معاملات الله مع الأشرار والأبرار
مزمور لآساف
“إنما صالح الله لاسرائيل لانقياء القلب …” (ع1)
مقدمة :
1- أ – كاتبه هو آساف رئيس المغنين أيام داود، وهو من سبط لاوى، وكان يساعده إثنان من رؤساء المغنين هما هيمان الأزراحى، وإيثان (ويدعى أيضاً يدوثون) الأزراحى (1 أى 15 : 17). وكان آساف يقود التسبيح أمام تابوت العهد فى أورشليم
(1 اى 16 : 4 ، 5 ، 7 ، 37)، أما هيمان وايثان، فكانا يقودان التسبيح أمام الخيمة فى جبعون ( 1 أى 16 : 41).
ب- هناك رأى بأن كاتب هذا المزمور هو داود، وأعطاه لآساف لكى يغنيه. ودعى آساف رائى الملك (1 أى 25 : 5)، (2 اى 29 : 30، 35 : 15).
- متى كتب؟ أيام داود النبى حينما تعرض آساف لتجربة شخصية كاد يسقط فيها فى خطية ولكن الله أنقذه منها، فثبت إيمانه بالله. وهذا يظهر شجاعة آساف فى ذكر هذا الأمر عن نفسه، مثل داود معلمه الذى ذكر سقوطه فى الخطية وتوبته.
- قد يكون هذا المزمور نبوة عن تجربة عظيمة حدثت لشعب الله، وهى السبى، ثم الرجوع منه.
- كتب آساف إثنى عشر مزمورا (مز 5، مز 73 – مز 83).
- يتشابه هذا المزمور مع مزمور 37، مزمور 49 فى الحديث عن نجاح الأشرار والضيقات التى تقابل الأبرار، مثلما تعرض أيوب وإرميا لنفس الموضوع.
- يحدثنا المزمور عن ثلاثة أمور هامة هى:-
- نجاح الأشرار مؤقت.
- الهلاك الأبدى ينتظر الأشرار.
ج- فرح الابرار بعشرة الله.
- بهذا المزمور يبدأ الكتاب الثالث من كتب المزامير بحسب التقسيم اليهودى، والذى ينتهى بمزمور 89.
- يهتم آساف بالعبادة القلبية المقدمة لله، وليس العبادة الظاهرية، القاصرة على تقديم الذبائح، ولذا يذكر كلمة القلب ست مرات فى هذا المزمور.
- لا يوجد هذا المزمور بصلوات الأجبية.
(1) نجاح الأشرار (ع1-12):
ع1: 1- إنما صالح الله لإسرائيل لأنقياء القلب.
إنما : أداة شرط للتأكيد بقوله “إنما”.
- يعلن كاتب المزمور ويؤكد أن الله صالح، أى ليس فيه أى شر. وصلاحه هذا يظهر لإسرائيل، أى شعبه المؤمن به، والمتمسك بوصاياه. وإسرائيل فى العهد القديم يرمز لإسرائيل الجديد، أى الكنيسة.
- هذا الصلاح يظهر أيضاَ لأنقياء القلب، الذين يستطيعون أن يعاينوا الله بنقاوتهم، ويحبونه، ويطيعون وصاياه، فيظهر صلاحه لهم، ويقبلون منه كل معاملاته حتى التجارب لتنقيتهم. أما غير الأنقياء، أى البعيدين عن الله، فلأجل رفضهم الله لا يرون صلاحه؛ مع أن الله صالح مع الكل.
ع2: 2- أما أنا فكادت تزل قدماي لولا قليل لزلقت خطواتي.
تزل : تسقط.
زلقت : تزحلقت.
يعترف كاتب المزمور بأنه كاد يسقط فى خطية، وينحدر إليها، ويفقد توازنه الروحى. وهذا يبين ما يلى:
- اهتمامه بالتوبة والاعتراف، حتى أنه اعترف علناً أمام كل من يقرأ المزمور.
- شجاعته، وتمسكه بالإيمان، فرأى أن فضح الشيطان بإعلان خطيته يمكنه من مقاومة الخطية بقوة الله، ورفض الأفكار التى كادت تسقطه فى فعل ردئ. أما الهراطقة فلم يقاوموا أفكارهم فسقطوا فى الهرطقات، وكذلك الملحدين.
