تفاصيل البركات واللعنات
(1) البركات (ع1-14): 1«وَإِنْ سَمِعْتَ سَمْعاً لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَل بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ يَجْعَلُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مُسْتَعْلِياً عَلى جَمِيعِ قَبَائِلِ الأَرْضِ 2وَتَأْتِي عَليْكَ جَمِيعُ هَذِهِ البَرَكَاتِ وَتُدْرِكُكَ إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ. 3مُبَارَكاً تَكُونُ فِي المَدِينَةِ وَمُبَارَكاً تَكُونُ فِي الحَقْلِ.
4وَمُبَارَكَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ وَثَمَرَةُ بَهَائِمِكَ نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ. 5مُبَارَكَةً تَكُونُ سَلتُكَ وَمِعْجَنُكَ. 6مُبَارَكاً تَكُونُ فِي دُخُولِكَ وَمُبَارَكاً تَكُونُ فِي خُرُوجِكَ. 7يَجْعَلُ الرَّبُّ أَعْدَاءَكَ القَائِمِينَ عَليْكَ مُنْهَزِمِينَ أَمَامَكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ يَخْرُجُونَ عَليْكَ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ يَهْرُبُونَ أَمَامَكَ.
8يَأْمُرُ لكَ الرَّبُّ بِالبَرَكَةِ فِي خَزَائِنِكَ وَفِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ وَيُبَارِكُكَ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 9يُقِيمُكَ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ شَعْباً مُقَدَّساً كَمَا حَلفَ لكَ إِذَا حَفِظْتَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكَ وَسَلكْتَ فِي طُرُقِهِ. 10فَيَرَى جَمِيعُ شُعُوبِ الأَرْضِ أَنَّ اسْمَ الرَّبِّ قَدْ سُمِّيَ عَليْكَ وَيَخَافُونَ مِنْكَ. 11وَيَزِيدُكَ الرَّبُّ خَيْراً فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ عَلى الأَرْضِ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ. 12يَفْتَحُ لكَ الرَّبُّ كَنْزَهُ الصَّالِحَ السَّمَاءَ لِيُعْطِيَ مَطَرَ أَرْضِكَ فِي حِينِهِ وَليُبَارِكَ كُل عَمَلِ يَدِكَ فَتُقْرِضُ أُمَماً كَثِيرَةً وَأَنْتَ لا تَقْتَرِضُ. 13وَيَجْعَلُكَ الرَّبُّ رَأْساً لا ذَنَباً وَتَكُونُ فِي الاِرْتِفَاعِ فَقَطْ وَلا تَكُونُ فِي الاِنْحِطَاطِ إِذَا سَمِعْتَ لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكَ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ لِتَحْفَظَ وَتَعْمَل 14وَلا تَزِيغَ عَنْ جَمِيعِ الكَلِمَاتِ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً لِتَذْهَبَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدَهَا.
ع1: يبدأ الرب بتحديد شرط الحصول على البركات وتجنب اللعنات وهو طاعة وصايا الله التى تسمو بشعبه عن باقى الشعوب.
ع2: فى الأصحاح السابق ذكر الرب المعاصى التى تجلب اللعنة على مرتكبيها، وبالتالى من يتجنبها يحصل على البركة. فى هذا الأصحاح يعطى الرب تفصيلاً عن ماهية وطبيعة تلك اللعنات والبركات مبتدئًا بالبركات من (ع3-14). ويظهر فى هذا الأصحاح :
- عدل الله وعقابه لكل من يتمادى فى الشر.
- رحمته وبركاته لكل من يطيعه.
- ضرورة التمسك بوصاياه للمحافظة على نعمته، فاختياره لشعبه ورعايته لهم لا تمنع العقاب عنهم إذا رفضوا كلامه.
- رحمته فى قبول توبة شعبه إذا عادوا إليه بعد نزول اللعنات عليهم، فيرفعها عنهم ويعيد إليهم بركاته كما يظهر فى (ص30).
ع3: هذا العدد امتداد لكلمة “تدركك” الخاصة بالبركات، التى أتت فى العدد السابق، فالمعنى عميق ورائع ويعنى أن البركات تجرى إليه لتدركه بدلاً من أن يجرى وراءها لكى يدركها. فأينما يكون سواء فى المدينة يمارس حرفة صناعية أو تجارية أو كان فى القرية يمارس حرفة زراعية، فستأتيه البركات حتمًا فى كل أعماله.
ع4: تشمل البركة كل نتاج أعمال الإنسان وهى كالآتى :
- ثمرة البطن وتعنى النسل الكثير العدد الجيد النوع.
- ثمرة الأرض وتعنى المحصول الوفير.
- ثمرة البهائم من البقر والغنم، أى ما تلده البهائم يكون أيضًا كثير العدد وفى حالة صحية جيدة.
تصلى كنيستنا فى القداس الإلهى صلوات الأواشى حسب فصول السنة الزراعية الثلاثة:
من أجل أن يبارك الرب مياه الأنهار فى الفترة من 12 بؤونة إلى 9 بابة
من أجل الزروع ونبات الحقل فى الفترة من 10 بابة إلى 10 طوبة
من أجل ثمرات الأرض فى الفترة من 11 طوبة إلى 11 بؤونه
ومنه نرى أن طقوس كنيستنا ترجع فى أصولها إلى كلمات الكتاب المقدس، فهى فى هذه الصلوات تترجى بركات الله ووعوده بالخيرات.
