الرب الملك القدوس
“الرب قد ملك ترتعد الشعوب … ع1”
مقدمة :
- كاتبه : يعتبر هذا المزمور من المزامير اليتيمة، أى ليس لها عنوان وغير معروف كاتبها وإن كان البعض ينسبها لداود.
- هذا المزمور ضمن المزامير الملكية التى هى من (مز95-100) و(مز 93) تمهيداً لها.
- هناك ثلاثة مزامير تبدأ بـ “الرب قد ملك” وهى (مز96، 97) وهذا المزمور.
- يحدثنا هذا المزمور عن عظمة الله الذى ملك على شعبه فى العهد القديم، ثم ملك فى ملء الزمان على الصليب على قلوب كل من آمن به فى العالم كله.
- هذا المزمور يتنبأ عن الرب الديان الذى يملك يوم الدينونة وترتعد منه الشعوب التى لم تؤمن به؛ لأنه يعاقبهم، وفى نفس الوقت يمجد المؤمنين به.
- يوجد هذا المزمور فى صلاة الساعة التاسعة التى فيها أتم المسيح الفداء على الصليب؛ لأن المزمور يوضح ملك الله على المؤمنين به والساجدين له، سواء من اليهود، أو الأمم حينما ملك على خشبة الصليب.
(1) عظمة الرب المهوب (ع1-3):
ع1: 1- الرب قد ملك ترتعد الشعوب هو جالس على الكروبيم تتزلزل الأرض.
- عندما ظهر مجد الله فى خدمته على الأرض؛ أى فى تعاليمه ومعجزاته ارتعدت قلوب الكثيرين وتابوا وآمنوا به، وعندما ارتفع على الصليب ومات ليفدينا ارتعدت الشياطين التى تضل الشعوب من خلال الآلهة الوثنية. وفى نهاية الأيام عندما يظهر الرب الملك الديان ترتعد الشعوب غير المؤمنة؛ لأنه سيعاقبهم بالهلاك الأبدى.
- الرب الملك جالس على الشاروبيم وهم الملائكة المملوئين أعينا ومعرفة، فهو أزلى ومستقر وجالس على الذين يعرفونه وهم الكاروبيم، وكذلك كل من يؤمن به ويعرفه ويحبه. وعندما ترى الشياطين العاملة فى الأرض ملك الله الجالس على الكاروبيم، والذى تجسد وفدانا على الصليب تتزلزل مملكتهم التى تضل من فى الأرض.
ع2: 2- الرب عظيم في صهيون و عال هو على كل الشعوب.
- الله عظيم وسط شعبه، أى صهيون طوال العهد القديم، فهو معروف، وأعماله كثيرة، ومعجزاته قوية بينهم، وهو متعالٍ على كل الشعوب، أى على كل الآلهة الوثنية التى تعبدها الأمم، فهى لا شئ أمامه؛ لأن من فيها هم شياطين. ومن ناحية أخرى كل قلب متضع يتمتع بملك الله عليه، أما من يتكبر فيتعالى عليه الله ليشعره بضعفه.
- الرب عظيم فى هيكله بأورشليم، وعبادته مقدسة وأعلى من كل العبادات الوثنية الشريرة المنتشرة بين الأمم فى هياكلها النجسة وكل ما يرتبط بها من شهوات دنسة.
ع3: 3- يحمدون اسمك العظيم و المهوب قدوس هو.
عندما يتعود المؤمنون شكر الله وتسبيح اسمه القدوس تتحرك قلوبهم بمحبته ويشعرون بعظمته، ثم تمتلئ قلوبهم بمخافته، فيبتعدون عن الخطايا، مما يشجعهم على الالتصاق بالله وحمده وتسبيحه. وهكذا يشجعهم التسبيح على مخافة الله، وتشجعهم مخافة الله على التسبيح.
تأمل قداسة الله وبره؛ حتى يرتفع قلبك إليه وتتعلق به فى صلوات وتسابيح، وتأملات فى كلامه، وحينئذ يسهل عليك أن تترك خطاياك وإغراءات الشر، وهذا بدوره يساعدك على رفع قلبك لله، فتنمو دائماً فى محبته، وتحتفظ بسلامك دائماً.
(2) السجود للرب القدوس (ع4-9):
ع4: 4- و عز الملك أن يحب الحق أنت ثبت الاستقامة أنت اجريت حقا و عدلا في يعقوب.
عز : كرامة ومجد.
- إن الملك وهو الله ومجده وعظمته أن يحب الحق والعدل مهما كان ثمن العدل. وخطية الإنسان استوجبت الموت الأبدى، فتجسد المسيح وفداه؛ ليوفى العدل الإلهى، ويخلص الإنسان.