- ضرورة التدقيق فى كل خطواتنا لئلا نسقط فجأة فى أحد فخاخ إبليس.
وقد تبدأ بزلة، أى سقطة صغيرة، أو كبيرة مفاجئة، وقد تكون بداية الزلق والانحدار فى خطية كبيرة، وحضيض يصعب القيام منه.
ع3: 3- لأني غرت من المتكبرين إذ رأيت سلامة الأشرار.
يوضح كاتب المزمور انه سقط فى خطية الغيرة، وغالباً بعد هذا خطية التذمر عندما رأى أن الأشرار يتمتعون بسلام خارجى، وغالباً أيضاً نجاح فى أعمالهم، وحياتهم. مع أنه يعلم أن الله يبارك لأولاده الأبرار. وهو هنا قد نسى أن ليس لهم سلام داخلى؛ لأن الخطية تنشئ اضطراباً فى النفس. وقد تعجب كثيرون من رجال الله لنجاح الأشرار، مثل كاتب هذا المزمور ومنهم أيوب وإرميا (اى 21: 7 ؛ إر 12 :1)
ع4، 5: 4- لأنه ليست في موتهم شدائد و جسمهم سمين. 5- ليسوا في تعب الناس و مع البشر لا يصابون.
يضيف كاتب المزمور أن الأشرار ليس فقط يتمتعون بسلام خارجى، ولكنهم أيضاً :
- لا يتعرضون لضيقات صعبة عند موتهم، وقد يكون هذا نتيجة غناهم، واستخدامهم المال لعلاج أمراضهم، ومشاكلهم.
- صحتهم جيدة إذ يعبر عن هذا بأن أجسامهم سمينة، وليست هزيلة كالفقراء.
- لا يتعرضون لمتاعب الفقر، والمرض، والجهل، إذ يتعلمون، ويعرفون ما يفيدهم فى أعمالهم، فيزداد غناهم، وتقل التجارب التى تقابلهم.
ع6-9: 6- لذلك تقلدوا الكبرياء لبسوا كثوب ظلمهم. 7- جحظت عيونهم من الشحم جاوزوا تصورات القلب. 8- يستهزئون و يتكلمون بالشر ظلما من العلاء يتكلمون. 9- جعلوا أفواههم في السماء وألسنتهم تتمشى في الأرض.
- يبين كاتب المزمور سر شر الأشرار، وهو الكبرياء، الذى جعلهم يستهزئون بإخوتهم الأبرار، الذين قد يكونون أفقر منهم، أو أقل صحة، وتكلموا عليهم بعجرفة، متعاليين عليهم كأن لهم سلطان السماء، يحكمون على أهل الأرض، إذ يشبهون أنفسهم بالملائكة، وسكان السماء، مع أنهم مرفوضون من الله لشرهم.
- نتيجة كبرياء الأشرار سقطوا أيضاً فى خطية الظلم، إذ ظلموا من حولهم سواء بالاستهزاء والكلمات القاسية، أو بالطمع فى ممتلكات غيرهم، لأن الأشرار آنانيون، ولم يختشوا من خطاياهم، بل لبسوها كثوب، فتمادوا فى شرهم.
- إذ انغمسوا فى الطمع والشهوات يصور كاتب المزمور تهافتهم على الأكل وشهوة بطونهم بإمتلاء واكتظاظ أجسادهم حتى برزت عيونهم إلى الخارج. فأثر ذلك على نظرهم، وفى نفس الوقت ضعفت بصيرتهم، ففقدوا التمييز لابتعادهم عن الله، وثمادوا فى الإنشغال بالماديات فوق كل تخيل، إذ صاروا عبيداً للشهوات.
ع10: 10- لذلك يرجع شعبه إلى هنا و كمياه مروية يمتصون منهم.
