شريعة النذور والبركة الكهنوتية
مقدمة الأصحاح : بعد أن أعلن الله رعايته لشعبه وتم عده وحصره، وصار لكل منهم اسمًا (راية) معروفًا به لله ومسكنًا حول بيته (الخيمة) أو عملاً بداخلها؛ يدخل بنا الله من خلال هذا الأصحاح فى علاقة أكثر خصوصية كما سنرى.
(1) إلتزامات النذير مدة نذره (ع1-12):
1وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى قائلاً: 2«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا انْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ النَّذِيرِ لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ 3فَعَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ وَلا يَشْرَبْ خَل الخَمْرِ وَلا خَل المُسْكِرِ وَلا يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ العِنَبِ وَلا يَأْكُل عِنَباً رَطْباً وَلا يَابِساً. 4كُل أَيَّامِ نَذْرِهِ لا يَأْكُل مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ الخَمْرِ مِنَ العَجَمِ حَتَّى القِشْرِ. 5كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ التِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّساً وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ. 6كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لا يَأْتِي إِلى جَسَدِ مَيِّتٍ. 7أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لا يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لأَنَّ انْتِذَارَ إِلهِهِ عَلى رَأْسِهِ. 8إِنَّهُ كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. 9وَإِذَا مَاتَ مَيِّتٌ عِنْدَهُ بَغْتَةً عَلى فَجْأَةٍ فَنَجَّسَ رَأْسَ انْتِذَارِهِ يَحْلِقُ رَأْسَهُ يَوْمَ طُهْرِهِ. فِي اليَوْمِ السَّابِعِ يَحْلِقُهُ. 10وَفِي اليَوْمِ الثَّامِنِ يَأْتِي بِيَمَامَتَيْنِ أَوْ بِفَرْخَيْ حَمَامٍ إِلى الكَاهِنِ إِلى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ 11فَيَعْمَلُ الكَاهِنُ وَاحِداً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَالآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهُ مَا أَخْطَأَ بِسَبَبِ الميِّتِ وَيُقَدِّسُ رَأْسَهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ. 12فَمَتَى نَذَرَ لِلرَّبِّ أَيَّامَ انْتِذَارِهِ يَأْتِي بِخَرُوفٍ حَوْلِيٍّ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ وَأَمَّا الأَيَّامُ الأُولى فَتَسْقُطُ لأَنَّهُ نَجَّسَ انْتِذَارَهُ.
ع1، 2: انفرز : انفرد وتميز بسلوك وتصرفات خاصة عن باقى الجماعة.
حدّد الله لموسى واجبات الإنسان، رجلاً كان أو امرأة إذ لا فرق بينهما روحيًا، إذا قدم نفسه نذرًا للرب. وكان النذير إما يكون باختيار الرب مثل شمشون ويوحنا المعمدان أو ينذر الإنسان ابنه مثل صموئيل، أو بأن ينذر الإنسان نفسه للرب مدة من الزمن، يقول التلمود أنها لا تقل عن شهر مثل بولس الرسول؛ أما المفهوم الروحى للنذير فهو أن يعتزل النذير ملذات العالم ويتنسك ويتفرغ بالكلية لخدمة الله وهى شريعة اختيارية لمن يريد.
ع3، 4: جفنة الخمر : كرمة أو شجرة العنب.
العَجَم : بذر العنب.
الخمر : يقصد به نتاج الكرمة.
المسكر : خمرًا قديمًا (معتق) أو زادت فيه نسبة الكحول فصار أشد تأثيرًا.
خل الخمر أو المسكر : الخمر إذا تعرض لعوامل جوية معينة قد يفسد ويصير طعمه قريبًا من الخل ولكنه لا يفقد تأثيره .. وكان هذا الخل يشربه الفقراء لرخص ثمنه.
