الوحشــــان
مقدمة عامة : يتحدث هذا الأصحاح عن وحشين هما أتباع التنين العظيم المذكور فى (ص12)، ويشكلان معه ثالوثًا كل غرضه إهلاك وضلال الناس. ولما كان التنين حربه الأولى فى السماء فالوحشان أتباعه أحدهما (خرج من البحر) وثانيهما (من الأرض) فى كناية عن شدة حرب الشيطان وشمولها …!!
(1) الوحش الصاعد من البحر (ع1-10):
1ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ. 2وَالْوَحْشُ الَّذِى رَأَيْتُهُ كَانَ شِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ. وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا. 3وَرَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْ رُؤُوسِهِ، كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِىَ. وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ، 4وَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ الَّذِى أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ: «مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟» 5وَأُعْطِىَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ، وَأُعْطِىَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا. 6فَفَتَحَ فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى اللهِ، لِيجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ، وَعَلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِى السَّمَاءِ. 7وَأُعْطِىَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ، وَأُعْطِىَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ. 8فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً، مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، فِى سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِى ذُبِحَ. 9مَنْ لَهُ أُذُنٌ، فَلْيَسْمَعْ. 10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجْمَعُ سَبْيًا، فَإِلَى السَّبْىِ يَذْهَبُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ، فَيَنْبَغِى أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ؛ هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإِيمَانُهُمْ.
ع1: وقفت على رمل البحر : تمهيد بأن ما سوف يراه قادمًا من البحر، والرمل يشير للإهتزاز وعدم الثبات، والبحر إلى الإضطراب وأمواجه إلى جموع الأشرار.
رأيت وحشًا : خرج من البحر كائن، وصفه بأنه وحش لشدة شره.
له سبعة رؤوس وعشرة قرون : أنظر شرح التنين فى الأصحاح السابق (ع3)، وما يلفت نظرنا هو تطابق شكل هذا الوحش مع التنين، وهذا يعنى تطابق أهدافهما ونواياهما وشراستهما أيضًا.
يرى بعض المفسرين أن السبعة رؤوس والعشرة قرون هى سبعة أمم وعشرة ملوك متتاليين ينصرون الشيطان ويبسطون سلطانه، ويدللون على ذلك بالتيجان التى فوق رؤوسه والتى لا يلبسها غير الملوك، ومنهم من شرح بأن العشرة قرون وتيجانها هم العشرة أباطرة الرومان فى حربهم للكنيسة، بدءًا بنيرون ونهايةً بدقلديانوس، وهى أسوأ فترة إضطهاد شهدتها الكنيسة كلها.
على رؤوسه اسم تجديف : أيَّا كان هذا الوحش فهدفه الذى يكشفه الله لنا هو التجديف على اسم الله العلى بغرض تضليل الناس.
ع2: شبه نمر : فى سرعة إنقضاضه وشراسته وغدره، فالنمر حيوان يفترس أى شئ حتى لو لم يكن جائعًا.
قوائمه كقوائم دب : الدب حيوان هائل ثقيل الوزن ويسير أحيانًا على أربع ويقف أحيانًا أخرى على رجليه (قوائمه) الخلفيتين… والمعنى أن الوحش كالدب عندما يعلن عن قوته واقفًا ومرتكزًا على رجليه القويتين.
فمه كفم أسد : أى بقوة فكه إذا أطبق على فريسة.
وأعطاه التنين : أى أن رئيس الشياطين أعطى هذا الوحش أو هذه الممالك كل قوته وسلطانه فى الحرب ضد الكنيسة وأولاد الله.
ع3، 4: رأيت واحدًا من رؤوسه : أى أحد السبعة رؤوس.
كأنه مذبوح : أى إنه لم يذبح ولكنه يمثل تمثيلية ليضلّ الناس فيدَّعى الضعف لغرض فى نفسه سوف نعرفه.
جرحه المميت قد شفى : أى ما ظنه العالم فيه من موت لم يكن حقيقيًا، إذ قام مرة أخرى بقوة أدهشت جميع سكان الأرض حتى أنهم قدموا للشيطان وأتباعه السجود والعبادة والإقرار بأنهما القوة الحقيقية التى لا تقهر.
