أى المحبوب (2صم12: 25).
ع4: تعاليم داود لسليمان لم تكن بالكلام فقط، بل بالقدوة، إذ كان يرى ويظهر فى سلوكه لابنه كل ما يعلمه به.
وكان ينصحه بأن يحفظ كلامه ليس فقط بالذهن، بل بالتطبيق العملى فى حياته، ويضبط ويخبئ كلامه فى قلبه، أى يشعر بهذه التعاليم، ليثبت فيها.
ع5: يوصى سليمان كل ابن من أولاده محبى الحكمة أن يقتنيها، ويتفهمها، أى يتعمق فى معرفتها، واقتناء الحكمة يعنى أنها ثمينة وغالية يسعى الإنسان للحصول عليها. ويحذره أيضاً من إهمالها، فيعرض عنها وسط انشغالات الحياة.
ع6: يدعو سليمان كل من يحب الحكمة ألا يهملها يوماً ما؛ لأنه إن أهملها سيخسر عنايتها به، إذ هى تحفظه من كل شر، وتعلمه كيف يواجه المشاكل الصعبة. فهى مساندة له فى جميع المواقف، وتحفظه نقياً، فيستطيع أن يعاين الله، ويتمتع بعشرته.
وإن تمسك بها سيراها أمامه، فيحبها، وحينئذ يزداد فعلها فيه، فتصونه وتحميه من مكايد العدو الشيطان، وتكون كبرج حصين يلتجئ إليه، فيحيا مطمئناً ثابتاً فى الله، وساعياً بخطوات واضحة نحو هدفه وهو الأبدية.
ع7: الحكمة هى أساس البنيان، وهى أهم شئ تقتنيه، وأول شئ تطلبه، لذا يوصى سليمان محب الحكمة أن يقتنيها مهما كان الثمن. فبكل طاقته وإمكانياته يسعى نحو الحكمة ويقتنيها؛ لأنه إذا اقتناها فقد اقتنى كل شئ.
الحكمة هى الأقنوم الثانى المسيح إلهنا الذى هو رأس الجسد، فمن اقتنى الرأس فقد أصبح عضواً حقيقياً فى جسد المسيح. ومن اقتنى المسيح فقد اقتنى الملكوت، الذى هو اللؤلؤة الغالية الكثيرة الثمن، التى من أجلها يبيع التاجر كل ما له ليقتنيها (مت13: 46).
ع8: اعتنقتها : آمنت بها وصارت كقلادة فى عنقك.
إذا رفعت الحكمة فى حياتك، وسلوكك وفى داخل قلبك، فإنها تعليك، وتمجدك فى نظر الله، وأيضاً فى نظر الناس. فسليمان كان ملكاً مثل ملوك كثيرين ملكوا على بنى إسرائيل كآخاب، لكنه تعاظم وتمجد عنهم لأجل طلبه وتمسكه بالحكمة.
فكل من يؤمن بالحكمة، ويطبقها فى حياته تمجده كقلادة جميلة فى عنقه تظهر للجميع، وتعطيه نعمة فى أعين من حوله.
ع9: الحكمة تضع على رأسك إكليل وتاج، أى تعطيك مهابة وعظمة فى نظر من حولك، وتمجدك كملك وظافر فى الحرب؛ لأنك تدوس قوة الشياطين، وتغلب فى حروبك الروحية، وتملك على نفسك فتضبط كل شئ، وتكون ممجداً أمام الله، وتحيا فى فرح.
إن أحببت الحكمة وسعيت إليها، فهى تحبك وتفيض عليك ببركات كثيرة. فاتضع أمام الله، وأمام الناس لتتلمذ على أيدى الكل، فيهبك الله الحكمة وبركاتها التى لا تعد.
