كتابة الشريعة مع البركات واللعنات
(1) كتابة الشريعة وبناء المذبح (ع1-10) : 1وَأَوْصَى مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيل الشَّعْبَ: «احْفَظُوا جَمِيعَ الوَصَايَا التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا اليَوْمَ.
2فَيَوْمَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ إِلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِالشِّيدِ 3وَتَكْتُبُ عَليْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ حِينَ تَعْبُرُ لِتَدْخُل الأَرْضَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَرْضاً تَفِيضُ لبَناً وَعَسَلاً كَمَا قَال لكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ. 4حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ تُقِيمُونَ هَذِهِ الحِجَارَةَ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا اليَوْمَ فِي جَبَلِ عِيبَال وَتُكَلِّسُهَا بِالكِلسِ. 5وَتَبْنِي هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ إِلهِكَ مَذْبَحاً مِنْ حِجَارَةٍ لا تَرْفَعْ عَليْهَا حَدِيداً. 6مِنْ حِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ تَبْنِي مَذْبَحَ الرَّبِّ إِلهِكَ وَتُصْعِدُ عَليْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. 7وَتَذْبَحُ ذَبَائِحَ سَلامَةٍ وَتَأْكُلُ هُنَاكَ وَتَفْرَحُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 8وَتَكْتُبُ عَلى الحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ نَقْشاً جَيِّداً». 9ثُمَّ قَال مُوسَى وَالكَهَنَةُ اللاوِيُّونَ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيل: «اُنْصُتْ وَاسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. اليَوْمَ صِرْتَ شَعْباً لِلرَّبِّ إِلهِكَ. 10فَاسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَاعْمَل بِوَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ».
ع1: أوصى موسى وشيوخ إسرائيل الشعب بضرورة حفظ الوصايا الإلهية التى يعطيها الرب لهم.
ع2: تشيدها بالشيد : تبنيها وتكسيها بالجير.
أوصى موسى الشعب أنه بعد عبورهم نهر الأردن إلى الأرض التى يمنحها الرب لهم، عليهم أن يأخذوا حجارة كبيرة ويبنونها ويغطونها بالجير.
ع3: ويكتبوا على هذه الحجارة جميع كلمات الناموس حين يعبروا الأردن، كى يساعدهم الرب على أن يتملكوا الأرض التى يعطيهم إياها والتى تفيض بالخيرات الكثيرة.
ع4: تكلسها بالكلس : تغطيها بالجير.
جبل عيبال : يدعى اليوم عماد الدين، يقع شمال الوادى الذى توجد به مدينة نابلس والتى هى شكيم قديمًا.
يؤكد الرب ثانية أن عليهم بعد عبورهم نهر الأردن أن يشيدوا هذه الحجارة وأن تقام فى جبل عيبال ويطلونها بالجير ويتمتع كل من جبل عيبال وجبل جرزيم الذى سيأتى ذكره لاحقًا بتوسطهما للأراضى المقدسة بحيث يكونان على أقل مسافة ممكنة من أطراف أرض إسرائيل فيحج إليها الأسباط جميعًا.
ع5: يجب عليكم بالإضافة إلى الحجارة التى تكتبون عليها الشريعة، أن تبنوا مذبحًا للرب من حجارة أيضًا دون أن تهذبوا تلك الحجارة باستخدام أزميل أو فأس بل توضع كما هى، وقد نفّذ يشوع ذلك (يش8: 30، 31).
والمذبح هنا يشير إلى المسيح الذى يرمز له دانيال فى رؤياه (دا 2: 34) بالحجر الذى قطع بدون يد إنسان، فالمسيح ولد دون زرع بشر.
ع6: يؤكد من جديد على أن تكون الحجارة التى يبنى بها المذبح بشكلها الطبيعى دون محاولة تهذيبها بأى آلة.
