رسالة باروك إلى أورشليم
(1) تلاوة نبوة باروك (ع1-4):
1- هذَا كَلاَمُ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ بَارُوخُ بْنُ نِيرِيَّا بْنِ مَعَسْيَا بْنِ صِدْقِيَّا بْنِ حَسَدْيَا ابْنِ حِلْقِيَّا فِي بَابِلَ.2- فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ فِي السَّابِعِ مِنَ الشَّهْرِ حِينَ أَخَذَ الْكَلْدَانِيُّونَ أُورُشَلِيمَ وَأَحْرَقُوهَا بِالنَّارِ
3- وَتَلاَ بَارُوخُ كَلاَمَ هذَا الْكِتَابِ عَلَى مِسْمَعَيْ يَكُنْيَا بْنِ يُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا وَعَلَى مَسَامِعِ جَمِيعِ الشَّعْبِ الَّذِينَ جَاءُوا لاِسْتِمَاعِ الْكِتَابِ 4- وَعَلَى مَسَامِعِ الْمُقْتَدِرِينَ وَبَنِي الْمُلُوكِ وَمَسَامِعِ الشُّيُوخِ وَمَسَامِعِ جَمِيعِ الشَّعْبِ مِنَ الصِّغَارِ إِلَى الْكِبَارِ جَمِيعِ السَّاكِنِينَ فِي بَابِلَ عَلَى نَهْرِ سُودٍ.
ع1: تعلن هذه الآية اسم كاتب السفر وهو باروك، أو باروخ، كما شرحنا في مقدمة السفر. ويسمى أيضاً باروخ الكاتب (إر36: 26، 32). وقد احتمل آلاماً كثيرة بسبب تلمذته ومرافقته لإرميا النبى (إر45: 3)، إذ تعرض للموت مرات كثيرة.
وباروك الكاتب هو أخو سرايا رئيس المحلة المذكورة في (إر51: 59).
ع2: يحدد ميعاد كتابة هذا السفر وتلاوته على اليهود في السنة الخامسة بعد حرق نبوزردان البابلى لأورشليم وهيكلها. وكان ذلك في السابع من الشهر الخامس (2مل25: 8) أى أنه قد مرَّ على آخر مرحلة من السبى البابلى خمس سنوات، ولذا فهذا السفر يبين مشاعر المسبيين بعد أن قضوا سنوات مشتتين في أرجاء الإمبراطورية البابلية وفى عاصمتها بابل.
ع3، 4: نهر سود : هو أحد روافد (فروع) نهر الفرات، الذى يمر بمدينة بابل.
يكنيا : هو الملك يهوياكين ملك يهوذا (2مل24: 6)، وهو ابن الملك يوياقيم (يهوياقيم) الذى سباه ملك بابل بعد ثلاثة أشهر من تملكه، ويسمى أيضاً كنياهو (إر22: 24). وظل في بابل مسبياً بقية حياته.
قرأ باروك نبوته، أو كتابه على مجموعة من الحاضرين هم :
- الملك يكنيا ملك يهوذا السابق.
- مجموعة من الأمراء بنى ملوك يهوذا.
- الصناع المهرة الذين يسميهم هنا المقتدرين.
- شيوخ بنى إسرائيل المسبيين.
- مجموعة كبيرة من الشعب، سواء كانوا كباراً في السن، أو صغاراً الذين كانوا يسكنون حول نهر سود.
ولعل أحد يتساءل كيف سمع يكنيا الملك هذا الكتاب وهو في السجن الذى وضعه فيه نبوخذ نصر الملك عندما سباه (2مل24: 12) ؟ والإجابة أن الملوك والأشراف المسجونين كانوا يعطونهم بعض استثناءات للخروج من السجن، أو الإقامة في أماكن تحت حراسة العسكر، كما حدث مع بولس الرسول أيام الرومان (أع28: 30).
ما أجمل أن تقرأ وتسمع كلام الله كل يوم، لتجد فيه رسالة شخصية من الله لك حتى تطبقها وتحيا بها، فيعمل الله في حياتك، وتشعر برعايته ومعيته، وتفرح أنك بين يديه.
