الله يكره النفاق
نلاحظ فى الأصحاحات الخمس الأولى من هذا السفر أنه يناقش فكرة مكافأة الأبرار ومصير الأشرار، ويظهر من خلالها أهمية الحكمة فى خلاص الأبرار، وفقدان الأشرار للحكمة.
(1) من يتمتع بالله (ع1-5) :
1أَحِبُّوا الْعَدْلَ، يَا قُضَاةَ الأَرْضِ، وَاعْتَقِدُوا فِي الرَّبِّ خَيْرًا، وَالْتَمِسُوهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. 2فَإِنَّمَا يَجِدُهُ الَّذِينَ لاَ يُجَرِّبُونَهُ، وَيَتَجَلَّى لِلَّذِينَ لاَ يَكْفُرُونَ بِهِ. 3لأَنَّ الأَفْكَارَ الزَّائِغَةَ تُقْصِي مِنَ اللهِ، وَاخْتِبَارَ قُدْرَتِهِ يُثَقِّفُ الْجُهَّالَ. 4إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ، 5لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ.
ع1: اعتقدوا : فكروا.
“أحبوا العدل يا قضاة الأرض” :
- قضاة الأرض هم الشيوخ والمسئولون، والقضاة فى المحاكم، وكل أب، وكل أم، وكل مسئول فى أى مكان، وكل كاهن، وكل خادم، وكل من يرعى غيره.
- هذه الآية تعلن أمراً إلهياً، وهو محبة العدل. والعدل هو الحق والبر. والمقصود أن يحب الناس، العدل، فيحيوا به، ثم يعلنوه لمن حولهم، فيكونون قدوة لغيرهم، ثم صوت الله يسمعه الآخرون، وأخيراً يفصلون فى المشاكل والأمور المختلفة.
“واعتقدوا فى الرب خيراً”
- يأمر السفر أيضاً أن نفكر بالخير فى الله؛ لأن الله هو صانع الخيرات، ويتنافر مع الشر، فهو مصدر كل خير على الأرض.
- إن رأى الإنسان أمراً لا يفهمه من تصرفات الله، فلا يندفع، ويحكم – بإيعاز من الشيطان – أن الله ظالم؛ لأن طبيعة الله الخير، أما الشر، فهو طبيعة الشيطان. فالتجارب الصعبة قد يظن الإنسان فيها أن الله لا يحبه، مع أنه بحكمة يسمح بها لخيره، كما يستخدم الطبيب الدواء المر لعلاج المرضى، فينالون الشفاء.
“والتمسوه بقلب سليم”
- الأمر الثالث فى هذه الآية هو أن يلتمس، أو يطلب الإنسان الله فى كل احتياجاته ويلح عليه؛ لأنه لا يوجد من يحبه مثل الله، وفى نفس الوقت هو قادر على كل شئ، فيستطيع أن يحقق له مطالبه، ويوفى احتياجاته.
- الطلب من الله ينبغى أن يكون بقلب سليم، أى نقى، ليس فيه شر، مثل الكبرياء، أو الإساءة للآخرين، فيكون بقلب يحب الله، ويحب الناس، ويتضع أمام الله، فينال بركاته.
ع2: الله يود أن يظهر نفسه لأولاده الذين يبحثون عنه، ويؤمنون به، ويطردون عنهم كل أفكار الشك، فلا يجربونه، فيستطيعون أن يجدوه، أى يلمسون عمله فى حياتهم، ويشعرون بوجوده معهم، فيتمتعون بعشرته؛ لأن الذين يجربونه يفقدون إحساسهم به، ويحرمون من خيراته، كما فعل بنو إسرائيل فى برية سيناء، فلم يدخلوا أرض كنعان (عد14: 22، 23).
الله يفرح أن يكشف نفسه، ويتجلى بوضوح لأولاده الذين لا يرفضونه بالتذمر، والابتعاد عنه، والتعلق بالآلهة الأخرى، مثل المال، والشهرة، والمركز … فلا يكفرون به، بل يتمسكون به؛ حتى فى الضيقات، فيتجلى بوضوح أكبر فى عمق الضيقة، كما ظهر للثلاث فتية فى أتون النار، وليعقوب أب الآباء الذى صارعه، فنال البركة (تك32: 24-28).
ع3: تقصى : تُبعد.
الأفكار الزائغة هى الأفكار الغريبة، المملوءة مكراً وخداعاً، وهى أفكار إبليس، التى يدسها للبشر، فتبعدهم عن الله. هو يعرض أفكاره على الناس، ولا يجبرهم عليها، ولكنه بإغراءاته يجذبهم إلى أفكاره، فيعتقدون أنها أفكارهم، وينشغلون بها، وبالعالم، ويتركون الله.
