ملامح بطلان العالم
(1) الظلم (ع 1-3):
1- ثُمَّ رَجَعْتُ وَرَأَيْتُ كُلَّ الْمَظَالِمِ الَّتِي تُجْرَى تَحْتَ الشَّمْسِ: فَهُوَذَا دُمُوعُ الْمَظْلُومِينَ وَلاَ مُعَزّ لَهُمْ، وَمِنْ يَدِ ظَالِمِيهِمْ قَهْرٌ، أَمَّا هُمْ فَلاَ مُعَزّ لَهُمْ. 2- فَغَبَطْتُ أَنَا الأَمْوَاتَ الَّذِينَ قَدْ مَاتُوا مُنْذُ زَمَانٍ أَكْثَرَ مِنَ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ هُمْ عَائِشُونَ بَعْدُ. 3- وَخَيْرٌ مِنْ كِلَيْهِمَا الَّذِي لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، الَّذِي لَمْ يَرَ الْعَمَلَ الرَّدِيءَ الَّذِي عُمِلَ تَحْتَ الشَّمْسِ.
ع1-3: معز : من يقدم تعزية وتشجيع للضعفاء والمظلومين.
قهر: إجبار.
يعلن سليمان ضيقه من الظلم المنتشر فى العالم، وكيف يتألم المظلومون، ويبكون من المظالم الواقعة عليهم، ولا يجدون من يعزيهم، ويساندهم، لأنه يخاف من سلطان وقوة الظالم.
ويظهر تأثر ورقة مشاعر سليمان فى عدم احتماله أن يرى دموع المظلومين، حتى أنه يتمنى لو أنه مات ولم ير هذه المظالم. ومدح الذين ماتوا، حتى لا تتعذب مشاعرهم الرقيقة بمنظر الظلم، أو الذين لم يولدوا، وبالتالى لم يروا هذا الظلم. هذه الكلمات ليست تشاؤم من سليمان، بل إظهار ضيقه الشديد من الظلم.
إحترس فى كلامك وتصرفاتك مع الآخرين، وفى دفاعك عن نفسك، لئلا تجرح مشاعر غيرك، أو تظلمه. واعلم ان الله إلهك، وإلههم يرى ويدافع عنهم، لأنه يكره الظلم. وإن سقطت فى ظلم غيرك، حتى دون قصد منك، فأسرع لإصلاح ما فعلته، واعتذر وشجع من ظلمته، فيرضى عنك الله.
(2) الحسد والكسل (ع 4-6):
4- وَرَأَيْتُ كُلَّ التَّعَبِ وَكُلَّ فَلاَحِ عَمَل أَنَّهُ حَسَدُ الإِنْسَانِ مِنْ قَرِيبِهِ. وَهذَا أَيْضًا بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ. 5- اَلْكَسْلاَنُ يَأْكُلُ لَحْمَهُ وَهُوَ طَاوٍ يَدَيْهِ. 6- حُفْنَةُ رَاحَةٍ خَيْرٌ مِنْ حُفْنَتَيْ تَعَبٍ وَقَبْضِ الرِّيحِ.
ع4 : فلاح : نجاح.
عندما يرى الإنسان الشرير نجاح الآخرين فى أعمالهم يحسدهم، فيحاول أن يعمل بجدية أكثر ليحقق نجاحاً مثلهم، أو أحسن منهم. فالنجاح الذى يصل إليه الشرير هو باطل وقبض الريح، لأنه نجاح مبنى على الحسد، وهو مرفوض من الله من أجل شر قلب الحاسد.
من ناحية أخرى، كل إنسان صالح يتعب وينجح، لابد أن يتوقع أن الأشرار سيحسدونه، فلا ينزعج من حسدهم، ولا يتعلق بنجاحه فى أعماله، ولكن يتعلق بإرضاء الله، والأمانة فى العمل، لأن التعلق بالعمل زائل وقبض الريح، بالإضافة إلى احتمال البار حسد الأشرار، وأيضا يعلم البار أن كل أتعاب الأرض زائلة، وكل نجاح أيضا زائل، فلا يتعلق بشئ ، بل بالله وحده.