ع5: السلة هى الوعاء الذى يجمع بداخله الثمار، فمباركتها تعنى مباركة ما بداخلها فيكون الحصاد وفير.
والمعجن هو الإناء الذى يعجن فيه الدقيق فيصير خبزًا، فمباركته تعنى وفرة الخير والشبع.
ع6: مباركًا تكون فى دخولك وفى خروجك معناه أن تكون مباركًا فى أعمالك وفى كل ما تسعى إليه، لأن تأدية هذه الأعمال يستلزم الخروج والدخول، فمعنى ذلك أن البركة تشمل كل أنشطة الحياة.
ع7: يمنحك الرب الانتصار على كل من يعاديك أو يقاومك. فإذا هاجموك بأعداد وفيرة بجنودهم المنتظمين فى صفوف ومتكتلين ضدك، أى قادمين من طريق واحد، فإنه يبددهم أمامك فيهربون فى طرق كثيرة.
? لا تنزعج من حروب الشياطين ولكن التجئ إلى الله بالصلاة وكل وسائط النعمة فتخاف منك الشياطين وتهرب.
ع8: يبارك الرب مخازن محاصيلك فتمتلئ بوفرة من الخيرات وتنجح فى كل ما تباشره من أعمال (كما قيل فى سفر التكوين عن يوسف ابن يعقوب “كل ما يصنع كان الرب ينجحه بيده” تك39: 3). والبركة فى الأرض التى يعطيك الرب تعنى الاستقرار فى أرض الموعد وعدم التعرض لتهديد خارجى.
ع9، 10: يرفعك الرب إلى مرتبة عليا بين الشعوب، فتكون شعبًا مقدسًا منتسبًا وخاصًا له. ذلك إذا حفظت وصاياه وعملت وفق شرائعه فتخاف منك باقى الشعوب.
ع11: تكرار لما جاء فى ع4. فيؤكد لهم الرب ثانيةً أنه سيبارك نسلهم ونسل بهائمهم ومحاصيل أرضهم وثمار أشجارهم.
ع12: كنوز الله السمائية هى الأمطار التى تعطى محاصيل وفيرة لشعبه فيصيروا أغنى من الشعوب المحيطة بهم، وتأتى هذه الشعوب لتقترض منهم أما شعب الله فلا يقترض من أحد لكثرة الخيرات عنده.
ع13: وإن سمعت لوصايا الرب تكون متفوقًا على جميع الشعوب فى النمو والازدهار ولا تكون فى مؤخرتهم بل مرتفعًا عنهم دائمًا.
ع14: شرط الحصول على كل هذه البركات هو التمسك بوصايا الله والابتعاد عن عبادة الأوثان.
(2) اللعنات (ع15-44):
15«وَلكِنْ إِنْ لمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَل بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ تَأْتِي عَليْكَ جَمِيعُ هَذِهِ اللعْنَاتِ وَتُدْرِكُكَ. 16مَلعُوناً تَكُونُ فِي المَدِينَةِ وَمَلعُوناً تَكُونُ فِي الحَقْلِ. 17مَلعُونَةً تَكُونُ سَلتُكَ وَمِعْجَنُكَ. 18مَلعُونَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ. 19مَلعُوناً تَكُونُ فِي دُخُولِكَ وَمَلعُوناً تَكُونُ فِي خُرُوجِكَ. 20يُرْسِلُ الرَّبُّ عَليْكَ اللعْنَ وَالاِضْطِرَابَ وَالزَّجْرَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ لِتَعْمَلهُ حَتَّى تَهْلِكَ وَتَفْنَى سَرِيعاً مِنْ أَجْلِ سُوءِ أَفْعَالِكَ إِذْ تَرَكْتَنِي. 21يُلصِقُ بِكَ الرَّبُّ الوَبَأَ حَتَّى يُبِيدَكَ عَنِ الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. 22يَضْرِبُكَ الرَّبُّ بِالسِّلِّ وَالحُمَّى وَالبُرَدَاءِ وَالاِلتِهَابِ وَالجَفَافِ وَاللفْحِ وَالذُّبُولِ فَتَتَّبِعُكَ حَتَّى تُفْنِيَكَ. 23وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ التِي فَوْقَ رَأْسِكَ نُحَاساً وَالأَرْضُ التِي تَحْتَكَ حَدِيداً. 24وَيَجْعَلُ الرَّبُّ مَطَرَ أَرْضِكَ غُبَاراً وَتُرَاباً يُنَزِّلُ عَليْكَ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى تَهْلِكَ. 25يَجْعَلُكَ الرَّبُّ مُنْهَزِماً أَمَامَ أَعْدَائِكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ تَخْرُجُ عَليْهِمْ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ تَهْرُبُ أَمَامَهُمْ وَتَكُونُ قَلِقاً فِي جَمِيعِ مَمَالِكِ الأَرْضِ.
