الله يبتعد عن هيكله
(1) حرق أورشليم (ع1-8):
1- ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا عَلَى الْمُقَبَّبِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ الْكَرُوبِيمِ شَيْءٌ كَحَجَرِ الْعَقِيقِ الأَزْرَقِ، كَمَنْظَرِ شِبْهِ عَرْشٍ.2- وَكَلَّمَ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ وَقَالَ: «ادْخُلْ بَيْنَ الْبَكَرَاتِ تَحْتَ الْكَرُوبِ وَامْلأْ حَفْنَتَيْكَ جَمْرَ نَارٍ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ، وَذَرِّهَا عَلَى الْمَدِينَةِ». فَدَخَلَ قُدَّامَ عَيْنَيَّ. 3- وَالْكَرُوبِيمُ وَاقِفُونَ عَنْ يَمِينِ الْبَيْتِ حِينَ دَخَلَ الرَّجُلُ، وَالسَّحَابَةُ مَلأَتِ الدَّارَ الدَّاخِلِيَّةَ. 4- فَارْتَفَعَ مَجْدُ الرَّبِّ عَنِ الْكَرُوبِ إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ. فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنَ السَّحَابَةِ، وَامْتَلأَتِ الدَّارُ مِنْ لَمَعَانِ مَجْدِ الرَّبِّ.
5- وَسُمِعَ صَوْتُ أَجْنِحَةِ الْكَرُوبِيمِ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ كَصَوْتِ اللهِ الْقَدِيرِ إِذَا تَكَلَّمَ.
6- وَكَانَ لَمَّا أَمَرَ الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ قَائِلاً: «خُذْ نَارًا مِنْ بَيْنِ الْبَكَرَاتِ، مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ» أَنَّهُ دَخَلَ وَوَقَفَ بِجَانِبِ الْبَكَرَةِ. 7- وَمَدَّ كَرُوبٌ يَدَهُ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبِيمِ إِلَى النَّارِ الَّتِي بَيْنَ الْكَرُوبِيمِ، فَرَفَعَ مِنْهَا وَوَضَعَهَا فِي حَفْنَتَيِ اللاَّبِسِ الْكَتَّانِ، فَأَخَذَهَا وَخَرَجَ. 8- فَظَهَرَ فِي الْكَرُوبِيمِ شِبْهُ يَدِ إِنْسَانٍ مِنْ تَحْتِ أَجْنِحَتِهَا.
ع1: يعيد إلينا حزقيال فى رؤياه هذه منظر الرؤيا الأولى، التى ذكرها فى (ص1).
فيحدثنا عن عرش الله، الذى يجلس فوق ملائكته، فالمقبب هو جناحا الملاك المرتفعان فوق رأسه. ويعلن صراحة هنا أن الحيوانات الأربع، أو الكائنات الحية غير المتجسدة هى من الكاروبيم، إحدى الرتب الملائكية. وفوق الأربعة مقببات، أو فوق الملائكة يجلس الله على عرشه. وعندما يتكلم عن عرش الله لا يستطيع أن يصفه، بل يقول شئ له لون يشبه العقيق الأزرق، أى لون السماء، فالعقيق حجر كريم، له لون السماء، فهو بهذا يشبه عرش؛ لأن عرش الله أسمى من أن يوصف. وعندما يجلس الله على ملائكته يعلن أنه يستريح فى قديسيه الأنقياء الذين يسبحونه.
ع2: حفنتيك : مثنى حفنة وهى ملء اليد.
كلم الله – فى الرؤيا التى رآها حزقيال – الرجل اللابس الكتان، وهو الذى سبق الكلام عنه فى (ص9) وقلنا أنه يشير للمسيح، إلهنا، المتجسد، رئيس الكهنة، لأن الكتان هو لبس الكهنة، الذى يرمز للبر. وهذا معناه أن الآب طلب من الابن أن يدخل بين البكرات، التى ترمز لعمل الملائكة على الأرض، وهذا معناه التجسد، فقد أرسل الأب ابنه الوحيد إلى العالم؛ ليخلصه ويفديه.
وقال له أيضاً أن يدخل الكروب؛ لأن المسيح بتجسده صار إنساناً، أى أقل من الملائكة.
