نصيب الكهنة والابتعاد عن الممارسات الوثنية والأنبياء
(1) نصيب الكهنة من الذبائح (ع1-8): 1«لا يَكُونُ لِلكَهَنَةِ اللاوِيِّينَ كُلِّ سِبْطِ لاوِي قِسْمٌ وَلا نَصِيبٌ مَعَ إِسْرَائِيل. يَأْكُلُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ وَنَصِيبَهُ. 2فَلا يَكُونُ لهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. الرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا قَال لهُ. 3«وَهَذَا يَكُونُ حَقُّ الكَهَنَةِ مِنَ الشَّعْبِ مِنَ الذِينَ يَذْبَحُونَ الذَّبَائِحَ بَقَراً كَانَتْ أَوْ غَنَماً. يُعْطُونَ الكَاهِنَ السَّاعِدَ وَالفَكَّيْنِ وَالكِرْشَ. 4وَتُعْطِيهِ أَوَّل حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ وَأَوَّل جَزَازِ غَنَمِكَ. 5لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدِ اخْتَارَهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِكَ لِيَقِفَ وَيَخْدِمَ بِاسْمِ الرَّبِّ هُوَ وَبَنُوهُ كُل الأَيَّامِ. 6«وَإِذَا جَاءَ لاوِيٌّ مِنْ أَحَدِ أَبْوَابِكَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيل حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ وَجَاءَ بِكُلِّ رَغْبَةِ نَفْسِهِ إِلى المَكَانِ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ 7وَخَدَمَ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ مِثْل جَمِيعِ إِخْوَتِهِ اللاوِيِّينَ الوَاقِفِينَ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ 8يَأْكُلُونَ أَقْسَاماً مُتَسَاوِيَةً عَدَا مَا يَبِيعُهُ عَنْ آبَائِهِ.
ع1، 2: يؤكد الله على أن الكهنة وكل سبط لاوى لا يمتلكون أرضًا فى كنعان بل يتفرغون لخدمة الله ويأكلون من نصيب الله أى الذبائح والتقدمات المقدمة لبيت الرب، أى يكون نصيبهم هو نصيب الرب من التقدمات.
ع3: يذكر هنا نصيب الكهنة من الذبائح التى يقدمها الشعب لله وهى تشمل هذه الأجزاء :
- الساعد : وهى الساق الأمامية اليمنى والتى تسمى ساق الرفيعة (خر29: 27، 28، لا7: 30-34). وهى ترمز لجهاد الكاهن وسيره فى طريق الله ومساعدته ورعايته للشعب.
- الفكين : وهما جزء من الرأس، ويلاحظ أنهما لم يذكرا فى سفرى الخروج واللاويين، ولعل ذلك من أجل قلة قيمتهما وكان معروفًا أنهما من نصيب الكاهن. وهما يرمزان إلى كلام الكاهن وتعليمه.
- الكرش : وهو يعنى الأمعاء ولم يذكر أيضًا فى سفرى الخروج واللاويين لنفس السبب الذى ذكر فى الفكين. وهو يرمز لسد احتياجات الكاهن المادية.
- صدر الترديد : وقد ذكر فى سفرى الخروج واللاويين ولم يذكر هنا لعل ذلك بسبب أنه كان من المعروف أنه من نصيب الكاهن، وهو أهم جزء فى الذبيحة.
ع4: بالإضافة إلى نصيب الكاهن من الذبائح فان له نصيبًا أيضًا فى المحاصيل الزراعية. فكان له باكورات القمح وعصير العنب والزيت وأيضًا الصوف الذى يقصّ من الغنم.
ع5: هذه الامتيازات التى تمنح للكاهن سببها كما جاء فى (ع1) وهو أنه ليس لديه أرض أو مواشى كبقية الشعب لتوفر له مثل تلك الاحتياجات، كما أن سببها أيضًا ما جاء هنا وهو أنه مكرّس للوقوف للصلاة أمام الرب فى بيته المقدس للقيام بالخدمات الطقسية والروحية هو ونسله من بعده فيلزم تدبير احتياجاته المادية.