26وَتَكُونُ جُثَّتُكَ طَعَاماً لِجَمِيعِ طُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الأَرْضِ وَليْسَ مَنْ يُزْعِجُهَا. 27يَضْرِبُكَ الرَّبُّ بِقُرْحَةِ مِصْرَ وَبِالبَوَاسِيرِ وَالجَرَبِ وَالحِكَّةِ حَتَّى لا تَسْتَطِيعَ الشِّفَاءَ. 28يَضْرِبُكَ الرَّبُّ بِجُنُونٍ وَعَمىً وَحَيْرَةِ قَلبٍ 29فَتَتَلمَّسُ فِي الظُّهْرِ كَمَا يَتَلمَّسُ الأَعْمَى فِي الظَّلامِ وَلا تَنْجَحُ فِي طُرُقِكَ بَل لا تَكُونُ إِلا مَظْلُوماً مَغْصُوباً كُل الأَيَّامِ وَليْسَ مُخَلِّصٌ. 30تَخْطُبُ امْرَأَةً وَرَجُلٌ آخَرُ يَضْطَجِعُ مَعَهَا. تَبْنِي بَيْتاً وَلا تَسْكُنُ فِيهِ. تَغْرِسُ كَرْماً وَلا تَسْتَغِلُّهُ. 31يُذْبَحُ ثَوْرُكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَلا تَأْكُلُ مِنْهُ. يُغْتَصَبُ حِمَارُكَ مِنْ أَمَامِ وَجْهِكَ وَلا يَرْجِعُ إِليْكَ. تُدْفَعُ غَنَمُكَ إِلى أَعْدَائِكَ وَليْسَ لكَ مُخَلِّصٌ. 32يُسَلمُ بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ لِشَعْبٍ آخَرَ وَعَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ إِليْهِمْ طُول النَّهَارِ فَتَكِلانِ وَليْسَ فِي يَدِكَ طَائِلةٌ. 33ثَمَرُ أَرْضِكَ وَكُلُّ تَعَبِكَ يَأْكُلُهُ شَعْبٌ لا تَعْرِفُهُ فَلا تَكُونُ إِلا مَظْلُوماً وَمَسْحُوقاً كُل الأَيَّامِ. 34وَتَكُونُ مَجْنُوناً مِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ الذِي تَنْظُرُ. 35يَضْرِبُكَ الرَّبُّ بِقُرْحٍ خَبِيثٍ عَلى الرُّكْبَتَيْنِ وَعَلى السَّاقَيْنِ حَتَّى لا تَسْتَطِيعَ الشِّفَاءَ مِنْ أَسْفَلِ قَدَمِكَ إِلى قِمَّةِ رَأْسِكَ. 36يَذْهَبُ بِكَ الرَّبُّ وَبِمَلِكِكَ الذِي تُقِيمُهُ عَليْكَ إِلى أُمَّةٍ لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ 37وَتَكُونُ دَهَشاً وَمَثَلاً وَهُزْأَةً فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ يَسُوقُكَ الرَّبُّ إِليْهِمْ. 38بِذَاراً كَثِيراً تُخْرِجُ إِلى الحَقْلِ وَقَلِيلاً تَجْمَعُ لأَنَّ الجَرَادَ يَأْكُلُهُ. 39كُرُوماً تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ وَخَمْراً لا تَشْرَبُ وَلا تَجْنِي لأَنَّ الدُّودَ يَأْكُلُهَا. 40يَكُونُ لكَ زَيْتُونٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ وَبِزَيْتٍ لا تَدَّهِنُ لأَنَّ زَيْتُونَكَ يَنْتَثِرُ. 41بَنِينَ وَبَنَاتٍ تَلِدُ وَلا يَكُونُونَ لكَ لأَنَّهُمْ إِلى السَّبْيِ يَذْهَبُونَ. 42جَمِيعُ أَشْجَارِكَ وَأَثْمَارِ أَرْضِكَ يَتَوَلاهُ الصَّرْصَرُ. 43اَلغَرِيبُ الذِي فِي وَسَطِكَ يَسْتَعْلِي عَليْكَ مُتَصَاعِداً وَأَنْتَ تَنْحَطُّ مُتَنَازِلاً. 44هُوَ يُقْرِضُكَ وَأَنْتَ لا تُقْرِضُهُ. هُوَ يَكُونُ رَأْساً وَأَنْتَ تَكُونُ ذَنَباً.
ع15: سبب جميع اللعنات، سواء المذكورة هنا أو ما ذكرت فى الأصحاح السابق، هو عصيان كلام الله. وهذه اللعنات هى تأديب لتعود بالإنسان إلى الله بالتوبة.
ع16: هذه اللعنة عكس البركة المذكورة فى (ع3)، فيسعى الفشل نحو الإنسان سواء المقيم فى المدينة أو القرية أى فى جميع الأعمال.
ع17: وهى عكس ما جاء فى (ع5)، فعوضًا عن البركة التى تزيد من ثمارك لتملأ السلة، والدقيق الوافر الذى يملأ المعجن، يسود الشح وقلة المحصول عوضًا عن الوفرة والشبع.
ع18: وهى عكس ما جاء فى (ع4)، فلا تكون هناك بركة فى ذريتك أو فى مواليد بقرك وغنمك، وتنزع البركة من محاصيل أرضك، فيقل الخير وتكون فى عوز وضيق.
ع19: وهى عكس ما جاء فى (ع6)، فبدلاً من أن يبارك الرب أعمالك، تخفق فى كل ما تسعى إليه ويتبعك الفشل والخيبة حيثما ذهبت وفى أى مكان حللت.
