الله القاضي العادل
مزمور لآساف
“الله قائم في مجمع الله” (ع1)
مقدمة :
- كاتبه آساف كبير المغنين أيام داود.
- هذا المزمور ضمن مزامير آساف التي توضح شرور بني إسرائيل، ويحاول آساف علاجها.
- يدعو هذا المزمور القضاة أن يحكموا بالعدل، وينصفوا المظلومين، ويتشبهوا بالله العادل.
- كان يردد هذا المزمور في العبادة اليهودية يوم الثلاثاء كما تذكر الليتورجية اليهودية، ويعتبر ضمن الناموس اليهودي لأن المسيح أشار إليه وقال عنه لليهود أنه مكتوب في ناموسكم (يو8: 17)
- يشير هذا المزمور إلى الحكم الظالم الذي حكمه اليهود على المسيح، فهو نبوة عما فعله اليهود بالمسيح، ويعتبر من هذه الناحية من المزامير المسيانية.
- يتشابه هذا المزمور مع مزامير (مز 50 ، 75 ، 81) في أن كاتبها هو آساف، وأيضاً نرى فيها الله يتكلم بنفسه كقاض عادل.
- هذا المزمور غير موجود بالأجبية.
(1) دعوة للقضاء العادل (ع1- 4):
ع1: 1- الله قائم في مجمع الله في وسط الآلهة يقضي.
- الله قائم في مجمع الله ويقصد السماء حيث يقف أمامه الملائكة والقديسون. ويدعوهم أيضاً آلهة: لأنهم أخذوا من روحه وهو الإله الحي. فهو تكريم وتعظيم منه لخليقته. والكل خاضع له، ويقضي بالعدل. فهذا مثال للقضاء الحق؛ ليقتضي به قضاة الأرض.
- مجمع الله هم أيضاً شعبه الذين أعطاهم وصاياه، وشريعته وقد دعاهم مجمع الله؛ لأنهم وحدهم الذين يؤمنون به وسط العالم. ودعاهم أيضاً آلهة كنوع من التكريم لهم، وكما فسر المسيح في العهد الجديد وأعلن أن الله يدعو أبناء شعبه آلهة إكراماً لهم (يو 10 : 34). وقد يكون المقصود بالآلهة الرؤساء في بني إسرائيل.
- كلمة الله هنا أصلها في العبرى ألوهيم وهي بالجمع وتعني بالطبع الثالوث المقدس.
ع2: 2- حتى متى تقضون جورا و ترفعون وجوه الأشرار سلاه.
جوراً : ظلماً
- يعاتب الله قضاة بني إسرائيل الذين يقضون بالظلم، أي يظلمون الأبرياء، وينصفون الأشرار الظالمين، أي يدعوهم لوقف هذا القضاء الظالم، والرجوع إلى العدل الإلهي والقضاء المستقيم. وفعل الظلم أمر شرير، ولكن أشر منه القضاء بالظلم؛ لأنه تقنين وتثبيت الظلم، فبتمادى الشرير في ظلم الأبرياء، ويشجع الآخرين في السقوط في خطية الظلم، واغتصاب حقوق الأبرياء.
- تنتهي هذه الآية بكلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية ليراجع الإنسان نفسه في الظلم الذي يسقط فيه، أو الأحكام الغير عادلة ليتوب عنها.
ع3، 4: 3- اقضوا للذليل و لليتيم انصفوا المسكين و البائس. 4- نجوا المسكين و الفقير من يد الأشرار أنقذوا.
- يطالب الله القضاة أن يشفقوا على الإنسان الضعيف، مثل الذليل، واليتيم، والفقير؛ إذ يكفيه ما يعانيه من متاعب فى الحياة، فيحتاج للقاضى الذى ينصفه وينجيه من يد الظالم، فلا يصح أبداً أن نضيف لما يعانيه من متاعب، ظلماً أيضاً فى القضاء. ولأن الضعيف ليس له سند فيكون القاضى صورة لله تساند هذا الضعيف وتنصفه.
- هاتان الآيتان نبوة عن المسيح، الذى أخلى ذاته آخذاً صورة عبد، صائراً فى شبه الناس؛ أى له صورة الضعف، ولكن للأسف قضاة بنى إسرائيل، وكهنته ورؤساءه ظلموه، وحكموا عليه بالموت، مع أنه بار وقدوس.
? لا تتسرع في الحكم على الآخرين، ولا تتأثر عاطفياً بكلام من حولك فتكرم من تحبهم على حساب الآخرين. كن عادلاً وتكلم بما يرضي الله، فيقضي الله لك أيضاً بالعدل، ولا يدع الناس تظلمك. فالله يرحم من يرحم غيره، ويتخلى عن الظالمين فيظلمهم الناس.
