البكـور والعشـور
(1) باكورات الثمار (ع1-11): 1«وَمَتَى أَتَيْتَ إِلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً وَامْتَلكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا 2فَتَأْخُذُ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ ثَمَرِ الأَرْضِ الذِي تُحَصِّلُ مِنْ أَرْضِكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ وَتَضَعُهُ فِي سَلةٍ وَتَذْهَبُ إِلى المَكَانِ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيُحِل اسْمَهُ فِيهِ. 3وَتَأْتِي إِلى الكَاهِنِ الذِي يَكُونُ فِي تِلكَ الأَيَّامِ وَتَقُولُ لهُ: أَعْتَرِفُ اليَوْمَ لِلرَّبِّ إِلهِكَ أَنِّي قَدْ دَخَلتُ الأَرْضَ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِنَا أَنْ يُعْطِيَنَا إِيَّاهَا.
4فَيَأْخُذُ الكَاهِنُ السَّلةَ مِنْ يَدِكَ وَيَضَعُهَا أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِكَ. 5ثُمَّ تَقُولُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ: أَرَامِيّاً تَائِهاً كَانَ أَبِي فَانْحَدَرَ إِلى مِصْرَ وَتَغَرَّبَ هُنَاكَ فِي نَفَرٍ قَلِيلٍ فَصَارَ هُنَاكَ أُمَّةً كَبِيرَةً وَعَظِيمَةً وَكَثِيرَةً.
6فَأَسَاءَ إِليْنَا المِصْرِيُّونَ وَثَقَّلُوا عَليْنَا وَجَعَلُوا عَليْنَا عُبُودِيَّةً قَاسِيَةً. 7فَلمَّا صَرَخْنَا إِلى الرَّبِّ إِلهِ آبَائِنَا سَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَنَا وَرَأَى مَشَقَّتَنَا وَتَعَبَنَا وَضِيقَنَا. 8فَأَخْرَجَنَا مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ رَفِيعَةٍ وَمَخَاوِفَ عَظِيمَةٍ وَآيَاتٍ وَعَجَائِبَ 9وَأَدْخَلنَا هَذَا المَكَانَ وَأَعْطَانَا هَذِهِ الأَرْضَ أَرْضاً تَفِيضُ لبَناً وَعَسَلاً. 10فَالآنَ هَئَنَذَا قَدْ أَتَيْتُ بِأَوَّلِ ثَمَرِ الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتَنِي يَا رَبُّ. ثُمَّ تَضَعُهُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ وَتَسْجُدُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 11وَتَفْرَحُ بِجَمِيعِ الخَيْرِ الذِي أَعْطَاهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لكَ وَلِبَيْتِكَ أَنْتَ وَاللاوِيُّ وَالغَرِيبُ الذِي فِي وَسْطِكَ.
ع1: يكمل الرب الوصايا التى على الشعب أن يبدأ فى تطبيقها متى دخل واستقر فى الأرض التى يهبها لهم.
ع2: على مقدم الباكورات أن يضعها فى سلة ويحملها إلى المكان الذى يوجد به بيت الرب. وكانت الباكورات تقدم فى عيد الخمسين (خر23: 16، لا27: 26) وإن تعذر ذلك تقدم فى أى وقت.
ع3: عند وصول مقدم الباكورات للمكان، يسلم السلة إلى الكاهن القائم بالخدمة فى تلك الأيام ويقدم اعترافًا شفهيًا أمام الكاهن بأنه دخل بالفعل وامتلك الأرض التى وعد الرب آباء الشعب أن يمنحهم إياها. بذلك يقرّ كل مقدم باكورات من شعب إسرائيل بأن الرب الإله هو صاحب الفضل فى امتلاكهم للأرض وخيراتها التى منها تلك الباكورات.
ع4: يستلم الكاهن السلة من مقدمها ويضعها أمام مذبح المحرقة وهذا معناه تقديمها للرب.
ع5: أراميًا : من شعب أرام الذى كان يسكن شمال العراق.
تائهًا : كان يعقوب أب الآباء يتجول فى أراضى أرام كما نزح منها إبراهيم أولاً.
يقدم الشخص صلاة اعتراف تمتد حتى (ع10) يلخص فيها معاملات الرب مع شعبه منذ عهد الآباء إبراهيم واسحق ويعقوب، فقد كانوا ينتسبون للشعب الأرامى. ثم نزل يعقوب إلى مصر لملاقاة ابنه يوسف وتغرب هناك، وكانت أسرته التى رافقته إلى مصر لا يتعدى أفرادها 75 نفسًا بما فيهم يعقوب ويوسف وأولاده. ولكن خلال إقامتهم بمصر زاد عددهم زيادة كبيرة، كما زاد ما يمتلكونه من ماشية وأغنام ومن الثروة عمومًا.