ع20: الزجر : الانتهار والتوبيخ بعنف.
يفقدون سلامهم ويكونون مضطربين فى كل حياتهم ويغضب الله عليهم، بالإضافة إلى توبيخ الناس لهم، ويستمر هذا الاضطراب حتى تنتهى حياتهم سريعًا لكثرة خطاياهم.
ع21: يضربهم الرب بالأوبئة التى تنتشر بينهم وتظل ممسكة بهم حتى تقضى على معظمهم فيمحى اسمهم من الأرض التى يعطيها لهم.
ع22: يعدد لهم الرب الأمراض التى ستمسك بهم لتفنيهم وهى :
السل : مرض يصيب الرئة فى الإنسان فيدمرها وهو شديد العدوى.
الحمى : وهى أنواع كثيرة ومن أعراضها المشتركة ارتفاع شديد لحرارة الجسم.
البرداء : الرعشة الشديدة الناتجة عن الإصابة ببعض الحميات.
الالتهاب : وهو يصيب أجهزة متعددة من الجسم كالأعصاب والعضلات وينجم عنه أمراض كثيرة مثل الروماتيزم وغيره.
الجفاف : وهو ندرة الماء اللازم لاحتياجات الإنسان والحيوان والزرع. فى الإنسان والحيوان قد يسبب الوفاة، وفى الزرع يسبب ذبوله وتلف المحاصيل.
اللفح : الحر الشديد التى تجلبه الريح الساخنة، وقد يسبب موت البشر وتلف المزروعات والثمار.
الذبول : الضعف الشديد وانحطاط القوى الجسمانية وفقدان النشاط والحيوية.
ع23: صورة بلاغية تصور الحر اللافح كأن السماء أصبحت من النحاس الذى يعكس حرارة الشمس بشدة ولا يعطى منفذًا لمطر يخفف من شدة الحر، وكأن الأرض أصبحت حديدًا غير صالحة لانبات أى بذور، فكأن الطبيعة قد انقلبت ضد الإنسان كرد على انقلاب الإنسان ضد الله.
ع24: بدلاً من الأمطار التى تروى الزرع، تحمل الرياح أتربة تهلكه وتجعل الهواء خانق حتى يهلك الإنسان.
ع25: وهى عكس ما جاء فى (ع7)، فبدلاً من الانتصار على الأعداء تلحقك الهزيمة ويتبدد جيشك إلى فرق مشتتة تبحث عن مخرج للفرار من أمام الأعداء سعيًا للنجاة، فيتشتتون فى ممالك كثيرة لا يشعرون فيها بالاطمئنان بل يكونون دائمى القلق والاضطراب.
ع26: وبسبب كثرة القتلى فى الحرب والموتى بسبب الأوبئة والأمراض، تتناثر جثثهم على الأرض دون أن تجد من يدفنها، فتنهشها الجوارح والوحوش دون أن يصدها أو يطردها أحد لانشغال البقية الباقية فى همومهم وأحزانهم والبلاء الذى يحيط بهم.
ع27: يضيف هنا الرب مجموعة أخرى من الأمراض تصيبهم نتيجة ابتعادهم عنه، وهى أمراض مزمنة وخطيرة تستعصى على الشفاء وهى :
القرحة (قرحة مصر) : القرحة هى البثور والدمامل المتقيحة والخراريج. وقد نسبت إلى مصر لأنها كانت إحدى الضربات العشر (الضربة السادسة)، التى ضرب بها الرب المصريين أيام موسى، لمنعهم لشعب الله من الخروج من مصر (خر9: 10).
البواسير : مرض مؤلم يصيب منطقة الإخراج عند الإنسان.
الجرب : طفح جلدى يشوه الجلد وينفر الناس.
الحكة : هى الهرش، ويحدث آلامًا وضيقًا للمصاب به.
ع28: نتيجة لكثرة المصائب التى تحيط بهم وحيرتهم مما يحدث لهم، يصابون بالجنون وتتسم تصرفاتهم بالطياشة وعدم الاتزان، كما قد يصابون بالعمى نتيجة تشبع الجو بالجراثيم الناتجة عن الأتربة الملوثة، وليس فقط العمى الجسدى بل العمى العقلى والروحى فلا يدرون كيف يتصرفون تجاه ما يواجههم فيعيشون حيارى تائهى الفكر والإرادة.
ع29: يصبحون عاجزين عن الرؤية فى وضح النهار أى نتيجة ارتباكهم وحيرتهم، فيضلون عن الطريق الصحيح للتغلب على مشاكلهم حتى لو كان السبيل إلى ذلك واضح وظاهر، بل يسلكون فى طرق شتى تؤدى بهم إلى الفشل والإحباط، ويتسلط عليهم الأعداء فلا يكونون إلا مقهورين مذلين مظلومين، لا يجدون من يمد لهم يد العون لا من الناس ولا من الله، لأن الرب مخلصهم يستر وجهه عنهم من أجل خطاياهم وعدم توبتهم.
ع30: هنا وصف لمظاهر الاضطهاد التى سيعانى منها الشعب من الأعداء وهى :
- يغزوك العدو المنتصر عليك وامرأتك التى خطبتها يأخذها لنفسه.
