فرح الأمم بالخلاص
لإمام المغنين على ذوات الأوتار . مزمور . تسبيحة
” ليتحنن الله علينا وليباركنا . لينر بوجهه علينا .. ” (ع1)
مقدمة :
- كاتبه غير معروف، وهو بالتالى يصنف ضمن المزامير اليتيمة، ولكن البعض ينسبه إلى داود.
- يغنيه مجموعة من المغنين لهم قائد، أو إمام.
- يصاحب ترديد هذا المزمور آلة موسيقية تسمى ذات الأوتار، وهى آلة وترية مثل العود.
- نرى فى عنوان المزمور أنه تسبيحة، فهو شكر وحمد لله من أحبائه المؤمنين به، ودعوة للعالم كله أن يشترك فى تسبيحه.
- هذا المزمور نبوة واضحة عن إيمان الأمم بالمسيح وتسبيحهم له.
- يعتبر هذا المزمورليتورجى، إذ كان يردد فى العهد القديم فى عيد الحصاد، أو البنطقستى، ويردد أيضاً فى عيد المظال. وكان يدعى مزمور البركة، إذ تتكرر فيه كلمة البركة ثلاث مرات.
- تردد الآية الأولى من هذا المزمور فى ختام صلاة رفع بخور عشية وباكر.
- يوجد هذا المزمور فى الأجبية بصلاة باكر والساعة السادسة، ليبدأ اليوم بالبركة، وكذلك فى الساعة السادسة نال العالم البركة بصلب المسيح، وفدائه له.
(1) معرفة الله مقدمة لكل البشر (ع1، 2):
ع1: 1- ليتحنن الله علينا و ليباركنا لينر بوجهه علينا سلاه.
- يطلب كاتب المزمور لنفسه، ولشعبه رأفة الله، ومراحمه، وبركاته، وإذ يتقدم باتضاع واحتياج لا يجد أمامه قضاء الله وعدله، بل رأفته وبركته. وينير الله عليه، فيقدسه، ويباركه، ويعطيه فهماً روحياً، ومعرفة شخص الله العظيم.
- إذ ينال الإنسان بركة الله ورأفته، يستطيع أن ينير لغيره، ويتحول إلى إنسان روحى، يتراءف ويرحم من حوله.
- تتم هذه المراحم والاستنارة فى المسيح المتجسد فى ملء الزمان، فيحول المؤمنين به إلى ملائكة أرضيين يعرفون الله ويوصلون معرفته للآخرين.
- تنتهى هذه الآية بكلمة “سلاه” وهى وقفة موسيقية للتأمل فى حنان الله، وبركاته، ومعرفته التى ينعم بها على الجميع.
ع2: 2- لكي يعرف في الأرض طريقك و في كل الأمم خلاصك.
- عندما يفيض الله مراحمه على العالم، وينيره بوجهه، يُعرف العالم طريقه، أى وصاياه، وخلاصه المقدم للكل؛ الأمم؛ بالإضافة لليهود، وهو الصليب والفداء.
- الطريق هو المسيح قال “أنا هو الطريق ..” (يو14: 6)، فهو الذى يخلص المؤمنين به، ويوصلهم إلى الملكوت.
تأمل فى محبة المسيح على الصليب، فهو يسعى لخلاصك، واستنارتك الروحية. وعندما تتأمل، يمتلئ قلبك طمأنينة، وفرح، وأشواق لمعرفة الله، والتمتع بعشرته.
(2) إيمان الأمم وتسبيحهم (ع 3-5):
ع3: 3- يحمدك الشعوب يا الله يحمدك الشعوب كلهم.
عندما نالت شعوب العالم، أى الأمم خلاص المسيح رفعت صوتها بالحمد والشكر لله، وبدأت تقدم عبادة لله مع باقى المؤمنين. كل هذا تم فى ملء الزمان، بفداء المسيح، وهذه الآية تتكلم بروح النبوة عن انتشار الإيمان بالمسيح بين الأمم.
ع4: 4- تفرح و تبتهج الأمم لأنك تدين الشعوب بالاستقامة و أمم الأرض تهديهم سلاه.
- تظل الأمم التى آمنت بالمسيح، وتعبده فى حالة فرح مستمر بعشرته، خاصة وأنهم يتمتعون بقيادة الله المستقيم الرأى، فيدينهم ويحكمهم بالحق، وليس مثل أهل العالم المعرضين للخطأ والانحراف، والتحيز.
- الله يسعى نحو الأمم التى لم تؤمن بعد، فيبشرهم ليهديهم إليه ويؤمنون، ويشتركون مع باقى الذين آمنوا من الأمم فى عبادة الله، وتسبيحه. وعندما يأتى يوم الدينونة يدينهم باستقامة، فينالون أمجاد الملكوت، أما الأشرار، وغير المؤمنين فيلقون فى العذاب الأبدى.
- تنتهى هذه الآية بكلمة “سلاه” وهى وقفة موسيقية للتأمل فى الله ضابط الكل، والذى سنقف أمامه يوم الدينونة.
ع5: 5- يحمدك الشعوب يا الله يحمدك الشعوب كلهم.
بعد فرح الأمم التى آمنت بالمسيح بخلاصه وعبادته، اطمأنت أيضاً إلى أن الديان العادل فى يوم الدينونة هو المسيح نفسه إلههم، الذى سيدخلهم إلى الملكوت، فشكروا الله كل يوم؛ لأجل كل ما أعده لهم فى السماء.
ليتك تشكر الله كل يوم على خلاصه، وعلى الملكوت الذى أعده لك حتى يرتفع قلبك عن الخطية، وماديات العالم، ويتعلق قلبك بمحبة الله، الذى أعطاك نفسه على الصليب، ويعطيك تذوق حلاوته على الأرض، وسيعطيك ما لا تستطيع أن تتخيله فى الملكوت.
(3) بركة الله ومخافته (ع6، 7):
ع6: 6- الأرض أعطت غلتها يباركنا الله إلهنا.
- كتب هذا المزمور فى وقت الحصاد؛ لذا يعلن كاتب المزمور أن هذه الغلة هى بركة الله المعطاة لأولاده؛ لإشباع احتياجاتهم. فهو يبين عناية الله بأولاده.
- إن الأرض ترمز للبشر، والغلة هى إيمانهم بالمسيح، هذه هى البركة الحقيقية، التى يهبها الله للبشر. والأرض أيضاً إذ ترمز للبشر الذين منهم العذراء مريم، فتكون الغلة هى ثمرة بطنها، أى المسيح المولود منها.
ع7: 7- يباركنا الله و تخشاه كل أقاصي الأرض
- إذ يرى البشر أن الله هو سبب البركة التى تحييهم، يثقون أن حياتهم فى يده، فيخافونه، ومخافته تبعدهم عن الخطية، وتنقى قلوبهم فيعاينونه وهم على الأرض، ويتمتعون بعشرته.
- عندما يتمتع البشر ببركات الله المادية على الأرض يشكرونه، ويميلون لكل عمل صالح، ويستعدون ليوم الدينونة، ويحيون كل يوم فى مخافة الله.
ما هى الغلة التى تنتجها ؟ إنها الثمار الروحية، فافحص نفسك هل تنفذ الوصية، وتظهر فى حياتك ؟ فعندئذٍ تكون نوراً للعالم وملحاً للأرض.