وطلب منه أن يملأ يديه من جمر النار. والنار هنا ترمز إلى غضب الله وتأديبه لأورشليم، التى يدعوها هنا المدينة، فطلب منه أن يلقى هذه النار عليها. وقد حدث هذا فعلاً، عندما أحرقت بابل أورشليم والهيكل عام 586 ق.م.
ويعلن حزقيال أنه قد رأى هذه الرؤيا بعينيه، أى أن هذا الحريق قد تم فى أيامه، وتحققت هذه الرؤيا. وترمز رؤية حزقيال بعينيه إلى تجسد المسيح ومعاينة البشر له.
وملء المسيح حفنتيه من جمر النار يرمز أيضاً إلى الآلام التى قبلها من أجلنا على الصليب؛ ليخلصنا من خطايانا، فقد كان من العدل أن تلقى هذه الآلام على البشرية ولكنه حمل عنا خطايانا على الصليب وفدانا بدمه.
ع3: وقف الكاروبيم، أى الملائكة التى على مستوى عالٍ عن يمين بيت الرب. واليمين يرمز للقوة، فقد جاءت الملائكة؛ لتعلن غضب الله على أورشليم، ودخل اللابس الكتان، أى المسيح، إلى هيكله، وظهر مجده فى السحاب، الذى ملأ الدار الداخلية.
والله يملأ هيكله بهدوء، ولكن اليهود تناسوا وجود الله، ووضعوا تماثيل الأوثان فى الهيكل، فظهر غضب الله عليهم؛ لأن السحاب يعلن حضرة الله؛ لأنه يمثل العظمة والغموض. فالله أطال أناته كثيراً وأظهر محبته لشعبه، ولكن عندما تمادوا فى استهانتهم، ظهر غضبه وسمح لبابل أن تدمر وتحرق أورشليم.
والمسيح تجسد بوداعة وأشفق على البشرية وفداها، ولكن عندما تستهين بخلاصه، سيأتى فى مجيئه الثانى ويدين البشرية.
ووقوف الملائكة على يمين البيت يعلن رفضهم لعبادة الأوثان، التى يمثلها تمثال الغيرة الموضوع فى شمال البيت.
الله مازال يطلبك بحنانه وعطاياه الكثيرة، ويدعوك للتوبة مهماكانت خطاياك، فلا ترفض دعوته وتتهاون مع الخطيئة، لئلا يقبل عليك الله كديان، فلا تجد فرصة للتوبة. إنه اليوم يوم مقبول والساعة ساعة خلاص؛ لتتوب عن خطاياك وتتناول من أسراره المقدسة.
ع4: ارتفاع مجد الرب عن الكروب يعلن تجسده فى ملء الزمان، وبهذا يملأ مجده بيته ويصل إلى العتبة، أى يقبل شعبه اليهودى فى الإيمان وكذلك الأمم، الذين خارج البيت وغير مسموح لهم بدخوله.
ع5: صوت أجنحة الملائكة التى تسبح الله ترمز لحضرة الله وصوته المهوب وعظمته. فهو يقترب ليطهر هيكله ومدينته من عبادة الأصنام، فناره تحرق أورشليم؛ لتبيد الشر منها. وفعلاً بعد السبى لم نسمع عن سقوط اليهود فى عبادة الأوثان فى أورشليم. وفى نفس الوقت هو يؤدب شعبه، لأجل شرهم وعنادهم.
وخروج صوت الله إلى الدار الخارجية معناه وصول صوته إلى الأمم، فقد رأوا قوته فى تأديب شعبه، فيخافون هم أيضاً من غضبه، ثم يؤمنون فى ملء الزمان بإبنه المتجسد.
ويلاحظ تشابه الرؤيا هنا، مع الأصحاح الأول؛ فيعلن أن الله هو هو، الذى ظهر بمجده فى الأصحاح الأول، هو الذى يؤدب شعبه فى الأصحاح العاشر، إذ يصف عرشه الذى فوق ملائكته. وبهذا يحطم فكرة اليهود، الذين ظنوا أن وجود الهيكل فى أورشليم وعبادتهم الشكلية السطحية به، ستحميهم من الدمار والخراب، فتمادوا فى شرورهم. لأن الله هنا يعلن رفضه للشر والزنا عندما يسمح بحرق أورشليم.
ع6: أمر الرجل : أى الآب أرسل ابنه إلى العالم.
خذ البكرات : قدم تأديباً بعد رعاية الله لأورشليم بواسطة ملائكته التى ترعى أورشليم.
