الالتجاء لله في الضيقة
ترنيمة المصاعد
“اليك رفعت عينى يا ساكناً في السموات …” (ع1)
مقدمة :
1- كاتبه : هو من المزامير اليتيمة التى لا يذكر فيها اسم كاتب المزمور.
- تظهر كلمات المزمور إيمان الكاتب بالله والتجاءه إليه، خاصة أنه معرض لضيقات من المحيطين به. ويناسب كل مؤمن يعانى من الضيقات، فالمزمور صلاة توسلية لله الرحيم.
- يصلى هذا المزمور على الدرجة الرابعة من درجات الصعود إلى هيكل الرب.
- قد يكون هذا المزمور نبوة عن مشاعر نحميا عندما زار أورشليم، ورأى الأسوار مهدمة والأبواب محروقة، فبدأ يبنيها وقام عليه أعداؤه المحيطون به، وسخروا منه، وحاولوا مقاومته بكل الطرق.
- يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة الغروب؛ لأنه يناسب المصلى في نهاية اليوم وهو يتضرع إلى الله؛ ليخلصه من حروب الشياطين التى واجهته طوال النهار؛ حتى تهدأ عنه في نهاية النهار وأثناء الليل.
(1) عيوننا نحو الله (ع1-2):
ع1: إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ يَا سَاكِنًا فِي السَّمَاوَاتِ.
- يرفع كاتب المزمور عينيه وهو على الأرض إلى الله ساكن السموات، وبهذا يعلن اتضاعه، وحاجته لله العالى المرتفع، فهو يترجى الله ويستدر مراحمه.
- رفع العيون لله يؤكد إيمان كاتب المزمور بالله، وثقته أنه قادر أن يعينه وينقذه من كل أتعابه.
ع2: هُوَذَا كَمَا أَنَّ عُيُونَ الْعَبِيدِ نَحْوَ أَيْدِي سَادَتِهِمْ، كَمَا أَنَّ عَيْنَيِ الْجَارِيَةِ نَحْوَ يَدِ سَيِّدَتِهَا، هكَذَا عُيُونُنَا نَحْوَ الرَّبِّ إِلهِنَا حَتَّى يَتَرَأََفَ عَلَيْنَا.
- يعلن المزمور أننا نرتفع بعيوننا نحو الله مثل العبيد، والجوارى الذين هم ملك لسيدهم، ويرفعون عيونهم إليه ليترجوا منه أى طلب، لعله يشفق عليهم ويعطيهم، أو قد يرى ألا يعطيهم ويقبلون؛ لأن سيدهم يرى ما هو مناسب. وإن كان البشر يمكن أن يخطئوا ولكن الرب صالح، ويعرف صالحنا، ويعطينا كل ما يناسبنا.
- رفع العينين نحو الله ليتراءف علينا يبين ثقتنا به ومحبتنا له، وإيماننا برحمته وحنانه، ونظل رافعين أعيننا حتى يتراءف علينا، بل نظل بعد هذا طوال حياتنا ننظر إليه؛ لأنه إله حنون دائم الرأفة.
ثق فى حنان الله، واطلب ما تحتاجه منه، وليتك تظل مثابراً، حتى يعطيك ويملأك سلاماً. لا تتركه أبداً فليس لنا سواه.
(2) الذل والهوان (ع3، 4):
ع3، 4: ارْحَمْنَا يَا رَبُّ ارْحَمْنَا، لأَنَّنَا كَثِيرًا مَا امْتَلأْنَا هَوَانًا. كَثِيرًا مَا شَبِعَتْ أَنْفُسُنَا مِنْ هُزْءِ الْمُسْتَرِيحِينَ وَإِهَانَةِ الْمُسْتَكْبِرِينَ.
- يطلب الرحمة ويكررها تأكيداً لاحتياجه الشديد، وأيضاً لكثرة الاستهزاء والهوان من الأعداء، ويعبر عن ذلك بقوله “امتلأنا وشبعت”. فكاتب المزمور يعانى من مرارة شديدة في نفسه، وضيقة صعبة، فيترجى الله الرحيم ليرفعها عنه.
- هذه الآيات نبوة عن المسيح، الذى احتمل كل خطايانا على الصليب، ويطلب من الآب أن يرفع عنه كأس الآلام، ويعلن أنه قد امتلأ من الهوان والهزء لأجل فدائنا.
- هذه الآيات تعبر عن مشاعر التائب الذى أتعبه إبليس بالاستهزاء به.
حول معاناتك وآلامك في الضيقة، أو السقوط في الخطية إلى صلوات وتضرعات لله أبيك الذى يحبك، ويشتاق أن يرحمك، ويرفع عنك آلامك، بل هو قد رفعها على الصليب، ويود أن يسندك في كل متاعبك.