(2) الحكماء والأشرار (ع10-19):
10- اِسْمَعْ يَا ابْنِي وَاقْبَلْ أَقْوَالِي، فَتَكْثُرَ سِنُو حَيَاتِكَ. 11- أَرَيْتُكَ طَرِيقَ الْحِكْمَةِ. هَدَيْتُكَ سُبُلَ الاسْتِقَامَةِ. 12- إِذَا سِرْتَ فَلاَ تَضِيقُ خَطَوَاتُكَ، وَإِذَا سَعَيْتَ فَلاَ تَعْثُرُ. 13- تَمَسَّكْ بِالأَدَبِ، لاَ تَرْخِهِ. احْفَظْهُ فَإِنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ. 14- لاَ تَدْخُلْ فِي سَبِيلِ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَسِرْ فِي طَرِيقِ الأَثَمَةِ.
15- تَنَكَّبْ عَنْهُ. لاَ تَمُرَّ بِهِ. حِدْ عَنْهُ وَاعْبُرْ، 16- لأَنَّهُمْ لاَ يَنَامُونَ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا سُوءًا، وَيُنْزَعُ نَوْمُهُمْ إِنْ لَمْ يُسْقِطُوا أَحَدًا. 17- لأَنَّهُمْ يَطْعَمُونَ خُبْزَ الشَّرِّ، وَيَشْرَبُونَ خَمْرَ الظُّلْمِ. 18- أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِق، يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إِلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ. 19- أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَكَالظَّلاَمِ. لاَ يَعْلَمُونَ مَا يَعْثُرُونَ بِهِ.
ع10: الحكمة تعطى بركات كثيرة لمن يحيا بها، فلأن الحكيم يسلك معتدلاً ولا يستسلم للشهوات الشريرة، تكون صحته الجسدية أفضل من غيره، بالإضافة إلى عشرته مع الله التى تعطيه فرحاً وصحة نفسية أفضل، فتطول أيامه.
والمقصود بكثرة السنين، هى السنين التى يتمتع فيها الإنسان بعشرة الله، وليست مجرد طول الأيام. والحكيم هو أكثر إنسان يتمتع بعشرة الله، فيحيا فى فرح.
ع11: يعلم سليمان طالبى الحكمة أقوالها ليسلكوا فى طريقها، ويأخذ بيدهم كأب حنون؛ ليهديهم بحكمته إلى طريق الاستقامة، الذى يؤدى إلى الله، بل هو الله “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو14: 6)، فيبتعدون عن الشر وكل فخاخ الشياطين وخداعاته، ويكونون مستقيمين فى أفكارهم، ومشاعرهم، وبالتالى كل سلوكهم.
ع12: الحكيم عندما يسلك فى الحياة يتقدم نحو هدفه، وهو الله، بخطوات واسعة؛ لأنه لا يخاف من شئ، فالله يحميه، ويملأ قلبه فرحاً، فيسعى بسرعة، أو يجرى، فيحقق ما يتمناه.
والأكثر من هذا أن إبليس لا يستطيع أن يعطله بعثرات فى الطريق؛ لأنه يسير مع الله فى الطريق المستقيم، ولايحتاج إلى الطرق الملتوية؛ لأنه لا يسلك فى الخداع، أوالشهوات.
ع13: لا ترخه : لا تتركه، بل تمسك به بشدة.
الحكمة تهب محبيها الأدب فى الكلام، وفى التصرفات؛ لأنها تملأ أفكارهم، وقلوبهم بالأدب، والاستقامة، فيكونون أنقياء فى داخلهم، وبالتالى فى أعمالهم. ومن يحب الحكمة يتمسك بالأدب الذى يهبه حياة مستقرة وراحة فى داخله.
فالأدب هو النتيجة الطبيعية للحكمة التى هى الله، فمن يتمسك بالأدب ولا يرخه يتمسك بالله، ويصير الله حياته.
ع14، 15: تنكب عنه : تجنبه واعتزل عنه.
بعد أن أكد سليمان لطالبى الحكمة السير فى طريقها للتمتع ببركاتها من (ع10-13)، يحذرهم فى الآيات من (ع14-19) حتى يبتعدوا عن الشر؛ لئلا يسقطوا فى نتائجه الصعبة. ويبدأ تحذيراته بالابتعاد عن طريق الأشرار، وعدم السير فيه. وإذا أخطأ ودخله بدون قصد، فيرجع عنه، ويخرج منه، ويحيد ليرجع إلى طريق الحكمة؛ لأن السير فى طريق الشر سيجعله يخالط الأشرار حتماً، ويتأثر بشرهم، فيسقط معهم فيه.