ع7: وتقدم التقدمات الخاصة بشكر الرب وهى ذبائح السلامة التى تشير أيضًا بالفرح بالرب وعرفان مقدمها بصنيعه العظيم معه. وهى الذبيحة التى يقدم جزء منها للكهنة يأكلونه، وهو نصيب الرب، وجزء يأكله مقدِّم الذبيحة كإشارة إلى الشركة التى يحياها المؤمنون مع الله وهذا يرمز لسر التناول.
ع9، 10: كما اشترك الشيوخ مع موسى فى تبليغ توجيهات الرب إلى الشعب، يشترك معه هنا الكهنة فى قيادة الشعب ومساعدته على أن يعيش فى شركة مع الرب. فهم يفهمون الشعب أنهم وقد صاروا شعبًا مختارًا من الرب ومخصصًا لعبادته ومحل رعايته، عليهم أن يستمعوا لصوت الرب إلههم ويطيعوا وصاياه التى يوصيهم بها الآن.
يلاحظ فى الأعداد العشرة السابقة اهتمام الله بشعبه بعد دخولهم أرض الميعاد ليثبتوا فى كلامه وعبادته ولا يتأثروا بشرائع العبادات الوثنية ولا يشتركوا فيها مجاملةً للأمم المحيطة بهم، لذا طلب منهم أمرين :
- كتابة الشريعة على حائط أو أعمدة من الحجارة، فعندما يمروا بجوارها يقرأوها ويتذكروا كلام الله ويتمسكوا بشرائعه.
- إقامة مذبح من الحجارة ليتذكروا أن عبادتهم مقدمة لله وحده الذى شريعته مكتوبة بجوار هذا المذبح ولا يقدموا ذبائح لأى إله آخر، فهذا المذبح ليس لتقديم الذبائح عليه بل تذكرة دائمة بعبادة الله، أما الذبائح فتقدم على المذبح النحاسى فى خيمة الاجتماع.
وبهذه الآيات تنتهى العظة الثالثة لموسى والتى بدأت من الأصحاح الثانى عشر. ويبدأ بعد ذلك الجزء الختامى الذى يشمل البركات واللعنات ونشيد موسى وتسليم القيادة ليشوع واللاويين وكتابة الشريعة ثم موت موسى.
? إقرأ كل يوم فى الكتاب المقدس حتى تتعلم كلام الله وتتأمل فيه وتطبقه فى حياتك وتظل ابنًا لله، فلا تتأثر بأفكار العالم المحيطة بك ويتعبد قلبك له فى الكنيسة فلا ينشغل بآلهة العالم التى هى المال والمركز……
(2) البركات واللعنات (ع11-26):
11وَأَوْصَى مُوسَى الشَّعْبَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ: 12«هَؤُلاءِ يَقِفُونَ عَلى جَبَلِ جِرِزِّيمَ لِيُبَارِكُوا الشَّعْبَ حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ. شَمْعُونُ وَلاوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَيُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ. 13وَهَؤُلاءِ يَقِفُونَ عَلى جَبَلِ عِيبَال لِلعْنَةِ. رَأُوبَيْنُ وَجَادُ وَأَشِيرُ وَزَبُولُونُ وَدَانُ وَنَفْتَالِي. 14فَيَقُولُ اللاوِيُّونَ لِجَمِيعِ قَوْمِ إِسْرَائِيل بِصَوْتٍ عَالٍ: 15مَلعُونٌ الإِنْسَانُ الذِي يَصْنَعُ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً أَوْ مَسْبُوكاً رِجْساً لدَى الرَّبِّ عَمَل يَدَيْ نَحَّاتٍ وَيَضَعُهُ فِي الخَفَاءِ. وَيُجِيبُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَيَقُولُونَ: آمِينَ. 16مَلعُونٌ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 17مَلعُونٌ مَنْ يَنْقُلُ تُخْمَ صَاحِبِهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ.
