نشـيـد موسـى
(1) تمجيد لله ولكلمته (ع1-4): 1«اُنْصُتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلمَ وَلتَسْمَعِ الأَرْضُ أَقْوَال فَمِي. 2يَهْطِلُ كَالمَطَرِ تَعْلِيمِي وَيَقْطُرُ كَالنَّدَى كَلامِي. كَالطَّلِّ عَلى الكَلإِ وَكَالوَابِلِ عَلى العُشْبِ. 3إِنِّي بِاسْمِ الرَّبِّ أُنَادِي. أَعْطُوا عَظَمَةً لِإِلهِنَا. 4هُوَ الصَّخْرُ الكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لا جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ.
ع1: يلفت هنا موسى النبى انتباه السامعين وهم شعب إسرائيل بأن الكلام الذى سيسمعونه الآن هو كلمة الرب الموحى بها إليه لينقلها لشعبه. وهذا الكلام هو النشيد الذى يدعو موسى السماء والأرض، أى كل الكائنات الحية لتكون شاهدة على هذا الشعب لتعلن عدل الله إزاء سلوك الشعب إذا خالف العهد.
ع2: وصف تشبيهى لتعاليم الرب التى نقلها موسى إلى الشعب، وتوصف بالآتى :
تهطل كالمطر : مثلما ينزل المطر على الأرض فيروى زرعها، تنزل تعاليم الرب إلى شعبه فتروى أرواحهم وتنمى روحانياتهم.
ويقطر كالندى : كما ينعش الندى الطبيعة، تنعش تلك التعاليم النفوس.
كالطل على الكلأ : كما أن المطر هو رى للحشائش الذى ترعى عليها الماشية، يكون تعليم الرب هو رى للنفوس.
كالوابل على العشب : كما أن المطر الشديد يحيى الأعشاب وينميها، كذلك كلام الرب يحيى النفوس ويروى القلوب.
ع3: يقول موسى النبى أنه حينما ينطق بالنشيد فانما هو ينادى باسم شخص الرب ويعلن عظم مجده وكرم إحساناته.
ع4: يشبه الرب بالصخر لكونه الأساس المتين الذى يرتكز عليه شعبه، و”الكامل صنيعه” تعنى أن أعماله كاملة لا نقص فيها ولا عيب. وكل معاملاته مع البشر هى عادلة، ويظل أمينًا على عهده لا يظلم أحدًا. بار هو ومنزه عن كل خطأ ويعطى كل واحد حسب أعماله سواء بالمكافأة أو العقاب دون ظلم.
? ليتك تسبح الله كل يوم فى صلواتك وتمجده لأجل كل أعماله. فهذا يعطيك طمأنينة وفرح بل يظهر على وجهك فتكون بشوشًا وتفرح الآخرين.
(2) تأنيب الشعب على العصيان (ع5، 6):
5«فَسَدُوا تِجَاهَهُ الذِينَ هُمْ عَارٌ وَليْسُوا أَوْلادَهُ جِيلٌ أَعْوَجُ مُلتَوٍ. 6هَل تُكَافِئُونَ الرَّبَّ بِهَذَا يَا شَعْباً غَبِيّاً غَيْرَ حَكِيمٍ؟ أَليْسَ هُوَ أَبَاكَ وَمُقْتَنِيَكَ هُوَ عَمِلكَ وَأَنْشَأَكَ؟
ع5: يتنبأ عن خطأ بنى إسرائيل إلى الرب وما سيعملوه من فساد أمامه، فلا يعودوا يستحقوا أن يدعوا أبناء الله أو خاصته بسبب عيوبهم ونقائص أفعالهم، فهم جيل غير مستقيم كثير الإنحراف والتقلب.
ع6: بصيغة استنكارية يعيب عليهم موسى مقابلة احسانات الرب إليهم بهذا الجحود والفساد. وقد أظهروا بذلك عدم تعقل وعدم حكمة، بينما كان الأجدى بهم أن يفكروا فى حقوق أبوته لهم، فهو خالقهم وهو الذى كون منهم شعبًا مختارًا دون الشعوب الأخرى.
? تذكر احسانات الله عليك حتى تخجل من خطاياك وتبتعد عنها وتحاول الاقتراب من أعمال الخير كرد جميل لمحبة الله وعنايته بك.
