شكر لاحسانات الله
مزمور حمد
“اهتفى للرب يا كل الأرض” ع1
مقدمة :
- كاتبه : هناك رأيان :
أ – لا يذكر الكاتب فى عنوان هذا المزمور، فهو من المزامير اليتيمة.
ب – داود النبى كما يذكر فى عنوان هذا المزمور فى الترجمة السبعينية.
- هذا المزمور ليتورجى؛ أى يرنمه الشعب مع خورس اللاويين لتسبيح الله وشكره. وكان يرنم أثناء تقديم العبادة فى هيكل الله، خاصة عند تقديم ذبائح السلامة ليشكروا الله.
- غرض هذا المزمور هو إعلان أن الفرح محرك الإنسان لعبادة الله وشكره، كما أن التسبيح يولد الفرح داخل الإنسان.
- يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ إذ يدعو الأرض كلها، وليس فقط اليهود لتسبيح الله؛ لأن المسيح قدم خلاصاً للعالم كله.
- يوجد هذا المزمور فى صلاة الأجبية ضمن مزامير الساعة التاسعة التى أتم فيها المسيح الفداء بموته على الصليب؛ لذا فالمؤمنين بالله يشكروه ويسبحوه على الخلاص المقدم لهم.
(1) العبادة بفرح (ع1، 2):
ع1: 1- اهتفي للرب يا كل الأرض.
- ينادى داود النبى بروح النبوة كل سكان الأرض، ليس فقط أن يؤمنوا بالله، بل يشكروه، ويسبحوه بصوت مرتفع، وهو الهتاف معلنين تبعيتهم له، ومحبتهم، وفرحهم بعلاقتهم بالله.
- سبب الهتاف هو نصرة المسيح على الشيطان بالصليب؛ إذ قيده، فهذا المزمور كما قلنا مسيانى يتنبأ عن الفداء الذى تم فى ملء الزمان، وبه نالت البشرية الغلبة على الشيطان.
ع2: 2- اعبدوا الرب بفرح ادخلوا إلى حضرته بترنم.
- الاقتراب إلى الله وعبادته تملأ قلب الإنسان فرحاً؛ لأن أفضل مكان هو حضرة الله، ولذا تعتبر الكنيسة أيقونة السماء على الأرض. فعبادة الله تعطى فرحاً ولذة للإنسان، وهى عربون أمجاد ملكوت السموات.
- إن الدخول إلى حضرة الله هو السجود فى هيكله وعبادته، وهو أيضاً عبادة الله فى الكنيسة، وكذلك التمتع بحضرته فى المخدع. وأمام مجد الله، وجماله يتهلل قلب الإنسان ويترنم؛ لأنه قد تخلص من خطاياه بالتوبة، والقاها خارجاً قبل الدخول إلى حضرة الله. وبتجلى الإحساس بحضرة الله فى أسرار الكنيسة، فالله حاضر فى سر الاعتراف، وسر التناول اللذين يمارسهما الإنسان كثيراً فى العهد الجديد، ويفرح بحضرة الله.
- الفرح الحقيقى هو فى عبادة الرب، وليس فى أفراح العالم وشهواته الزائلة، والتى تخلف وراءها حزناً وحرماناً، أما عبادة الله المفرحة، فتعطى سلاماً دائماً.
ليتك تتفهم كلمات الصلاة لتنطق بها بلسانك وقلبك، فيمتعك الله بالفرح أثناء العبادة، ويشعرك بحضرته، فترتفع فوق كل آلامك.
(2) الله الخالق والأمين (ع3-5):
ع3: 3- اعلموا أن الرب هو الله هو صنعنا و له نحن شعبه و غنم مرعاه.
- يتكلم هنا عن الرب يسوع المسيح، ويعلن أنه هو الله، ومن أجل محبته لخلقته احتمل الآلام، وحمل الخطايا عنها؛ ليفديها. ولا يستطيع أحد أن يقدم هذا الحب اللانهائى إلا الله وحده.
- إن كان الله هو صانعنا فحياتنا ملكاً له، وإن كان هو راعينا الذى يوفر لنا احتياجاتنا كل يوم، فبالضرورة أن نحيا له، ونخدمه بأمانة ونسبحه كل حين.
ع4: 4- ادخلوا أبوابه بحمد دياره بالتسبيح احمدوه باركوا اسمه.
يكرر داود دعوة المؤمنين بالله ليعبدوه، ويسبحوه، ويشكروه، ويدخلوا دياره من خلال أبوابه. وما هى الأبواب ؟
- الإيمان بالله، والاعتراف باسمه القدوس.
- التوبة عن كل الخطايا.
- سر المعمودية الذى به ندخل إلى بنوة الكنيسة.
- الصلاة التى تدخلنا إلى حضرة الله فى السماء، ونتمتع بلقياه.
- الكتاب المقدس، فهو باب الكنز العظيم، فنأكل ونشبع من كلمته ونتأمل فيها.
- التناول من الأسرار المقدسة التى هى باب الاتحاد بالله، والثبات فيه.
فالديار ليست فقط أروقة الهيكل فى العهد القديم، بل هى نبوة عن كنائس العهد الجديد، والتى تكمل فى أمجاد الملكوت السماوى.
ع5: 5- لأن الرب صالح إلى الأبد رحمته و إلى دور فدور أمانته
- يظهر صلاح الله فى إحساناته الكثيرة لشعبه، ليس فقط فى العهد القديم، بل بالأكثر فى العهد الجديد، عندما مات على الصليب لأجل خلاصنا؛ ولذا ينبغى له التسبيح كل حين.
- الصفة الثانية التى تذكرها لنا هذه الآية هى رحمته، فهو يحب أولاده عندما يسقطون فى الخطية، ويسامحهم عندما يتوبون مهما تكررت خطاياهم، فلا يوجد إله رحيم إلى هذا الحد.
- الصفة الثالثة فى الله هى أمانته فى وعوده لأولاده، ورعايته الكاملة لهم على مدى الأيام أى من دور إلى دور، وهذا يعنى رعايته فى العهد القديم والعهد الجديد، ورعايته لأولاده على الأرض وفى السماء. من أجل كل هذا يستحق الحمد والشكر والتسبيح على الدوام؛ لأن صلاح الله ورحمته وأمانته مستمرة، وبالتالى فإن شكره وتسبيحه يدوم إلى الأبد.
تأمل رحمة الله فى حياتك وكيف غفر لك كل ما أسأت به إليه، وإلى أولاده البشر، وإلى نفسك أيضاً لأنك ابنه. واشكره على غفرانه ولتحول الرحمة الإلهية حياتك إلى انطلاق إيجابى فى محبته، لتعوض ما فاتك، وتتمتع بأعماق جديدة فى محبته.