وعلى العكس، فاختبار قدرة الله ضابط الكل*، وذلك من خلال التمسك بوصاياه، والرجوع إليه بالتوبة يجعل الجهال مثقفين الثقافة الروحية، فيعرفون الله، ويسلكون باستقامة، كما تكبر نبوخذنصر ملك بابل، فعاقبه الله ضابط الكل بسبع سنوات عاش فيها كالحيوان
(دا3: 25). وهكذا نرى أن الله ضابط الكل استخدم التأديب مع نبوخذنصر، فأعطاه ثقافة روحية وأخرجه من جهله وهو الكبرياء، فرجع إلى الله.
ع4: تلج : تدخل.
المسترق : المستعبد.
تتكلم هذه الآية عن الحكمة كشخص؛ لأن الحكمة هى الله الأقنوم الثانى، فالحكمة لا تدخل النفس التى تسعى فى الشر، وتسلك مثل إبليس بالخداع والمكر، والمقصود بالنفس هنا الروح التى تسلك باعوجاج، ولا تسير بوصايا الله المستقيمة، وبالتالى لن تتمتع بحلول الله داخلها، ولا ببركاته من حكمة وفهم سليم.
أيضاً الحكمة لا تقبل أن تحل فى إنسان أسلم جسده للشهوات الشريرة، وصار عبداً للخطية؛ لأن الإنسان ينبغى أن يكون نقياً؛ روحاً وجسداً؛ حتى يحل الله فيه، وقد أعلن المسيح فى العهد الجديد : “وقال طوبى لأنقياء القلب؛ لأنهم يعاينون الله” (مت5: 8).
ع5: السفيهة : التافهة والطائشة.
روح التأديب القدوس هو الروح القدس، الذى يهرب، أى يتنافر ويبتعد عن الغش، أى عن كل إنسان يسلك بالخداع والغش؛ لأن الإنسان الذى يسلك بالغش هو متباعد عن الله، ورافض له، وبالتالى لا يعمل فيه روح الله.
وإذا وجد روح الله إنساناً يفكر فى أفكار العالم التافهة، والطائشة، لا يعمل فيه أيضاً؛ لأنه منغمس فى العالم، ولا يريد أن يحيا مع الله.
وإذا وجد روح الله الإنسان يعمل الإثم والخطية، فيتوقف عمله أمام الشر، أى لا يعمل فيه روح الله؛ لأن الإنسان قد اختار الخطية والإثم بدلاً من الخضوع لله.
ولذا فالعهد الجديد يحذرنا من رفض عمل الروح القدس فيقول : “لا تطفئوا الروح”
(1تس5: 19)، وأيضاً “لا تحزنوا الروح” (أف4: 30).
إن روح الله يريد أن يعمل فيك، وهو يحترم حرية إرادتك، هو يقرع على باب قلبك، فافتح له؛ لأنه إن لم تفتح له، فلن يدخل. وإذا سلكت فى الشر بإصرار، فأنت تبعد الله عنك، وتسلم نفسك لإبليس. إن سقطت فى الخطية فتب سريعاً، واطلب معونة الله، فيعمل فيك بروحه القدوس، وينقذك من كل ما سقطت.
(2) الله عالم بكل شئ (ع6-8):
6إِنَّ رُوحَ الْحِكْمَةِ مُحِبٌّ لِلإِنْسَانِ؛ فَلاَ يُبَرِّئُ الْمُجَدِّفَ مِمَّا نَطَقَ، لأَنَّ اللهَ نَاظِرٌ لِكُلْيَتَيْهِ وَرَقِيبٌ لِقَلْبِهِ لاَ يَغْفُلُ وَسَامِعٌ لِفَمِهِ. 7 لأَنَّ رُوحَ الرَّبِّ مَلأَ الْمَسْكُونَةَ، وَوَاسِعَ الْكُلِّ عِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ كَلِمَةٍ.
8فَلِذلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ نَاطِقٌ بِسُوءٍ، وَلاَ يَنْجُو مِنَ الْقَضَاءِ الْمُفْحِمِ،
ع6: يعلن الكتاب المقدس محبة الله للإنسان ولخلاصه من كل شر؛ لذا فهو يلاحظ بدقة كلمات الإنسان إذا أخطأ، فكل كلام شرير هو ضد الله وتجديف عليه، إذ يخرج الإنسان عن كونه صورة الله. والله أيضاً يلاحظ قلبه ونياته الداخلية، وليس فقط فمه، فالله عالم بكلمات الفم، ونيات القلب؛ حتى يقوده للتوبة، ويستعيد نقاوته، فيتمتع بأبوة الله، ومحبته.
والخلاصة، أن روح الله يحب الإنسان البار ليمجده، والإنسان الشرير؛ لينقيه بالتأديب؛ حتى يتوب، فيمجده أيضاً مع البار؛ لأن المسيح صُلب على الصليب؛ لأجل تبرير الكل، عندما يؤمنون ويتوبون.