(3) صنيع الرب مع شعبه (ع7-14):
7اُذْكُرْ أَيَّامَ القِدَمِ وَتَأَمَّلُوا سِنِي دَوْرٍ فَدَوْرٍ. اسْأَل أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لكَ. 8«حِينَ قَسَمَ العَلِيُّ لِلأُمَمِ حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُوماً لِشُعُوبٍ حَسَبَ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيل. 9إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ. يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ. 10وَجَدَهُ فِي أَرْضِ قَفْرٍ وَفِي خَلاءٍ مُسْتَوْحِشٍ خَرِبٍ. أَحَاطَ بِهِ وَلاحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ. 11كَمَا يُحَرِّكُ النَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلى مَنَاكِبِهِ 12هَكَذَا الرَّبُّ وَحْدَهُ اقْتَادَهُ وَليْسَ مَعَهُ إِلهٌ أَجْنَبِيٌّ. 13أَرْكَبَهُ عَلى مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ فَأَكَل ثِمَارَ الصَّحْرَاءِ وَأَرْضَعَهُ عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ وَزَيْتاً مِنْ صَوَّانِ الصَّخْرِ 14وَزُبْدَةَ بَقَرٍ وَلبَنَ غَنَمٍ مَعَ شَحْمِ خِرَافٍ وَكِبَاشٍ أَوْلادِ بَاشَانَ وَتُيُوسٍ مَعَ دَسَمِ لُبِّ الحِنْطَةِ وَدَمَ العِنَبِ شَرِبْتَهُ خَمْراً.
ع7: أباك : ابراهيم واسحق ويعقوب، أو الأب الجسدى لهم.
يحث موسى الشعب ليعود بذاكرته إلى الماضى، فيتذكر ما قدمه الرب لشعبه من رعاية وإحسان على مدى أجيال عديدة منذ دعوة أبيهم إبراهيم ثم اسحق ويعقوب. وعلى الشباب منهم الذين لم يعاصروا قيادة الله لهم على يد موسى فى إخراجهم من مصر وعنايته بهم فى برية سيناء أن يسألوا آباءهم وكبار السن من أفراد الشعب الذين كانوا أطفالاً فى مصر وعاصروا تلك الأحداث، فيحكوا لهم ما حدث سابقًا من عناية الله بهم فيزدادوا إيمانًا وثقة بالرب.
? وهذا ما تفعله كنيستنا، إذ كثيرًا ما ترجع بنا إلى سير القديسين وأقوال الآباء لكى نزداد معرفة بتاريخ كنيستنا وشهدائنا وتزداد معرفة الأبناء بسيرة آبائهم، فيقوى إيمانهم ويثبتوا على التعليم النقى الصحيح. فاهتم بقراءة تاريخ الكنيسة وسير القديسين وتشفع بهم حتى يرافقوك فى حياتك فتحيا قويًا مطمئنًا.
ع8: يتحدث النص هنا عن أرض الموعد باعتبار أن الله قد وضع فى تدبيره الأزلى أن تكون تلك البقعة من الأرض من نصيب بنى إسرائيل. فمنذ تفرقت البشرية فى الأرض وكانت هناك حدود لكل منطقة يسكنها أحد الشعوب، كانت هذه الأرض المقدسة يسكنها الكنعانيون قبل أن يكمل إثم هذه الشعوب، فيأخذها الرب منهم ويعطيها لشعبه فى الوقت المحدَّد فى قصده الإلهى. فكانت هذه الأرض هى النصيب المخصص من الله لشعبه منذ القدم.
فى قوله “نصب تخومًا لشعوب” حسب عدد بنى إسرائيل (بنى يعقوب) يقصد به الشعوب الكنعانية التى سكنت أرض فلسطين قبل أن تنزع منهم وتعطى لبنى يعقوب، وكان عدد تلك الشعوب اثنى عشر شعبًا وهو نفس عدد بنى يعقوب وأسباط إسرائيل (تك10: 15-18).
ع9: القسم : النصيب.
حبل النصيب : حدود النصيب، حدود الميراث، إذ كانوا قديمًا يقيسون الأرض بحبل معلوم الطول.
الله نصيبه هو أولاده والأولاد نصيبهم هو الرب. فيقول النشيد أن نصيب الرب هو شعبه (مز16: 5)، بمعنى أن شعب إسرائيل هو شعب خاص بالرب بين كافة الشعوب التى قسمت الأرض بينها وتفرقت فى شتى الأنحاء، إذ هو الشعب الذى عرف الإله الحقيقى دون سائر الشعوب.
- ب
ع10: يتكلم عن عناية الله بشعبه فى برية سيناء، الأرض التى يصعب الحياة فيها لعدم وجود ماء أو طعام، فرعاهم الله وحفظهم وأطعمهم واهتم بهم كمن يهتم بأهم شئ فى جسده وهو عيناه.
ع11: منكبيه : المنكب هو الكتف وعضلاته من أقوى عضلات الجسم.