ع6: تنبه فرعون إلى تعاظم شأن شعب بنى إسرائيل وخشى من زيادة قوتهم، فأثار عليهم اضطهادًا وسخّرهم فى عبودية مرة، مستغلاً إياهم فى أعمال البناء والزراعة.
ع7: صرخ الشعب شاكيًا للرب حاله فسمع الرب أنينهم عالمًا بما يتعرضون له من قسوة فى المعاملة أتعبتهم وأذلتهم.
ع8: أخرجهم الله بقوة بعدما ضرب مصر بالعشر ضربات وقادهم بعمود السحاب وعمود النار. ثم شق البحر الأحمر فعبروا إلى برية سيناء وأغرق فرعون وجيشه فى البحر الأحمر فأنقذ شعبه من الهلاك.
ع9: قادهم الرب فى رحلة طويلة إلى المكان الذى يستقرون فيه وهو أرض الموعد التى وعد بها آباءهم وهى من أجود الأراضى حيث تفيض بالخير الكثير.
ع10: والآن أيها السيد الرب ها أنا قد أتيت بباكورة ثمار الأرض التى منحتنا إياها اعترافًا منا بما صنعته معنا ومحبتك العظيمة تجاه شعبك، فأنت هو صاحب كل هذه الخيرات. ثم يحمل الباكورات فى يديه ويضعها أمام المذبح ويسجد شكرًا وتمجيدًا.
ع11: يتمتع هذا الشخص بباقى الخيرات بعد تقديم الباكورات، مع ملاحظة إطعام اللاويين والفقراء والغرباء من هذه الخيرات، ليشعر الكل أنهم عائلة واحدة تأكل من يد الله.
? اشكر الله كل يوم على عطاياه واحرص أن تقدم منها للمحتاجين لأنكم جميعًا أعضاء فى جسد المسيح الذى هو الكنيسة.
(2) العشــــور (ع12-15):
12«مَتَى فَرَغْتَ مِنْ تَعْشِيرِ كُلِّ عُشُورِ مَحْصُولِكَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ سَنَةِ العُشُورِ وَأَعْطَيْتَ اللاوِيَّ وَالغَرِيبَ وَاليَتِيمَ وَالأَرْمَلةَ فَأَكَلُوا فِي أَبْوَابِكَ وَشَبِعُوا 13تَقُولُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ: قَدْ نَزَعْتُ المُقَدَّسَ مِنَ البَيْتِ وَأَيْضاً أَعْطَيْتُهُ لِلاوِيِّ وَالغَرِيبِ وَاليَتِيمِ وَالأَرْمَلةِ حَسَبَ كُلِّ وَصِيَّتِكَ التِي أَوْصَيْتَنِي بِهَا. لمْ أَتَجَاوَزْ وَصَايَاكَ وَلا نَسِيتُهاَ. 14لمْ آكُل مِنْهُ فِي حُزْنِي وَلا أَخَذْتُ مِنْهُ فِي نَجَاسَةٍ وَلا أَعْطَيْتُ مِنْهُ لأَجْلِ مَيِّتٍ بَل سَمِعْتُ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِي وَعَمِلتُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتَنِي. 15اِطَّلِعْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ مِنَ السَّمَاءِ وَبَارِكْ شَعْبَكَ إِسْرَائِيل وَالأَرْضَ التِي أَعْطَيْتَنَا كَمَا حَلفْتَ لآِبَائِنَا أَرْضاً تَفِيضُ لبَناً وَعَسَلاً.
ع12: كانت العشور تحمل إلى مكان الهيكل سنتين متواليتين أما فى السنة الثالثة، وكانت تسمى سنة العشور، فكانوا يؤدون العشور فى مدنهم ويعطونها لللاويين والغرباء والأيتام والأرامل ليأكلوا ويشبعوا، فتكون فرصة للمرضى والفقراء الغير قادرين على الانتقال إلى هيكل الرب فى أورشليم أن يأكلوا من الولائم المعمولة من العشور للمحتاجين ويفرحوا بعطايا الله.
ع13: وكان عليهم أن يتلوا الاعتراف المذكور والذى يمتد إلى (ع15) بعد تأديتهم للعشور. وفيه يقرّ المعترف بأنه قد استخلص ما هو مقدس (وكلمة مقدس تعنى مخصص) للرب – ويقصد به العشور – وأعطاه لللاويين والغرباء والأيتام والأرامل حسب ما تقتضيه الشريعة الإلهية فلم يحد عنها ولا تجاهلها.
