تقسيم الأرض الجديدة
(1) نصيب الأسباط الساكنة في الشمال (ع1-7):
1- «وَهذِهِ أَسْمَاءُ الأَسْبَاطِ: مِنْ طَرَفِ الشِّمَالِ، إِلَى جَانِبِ طَرِيقِ حِثْلُونَ إِلَى مَدْخَلِ حَمَاةَ حَصْرُ عِينَانَ تُخْمُ دِمَشْقَ شِمَالاً إِلَى جَانِبِ حَمَاةَ لِدَانٍ. فَيَكُونُ لَهُ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْبَحْرِ قِسْمٌ وَاحِدٌ.
2- وَعَلَى تُخْمِ دَانٍ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لأَشِيرَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 3- وَعَلَى تُخْمِ أَشِيرَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِنَفْتَالِي قِسْمٌ وَاحِدٌ. 4- وَعَلَى تُخْمِ نَفْتَالِي مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِمَنَسَّى قِسْمٌ وَاحِدٌ. 5- وَعَلَى تُخْمِ مَنَسَّى مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لأَفْرَايِمَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 6- وَعَلَى تُخْمِ أَفْرَايِمَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِرَأُوبَيْنَ قِسْمٌ وَاحِدٌ.
7- وَعَلَى تُخْمِ رَأُوبَيْنَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِيَهُوذَا قِسْمٌ وَاحِدٌ.
هذا الأصحاح يرسله الله على فم حزقيال لبنى إسرائيل الذين في السبى؛ ليعطيهم رجاء بالعودة من السبى، وليس هذا فقط، بل بالحياة في كنيسة العهد الجديد، التى ترمز إلى الحياة في ملكوت السموات وهذا هو المعنى الكامل لهذا الأصحاح.
يذكر في ع(1) أسماء بعض البلاد كحدود للشمال، وهى البلاد التى كانت موجودة حول المكان الذى يسكنه أسباط إسرائيل قبل السبى، ليطمئنهم أنهم سيعودون إلى بلادهم، ولكن كما قلنا المعنى المقصود من هذه الآيات هو الحياة في كنيسة العهد الجديد وهذه البلاد هى :
طريق حثلون : اسم مكان على الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل.
حماة : مدينة حصينة تقع في شمال دمشق على بعد خمسة وعشرين ميلاً، بجوار نهر العاصى.
حصر عينان : قرية تقع شمال شرق إسرائيل ومعناها قرية العيون، أو الينابيع.
دمشق : مدينة قديمة مازالت باقية حتى الآن، وهى عاصمة سوريا الحالية.
يمتد نصيب الأسباط من الشرق إلى البحر، والشرق يعنى مكان ميلاد المسيح، مخلص شعبه، والبحر يرمز للعالم، الذى يسكن بجواره أولاد الله ويعيشون مع الله وسط العالم ولكن لا ينغمسون فيه.
في (ع1) يذكر نصيب دان قبل باقى الأسباط، مع أنه ذكر في تقسيم يشوع لأرض الموعد في آخر الأسباط (يش19: 40)؛ ومعنى هذا أن ما يُذكر آخر الكل في حياتنا على الأرض يمكن أن يعطيه الله مكاناً في ملكوته. ورغم أن يعقوب في (تك49: 17، 18) قال عن دان أنه “يكون دان حية على الطريق”، أى أنه يرمز للشر، ولكن عندما يتوب نسله يقبلون في كنيسة العهد الجديد وفى ملكوت السموات.
في (ع4، 6) نجد أن الأسباط التى سكنت شرق الأردن انتقلت لتسكن غربه، وانضم نصفا سبط منسى لبعضهما البعض، وهذا يعنى الوحدانية وإلغاء الانقسامات، ويعنى أيضاً اقتراب الأسباط من بعضها بدون حواجز مادية، مثل نهر الأردن؛ ليكونوا جميعاً حول الرب، الممثل في هيكله، أى المقدس المذكور في (ع8).
وفى (ع4، 5) نجد سكن سبطى منسى وأفرايم بجوار بعضهما البعض، وهما نسل يوسف، وهذا أيضاً يرمز للوحدانية في كنيسة العهد الجديد.
نلاحظ أن السبعة أسباط المذكورة هنا في هذه الآيات متلاصقة، دليلٌ أيضاً على الوحدانية [شكل رقم (2)].
