عبادة الأوثان
(1) إبادة عبادة الأوثان (ع1-7):
1- وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 2- «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ جِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهَا 3- وَقُلْ: يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ، اسْمَعِي كَلِمَةَ السَّيِّدِ الرَّبِّ. هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلْجِبَالِ وَلِلآكَامِ، لِلأَوْدِيَةِ وَلِلأَوْطِئَةِ: هأَنَذَا أَنَا جَالِبٌ عَلَيْكُمْ سَيْفًا، وَأُبِيدُ مُرْتَفَعَاتِكُمْ. 4- فَتَخْرَبُ مَذَابِحُكُمْ، وَتَتَكَسَّرُ شَمْسَاتُكُمْ، وَأَطْرَحُ قَتْلاَكُمْ قُدَّامَ أَصْنَامِكُمْ. 5- وَأَضَعُ جُثَثَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُدَّامَ أَصْنَامِهِمْ، وَأُذَرِّي عِظَامَكُمْ حَوْلَ مَذَابِحِكُمْ. 6- فِي كُلِّ مَسَاكِنِكُمْ تُقْفَرِ الْمُدُنُ، وَتَخْرَبُ الْمُرْتَفَعَاتُ، لِكَيْ تُقْفَرِ وَتَخْرَبَ مَذَابِحُكُمْ، وَتَنْكَسِرَ وَتَزُولَ أَصْنَامُكُمْ، وَتُقْطَعَ شَمْسَاتُكُمْ، وَتُمْحَى أَعْمَالُكُمْ، 7- وَتَسْقُطُ الْقَتْلَى فِي وَسْطِكُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
ع1، 2: يكلم الله حزقيال ويناديه ابن آدم، كما يناديه بهذا أكثر من ثمانين مرة فى هذا السفر؛ ليعلن له أنه الإنسان المخلوق على صورته ومثاله وينبغى أن يحيا له، وهكذا كل شعب الله. ولكن للأسف شعبه ابتعد عنه، فيذكره أنه صورة الله. وفى هذه المرة يطلب منه أن يتنبأ على الجبال الموجودة فى المنطقة التى يعيش فيها بنو إسرائيل.
هذه الجبال ترمز للسمو والارتفاع نحو الله، وللصمود والثبات فى الإيمان، وللقوة الروحية. ولكن للأسف ترك شعبه كل هذه الصفات بتدنيسهم جبالهم، إذ أقاموا عليها عبادة الأوثان، لذا يتنبأ ضدها حزقيال (أى ضد عبادة الأوثان المقامة عليها).
ع3: آكام : تلال، أى أماكن مرتفعة أقل من ارتفاع الجبال.
أودية : أماكن منخفضة بين الجبال.
أوطئة : أى أرض منخفضة ولو انخفاضاً قليلاً.
يعلن حزقيال نبوته ضد الأماكن المرتفعة، مثل الجبال والآكام، وهى ترمز للعظماء والرؤساء، وكذلك ضد الأماكن المنخفضة مثل الأودية والأوطئة، التى ترمز لعامة الشعب وللضعفاء والمحتقرين، أى أن النبوة موجهة لشعب الله بكل فئاته. والنبوة قاسية بأن الله سيبيد الشعب، بكل عباداته الوثنية، إذ سيرسل سيفه وراءهم، ويقصد جيش بابل، الذى سيدمر أورشليم وكل ما حولها من عبادات الأوثان، سواء المقامة على المرتفعات، مثل عبادة الشمس والقمر ونجوم السماء، أو المقامة على الأماكن المنخفضة مثل عبادة الإله الوثنى مولك.
ع4، 5: شمساتكم : تماثيل للشمس تقدم لعبادة الشمس.
