الانتصار على ملك باشان وتقسيم شرق الأردن
(1) محاربة عوج (ع1-11): 1«ثُمَّ تَحَوَّلنَا وَصَعِدْنَا فِي طَرِيقِ بَاشَانَ فَخَرَجَ عُوجُ مَلِكُ بَاشَانَ لِلِقَائِنَا هُوَ وَجَمِيعُ قَوْمِهِ لِلحَرْبِ فِي إِذْرَعِي. 2فَقَال لِي الرَّبُّ: لا تَخَفْ مِنْهُ لأَنِّي قَدْ دَفَعْتُهُ إِلى يَدِكَ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ وَأَرْضِهِ فَتَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلتَ بِسِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ الذِي كَانَ سَاكِناً فِي حَشْبُونَ. 3فَدَفَعَ الرَّبُّ إِلهُنَا إِلى أَيْدِينَا عُوجَ أَيْضاً مَلِكَ بَاشَانَ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ فَضَرَبْنَاهُ حَتَّى لمْ يَبْقَ لهُ شَارِدٌ. 4وَأَخَذْنَا كُل مُدُنِهِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ. لمْ تَكُنْ قَرْيَةٌ لمْ نَأْخُذْهَا مِنْهُمْ. سِتُّونَ مَدِينَةً كُلُّ كُورَةِ أَرْجُوبَ مَمْلكَةُ عُوجٍ فِي بَاشَانَ. 5كُلُّ هَذِهِ كَانَتْ مُدُناً مُحَصَّنَةً بِأَسْوَارٍ شَامِخَةٍ وَأَبْوَابٍ وَمَزَالِيجَ. سِوَى قُرَى الصَّحْرَاءِ الكَثِيرَةِ جِدّاً. 6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ الرِّجَال: وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا. 8وَأَخَذْنَا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مِنْ يَدِ مَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ الأَرْضَ التِي فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ مِنْ وَادِي أَرْنُونَ إِلى جَبَلِ حَرْمُونَ. 9(وَالصَّيْدُونِيُّونَ يَدْعُونَ حَرْمُونَ سِرْيُونَ وَالأَمُورِيُّونَ يَدْعُونَهُ سَنِيرَ). 10كُل مُدُنِ السَّهْلِ وَكُل جِلعَادَ وَكُل بَاشَانَ إِلى سَلخَةَ وَإِذْرَعِي مَدِينَتَيْ مَمْلكَةِ عُوجٍ فِي بَاشَانَ. 11إِنَّ عُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ وَحْدَهُ بَقِيَ مِنْ بَقِيَّةِ الرَّفَائِيِّينَ. هُوَذَا سَرِيرُهُ سَرِيرٌ مِنْ حَدِيدٍ. (أَليْسَ هُوَ فِي رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ؟) طُولُهُ تِسْعُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ رَجُلٍ.
ع1: باشان : مقاطعة يحدها شمالاً دمشق، وسوريا شرقًا، وجنوبًا أرض جلعاد أما غربًا فنهر الأردن وكانت أرضها خصبة جدًا وخيراتها كثيرة (عد21: 33-35) (خريطة 15).
أذرعى : عاصمة باشان وتقع جنوب شرق بحيرة طبرية.
استمر بنو إسرائيل فى تقدمهم نحو الشمال إلى مملكة عوج ملك باشان، وذلك بعد انتصارهم على سيحون والاستيلاء على كل أرضه كما جاء فى الأصحاح السابق، فتقابل الجيشان، جيش إسرائيل وجيش عوج، فى مدينة أذرعى.
والغريب أن عوج لم يتعلم مما حدث لسيحون ملك الأموريين، فخرج لمحاربة بنى إسرائيل بدلاً من السماح لهم بالمرور وكان هذا بسماح من الله حتى ينتصروا عليه ويمتلكوا أرضه.
ع2: كان عوج من العمالقة (ع11)، فسرير الملك كان طوله أربعة أمتار ونصف وعرضه متران، فطمأنهم الله عند محاربتهم له ولجيشه، فقد كان يمتلك ستين مدينة ذات أسوار بالإضافة إلى قرى كثيرة. وتظهر هنا رعاية الله الذى يطمئن أولاده قبل الضيقات والمواقف الصعبة.