(2) انحراف القضاة (ع5-8)
ع5 : 5- لا يعلمون و لا يفهمون في الظلمة يتمشون تتزعزع كل أسس الأرض.
- إن القضاة الظالمين غير العادلين قد انغمسوا في خطاياهم، وتمشوا فيها كمن يعيش في الظلمة، وبالتالي لا يرى شيئاً، فهو لا يعلم ولا يفهم. وهو جاهل بإرادته، إذ يرفض أن يكون مع الله فيستنير ويقضي بالعدل. وبهذا الظلم الذي يحكم به القضاة الأشرار يزعزعون أساسات الأرض؛ لأن المظلومين سيصرخون إلى الله العادل الذي أسس الأرض على العدل، وهم بشرهم غيروا النظام الإلهي.
- هذه الآية أيضاً نبوة عن المسيح الذي قضى عليه اليهود بالظلم، فصلبوه وانغمسوا في الجهل الروحي، فصاروا لا يعلمون ولا يفهمون الحق المعلن لهم، ولم ينتبهوا عندما تزعزعت الأرض وتزلزلت أثناء صلب المسيح.
ع6: 6- أنا قلت أنكم آلهة و بنو العلي كلكم.
- يعاتب الله القضاة فيقول لهم أنا دعوتكم آلهة وبني العلى، أي رفعتكم لمكانة عالية، حتى أنكم تعملون عمل الله، فالله وحده هو الديان للأرض كلها: أي أني أعطيتكم سلطان القضاء للناس، ودعوتكم أبنائي، فكيف تقضون قضاءً شريراً وتظلمون الناس وتحابون ؟
- إن كان الله قد أكرم القضاة والرؤساء، ودعاهم آلهة وبني العلى، فكان من الغريب أن يتضايق اليهود من المسيح لأنه أعلن أن الله أبوه. فإن كان القضاة آلهة وبنو العلى فبالأولى المسيح، الذي ظهر كمعلم له سلطان، وصانع لمعجزات لم يفعلها أحد بهذه القوة.
- تجسد المسيح ليرفعنا إليه، فهو أخذ الذي لنا، أي جسدنا، وأعطانا الذي له، أي بركات وأعمال لاهوته، مثل القضاء، فهكذا صرنا كلنا آلهة نقدم ذبائح شفاهنا أمام الله في صلوات وتسابيح، وبنى العلى بسلوكنا الروحي، بل أعطانا سلطاناً على العالم لندينه بسلوكنا المستقيم دون أن ندري، وسلطاناً أيضاً في بعض المواقف، مثلما كان موسى إلهاً لفرعون (خر 7 : 1) أي يأمره بأوامر الله فيخضع فرعون.
ع7: 7- لكن مثل الناس تموتون و كأحد الرؤساء تسقطون.
إذا نسى القضاة مركزهم العظيم الذي وهبهم الله إياه، ولم يقضوا بالحق؛ فإنهم يموتون في خطاياهم، ويسقطون في ذل مثل الرؤساء الذين سقطوا، وماتوا شر ميتة، الذين منهم شاول الملك، الذي حل عليه روح نجس ومات في الحرب مع الفلسطينيين، وكذلك فرعون أيام موسى الذي غرق في البحر الأحمر، وأيضاً الملائكة الذين سقطوا من السماء، أي الشياطين وكانوا رؤساء من رتبة الشاروبيم.
ع8: 8- قم يا الله دن الأرض لأنك أنت تمتلك كل الأمم
- حيث أن القضاة تركوا الحق وحكموا أحكاماً ظالمة، فلم يعد هناك حل إلا أن يتدخل الله بنفسه ويقوم، بعد أن كان ساكتاً؛ ليدين أحكامهم الظالمة، وشرورهم؛ لأن الله هو مالك الأرض كلها، فينقذ أولاده المظلومين، ويعيد إليهم حقوقهم. والقصص كثيرة عن تدخل الله لإنصاف المظلومين مثل إخراجه لبني إسرائيل من مصر، وإنقاذ داود من يد شاول.
- هذه الآية نبوة عن المسيح، الذي يقوم من الأموات بعد إتمام الفداء، ثم يأتي ليدين الأرض كلها في يوم الدينونة العظيم.
تذكر أنك ابن الله بالتبني؛ لتسلك حسناً بحسب وصايا الله، فتكون نوراً للعالم، وملحاً للأرض.