[2] جـمـع الفضة لإرسالها لأورشليم (ع5-14)
5- فَبَكَوْا وَصَامُوا وَصَلَّوْا أَمَامَ الرَّبِّ 6- وَجَمَعُوا مِنَ الْفِضَّةِ قَدْرَ مَا اسْتَطَاعَتْ يَدُ كُلِّ
وَاحِدٍ 7- وَبَعَثُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى يُويَاقِيمَ بْنِ حِلْقِيَّا بْنِ شَلُّومَ الْكَاهِنِ وَإِلَى الْكَهَنَةِ وَإِلَى جَمِيعِ
الشَّعْبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ 8- عِنْدَمَا أَخَذَ آنِيَةَ بَيْتِ الرَّبِّ الْمَسْلُوبَةَ مِنَ الْهَيْكَلِ لِيَرُدَّهَا إِلَى
أَرْضِ يَهُوذَا فِي الْعَاشِرِ مِنْ سِيوَانَ وَهِيَ آنِيَةُ الْفِضَّةِ الَّتِي صَنَعَهَا صِدْقِيَّا بْنُ يُوشِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا
9- بَعْدَمَا أَجْلَى نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ يَكُنْيَا وَالرُّؤَسَاءَ وَالْمُحَصِّنِينَ وَالْمُقْتَدِرِينَ وَشَعْبَ الأَرْض مِنْ أُورُشَلِيمَ وَذَهَب بِهِمْ إِلَى بَابِلَ 10- وَقَالُوا إِنَّا قَدْ أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ فِضَّةً فَابْتَاعُوا بِالْفِضَّةِ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ وَلُبَاناً وَاصْنَعُوا تَقَادِمَ وَقَدِّمُوهَا عَلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِنَا. 11- وَصَلُّوا مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ نَبُوكَدْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ وَحَيَاةِ بَلْشَصَّرَ ابْنِهِ لِكَيْ تَكُونَ أَيَّامُهُمَا كَأَيَّامِ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ 12- فَيُؤْتِيَنَا الرَّبُّ قُوَّةً وَيُنِيرَ عُيُونَنَا وَنَحْيَا تَحْتَ ظِلِّ نَبُوكَدْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ وَظِلِّ بَلْشَصَّرَ ابْنِهِ وَنَتَعَبَّدَ لَهُمَا أَيَّاماً كَثِيرَةً وَنَحْنُ نَائِلُونَ لَدَيْهِمَا حُظْوَةً 13- وَصَلُّوا مِنْ أَجْلِنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِنَا فَإِنَّا قَدْ خَطِئْنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِنَا وَلَمْ يَرْتَدَّ سُخْطُ الرَّبِّ وَغَضَبُهُ عَنَّا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 14- وَاتْلُوا هذَا الْكِتَابَ الَّذِي أَرْسَلْنَاهُ إِلَيْكُمْ لِيُنَادَى بِهِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَفِي أَيَّامِ الْمَحْفِلِ
ع5: عندما سمع اليهود بفئاتهم المختلفة كلام الرب على لسان باروخ تاثروا جداً، وفعلوا ثلاثة أفعال هى :
- بكوا : إذ ندموا على خطاياهم وقدموا توبة، بل توبة عميقة مصحوبة بالدموع طالبين مراحم الله.
- صاموا : إعلاناً لزهدهم في الماديات، وطلبهم إرضاء الله، متذللين أمامه لينالوا الغفران.
- صلوا : متضرعين إليه ليسامحهم، ويعطيهم فرصة أن يحيوا معه ويعدوه أن يتمسكوا بوصاياه وشريعته.
ع6: لم يكن تأثر اليهود تأثر عاطفى وقتى فقط، ولكنه تحول إلى فعل توبة عملى، إذ قاموا بجمع فضة ليشتروا بها ذبائح تقدم في أورشليم، وقدم كل واحد بحسب قدرته المالية، فالغنى قدم كثيراً، والفقير قدم قدر استطاعته ولو قليلاً، أى أن الكل أعلن حاجته إلى مراحم الله من خلال تقديم الذبائح. فالتوبة في العهد القديم مرتبطة بتقديم ذبيحة خطية وإثم أمام الله ليغفر لهم خطاياهم، وهى ترمز في العهد الجديد إلى سر الاعتراف الذى يعتمد على ذبيحة المسيح على الصليب، إذ أنه “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة” (عب9: 22).