- البيت الذى تبنيه لتسكن فيه يستولى عليه العدو ويقيم هو به ويحرمك منه.
- الكرم الذى غرسته لا تستمتع بثمره إذ ينهبه العدو ولا تأخذ أنت منه شيئًا.
ع31: يستولى العدو أيضًا على مواشيكم وثيرانكم ويذبحونها أمام أعينكم ولا يعطونكم مما يذبحون شيئًا. يغتصبون حمارك فى حضورك وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئًا لاسترداده منهم، يسوقون غنمك ويغنمونها لأنفسهم ولا تستطيعون مقاومتهم.
ع32: أولادكم وبناتكم يصيرون أسرى لدى الأعداء، فيأخذونهم إلى الأسر تحت بصركم وترونهم وهم يذهبون بهم، فتحزنون أشد الحزن مما تبصرون، ولا تملكون سوى البكاء حتى تتعب عيونكم وتصيبكم الحسرة على ضياع البنين دون أن يكون فى إمكانكم أن تفعلوا شيئًا لإنقاذهم من أيدى الأعداء.
ع33: محاصيل زراعاتكم وكل ما تعبتم فيه من إنتاج أراضيكم ومن صنعة أياديكم يتمتع به غيركم من الشعوب التى قهرتكم والتى لم تكن لكم بها أى صلة أو معرفة من قبل، فتصيرون مكسورين ومحطمين فى كل أيام حياتكم.
ع34: ما سوف يحدث لك من مصائب وما ستشاهده عيونك من مظاهر القهر والإذلال لك ولبنيك سيطير عقلك فتصبح كالمجنون الذى يتخبط فى أفكاره ولا يملك من أمر نفسه شيئًا.
ع35: وهذه ضربة أخرى من الأمراض إضافة إلى ما سبق ذكره فى (ع22). إذ يسمح الرب بأن تصيب ركبهم وسيقانهم القروح الشديدة التى لا يمكنهم الشفاء منها، حيث تنتشر فى كل أجزاء أجسامهم فيصعب عليهم الجلوس أو الوقوف أو المشى ويتعذر أى نشاط جسمانى لهم.
ع36: تسير إلى الأسر فتكون خاضعًا لشعب آخر لم تكن لك ولا لآبائك به صلة من قبل، حيث يجبرونك على ممارسة عباداتهم الوثنية فتسجد لآلهتهم صنعة الأيادى والتى هى ليست سوى خشب وحجر، وحتى ملكك ورؤساؤك يصبحون ضعاف ويؤخذون للسبى. وقد حدث هذا فى السبى الأشورى لمملكة إسرائيل ثم السبى البابلى لمملكة يهوذا.
ع37: من شدة الأهوال التى لحقت بك تنظر إليك الشعوب باستغراب ودهشة من الذل الذى أصبحت عليه بعد ما كان لك من سمو ورفعة وعلو شأن بين الأمم. وتكون المثال الذى يشار إليه عند الحديث عن أقصى درجات الذل والانحطاط، بل وتسخر منك الشعوب التى تكون أسيرًا لديهم ويستهزأون بك.
ع38: رغم تعبكم وجهدكم الكبير الذى تبذلونه فى زراعة حقولكم، فلن تجنوا منها المحاصيل لأن الرب سيسلط عليكم الجراد ليأكله.
ع39: كذلك بالنسبة لما تغرسونه من أشجار الكروم، لا تجنون ثمارها ولا تشربون من خمرها لأن الرب سيسلط عليكم الدود ليأكلها.
ع40: ومع كثرة ما يتوفر لك من أشجار الزيتون فى أنحاء أرضك، لا يكون بإمكانك أن تستعمل شيئًا من زيته لأن الثمار ستصيبها الآفات والأمراض قبل أن تنضج فتتبدد وتتلف وتسقط فى الأرض.
ع41: حتى بنوك وبناتك لا تفرح بوجودهم إلى جانبك إذ تحرم منهم لأن العدو سيأخذهم أسرى إلى بلاده بعيدًا عنك.
ع42: الصرصر : هو صرصار الغيط وأنواع من الحشرات تفسد النباتات فتهاجم المحاصيل وتفسدها ولا يحصد منها شيئًا.
ع43: بعد أن كان الغرباء فى أرضك يخضعون لتشريعاتك وأحكامك، بل كانوا يخدمونك فى كثير من أعمال الزراعة وجلب الماء وقطع الحطب ورعاية المواشى والأغنام، يصبحون هم السادة، فيسودون عليكم، وأنتم تنحطون فتصيرون أقل شأنًا ممن كنتم فى السابق أسيادهم.
ع44: وهى عكس ما جاء فى (ع12). فبعد أن كانوا يتمتعون بالوفرة المادية إذ كانوا يقرضون الشعوب من حولهم، ينعكس الأمر فيصبحون لشدة فقرهم فى حاجة إلى استجداء الآخرين، فيصلون إلى أدنى درجات المذلة والهوان. ويصير الغرباء هم السادة بينما يصبح شعب إسرائيل خاضعًا لهم.
? لا تنجذب إلى لذة الخطية لئلا تأتى عليك نتائجها الشريرة ويغضب عليك الله فتفقد البركات التى تتمتع بها وتفقد سلامك وأبديتك بل تصير فى اضطراب وذل كثير.