ع3: شارد : هارب.
بالفعل حقّق الله وعده وانتصر بنو إسرائيل انتصارًا تامًا على عوج وجميع من معه حتى أنه لم يبقَ منهم أحد حى.
? اندفع عوج معتمدًا على قوته لمحاربة بنى إسرائيل ولم يتعظ من هزيمة سيحون. فكن متريثًا وافحص أمورك حتى لا تندفع فى الشر، وتعلم من سقطات الآخرين، ولا تتكبر مهما كانت إمكانياتك حتى لا تتعرض لمتاعب كثيرة ويتخلى عنك الله بسبب كبرياءك واندفاعك.
ع4: كورة أرجوب : إقليم فى باشان ضمن مملكة عوج، وكان يشمل عددًا كبيرًا من المدن الحصينة.
استولى بنو إسرئيل على كل مدن عـوج وقـراه، ويذكر لنـا موسى حصر لها بأنها 60 مدينة تشكل كل إقليم باشان الذى هو مملكة عوج.
ع5: مزاليج : قضبان وترابيس لإحكام غلق الأبواب.
يوضح موسى عظمة مدن عوج الستين، فقد كانت ذات أسوار عالية وأبواب ضخمة محكمة الغلق بالإضافة إلى عدد كبير من القرى غير المصورة، كل هذا ليبيّن عظمة النصرة الإلهية على عوج بواسطة شعب الله الضعيف ولكنه قوى بإلهه.
ع6، 7: دمَّر بنو إسرائيل جميع مدن وقرى باشان وكان هذا بأمر الله لإبادة الشر وعبادة الأوثان التى تغلغلت فى قلوبهم (ص2: 34)، ولكنهم أبقوا على ثروات المدن ومنها الثروة الحيوانية وأخذوا الجميع لأنفسهم غنيمة حرب إذ سمح الله لهم بهذا لأنه فى أحيان أخرى كان يأمرهم بعدم أخذ أى غنائم رفضًا لكل ما يتعلق بالشر كما حدث فى أريحا (يش6: 18-21).
ع8: جبل حرمون : جبل يمتد فى الحد الشمالى الشرقى للأماكن التى استولى عليها بنو إسرائيل. ويكون الطرف الشمالى لسلسلة جبل لبنان، ينبع منه نهر الأردن، ويقال أنه هو جبل التجلى (خريطة 15).
وادى أرنون : يقع بين نهرى أرنون ويبوق (ص2: 24) (خريطة 15).
خريطة (15)
يذكر موسى هنا الأرض التى استولى عليها بنو إسرائيل من ملكى الأموريين، سيحون وعوج، وهى الأرض التى تقع شرق نهر الأردن من وادى نهر أرنون جنوبًا إلى جبل حرمون شمالاً.
ع9: الصيدونيون : سكان صيدا، وهى مدينة فينيقية ساحلية بين جبال لبنان والبحر المتوسط، وهى على بعد 30كم شمال صور.
يذكر تسميات أخرى لحرمون، فأهل صيدا يسمونه “سريون” والأموريون يسمونه “سنير”.
ع10: سلخة : مدينة تحدد حدود باشان الشرقية وكانت تحت حكم عوج ملك باشان وسلخه الحالية هى نفسها القديمة وتقع عند طرف جبل الدروز الجنوبى ولأنها على الحدود الشرقية لبلاد الأموريين فكانت محصنة وقوية (خريطة 15).
الأرض المُستَولَى عليها تشمل كل مدن السهل بالإضافة إلى جلعاد وكل باشان حتى مدينة “سلخة” ومدينة أذرعى اللتين تتبعان مملكة عوج فى باشان.
ع11: ربة بنى عمون : عاصمة أرض بنى عمون وتقع عند منبع نهر يبوق، على بعد 35 كم من نهر الأردن، اسمها الحديث عمان وهى عاصمة المملكة الأردنية (خريطة15).
الرفائيين : شعب قوى عاصر أبانا إبراهيم وتفرعت منه شعوب قوية.