نرى أن الله هو الذى حدد نصيب كل سبط بحيث يكون كافياً لسكناه، وهذا يطمئن كل سبط أن الله هو الذى حدد له نصيبه بمايكفيه، فلا ينزعج من أية اضطرابات، أو هموم تأتى في المستقبل، بل ينشغل في معرفة الله ونموه في محبته، وهذا ما يحدث مع كل مؤمن في العهد الجديد الذى بذبيحة المسيح على الصليب يعطى حياة لكل أولاده في كنيسة العهد الجديد، وفى ملكوت السموات هو نفسه هيكل الله “الخروف هيكلها” (رؤ21: 22).
اهتم بالوحدانية مع من حولك في بيتك وفى الكنيسة وفى كل مكان، وذلك بالحب الذى يجمعكم والذى قد يستدعى بعض التنازلات؛ لتتمتع بالوحدانية وكل بركات الله لمحبيها.
[2] نصيب اللاويين والكهنة والمقدس والمدينة والرئيس (ع8-22) :
8- وَعَلَى تُخْمِ يَهُوذَا مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ تَكُونُ التَّقْدِمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا عَرْضًا، وَالطُّولُ كَأَحَدِ الأَقْسَامِ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ، وَيَكُونُ الْمَقْدِسُ فِي وَسْطِهَا.9- التَّقْدِمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا لِلرَّبِّ تَكُونُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا طُولاً، وَعَشَرَةَ آلاَفٍ عَرْضًا.
10- وَلِهؤُلاَءِ تَكُونُ تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ لِلْكَهَنَةِ. مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا فِي الطُّولِ، وَمِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ عَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ، وَمِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ عَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ، وَمِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا فِي الطُّولِ. وَيَكُونُ مَقْدِسُ الرَّبِّ فِي وَسْطِهَا. 11- أَمَّا الْمُقَدَّسُ فَلِلْكَهَنَةِ مِنْ بَنِي صَادُوقَ الَّذِينَ حَرَسُوا حِرَاسَتِي، الَّذِينَ لَمْ يَضِلُّوا حِينَ ضَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَمَا ضَلَّ اللاَّوِيُّونَ.
12- وَتَكُونُ لَهُمْ تَقْدِمَةً مِنْ تَقْدِمَةِ الأَرْضِ، قُدْسُ أَقْدَاسٍ عَلَى تُخْمِ اللاَّوِيِّينَ. 13- «وَلِلاَّوِيِّينَ عَلَى مُوازَاةِ تُخْمِ الْكَهَنَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا فِي الطُّولِ، وَعَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ. الطُّولُ كُلُّهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَالْعَرْضُ عَشَرَةُ آلاَفٍ.14- وَلاَ يَبِيعُونَ مِنْهُ وَلاَ يُبَدِّلُونَ، وَلاَ يَصْرِفُونَ بَاكُورَاتِ الأَرْضِ لأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ لِلرَّبِّ. 15- وَالْخَمْسَةُ الآلاَفِ الْفَاضِلَةُ مِنَ الْعَرْضِ قُدَّامَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفًا هِيَ مُحَلَّلَةٌ لِلْمَدِينَةِ لِلسُّكْنَى وَلِلْمَسْرَحِ، وَالْمَدِينَةُ تَكُونُ فِي وَسْطِهَا. 16- وَهذِهِ أَقْيِسَتُهَا: جَانِبُ الشِّمَالِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ، وَجَانِبُ الْجَنُوبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ، وَجَانِبُ الشَّرْقِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ، وَجَانِبُ الْغَرْبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ. 17- وَيَكُونُ مَسْرَحٌ لِلْمَدِينَةِ نَحْوَ الشِّمَالِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَنَحْوَ الْجَنُوبِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَنَحْوَ الشَّرْقِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَنَحْوَ الْغَرْبِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. 18- وَالْبَاقِي مِنَ الطُّولِ مُوازِيًا تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ عَشَرَةُ آلاَفٍ نَحْوَ الشَّرْقِ، وَعَشَرَةُ آلاَفٍ نَحْوَ الْغَرْبِ. وَيَكُونُ مُوازِيًا تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ، وَغَلَّتُهُ تَكُونُ أَكْلاً لِخِدْمَةِ الْمَدِينَةِ.19- أَمَّا خَدَمَةُ الْمَدِينَةِ فَيَخْدِمُونَهَا مِنْ كُلِّ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. 20- كُلُّ التَّقْدِمَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا. مُرَبَّعَةً تُقَدِّمُونَ تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ مَعَ مُلْكِ الْمَدِينَةِ.21- وَالْبَقِيَّةُ لِلرَّئِيسِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ لِتَقْدِمَةِ الْقُدْسِ وَلِمُلْكِ الْمَدِينَةِ قُدَّامَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفًا لِلتَّقْدِمَةِ إِلَى تُخْمِ الشَّرْقِ، وَمِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ قُدَّامَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفًا عَلَى تُخْمِ الْغَرْبِ مُوازِيًا أَمْلاَكَ الرَّئِيسِ، وَتَكُونُ تَقْدِمَةُ الْقُدْسِ وَمَقْدِسُ الْبَيْتِ فِي وَسْطِهَا.22- وَمِنْ مُلْكِ اللاَّوِيِّينَ مِنْ مُلْكِ الْمَدِينَةِ فِي وَسْطِ الَّذِي هُوَ لِلرَّئِيسِ، مَا بَيْنَ تُخْمِ يَهُوذَا وَتُخْمِ بَنْيَامِينَ، يَكُونُ لِلرَّئِيسِ.