ع7: أرسل اليهود المسبيون في بابل إلى يواقيم الكاهن، والمقصود به رئيس الكهنة، أو الكاهن العظيم. وذكر منفرداً وحده وليس باقى الكهنة؛ لأنه هو رئيسهم. وأرسلوا أيضاً إلى الشعب، ويقصد بالشعب الشيوخ قادة الشعب حتى يبتاعوا بهذه الفضة حيوانات تقدم ذبائح خطية وإثم عن اليهود المسبيين التائبين. وهذا يبين توبة اليهود في السبى، وصلواتهم لله التى سمعها فأعادهم فيما بعد من السبى، وجمعهم بطريقة معجزية لأجل توبتهم.
ع8، 9: سيوان : الشهر الثالث في السنة العبرية، ويقابل التاسع في السنة المدنية. وهو يقابل الآن النصف الثانى من شهر مايو والنصف الأول من شهر يونيو، أى في الصيف. ويقع فيه عيد الخمسين.
يبدو أن الملك البابلى أنعم على اليهود بآنية الفضة الخاصة بهيكلهم، والتى صنعها صدقيا ملك يهوذا، وتم الاستيلاء عليها بواسطة نبوخذنصر ملك بابل، وهى غير الآنية الذهبية التى استولى عليها نبوخذنصر من الهيكل عندما هاجم أورشليم وسبى ملكها يكنيا ورؤساء مملكة يهوذا والمحصنين أى ذوى النفوذ، والمقتدرين أى الصناع المهرة، وكثير من شعب الأرض وأخذهم سبايا من أورشليم إلى بابل، وأخذ قائد اليهود هذه الآنية والفضة المجمعة من اليهود لشراء ذبائح تقدم في أورشليم. وقد يكون قائد اليهود هو باروخ نفسه الذى سافر ومعه هذه الفضة، ثم عاد إلى بابل. وكان ذلك في اليوم العاشر من شهر سيوان. بحسب التقويم الكلدانى.
ع10: تقادم : أى تقدمات للرب بشكل ذبائح وقرابين وعطايا مختلفة.
أوصى اليهود المسبيون في بابل إخوتهم في أورشليم أن يشتروا بالفضة المرسلة لهم حيوانات تقدم ذبائح محرقات إرضاء للرب، وذبائح خطية لمغفرة خطاياهم، وقرابين مع لبان (لا6: 15) لكى يقدموها للرب في أورشليم.
وحيث أن الهيكل كان قد تم تدميره وحرقه منذ خمس سنوات بيد نبوخذنصر، فغالباً قدموا هذه الذبائح على مذبح مؤقت أقيم في موضع الهيكل المتهدم. وهذا يظهر إيمان هؤلاء اليهود المسبيين، ومشاركتهم لإخوتهم المقيمين بأورشليم في الإيمان. وتبين أيضاً أشواقهم لاستعادة بناء هيكل الرب، وعودة العبادة الكاملة فيه. ومن أجل هذا – كما ذكرنا – نظر الله إلى توبتهم، ومحبتهم، وأشواقهم، ومد يده بعد سنوات وجمعهم، وأعادهم إلى أورشليم مع بداية الدولة الفارسية.
ع11: يظهر من هذه الآية خضوع باروخ النبى للسلطة المدنية الحاكمة، الممثلة في نبوخذنصر الملك، الذى أحرق الهيكل منذ خمس سنوات، وولى عهده بلشصر، وهو أحد أحفاد نبوخذنصر، والذى ملك في نهاية المملكة البابلية، وانتهت المملكة في أيامه باستيلاء الفرس على بابل وكل العالم (دا5: 30، 31). وهذا الفكر أوصى به الكتاب المقدس كما قال إرميا (إر29: 7)، وظهر في يوناثان الذى تملك على اليهود أيام المكابيين، وأظهر خضوعه وصلواته لأجل حكام أسبرطة وروما (1مك12: 11)، وأيضاً أكده في العهد الجديد بولس الرسول (1تى2: 1-3). والكنيسة مازالت تصلى من أجل الرؤساء والحكام في القداس الإلهى في أوشية السلامة.
يظهر باروخ هدف صلواته أن يحيوا في سلام في حكم بابل، ويتمتعوا بعلاقة مع الله، كما يسود السلام في السماء، هكذا يكون أيضاً على الأرض في بلاد المملكة البابلية.