يتحدث هنا عن الملك عوج على أنه آخر ملوك الرفائيين، فيصف هنا سريره بأن طوله حوالى أربعة أمتار ونصف وعرضه متران وهو موجود بمدينة “ربة بنى عمون”. ويذكر ضخامة حجم سريره للدلالة على قوة وضخامة جسم هذا الملك المغلوب الذى مهما كانت قوته الجسدية وقوة جيشه فلا يستطيع أن يغلب القوة الإلهية.
(2) توزيع الأرض ووصية موسى لهم (ع12-20):
12فَهَذِهِ الأَرْضُ امْتَلكْنَاهَا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مِنْ عَرُوعِيرَ التِي عَلى وَادِي أَرْنُونَ وَنِصْفَ جَبَلِ جِلعَادَ وَمُدُنَهُ أَعْطَيْتُ لِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَالجَادِيِّينَ. 13وَبَقِيَّةَ جِلعَادَ وَكُل بَاشَانَ مَمْلكَةَ عُوجٍَ أَعْطَيْتُ لِنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى. (كُل كُورَةِ أَرْجُوبَ مَعَ كُلِّ بَاشَانَ وَهِيَ تُدْعَى أَرْضَ الرَّفَائِيِّينَ. 14يَائِيرُ بْنُ مَنَسَّى أَخَذَ كُل كُورَةِ أَرْجُوبَ إِلى تُخُمِ الجَشُورِيِّينَ وَالمَعْكِيِّينَ وَدَعَاهَا عَلى اسْمِهِ بَاشَانَ «حَوُّوثَ يَائِيرَ» إِلى هَذَا اليَوْمِ). 15وَلِمَاكِيرَ أَعْطَيْتُ جِلعَادَ. 16وَلِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَالجَادِيِّينَ أَعْطَيْتُ مِنْ جِلعَادَ إِلى وَادِي أَرْنُونَ وَسَطَ الوَادِي تُخُماً. وَإِلى وَادِي يَبُّوقَ تُخُمِ بَنِي عَمُّونَ. 17وَالعَرَبَةَ وَالأُرْدُنَّ تُخُماً مِنْ كِنَّارَةَ إِلى بَحْرِ العَرَبَةِ (بَحْرِ المِلحِ) تَحْتَ سُفُوحِ الفِسْجَةِ نَحْوَ الشَّرْقِ. 18«وَأَمَرْتُكُمْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ قَائِلاً: الرَّبُّ إِلهُكُمْ قَدْ أَعْطَاكُمْ هَذِهِ الأَرْضَ لِتَمْتَلِكُوهَا. مُتَجَرِّدِينَ تَعْبُرُونَ أَمَامَ إِخْوَتِكُمْ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ ذَوِي بَأْسٍ. 19أَمَّا نِسَاؤُكُمْ وَأَطْفَالُكُمْ وَمَوَاشِيكُمْ. (قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ لكُمْ مَوَاشِيَ كَثِيرَةً) فَتَمْكُثُ فِي مُدُنِكُمُ التِي أَعْطَيْتُكُمْ 20حَتَّى يُرِيحَ الرَّبُّ إِخْوَتَكُمْ مِثْلكُمْ وَيَمْتَلِكُوا هُمْ أَيْضاً الأَرْضَ التِي الرَّبُّ إِلهُكُمْ يُعْطِيهِمْ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ. ثُمَّ تَرْجِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلى مُلكِهِ الذِي أَعْطَيْتُكُمْ.
ع12: يتحدث موسى هنا عن توزيع الأرض لبعض أسباط إسرائيل، فكان من نصيب سبطى رأوبين وجاد المنطقة من “عروعير”، وتقع كما سبق أن ذكرنا فى وادى أرنون، وهو الحد الجنوبى لما تملكه بنو إسرائيل فى منتصف شرق البحر الميت وجنوبها يسكن الموآبيون، إلى نصف جبل جلعاد ومدن الجبل (ص2: 36). وقد سمح الله لموسى أن يتمتع برؤية الأراضى التى امتلكوها شرق الأردن ليفرح قلبه، وكذا نظر إلى أرض الميعاد غرب نهر الأردن التى سيمتلكونها بعد موته (خريطة 15).