يشبه هنا عناية ورعاية الله لشعبه بما يفعله النسر لفراخه، إذ يرف عليها كناية عن رعايته لها، ويبسط جناحيه ليطير بها حاملاً إياها على منكبيه ليعلمها الطيران.
ع12، 13: هكذا فعل الرب مع شعبه إذ قاده ورعاه دون مشاركة إله آخر غريب، فأخذه بيده حتى يتخطى جبال سيناء وهو فى طريقه فى البرية، وأعطاه ليأكل من الثمار التى وجدها فى طريقه، ومن العسل البرى الذى يصادفه فى الصحراء ومن الزيت الذى يأخذه من شجر الزيتون الذى ينمو فى الأماكن الحجرية.
ع14: ثم إذ دخل أرض الموعد تمتع بخيراتها الوفيرة، فكانت هناك الزبدة واللبن من نتاج مواشيهم الكثيرة كما أكلوا لحومها وشحومها، وامتلكوا أراضى باشان التى كان عوج ملكها (ص3) وهى أراضى غنية بالكباش والأغنام لوفرة مراعيها. وكذلك الحنطة (القمح) التى يصنع منها أفخر أنواع الدقيق، هى من نتاج الأراضى الخصبة التى يعيشون فيها كما كانوا يصنعون خمرًا من ثمار أشجار العنب التى تزدهر بها أراضى كنعان، وقد باركها الرب كما بارك كافة محاصيلها الزراعية.
? تأمل عناية الله بك طوال عمرك السابق، فتجد أعمالاً عجيبة لم تكن تتوقعها، فاشكر الله عليها حتى يزيد تمتعك بما فى يدك الآن وتزداد بركات الله لك.
(4) تمرد الأمة على الله (ع15-18):
15«فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ. سَمِنْتَ وَغَلُظْتَ وَاكْتَسَيْتَ شَحْماً! فَرَفَضَ الإِلهَ الذِي عَمِلهُ وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاصِهِ. 16أَغَارُوهُ بِالأَجَانِبِ وَأَغَاظُوهُ بِالأَرْجَاسِ. 17ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ ليْسَتِ اللهَ. لآِلِهَةٍ لمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ لمْ يَرْهَبْهَا آبَاؤُكُمْ. 18الصَّخْرُ الذِي وَلدَكَ تَرَكْتَهُ وَنَسِيتَ اللهَ الذِي أَبْدَأَكَ.
ع15: رفس : رفض.
يشورون : اسم يطلق على شعب إسرائيل ومعناه المحبوب.
يشبه إسرائيل هنا بحيوان جامح رعاه الراعى أفضل رعاية وأطعمه أفضل غذاء حتى سمن من كثرة الأكل، فبدلاً من أن يطيع راعيه، رفضه. فإسرائيل بدلاً من أن يشكر الله على وفرة إحساناته رفض النعمة وأحب العصيان، وترك الرب الذى جعل منه شعبًا مميزًا وشمله برعايته وبركته، وعميت عيناه عن حقيقة كون الله هو ملجأه، وهو الذى خلصه فى الماضى ويخلصه فى الحاضر والمستقبل، وهذا هو منتهى الغباء من شعب الله. وهذه نبوات عما سيعمله بنو إسرائيل وسيستكملها فى الأعداد التالية.
ع16: الرب يغار على مجده وعلى شعبه الذى يعبد آلهة أخرى إلى جانب عبادتهم له، آلهة لم يعرفها آباؤهم فهى غريبة عنهم. وأغضبوا الرب بخيانتهم له ولعهده.
وتعبير أن الله غار واغتاظ هى تصويرات بشرية تقرب المعنى الروحى للأذهان ولا تعنى أبدًا أن الله ينفعل كما ينفعل البشر، وإنما تعنى عدم رضا الرب عن أفعال شعبه وسلوكياته.
ع17: أحداث : آلهة حديثة.
قدّم الشعب ذبائح لآلهة ليست هى الله، آلهة حديثة العهد بهم لم يختبروا أى أعمال لها فى السابق مثل أعمال الله معهم، ولم يلتفت إليها آباؤهم بل كانوا يحتقرونها.
ع18: يعود فيشبه الرب بالصخر أى أنه كلى القدرة والثبات، هو الذى كون منهم شعبًا وأخرجهم إلى النور وجعلهم شعبًا قويًا مهوبًا من الشعوب المحيطة بهم. ولكن للأسف نسى الشعب أن الله هو الذى كونهم شعبًا عظيمًا وأوجده من لا شئ وجعله أمة عظيمة بعد أن كان جماعة صغيرة ضعيفة.
? إعلم أن كل خطية تفعلها هى تمرد على الله ولا يصح أبدًا أن تقابل إحسانات الله بفعل هذه الخطايا. فتب سريعًا لأنه رحيم ويقبلك فتستعيد بنوتك وأمجادك.