ع16، 17: يؤكد ويدلل سليمان على أهمية الابتعاد عن الأشرار؛ لأنهم دائمو التفكير فى الشر، بل يتلذذوا بالكلام عنه وفعله، فهو طعامهم وشرابهم. ويفرحوا بإسقاط الآخرين فى الشر، ومستمرين فى هذا العمل كل يوم، بل لا يستريحوا إلا إذا فعلوا شراً؛ سواء فى شهوات شريرة، أو إساءة للآخرين، فلذتهم وفرحهم هى فى الشر.
ع18، 19: يختم سليمان كلامه هنا عن سلوك الحكماء، وسلوك الأشرار، بمقارنة واضحة، فيشبه الأبرار الحكماء بأنهم نور يشرق على من حولهم. هذا النور قد أخذوه من مصدر الحكمة، وهو المسيح شمس البر. وبسلوكهم فى الحكمة، وتوبتهم الدائمة تزداد نورانيتهم ونقاوتهم، ويسعون إلى النهار الكامل، أى النقاوة الكاملة والاستنارة العظيمة بعمل الروح القدس فيهم، وهذا لا يكمل إلا فى الأبدية. وازدياد نورانيتهم يزيد تأثيرهم على الأشرار الذين أحاطوا أنفسهم بظلمة الخطية، ولم يعودوا ينظرون شمس البر، ولكن عندما يرون الأبرار يتأثرون تدريجياً، وتنكسر ظلمتهم، فينتبهون ليخرجوا من شرهم.
والأشرار من تركيزهم فى الشر صارت حياتهم كلها مظلمة؛ حتى أنهم يخطئون ويعثرون ولا يفهمون، بل يظنوا أن سلوكهم الشرير هو السلوك الطبيعى. وعلى العكس يرون سلوك الأبرار سلوكاً متخلفاً، وضعيفاً، وغير مناسب للحياة فى العالم، مما يزيد تماديهم فى الشر، ولكن بعضهم يتأثر بنور الأبرار، فينتبهون، ويعودون إلى الله بالتوبة.
فالأشرار قد صيروا أنفسهم ظلاماً بشرورهم، فلا يمر نور المسيح من خلالهم إلى تابعيهم، أما الأبرار الذين تنقوا بالتوبة، فقد صاروا موصل جيد لنور المسيح لكل من حولهم.
اهتم بصلواتك وقراءاتك فى الكتاب المقدس؛ حتى تعيش فى التوبة، وتتنقى، وتصير نورانياً، ويفرح قلبك بالمسيح الساكن فيك. بل تصير نوراً للعالم تجذب الناس إلى المسيح حتى ولو بدون كلمة.
(3) السلوك بالحكمة (ع20-27):
20- يَا ابْنِي، أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذُنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21- لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. اِحْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22- لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا، وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ. 23- فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ، لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ. 24- انْزِعْ عَنْكَ الْتِوَاءَ الْفَمِ، وَأَبْعِدْ عَنْكَ انْحِرَافَ الشَّفَتَيْنِ.
25- لِتَنْظُرْ عَيْنَاكَ إِلَى قُدَّامِكَ، وَأَجْفَانُكَ إِلَى أَمَامِكَ مُسْتَقِيمًا. 26- مَهِّدْ سَبِيلَ رِجْلِكَ، فَتَثْبُتَ كُلُّ طُرُقِكَ. 27- لاَ تَمِلْ يَمْنَةً وَلاَ يَسْرَةً. بَاعِدْ رِجْلَكَ عَنِ الشَّرِّ.
ع20: يطلب سليمان من محب الحكمة أن يسمع لكلماته باهتمام، أى يصغى له وهو يناديه بحنان الأبوة قائلاً يا ابنى. فسليمان يعطيه خلاصة خبرته.
ويقول له أيضاً أن يميل أذنه، أى يسمع باتضاع لكل أقواله؛ لأن المتضع يتقبل التعليم، ويعطيه الله نعمة لأجل اتضاعه، فيزداد فهمه.