ع13: امتلك نصف سبط منسى بقية جلعاد وكل منطقة باشان – التى كانت تشكل مملكة عوج – بما فى ذلك كورة أرجوب التى هى إقليم باشان والتى كان يسكنها قديمًا قبيلة الرفائيين وتشمل ستين مدينة محصنة وتقع شرق بحيرة طبرية (خريطة 10، 15).
ونلاحظ هنا إتمام نبوة يعقوب لابنى يوسف وهما أفرايم ومنسى (تك48: 17-19)، بأن الأصغر وهو أفرايم يكون مباركًا أكثر من البكر منسى، فقد انقسم سبط منسى إلى قسمين، سكن النصف الأول شرق الأردن والنصف الآخر غرب الأردن. أما أفرايم فسكن بكل عشائره فى مكان واحد وكانوا أكبر الأسباط عددًا ولهم قوة كبيرة.
ع14، 15: الجشوريون : سكان جشور، وهى منطقة تقع بين “أرجوب” شرقًا (ع13) وبحيرة طبرية غربًا.
المعكيون : أهل معكة، وهى مملكة صغيرة على حدود فلسطين الشمالية الشرقية وتسمى حالياً “بيت جنو” وتقع شمال بحيرة طبرية.
باشان حووث يائير : هو إقليم فى باشان كان يسمى كورة أرجوب إلى أن استولى عليه يائير، وهو أحد عشائر سبط منسى، فأسماه باشان حووث يائير ومعناها قرى أو معسكرات يائير.
تم تقسيم الأرض التى أصبحت من نصيب سبط منسى على عائلتين فى هذا السبط وهما عائلة ماكير وعائلة يائير فأخذ يائير كل كورة أرجوب حتى حدودها مع منطقتى جشور ومعكة، وغيَّر اسم الكورة (أى المنطقة) وأسماها “باشان حووث يائير”، أما ماكير فقد أخذ جلعاد التى تقع جنوب نهر يائير وشرق نهر الأردن وجنوب بحيرة طبرية.
ع16، 17: كناره : مدينة حصينة تقع على الضفة الشمالية الغربية لبحيرة طبرية وهى تسمى حاليًا “تل العزيمة” وتسمى البحيرة أيضًا باسمها أى بحيرة كنارة أو كنورت وهى نفسها بحر الجليل أو بحيرة طبرية أو بحيرة جنيسارت.
بحر العربة (بحر الملح) : هو نفسه “البحر الميت” ويسمى الآن “بحر لوط” أيضًا وهو جنوب شرق أورشليم.
الفسجة : جزء من سلسلة جبال عباريم الواقع فى الطرف الشمالى الشرقى من البحر الميت، على الحدود الجنوبية من مملكة سيحون وحاليًا يسمى “رأس السياغة”.
يذكر هنا حدود الأراضى التى امتلكها سبطا رأوبين وجاد ونصف سبط منسى، فسكن نصف سبط منسى شمالاً أى شرق بحيرة طبرية ونهر الأردن ثم سكن سبط جاد جنوبه ويحد أراضيه نهر الأردن غربًا وبلاد بنى عمون شرقًا ويمر نهر يبوق المتفرع من نهر الأردن فى وسط أراضيه. ثم سكن سبط رأوبين جنوب سبط جاد ويحده من الغرب البحر الميت وجنوبًا نهر أرنون ومملكة موآب وشرقه مملكة بنى عمون، وتقع جبال عباريم ورأس الفسجة داخل حدوده، وقد ذكرت المدن التى امتلكتها هذه الأسباط فى (عد32: 1-5، 34-42) (خريطة15).
ع18: متجردين : لابسين أدوات الحرب ومستعدين للقتال.
أمام إخوتكم : تشاركون باقى الأسباط فى الحرب وتتقدمونهم.
كل ذوى بأس : أى كل واحد منكم له قوة على القتال.
وافق موسى على طلب السبطين أن يستقرا ويأخذا نصيبهما فى منطقة شرق نهر الأردن، ولكن بشرط ألا يتركا بقية الأسباط يحاربون وحدهم لنيل أنصبتهم فى أرض الموعد التى هى غرب نهر الأردن أى أرض كنعان، بل عليهم أن يخرجوا للحرب معهم حتى يحققوا النصر ويتملكوا الأرض، عندئذ فقط يمكنهم أن يرجعوا إلى ذويهم (عد32).