النبوة ضد عبادة الأوثان، لذا سيبيد الله المذابح المقامة لعبادة الأوثان، وكذلك تماثيل الأصنام والمصنوعة بشكل شموس، التى كانوا يقيمونها على الجبال والمرتفعات؛ لعبادة الشمس. وسيقتل الله عابدى الأوثان، فتسقط جثثهم أمام الأصنام والمذابح الوثنية. أما عظامهم فتظل ملقاة على الأرض، بعد أن تتحلل الجثث، وتحملها الرياح وتذريها حول هذه المذابح المنتشرة على المرتفعات وهكذا لا تنقذهم أصنامهم من سيف اللهِ، بالإضافة إلى أنها تنجس هذه المذابح النجسة بعبادة الأوثان، يضاف إليها نجاسة الجثث؛ لأن جثث الموتى عند اليهود نجسة وكل هذا يظهر بطلان عبادة الأوثان وحقارة كل من يعبدها.
ع6: سيعم الخراب المدن التى يسكنونها والمرتفعات التى يصعدون إليها وستباد عبادة الأوثان المقامة فى المدن، أو على المرتفعات، فتصير أماكن مهجورة بعد تدميرها ولا يسكنها أحد، هذه هى نهاية عبادة الأوثان.
ع7: عندما يرى الباقون، الذين لم يقتلوا، جثث أحبائهم ملقاة أمام عيونهم، يعلمون أن الله هو الذى أهلكهم؛ بسبب شرهم ولعلهم حينئذ يرجعون بالتوبة إلى الله.
كل هذا الكلام قاله الله قبل أن يتم بسنوات، لعل شعبه يتوب، وإن لم يتب، فعندما يتم ما قاله الله يعرفون أن هذا تأديب من الله؛ لعلهم حينئذ يتوبون.
الخطية تُذل صاحبها وتهلكه، تذكر ذلك عندما تعرض عليك لذاتها، فلا تقبلها واهرب منها إلى أحضان الله فتجد حياتك. وإن سقطت فقم سريعاً وارجع إلى الله.
(2) خلاص بقية إسرائيل (ع8-10):
8- «وَأُبْقِي بَقِيَّةً، إِذْ يَكُونُ لَكُمْ نَاجُونَ مِنَ السَّيْفِ بَيْنَ الأُمَمِ عِنْدَ تَذَرِّيكُمْ فِي الأَرَاضِي.
9- وَالنَّاجُونَ مِنْكُمْ يَذْكُرُونَنِي بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ يُسْبَوْنَ إِلَيْهِمْ، إِذَا كَسَرْتُ قَلْبَهُمُ الزَّانِيَ الَّذِي حَادَ عَنِّي، وَعُيُونَهُمُ الزَّانِيَةَ وَرَاءَ أَصْنَامِهِمْ، وَمَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ الشُّرُورِ الَّتِي فَعَلُوهَا فِي كُلِّ رَجَاسَاتِهِمْ،
10- وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، لَمْ أَقُلْ بَاطِلاً إِنِّي أَفْعَلُ بِهِمْ هذَا الشَّرَّ.
ع8: تذريكم فى الأراضى : تشتتكم بالسبى بين الأمم.
لأن التذرية هى عملية زراعية، تعمل بساق خشبية، لها خمسة أصابع؛ لفصل الحبوب عن القش، إذ تسقط الحبوب فى مكانها، أما القش فيتطاير بعيداً، فيشبه شعبه بالقش المتطاير مع الهواء إلى أماكن بعيدة، أى يرسلهم البابليون إلى بلاد مختلفة فى العالم.
يعطى الله رجاء لشعبه، أن هناك بقية منهم ستعيش بعد تدمير أورشليم وقتل من فيها، إذ ستقبض بابل على المنتخبين منهم وترسلهم عبيداً مسبيين إلى البلاد التابعة لها وبهذا تبقى بقية لشعب الله.
ع9: يستكمل الله رجاءه فى شعبه، فيذكر أن كثيرين منهم سيتوبون ويرجعون إلى الله ويذكرون اسمه بدلاً من الآلهة الوثنية، بعد أن تركوا زناهم وراء الآلهة الغريبة، أى تعلقهم بعبادةالأوثان، فهذا هو الزنى الروحى وهو غير الزنى المادى، بالإضافة إلى ندم وكراهية هؤلاء التائبين لخطاياهم القديمة، مثل الزنى والسكر والظلم وكل شر فعلوه. وكان الزنى الجسدى أيضاً من طقوس عبادة بعض الآلهة الوثنية.