(5) العقاب الإلهى على تمردهم (ع19-27):
19«فَرَأَى الرَّبُّ وَرَذَل مِنَ الغَيْظِ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ. 20وَقَال أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ وَأَنْظُرُ مَاذَا تَكُونُ آخِرَتُهُمْ. إِنَّهُمْ جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ أَوْلادٌ لا أَمَانَةَ فِيهِمْ. 21هُمْ أَغَارُونِي بِمَا ليْسَ إِلهاً أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا ليْسَ شَعْباً بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ. 22إِنَّهُ قَدِ اشْتَعَلتْ نَارٌ بِغَضَبِي فَتَتَّقِدُ إِلى الهَاوِيَةِ السُّفْلى وَتَأْكُلُ الأَرْضَ وَغَلتَهَا وَتُحْرِقُ أُسُسَ الجِبَالِ. 23أَجْمَعُ عَليْهِمْ شُرُوراً وَأُنْفِدُ سِهَامِي فِيهِمْ 24إِذْ هُمْ خَاوُونَ مِنْ جُوعٍ وَمَنْهُوكُونَ مِنْ حُمَّى وَدَاءٍ سَامٍّ. أُرْسِلُ فِيهِمْ أَنْيَابَ الوُحُوشِ مَعَ حُمَةِ زَوَاحِفِ الأَرْضِ. 25مِنْ خَارِجٍ السَّيْفُ يُثْكِلُ وَمِنْ دَاخِلِ الخُدُورِ الرُّعْبَةُ. الفَتَى مَعَ الفَتَاةِ وَالرَّضِيعُ مَعَ الأَشْيَبِ. 26قُلتُ أُبَدِّدُهُمْ إِلى الزَّوَايَا وَأُبَطِّلُ مِنَ النَّاسِ ذِكْرَهُمْ. 27لوْ لمْ أَخَفْ مِنْ إِغَاظَةِ العَدُوِّ مِنْ أَنْ يُنْكِرَ أَضْدَادُهُمْ مِنْ أَنْ يَقُولُوا: يَدُنَا ارْتَفَعَتْ وَليْسَ الرَّبُّ فَعَل كُل هَذِهِ.
ع19: يواصل موسى النبى نبواته فيعلن أن قرار الرب – بناء على ما حدث من خيانة الشعب لعهده هو أن يهملهم ولا يلتفت إليهم.
ع20: وقال الرب لا أعود أرعاهم أو أبالى بما حدث لهم، بل سأتطلع لما سيحدث بهم من بلايا نتيجة أفعالهم. أنهم غير ثابتين على إيمانهم بل هم أولاد خائنون غير أوفياء نسوا محبة الله لهم.
ع21: لقد أثاروا غضبى بعبادتهم لآلهة كاذبة، أوثان مصنوعة بأيدى بشر، فأنا أيضًا سأثير غيرتهم وغيظهم. ولقد سمح الله فعلاً لأمم وثنية جاهلة بمضايقتهم واضطهادهم، مثل أمة البابليين. وترمز هذه الأمم الغريبة إلى إيمان الأمم بالمسيح فى الوقت الذى رفض الكثير من اليهود الإيمان به (يو1: 11، 12).
ع22: إن أعمالهم الشريرة تشعل نار الغضب الإلهى فتحرق حتى إلى أعماق الجحيم، كأنها تمتد من فوق سطح الأرض لتصل إلى عمق الجحيم، فتصبح الأرض التى يعيشون عليها كأنها جزء من الجحيم وذلك من هول العذابات التى سيتعرضون إليها، وفى امتدادها من سطح الأرض تأتى على الحقول ومحاصيلها وتهدم الجبال من أسسها فوق رؤوسهم.
ع23: يسلط الرب عليهم البلايا والويلات فتهاجمهم كالجيوش الكثيرة، كما يصوب ضرباته نحوهم فتصيبهم المصائب.
ع24: حمة زواحف الأرض : سم الزواحف.
فإذ هم منهكون من شدة الجوع نتيجة خراب الأرض ومتعبون من الحمى المحرقة والأمراض الفتاكة التى أصابتهم، وليس عندهم أية قوة للمقاومة، يسلط الله عليهم الوحوش المفترسة التى تفترسهم بأنيابها، والزواحف السامة التى تلدغهم بسمومها.
ع25: يثكل : يفقد الأمهات أبناءهن.
الخدور : جمع خدر وهو الحجرة الخاصة بالعريس وعروسه.
