الفرح بالخلاص
مزمور
“رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع عجائب ..” ع1
مقدمة :
- كاتبه : هناك رأيان :
أ – هو من المزامير اليتيمة التى لا يوجد فى عنوانها اسم الكاتب.
ب – فى عنوان هذا المزمور فى الترجمة السبعينية أنه لداود.
- لماذا كتب ؟
أ – تمجيد الله الذى أعطى الخلاص على يد داود بانتصاره على الأمم المحيطة باليهود.
ب – قد يكون نبوة عن الرجوع من السبى والتخلص من عبوديته، وإعادة بناء الهيكل.
جـ- هو نبوة عن خلاص المسيح الذى تجسد فى ملء الزمان وأعطى الخلاص بصليبه.
- هذا المزمور هو المزمور الوحيد الذى عنوانه “مزمور” وكلمة مزمور تعنى أنه يرنم بمصاحبة آلة موسيقية وهى المزمار.
- هذا المزمور من ضمن المزامير الملكية التى سبق وقلنا أنها من (مز95-مز100) بالإضافة إلى (مز 93) الذى هو تمهيد لها.
- يوجد تشابه بين هذا المزمور ومزمور 96 فالإثنان يتكلمان عن الرب الملك وتسبيحه.
- يوجد هذا المزمور فى صلاة الأجبية فى صلاة الساعة التاسعة التى فيها أتم المسيح الفداء بموته على الصليب، فملك على خشبة الصليب، وعلى قلوب أولاده الذين وهبهم الخلاص.
(1) الفرح بخلاص الله (ع1-3):
ع1: 1- رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع عجائب خلصته يمينه و ذراع قدسه.
- ينادى داود النبى كل المؤمنين أن يرنموا للرب ترنيمة جديدة لشكره وحمده على عجائبه التى صنعها مع شعبه فى العهد القديم، ثم فى العهد الجديد، وكملت بأعجوبة الصليب التى قدم فيها خلاصاً لكل من يؤمن به فى العالم كله.
- الخلاص الذى قدمه المسيح على الصليب تممه بيمينه، أى قوته وذراعه، أى الابن الوحيد المتجسد، كما أشار إلى ذلك أشعياء النبى (اش51: 9، 53: 1). واليمين والذراع ترمزان أيضاً لعمل الروح القدس فى الكنيسة. والخلاصة أن المسيح حمل خطايانا وحده على الصليب، ومات وأقام نفسه بقوة لاهوته.
ع2: 2- أعلن الرب خلاصه لعيون الأمم كشف بره.
أعلن المسيح خلاصه بقيامته وظهر هذا للعالم كله، أى للأمم كما لليهود، وفتح الباب لكل من يقبل هذا الإعلان، ويؤمن به أن ينال الخلاص.
ع3: 3- ذكر رحمته و أمانته لبيت إسرائيل رأت كل أقاصي الأرض خلاص إلهنا.
- الله أعطى وعوداً، ونبوات كثيرة فى العهد القديم عن تجسده، وفدائه، وفى ملء الزمان ذكر كل هذه المواعيد، وتممها بالصليب. وكل بنى إسرائيل الذين يعرفون هذه النبوات أصبح الطريق سهلاً أمامهم للإيمان بالمسيح، ولكن قساوة قلوبهم هى التى وقفت عائقاً بينهم وبين الإيمان، ورفضوا رحمة الله وخلاصه.
- محبة الله ظهرت فى توصيل البشارة بالمسيح الفادى إلى العالم كله، حتى البلاد البعيدة عن اليهودية، ولعل البعيدين فى أقاصى الأرض يكونون أكثر اهتماماً بالإيمان، ونوال الخلاص من كثيرين قريبين، بل من شعب الله المختار، وهم اليهود الذين رفضوا الإيمان.
ليتك تسبح الله، وترنم له كل يوم تسبيحاً جديداً؛ لأن أعماله معك متجددة. فاشكره على رعايته، وحفظه لك، ومحبته التى لا تحد.
(2) كيف نفرح بالرب (ع4-6):
ع4: 4- اهتفي للرب يا كل الأرض اهتفوا و رنموا و غنوا.
