الله المخلص
ترانيم المصاعد . لداود
“لولا أن الرب الذى كان لنا ليقل إسرائيل” (ع1)
مقدمة :
- كاتبه : داود النبى كما يذكر عنوان المزمور.
- متى كتب ؟ في أواخر حياة داود بعدما أنقذه الله من أيدى أعدائه، وانتصر عليهم جميعاً.
- لعل هذا المزمور نبوة عن الراجعين من السبى بعدما أنقذهم الله من أيدى الكلدانيين القساة، وعادوا مع بداية مملكة مادى وفارس إلى أورشليم.
- لعل هذا المزمور أيضاً نبوة عن نحميا واليهود في عصره الذين أنقذهم الله من يد جيرانهم المقاومين لهم؛ طوبيا ومن معه.
- يظهر هذا المزمور مشاعر المؤمن التائب، والمنتصر على الشيطان الذى يشكر الله ويمجده لأنه أنقذه من يد أعدائه الشياطين.
- هذا المزمور من المزامير المسيانية لأنه يتنبأ عن المسيح خاصة في (ع7).
- يصلى هذا المزمور على الدرجة الخامسة من درجات الصعود لهيكل الرب.
- يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة الغروب، حيث نشكر الله على محبته، ورعايته التى أنقذنا بها من حروب إبليس طوال النهار، وأتى بنا إلى نهايته.
(1) الله المنقذ (ع1-5):
ع1، 2: “لَوْلاَ الرَّبُّ الَّذِي كَانَ لَنَا”. لِيَقُلْ إِسْرَائِيلُ: «لَوْلاَ الرَّبُّ الَّذِي كَانَ لَنَا عِنْدَ مَا قَامَ النَّاسُ عَلَيْنَا،
- يظهر داود إيمانه بالله ودالته عنده عندما يقول “الرب الذى لنا” فهو الحماية الوحيدة من الأعداء المحيطين، ويتكلم بصيغة الجماعة؛ لأن حروب الشياطين على كل من يؤمنون بالله، بل ينادى شعبه إسرائيل ليعلن هذا الإيمان أن الله الذى لنا هو حمايتنا من الأعداء.
- هذه هى مشاعر التائبين الراجعين لله، الذين نجاهم من فخاخ إبليس، وقاموا من سقطاتهم، وهو شعور المسبيين أيضاً الذين عادوا إلى أورشليم، وبنوا الهيكل رغم مقاومة الأعداء المحيطين بهم؛ لأن الرب كان معهم.
- هاتان الآيتان هما مشاعر يعقوب أب الآباء التى أعلنها لخاله لابان عندما فارقه، وحاول لابان إرجاعه بالقوة، ولكن الله ظهر للابان وبخه، فلم يمد يده إلى يعقوب (تك31: 42).
ع3-5: إِذًا لاَبْتَلَعُونَا أَحْيَاءً عِنْدَ احْتِمَاءِ غَضَبِهِمْ عَلَيْنَا. إِذًا لَجَرَفَتْنَا الْمِيَاهُ، لَعَبَرَ السَّيْلُ عَلَى أَنْفُسِنَا. إِذًا لَعَبَرَتْ عَلَى أَنْفُسِنَا الْمِيَاهُ الطَّامِيَةُ.
جرفتنا : حملتنا المياه وطوحتنا بعيداً.
الطامية : الغامرة، أى التى تغطينا تماماً.
- يشبه داود الأعداء بمياه مندفعة بشدة كالسيل، فتحملنا وتلقينا بعيداً، ونموت من عنف المياه. ويشبه الأعداء أيضاً بمياه كثيرة، قادرة أن تغمرنا ونموت، كما كان جيش فرعون الكبير قادر أن يقتل كل بنى إسرائيل، أو يعيدهم للعبودية، وكما كانت مياه البحر الأحمر قادرة أن تغرق شعب الله. ولكن الله أنقذ شعبه، وأغرق الأعداء.
- ترمز هاتان الآيتان إلى ما حدث مع المسيح الذى قام عليه اليهود وصلبوه، ومات على الصليب، ولكن بموته انتصر على الموت، ونزل إلى الجحيم، وأصعد آدم وبنيه إلى الفردوس، فالمياه غمرته والسيل غطاه، ولكنه غرق : أى، مات على الصليب، ثم قام منتصراً وأنقذ أيضاً البشرية المؤمنة به.
إن سمعت تهديدات، أو مخاوف من الأشرار لا تنزعج، فهم لا قوة لهم أمام الله الذى يحميك. تمسك بالله بترديد مزاميرك، وصلواتك فتتمتع بعشرته داخل حصنه الحصين.
(2) شكر الله (ع6-8):
ع6: مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي لَمْ يُسْلِمْنَا فَرِيسَةً لأَسْنَانِهِمْ.
يشبه الأعداء بوحوش مفترسة ذات أسنان وأنياب حادة، ولكن لم تقدر أن تقترب إلينا وتفترسنا بسبب حماية الله لنا؛ لذا يدعو داود كل المؤمنين أن يباركوا الله، ويسبحوه، ويمجدوه لأجل حمايته ورعايته لهم.
ع7: انْفَلَتَتْ أَنْفُسُنَا مِثْلَ الْعُصْفُورِ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِينَ. الْفَخُّ انْكَسَرَ، وَنَحْنُ انْفَلَتْنَا.
- يشبه الشيطان هنا بالصياد، ويقصد بالصياد الخبث والخداع، فالشيطان أحياناً يحارب بالعنف والمخاوف، كما شبههم بالمياه الجارفة، أو الوحوش المفترسة. ولكن هنا يظهر الشيطان الذى ينصب فخاً للإنسان المؤمن بالله، الذى يشبهه بالعصفور الصغير الضعيف، ويلقى له في المصيدة الحبوب التى تغريه. فإن رفض الإنسان شهوات العالم لن يسقط في الفخ، وإن سقط بجهل يطلب الله بإيمان، فيكسر له الفخ، ويفلت العصفور ويطير ويبتعد عن الصياد. فنعمة الله تكسر الفخ، أما الجهاد فهو في طلب الله، ثم الإنفلات والطيران بعيداً عن الفخ.
- العصفور يرمز للمسيح الذى سقط في يد إبليس على الصليب ومات، ولكن بموته داس الموت وقبض على الشيطان، أى كسر الفخ؛ ليعطى قوة لأولاده المؤمنين؛ حتى ينجوا من فخاخ الشيطان.
ع8: عَوْنُنَا بِاسْمِ الرَّبِّ، الصَّانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ.
يلخص داود المزمور في هذه الآية الأخيرة أن الله هو المخلص والمنقذ والعون في كل خطوات حياتنا، وبالتالى ينبغى أن نتكل عليه في كل شئ لأنه هو عوننا، وقادر أن يعيننا؛ لأنه خالق كل شئ؛ السماء وما فيها، والأرض وما فيها. ليك تشكر الله كل يوم على أعماله ومعونته ورعايته لك ؛ حتى يفرح قلبك ويثبت إيمانك، فتفرح قلب الله، فيهبك عطايا روحية ومادية بلا حصر.