ع6-8: قد يحدث أن بعض اللاويين يرغبون رغبة قلبية حقيقية فى التفرغ لخدمة بيت الرب – فى غير نوبتهم – فيتركون مدن سكناهم التى تعتبر اغتراب بالنسبة لهم، لأنه لم يكن لهم نصيب فى الأرض بل كانت مدنهم موهوبة لهم من باقى الأسباط، ويأتون إلى بيت الرب فيخدمون هناك مع باقى إخوتهم اللاويين القائمين بالخدمة؛ ففى هذه الحالة يعطون أيضًا نصيبًا كاملاً من العشور والتقدمات وغيرها بالإضافة إلى حقهم فى أى مورد آخر للدخل مما ورثوه عن آبائهم.
? الله يهتم بخدامه المكرّسين فيدبر احتياجاتهم لأنه أب حنون يهتم بأولاده، فاتكل عليه واثقًا من محبته لك ولا تخشَ أى ضيقات فى المستقبل لأنه معك يدبر أمورك ويدافع عنك ويحميك من كل شر.
(2) الممارسات الوثنية (ع9-14):
9«مَتَى دَخَلتَ الأَرْضَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لا تَتَعَلمْ أَنْ تَفْعَل مِثْل رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ.
10لا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ وَلا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ وَلا سَاحِرٌ 11وَلا مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً وَلا مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً وَلا مَنْ يَسْتَشِيرُ المَوْتَى. 12لأَنَّ كُل مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الأَرْجَاسِ الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. 13تَكُونُ كَامِلاً لدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. 14إِنَّ هَؤُلاءِ الأُمَمَ الذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلعَائِفِينَ وَالعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلمْ يَسْمَحْ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هَكَذَا.
ع9: رجس : قذر وفعل قبيح وعمل الشيطان.
يحذرهم بعد سكنهم فى أرض كنعان من أن يتشبهوا بالوثنيين المحيطين بهم فى عباداتهم للآلهة الغريبة فهذا تمرد وخيانة لله.
ع10، 11: يذكر هنا أمثلة للممارسات الوثنية المحرمة وهى :
- الذبائح البشرية : فيمنعهم من تقديم أبنائهم ليحرقوا بالنار أو يشوونهم على النحاس المحمى بالنار الذى هو تمثال الإله مولك.
- العرافة : ادعاء معرفة الغيب سواء بتفسير الأحلام أو النجوم أو الكف …
- العيافة : تعنى التفاؤل والتشاؤم.
- التفاؤل.
- السحر : استخدام قوة الشيطان لتنفيذ منفعة أو صد ضرر أو إيذاء الغير باستخدام التعاويذ والأحجية.
- من يرقى رقية : تقديم طلبات للآلهة مع البخور.
- يسأل جانًا أو تابعة : وهى أنواع من الشياطين وكانوا يظنون أن هناك أرواح تتبع البشر فيطلبون معونتها.
- من يستشير الموتى : أى تحضير الأرواح وهو استدعاء للشياطين التى تَدَّعى أنها أرواح الموتى.
ع12: الرب يريد أن نعتمد عليه وحده، فكل من يمارس هذه الأفعال مكروه عنده لأنها تعنى الاتكال على القوى الشيطانية التى لا تريد الخير لبنى الإنسان وتشده نحو العصيان على الله. لذلك كانت أحد الأسباب التى من أجلها طرد الرب الكنعانيين من الأرض.
ع13: الله يطلب من أبنائه سواء فى العهد القديم أو فى العهد الجديد أن يكونوا كاملين. وهذه الأعمال الدنسـة تحرم المؤمنين من الكمال الذى أمرهم الرب أن يسعوا إليه كما فى (تك17: 1)، (مت5: 48)، فهى تحط من كرامة الإنسان وصورته الإلهية إذ يستعين بعدو الإنسانية، عدو الخير، متجاهلاً الله القدير.
ع14: تخلفهم : تحل محلهم.
ليس غريبًا أن تلجأ الشعوب الوثنية لمثل تلك الأعمال الدنسة فهى تؤمن بالأباطيل بسبب عجزهم عن إدراك وجود الإله الحقيقى، لذلك يسمح الله لشعبه أن يحل محلهم فى الأرض التى يطردهم منها. أما هم فجنس ملوكى أمة مقدسة وشعب مختار، لا يليق بهم ولا يسمح لهم الرب بتلك الأعمال الدنسة السخيفة.