ع7: الله غير المحدود يملأ كل مكان وزمان ويحتضن الكل، وهو يتخلل كل شئ، فعلمه كامل لكل ما بداخل البشر، وهذا معناه أن الله يهتم بكل إنسان، فيبارك البار، ويجازى
الأشرار.
ع8: المفحم : الذى تعجز أمامه كل حجة.
ينتج عن علم الله الكامل أمران :
- يطمئن كل أولاد الله أنه ضابط الكل، ومحبته تحوطهم فى كل حين، فلا يضرهم شر العالم، إذ “كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله” (رو8: 28).
- مخافة الله تصير أمام كل إنسان، فهو يراقب كل شرورنا، ويجازى كل واحد عن أخطائه، وحكمة الله تفحم، أى تسكت كل إنسان، لأنها حكمة كاملة، وتعاقب الخاطئ عن خطاياه بالضيق والتعب فى هذه الحياة، ثم العذاب الأبدى، وهذه المخافة تدعو الإنسان للتوبة ورفض الخطية.
أشكر الله على عطاياه، واسعى فى عمل الخير. فالله لا ينسى تعب محبتك، وهو يراقب كل أفعالك ليباركك، وإن اخطأت أسرع إلى التوبة، ليسامحك، ويبررك، فهو يحبك، وأعد لك الملكوت.
(3) خطورة النفاق (ع9-11):
9 لكِنْ سَيُفْحَصُ عَنْ أَفْكَارِ الْمُنَافِقِ، وَكُلُّ مَا سُمِعَ مِنْ أَقْوَالِهِ يَبْلُغُ إِلَى الرَّبِّ فَيُحْكَمُ عَلَى آثَامِهِ،
10لأَنَّ الأُذُنَ الْغَيْرَى تَسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَصِيَاحُ الْمُتَذَمِّرِينَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهَا. 11فَاحْتَرِزُوا مِنَ التَّذَمُّرِ الَّذِي لاَ خَيْرَ فِيهِ، وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الثَّلْبِ؛ فَإِنَّ الْمَنْطُوقَ بِهِ فِي الْخُفْيَةِ لاَ يَذْهَبُ سُدًى، وَالْفَمَ الْكَاذِبَ يَقْتُلُ النَّفْسَ.
ع9: ثم يتكلم عن المنافق، أى الشرير، وفى ترجمة أخرى الكافر، أى الذن لا يؤمن بالله، فيتمادى فى خطاياه. فالمنافق هو الذى يظهر غير ما يبطن، ولكن يعلن الله ضابط الكل أن كل أفكار المنافق الداخلية يفحصها، وكل أقواله التى يعلنها، أو يقولها خفية يسمعها الله، وبالتالى سيجازيه عن أفكاره، وأقواله، وأعماله الشريرة.
ع10: الغيرى : التى تغار وهى من الغيرة.
ويغار الله أيضاً على مجده (خر20: 5)، ويعلن الكتاب المقدس غيرة الله على أولاده، مشبهاً الله بعريس يغار على عروسه، فيعلن أن أذن الله التى تغار على أولاده تنصت باهتمام لكل كلامهم، ويظهر أن كلام التذمر هو تذمر على الله، وليس فقط على الآخرين، أو الظروف المحيطة،وهو فى أذن الله كصياح عظيم، ويضايقه جداً، إذ معناه تعلق قلوب أولاده بالعالم، وتحولهم عنه، وهو أبوهم، وعريسهم الحقيقى.
ع11: احترزوا : احترسوا.
الثلب : الإدانة والنميمة.
سدى : بلا فائدة، أو مجازاة.
ويبين أن خطية التذمر هى من إبليس الشرير، وليس فيها خير للإنسان. والتذمر يقود إلى الثلب، أى كلام الإدانة، الذى غالباً ما يقوله الإنسان فى الخفاء، وهذه طبيعة الشر، أن لا يظهر فى النور، بل يميل إلى الظلام؛ حتى لا يحكم عليه. والتمادى فى الإدانة يجعل الإنسان يختلق كلاماً غير حقيقىٍ، أى أكاذيب، وهذه تعتبر خطية قتل، لمن ندينهم، وهذا ما يسمى بالقتل الأدبى، أى الإساءة للآخرين، وقتل أنفسنا أيضاً، إذ تصير مظلمة، بعيدة عن كل خير، فاقدة لله الذى هو الحياة.
إن الله يناديكِ يا نفسى، ليسكن فيكِ، ويملأكِ فرحاً، فتحبى الحياة، وكل إنسان، وتترفقى بالجميع، وتلتمسى الأعذار للكل.