إذ ينظر شعب الله إلى نجاح الأشرار، ويأتون إلى هنا- أى إلى هذه الحقيقة – وهى هذا النجاح- يتعبون ويظلون فى معاناة الألام، فيمتصونها حتى نهايتها، كما يمتص الإنسان المياه المروية التى تملأ كأسه. والله يسمح بهذا لفائدة أولاده، وتزكيتهم، فينالون بركات عظيمة، وينجدهم فى الوقت المناسب، ويساندهم، فيتغلبون على أفكار الشك والغيرة من نجاح الأشرار. وذلك كما سمح الله لشعبه أن يشرب كأس السبى سنيناً طويلة حتى تابوا، ورجعوا إلى الله، فجمعهم وأرجعهم إلى بلادهم، وعادوا إلى عبادته فى هيكله.
ع11: 11- و قالوا كيف يعلم الله و هل عند العلي معرفة.
- الأشرار قالوا إن الله لا يعلم شيئاً عما نعمله على الأرض، وهذا بالتالى جعلهم يستبيحون الخطية، فلن يعاقبهم أحد؛ لأن الله لا يراهم. هذا هو التصور الخاطئ والغبى الذى سقط فيه الأشرار.
- هناك رأى أخر فى هذه الآية، وهو أن الأبرار عندما تعرضوا للآلام، وطال زمانها ومعاناتهم قالوا أين الله الذى طلبناه؟ لأنه لم ينقذنا ويعيد إلينا حقوقنا، فمن فرط معاناتاهم قالوا أن الله لا يعرف ولا يعلم، لأنه كيف يتفق حنان الله وأبوته مع معاناتنا وآلامنا؟ كيف يهملنا ويتركنا؟ مع أن الله تركهم يتألمون مؤقتاً لأجل فائدتهم.
ع12: 12- هوذا هؤلاء هم الأشرار و مستريحين إلى الدهر يكثرون ثروة.
يختم كاتب المزمور هذا الجزء بأن الخلاصة هى راحة الأشرار من النواحى المادية، وإزديادهم فى جمع المال بالطرق المشروعة، وغير المشروعة، فيبدو ظاهرياً نجاحهم، وراحتهم مع أنهم متألمون من الداخل، وينتظرهم عذاب أبدى، خاصة وأنهم استعبدوا من تفكيرهم، فلم تعد ضمائرهم تنخسهم، وتمادوا كل يوم فى شرهم.
تذكر دائماً أن الله أمامك ويرى الخفيات، فيعرف أفكارك، ومشاعر قلبك، ولذا لا تقبل الشر لتلا تغضبه، وإن سقطت فقم سريعاً، وإن حاربك فكر ردئ، فاطلب معونته، حينئذ تنال السلام الداخلى، وتتمتع بالسعادة الحقيقية فى عشرة الله.
(1) هلاك الأشرار (ع13-20):
ع13، 14: 13- حقا قد زكيت قلبي باطلا و غسلت بالنقاوة يدي. 14- و كنت مصابا اليوم كله و تأدبت كل صباح.
زكيت قلبى: طهرته وجعلته صالحاً ونقياً
عندما رأى كاتب المزمور نجاح الأشرار، وألام الأبرار، قال فى نفسه لقد تعبت كثيراً فى تطهير قلبى وتنقية أعمال يدى؛ لأن نتيجتها هى الأحزان، وعلى العكس الذين ساروا فى الشر نجحوا، خاصة أنه لاحظ أن الآلام لا تنتهى اليوم كله، أى طوال حياته، إذ تقابله تأديبات إلهية، وأحزان كل يوم.
ع15: 15- لو قلت أحدث هكذا لغدرت بجيل بنيك.
أيضاً شعر كاتب المزمور أنه لو أعلن تذمره، وتشككه فى صحة سلوكه فى البر وفى الاستقامة، فإنه بهذا سيعثر وبنيه إن كانوا ضعفاء فى الإيمان. فحتى لا يعثرهم صمت، وكتم ضيقه فى داخله مما زاد آلامه.
ع16: 16- فلما قصدت معرفة هذا إذا هو تعب في عيني.
أخيراً اكتشف كاتب المزمور أن مناقشة كل هذه الأفكار السابق ذكرها متعب، وبلا جدوى، وبالتالى لا داعى للاستمرار فى هذه الأفكار. وهكذا تعلن الحكمة البشرية عجزها عن فهم مقاصد الله، فيعود الإنسان إلى الله بالصلاة والتسبيح ليريحه، ويفهمه ما يستطيع أن يتقبله من يد الله.