? لا يتعلق قلبك بمعرفة الغيب أو تنبهر بأعمال الشياطين حتى لو استترت بترديد صلوات من الكتاب المقدس، ولكن اطلب الرب إلهك وهو يرشدك وينجيك ويحفظك من هذه الأعمال الشيطانية ويحل مشاكلك فلا تنحط وتتذلل للشيطان عدوك.
(3) الأنبياء الحقيقيين والكاذبين (ع15-22):
15«يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ. 16حَسَبَ كُلِّ مَا طَلبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاً: لا أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلا أَرَى هَذِهِ النَّارَ العَظِيمَةَ أَيْضاً لِئَلا أَمُوتَ 17قَال لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلمُوا. 18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ. 20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».
ع15: بعدما حرّم الرب الالتجاء إلى السحر وعلم الغيب وأدان ممارستهم، وعد شعبه بأنه سيقيم سلسلة من الأنبياء يسألونهم ويستمعون إليهم، ليس أنبياء كذبة بل مرسلين من الرب. وهؤلاء الأنبياء يختارهم الرب من داخل أسباطهم، أى من بنى يعقوب وليسوا غرباء. وسيكونون مثل موسى أى بنفس روح الرعاية التى أظهرها موسى نحو شعبه ويستمرون فى عمله.
وقد تحقق هذا الوعد الإلهى فيما بعد بصورة أكمل فى شخص الرب يسوع المسيح الذى أخذ وظيفة نبى (هو كاهن وملك ونبى)، إذ كان يكلم الشعب بكلام الحياة الأبدية معلنًا أنه لا يتكلم من نفسه بل بما يعطيه إياه الآب يتكلم (يو5: 45، 46 ، أع3: 21-26 ، أع7: 37)، فهذه الآية نبوة عن تجسد المسيح، وموسى يرمز للمسيح وهناك تشابه بينهما ولكن فى حدود لأن المسيح هو الله (أنظر تفسير عب3 فى الجزء الخامس من الموسوعة).
ع16، 17: يذكرهم بما طلبوه عندما كانوا فى جبل حوريب (خر20)، حين خافوا من المظاهر الرهيبة التى أحاطت برؤيتهم لمجد الرب حين أعطاهم الوصايا العشر. فقد طلبوا أن يكون موسى وسيطًا بينهم وبين الرب فلا يعودوا يرتعبوا ولئلا يموتوا. وقد استحسن الرب قولهم واستجاب لهم.
ع18: الله وحده هو الذى يقيم الأنبياء ويجعل كلامه فى أفواههم. (وكان كل نبى فيما بعد يقول هكذا قال الرب). ويكرر الرب أن الأنبياء سيكونون من بنى يعقوب وليسوا من الأجانب.
ع19: الإنسان الذى لا يستمع إلى كلمة الرب من فم أنبيائه ويعمل بها فإن الرب سيحاسبه ويدينه. فالرب يطالبهم بطاعة أقواله الصادرة من فم أنبيائه.
ع20: تحذير جديد من الأنبياء الكذبة الذين يتجرأون على الرب قائلين أقوالاً لم تصدر منه مدعين أنها وحى إلهى، كذلك الذى يدعو لآلهة كاذبة مدعيًا أنه ينقل عنها جاذبًا الناس إلى عبادتها. مثل هذا الإنسان يقتل قتلاً لأنه يضل الشعب.
ع21، 22: قد يحتار الشعب أمام أقوال الأنبياء ولا يستطيع أن يحكم إن كانوا صادقين أم كاذبين. لذلك أعطى الرب علامة يستطيع بواسطتها التمييز بين النبى الحقيقى والنبى الكاذب وهى : إن حدثت الأمور التى تنبأ بها النبى بالفعل كانت نبوءته صادقة وقد تكلم من قبل الرب، أما إن لم تحدث فهذا معناه أنه نبى كاذب تجاسر على الله وادعى النبوة ونقل عن الرب أقوال لم يقلها، فهو ينطق بأفكار من عنده وليست من وحى الله.
? اهتم بكلام الله الذى يرسله إليك على فم من حولك من الكهنة والمعلمين ليرشدك فى طريق حياتك، ولا تنقاد إلى كلام العالم مهما كان مبهرًا، فهو كاذب ويضلّلك وبهذا تحفظ حياتك فى طمأنينة وسلام
.