إن اللابس الكتان هو المسيح المؤدب الذى دخل بين ملائكته، بطول أناة، أى البكرات؛ ليعلن غضبه وإدانته لمدينته العاصية أورشليم. فالله يرعى شعبه بواسطة ملائكته، ولكن عند إصرارهم على الخطية، أدانهم وعاقتهم بحرق أورشليم. وقد وقف بجوار البكرة، وهذا يعنى إشتراك الملائكة مع المسيح فى تأديب أورشليم ويعنى أيضاً أن الله يطيل أناته على أورشليم، ولكن إلى جانب ذلك يؤدبهم المسيح المؤدب فى الوقت المناسب.
ع7: امتدت يد الملاك، التى كانت تعلن للبشر رعاية الله ومحبته والآن تعلن غضبه وتأديبه لأورشليم، فأخذت هذه اليد جمر النار ووضعته بين يدى اللابس الكتان، أى أن الملائكة تخدم المسيح وتتمم دينونته للعالم المتمرد، سواء فى شكل حرق أورشليم هنا، أو فى دينونة العالم كله فى اليوم الأخير.
وخروج اللابس الكتان معناها تنفيذ أمر الله بحرق أورشليم، وترمز هذه الآية أيضاً إلى الملاك الذى ظهر ليقوى المسيح فى بستان جثيمانى، فقد كانت الملائكة تخدم المسيح المتجسد، حتى أتم فداءنا على الصليب، الذى قبله بإرادته، لأنه أخذ النار فى حفنتيه، فهذا يرمز لخروج المسيح خارج أورشليم حاملاً صليبه.
ع8: هنا يبين أن الملائكة تخدم البشر، إذ لها يد إنسان، أى تظهر بشكل أعمال يراها الناس، سواء لإظهار رحمة الله للمؤمنين به، أو تأديب الأشرار.
(2) وصف الكروبيم (ع9-17):
9- وَنَظَرْتُ وَإِذَا أَرْبَعُ بَكَرَاتٍ بِجَانِبِ الْكَرُوبِيمِ. بَكَرَةٌ وَاحِدَةٌ بِجَانِبِ الْكَرُوبِ الْوَاحِدِ، وَبَكَرَةٌ أُخْرَى بِجَانِبِ الْكَرُوبِ الآخَرِ. وَمَنْظَرُ الْبَكَرَاتِ كَشِبْهِ حَجَرِ الزَّبَرْجَدِ. 10- وَمَنْظَرُهُنَّ شَكْلٌ وَاحِدٌ لِلأَرْبَعِ. كَأَنَّهُ كَانَ بَكْرَةٌ وَسْطِ بَكْرَةٍ. 11- لَمَّا سَارَتْ، سَارَتْ عَلَى جَوَانِبِهَا الأَرْبَعَةِ. لَمْ تَدُرْ عِنْدَ سَيْرِهَا، بَلْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الرَّأْسُ ذَهَبَتْ وَرَاءَهُ. لَمْ تَدُرْ عِنْدَ سَيْرِهَا. 12- وَكُلُّ جِسْمِهَا وَظُهُورِهَا وَأَيْدِيهَا وَأَجْنِحَتِهَا وَالْبَكَرَاتِ مَلآنَةٌ عُيُونًا حَوَالَيْهَا لِبَكَرَاتِهَا الأَرْبَعِ. 13- أَمَّا الْبَكَرَاتُ فَنُودِيَ إِلَيْهَا فِي سَمَاعِي: «يَا بَكْرَةُ». 14- وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الأَوَّلُ وَجْهُ كَرُوبٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَجْهُ إِنْسَانٍ، وَالثَّالِثُ وَجْهُ أَسَدٍ، وَالرَّابعُ وَجْهُ نَسْرٍ. 15- ثُمَّ صَعِدَ الْكَرُوبِيمُ. هذَا هُوَ الْحَيَوَانُ الَّذِي رَأَيْتُهُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. 16- وَعِنْدَ سَيْرِ الْكَرُوبِيمِ سَارَتِ الْبَكَرَاتُ بِجَانِبِهَا، وَعِنْدَ رَفْعِ الْكَرُوبِيمِ أَجْنِحَتَهَا لِلارْتِفَاعِ عَنِ الأَرْضِ لَمْ تَدُرِ الْبَكَرَاتُ أَيْضًا عَنْ جَانِبِهَا. 17- عِنْدَ وُقُوفِهَا وَقَفَتْ هذِهِ، وَعِنْدَ ارْتِفَاعِهَا ارْتَفَعَتْ مَعَهَا، لأَنَّ فِيهَا رُوحَ الْحَيَوَانِ.