ينادى داود النبى كل الأرض يهوداً وأمماً – الذين آمنوا بالمسيح – أن يهتفوا للرب من أجل خلاصه الذى قدمه على الصليب، بل ويشجعهم أن يعبروا بكل إمكانياتهم عن فرحهم، فينادون بأصوات عالية وهى الهتاف، ويرنمون بكلمات منغمة بأصواتهم. وأيضاً يغنون، أى يعلنون كلمات منغمة بمصاحبة آلات موسيقية. فهو يريد أن نعبر عن فرحنا بالله بكل الوسائل، ونمجد خلاصه العجيب.
ع5، 6: 5- رنموا للرب بعود بعود و صوت نشيد. 6- بالأبواق و صوت الصور اهتفوا قدام الملك الرب.
الصور : نوع من الأبواق.
ينادى داود المؤمنين لكى يعبروا عن فرحهم، فيستخدمون الآلات الموسيقية وكل وسيلة للتعبير عن الفرح وهى :
- العود : وهو آلة موسيقية عليها مجموعة أوتار مشدودة وترمز إلى الاستعداد، وتكاتف كل قوى وإمكانيات الإنسان للتعبير عن شكر الله.
- النشيد : وهى كلمات قوية تعبر عن فرح الإنسان، وترمز للحماس والجدية الروحية.
- الأبواق وصوت الصور : وهى آلات ذات أصوات عالية. والصور هو قرن الحيوان الذى يرتفع فوق رأسه، فيرمز إلى ضرورة الارتفاع عن الشهوات الجسدية للانطلاق فى تسبيح الله. والأبواق والصور ترمز للتبشير بخلاص المسيح وبالكتاب المقدس كل هذه التسابيح والهتافات نقدمها أمام الرب الملك الذى نريد منه أن يملك على قلوبنا ويطهرنا ويشبعنا بحبه.
عبر عن حبك لله بالتأمل فيه وبكلمات التسبيح، وبأعمال الخير حتى تعلن شكرك له كل حين.
(3) فرح الطبيعة بالرب (ع7-9):
ع7: 7- ليعج البحر و ملؤه المسكونة و الساكنون فيها.
ليعج : العجيج هو الصوت العالى لمياه البحر.
- تشترك الطبيعة فى تسبيح الله خالقها، فيصدر البحر أصواتاً عالية، نتيجة تصادم أمواجه؛ ليعلن فرحه بالله، وبهذا يشترك مع البشر الساكنين فى الأرض كلها، المؤمنين بالله الذين يمجدون خلاصه.
- يرمز البحر إلى العالم والسكان فيه، الذين كانوا قبلاً يصدرون أصواتاً عالية لتمجيد الشهوات والشر، أما الآن بعد أن آمنوا، فيصدرون تسابيح وتماجيد للمسيح المخلص.
ع8: 8- الأنهار لتصفق بالأيادي الجبال لترنم معا.
- وتشترك أيضاً الأنهار مع البحار فى الفرح بالله المخلص، فعندما تتلاطم مياه الأنهار تصدر أصواتاً كأنها أيادى بشرية تصفق؛ إعلاناً عن فرحها. والأنهار ترمز للرسل والخدام والمؤمنين الذين يفيضون على الآخرين بتعاليم روحية وقدوة بقوة الروح القدس، الذى يجرى من بطونهم كأنهار ماء حى (يو7: 38).
- وتقف الجبال العالية لترنم بدون صوت؛ أى بمنظرها المرتفع إلى السماء كأنها تسبح الله مع باقى الخليقة. والجبال ترمز للرسل والمؤمنين المتقدمين فى حياتهم الروحية، وللخدام الكبار الذين بحياتهم يمجدون المخلص.
ع9: 9- أمام الرب لأنه جاء ليدين الأرض يدين المسكونة بالعدل و الشعوب بالاستقامة
كل مظاهر الفرح الذى يعلنها البشر، وتعلنها الطبيعة هى تقدمة أمام الرب الذى سيدين العالم كله فى يوم الدينونة، فكل المظلومين، أى الأبرار الذين احتملوا آلاماً كثيرة من أجل المسيح رجاؤهم فى يوم الدينونة، الذى يقضى الله فيها بالعدل، ويمجد ويعوض أولاده الأبرار بأمجاد الملكوت، ويقف قاضياً ليقضى باستقامة لكل شعوب الأرض.
لا تنسى هدفك وهو الأبدية السعيدة، حيث تنال كل البركات ويعوضك الله عن كل آلامك. فاحتمل من أجله أتعاب الجهاد الروحى والخدمة، وعش متعففاً ومتباعداً عن كل شر، فالله ينظر إليك باهتمام ولا ينسى تعبك أبداً.