ع17- 20: 17- حتى دخلت مقادس الله و انتبهت إلى آخرتهم. 18- حقا في مزالق جعلتهم أسقطتهم إلى البوار. 19- كيف صاروا للخراب بغتة اضمحلوا فنوا من الدواهي. 20- كحلم عند التيقظ يا رب عند التيقظ تحتقر خيالهم.
مقادس الله: هيكل الله، أو السماء.
البوار : الخراب والدمار.
بغتة: فجأة.
الدواهى : جمع داهية، وهى المصيبة.
- عندما دخل الكاتب إلى مقادس الله، أى رجع إلى الله بالصلاة أمام تابوت العهد، أو فى هيكل سليمان، وطلب معونة الله نبهه الله، وأرشده إلى أن نهاية الأشرار هى الهلاك، لأنهم سلكوا طريق الشهوات، وانزلقوا منغمسين فيها، فأثرت على حياتهم، وأصابتهم بمتاعب ومصائب، وخراب، مثل شهوة النساء، أو الخمر، أو أية شهوات شريرة تؤدى بالإنسان إلى متاعب كثيرة، وهو على الأرض. بل إن المصائب، مثل الأمراض، والمشاكل تأتى على الأشرار فجأة، وهم غير واعين، أو محترسين منها؛ لأنهم منغمسون فى شهواتهم، فتصيبهم الدواهى.
- أيضاً مقادس الله تعنى السماء، أى أن كاتب المزمور عندما وصل إلى السماء، وعلم بأمجاد الملكوت التى تنتظره فرح جداً، ولكنه اكتشف أن سلوك الأشرار أدى بهم إلى الهلاك والعذاب الأبدى. وتسلط عليهم الموت فجأة، ففيما هم منغمسون فى شهوات العالم سقطوا وماتوا، ولم ينفعهم غناهم، أو قوتهم. وظهر بوضوح أن انغماس الأشرار فى الشهوات، وحياتهم المبهرة فى كل ما اقتنوه من ماديات انتهى فجأة كأنه حلم، واستيقظوا منه، فوجدوا أنفسهم فى الجحيم والهلاك. وهكذا استهزأ، واحتقر الله اعتماد الأشرار على الشهوات والماديات، ونالوا جزاء شرورهم وهو الهلاك الأبدى، فمن يحلم بشئ عظيم عندما يستيقظ يكتشف أنه مجرد حلم، ويعود إلى واقعه التعيس. هذه هى نهاية الأشرار.
كن أميناً فى التمسك بوصايا الله، ومبادئك المستقيمة، مهما زاغ الأشرار حولك عن الحق، بل وهزأوا بك، وحاولوا إبعادك عن البر، لا تسمح لهم، وثابر فى جهادك، فإن إكليلك فى المجد الأبدى ينتظرك.
(3) خلاص المتكلين على الله (ع21-28):
ع21 ، 22: 21- لأنه تمرمر قلبي و انتخست في كليتي. 22- و أنا بليد و لا أعرف صرت كبهيم عندك.
تمرمر: ذاق المر وتألم جداً
انتخست: فى كليتى : توجعت كما من منخاس ضرب فى كليتى.
عندما تذمر كاتب المزمور على الله، كما ظهر فى الآيات السابقة من هذا المزمور، تألم قلبه كمن شرب المر، وتوجع كمن نخس فى كليته فتوجع جداً، ولذا فقد قرر فى النهاية الابتعاد عن كل تذمر، والاتكال الكامل على الله، معلناً جهله أمام حكمة الله، وخضوعه الكامل له، وتركه يقود حياته بحسب مشيئته الإلهية، كما تنقاد البهيمة وراء من يسوقها، لأن البهيمة لا تهتم بأتعاب الطريق، أو استقامته، لأن قائدها هو المسئول، أى أن الإنسان يخضع لله، ويتكل عليه، ويتركه يدبر له حياته، ولا يتعب نفسه بأفكار التذمر.
ع23 ، 24: 23- و لكني دائما معك أمسكت بيدي اليمنى. 24- برأيك تهديني و بعد إلى مجد تأخذني.