ع14: يؤكد مقدم العشور أو أى عطايا لله فى آخر العدد السابق ثم مرة أخرى فى نهاية هذا العدد أنه يستمع لصوت الرب ويعمل وفق ما يوصيه به ولا ينحرف عنه إلى عادات وممارسات الشعوب الوثنية المحيطة به، ويأكل من الولائم المقامة من العشور لللاويين والفقراء والغرباء وكل المحتاجين (ص14: 22-29) كشركة محبة مع هذه الفئات حتى يشعر الكل بالوحدانية ولا يوجد أى شعور تعالى من المعطِى مقدم العشور عن المعطَى لهم. ويراعى فى هذه الولائم ما يلى.
“لم آكل منه فى حزنى” أى لم يأكل من الطعام المقدس الغير مسموح للمشاركين فى الحزن على الموتى بالأكل منه. وكذلك كان من عادات الشعوب الوثنية أن تقدم إلى إله الخصب من محصول الحقول وكانوا يحزنون فى ذكرى موته ويجتمعون للأكل من المحصول المقدم له فى مناسبة الذكرى هذه، فهو لا يشارك فى هذه العادات الوثنية.
“ولا أخذت منه فى نجاسة” شريعة الطهارة التى كانت تلزم بنى إسرائيل بالالتزام بها عند الأكل من المقدسات لم تكن قائمة عند الشعوب الوثنية، فهم لا يقيمون وزنًا للطهارة الجسدية. أما هو كيهودى تقى يلتزم بالطهارة عند الأكل من المقدسات. ويقصد بالنجاسة التنجس بدفن ميت أو النجاسة بأى سبب آخر.
“ولا أعطيت منه لأجل ميت” أى لم ينفق من الأموال المقدسة لله فى شراء أكفان أو أى لوازم لدفن الموتى، وكذلك لم يقدم منه للآلهة الوثنية الكاذبة التى تعتبر ميتة، أى لم يقدم منه للأوثان.
ع15: صلاة للرب بعد تقديم الاعتراف، طالبًا منه أن ينظر من السماء ويبارك شعبه ويبارك الأرض التى منحها له والتى وعد بها الآباء.
? كن حريصًا عندما تأكل وتشرب وتتمتع بخيرات الله أن يكون قلبك نقيًا من كل شر، فلا تدين أحدًا ولا تكرهه وقدِّم توبة عن أفكارك الردية وكل نجاسة فتفرح بعطايا الله.
(3) الطاعة والرعاية (ع16-19):
16«هَذَا اليَوْمَ قَدْ أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَعْمَل بِهَذِهِ الفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ. فَاحْفَظْ وَاعْمَل بِهَا مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ. 17قَدْ وَاعَدْتَ الرَّبَّ اليَوْمَ أَنْ يَكُونَ لكَ إِلهاً وَأَنْ تَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ فَرَائِضَهُ وَوَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَتَسْمَعَ لِصَوْتِهِ. 18وَوَاعَدَكَ الرَّبُّ اليَوْمَ أَنْ تَكُونَ لهُ شَعْباً خَاصّاً كَمَا قَال لكَ وَتَحْفَظَ جَمِيعَ وَصَايَاهُ 19وَأَنْ يَجْعَلكَ مُسْتَعْلِياً عَلى جَمِيعِ القَبَائِلِ التِي عَمِلهَا فِي الثَّنَاءِ وَالاِسْمِ وَالبَهَاءِ وَأَنْ تَكُونَ شَعْباً مُقَدَّساً لِلرَّبِّ إِلهِكَ كَمَا قَال».
ع16: يؤكد موسى على الشعب أهمية طاعة جميع الوصايا التى سمعوها وأن تكون هذه الطاعة ليس فقط بالتنفيذ الخارجى بل بكل المشاعر والحب.
ع17: لقد سبق أن اتخذتم قرارًا باتباع الرب والسلوك فى وصاياه وفرائضه وأحكامه وأن تسمعوا لكل تعاليمه وتخضعوا لأوامره وألا تسيروا فى طرق مضلة كسائر الشعوب.
ع18: وقد وعدكم الرب أن تكونوا أمة مقدسة له ينسبها لنفسه ويكون هو قائدها وحاميها، كما وعد آباءكم من قبل.
ع19: يجعلكم الرب شعبًا متميزًا يسمو منزلةً على كافة الشعوب، التى تعترف بحسن سيرتكم وسمعتكم الطيبة، فتكونوا موضع مديح كل الأمم ويكون لكم اسم سامى مرتبط باسم الرب إذ يقال عنكم “شعب الله”. وتتعجب الشعوب من أجل الكرامة التى صارت لكم وتصيرون شعبًا مكرسًا لخدمة الرب وموضع حبه ورعايته.
? إن الطاعة هى طريقك للتمتع بكل بركات الله حتى لو بدت الوصايا صعبة ولكن ثق أنها أنسب شئ لحياتك فتنال بركات فى الأرض بسببها وأمجاد لا يعبر عنها فى السماء.