ع5: طاوٍ يديه : يقبض بأصابعه على كفه، أو يثنى أصابعه.
الكسلان لا يريد أن يعمل، فيشعر ببرودة الجو، ويطوى يديه، لتدفأ، ولا يريد أن يقوم ليستخدم يديه فى أى عمل. وباستمرار الكسل سيجوع، ولا يجد أى طعام بسبب كسله، فيضطر جسمه أن يحرق عضلاته “لحمه” ليحصل على الطاقة اللازمة للحياة. فهو ينهار تدريجيا، ويهلك فى النهاية إذا استمر على كسله.
ع6: حفنة: ملء الكف، والمقصود كمية معقولة.
بعد أن تكلم سليمان عن العمل الكثير بدافع الحسد فى (ع4)، ثم عكسه، وهو الكسل وعدم العمل فى (ع5)، يصل إلى نتيجة يعلنها هنا، وهى أن راحة قليلة معقولة أفضل من تعب كثير، يعبر عنه بحفنتى تعب، فيشعر الإنسان بالإرهاق، خاصة وأن العمل الكثير ليس له فائدة، بل مضاره أكثر من فوائده. فلو كانت حفنة من التعب، وحفنة من العمل، فهذا هو الوضع المثالى، وليس حفنتين من العمل، لأن العمل الكثير “قبض الريح” أى لا منفعة منه.
- ليتك يا أخى تنظم أوقاتك، وتعمل باعتدال، وتستريح باعتدال، فيكون لديك وقت لحياتك الروحية، وخدمتك، والاهتمام بأسرتك. وهكذا تسعد في حياتك، وتجد لها معنى جميل، وهو الاستعداد للأبدية.
(3) الأنانية (ع 7-12):
7- ثُمَّ عُدْتُ وَرَأَيْتُ بَاطِلاً تَحْتَ الشَّمْسِ: 8- يُوجَدُ وَاحِدٌ وَلاَ ثَانِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ وَلاَ أَخٌ، وَلاَ نِهَايَةَ لِكُلِّ تَعَبِهِ، وَلاَ تَشْبَعُ عَيْنُهُ مِنَ الْغِنَى. فَلِمَنْ أَتْعَبُ أَنَا وَأُحَرِّمُ نَفْسِي الْخَيْرَ؟ هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ وَأَمْرٌ رَدِيءٌ هُوَ. 9- اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. 10- لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ. 11- أَيْضًا إِنِ اضْطَجَعَ اثْنَانِ يَكُونُ لَهُمَا دِفْءٌ، أَمَّا الْوَاحْدُ فَكَيْفَ يَدْفَأُ؟ 12- وَإِنْ غَلَبَ أَحَدٌ عَلَى الْوَاحِدِ يَقِفُ مُقَابَلَهُ الاثْنَانِ، وَالْخَيْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا.
ع7 ،8 : يحدثنا سليمان فى هذه الآيات التالية حتى (ع 12) عن أمر باطل يحدث تحت الشمس، وهو الأنانية والطمع مع البخل، فيقول “يوجد واحد ولا ثانى له، وليس له إبن ولا أخ” : إذا كان إنسان يعيش لوحده، غير متزوج، أى ليس له ثانى ، وبالتالى ليس له ابن، وأيضا ليس له أخ، أو شخص يعيش معه، فهو غير مسئول إلا عن نفسه، ولا يريد أن يثقل على نفسه بارتباط زواج ، أو أية مسئولية اجتماعية نحو أقرباء، فهو يحيا لذاته فقط.
“لا نهاية لكل تعبه، ولا تشبع عينه من الغنى“: رغم أن هذا الإنسان يعيش وحيداً، وغير مسئول إلا عن نفسه، ولكنه يعمل، ويتعب كثيرا، ولا يشبع مما يحققه من غنى، فهو طماع يريد أن يكنز أموالاً كثيرة، ويتعب نفسه فوق طاقته.