ع9: الزبرجد : حجر كريم لونه أخضر.
يصف هنا الملائكة الحاملة عرش الله والمنفذة لمشيئته، وهى من رتبة ملائكية عالية، هى رتبة الكاروبيم، أى الشاروبيم، التى ترمز للعدل الإلهى. وقد ذكرت هنا؛ لأن الله سيعلن عدله فى تأديب أورشليم المتمردة بالحرق والسبى. ويذكر أنه بجانب كل كروب عجلة، وهى ترمز لعمل الملاك على الأرض، فى تنفيذه إرادة الله لخدمة البشر. وكان لون هذه البكرات، أى العجلات، أخضر وهو يرمز للحياة؛ لأن هدف عمل الملائكة هو أن نحيا مع الله، سواء بإظهارهم رحمته، أو عدله. ولأن الكلام عن الملائكة وعملهم العظيم يقول شبه حجر، أى أن كل هذا الكلام رمزى لتقريب المعنى.
ع10: لاحظ حزقيال ان شكل الأربع بكرات، التى تقف بجانب الأربع ملائكة، كلها شكل واحد وهذا يعنى أن طبيعة الملائكة واحدة، وعملهم هو تنفيذ مشيئة الله الواحد.
ولاحظ أيضاً أن البكرة داخلها بكرة أخرى، أى أن عمل الملائكة على الأرض يقصد به الله معانى أعمق مما هو ظاهر؛ لفائدة وخلاص النفوس، مثل تعرض الإنسان لضيقة ويقصد الله منها نزع خطية منه كان متهاوناً فيها، وترمز أيضاً لعمل كلمة الله فى العهدين القديم والجديد.
ع11: يعلن أن البكرات الأربعة سارت، أى تحركت ونفذت مشيئة الله، ولكن دون أن تدور، أى أن حركتها داخلية فى قلوب البشر وليست أعمالاً استعراضية. فالله غير محتاج أن يظهر ويستعرض نفسه، وأن رعاية الله ثابتة لا تتغير.
ولم تسر البكرات على سطحها، أو ظهرها، بل على جوانبها؛ لأن عملها الظاهر والخفى واحد. واتجهت فى عملها نحو ما يقودها فيه الرأس وهو المسيح رأس الكنيسة، فهى تنفذ مشيئة الله بقلب واحد.
ليتك تهتم بالوحدانية مع الآخرين ويكون أساس هذه الوحدانية التمسك بوصايا الله، فتتنازل عن رغباتك الشخصية وحقوقك قدر ما تستطيع؛ لتكسب من حولك، وتعطى سلاماً أينما سرت.
ع12: يوضح هنا أن هذه الملائكة الأربعة والبكرات التابعة لها مملوءة عيوناً من جميع الجوانب. والعين ترمز للمعرفة والتمييز والحكمة، أى أن هذه الملائكة مملوءة فهماً، فتعرف الله وتخدمه بأمانة.
ع13: نادى الله على البكرات وقال لها يا بكرة ولم يقل يا بكرات؛ لأن كل البكرات لها عمل واحد، هو تنفيذ مشيئة الله، وقد سمع حزقيال صوت الله المنادى.
ع14: يعلن هنا أن كل حيوان، أو كائن حى من الأربعة الحاملين عرش الله، له أربعة وجوه سبق ذكر شرحها فى (ص1). ولكن نجد هنا تغييراً وهو أن وجه الثور ظهر بدلاً منه وجه كروب؛ لأن الثور يرمز لذبيحة الفداء، التى أتمها المسيح على الصليب، أما هنا، فالكروب يعلن عدل الله وتأديبه لأورشليم. فمن استهان برحمة الله والذبيحة المقدمة لفدائه لا ينتظره إلا العدل والعقاب الإلهى.
ع15: بعد أن أتمت الكاروبيم عملها فى تأديب أورشليم وحرقها، صعدت إلى السماء؛ لتحيا فى تسبيح الله.
يؤكد هنا حزقيال أن الحيوانات الأربعة هى التى رآها عند نهر خابور فى رؤياه المذكورة فى (ص1). فالله كما ذكرنا هو واحد، الذى يظهر رحمته فى (ص1) ويذكر هنا عدله فى (ص10).