كان الالتزام الأول الذى يلتزم به النذير هو عدم الاقتراب من الخمر وكل ما يتعلق بها نهائياً. فالخمر تشير إلى أفراح العالم وشهوات الجسد، وعلى من يتكرس إذًا أن يفطم قلبه عن ملذات العالم وشهواته؛ وهو الحال الذى ينبغى أن يكون عليه كل مسيحى، فقد متنا بالمعمودية عن العالم وصرنا مكرسين أى نذيرين للمسيح. وقد جاء التحريم أيضًا على العنب الرطب أى الطازج أو الزبيب أى العنب اليابس بالرغم من أنهما من الفاكهة الطبيعية، ولكن لأنهما المصدر الذى يأتى منه الخمر منعهما الله عن النذير، فى إشارة واضحة للإنسان الروحى، فليس كافيًا ألا يخطئ الإنسان بل عليه أيضًا أن يبتعد عن مصادر الشر أو الخطية.
ومن أجل توصيل هذا المفهوم يضيف الله فى كلامه لموسى أنه يجب على النذير ألا يأكل أيضًا من الكرمة ذاتها أى ثمرة العنب أو بذارها.
? لنلاحظ سوياً مدى حرص الله على مكرسيه ومحبى اسمه القدوس، فهو يمنعهم من الاقتراب لجذور أو أصول الشر، لأن الله جابلنا يعلم تمامًا أننا جميعًا تحت الحرب وقابلين للتأثر والإغراء.. فاهرب أيها الحبيب من كل ما يعطل خلاص نفسك.
ع5: أما الالتزام الثانى على النذير فكان ألا يحلق شعره طوال فترة نذره فى علامة واضحة أمام الجميع أنه مكرس ومخصص للرب فى فترة نذره، ولأن قص الشعر كان علامة لزينة الرجل فيأتى إطلاق الشعر علامة عن الزهد وعدم الاهتمام بالمظهر الشخصى.
ع6، 7: الإلتزام الثالث هو عدم لمس ميت، لأنه يرمز للمس الخطية ونتائجها كما جاء فى (ص5: 2) وهذا يشمل حتى الأهل المقربين مثل الأب والأم والإخوة والأخوات … وهذا الالتزام يشمل أيضًا عدم دخول خيمة المتوفى وعدم الاشتراك فى تشييع جنازته. والمعنى المقصود كما جاء فى تحريم الخمر هو الابتعاد عن كل ما يتصل بالخطية.
لأن انتذار إلهه على رأسه : أى أن شعره المطلق هو شهادة وعلامة لتكريسه الكلى لله. فعليه ألا ينسى ذلك.
ع8: على المكرس أن يظل محترسًا هكذا طوال مدة نذره ولا ينسى أنه مقدس أى مخصص للرب وأن هذا النذر لـه التزامات عليه أن يحيا بها … والموضوع يشملنا نحن أيضًا، فالميرون الذى مُسِحْنَا به جعل منا مسكنًا للروح القدس، أى تم تخصيصنا لله ولهذا كان علينا الاحتراس والابتعاد عن الشر وشبه الشر؛ حتى لو كان مصدره أقرب الناس إلينا، فلا تهاون أو مجاملة مع الخطية إطلاقًا.
ع9: جاءت الأعداد من (9-12) تتحدث عن العلاج الواجب على النذير إذا تنجس عرضًا وبدون قصد؛ فإذا مات أحد بخيمته دون علامات موت سابقة فلم يحترس ويبعد، يصير نجسًا وكذلك نذره “رأس انتذاره” فعليه أن يتمم شريعة التطهير فى اليوم السابع والتى تشمل كل من لمس ميتًا إلا أنه عليه أن يحلق شعر رأسه فى إشارة إلى أن أيام نذره السابقة غير محسوبة.
ع10، 11: بالرغم من أن نجاسته جاءت كشئ عارض، ألزمه الله بأن يأتى للكاهن بعد حلق شعره بيوم، أى فى اليوم الثامن بفرخى حمام أو يمامتين، وهى أرخص الذبائح، ليقدم الكاهن أحد الفرخين ذبيحة خطية والآخر محرقة لأنه بدون سفك دم لا تحدث مغفرة لخطية نجاسته وبطلان نذره، أما ذبيحة المحرقة فهى رائحة سرور واسترضاء لله، وهكذا يتم الصفح عن خطيته الغير مقصودة.