أما المعنى الروحى لهذين العددين هو أن الشيطان ربما يدَّعى الضعف فترة وجيزة حتى يخدع أولاد الله لعلّهم يتهاونون فى جهادهم، ثم يقوم بشدة مرة أخرى محاولاً إفتراسهم ويستعرض قوته حتى يجعل العالم يتبعه بالأكثر ويزداد فى ضلاله وإنكاره لقوة الله.
? إحذر أيها الحبيب، فلا هدنة مع العدو فى جهادك وأيام غربتك، ولا تندهش بالآيات أو المعجزات التى قد يأتى بها الشيطان حتى يضلك ولو تشبه بالمسيح فى موته وقيامته، فليس له غرض سوى هلاكك.
ع5: أعطى فما : أى قوته ليست من ذاته بل الله سمح بأن يستخدم هذه القوة التى وهبها له الشيطان.
عظائم وتجاديف : أى كل ما يجذب الناس من جهة وكل ما يشككهم فى الله من جهة أخرى.
أعطى سلطانًا : كل شئ بسماح من الله.
إثنين وأربعين شهرًا : أى ثلاث سنوات ونصف وهى زمن غربة الكنيسة فى البرية (ص12: 6)، إلا أن هذه المدة هى مدة محددة كما أن سلطان الشيطان مهما بلغت شدته فهو محدود أيضًا.
أعطى الشيطان للوحش البحرى قوة ليجدِّف على الله فسمح الله بذلك لمدة محدودة، هى 42 شهرًا.
ع6: فتح فمه بالتجديف على الله : يجدف على اسم الله أى يوجه الإهانات إلى اسم الله، أو معناها أيضًا أنه يأخذ من ألقاب الله وينسبها لذاته.
على مسكنه : أى يهزأ بالكنيسة ويجعل العالم يسخر بها.
الساكنين فى السماء : يشكك الناس فى الأبدية والحياة الأخرى بأفكار الإلحاد والتشكيك العقلى.
المعنى العام إنه يحارب بلا إستكانة فى جميع الجبهات فهو يهاجم اسم الله ويتعدى عليه ويهاجم أيضًا كنيسته وأولاد الله الساكنين معه وأيضًا يسخر بالسماء والحياة الأبدية.
أخى الحبيب : أليس هذا ما يحدث الآن حولنا فى العالم من نجاح للشيطان فى الهجوم على الله وكنيسته فيما يسمونه العالم المتحضر؛ فالعالم فى بقاع كثيرة الآن يدَّعى أن الله مجرد أسطورة فى أذهان الناس، وكثير من الدول الأوربية تعلن الآن بكل فخر أنها دول علمانية لا علاقة لها بالدين أو المسيحية… فليتنا نتعلم أن نصلى من أجل خلاص العالم ودحض قوة الشيطان الشرير.
ع7: سمح أيضًا الله للوحش أن يحارب أولاد الله أى القديسين.
يغلبهم : أى يقتل من لا يسجد لـه وهى غلبة ظاهرية ولكن هذا لا ينقص شيئًا من خلاصهم وميراثهم السماوى.
كل قبيلة ولسان وأمة : أى انتشار ضلاله وتجديفه وحربه فى العالم كله.
ع8: من قوة هذا الوحش أن الجميع سيخضعون له ويعبدونه ويسجدون له عدا أولاد الله.
أسماءهم مكتوبة : أى أن أولاد الله المعروفين لديه والذى بسابق علمه ومعرفته لجهادهم وتمسكهم بالإيمان به ومقاومتهم للشيطان حفظ أسماءهم فى كتاب سفر الحياة، وكتاب سفر الحياة هذا أى الخلاص الأبدى نُسب إلى الخروف المذبوح وذلك لأنه لا يوجد خلاص ولا أبدية خارج الإيمان بدم المسيح.
من قوة هذا الوحش سيعبده الكثيرون المحكوم عليهم بالموت الأبدى، أى الذين لم يؤمنوا ويتمتعوا بخلاص المسيح ولم يُكتَبوا فى سفر الحياة.
