الطلاق والزواج والعدل والإشفاق على المحتاجين
(1) الطلاق والزواج (ع1-5): 1«إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ
3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الذِي اتَّخَذَهَا لهُ زَوْجَةً 4لا يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الذِي طَلقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ. فَلا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً. 5«إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً جَدِيدَةً فَلا يَخْرُجْ فِي الجُنْدِ وَلا يُحْمَل عَليْهِ أَمْرٌ مَا. حُرّاً يَكُونُ فِي بَيْتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً وَيَسُرُّ امْرَأَتَهُ التِي أَخَذَهَا.
ع1: إذا اكتشف الرجل عيبًا فى المرأة التى اتخذها زوجة، عيب جسدى أو سلوكى يراه عائقًا لاستمرار حياة سعيدة معها، لا يصح أن يكون الطلاق شفهيًا بل يجب أن يكتب كتاب طلاق ويعطيه لها ويخرجها من بيته.
ورغم أن الله لا يحب الطلاق ولكنه سمح به لما يلى :
- الرجل الذى يكره امرأته يذلها ويقسو عليها، فالطلاق تحرير لها من هذه القسوة التى كان يمكن للرجل وقتذاك أن يفعلها بها.
- كتابة كتاب طلاق والذى يتم على أيدى شهود معتمدين يعطى للرجل فرصة أن يراجع نفسه إذا كان مندفعًا فى قراره.
- لا يسمح للرجل الذى طلق امرأته أن يستعيدها إذا تزوجت بآخر (ع4) حتى لا يندفع الرجل فى كراهيته أو تطليقه لزوجته.
هذه الشريعة تحمى من العادات الشريرة التى كانت عند المصريين قديمًا وهى تبادل الزوجات إذا شعر الرجال بكراهية لزوجاتهم.
ع2-4: إذا تزوجت المطلقة برجل آخر ثم طلقها الأخير وأعطاها كتاب طلاق أو مات، فلا يجوز أن تعود لزوجها الأول، فهذا يعتبر نجاسة لأن الزوج الأول يعتبر زوجته قد تنجست بمعاشرة آخر غيره فيكرهها أكثر من ذى قبل، وحتى لو أبدى استعداده لرجوعها فإنه يعود ويعاملها معاملة سيئة، لذا منع الله هذا النوع من الزواج إذ يعتبر خطية تنجس أرض الميعاد التى طهرها الله بطرد الوثنيين منها ليسكن شعبه فيها.
ع5: يحمل عليه أمر ما : يطلب منه أى عمل لصالح الشعب.
تظهر هذه الوصية اهتمام الله بالزواج، فتعفى من يتزوج لمدة سنة من الاشتراك فى الحرب ومن جميع الأعمال المطلوبة للجماعة وذلك لما يلى :
- حتى تكون له فرصة للتفاهم الزيجى والتكيف مع عروسه على الحياة الجديدة وتكوين عادات طيبة يعيشان بها طوال حياتهما.
- تكون له فرصة للتعبير عن محبته وإسعاد زوجته فى هذه السنة فتثبت علاقتهما الطيبة ويفرحان طوال عمرهما.
- حتى لا يكون الرجل قلقًا أثناء الحرب على عروسه فلا ينتبه لمسئوليات الحرب.
- قد يتعرض الرجل للموت فى الحرب فيكون هذا صعبًا جدًا على عروسه التى لم تتمتع بزواجها ولو لمدة سنة.
? إن غرض الله من زواجك ومن وجودك بين الناس هو أن تقيم معهم علاقات تفرحهم وتسعد بها حياتهم. فحاول أن تعبر عن محبتك لمن حولك بكلمات أو ابتسامات أو هدايا أو لمسات رقيقة تشعرهم فيها بحبك فتثبت علاقاتك الأسرية وتبهج قلوبهم.
(2) الإشفاق على الضعيف (ع6، 7):
6«لا يَسْتَرْهِنْ أَحَدٌ رَحىً أَوْ مِرْدَاتَهَا لأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَرْهِنُ حَيَاةً. 7«إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ قَدْ سَرَقَ نَفْساً مِنْ إِخْوَتِهِ بَنِي إِسْرَائِيل وَاسْتَرَقَّهُ وَبَاعَهُ يَمُوتُ ذَلِكَ السَّارِقُ فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.
ع6: الرحى : أداة لطحن الحبوب تتكون من حجرين، علوى وسفلى. العلوى متحرك والسفلى ثابت.
المِرْادة : الحجر العلوى للرحى.
تنهى الشريعة عن أخذ الرحى كلها أو إحدى حجريها كرهن عن دين. لأن الرحى هى الأداة التى يطحن بها الحبوب التى يصنع منها الخبز، فأخذها يعنى حرمان صاحبها من طعامه الأساسى وبذلك يعرض حياته للجوع والموت.
ع7: استرقه : من الرِّق أى جعله عبدًا له.
إذا وجد إنسان يهودى قاسى القلب لدرجة أن يسرق أحد إخوته ليصير عبدًا عنده أو ليبيعه عبدًا لآخرين، فيلزم إعدام هذا الإنسان لنزع خطية القسوة والسرقة التى تصل فى هذه الحالة إلى مرتبة خطية القتل لأنه سلب حياة إنسان.