- الله فيه كمال الاستقامة، وقد أظهر الاستقامة فى ضمير الإنسان الذى خلقه، ثم فى وصايا وشريعة موسى. وأخيراً أظهر كمال الاستقامة فى شريعة العهد الجديد. فهو يثبت الاستقامة إلى مدى الدهور.
- أعطى الله مثالاً للعالم كله فى القضاء والعدل عندما اختار شعبه فى العهد القديم، وأعطاه الوصايا والشريعة، وقضى بها عليهم، فأكرم الأبرار مثل إبراهيم وداود، وعاقب الأشرار مثل عاخان بن كرمى وحفنى وفينحاس، بل بارك وكافأ شعبه كله بامتلاك أرض كنعان وعاقبهم بالسبى.
ع5: 5- علوا الرب إلهنا و اسجدوا عند موطئ قدميه قدوس هو.
- ينبغى أن المؤمنين بالله يعلوه فى نظرهم وصلواتهم فوق كل قوة فى العالم، فهو الإله الوحيد، ويسجدون عند قدميه، معلنين خضوعهم له، ولقداسته الكاملة. هذا يساعدهم على عبادة الله ونوال الاستنارة الروحية، فيعرفوه ويكتشفون أسراره، ويتمتعون به.
- “علوا الرب” تم عندما رفعوه على الصليب. والسجود عند موطئ قدميه أى السجود فى هيكله فى أورشليم، أو السجود فى العهد الجديد عند أقدام الصليب، وهو سجود بنقاوة وقداسة؛ لأنه قدوس.
ع6، 7: 6- موسى و هرون بين كهنته و صموئيل بين الذين يدعون باسمه دعوا الرب و هو استجاب لهم. 7- بعمود السحاب كلمهم حفظوا شهاداته و الفريضة التي أعطاهم.
- إن الخلاص الذى تم بالصليب تكلم عنه الأنبياء فى العهد القديم، ورجال الله المعروفون، مثل موسى وهارون وصموئيل. ولأن موسى وهارون وصموئيل كانوا يصلون، ويتشفعون عن شعب الله، والوظيفة الأساسية للكاهن هى التشفع فى شعبه أمام الله لذا أطلق على موسى كاهن هو وصموئيل مع أنهما ليسا كاهنين، ولكنهما صليا من أجل شعب الله، كما صلى موسى من أجل الشعب عندما حارب عماليق
(خر17: 8-16) وكما كان صموئيل يصلى كثيراً من أجل شعبه (1صم7: 8، 9). - أظهر الله محبته ورعايته لشعبه بعمود السحاب الذى كان يتكلم من ورائه من داخل خيمة الاجتماع، وكان يهتم بهم لأنهم تمسكوا بوصاياه وخضعوا له.
- عمود السحاب يرمز لتجسد المسيح، فقد كان الله مختفياً وراء عمود السحاب وكذلك أخفى المسيح لاهوته فى جسده. وموسى وهارون وصموئيل قدموا ذبائح لحمية رمزاً للمسيح الذبيح الحقيقى على الصليب.
ع8: 8- أيها الرب إلهنا أنت استجبت لهم إلها غفورا كنت لهم و منتقما على أفعالهم.
- الله فرح بصلوات أولاده موسى وهارون وصموئيل وكل الأنبياء ورجال الله فى العهد القديم. واستجاب لصلواتهم وقدم رعاية لشعبه، وانتقم من أعدائهم مثل عماليق والمتذمرين على الكهنوت مثل قورح وداثان وأبيرام، والفلسطينيين، وأعداء شعب الله، الذين خضعوا لداود النبى.
- استجابة الرب لرجاله الأتقياء كملت فى تجسده وفدائه، وانتقامه من الشيطان عندما قيده على الصليب.
ع9: 9- علوا الرب إلهنا و اسجدوا في جبل قدسه لأن الرب إلهنا قدوس
- يختم كاتب المزمور مزموره بتمجيد الله الملك والسجود فى جبله المقدس، ويقصد به الأماكن التى قدسها الله بحلوله، مثل جبل سيناء، وهو يؤكد هنا أهمية إكرام الله والخضوع له لنوال خلاصه.
- يؤكد على أهمية الصليب الذى به ننال الخلاص، والذى ارتفع على جبل الجلجثة، فعندما نسجد له نعلن خضوعنا لقداسته فننال خلاصه.
قدر ما تخضع لله ولمشيئته تعطى فرصة لنوال بركات الله، والخلاص من خطاياك، بل تستطيع أن تشفع فى غيرك، مهتماً بخلاص الكل.