(3) هجوم الأعداء عليهم لابتعادهم عن الله (ع45-57):
45وَتَأْتِي عَليْكَ جَمِيعُ هَذِهِ اللعَنَاتِ وَتَتَّبِعُكَ وَتُدْرِكُكَ حَتَّى تَهْلِكَ لأَنَّكَ لمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ التِي أَوْصَاكَ بِهَا. 46فَتَكُونُ فِيكَ آيَةً وَأُعْجُوبَةً وَفِي نَسْلِكَ إِلى الأَبَدِ. 47مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لمْ تَعْبُدِ الرَّبَّ إِلهَكَ بِفَرَحٍ وَبِطِيبَةِ قَلبٍ لِكَثْرَةِ كُلِّ شَيْءٍ. 48تُسْتَعْبَدُ لأَعْدَائِكَ الذِينَ يُرْسِلُهُمُ الرَّبُّ عَليْكَ فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ وَعُرْيٍ وَعَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ. فَيَجْعَلُ نِيرَ حَدِيدٍ عَلى عُنُقِكَ حَتَّى يُهْلِكَكَ. 49يَجْلِبُ الرَّبُّ عَليْكَ أُمَّةً مِنْ بَعِيدٍ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ كَمَا يَطِيرُ النَّسْرُ أُمَّةً لا تَفْهَمُ لِسَانَهَا 50أُمَّةً جَافِيَةَ الوَجْهِ لا تَهَابُ الشَّيْخَ وَلا تَحِنُّ إِلى الوَلدِ 51فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ حَتَّى تَهْلِكَ وَلا تُبْقِي لكَ قَمْحاً وَلا خَمْراً وَلا زَيْتاً وَلا نِتَاجَ بَقَرِكَ وَلا إِنَاثَ غَنَمِكَ حَتَّى تُفْنِيَكَ.
52وَتُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ حَتَّى تَهْبِطَ أَسْوَارُكَ الشَّامِخَةُ الحَصِينَةُ التِي أَنْتَ تَثِقُ بِهَا فِي كُلِّ أَرْضِكَ. تُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ فِي كُلِّ أَرْضِكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ. 54الرَّجُلُ المُتَنَعِّمُ فِيكَ وَالمُتَرَفِّهُ جِدّاً تَبْخَلُ عَيْنُهُ عَلى أَخِيهِ وَامْرَأَةِ حِضْنِهِ وَبَقِيَّةِ أَوْلادِهِ الذِينَ يُبْقِيهِمْ 55بِأَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمْ مِنْ لحْمِ بَنِيهِ الذِي يَأْكُلُهُ لأَنَّهُ لمْ يُبْقَ لهُ شَيْءٌ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ. 56وَالمَرْأَةُ المُتَنَعِّمَةُ فِيكَ وَالمُتَرَفِّهَةُ التِي لمْ تُجَرِّبْ أَنْ تَضَعَ أَسْفَل قَدَمِهَا عَلى الأَرْضِ لِلتَّنَعُّمِ وَالتَّرَفُّهِ تَبْخَلُ عَيْنُهَا عَلى رَجُلِ حِضْنِهَا وَعَلى ابْنِهَا وَابْنَتِهَا 57بِمَشِيمَتِهَا الخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْليْهَا وَبِأَوْلادِهَا الذِينَ تَلِدُهُمْ لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرّاً فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ.
ع45: سبب كل هذه اللعنات السابقة هو عصيان كلام الله وتستمر هذه اللعنات حتى تُهلِك الإنسان.
ع46: ما يحل بكم من مصائب سيكون عبرةً وتحذيرًا للأجيال التالية وعلامة على شدة غضب الرب على عصيانكم، وتأكيدًا لسلطانه القادر على رفع من يعمل البر وعقاب الشرير. بل أن الأجيال التالية ستعانى من ميراث الحالة المؤلمة التى ولدوا أو نشأوا فيها.
ع47: كل ما يصيبهم من لعنات هو نتيجة لأنهم لم يسروا بعبادة الرب ولم يقبلوا على تطبيق وصاياه إلا عن غصب وتكلف، رغم ما أنعم به الرب عليهم من عطايا جعلتهم فى غنى، فبدلاً من أن يشكروه عليها شغلتهم عنه وعن واجباتهم نحوه وعبادتهم له.
? من المحزن حقًا أن الإنسان حينما تكثر له النعم والخيرات كثيرًا ما ينشغل بها عن واجباته نحو خالقه، فينحصر كل فكره فى كيفية الحفاظ عليها وزيادتها والتمتع بها على حساب عشرته مع الله. وبدلاً من أن يذكر الله باعتباره الواهب الحقيقى لهذه النعم، ينشغل قلبه وفكره فيما يملكه من مادة. ليتنا لا ننسى أبدًا أن كل ما نحققه من نجاحات فى مختلف الميادين هو من إحسانات الله لنا، فيزيد هذا من التصاقنا بالرب ونكثر من شكره على كل عطاياه.
ع48: بدءًا من هذا العدد وحتى (ع57) يعدد لهم الرب المتاعب التى سيسببها لهم الأعداء إذا ما تخلى الرب عنهم لانحرافهم عن عبادته. فيعود الشعب إلى العبودية المريرة التى قاساها من قبل إذ يسلمهم الرب إلى أعدائهم فيستعبدونهم ويذلونهم. وبدلاً من الوفرة التى يتمتعون بها فى أرض الموعد، يقاسون الجوع والعرى والاحتياج حتى إلى ضرورات الحياة.