18مَلعُونٌ مَنْ يُضِلُّ الأَعْمَى عَنِ الطَّرِيقِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 19مَلعُونٌ مَنْ يُعَوِّجُ حَقَّ الغَرِيبِ وَاليَتِيمِ وَالأَرْمَلةِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 20مَلعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ لأَنَّهُ يَكْشِفُ ذَيْل أَبِيهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 21مَلعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ بَهِيمَةٍ مَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 22مَلعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ أُخْتِهِ ابْنَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنَةِ أُمِّهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 23مَلعُونٌ مَنْ يَضْطَجِعُ مَعَ حَمَاتِهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 24مَلعُونٌ مَنْ يَقْتُلُ قَرِيبَهُ فِي الخَفَاءِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 25مَلعُونٌ مَنْ يَأْخُذُ رَشْوَةً لِيَقْتُل دَماً بَرِيئاً. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ. 26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».
ع11: أمر موسى الشعب أن ينظموا صفوفهم ويقفوا بنظام معين بعد عبورهم نهر الأردن وذلك لتلاوة البركات واللعنات.
ع12: جبل جرزيم : وهو مقابل جبل عيبال الذى أتى ذكره فى (ع4) ويدعى اليوم جبل الطور ويقع جنوب الوادى الذى توجد به مدينة نابلس (خريطة 18).
يقسم الأسباط قسمين : ستة أسباط فى جانب يقفون على جبل جرزيم، وهى أسباط شمعون، لاوى، يهوذا، يساكر، يوسف، ويشمل سبطى إفرايم ومنسى، بنيامين. وهى ترمز إلى أن بعض الشعب يحصلون على البركات وهم من يطيعون وصايا الله وشريعته وليس المقصود هذه الأسباط التى تنال وحدها البركات بل من يطيعون كلام الله من جميع الأسباط.
ع13: والستة أسباط الأخرى يقفون على جبل عيبال كدلالة رمزية لمن تقع عليهم اللعنات، وهى أسباط : رأوبين، زبولون، جاد، أشير، دان، نفتالى. والمقصود هنا بالنطق بالبركات واللعنات هو إعلان الشعب بأن من يفعل البر تحل عليه البركة بينما من يعصى ويسلك فى الشر تأتى عليه اللعنة.
ومن هنا كانت الدلالة الرمزية لتقسيم الشعب فى مجموعتين فسيوجد دائمًا من يفعل الخير كما سيوجد أيضًا من يفعل الشر.
ع14: اللاويون : المقصود الكهنة وهم من سبط لاوى كما يتضح من (يش8: 33-35).
كانت الأسباط تقف عند الجبلين والذى ينطق باللعنات والبركات هم الكهنة الذين يقفون فى وسط الوادى، فهم من ينيرون الطريق أمام الشعب وينبهوهم إلى ما هو بر يستحق البركة وما هو شر يستحق اللعنة.
ع15: اعتبارًا من هذا العدد وحتى نهاية الأصحاح يوجد 12 أمرًا تحذيريًا يبدأ بكلمة “ملعون”، وعدم وجود قائمة بالبركات لأنها ببساطة هى النقيض لكلمات اللعنة. فكل من يخطئ فى أحد الأوامر يكون ملعونًا وبالتالى كل من لا يخطئ يكون مباركًا.
كما أن القوانين الاثنى عشر المذكورة ليست هى كل الناموس وإنما هى مجموعة مختارة ترمز لوصايا الرب جميعها.
بعد كل صيغة ينطق بها اللاويون يرد الشعب بكلمة آمين، التى تعنى “حقًا”.
اللعنة الأولى
يتعلق موضوع اللعنة هذه بالوصية الثانية من الوصايا العشر (خر20: 4، 5)، فمن ينحت تمثالاً أو يسبكه ليعبده كصنم يقوم بعمل مرذول من الرب حتى ولو كان ذلك فى الخفاء بعيدًا عن أعين الناس.
ع16: اللعنة الثانية
تتعلق بالوصية الخامسة من الوصايا العشر التى توصى بإكرام الوالدين (خر20: 12) ومعنى أن يستخف الشخص بوالديه هو أن ينظر إليهما بازدراء واحتقار ويستهين بهما ولا يكرمهما.