? لا تؤذى مشاعر إنسان بكلمات جارحة حتى لو كانت ردًا على خطأ منه، فهذا يعتبر قتل أدبى وإهانة وسلب لحقوقه كإنسان مقبول فى المجتمع. كن حنونًا فتتمتع بحنان الله.
(3) البرص (ع8، 9):
8«اِحْرِصْ فِي ضَرْبَةِ البَرَصِ لِتَحْفَظَ جِدّاً وَتَعْمَل حَسَبَ كُلِّ مَا يُعَلِّمُكَ الكَهَنَةُ اللاوِيُّونَ. كَمَا أَمَرْتُهُمْ تَحْرِصُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. 9اُذْكُرْ مَا صَنَعَ الرَّبُّ إِلهُكَ بِمَرْيَمَ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ.
ع8: ينبههم الرب إلى ضرورة تطبيق شريعة البرص والعمل بكل دقة بتعليمات الكهنة التى علمهم الرب اياها. (وردت تفاصيل شريعة البرص فى لا13، 14).
ع9: يذكرهم بما حدث لمريم أخت موسى عندما تذمرت عليه هى وهارون بعد خروجهم من مصر أى فى برية سيناء لانفراده بالقيادة، فضربها الله بالبرص (عد12) وطردوها خارج المحلة تطبيقًا لشريعة البرص. ولم تستثنَ مريم لأنها نبية أو لكونها أخت موسى وبالتالى يلزم تطبيق شريعة البرص على كل الشعب بكل دقة.
? ابتعد عن كل شئ ينجس أفكارك وحواسك لأنك إنسان الله فتحيا طاهرًا وتستطيع أن تشعر بالله فى حياتك ويباركك.
(4) العدل والرحـمة (ع10-22):
10«إِذَا أَقْرَضْتَ صَاحِبَكَ قَرْضاً مَا فَلا تَدْخُل بَيْتَهُ لِتَرْتَهِنَ رَهْناً مِنْهُ. 11فِي الخَارِجِ تَقِفُ وَالرَّجُلُ الذِي تُقْرِضُهُ يُخْرِجُ إِليْكَ الرَّهْنَ إِلى الخَارِجِ. 12وَإِنْ كَانَ رَجُلاً فَقِيراً فَلا تَنَمْ فِي رَهْنِهِ.
13رُدَّ إِليْهِ الرَّهْنَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِيَنَامَ فِي ثَوْبِهِ وَيُبَارِكَكَ فَيَكُونَ لكَ بِرٌّ لدَى الرَّبِّ إِلهِكَ.
14«لا تَظْلِمْ أَجِيراً مِسْكِيناً وَفَقِيراً مِنْ إِخْوَتِكَ أَوْ مِنَ الغُرَبَاءِ الذِينَ فِي أَرْضِكَ فِي أَبْوَابِكَ. 15فِي يَوْمِهِ تُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ وَلا تَغْرُبْ عَليْهَا الشَّمْسُ لأَنَّهُ فَقِيرٌ وَإِليْهَا حَامِلٌ نَفْسَهُ لِئَلا يَصْرُخَ عَليْكَ إِلى الرَّبِّ فَتَكُونَ عَليْكَ خَطِيَّةٌ. 16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ. 17«لا تُعَوِّجْ حُكْمَ الغَرِيبِ وَاليَتِيمِ وَلا تَسْتَرْهِنْ ثَوْبَ الأَرْمَلةِ. 18وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي مِصْرَ فَفَدَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ هُنَاكَ. لِذَلِكَ أَنَا أُوصِيكَ أَنْ تَعْمَل هَذَا الأَمْرَ. 19«إِذَا حَصَدْتَ حَصِيدَكَ فِي حَقْلِكَ وَنَسِيتَ حُزْمَةً فِي الحَقْلِ فَلا تَرْجِعْ لِتَأْخُذَهَا. لِلغَرِيبِ وَاليَتِيمِ وَالأَرْمَلةِ تَكُونُ لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدَيْكَ. 20وَإِذَا خَبَطْتَ زَيْتُونَكَ فَلا تُرَاجِعِ الأَغْصَانَ وَرَاءَكَ. لِلغَرِيبِ وَاليَتِيمِ وَالأَرْمَلةِ يَكُونُ. 21إِذَا قَطَفْتَ كَرْمَكَ فَلا تُعَلِّلهُ وَرَاءَكَ. لِلغَرِيبِ وَاليَتِيمِ وَالأَرْمَلةِ يَكُونُ. 22وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ. لِذَلِكَ أَنَا أُوصِيكَ أَنْ تَعْمَل هَذَا الأَمْرَ».