يقدس رأسه فى ذلك اليوم : أى يصير جاهزًا لإعادة تربية شعره وبدء نذره من أوله فى ذلك اليوم الثامن.
ع12: خروف حولى : خروف عمره عام.
الأيام التى تنجس فيها بسبب ميت سقطت كلها من نذره وعليه أن يبدأ نذره من جديد، وفى أول أيام إعادة نذره يأتى بخروف عمره سنة ويقدمه ذبيحة إثم أول أيام نذره الجديد … والمعروف أن ذبيحة الإثم كانت تقدم عن الخطايا الحادثة سهوًا من الإنسان وبعد هذه التقدمة يقبل الله منه نذره الجديد.
? ليتنا نتعلم من شريعة النذير شيئين هامين، الأول هو الهرب من الخطية فنحتمى من نتائجها، والشئ الآخر هو ضرورة الاعتذار لله وللناس عن أخطائنا العارضة أو السهوية فهذا يعلمنا الاتضاع من جهة ويطيب قلوب من أخطأنا فى حقهم من جهة أخرى.
(2) ما يحدث عند اكتمال النذر (ع13-21):
13«وَهَذِهِ شَرِيعَةُ النَّذِيرِ: يَوْمَ تَكْمُلُ أَيَّامُ انْتِذَارِهِ يُؤْتَى بِهِ إِلى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ 14فَيُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ لِلرَّبِّ خَرُوفاً وَاحِداً حَوْلِيّاً صَحِيحاً مُحْرَقَةً وَنَعْجَةً وَاحِدَةً حَوْلِيَّةً صَحِيحَةً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً صَحِيحاً ذَبِيحَةَ سَلامَةٍ 15وَسَل فَطِيرٍ مِنْ دَقِيقٍ أَقْرَاصاً مَلتُوتَةً بِزَيْتٍ وَرِقَاقَ فَطِيرٍ مَدْهُونَةً بِزَيْتٍ مَعَ تَقْدِمَتِهَا وَسَكَائِبِهَا 16فَيُقَدِّمُهَا الكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَعْمَلُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّتِهِ وَمُحْرَقَتَهُ. 17وَالكَبْشُ يَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ سَلامَةٍ لِلرَّبِّ مَعَ سَلِّ الفَطِيرِ وَيَعْمَلُ الكَاهِنُ تَقْدِمَتَهُ وَسَكِيبَهُ. 18وَيَحْلِقُ النَّذِيرُ لدَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ رَأْسَ انْتِذَارِهِ وَيَأْخُذُ شَعْرَ رَأْسِ انْتِذَارِهِ وَيَجْعَلُهُ عَلى النَّارِ التِي تَحْتَ ذَبِيحَةِ السَّلامَةِ. 19وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ السَّاعِدَ مَسْلُوقاً مِنَ الكَبْشِ وَقُرْصَ فَطِيرٍ وَاحِداً مِنَ السَّلِّ وَرُقَاقَةَ فَطِيرٍ وَاحِدَةً وَيَجْعَلُهَا فِي يَدَيِ النَّذِيرِ بَعْدَ حَلقِهِ شَعْرَ انْتِذَارِهِ 20وَيُرَدِّدُهَا الكَاهِنُ تَرْدِيداً أَمَامَ الرَّبِّ. إِنَّهُ قُدْسٌ لِلكَاهِنِ مَعَ صَدْرِ التَّرْدِيدِ وَسَاقِ الرَّفِيعَةِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَشْرَبُ النَّذِيرُ خَمْراً. 21هَذِهِ شَرِيعَةُ النَّذِيرِ الذِي يَنْذُرُ. قُرْبَانُهُ لِلرَّبِّ عَنِ انْتِذَارِهِ فَضْلاً عَمَّا تَنَالُ يَدُهُ. حَسَبَ نَذْرِهِ الذِي نَذَرَ كَذَلِكَ يَعْمَلُ حَسَبَ شَرِيعَةِ انْتِذَارِهِ».