ع21: لا تبرح : لا تبعد.
يطلب سليمان أيضاً منه أن يظل ينظر إلى الحكمة؛ لكى يفهمها، ويتأمل فيها، ويحفظها فى ذهنه، وتكون مرشدة له فى كل خطواته.
ويطلب أيضاً أن يحفظها فى قلبه، أى يشعر بها، ويختزنها فى داخله، فتتحول إلى أعمال صالحة. ويوصيه أن تكون الحكمة فى وسط قلبه، أى تكون مركز اهتمامه، وتدور حولها كل أحاسيسه.
ع22: يقرر هنا أن الحكمة هى الحياة، فالحكمة ليست مجرد أفكار للتأمل، أو للمناقشة، ولكنها تتحول حتماً إلى سلوك فى الحياة.
وهى أيضاً دواء لكل من يعانى منه الإنسان من نقائص، أو ضعفات، بل تحل له المشاكل التى تقابله، وتعينه فى كل شئ.
ع23: يؤكد هنا أهمية القلب الذى يعطى حياة للجسم عندما يدخل إليه الدم، فينقيه ويجدده؛ لتستمر حياة الإنسان. ولكن المقصود بالأكثر أن القلب، أى المشاعر والنيات الداخلية، هى التى تتحول إلى تطبيقات عملية، هى سلوك الإنسان، فكما يقول الكتاب المقدس “من فضلة القلب يتكلم الفم” (مت12: 34) وأيضاً “الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح” (لو6: 45).
يطلب سليمان منا أن نحفظ هذا القلب وذلك بانشغال الحواس، والفكر بالحكمة وتلاوتها، والتأمل فيها، وفى نفس الوقت ضبط الحواس عن شهوات العالم وشروره.
ع24: إذا تنجس القلب ستخرج منه شرور على فم الإنسان، وهى على نوعين :
- التواء الفم : أى كل تضليل وخداع وخبث وكذب يبعد الناس عن الحق والحقائق.
- انحراف الشفتين : وهو كل شر يخرج من الشفتين، أى جميع خطايا اللسان.
ع25: يطلب أيضاً سليمان أن ينظر من يحب الحكمة إلى قدامه، أى نحو هدفه، وهو الحكمة التى هى الله. وهكذا لا ينحرف فى نظره نحو مغريات العالم، ولكن يسعى بكل جهده نحو الهدف، وينشغل به بكل قلبه، فيساعده هذا على السرعة فى الطريق؛ ليقترب إلى الله، ويحيا له، وفى النهاية تنتظره الأبدية السعيدة.
ينسى ما هو وراء ويمتد إلى ما هو قدام (فى 3 : 13)، فلا يتعطل بأخطائه السابقة، أو المعطلات التى عطلته، بل يهتم بهدفه. ولا ينشغل بما قد تركه من أجل الله لئلا يهلك، كما هلكت امرأة لوط عندما نظرت إلى بيتها وأمتعتها فصارت عمود ملح (تك19: 26).
ع26، 27: يطلب سليمان فى الختام من محب الحكمة أن يمهد سبيل رجليه بالابتعاد عن الشهوات، وكل شر يعطل الإنسان عن الله. ويطلب منه أيضاً أن يسير مستقيماً، فلا تجذبه مغريات العالم الشريرة يميناً، أو يساراً، بل على العكس يبتعد عن كل خطية. بهذا يثبت فى طريق الحكمة، وتكون خطواته كلها فى الطريق المستقيم.
والخلاصة فى هذا الجزء، يدعو سليمان للسلوك بالحكمة من خلال :
- حسن الاستماع (ع20).
- النظر إلى الحكمة والتأمل فيها (ع21).
- الإحساس بالحكمة والحياة بها (ع21، 22).
- استخدام الحكمة كدواء وشفاء لكل متاعب النفس (ع22).
- ابتعاد اللسان عن كل التواء وانحراف (ع24).
- النظر إلى الهدف (ع25).
- السير فى الطريق المستقيم والثبات فيه (ع26، 27).
اضبط حواسك عن كل شهوة شريرة، وعلى العكس ثبتها على طرق الله، فتثبت فى حياتك معه.