أعطى الله نصيباً لكل سبط، وكذلك أعطاهم فرصة للتجاوب مع محبته فأمرهم بأن يقدموا تقدمة (ع8) بأن يعطوا مكاناً لسكناه في وسطهم، أى للقدس [شكل رقم (2)]. فالله هو العاطى ولكن يفرح بعطايا أولاده “من يدك أعطيناك” (1أى29: 14).
أعطى الأسباط مكاناً لله في وسطهم؛ حتى يسكن الله وسط شعبه ويكون قلبهم النابض، كما أن القلب في وسط الجسم. وقد بارك الله شعبه من أيام برية سيناء، حين سكن في خيمة الاجتماع، وسط الأسباط، وسيظل هكذا إلى الأبد، كما يظهر في سفر الرؤيا (رؤ21).
وقدم الأسباط لله تقدمة خمس وعشرين ألفاً وهو مضروب 5 × 5 × 1000، أى الخمسة حواس الخارجية، والخمسة حواس الداخلية، أى كل حواس الإنسان ومشاعره وأفكاره مضروبة في 1000، الذى يرمز إلى الأبدية إن عاش بكل حواسه لله يستطيع أن ينال الملكوت الذى ِأعده الله له.
أعطى الأسباط مكاناً لللاويين الذين نصيبهم هو الرب مكاناً من الشرق إلى البحر متاخماً لنصيب يهوذا، طوله خمس وعشرين ألفاً من الشرق إلى الغرب وعرضه عشرة آلاف (ع13) [شكل رقم (2)]. وهذا النصيب لا يبيعون منه ولا يستبدلونه؛ لأنه نصيب الرب ويرمز لمواهب الروح القدس التى لا تشترى أو تباع، كما قال بطرس لسيمون الساحر (أع8: 20) ولا يعطون باكورات منه؛ لأن كل نصيبهم هو ملك لله، وهذا يرمز للملكوت الذى كله مقدس لله.
وكل مؤمن في العهد الجديد لا يعطى فقط عشوره، أو بكوره لله، بل يشعر أن قلبه كله مكرس لله “تحب الرب إلهك من كل قلبك (مت22: 36)
وعرض مكان اللاويين هو 10000 وهو مضروب 10 × 1000 أى من يحيا بوصايا الله العشرة يستطيع أن يتمتع بالأبدية السعيدة.
رتب الله أن يكون مقدسه في وسط نصيب الكهنة (ع10). ونصيب الكهنة طوله خمسة وعشرين ألفاً وعرضه عشرة آلاف، مثل نصيب اللاويين، ومعنى أرقامه تم شرحها في نصيب اللاويين. وسكن الله وسط الكهنة؛ لأنهم هم خدامه الحافظون شريعته وفرائضه وبجوارهم نصيب اللاويين الذين يساعدونهم في الخدمة (ع12) [شكل رقم (2)].
وعندما يذكر نصيب الكهنة يقول أن طول نصيبهم من الجهة الشمالية والجنوبية خمسة وعشرين ألفاً، أما العرض الذى هو من جهة الشرق والبحر، أى الغرب عشرة آلاف، أى مستطيل طوله خمسة وعشرين ألفاً وعرضه عشرة آلاف (ع10).
ويحدد الله أن الكهنة الذين يخدمونه هم نسل صادوق، ومعنى صادوق صادق وأمين ومتمسك بشريعة الله، فيقصد الكهنة الروحيين الملتزمين في العهد الجديد، والذين يكونون بجواره في الملكوت، ويمثلهم طغمة الأربعة والعشرين قسيساً. ويظهر تميز هؤلاء الكهنة الذين لم ينساقوا مع ضلال باقى الكهنة واللاويين، الذين انحرفوا عن الله ورعوا أنفسهم وأهملوا القطيع (ص34).