فإذا ظهروا خارج منازلهم تقتلهم جيوش الأعداء فتثكل أمهاتهم، وإذا تواروا داخل البيوت يكونون فى رعدة وخوف. يتعرض لذلك الجميع سواء كان فتى أو فتاة، طفل رضيع أو شيخ مسن.
ع26: قرّر الله فى غضبه تبديد شعبه بين شعوب العالم، كما حدث أيام المملكة الأشورية أو البابلية حتى كاد اسم شعبه يضيع بين شعوب الأرض.
ع27: هنا أيضًا الخوف والإغاظة تعبيرات مجازية، فالله لا يخاف ولا يغتاظ، وإنما المقصود هو أن توقعه لما سيقوله أعداء بنى إسرائيل – إذا ما قرر الرب فعلاً تنفيذ خطته فى إبادتهم ومحو ذكرهم – فيدعى الأعداء أنهم هم الذين فعلوا ذلك بقوتهم وليس أن ما حدث كان بسماح من الرب وبإرادته، إذ استخدمهم كأداة تأديب لشعبه. فمحافظة من الله على اسمه القدوس لم يمحُ شعبه تمامًا بل أدبهم بشدة ثم، إذ تابوا، أعادهم إلى أرضهم أى أرجعهم من السبى.
? إن سمح الله لك بضيقة، راجع نفسك لئلا تكون بسبب خطاياك، واعلم أن إلهك رحيم يريد توبتك وليس إبادتك. فارجع إليه بالتوبة فيرفع عنك الضيقات وتتمتع ببركاته.
(6) الأمة اليهودية عديمة الفهم (ع28-33):
28«إِنَّهُمْ أُمَّةٌ عَدِيمَةُ الرَّأْيِ وَلا بَصِيرَةَ فِيهِمْ. 29لوْ عَقَلُوا لفَطِنُوا بِهَذِهِ وَتَأَمَّلُوا آخِرَتَهُمْ.
30كَيْفَ يَطْرُدُ وَاحِدٌ أَلفاً وَيَهْزِمُ اثْنَانِ رَبْوَةً لوْلا أَنَّ صَخْرَهُمْ بَاعَهُمْ وَالرَّبَّ سَلمَهُمْ؟ 31لأَنَّهُ ليْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ وَلوْ كَانَ أَعْدَاؤُنَا حَاكِمِينَ. 32لأَنَّ مِنْ جَفْنَةِ سَدُومَ جَفْنَتَهُمْ وَمِنْ كُرُومِ عَمُورَةَ. عِنَبُهُمْ عِنَبُ سُمٍّ وَلهُمْ عَنَاقِيدُ مَرَارَةٍ. 33خَمْرُهُمْ حُمَةُ الثَّعَابِينِ وَسِمُّ الأَصْلالِ القَاتِلُ.
ع28: يستكمل نبواته فى هذه الآيات فيظهر أن أمة إسرائيل ستصبح عديمة الفهم والإدراك، فتصرفاتهم المشينة تثبت ذلك. وهم عديمو البصيرة لأنهم لا يفكرون فى عاقبة ما يفعلون.
ع29: لو كانوا عقلاء لفكروا كثيرًا قبل أن يقترفوا تلك الأعمال السيئة، ولقارنوا بين حالهم وهم متمتعون بوعود الله إذا اختاروا طريق الحياة، وبين وقوعهم فى الويلات التى أنذرهم بها الرب مرارًا إذا ما عصوه.
ع30: كمـا أظهر ما سيصل إليه شعب الله من ضعف عندما يتركوه (ص28: 1، 7، 15، 18) فهنا يؤكد نفس المعنى، فيعلن أن الجندى الواحد من جنود الأعداء سيطرد ألفًا منهم واثنين سيطردون عشرة آلاف، مما يعنى أن النصر أو الهزيمة ليست بقوة الجيوش ولكن بإرادة الرب ومشيئته وبما يحقق تدبيره الإلهى. وهزيمة كهذه لا يمكن فهمها إلا أن الله غضب عليهم وفى غضبه سلمهم لأعدائهم لأنهم لم يحفظوا عهده.
ع31: إن الهنا القوى ليس كآلهة الأعداء الضعيفة، وهذا ما يقر به الأعداء أنفسهم حتى لو حكم الأعداء كقضاة فى المقارنة بين قوتنا وقوتهم.
ع32، 33: يذكر هنا فى تشبيه بليغ أعمال إسرائيل السيئة التى من أجلها يسلمهم الله لأعدائهم فيقول :
من جفنة سدوم جفنتهم : الجفنة هى شجرة عنب ثمارها ردية مثل سدوم التى صنعت شرورًا كثيرة.