ع49: هؤلاء الأعداء يستخدمهم الرب فى تأديب شعبه، فيأتون من أماكن بعيدة (مثلما حدث من البابليين والأشوريين والفرس والسلوقيين ثم الرومان) وينقضون عليهم بسرعة وضراوة كما يفعل النسر حين ينقض على فريسته، وهم أمم أجنبية عنهم ولا يعرفون لغتها.
ع50: هؤلاء الأعداء قساة القلوب فلا يحترمون شيخًا ولا يشفقون على الصبيان، بل عنفاء يهلكون الكل.
ع51: تستولى الشعوب الغازية على كل خيرات الأرض، فتأكل ما تلده الحيوانات وما ينضج من ثمار الأرض فلا يبقى لهم شئ من القمح أو الخمر أو الزيت أو نسل الحيوانات، فيقاسون من الجوع ويتعرضون للموت.
ع52: يفرض الحصار على جميع مدنهم حتى تنهار القلاع والحصون والأسوار التى كانوا مطمئنين من حصانتها وحمايتها لهم من الغزاة. ولن تستثنى مدينة من مدنهم من هذا الحصار فيسقطون فى أيدى أعدائهم.
ع53: نتيجة لشدة الحصار يعجزون عن توفير الحد الأدنى من القوت الضرورى، فتعم المجاعات ويشتد الجوع فيفقد الناس الإحساس بأى عواطف إنسانية سامية كعاطفة الأبوة والأمومة، فيذبحون أبناءهم ليأكلوا لحومهم (2مل6: 24-30).
ع54، 55: عندما يحاصر الأعداء مدن شعب الله ويكادوا يموتون من الجوع، يذبح الرجل المتنعم أحد أبنائه ليأكل لحمه ويبخل على زوجته وباقى أبنائه من أن يعطيهم شيئًا من لحم الابن المذبوح. هكذا تصل حالتهم إلى هذا الذل وقسوة القلب.
ع56، 57: المشيمة : هى جزء يتصل بالجنين وينقل الغذاء من الأم إلى الجنين ويخرج مع المولود عند الولادة ويسمى فى اللغة الدارجة “الخلاص”.
وأيضًا المرأة التى تعيش فى ترف إلى درجة أنها لا تدوس بقدمها على الأرض لشدة ترفها، أى أنها كانت تحيا فى راحة كاملة لا تكلفها القيام بأى عمل، هى أيضًا إذ يشتد جوعها فى الحصار تضطر إلى أكل المشيمة التى تنزل فى الولادة، كما تضطر أيضًا إلى ذبح أبنائها وطبخهم ولا ترضى أن يشاركها أحد فى أكلهم ولا حتى زوجها أو أبناؤها الآخرون الذين لم تذبحهم بعد.
(4) الضربات والسبى (ع58-68):
58إِنْ لمْ تَحْرِصْ لِتَعْمَل بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ المَكْتُوبَةِ فِي هَذَا السِّفْرِ لِتَهَابَ هَذَا الاِسْمَ الجَلِيل المَرْهُوبَ الرَّبَّ إِلهَكَ 59يَجْعَلُ الرَّبُّ ضَرَبَاتِكَ وَضَرَبَاتِ نَسْلِكَ عَجِيبَةً. ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً رَاسِخَةً وَأَمْرَاضاً رَدِيئَةً ثَابِتَةً. 60وَيَرُدُّ عَليْكَ جَمِيعَ أَدْوَاءِ مِصْرَ التِي فَزِعْتَ مِنْهَا فَتَلتَصِقُ بِكَ.
61أَيْضاً كُلُّ مَرَضٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ لمْ تُكْتَبْ فِي سِفْرِ النَّامُوسِ هَذَا يُسَلِّطُهُ الرَّبُّ عَليْكَ حَتَّى تَهْلكَ.
62فَتَبْقُونَ نَفَراً قَلِيلاً عِوَضَ مَا كُنْتُمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فِي الكَثْرَةِ لأَنَّكَ لمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ. 63وَكَمَا فَرِحَ الرَّبُّ لكُمْ لِيُحْسِنَ إِليْكُمْ وَيُكَثِّرَكُمْ كَذَلِكَ يَفْرَحُ الرَّبُّ لكُمْ لِيُفْنِيَكُمْ وَيُهْلِكَكُمْ فَتُسْتَأْصَلُونَ مِنَ الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. 64وَيُبَدِّدُكَ الرَّبُّ فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ.