“فلمن أتعب أنا وأحرم نفسى الخير“: وهنا يطرح سليمان سؤالا على هذا الرجل الذى يحيا وحده، ولا يشبع من الغنى، فيقول له، ألم تفكر يوما فى هذا السؤال، لمن أتعب أنا وأحرم نفسى الخير؟ والإجابة بالطبع أن هذا الرجل يتعب كثيرا بلا فائدة “باطل وأمر ردئ هو“، إذ لا يخدم من حوله، وما يحققه من غنى أكثر بكثير من احتياجاته، فهو تعب بلا فائدة، وما حققه من غنى سيتركه لآخرين بعده ليست له صلة بهم. فما هو الحل لهذا الرجل الآنانى الطماع المسكين، تعالوا لنراه فى الآيات التالية.
ع9: يتكلم سليمان فى هذه الآية، والآيات التالية حتى (ع 12) عن حياة الشركة كعلاج للإنسان الأنانى الذى يحيا وحده، ويبحث عن منفعته الشخصية فقط، ولا يريد أن يتعب لأجل غيره. فيعلن فى هذه الآية أن أثنين خير من واحد، أى إذا عاش إثنان معا، فسيتعب كل واحد لأجل الآخر، ويخدمه، فيشبع كل منهما الآخر، ليس فقط بالأعمال المادية، بل بالأكثر بعمل المحبة، فهذه أجرة صالحة لهما، أن يشبعا بحب بعضهما البعض.
والإثنان يمكنهما أن يتعاونا معاً فى عمل واحد، فيكونا أكثر نجاحاً من أن يعمل إنسان وحده، إذ أن أثنين أفضل من واحد.
وهذه الآية دعوة واضحة لفائدة الزواج، فيشترك الزوج والزوجة معاً فى حياة واحدة مشتركة، تملأها المحبة، وتعبر عنها كل أعمال المحبة و الخدمة كل واحد نحو الآخر.
ع10: وإذا كان أثنان مسافرين معاً، وفى الطريق وقع أحدهما، فالثانى يقيمه لأنه إن كان مسافراً وحده، لن يجد من يقيمه، فيتعرض لآلام، وأتعاب كثيرة، ولا يجد معينا له.
وفى حالة الزواج، أو إقامة إثنين من الإخوة معاً، إن تعرض أحدهما لمشكلة، يجد معونة من الآخر، وهذه المشكلة قد تكون مادية، أو نفسية، أو روحية، فبهذا التعاون يعيشان مطمئنان.
تنطبق هذه الآية أيضا على كل إنسان له أب أعتراف، أو مرشد روحى، فإن تعرض للسقوط فى خطية، أو مشكلة روحية، ولها آثار نفسية، فأبيه الروحى، أو مرشده يسنده، ويعبر به هذه الأزمة.
وتوضح هذه الأية أيضا أهمية الصداقة الروحية، فالصديقان يساعدان بعضهما البعض فى طريق الحياة، فإذا تعرض أحدهما لأى ضغوط، أو متاعب، يجد صديقه بجواره يساعده.
ع11: فائدة أخرى لحياة الشركة، إذا رقد إثنان على سرير واحد، والمقصود هنا زوجان، أو إثنان من الأصدقاء، أو الأخوة ينامان فى حجرة واحدة، فحرارة أنفاسهما تدفئهما.
كذلك أيضا حرارة المحبة بين الإخوة تعطى الدفء للإثنين اللذين يسكنان معاً.
ع12: يبين أيضا فى هذه الآية أهمية حياة الشركة، ليس فقط بين إثنين، بل بين ثلاثة أو أكثر، فيقول سليمان أنه إذا هجم شخص غريب على أحد هؤلاء الذين يعيشون فى شركة، وغلبه، يسرع الإثنان اللذان ارتبطا به، فينقذانه من هذا الغريب. ويؤكد هنا سليمان أن الخيط المثلوث لا ينقطع، أى أن المحبة التى تربط ثلاثة معا، ليس من السهل أن يتغلب عليها أحد، إذ هم أقوياء بوحدتهم.