ومن كروم عمورة : يشبه هنا رداءة أعمال بنى إسرائيل (أى ثمر أعمالهم) بكروم أى أشجار عنب تعطى ثمارًا رديئة مثل أعمال عمورة الشريرة.
عنبهم عنب سم، ولهم عناقيد مرارة : ثمارهم هى سم قاتل وكل أعمالهم أعمال مخزية تشعر من يتأملها بالمرارة الشديدة.
موضوع الكروم والعنب هنا يذكرنا بما جاء فى (أشعياء5: 1، 2) مما يعنى أن الكرم الذىغرسه الرب (وهو شعب إسرائيل) والذى انتظر الرب منه أن يصنع عنبًا صالحًا فصنع عنبًا رديئًا.
خمرهم حمة الثعابين وسم الأصلال القاتل : الأصلال جمع صل وهى الحية، وحمة الثعابين أى سم الثعابين.
إن هذه الشعوب تقدم السم القاتل كسم الثعابين والحيات بدلاً من الخمر الجيد.
? إن كنت تهتم بالتلمذة على كلام الله وتعاليم الكنيسة فإنك تكتسب حكمة وفهمًا وإرشادًا فى كل خطواتك فى الحياة وتبتعد عن عناء العالم المحيط بك المنغمس فى الشهوات التى تؤدى به إلى الهلاك.
(7) الله وحده هو المجازى والمنعم (ع34-43):
34«أَليْسَ ذَلِكَ مَكْنُوزاً عِنْدِي مَخْتُوماً عَليْهِ فِي خَزَائِنِي؟ 35لِيَ النَّقْمَةُ وَالجَزَاءُ. فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ. إِنَّ يَوْمَ هَلاكِهِمْ قَرِيبٌ وَالمُهَيَّئَاتُ لهُمْ مُسْرِعَةٌ. 36لأَنَّ الرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ وَعَلى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ. حِينَ يَرَى أَنَّ اليَدَ قَدْ مَضَتْ وَلمْ يَبْقَ مَحْجُوزٌ وَلا مُطْلقٌ 37يَقُولُ: أَيْنَ آلِهَتُهُمُ الصَّخْرَةُ التِي التَجَأُوا إِليْهَا 38التِي كَانَتْ تَأْكُلُ شَحْمَ ذَبَائِحِهِمْ وَتَشْرَبُ خَمْرَ سَكَائِبِهِمْ؟ لِتَقُمْ وَتُسَاعِدْكُمْ وَتَكُنْ عَليْكُمْ حِمَايَةً. 39اُنْظُرُوا الآنَ! أَنَا أَنَا هُوَ وَليْسَ إِلهٌ مَعِي. أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي. سَحَقْتُ وَإِنِّي أَشْفِي وَليْسَ مِنْ يَدِي مُخَلِّصٌ. 40إِنِّي أَرْفَعُ إِلى السَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلى الأَبَدِ. 41إِذَا سَنَنْتُ سَيْفِي البَارِقَ وَأَمْسَكَتْ بِالقَضَاءِ يَدِي أَرُدُّ نَقْمَةً عَلى أَضْدَادِي وَأُجَازِي مُبْغِضِيَّ. 42أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ وَيَأْكُلُ سَيْفِي لحْماً. بِدَمِ القَتْلى وَالسَّبَايَا وَمِنْ رُؤُوسِ قُوَّادِ العَدُوِّ. 43«تَهَللُوا أَيُّهَا الأُمَمُ شَعْبُهُ لأَنَّهُ يَنْتَقِمُ بِدَمِ عَبِيدِهِ وَيَرُدُّ نَقْمَةً عَلى أَضْدَادِهِ وَيَصْفَحُ عَنْ أَرْضِهِ عَنْ شَعْبِهِ».
ع34: الله يجمع ثمار أعمال بنى إسرائيل الشريرة ويضعها فى خزائنه إلى الوقت المناسب للعقاب حين يجازيهم على أخطائهم وينتقم منهم.
الله هنا يشبه خطايا بنى إسرائيل، وكذلك الشعوب الأخرى، بما يحفظه الإنسان ويكنزه فى خزائنه ويختم عليه. والله يصفح عنها إذا تاب الإنسان ويجازى عنها إذا تمادى الإنسان فى شره.
ع35: الله هو المنتقم من الأشرار ويجازيهم بعدل عما اقترفوه. وقد يبطئ الرب فى إنزال العقاب ليعطى فرصة للتوبة ولكن العقاب قريب إذ هو معروف ومقرر فى تدبيره الإلهى؛ فلا يظن الأشرار أن إمهال الرب يعنى أنه تغاضى عن شرورهم، إنما هو يتأنى على الخاطئ لعل هذا التمهل يقتاده للتوبة، ولكن الله فى نفس الوقت يهيئ القصاص وينفذ العقاب فى الزمن المناسب.