ع19: سمح لهم بأن يتركوا نساءهم وأطفالهم فى المدن التى أخذوها شرق الأردن وكذلك مواشيهم الكثيرة التى بسببها طلبوا أن يسكنوا الأرض شرق الأردن حيث كثرة المراعى الجيدة.
ع20: عبر الأردن : تطلق على الضفتين الشرقية والغربية للنهر والمقصود هنا الضفة الغربية حيث سيتملك باقى الأسباط.
عندما يتحقق النصر لبقية الأسباط ويمتلكوا أنصبتهم فى أرض الموعد غرب الأردن، يمكنهم الرجوع إلى المناطق التى سبق أن استقروا فيها شرق الأردن.
? يعلمنا هذا ألا نحيا حياة أنانية ننعم فيها وحدنا بالاستقرار والهدوء حيث تتوفر لنا كل احتياجاتنا، دون النظر إلى بقية إخوتنا المحتاجين روحيًا وماديًا. بل علينا أن نشارك من حولنا همومهم فنشعر بهم ونظهر محبتنا لهم ونجاهد معهم كأعضاء فى كنيسة واحدة وجسد واحد هو جسد المسيح، ونقدم صلواتنا من أجل إخوتنا ونساعدهم ولا نستريح حتى نطمئن على عبورهم من حالة القلق والحاجة إلى الشبع الروحى والنفسى.
(3) وصية موسى ليشوع (ع21، 22):
21وَأَمَرْتُ يَشُوعَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ قَائِلاً: عَيْنَاكَ قَدْ أَبْصَرَتَا كُل مَا فَعَل الرَّبُّ إِلهُكُمْ بِهَذَيْنِ المَلِكَيْنِ. هَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِجَمِيعِ المَمَالِكِ التِي أَنْتَ عَابِرٌ إِليْهَا. 22لا تَخَافُوا مِنْهُمْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ المُحَارِبُ عَنْكُمْ.
ع21، 22: إذ علم موسى بقرب انتقاله من العالم، أوصى خليفته يشوع بأن يضع فى ذهنه دائمًا ما فعله الرب من أجل شعبه ووقوفه فى وسطهم لنصرتهم على الملكين سيحون وعوج. ويؤكد له أن الرب سيفعل معهم نفس الشئ حين يلاقوا الشعوب الأخرى الساكنة فى الأرض الموعود بها لهم والواقعة غرب الأردن. ويكرر نفس تنبيهه لهم والذى سبق وأكده مرارًا وهو ألا يخافوا من ملاقاة ومحاربة تلك الشعوب لأن الرب سينصرهم عليهم.
? إهتم بوصايا الكبار وذوى الخبرة لك، بل ليتك تسعى أن تتعلم من كل من يكبرك فى أى مجال فهى خلاصة حياتهم وهى صوت الله الموجّه إليك، فليس معنى شخصيتك المستقلة أن تهمل وصايا الآخرين، فهذا نوع من الكبرياء يحرمك من بركات كثيرة.
(4) الرب لا يسمح لموسى بالعبور (ع23-29):
23«وَتَضَرَّعْتُ إِلى الرَّبِّ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ قَائِلاً: 24يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ قَدِ ابْتَدَأْتَ تُرِي عَبْدَكَ عَظَمَتَكَ وَيَدَكَ الشَّدِيدَةَ. فَإِنَّهُ أَيُّ إِلهٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلى الأَرْضِ يَعْمَلُ كَأَعْمَالِكَ وَكَجَبَرُوتِكَ؟
25دَعْنِي أَعْبُرْ وَأَرَى الأَرْضَ الجَيِّدَةَ التِي فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ هَذَا الجَبَل الجَيِّدَ وَلُبْنَانَ. 26لكِنَّ الرَّبَّ غَضِبَ عَليَّ بِسَبَبِكُمْ وَلمْ يَسْمَعْ لِي بَل قَال لِي الرَّبُّ: كَفَاكَ! لا تَعُدْ تُكَلِّمُنِي أَيْضاً فِي هَذَا الأَمْرِ.