ع13-15: متى كملت أيام النذر يأتى النذير أمام الله والكاهن عند باب الخيمة ويقدم لله تقدمة “قربانه” يشتمل على أكثر من شئ :
أولاً : ذبيحة محرقة أى تحرق بكاملها على المذبح الخارجى ولا يأكل منها أحد لأنها رائحة سرور للرب، وهذه الذبيحة عبارة عن خروف ذكر ابن سنة واحدة.
ثانياً : نعجة ابنة سنة أيضًا تقدم كذبيحة خطية عن السهوات وخطايا النذير.
ثالثاً : يقدم أيضًا “كبشًا” أى خروف ولا يشترط عمرًا له وذلك كذبيحة شكر لله على قبوله النذر وإتمام النذير لمدته الكاملة.
رابعاً : يصاحب الذبائح سلة بها أقراص من الفطير المعجون جيدًا “ملتوتا” ولكنه غير مختمر ومع الأقراص رقائق فطير أخرى مدهونة أى ممسوحة بالزيت.
خامساً: مع تقدمتها وسكائبها : كان من المعتاد والمعروف أن تصاحب المحرقات وذبائح السلامة تقدمات وسكائب أخرى مثل الزيت والخمر (عد15: 1-7).
ويمكن الرجوع لتفسير هذه الذبائح والتقدمات من واقع ما جاء فى تفسير سفر اللاويين.
ع16، 17: يبدأ الكاهن بتقديم ذبيحة الخطية وطقسها التفصيلى فى (لا4: 27-35) ثم ذبيحة المحرقة كما جاء فى (لا1، 2)، كذلك ذبيحة السلامة (لا3)، أما سل الفطير فكان يأخذ واحدة منها أى قرصًا واحدًا ورقاقة واحدة تحرق على المذبح أيضًا أما باقى السلة فمن نصيب الكهنة ونفس الأمر على الزيت والخمر، فكان يصب جزء منه على المذبح ويحتفظ الكهنة بجزء آخر.
ع18: رأس انتذاره : رأسه الذى ترك الشعر ينمو ويسترسل عليه.
كان الشعر المسترسل هو العلامة الظاهرة للنذر ولهذا عند نهاية مدة النذر كان على النذير أن يحلق شعره ويلقى بالشعر لنار المذبح لتأكله. وربط الله بين حرق الشعر وذبيحة السلامة (الشكر) دليلاً على قبول الرب للنذر ورضاه ومسرة قلبه به.
ع19، 20: يرددها الكاهن : يجعل النذير يحرك يديه فى الأربعة اتجاهات ثم يرفعها إلى فوق وينزلها إلى أسفل، فهو يقدم ذبيحته لله الموجود فى كل مكان وساكن فى السماء ويرحم ويبارك أولاده على الأرض.
بعد سلق ذبيحة السلامة يأخذ الكاهن الساق اليمنى الأمامية والمسماة بساق الرفيعة مع قرص ورقاقة من سلة الفطير ويجعل النذير يمسك بهم بعد حلقه شعره، ويمسك الكاهن بيد النذير القابضة على ما سبق ويرددها أمام الله أى أن هذه التقدمات مقدمة أمام وجه الله.
وكل ما قام النذير بترديده أمام الله هو من نصيب الله فيقدم للكهنة الذين هم أنفسهم نصيب للرب، وكعلامة على نهاية النذر يشرب النذير خمرًا وهو ما كان محرمًا عليه طوال فترة نذره وبهذا يعود لحياته الطبيعية.
ع21: يأتى هذا العدد خاتمًا لكل ما جاء بشريعة النذير حتى نهاية زمن نذره.
فضلاً عما تنال يداه : أى الأشياء والتقدمات الأخرى التى قد يكون نذرها لله وهى بخلاف وزيادة على ما يقدمه من ذبائح وتقدمات أساسية جاءت بالشريعة.
