بركات التوبة وحفظ الوصايا
(1) بركات التوبة (ع1-10): 1«وَمَتَى أَتَتْ عَليْكَ كُلُّ هَذِهِ الأُمُورِ البَرَكَةُ وَاللعْنَةُ اللتَانِ جَعَلتُهُمَا قُدَّامَكَ فَإِنْ رَدَدْتَ فِي قَلبِكَ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ الذِينَ طَرَدَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِليْهِمْ 2وَرَجَعْتَ إِلى الرَّبِّ إِلهِكَ وَسَمِعْتَ لِصَوْتِهِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ اليَوْمَ أَنْتَ وَبَنُوكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ 3يَرُدُّ الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الذِينَ بَدَّدَكَ إِليْهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ. 4إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلى أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ فَمِنْ هُنَاكَ يَجْمَعُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ وَمِنْ هُنَاكَ يَأْخُذُكَ. 5وَيَأْتِي بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى الأَرْضِ التِي امْتَلكَهَا آبَاؤُكَ فَتَمْتَلِكُهَا وَيُحْسِنُ إِليْكَ وَيُكَثِّرُكَ أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكَ. 6وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلبَكَ وَقَلبَ نَسْلِكَ لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا. 7وَيَجْعَلُ الرَّبُّ إِلهُكَ كُل هَذِهِ اللعَنَاتِ عَلى أَعْدَائِكَ وَعَلى مُبْغِضِيكَ الذِينَ طَرَدُوكَ. 8وَأَمَّا أَنْتَ فَتَعُودُ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ وَتَعْمَلُ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ 9فَيَزِيدُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ خَيْراً فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ. لأَنَّ الرَّبَّ يَرْجِعُ لِيَفْرَحَ لكَ بِالخَيْرِ كَمَا فَرِحَ لآِبَائِكَ 10إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ المَكْتُوبَةَ فِي سِفْرِ الشَّرِيعَةِ هَذَا. إِذَا رَجَعْتَ إِلى الرَّبِّ إِلهِكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ.
ع1، 2: إذا اختبرت بركات الله عندما أطعت وصاياه ولكن سقطت بعد هذا فى خطايا وأتت عليك اللعنات، فيمكنك الرجوع إلى الله بالتوبة فيسامحك ويعطيك البركات المذكورة فى الآيات التالية من (ع3-10).
وهكذا تظهر مراحم الله الذى يعطى رجاءً لأولاده مهما أخطأوا.
ومن المفيد للإنسان إذا سقط وأتت عليه المصائب أن يتذكر البركات التى كان يتمتع بها عندما كان مطيعًا لله ليستعيدها بالتوبة كما فعل الابن الضال (لو15: 17).
ع3، 4: أقصاء السموات : أبعد الأماكن على الأرض التى عندما ينظر إليها الإنسان يرى السماء وكأنها تلتقى بالأرض.
البركة الأولى للشعب التائب الذى استعبده الأعداء وسباه وبدده فى بلاد العالم أن يجمعه الله بمراحمه ويعيده إلى وطنه كما حدث فى الرجوع من السبى على يد زرُبابل وعزرا ونحميا، لأن الشرير إذا عاد قلبه إلى الله بالتوبة يعيد إليه حريته وكرامته.
ع5: يعيد الله الشعب إلى أرض آبائه ويكثره أكثر مما كان أيام عزه، فبركات الله للتائبين تفوق كل بركة وهذه هى البركة الثانية.
ع6: البركة الثالثة هى رجوع الإنسان للعهد مع الله، ليس فقط بختان الجسد بل ختان القلب أى تخصيصه لمحبة الله. والختان فى العهد القديم يرمز للمعمودية التى هى تجديد لطبيعة الإنسان ليحيا مع الله (كو2: 11، 12).
ع7: يحول الرب اللعنات إلى أعدائك الذين طردوك من الأرض وضايقوك. فإن كان الرب قد استخدمهم كعصا تأديب لشعبه، ولكن إذ يتوب الشعب ينزع الله عنه نير الذين استعبدوه بل ويضايقهم كما ضايقوا شعبه، فيعتز شعب الله ويضعف الأعداء، هذه هى البركة الرابعة.
ع8: يقبل الرب توبتهم إذ يعودوا فيسمعوا صوته ويسلكوا حسب فرائضه وأحكامه ويحيوا حياة الطاعة، وهذه هى البركة الخامسة.
ع9: تكثر بركات الرب ويغمرهم بالخيرات فينجحوا فى كل عمل تمتد إليه أيديهم، ويبارك نسلهم ونتاج مواشيهم وأغنامهم ومحاصيل أرضهم وثمار أشجارهم. وإذ يرجع الرب عن غضبه، يفرح لخيرهم ورخائهم كما سبق وفرح برخاء آبائهم حين كانوا خاضعين لطاعته وعاملين بوصاياه، وهذه هى البركة السادسة.
ع10: سفر الشريعة : سفر التثنية الذى كان موسى يسلمه لهم.
الخيرات والبركات مشروطة بالعودة إلى الله والتوبة وطاعة الوصايا المذكورة فى سفر الشريعة.
ويلاحظ أنه عندما تكلم فى الأصحاح السابق عن عقاب الأشرار ذكر الله باسم “يهوة الرب” أى الله الكائن والعادل، أما فى هذا الأصحاح فيذكره باسم “الرب إلهك” أى الله الخاص بك الذى يحبك فيعطيك بركات كثيرة عندما تتوب وترجع إليه.
? لا تتضايق من نتائج خطاياك وسقوطك المتكرر، بل قم سريعًا واثقًا أن بركات التوبة أكثر مما تتخيل لأن الله يحبك ويريد خلاصك.