والمقصود هنا ليس فقط الهجوم الجسدى على أحدهم، ولكن مقصود أيضا هجوم الشيطان على واحد يسقطه فى خطية، فأب اعترافه، ومرشده الروحى يسرعان إليه، ينقذانه.وكذلك أيضا من يحيا فى صداقة مع الله والقديسين، فإنهم يسرعون إلى نجدته.
وهذا الثالوث المذكور يمكن أن يكون الزوجان والمسيح الذى يقيم معهما، فيعطيهما قوة لا يقدر الشيطان أن يتغلب عليها. وينطبق هذا أيضا على الإخوة فى العالم الذين يسكن معهم المسيح، ويعطيهم قوة تخيف الشياطين. والمسيح نفسه أعلن هذا فى العهد الجديد بقوله “حيثما اجتمع اثنان، أو ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم” (مت 18 : 20).
حياة الشركة مشبعة لكل من يحيا فيها. هذا ليس فقط فى العالم، بل أيضا فى الدير، كما فى الرهبنة الباخومية. فليتك تهتم بمن حولك، فتتعلم منهم، وتخدمهم فى نفس الوقت. إظهر محبتك لهم، وباتضاع تعلم منهم، فتشعر بالمسيح معك، وتتشجع فى طريق الحياة الأبدية.
(4) عدم دوام السلطة (ع 13-16):
13- وَلَدٌ فَقِيرٌ وَحَكِيمٌ خَيْرٌ مِنْ مَلِكٍ شَيْخٍ جَاهِل، الَّذِي لاَ يَعْرِفُ أَنْ يُحَذَّرَ بَعْدُ. 14- لأَنَّهُ مِنَ السِّجْنِ خَرَجَ إِلَى الْمُلْكِ، وَالْمَوْلُودُ مَلِكًا قَدْ يَفْتَقِرُ. 15- رَأَيْتُ كُلَّ الأَحْيَاءِ السَّائِرِينَ تَحْتَ الشَّمْسِ مَعَ الْوَلَدِ الثَّانِي الَّذِي يَقُومُ عِوَضًا عَنْهُ. 16- لاَ نِهَايَةَ لِكُلِّ الشَّعْبِ، لِكُلِّ الَّذِينَ كَانَ أَمَامَهُمْ. أَيْضًا الْمُتَأَخِّرُونَ لاَ يَفْرَحُونَ بِهِ. فَهذَا أَيْضًا بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ.
ع13: يحذر : يحترس ويتعلم.
يبين سليمان أهمية الحكمة، فإذا نالها ولد فقير سيكون أفضل من ملك يجلس على العرش، ولكنه جاهل، وغير محترس. والجهل أيضا يرتبط بالعناد، فلا يستفيد مما يسمعه لكبريائه. وقد يخاف الناس أن يرشدوا الملك المتكبر لئلا يؤذيهم. وقد تنقلب الأحوال، فيصير الولد الفقير الحكيم أعظم من الملك الجاهل، كما حدث مع داود وشاول، إذ صار داود الذى يطارده شاول ملكاً، وكان داود فقيراً، ومعرضا للموت، فصار الملك، ومدحه الله، بل وأتى من نسله المسيح، أما شاول فرفضه الله ، ثم مات فى الحرب.
ع14-16: يظهر سليمان تغير الأحوال، وعدم دوام السلطة فيقول، أنه قد يكون هناك إنسان محبوس فى السجن، ثم يخرج من السجن ويصير ملكاً، ولعله هنا يشير إلى يوسف الذى كان فى السجن، ثم صار الرجل الثانى على مصر، والكل يخضع له، ويطعم كل شعب مصر، بل كل بلاد العالم. وفى نفس الوقت، قد يولد إنسان ملكاً، أى ولى العهد، ويصير ملكاً، ثم يترك عرشه ويصير فقيراً، كما حدث مع يهوياكين ملك يهوذا، الذى ملك ثلاثة أشهر، ثم قبض عليه ملك بابل، وألقاه فى السجن سنوات طويلة فى بابل، وبعد هذا أخرجه ملك بابل، وأكرمه، وصار يأكل على مائدته (2 مل 25 : 27 ، 28) .