وعلى النذير أن يفى بكل ما جاء ونطق به فى نذره، فكل ما نذره يعتبر عهدًا خرج منه وواجب الوفاء.
? إن فكرة التقدمة صارت غائبة عن كثيرين منا، فبالرغم من الخير الكثير الذى يعطيه الله لأبنائه إلاّ أنهم كثيرًا ما ينصرفون عن التقدمة أو على أحسن تقدير لا يقدمون سوى العشور.. وبالرغم من أن الله يذكرنا بألاّ نقف أمامه فارغين (تث16: 16) فنحن ننسى أن لنا أخوة فى المسيح يحتاجون بينما يفيض عنا الخبز، فاذكر أن الله له حقوق عليك وتذكر أيضًا أن كل ما تقدمه بفرح يفرح قلب الله أيضًا.
(3) البركة الكهنوتية (ع22-27):
22وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 23«قُل لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: هَكَذَا تُبَارِكُونَ بَنِي إِسْرَائِيل: 24يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. 25يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَليْكَ وَيَرْحَمُكَ. 26يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَليْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاماً. 27فَيَجْعَلُونَ اسْمِي عَلى بَنِي إِسْرَائِيل وَأَنَا أُبَارِكُهُمْ».
ع22، 23: ينتقل الكلام إلى موضوع آخر، فيوجه الله كلامه إلى موسى ومنه إلى الكهنة “هرون وبنيه” بوجوب مباركة الشعب، وهذا يجعلنا أمام عمل آخر للكهنوت بجانب تقديم الذبائح وهو الشفاعة فى الشعب، فالكاهن ينقل تقدمات وطلبات شعبه لله وينقل بركة الله إلى شعبه. وكانت البركة تتلى بأن يلتفت الكاهن نحو الشعب ويرفع يديه إلى فوق أعلى من مستوى رؤوس الشعب فى إشارة إلى أن النعم والبركة مصدرها الله نفسه.
ع24-26: أما البركة فكان نصها ومضمونها الآتى :
- البركة والحراسة : أى يطلب الكاهن من الله البركات الروحية والمادية لشعبه ويطلب أيضًا عنايته ورعايته وحراسته لشعبه من أى شئ أو مكروه.
- الإضاءة والرحمة : يطلب أيضًا أن ينير الله ذهن شعبه فيمتلئوا من كل فهم وإرشاد ومعرفة وبصيرة وحكمة روحية، ويرحم ضعفهم ويقبل توبتهم عن خطاياهم.
- يرفع وجهه : أى ينظر الله نظرة خاصة لشعبه وهى نظرة الأب لبنيه، ونظرة الرعاية الخاصة جدًا كمثل الراعى الذى لا تغفل عيناه عن خرافه.
- يعطى سلامه : فالله هو ملك السلام ومصدره الوحيد وهو سلام يشمل العقل (الفكر) والقلب (المشاعر) وكل حياة الإنسان.
وتكرار اسم الرب ثلاث مرات فى الثلاثة أعداد إنما هو للتأكيد أن مصدر البركات كلها هو الله وحده المثلث الأقانيم وليس سواه.
ع27: بهذه البركة التى يبارك بها الكهنة الشعب يجعلون اسم الله عاليًا ومقدسًا فى قلوب وأذهان بنى إسرائيل دائمًا، وكذلك يستجيب الله لدعوات وصلوات الكهنة عن الشعب فيلمس الشعب بنفسه فاعلية هذه الطلبات من خلال بركة الله عليهم وعلى ممتلكاتهم وحياتهم كلها.
? جيد أن تتمتع ببركة الكهنة وطلب صلواتهم عنك، فهم يمسكون أعظم شئ فى الوجود وهو جسد الرب ودمه، لذا فتقبيل أياديهم وطلب صلواتهم يفيض عليك ببركات من الله الذى يخدمونه.
https://en.wikipedia.org/wiki/Pope_Tawadros_II_of_Alexandria