(2) سهولة الوصيــة (ع11-14):
11«إِنَّ هَذِهِ الوَصِيَّةَ التِي أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ ليْسَتْ عَسِرَةً عَليْكَ وَلا بَعِيدَةً مِنْكَ. 12ليْسَتْ هِيَ فِي السَّمَاءِ حَتَّى تَقُول: مَنْ يَصْعَدُ لأَجْلِنَا إِلى السَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَل بِهَا؟ 13وَلا هِيَ فِي عَبْرِ البَحْرِ حَتَّى تَقُول: مَنْ يَعْبُرُ لأَجْلِنَا البَحْرَ وَيَأْخُذُهَا لنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَل بِهَا؟ 14بَلِ الكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدّاً فِي فَمِكَ وَفِي قَلبِكَ لِتَعْمَل بِهَا.
ع11: الوصية ليست صعبة أو ثقيلة بل فى استطاعتهم أن يطبقوها فى حياتهم طالما كان لديهم استعداد لقبولها، فالنعمة تعمل وتسند الإنسان وتساعده على طاعة الوصية.
ع12، 13: الواجبات المطلوبة من شعب إسرائيل نحو الله ليست مخيفة فى مكان يصعب الوصول إليه، فهى ليست فى السماء حتى يبحث عمن يصعد إلى هناك ليؤتيهم بها، ولا تتطلب عبور بحار ومحيطات للحصول عليها وإحضارها إليهم لتتلى على مسامعهم ويعملوا بها.
وإن كان الله فى العهد القديم قد أعطى وصية واضحة ومفهومة لشعبه لينفذوها، ففى العهد الجديد أصبحت الوصية أكثر وضوحًا بتجسد المسيح الذى نفذ الوصية وعاش كمثال لنا.
ع14: أوصل الرب كلمته للإنسان، فهو الذى اقترب بها إليه ووضعها فى فمه ليرددها لنفسه وليعلم بها الآخرين وليحفظها فى قلبه للتأمل فيها والعمل بها فتكون المرشد له فى كل طرقه. وقد اقتبس بولس الرسول هذه الأعداد فى (رو10: 5-10) ليؤكد أهمية الاتكال على الله والإيمان بكلامه والعمل به.
? اهتم بقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه كل يوم لتطبقه فى حياتك فتحيا فى سلام.
(3) الخير أو الشر (ع15-20):
15«اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلتُ اليَوْمَ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالخَيْرَ وَالمَوْتَ وَالشَّرَّ 16بِمَا أَنِّي أَوْصَيْتُكَ اليَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِتَحْيَا وَتَنْمُوَ وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. 17فَإِنِ انْصَرَفَ قَلبُكَ وَلمْ تَسْمَعْ بَل غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآِلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا 18فَإِنِّي أُنْبِئُكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ لا مَحَالةَ تَهْلِكُونَ. لا تُطِيلُ الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِتَدْخُلهَا وَتَمْتَلِكَهَا. 19أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلتُ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالمَوْتَ. البَرَكَةَ وَاللعْنَةَ. فَاخْتَرِ الحَيَاةَ لِتَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ 20إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلتَصِقُ بِهِ لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَالذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ لِتَسْكُنَ عَلى الأَرْضِ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا».
ع15: تفهموا جيدًا ما أقوله لكم. الإنسان مخير بين طريقين : طريق الخير الذى يصل به إلى الحياة، وطريق الشر المؤدى إلى الموت. فالإنسان حر الإرادة وله أن يختار بين الطريقين.
الحياة هنا هى الحياة الأرضية المفرحة وأيضًا الحياة الأبدية السعيدة، والموت هو الموت المادى وأيضًا الموت الروحى والهلاك الأبدى.
ع16: أعطى الرب شعبه كل الوصايا الكفيلة بأن تؤدى به إلى حياة أرضية وأبدية سعيدة. وتتلخص هذه الوصايا فى أن يحب الرب من كل قلبه وأن يسلك فى طرقه ويحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه، بهذا يحيا وينمو فى النعمة ويثمر وينعم ببركات الرب فى الأرض التى هو داخل إليها ليمتلكها. وهذا هو ملخص الوصايا العشر كما أعلن المسيح بنفسه (لو10: 27).
ع17، 18: والعكس إن ابتعدتم بقلوبكم عنى ولم تسمعوا لصوتى، بل ضللتم وسرتم وراء آلهة أخرى خلاف الرب إلهكم لتسجدوا لها، فبدون شك يكون هلاككم محققًا وتبيدوا.
كذلك أؤكد لكم أنكم ستحرمون من الأرض التى أنتم عابرون الأردن إليها لتمتلكوها لأن الأعداء سيستولون عليها ويطردونكم منها.
ع19: الرب يعطيهم شرائعه ليس فى خفية بل علانية أمام الجميع، سمائيين وأرضيين، والكائنات الحية تشهد كلها أن الرب لم يقصر فى تعليمهم وتحذيرهم. والرب إذ يخيّرهم بين الطريقين إعمالاً بمبدأ الحرية المعطاة للإنسان، إلا أنه لشدة محبته ينصحهم ويحثهم على اختيار الحياة والبركة والبعد عن الموت واللعنة.
ع20: عماد حياة الإنسان هو محبة الرب والاستماع إلى صوته والارتباط به لأن الله هو مصدر حياة كل البشر، وهو خالقنا وأصل وجودنا ومعطى كل الخيرات. والرب هنا يعدهم بأن يطول بقاؤهم فى أرض الميعاد إذا سلكوا فى طرقه وأطاعوا وصاياه.
? يلزم أن تختار الخير بنفسك لتنال السعادة فى الأرض والسماء، فالسعادة ميسورة لك إن كنت تسعى إليها بالالتصاق بالله وطاعة وصاياه