ع12: حظوة : مكانة خاصة ورضى ومعاملة طيبة.
يضيف باروخ أيضاً أنه يطلب صلوات اليهود في أورشليم أمام الله لينال اليهود المسبيون ما يلى :
- قوة من الله للثبات في الإيمان.
- ينالوا استنارة روحية، فيعبدوا الله، ويرفضوا عبادة الأوثان وكل ما يتصل بها من خطايا.
- حياة هادئة وسلام في المملكة البابلية.
- حظوة ومعاملة طيبة من الملك والرؤساء، فيكونوا عبيداً صالحين لنبوخذنصر وولى عهده بلشصر.
ع13: يستكمل باروخ دوافع صلوات اليهود في أورشليم لأجل اليهود المسبيين، مظهراً حاجة المسبيين بشدة إلى الصلاة بأنهم أخطأوا في حق الله، فعاقبهم بالسبى، ومازال عقابه مستمراً حتى الآن، أى لم يسمح الله برجوعهم من السبى إلى أورشليم؛ ليبنوا الهيكل ويعبدوه فيه. وهذا يبين اتضاع باروخ في اعترافه عن المسبيين بالسقوط في الخطايا، مع أن باروخ شخصياً يسلك باستقامة أمام الله، ولكن كخادم يحمل – بروح المسئولية – خطايا شعبه، ويضم نفسه إليهم، طالباً الغفران؛ ليرجعهم الله من السبى. ويظهر لطفه ورقته في أنه نسب الخطية للمسبيين ولم ينسبها لليهود في أورشليم، مع أن الكل قد أخطأ.
ع14: يطلب أيضاً باروخ من اليهود في أورشليم أن يقرأوا كتابه هذا، أى نبوته في مكان بيت الرب المنهدم والمحروق، حتى يأتى الوقت الذى يبنى فيه بيت الرب ثانية، فيستمروا في قراءة هذه النبوة في يوم العيد، ولعله يقصد عيد الفصح، أو الأعياد الكبرى الثلاثة، وهى الفصح والخمسين والمظال. ويقرأ أيضاً في أيام المحفل، ويقصد بها أيام الأعياد السبعة المعروفة عند اليهود وهى مذكورة في ( لا23).
والغرض من قراءة النبوة على الشعب هو تذكيرهم بخطاياهم في كل وقت ليتوبوا عنها؛ حتى ينالوا مراحم الله، ويبتعدوا أيضاً عن عبادة الأوثان.
اهتم أن تقترب إلى المذبح لتنال حياة من أعظم ذبيحة وهى جسد الرب ودمه، فتنال غفران خطاياك، وقوة، وحياة جديدة وتتمتع بعشرته.
[3] الاعتراف بالخطايا (ع15-22)
15- وَقُولُوا لِلرَّبِّ إِلهِنَا الْعَدْلُ وَلَنَا خِزْيُ الْوُجُوهِ كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ لِرِجَالِ يَهُوذَا وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ 16- وَلِمُلُوكِنَا وَرُؤَسَائِنَا وَكَهَنَتِنَا وَأَنْبِيَائِنَا وَآبَائِنَا 17- لأَنَّا خَطِئْنَا أَمَامَ الرَّبِّ وَعَصَيْنَاهُ
18- وَلَمْ نَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِنَا لِنَسْلُكَ فِي أَوَامِرِ الرَّبِّ الَّتِي جَعَلَهَا أَمَامَ وُجُوهِنَا. 19- مِنْ يَوْمَ أَخْرَجَ الرَّبُّ آبَاءَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ مَا زِلْنَا نُعَاصِي الرَّبَّ إِلهَنَا وَنُعْرِضُ عَنِ اسْتِمَاعِ صَوْتِهِ
20- فَلَحِقَ بِنَا الشَّرُّ وَاللَّعْنَةُ اللَّذَانِ أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى عَبْدَهُ أَنْ يُوعِدَ بِهِمَا يَوْمَ أَخْرَجَ آبَاءَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيُعْطِيَنَا أَرْضاً تَدُرُّ لَبَناً وَعَسَلاً كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ. 21- فَلَمْ نَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِنَا وَلاَ لِجَمِيعِ كَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَيْنَا 22- وَمَضَيْنَا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى إِصْرَارِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ عَابِدِينَ آلِهَةً أُخَرَ صَانِعِينَ الشَّرَّ أَمَامَ عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِنَا.