ع16، 17: يوضح هنا أن البكرات مرتبطة بالحيوانات؛ لأن البكرات هى عمل الملائكة فلا تتحرك البكرات بعيداً عن الملائكة، فإذا سارت هذه تسير الأخرى، وإذا وقفت الملائكة تقف أيضاً البكرات.
(3) مفارقة مجد الله هيكله (ع18-22):
18- وَخَرَجَ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ عَلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ وَوَقَفَ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. 19- فَرَفَعَتِ الْكَرُوبِيمُ أَجْنِحَتَهَا وَصَعِدَتْ عَنِ الأَرْضِ قُدَّامَ عَيْنَيَّ. عِنْدَ خُرُوجِهَا كَانَتِ الْبَكَرَاتُ مَعَهَا، وَوَقَفَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الشَّرْقِيِّ، وَمَجْدُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عَلَيْهَا مِنْ فَوْقُ. 20- هذَا هُوَ الْحَيَوَانُ الَّذِي رَأَيْتُهُ تَحْتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. وَعَلِمْتُ أَنَّهَا هِيَ الْكَرُوبِيمُ. 21- لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ، وَشِبْهُ أَيْدِي إِنْسَانٍ تَحْتَ أَجْنِحَتِهَا. 22- وَشَكْلُ وُجُوهِهَا هُوَ شَكْلُ الْوُجُوهِ الَّتِي رَأَيْتُهَا عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، مَنَاظِرُهَا وَذَوَاتُهَا. كُلُّ وَاحِدٍ يَسِيرُ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ.
ع18: بعد أن احتمل الله خطايا شعبه وأطال أناته عليهم مدة طويلة، اضطر أن يعلن غضبه عليهم ويؤدبهم بواسطة بابل، وقبل أن يسمح لبابل بحرق الهيكل وتدميره، فارق هيكله؛ ليعلن أنه لا يستريح إلا فى القلوب النقية الخاضعة له. فرأى حزقيال فى الرؤيا مجد الله، الذى كان واقفاً عند عتبة بيته يفارق البيت، ويقف على الأربعة كاروبيم، الحاملين عرشه السماوى.
ع19: عندما حل مجد الله على الكاروبيم ارتفعت عن الأرض؛ لتعلن سمو عرش الله وابتعاده عن هيكله.
ونلاحظ أن البكرات كانت مرتبطة وصاعدة مع الكاروبيم، أى أن أعمال الملائكة خاضعة لله ولعرشه، لذا نقول لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض، أى ليتنا نخضع لمشيئتك يا الله، مثل السمائيين الذين أعمالهم كلها خاضعة لك. ونلاحظ أن الله الجالس على ملائكته، قبل أن يفارق بيته، وقف عند الباب الشرقى للبيت، أى الباب الرئيسى، فى محاولة أخيرة يعطيها لشعبه لعلهم يتوبون؛ حتى لا يفارق بيته. فهو يحب شعبه ويريد أن يسكن بينهم، ولكنهم بخطاياهم طردوه من بينهم.
ويقول حزقيال أنه رأى مجد الله فوق الكاروبيم، التى يصفها بالتفصيل، ولكنه لا يستطيع أن يصف مجد الله؛ لأنه أسمى من أن يعرفه ويفهم جوهره.
إن الله لا يريد أن يتركك، فلماذا تطرده بخطاياك وتهاونك وإهمالك له؛ إنه مازال يقف عند باب قلبك يقرع، في آخر فرصة، لعلك تفتح له، فيدخل ويستقر داخلك؛ لأنه يحبك. تأمل دائماً محبته وسعيه نحوك؛ حتى تفارق خطاياك بدلاً من أن يفارقك الله.
ع20: يؤكد هنا حزقيال أن منظر الحيوانات، أو الكائنات الحية، التى رآها فى الرؤيا الأولى عند نهر خابور، المذكورة فى الأصحاح الأول، هى نفسها التى يراها الآن فى هذه الرؤيا وعلم أنها ملائكة من رتبة الكاروبيم.
ع21، 22: يؤكد هنا فى وصفه للكاروبيم الحامل عرش الله أن له نفس صفات الأربعة حيوانات، المذكورة فى (ص1) والتى سبق شرحها هناك.