ع36: وإن كان الرب يدين شعبه إن أخطأ، إلا أنه يشفق عليه ويرحمه إذا تاب ورجع إليه، وحين يرى أن قوتهم قد ضعفت من شدة وهول الضربات والتأديبات التى نزلت عليهم والتى أصابت الجميع ولم يستثنَ منها حر ولا عبد.
ع37، 38: يتهكم الله على الآلهة الكاذبة التى سار وراءها شعبه واتكلوا عليها، فيقول أين هى الآن وقد صاروا فى هذه الحال، ولماذا لم تسرع لحمايتهم ونجدتهم. كان بنو إسرائيل يقدمون لها الذبائح ويسكبون السكائب تصورًا منهم أنها تأكل وتشرب وما هى إلا أصنام.
ع39: يقول لهم الرب أنه هو الذى عاقبهم وهو وحده القادر على إنقاذهم ولا يشاركه أحد فى الألوهية. له كل السلطان على الإحياء والإماتة، فإن كان قد سحقهم بسبب شرورهم تحقيقًا للعدالة، فهو أيضًا الرحوم القادر على شفائهم وإنقاذهم مما هم فيه من تدنى وانسحاق.
ع40: رفع اليد إلى السماء : مظهر يدل على القسم أو إعلان عن كشف حقائق إلهية للبشر.
الله يعلن ويؤكد أنه الإله الوحيد والحى إلى الأبد وليس مثل الآلهة الكاذبة والأصنام التى لا تتحرك ولا تشعر.
ع41: السيف البارق : السيف اللامع.
أمسكت بالقضاء يدى : انتصبت للقضاء.
سننت سيفى : جعلت سيفى حادًا مستعدًا للقتل.
متى قرر الرب الانتقام من الشعوب التى بالغت فى قسوتها على شعبه حين استخدمها الله كعصا تأديب، فإنه يصور نفسه كفارس يستعد لدخول معركة، فيسنّ سيفه اللامع لمقاضاة هذه الشعوب فينتقم منها ويجازيها عما عملته بشعبه وشماتتهم فيه، وكذلك يعاقبهم عن كل شرورهم فقد أبغضوا الرب وعبدوا الأصنام.
ع42: هنا تشبيهات بديعة يصور بها الرب انتقامه من أعدائه، فسهامه التى سيضرب بها العدو ستسفك دماءً كثيرة، فتصبح هذه السهام وكأنها أصبحت سكرى من كثرة ما ارتوت من دمائهم. ويقطع سيفه لحوم الأعداء فيغطى السيف بدماء الأعداء الذين سيقتلون، فضلاً عن الآخرين الذين سيؤسرون. كما سيقطع سيف الرب رؤوس قواد الأعداء المفترين بقوتهم.
ع43: تهللوا أيها الأمم شعبه : وقد نقلها بولس الرسول فى (رو15: 10) عن الترجمة السبعينية “تهللوا أيها الأمم شعبه”. وهى إشارة إلى اشراك الأمم مع شعب الله فى الخلاص بالمسيح والفرح بتحقق هذا الخلاص العجيب، فهى نبوءة عن الخلاص بالمسيح ودخول الأمم فى الإيمان.
وبأخذ النص بمعناه المباشر، فكاتب النشيد هنا يدعو أمم العالم للتهليل والتسبيح لإله إسرائيل الذى ينتقم لدماء شعبه ويرد النقمة على أعدائه ويصفح عن أرضه وعن شعبه.
? الله يدافع عنك إن كنت تطيع وصاياه وترجع إليه بالتوبة دائمًا. وحتى لو سمح بتأديبات لك وإساءة من الآخرين فثق أنها مؤقتة وسينصرك ويمجدك فى النهاية.
(8) حفظ النشيد (ع44-47):
44فَأَتَى مُوسَى وَنَطَقَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هَذَا النَّشِيدِ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ هُوَ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ.
45وَلمَّا فَرَغَ مُوسَى مِنْ مُخَاطَبَةِ جَمِيعِ إِسْرَائِيل بِكُلِّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ 46قَال لهُمْ: «وَجِّهُوا قُلُوبَكُمْ إِلى جَمِيعِ الكَلِمَاتِ التِي أَنَا أَشْهَدُ عَليْكُمْ بِهَا اليَوْمَ لِكَيْ تُوصُوا بِهَا أَوْلادَكُمْ لِيَحْرِصُوا أَنْ يَعْمَلُوا بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هَذِهِ التَّوْرَاةِ. 47لأَنَّهَا ليْسَتْ أَمْراً بَاطِلاً عَليْكُمْ بَل هِيَ حَيَاتُكُمْ. وَبِهَذَا الأَمْرِ تُطِيلُونَ الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِليْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».