ع10، 11: هذا التشريع غرضه حفظ كرامة الفقير إذا ما اقترض مالاً من شخص آخر، فلا يجوز لهذا الآخر أن يقتحم بيت الفقير ليأخذ رهنًا لما يحمله هذا من إهانة ومذلة للفقير، بل يجب على المقرض الوقوف خارج الدار ليخرج صاحب البيت الشئ المرهون إليه، وحتى لا يظلم الدائن الفقير ويأخذ من بيته شيئًا أكثر من الرهن، فيلزم تطبيق العدل مهما كان الإنسان فقيرًا أو ضعيفًا لأن الدائن قد يطمع عندما يرى محتويات بيت الفقير فيطالب برهن حاجيات كثيرة سدادًا لدينه، أو يعدل عن إقراضه مطالبًا إياه ببيع ما عنده وسد احتياجاته.
ع12، 13: إذا احتاج إنسان إلى مال واضطر إلى رهن ثوبه، فإن لم يستطع أن يرد المال خلال هذا اليوم، فيلتزم الدائن بإرجاع ثوبه إليه لأنه حاجته الضرورية حتى يغطى جسده أثناء نومه.
ع14: أبوابك : مدنك.
يوصى الرب بعدم ظلم الأجير الذى يعمل لدى آخر مقابل أجر، خاصة إذا كان فقيرًا، وسواء كان إسرائيليًا أو من المغتربين الساكنين فى مختلف مدن إسرائيل.
ع15: لا تؤخر اعطائه أجرته التى عمل من أجلها، يومًا بيوم، فهو محتاج إليها وقد أجهد نفسه طوال النهار من أجل تحصيلها. لأنه إن أحسَّ بالظلم من جهة من عمل لديه، سيشكوه إلى الرب فيدين الرب الظالم ويعاقبه على ظلمه.
ع16: توضح هذه الشريعة مسئولية كل إنسان عن خطيته، فلا يحكم قاضى بالقتل على أب نتيجة خطية ابنه ولا على ابن بسبب خطية أبيه كما أكد ذلك فى (حز18: 4). ولكن افتقاد ذنوب الآباء فى الأبناء (خر20: 5) يعنى انتشار الخطية من الآباء إلى الأبناء الذين يتعلمونها من آبائهم فيجازى الله الآباء والأبناء كل على خطيته. ولكن إن رفض الأبناء الاستمرار فى خطية آبائهم فلن يعاقبهم الله.
? كن عادلاً فى أحكامك فلا تتأثر بالكلام المعسول أو تجامل الأغنياء والأقوياء أو قريب أو صديق، بل تمسك بالحق من أجل الله الذى يقف أمامك فيحميك من مظالم كثيرة ويكون عادلاً معك ويكافئك على كل أعمالك الصالحة بالحياة الأبدية.
ع17: يطالب الرب بعدالة الأحكام، فلا يظلم الغريب لأنه ليس من بنى إسرائيل، ولا يظلم اليتيم لأنه ليس له من يدافع عنه أو يطالب بحقه.
كذلك لا يصح استرهان ثوب أرملة يكون هو ساترها وحاميها من البرد والحر (كما ذكر فى ع13)، بل يكون اقراضها استرضاءً لرضاء الرب وكرمًا من المقرض.
ع18: يذكرهم بمرارة الغربة والحاجة عندما استعبدوا فى أرض مصر ولم ينقذهم منها إلا تدخل الرب الذى فداهم. فكما جربوا البؤس والشقاء، يستطيعوا أن يقدروا حاجة البؤساء إلى الرحمة والشفقة ويسرعوا إلى إنقاذهم من بؤسهم. فيوصيهم أنه كما فعل معهم وأنقذهم، يفعلوا هم أيضًا مع هؤلاء.
ع19: فى هذا العدد والأعداد التالية حتى نهاية الأصحاح، يعلمهم الرب مبادئ أعمال الرحمة نحو الفقراء. ففى هذا العدد يوصيهم الرب أنه عند قيامهم بحصاد حقولهم، إذا نسوا حزمة من الحصيد فى الحقل وتذكروا ذلك فلا يعودوا ليأخذوها بل يتركوها لمن يحتاجها من الغرباء والأيتام والأرامل الذين يخرجون إلى الحقول ليجمعوا ما يفضل بعد الحصاد لقوتهم الضـرورى. فإن فعلوا ذلك، سيبارك الرب جميع أعمالهم ويزيد لهم الخيرات كما قال فى (لا19: 9، 10، 2كو9: 6).
ع20: كانت الطريقة المتبعة لحصاد الزيتون هى أن تسقط أثمار أغصان الزيتون على الأرض بواسطة عصى طويلة. هنا أيضًا يأمرهم الرب أن الحبات التى قد تتبقى على الأغصان يجب عدم العودة لجمعها بل تترك أيضًا لنفس الفئات المحتاجة المذكورة عاليه.
ع21: تعلله : تلتقط فضلات القطف.
نفس الشئ بالنسبة لقطاف عناقيد العنب من الكرم. لا تعود ثانية لقطف ما قد تبقى على الشجر من حبات العنب بل اتركه نصيبًا للفئات المحتاجة.
ع22: يشجعهم على أعمال الرحمة السابقة باسترجاع مشاعر الذل والفقر التى عانوها أيام عبودية مصر حتى يسرعوا للإشفاق على المحتاجين