ع15، 16: يعترف باروخ عن كل شعبه أمام الله، فيعلن أن الله عادل عندما قضى عليهم وعاقبهم بالسبى. أما هم ففى خزى ووجوههم تنظر نحو الأرض من الخجل بسبب خطاياهم.
وبداية أى إصلاح هو التوبة والاعتراف لنوال مراحم الله. ويعلن باروخ أن الكل خطاة بكل فئات الشعب اليهودى الذين عاشوا قبل السبى، وهذه الفئات هى :
- رجال يهوذا : أى سبط يهوذا بكل أفراده؛ رجال ونساء وفتيان؛ لأن الرجل يمثل الأسرة كلها.
- سكان أورشليم : وهم الساكنون في المدينة المقدسة بجوار الهيكل، ومرتبطون أكثر من غيرهم بعبادة الله. وقد أخطأوا إذ ظنوا أن سكناهم بجوار الهيكل يحميهم، ونسوا أن الله عادل، ولا يقبل التمادى في الشر.
- ملوكنا ورؤساؤنا : أى القادة المدنيون الذين قادوا الشعب في الشر وعبادة الأوثان.
- كهنتنا وأنبياؤنا : وهم القادة الدينيون الذين لم يوبخوا الشعب على خطاياهم، بل اشتركوا معهم في شرورهم. والمقصود بالأنبياء هنا هم الأنبياء الكذبة الذين أضلوا الشعب، أما أنبياء الله، مثل باروخ فقد عملوا كل ما في وسعهم، ولكن باتضاع يعلنون اعترافهم بخطاياهم ومسئوليتهم عن خطايا الشعب.
- آباؤنا : ويقصد بهم الآباء الجسديون المسئولون عن تربيتنا. الذين قد أخطأوا ونحن نقدم توبة واعتراف عن أنفسنا وعن الكل؛ ليرحمنا الله.
ع17، 18: يذكر باروخ أسباب غضب الله على شعبه بالسبى، أو تفاصيل خطاياهم، وهى:
- عصيان الله بعبادة الأوثان، بالإضافة إلى جميع الخطايا والشهوات التى سقطوا فيها.
- إهمال وصايا الله وعدم طاعتها، مع أنها معلنة أمام وجوههم، وأكدها الأنبياء على مر الأجيال.
ع19-21: يواصل باروخ اعترافه عن كل شعبه. وهذا يظهر أبوته الروحية، وإحساسه بالمسئولية الرعوية عنهم، فيعلن ما يلى :
- عصيان شعبه لله بدأ منذ زمان طويل من بعد خروجهم من أرض مصر على يد موسى. فرغم أعمال الله العظيمة معهم في إخراجهم من مصر، ورعايتهم في سيناء، وتمليكهم أرض الميعاد، لكنهم استمروا في خطاياهم.
- استهانوا بتحذيرات الله لهم ليبتعدوا عن الخطية، وعرضوا أنفسهم للعقاب، كما أعلن لهم موسى عند جبل جرزيم وجبل عيبال (تث28: 15-68).
- رفضوا أيضاً تحذيرات الأنبياء على مر التاريخ من عهد موسى حتى السبى.
تظهر هنا توبة باروخ العميقة، إذ يذكر تفاصيل خطايا الشعب أمام الله، والتى من أجلها استحقوا السبى.
ع22: في الختام يلخص باروخ خطايا شعبه فيما يلى :
- الإصرار على الخطية والعناد.
- السقوط في عبادة الأوثان.
- صنع شرور كثيرة مرتبطة بعبادة الأوثان؛ كل هذا أمام الله بدون حياء، وبالتالى استحقوا عقاب العدل الإلهى بالسبى لتأديبهم.
ليتك يا أخى تسرع إلى التوبة، وتظهر شناعة خطاياك أمام الله، فيسامحك. واحذر من أن تبرر أخطاءك، أو تلتمس العذر لنفسك، بل افضح كل شر كما هو بانسحاق؛ ليغفر لك الله كل خطاياك.