ع17: اللعنة الثالثة
التخم هو حد الملكية الذى يفصل بين ملك شخص وملك جاره، فهو نهى عن الطمع فيما للغير مثلما ذكر فى (خر20: 17)، أى فى الوصية العاشرة من الوصايا العشر.
ع18: اللعنة الرابعة
وتنطبق بمعناها الحرفى ومعناها الرمزى. فالمعنى الحرفى هو أن يتهكم شخص على أعمى فيضله عن الطريق الصحيح أو يسخر من صاحب عاهة ما. والمعنى المجازى مقصود به من يخدع البسطاء بمشورة مضلة أو يعلم الجهلاء تعليمًا فاسدًا.
ع19: اللعنة الخامسة
وصية تكررت كثيرًا فى هذا السفر وهى بشأن الضعفاء عمومًا ومن لا سند لهم من البشر. ينهى الرب عن ظلمهم أو التعدى على حقوقهم أو تجاوز الحق والعدل فى الحكم لهم.
ع20: اللعنة السادسة
هذا العدد والأعداد الثلاثة التالية مجموعة تشير إلى ممارسات جنسية محظورة وتتعلق بالوصية السابعة (خر20: 14).
الذيل : هو طرف الثوب؛ وحيث أن الزوج والزوجة شئ واحد، فهو ملك الزوج كما هو ملك الزوجة، فذيل أبيه المقصود به ذيل ثوب امرأة أبيه أى الزنا معها.
هذا العمل مرذول من الرب فلا يصح مطلقًا لشخص معاشرة زوجة أبيه سواء كان ذلك فى حياة أبيه أو بعد مماته، فليس للابن أن يعتدى على حرمة أبيه.
ع21: اللعنة السابعة
كان هذا العمل الشنيع شائعًا فى الشعوب الوثنية. فالرب يحذر شعبه عن كل ما يبعده عن القداسة ويحط به إلى المستويات الوضيعة والممارسات الجنسية الشاذة.
ع22: اللعنة الثامنة
وهى إحدى الزيجات المحرمة (راجع لا18: 9، 20: 17) حيث اعتبر هذا عارًا أوجب على مرتكبيه القطع عن بنى شعبهم.
ع23: اللعنة التاسعة
الزواج من الحماة أو السقوط معها فى خطية عمل مزرى ونجس كان عقابه شديدًا وهو الحرق بالنار لأنها تعتبر أمه (لا20: 14).
ع24: اللعنة العاشرة
تذكر هذه اللعنة بالوصية السادسة من الوصايا العشر التى تنهى عن القتل (خر20: 13) فجريمة القتل، حتى وان حدثت فى الخفاء دون أن يعرف القاتل، فالرب العالم بالخفايا سيعاقب مرتكبها. والقريب هنا يقصد به أى فرد فى المجتمع.
ع25: اللعنة الحادية عشر
من يسفك دم إنسان برئ سواء بأخذ أجر على ذلك أو بالحكم عليه بذلك قضائيًا دون وجه حق، بأخذ رشوة مقابل إصدار القاضى لهذا الحكم، تحل عليه لعنة الله.
ع26: اللعنة الثانية عشر
من لا يهتم بكل ما تتضمنه أسفار الشريعة من وصايا وأحكام وتعاليم ليتمسك بها ويطبقها فى حياته ويعمل وفقًا لها يكون ملعونًا من الله.
ومن هنا نفهم كلمات بولس الرسول فى (غل3: 10) “لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت فى جميع ما هو مكتوب فى كتاب الناموس ليعمل به”.
واحد فقط هو الذى أطاع كل الناموس وأكمل كل بر وقبل اللعنة عنا معلقًا على الصليب، مع أنه هو الصالح وحده، هو الرب يسوع المسيح الذى نقلنا من عبودية الناموس إلى حرية مجد أولاد الله.
? الوصية مصباح والشريعة نور يضئ طريقنا فنعلم ما هو صالح لنا. وكلما أنصتنا لكلام الله، كلما نلنا البركة ونجونا من اللعنة
.