65وَفِي تِلكَ الأُمَمِ لا تَطْمَئِنُّ وَلا يَكُونُ قَِرَارٌ لِقَدَمِكَ بَل يُعْطِيكَ الرَّبُّ هُنَاكَ قَلباً مُرْتَجِفاً وَكَلال العَيْنَيْنِ وَذُبُول النَّفْسِ. 66وَتَكُونُ حَيَاتُكَ مُعَلقَةً قُدَّامَكَ وَتَرْتَعِبُ ليْلاً وَنَهَاراً وَلا تَأْمَنُ عَلى حَيَاتِكَ. 67فِي الصَّبَاحِ تَقُولُ: يَا ليْتَهُ المَسَاءُ! وَفِي المَسَاءِ تَقُولُ: يَا ليْتَهُ الصَّبَاحُ! مِنِ ارْتِعَابِ قَلبِكَ الذِي تَرْتَعِبُ وَمِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ الذِي تَنْظُرُ. 68وَيَرُدُّكَ الرَّبُّ إِلى مِصْرَ فِي سُفُنٍ فِي الطَّرِيقِ التِي قُلتُ لكَ لا تَعُدْ تَرَاهَا فَتُبَاعُونَ هُنَاكَ لأَعْدَائِكَ عَبِيداً وَإِمَاءً وَليْسَ مَنْ يَشْتَرِي». 29: 1)هَذِهِ كَلِمَاتُ العَهْدِ الذِي أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى أَنْ يَقْطَعَهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيل فِي أَرْضِ مُوآبَ فَضْلاً عَنِ العَهْدِ الذِي قَطَعَهُ مَعَهُمْ فِي حُورِيبَ.
ع58، 59: يؤكد هنا أن عصيان كلام الله وعدم احترام اسمه يجلب لعنات وضربات كثيرة على شعبه وأمراض مهلكة.
ع60: أدواء : جمع داء أى مرض.
يعود الرب من جديد فيضربهم بكل داء كان قد ضرب به المصريين حين عاقب فرعون وشعبه. فتصيبهم الأمراض والأوبئة التى فزع وخاف منها شعب الله عندما رآها تلحق بالمصريين، فهذه الأمراض سوف تلازمهم وتكون عديمة الشفاء.
ع61: يجعلهم الرب يقعون فريسة لأمراض كثيرة، ليست فقط تلك المكتوبة فى هذا السفر بل أيضًا العديد من الأمراض الأخرى التى لم تذكر هنا، فتعمل عملها فى أجسامهم حتى يموتوا من هول وفتك تلك الأمراض بهم.
ع62: كان وعد الرب لآبائهم بإكثار نسلهم مشروطًا بحفظهم العهد. فلأنهم خالفوا وصاياه، يرجع فينزع بركته عنهم فيعودون نفرًا قليلاً وأمة ضئيلة العدد كما كانوا من قبل.
ع63: كما كانت بركة الرب عظيمة لشعبه، هكذا أيضًا تكون ضرباته عظيمة لإهلاكهم.
ع64: ولغضب الله عليهم، يبددهم فى بلاد العالم فيعيشون بين الوثنيين الذين يجبرونهم على عبادة الأصنام المصنوعة من الحجر والخشب.
ع65: لا يكون قرار لقدمك : لا يكون لك استقرار.
كلال العينين : ضعف البصر.
ذبول النفس : الكآبة.
فى إقامتكم لدى الأمم الغازية لا تشعرون براحة ولا طمأنينة أو استقرار، بل تضعف أبصاركم من كثرة البكاء والنحيب على ما سارت إليه أحوالكم ولا تجدون أى لذة فى متع الحياة، فالكآبة والكرب يتملكان عليكم من جراء المصائب والأحزان.
ع66: وتكونون مهدّدين بالموت فى أيَّة لحظة، فتحيون فى خوف ورعب غير آمنين على حياتكم لا نهارًا ولا ليلاً.
ع67: لا تشعرون بالراحة فى أيَّة لحظة من حياتكم سواء فى النهار أو فى الليل. فمن كثرة ما تعانونه خلال النهار من أخطار وأمراض، تتمنون أن ينقضى النهار سريعًا حتى يأتى الليل فتظنون أنه يريحكم، ولكن العكس يحدث إذ يأتى الليل بمصائب وويلات جديدة فتعودون وتتمنون زواله ليأتى النهار ويكون أفضل حالاً، ولكن للأسف ستصير حياتكم كلها شقاء.
ع68: أخيرًا ستجد إسرائيل نفسها مرة أخرى خاضعة لذل العبودية فى مصر بعد أن أخرجهم الرب منها على يد موسى قائلاً لهم أنهم لن يعودوا إلى العبودية من جديد، ولكن كان هذا الوعد مشروطًا بطاعتهم للوصية وهو ما لم يحافظوا عليه. فهذا إنذار برجوعهم للعبودية وبأنهم سيحملون إلى مصر فى سفن كأسرى، حيث يعرضون للبيع كعبيد ولا يقبل الناس من الشعوب الأخرى على شرائهم لأنهم لا يصلحون فى نظرهم كعبيد لهزالهم وضعفهم من جراء ما عانوه من أمراض ومتاعب.
هذه صورة رهيبة لذروة ما سيعانونه من آلام ومتاعب يصعب وصفها.
وقد حدث هذا عندما هاجمت مصر بلاد اليهود وأسرت الملك يهوآحاز، وكذلك عندما هرب اليهود إلى مصر عند الغزو البابلى وتدمير أورشليم، وعند هجوم تيطس الرومانى عام 70م وقتله لليهود أرسل بعضهم إلى مصر.
? ثابر فى جهادك ضد الخطية فتتمتع بمعونة الله وعشرته ثم ملكوت السموات، وهذا الجهاد مريح ومغرى أما الآلام الناتجة عن الخطية فهى فوق الطاقة ونتيجتها الهلاك فى العذاب الأبدى
.