ع9: من له أذن فليسمع : تنبيه لأهمية ما قيل وجذب الإنتباه لما هو قادم.
ع10: هذه الآية تمثل نهاية الحديث عن الوحش الأول بكل قوته، والكلام هنا عن مجازاة الله النهائية لهذا الوحش وممالكه، ومعناها العام أن المعاملة والدينونة بالمثل … فكل من أتى به الوحش سوف يرتد عليه.
إلى السبى يذهب : أى أنه كما سبى وأسر الكثيرين، ستكون نهايته السجن والقيود فى الهاوية.
ينبغى أن يقتل بالسيف : لابد من عدل الله فى النهاية وقصاصه لأن نهاية هذا الوحش هى الهلاك.
(2) الوحش الثانى (النبى الكذاب) (ع11-18):
11ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأَرْضِ، وَكَانَ لَهُ قَرْنَانِ شِبْهُ خَرُوفٍ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ، 12وَيَعْمَلُ بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ أَمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأَرْضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِى شُفِىَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ، 13وَيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إِنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاسِ، 14وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِى أُعْطِىَ أَنْ يَصْنَعَهَا أَمَامَ الْوَحْشِ، قَائِلاً لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِى كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ. 15وَأُعْطِىَ أَنْ يُعْطِىَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ يُقْتَلُونَ. 16وَيَجْعَلَ الْجَمِيعَ: الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جِبْهَتِهِمْ، 17وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِىَ أَوْ يَبِيعَ إِلاَّ مَنْ لَهُ السِّمَةُ، أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ، أَوْ عَدَدُ اسْمِهِ. 18هُنَا الْحِكْمَةُ، مَنْ لَهُ فَهْمٌ، فَلْيَحْسِبْ عَدَدَ الْوَحْشِ فَإِنَّهُ عَدَدُ إِنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ: سِتُّ مِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ.
ع11: الكلام هنا عن الوحش الثانى والعدو الثالث وما يميزه عن التنين والوحش الأول:
طالع من الأرض : الأرض ترمز هنا للدنو والانحطاط وهو ما يتناسب مع وصف الطالع منها.
له قرنان شبه خروف : أى أنه يتظاهر بوداعة الحملان فيكون كلامه ناعمًا ورقيقًا وجذابًا.
يتكلم كتنين : أى عندما فتح فاه وظهرت أفكاره الحقيقية … تأكد الجميع من قسوته وكونه وحشًا كسابقه لا يريد إلا إهلاك الجميع.
أجمع كل المفسرين على أن هذا الوحش هو النبى الكذاب الذى يأتى فى زمن الحملان، كما حذر السيد المسيح تلاميذه (مت7: 15)، وقد كان “يتكلم” أى استخدم المنطق والكذب فى تضليل الناس إلا أن كل من يملك إفرازًا روحيًا وإيمانًا سليمًا يستطيع بسهولة أن يكشف ضلاله.
ع12: يعمل بكل سلطان الوحش الأول : أى لـه نفس قوة الوحش الأول فى الإيذاء والإفتراس.
أمامه : يكرس كل جهوده لخدمة الوحش الأول أى الدجال.
بما لـه من سلطان وقوة وقدرة على الخداع، استطاع هذا الوحش أن يجعل جموع البشر يسجدون ويعبدون الوحش الأول. والمعنى الذى نستطيع الخروج به هو أن مملكة الشر بكل شياطينها تعمل فى تنسيق وتساعد بعضها البعض، إذ هى مملكة واحدة مظلمة وهدفها الواحد هو إبعاد الناس عن الله وإهلاكهم.
ع13، 14: يصنع آيات عظيمة : يأتى بسحره وسلطانه بما يعتقده الناس معجزات خارقة حتى أنه تشبه بما صنعه إيليا عندما أنزل نارًا من السماء (1مل18)، مع الفارق بالطبع لأن إيليا أعلن قوة الله أما الوحش فيضلّ الناس، والغرض من كل هذه الأعمال هو الإبهار والتخويف حتى يخضع الناس لهذا الكاذب ويصدقونه فتأتى الخطوة الثانية، التى ظهر هذا الوحش من أجلها وهى قيادة الناس بل أمرهم وإجبارهم على عبادة الدَّجال أى الوحش الأول.