27اصْعَدْ إِلى رَأْسِ الفِسْجَةِ وَارْفَعْ عَيْنَيْكَ إِلى الغَرْبِ وَالشِّمَالِ وَالجَنُوبِ وَالشَّرْقِ وَانْظُرْ بِعَيْنَيْكَ لكِنْ لا تَعْبُرُ هَذَا الأُرْدُنَّ! 28وَأَمَّا يَشُوعُ فَأَوْصِهِ وَشَدِّدْهُ وَشَجِّعْهُ لأَنَّهُ هُوَ يَعْبُرُ أَمَامَ هَذَا الشَّعْبِ وَهُوَ يَقْسِمُ لهُمُ الأَرْضَ التِي تَرَاهَا. 29فَمَكَثْنَا فِي الجِوَاءِ مُقَابِل بَيْتِ فَغُورَ».
ع23، 24: يبتهل موسى إلى الله – فى ذلك الوقت – بعد صلاة قصيرة يعترف فيها للرب بعظمته وقدرته التى تجلت بوضوح فى جميع الأعمال التى عملها مع شعبه وأنه – أى الله – هو الإله الوحيد فى السماء وعلى الأرض ولا يوجد إله آخر يعمل نفس الأعمال وله نفس القوة.
ع25: يتبع صلاته هذه بتضرع إلى الرب أن يسمح له بالعبور ليرى الأرض التى سبق وأن وصفها الله بأنها أرض خصبة تفيض لبنًا وعسلاً، ويصفها بأنها جبل جيد أى خصب ويقصد بها أرض فلسطين المملوءة جبالاً ولبنان المعروفة بكثرة خيراتها. وقد علم موسى من الله أنه سيموت ولا يدخل أرض الميعاد (عد20: 11-13) ولكنه يعبر فى هذه الصلاة المتضرعة عن أشواق قلبه لرؤية بركات الله أى أرض الميعاد.
ع26، 27: كان الشعب العنيد سببًا – كما عرفنا فيما سبق – لغضب الرب على موسى وهارون ورفض الاستجابة لطلبه، وكان رد الرب به رحمة بقدر ما به من حسم، فلم يرد أن يحرم موسى كلية من رؤية الأرض. ولقد نال موسى طوال حياته بركات كثيرة وأدى رسالته بأمانة استحق عليها التمتع بالحياة الأبدية السعيدة. وقد حقَّق له الرب رغبته بصورة جزئية بأن سمح له أن يرى الأرض من بعيد – دون أن يدخلها – فطلب منه أن يصعد على جبل عالى وهو جبل الفسجة الواقع على الطرف الشمالى الشرقى للبحر الميت (خريطة 6، 15)، وقمته تشرف على البرية، والناظر من قمته المسماة “نبو” يرى قسمًا كبيرًا من أرض كنعان غربى نهر الأردن فنظر منها موسى ورأى أرض الميعاد (خريطة 6).
ع28: يطلب منه الرب أن يوصى خليفته يشوع ويقوى قلبه ويشجعه، لأنه هو الذى سيتولى قيادة الشعب من بعد موسى ويدخل بهم الأرض ويقسمها بين أسباطهم. ويظهر هنا خضوع موسى وطاعته لله وقبوله لتدابيره، ففرح بأن يشوع سيخلفه وأعلن هذا أمام كل الشعب مثل يوحنا المعمدان الذى فرح بالخضوع للمسيح (يو3: 29، 30).
ع29: الجواء : الوادى الواسع الذى خيموا فيه بعربات موآب وهو مجاور لرأس الفسجه.
بيت فغور : مدينة فى مملكة سيحون مقابل جبل الفسجة وهو المكان الذى كان الموآبيون يعبدون فيه إلههم فغور.
توقفوا فى الوادى الواسع أمام مدينة “بيت فغور”، أى ظل موسى مع الشعب فترة ثم صعد إلى رأس الفسجة وهناك مات بعد رؤية أرض الميعاد.
? ليتك تخضع لوصايا الله وتدابيره فى حياتك، فهى أصلح شئ لك حتى لو بدت عكس رغباتك … إنه يحبك أكثر مما تحب نفسك.