يواصل سليمان حديثه، فيقول أن الولد الثانى، أى الخارج من السجن وصار على العرش) تبعه الشعب وتركوا ملكهم الأول.
“رأيت كل الأحياء السائرين تحت الشمس مع الولد الثانى”. أى أن كل الشعب تبع الملك الجديد الذى كان فى السجن.
“لا نهاية لكل الشعب لكل الذين كان أمامهم” : أى كان عدداً كبيرا من الشعب يصعب حصره تبعوا الملك الجديد، معجبين به، ويؤيدونه. ولكن نلاحظ تغير الأحوال، فتذكر نفس الآية (ع16)” أيضا المتأخرون لا يفرحون به” أى فى نهاية حياة نفس الملك الجديد تغير الشعب (المتأخرون) وصاروا غير فرحين به، أى غير راضين عنه.
وقد يكون المقصود بعبارة لا نهاية لكل الشعب، أن الشعب ليس له رأى ثابت، بل يتغير من حين إلى آخر. كل هذا يبين تغير السلطة، وتغير رأى الشعب فى السلطة، وبالتالى فالسلطان والتعلق به أمر باطل وقبض الريح.
يفهم من الآيات السابقة (ع 13-16) ما يلى:
- مكانة الإنسان ليست بسنه، بل بحكمته، فقد يكون ولداً ولكنه حكيم، وقد يكون شيخاً جاهلاً (ع 13).
- ليست مكانة الإنسان أيضا بغناه أو فقره، فقد يكون الفقير حكيما والغنى جاهلاً (ع13).
- أحوال الناس متغيرة والسلطة غير دائمة، فقد يرتفع إنسان من السجن إلى العرش. والعكس صحيح، قد ينزل الملك الجالس على العرش إلى السجن (14).
- العالم مملوء بالمظالم، فقد يكون إنسان حكيماً، وملقى فى السجن ظلماً، وقد يكون جاهلاً وجالساً على العرش (ع 13 ، 14).
- رأى الشعب متغير، فمن يرضى عنه اليوم يرفضه غداً (ع 16)، أى أن محبة الناس متغيرة، والغنى أيضا والسلطة، وهذا يؤكد بطلان العالم.
هذا الكلام المذكور من (ع 13-16) نجده يرمز إلى:
- الأمة اليهودية التى تمسكت بالناموس الحرفى، وفى عناد رفضت المسيح، ولكن المسيح، أى الولد الفقير الحكيم هو الذى ملك على قلوب البشرية بفدائه وصليبه.
- كل شهيد كان فى سجن الجسد مهاناً مذلولاً، ولكن باستشهاده ارتفعت روحه إلى السماء ليملك إلى الأبد مع المسيح.
وتنطبق هذه الآيات السابقة أيضا على سليمان نفسه، الذى كان ولداً صغيرا، وملك أخوه أدونيا مغتصبا الملك، ولكن اختار الله سليمان ورفعه ليملك على العرش، وهرب أدونيا،وأعطى الله حكمة لهذا الولد الصغير سليمان، الذى كان عمره عشرين عاماً. وتسلط بقوة،وتبعه الشعب، بل خضعت له ممالك العالم. ولكن المتأخرين، أى شعبه فى نهاية أيامه لم يفرحوا به، بدليل تذمرهم وشكواهم إلى ابنه رحعبام الذى ملك بعد موته (1 مل 12: 4).
لا تتعلق برأى الناس، لأنهم يغيرون آراءهم. ولكن اهتم أن ترضى الله، فهو الوحيد الثابت فى رأيه، وليس عنده تغيير، أو ظل دوران. فتمسك بوصاياه ولا تنزعج من أراء الناس وضغوطهم عليك.