(4) الموت للأشرار والخلود للأبرار (ع12-16):
12لاَ تَغَارُوا عَلَى الْمَوْتِ فِي ضَلاَلِ حَيَاتِكُمْ، وَلاَ تَجْلُبُوا عَلَيْكُمُ الْهَلاَكَ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ،
13إِذْ لَيْسَ الْمَوْتُ مِنْ صُنْعِ اللهِ، وَلاَ هَلاَكُ الأَحْيَاءِ يَسُرُّهُ. 14لأَنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَ الْجَمِيعَ لِلْبَقَاءِ؛ فَمَوَالِيدُ الْعَالَمِ إِنَّمَا كُوِّنَتْ مُعَافَاةً، وَلَيْسَ فِيهَا سُمٌّ مُهْلِكٌ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْجَحِيمِ عَلَى الأَرْضِ، 15لأَنَّ الْبِرَّ خَالِدٌ.
16لكِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ اسْتَدْعَوُا الْمَوْتَ بِأَيْدِيهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ. ظَنُّوهُ حَلِيفًا لَهُمْ فَاضْمَحَلُّوا، وَإِنَّمَا عَاهَدُوهُ لأَنَّهُمْ أَهْلٌ أَنْ يَكُونُوا مِنْ حِزْبِهِ.
ع12: الغيرة على الموت تشبه غيرة العريس على عروسه، فيسعى نحوها؛ ليحتفظ بها لنفسه، وليس لآخر، هكذا من يغير على الموت، أى يسعى نحوه.
والسعى نحو الموت هو السعى وراء الخطية، التى يكون نتيجتها الموت. وهذا السعى أيضاً يكون بالفكر، والمشاعر، والكلام، والعمل؛ هذه هى أعمال الضلال، التى تنهينا الآية عنها؛ لأننا أولاد الله، ونسعى فى طريق البر، وليس فى طريق الضلال والموت.
هذا الضلال هو تصديق الشيطان الذى يشككنا فى الله، ويحسن الخطية فى نظرنا، فنسقط فيها، ونهلك بفعل أيدينا.
ع13: لم يكن الموت هو تدبير الله، وهدفه من خلقة الإنسان، إذ كان يريد أن يحيا الإنسان معه فى الفردوس الأول، ويتمتع بالبر، ولا يسقط فى الخطية، ولكن سعى الإنسان نحو الخطية، وأكل من الشجرة، فحكم عليه بالموت، كما يقول القداس الغريغورى: “وأنا اختطفت لى قضية الموت”، فلم يسر الله بهلاك الإنسان، ودبر خلاصه بالفداء فى ملء الزمان.
ع14: الله عندما خلق الإنسان خلقه للبقاء معه إلى الأبد، وكونه نقياً على صورته، ومعافى، وليس فيه سم الخطية المهلك، كما يقول القديس باسيليوس فى قداسه : “الذى جبل الإنسان على غير فساد، ولم يكن للجحيم سلطان، أو ولاية عليه، بل على العكس كان معداً له أن يحيا فيه إلى الأبد مع الله.
ع15، 16: حليفاً : مسانداً ومناصراً.
إضمحلوا : فنوا وانتهوا.
الله خلق الإنسان باراً ليخلد إلى الأبد، ولكن الأشرار المنافقين سعوا نحو الخطية، وبالتالى استحقوا عقابها، وهو الموت، أى أنهم استدعوا الموت، وطلبوه لانغماسهم فى شهواتهم، وكلامهم الشرير.
وقد ظن الأشرار أن الشهوات، والموت الناتج عنها سيسندهم، وينصرهم، ويريحهم، فلم يريحهم الموت، ولا الشهوات، بل أبعدتهم عن الله، وصاروا فى حزب، الشهوات والشر والهلاك الناتج عنهما.
من يتحالف مع الشيطان ظناً منه أنه سيكسب شيئاً، أو يستريح بالشهوات الشريرة، فإنه يحكم على نفسه بالهلاك مع الشيطان فى العذاب الأبدى.
يظهر من هاتين الآيتين، وما قبلهما أن الله يحترم إرادة الإنسان، ولا يجبره أن يحيا معه فى البر. فإن رفض الإنسان محبة الله، وعطاياه حينئذ يكون قد اختار العذاب والهلاك لنفسه. هل رأيت يا أخى كيف يحبك الله ويريدك أن تحيا معه إلى الأبد، والطريق لذلك هو البر، فلماذا تحب الخطية التى نتيجتها الحتمية الموت؟ هل من الحكمة أن تحب الموت أكثر من الحياة ؟ وتحب الخطية أكثر من الله ؟ أنت ابن الله، ولا تستريح فى الخطية، مهما خدعتك بلذتها، ففيها سم الموت. فإن سقطت قم سريعاً. إن أحضان أبيك السماوى مفتوحة لك بالحب، فتستعيد مكانك مثل الابن الضال.