ع10: بعد تشتيت شعب الله بالسبى، يعلمون أن الله الذى أنبأهم بهذه الأحداث هو حق، فيرجعون إليه بالتوبة، والله بمراحمه يقبلهم ويسامحهم.
مهما كثرت خطاياك وتكررت، فلا تيأس ومهما زادت الضيقات، فثق أنها مؤقتة وستزول وتخرج منها بأكثر قوة مما كنت فيه قبلاً وتتمتع بحياة البر وملكوت السموات.
(3) عقاب من عبدوا الأوثان (ع11-14):
11- «هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: اضْرِبْ بِيَدِكَ وَاخْبِطْ بِرِجْلِكَ، وَقُلْ: آهِ عَلَى كُلِّ رَجَاسَاتِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الشِّرِّيرَةِ، حَتَّى يَسْقُطُوا بِالسَّيْفِ وَبِالْجُوعِ وَبِالْوَبَإِ! 12- اَلْبَعِيدُ يَمُوتُ بِالْوَبَإِ، وَالْقَرِيبُ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ، وَالْبَاقِي وَالْمُنْحَصِرُ يَمُوتُ بِالْجُوعِ، فَأُتَمِّمُ غَضَبِي عَلَيْهِمْ. 13- فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذَا كَانَتْ قَتْلاَهُمْ وَسْطِ أَصْنَامِهِمْ حَوْلَ مَذَابِحِهِمْ عَلَى كُلِّ أَكَمَةٍ عَالِيَةٍ، وَفِي رُؤُوسِ كُلِّ الْجِبَالِ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، وَتَحْتَ كُلِّ بَلُّوطَةٍ غَبْيَاءَ، الْمَوْضِعِ الَّذِي قَرَّبُوا فِيهِ رَائِحَةَ سُرُورٍ لِكُلِّ أَصْنَامِهِمْ. 14- وَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْهِمْ، وَأُصَيِّرُ الأَرْضَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً مِنَ الْقَفْرِ إِلَى دَبْلَةَ فِي كُلِّ مَسَاكِنِهِمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
ع11: ينادى الله نبيه حزقيال ليعلن حزنه على شعبه، فيضرب بيده على يده ويخبط الأرض بقدميه من كثرة ضيقه؛ لأن شعبه قد هلك بالموت قتلى بالسيف، أو بالجوع، أو بالأمراض. ويتأوه لكثرة خطايا الشعب، التى ستؤدى إلى هلاكهم.
ع12: يهلك شعب الله، سواء الذين سيصطادهم البابليون عند هجومهم على أورشليم واليهودية، فيسقطون بالسيف. أو الذين هربوا وابتعدوا، فيموتون بالأمراض. ومن استطاعوا الاختباء داخل أورشليم، فسيموتون بالجوع؛ لعدم وجود الخبز. وذلك لأن السبب هو الخطية الساكنة داخلهم، فأيا كان وضعهم سيهلكون، سواء من بقوا فى أورشليم، أو اختبأوا، أو هربوا، فتأديب الله سيأتى على الكل.
ع13: غبياء : كثيفة ذات أفرع وأوراق تظلل المكان تحتها بشكل كبير.
عندما يتم كلام الله بقتل شعبه فى أماكن عبادة الأوثان، سواء المقامة داخل المدن، أو تحت الأشجار ذات الظل الكبير، مثل البلوطة وغيرها، حينئذ سيتأكد الباقون أن هذا التأديب هو من الله، الذى أنبأهم بهذا الهلاك.
ع14: دبلة : مدينة تقع جنوب شرق البحر الميت.
القفر : أراضى مهجورة فى جنوب بلاد اليهود.
سيعم الخراب بلاد اليهود، حتى الأراضى الخصبة مثل دبلة، لأن التدمير البابلى سيكون شامل ويتأكد حينئذ الباقون أن هذا أمر الرب ولعلهم حينئذ يتوبون.لا تنزعج من الضيقات مهما كانت محزنة، فلعلها الطريق الوحيد الباقى لتنبيهك، حتى تتوب عن خطاياك وتجد خلاصك وتستعيد بنوتك لله.