ع44: أعلن موسى كلمات هذا النشيد للشعب وردّده مرات كثيرة أمامهم ليرددوه بعده ويحفظوا كلماته ونغماته. وكان يشوع بن نون يساعده فى تحفيظ الشعب لأنه القائد التالى له.
ع45، 46: أوصاهم موسى بتعليم هذا النشيد لأبنائهم وتحفيظه لهم لأنه ينبههم إلى العمل بشريعة الله وعبادته. فهذا النشيد يشهد على من يحفظه بضرورة تبعية الله ويشجعه على ذلك.
ع47: قال لهم موسى إن كلمات هذا النشيد ليست مجرد أغنية أو كلامًا تافهًا، بل هى صلب حياتهم فتثبتهم فى الحياة المستقيمة وتضمن لهم الاستقرار فى الأرض الجديدة – أرض كنعان – فلا يزاحمهم فيها أى عدو.
? اهتم أن تحفظ المزامير وتردّدها ليس فقط فى وقت الصلاة المحدد بل طوال اليوم، فهى تحفظ أفكارك وترشدك فى كلماتك وتصرفاتك فتحيا نقيًا أمام الله دائمًا.
(9) موسى ينظر أرض كنعان ولكن لا يدخلها (ع48-52):
48وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي نَفْسِ ذَلِكَ اليَوْمِ: 49«اِصْعَدْ إِلى جَبَلِ عَبَارِيمَ هَذَا جَبَلِ نَبُو الذِي فِي أَرْضِ مُوآبَ الذِي قُبَالةَ أَرِيحَا وَانْظُرْ أَرْضَ كَنْعَانَ التِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيل مُلكاً 50وَمُتْ فِي الجَبَلِ الذِي تَصْعَدُ إِليْهِ وَانْضَمَّ إِلى قَوْمِكَ كَمَا مَاتَ هَارُونُ أَخُوكَ فِي جَبَلِ هُورٍ وَضُمَّ إِلى قَوْمِهِ.
51لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةِ قَادِشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينٍ إِذْ لمْ تُقَدِّسَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيل. 52فَإِنَّكَ تَنْظُرُ الأَرْضَ مِنْ قُبَالتِهَا وَلكِنَّكَ لا تَدْخُلُ إِلى هُنَاكَ إِلى الأَرْضِ التِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيل».
ع48، 49: جبل عباريم هذا جبل نبو : جبل نبو هو أحد سلسلة جبال عباريم وأعلى قممه هو رأس الفسجة (ص3: 27) وهذا الجبل يقع فى بلاد موآب شرق نهر الأردن مقابل مدينة أريحا التى تقع غرب النهر (خريطة 6، 8).
بتحفيظ موسى النشيد للشعب انتهت خدمته، فأمره الله أن يصعد على أعلى قمم جبل عباريم ليرى أرض الميعاد التى وعد الله بها شعبه ثم يموت فرحًا باستكماله خدمته وتحقيق مواعيد الله.
ع50: أعلن الله لموسى أنه سيموت على هذا الجبل وسيخفى الله جسده حتى لا يعبده بنو إسرائيل لأجل محبتهم الشديدة له. وبهذا تنتهى سيرة رئيس الأنبياء موسى ويموت مثل باقى البشر ومثل هارون أخيه الذى مات ودفن فى جبل هور (عد20: 28).
ع51، 52: وليظل موسى محتفظًا باتضاعه أمام الله حتى نهاية حياته، ذكره أنه أخطأ عندما شك فى كلام الله هو وهارون، فبدلاً من أن يأمر الصخرة فى مريبة لتخرج ماءً ضربها مرتين (عد20). ولكن حرمان موسى من دخول أرض الميعاد بسبب هذه الخطية، ليس تقليلاً من عظمة موسى بل هو يمثل مرحلة فى قيادة الشعب وقد بلغ سنًا كبيرًا ليبدأ بعده تلميذه يشوع مرحلة جديدة وهى دخول أرض الميعاد.
? يحسن بنا أن نتمثل بموسى النبى فنقبل برضى أى تأديب إلهى يسمح به ربنا لنا، نقبله دون تذمر أو تمرد، ونسلم له حياتنا بإيمان وشكر، عالمين أن يده الرحيمة المحبة سترأف بنا وستدخل فى حياتنا لتخرجنا من الضيقة إلى النور، فكل ما يحدث فى حياتنا هو جزء من التدبير الإلهى الشامل لنا وتحقيقًا لمشيئته فى وجودنا.