- عندما استسلم كاتب المزمور واتكل على الله، ورفض كل أفكار التشكك التى هاجمته بسبب نجاح الأشرار وضيق الأبرار تمتع بقيادة الله، إذ هداه إلى الطريق الصحيح برأيه. ورأى الله هو وصاياه، وكلامه فى الكتاب المقدس، بل أمسك بيده اليمنى، أى قوَّى أعماله؛ لأن اليد ترمز للعمل، وسانده بقوته الإلهية؛ لأن اليمين يرمز للقوة. وهكذا تمتع كاتب المزمور بعشرة الله، واختبر عمله العظيم فيه.
- نقل الله كاتب المزمور إلى مجد عظيم، ويقصد به المجد السماوى الذى ينتظره بعد جهاد هذه الحياة، أو الراحة التى تمتع بها بعد أن أخرجه الله من تجربته، فنال بركات الاحتمال.
- قد تكون هاتان الآيتان نبوة عن ضيقة السبى، التى أثنائها عاد الشعب إلى الله بتوبة، وإيمان، فأمسكهم الله، وقادهم إلى بلادهم، وتمتعوا ببناء الهيكل، ومجد عبادة الله فى هيكله.
ع25: 25- من لي في السماء و معك لا أريد شيئا في الأرض.
إذ اختبر كاتب المزمور عشرة الله، وتمتع به، شعر أنه غير محتاج لشئ على الأرض سوى الرب، ثم فى السماء لا يتمنى إلا رؤية الله والتمتع به، فقد أصبح الله هو شغله الشاغل، ومتعة قلبه، وتمنياته إلى الأبد، فهو بهذا يعلن إيمانه وأشواقه للملكوت السماوى.
ع26: 26- قد فني لحمي و قلبي صخرة قلبي و نصيبي الله إلى الدهر.
- يعلن كاتب المزمور أنه إن فنى لحمه وقلبه، أى ضعف جسدياً، ونفسياً أمام ضغوط التجارب التى مرَّ بها، فإنه يؤمن أن سنده هو الله صخرته، ونصيبه، أى أن الله هو ملجأه الذى يستقر فيه، وهو شبعه الذى يعوضه عن كل ما خسر فى العالم، ولذا فهو لا يخشى التجارب، بل هى سبيله لمعرفة الله صخرته ونصيبه، وبهذا ينمو روحياً ويتمتع بعشرة الله.
- يشعر أيضاً كاتب المزمور أنه لكيما يختبر الله ويعرفه، ويصبح الله حياته، ونصيبه لابد أن يتنازل عن ماديات العالم، فيتجرد ويتضع أيضاً حتى يكاد يفنى وحينئذ يعرف الله. والجميل أنه سيتمتع بالله إلى الدهر، أى أنه مشتاق للوجود الدائم فى الأبدية.
ع27: 27- لأنه هوذا البعداء عنك يبيدون تهلك كل من يزني عنك.
يعلن كاتب المزمور فى نهايته أن البعيدين عن الله، أى الأشرار، مهما نجحوا فى العالم، أو تلذذوا بشهوات الزنا، وكل شهوة ردية، ورفضوا الله – وهو الزنا الروحى- فإنه لا ينتظرهم إلا الإبادة، والهلاك فى العذاب الأبدى، أى يحرمون من كل راحة، ومن رؤية الله نتيجة لشرورهم.
ع28: 28- أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي جعلت بالسيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك
- ويقرر فى الختام أنه سيقترب من الله مبتعدا عن كل خطية، وأنه غير منزعج من نجاح الأشرار، فيتمتع بعشرة الله على الأرض، ثم فى السماء.
- القرار الثانى هو شعوره بضرورة الكرازة للآخرين البعيدين عن الله، حتى يؤمنوا به، ويحبوه، ويحيوا له، ولا ينجذبوا إلى الشر. كل هذه الكرازة يقوم بها، وهو فى أحضان الله ملجأه، أى يحيا مع الله، فيستطيع بقوته أن يبشر كل من حوله للابتعاد عن الخطية، والرجوع إلى الله.
عندما ترى نجاح الأشرار، صلى من أجلهم لينتبهوا من غفلتهم، واشكر الله الذى عرفك طريقك، فيزداد تمسكك بوصاياه، بل تقوى إخوتك، وتثبت إيمانهم، فيحيوا مع الله دائماً.