يصنعوا صورة للوحش : أى استبدال عبادة الله بعبادة الشيطان أو محو صورة الله من أذهان الناس فلا تبقى سوى صورة الدَّجال فى الأذهان.
الذى كان به جرح السيف وعاش : الوحش الأول أى الدَّجال (ع3).
يصنع الوحش الطالع من الأرض معجزات مثل إنزال نار من السماء لإبهار الناس وتخويفهم حتى يعبدوا الوحش البحرى.
ع15: تمكن هذا الشرير (الوحش الأرضى) من تضليل الناس وإقناعهم بقوة الوحش الأول (الدَّجال) وأنه هو الإله الحقيقى وجعل له صورة أو شكلاً أو ربما بقوة السحر جعل صورته تتكلم وتنطق، فآمن الناس به وكل من رفض وتمسك بالإيمان السليم قُتِلَ فى اضطهاد عظيم.
ع16: كما ختم الله عبيده الأمناء بالروح القدس أى بمسحة الميرون المقدس، هكذا أيضًا صنع الوحش مع أتباعه من جميع الأجناس والأعمار والفئات، وكانت هذه العلامة :
أ ) على يدهم اليمنى : أى ملك على إرادتهم فاليد تمثل الإرادة.
ب ) على جبهتهم : أى سيطر أيضًا على عقولهم وأفكارهم.
ويمكن القول أيضًا أن بامتلاكه ليد الإنسان لا يستطيع أن يرفع يده برشم علامة الصليب على جبهته حتى يحرر رأسه من افكار الشيطان وسلطانه.
ع17: لسيطرة الشيطان على الناس، أصبح من الصعب على من يرفض علامته، أى أولاد الله، أن يعيشوا حياتهم ويحصلوا على ضرورياتهم لرفض الأشرار أن يتعاملوا معهم.
اسم أو سمة الوحش : العلامة التى تميز أتباعه.
عدد اسمه : سيشرح فى العدد التالى.
ع18: هنا الحكمة : أى أن معرفة شخصية الوحش وعدم الإنخداع به وبكل ما يأتيه تتطلب حكمة كبيرة مصدرها الله ولا تُعطَى إلاّ للأمناء الذين تمسكوا بالإيمان السليم.
عدد الوحش .. عدد إنسان .. ست مئة وستة وستون : هذا العدد (666) أجهد كل المفسرين (دون جدوى) فى محاولة الوصول لاسم الوحش، ونسبوا الرقم للحروف العبرية تارة واليونانية تارة أخرى وخرجوا جميعهم باستنتاجات مختلفة لم تفسر شئ، لأن الاسم أساسًا مخفى عن البشر وإلا كان الله قد أعلنه لهم، وبعد استعراض كل آراء الآباء الأولين فى تفسيرهم تستوجب الأمانة منا أن نأخذ بالتفسير الروحى دول الدخول فيما نجهله، فرقم 6 هو رقم ناقص أمام رقم 7 الذى يشير للكمال أو رقم 8 الذى يشير للأبدية وبالتال يمكننا القول أن الله يريد أن يطمئنَّا بأن الوحش الأول والثانى وقبلهما التنين بكل ما استطاعوا فعله والإتيان به إنما هو ناقص وقاصر أمام الكمال الإلهى ولم يأتِ أى منهم بشئ إلا بسماح من الله وبحكمته.
? أراد الله أن يكشف لنا طبيعة الشيطان فظهر لنا كتنين أو وحش قاس ومخادع … وليس لنا نجاة سوى الإحتماء باسم الله وذلك بندائـه ومنـاجـاتـه “فاسم الرب برج حصين” (أم18: 10) والمداومة على الإتحاد به من خلال التناول من الأسرار المقدسة فتكون لنا به النصرة على الوحش وكل مملكته.