أما المدينة المقدسة، وهى تعنى أورشليم في العهد القديم، والكنيسة في العهد الجديد، ثم الملكوت السماوى في الأبدية، فيعطى لها نصيباً طوله خمسة وعشرين ألفاً وعرضه خمسة آلاف (ع15). ورقم خمسة كما ذكرنا يرمز للحواس الخمسة ورقم 1000 يرمز للأبدية، فمن يريد أن يحيا في الملكوت يقدس حواسه الخمسة.
ومكان المدينة في وسط هذه الأرض مكاناً مربعاً طول ضلعه أربعة آلاف وخمسمائة (ع16) ويحيط به من جميع الجوانب مساحة مائتين وخمسين تعتبر مسرحاً للمدينة، أى مكاناً لرعى الماشية (ع17). وقياسات المدينة هى 4500 من كل جانب، ويرمز رقم أربعة إلى الجهات الأربعة للعالم، أى أن الملكوت يضم المؤمنين من كل أنحاء العالم، والمدينة مربعة بنفس المعنى، تضم المؤمنين من جهات العالم الأربع. ورقم خمسة كما ذكرنا، يرمز للحواس الخمسة، أما رقم 100 فيرمز لقطيع المسيح، أى كل مؤمن في قطيع المسيح من جهات العالم الأربع يضبط حواسه له مكان في المدينة المقدسة، أى ملكوت السموات.
أما مسرح المدينة، فهو 250، الذى لرعى الماشية وهو مضروب 5 × 5 × 10 أى من يضبط حواسه الخارجية والداخلية في ظل وصايا الله العشرة يستطيع أن يجد مرعى وشبع من الله في الملكوت.
فإذا كان نصيب المدينة مستطيل طوله خمسة وعشرين ألفاً، وعرضه خمسة آلاف، والمدينة في وسطه بمسرحها تشمل مساحة خمسة آلاف × خمسة آلاف، فيبقى على جانبى المدينة مساحتان كل منهما خمسة آلاف × عشرة آلاف (ع18)، تخصص هاتان المساحتان لزراعة النباتات، التى يأكلها سكان المدينة. وهذه المساحة ترمز إلى أن من يضبط حواسه الخمسة ويحفظ وصايا الله العشرة يكون له مكاناً في الأبدية، التى يرمز إليها برقم 1000 (5×10× 1000). وهذه المساحات ترمز للشبع الذى يتمتع به أبناء الملكوت في السماء.
واضح أن كل هذه الأرقام والمساحات رمزية وليس المقصود بها مساحات حقيقية؛ لأنه لم يذكر نوع المقياس مثل ذراع، أو قصبة … لأنه يتكلم عن الملكوت، أو عمل الروح القدس في كنيسة العهد الجديد. بالإضافة لأن هذه المساحات لا يمكن أن يكون مقصود بها مساحات حقيقية في واقع أرض كنعان.
يعلن في (ع19) أن المدينة المقدسة يخدمها كل أسباط إسرائيل، أى أن كل المؤمنين في الملكوت يخدمون بالتسبيح، إذ جميع المؤمنين صاروا مكرسين لله وليس سبطاً واحداً، هو سبط لاوى، كما كان في العهد القديم، أو في العهد الجديد؛ الكهنة المكرسون فقط. وقديماً كان يسكن أورشليم سبطا يهوذا وبنيامين فقط، أما في العهد الجديد وفى الملكوت، فكل المؤمنين يقيمون فيها.
وفى (ع20) يوضح أن القدس ونصيب الكهنة واللاويين وكذلك المدينة المقدسة تكون مساحتها 25000 × 25000 أى تكون مربعة؛ لتعلن قبول المؤمنين من أركان العالم الأربع في السماء، أو في كنيسة العهد الجديد. وقد أصبحت المدينة المقدسة ضمن هذه المساحة، التى يخدمها كل الأسباط، أى صار لكل المؤمنين نصيبٌ وخدمة وتمتع مع الله إلى الأبد. كل هذه المساحة تقدمة من الأسباط لله، شرح تفاصيلها من (ع8-20). وإذ قدم الشعب هذه التقدمة لله. فرح بهم، فأعطاهم أن يقيموا معه في هذه المساحة، أى في المدينة المقدسة ويخدمونه إلى الأبد، وهذا هو الحب الإلهى، الذى يريد أن يرى محبتنا له. ثم يعطينا من فيض حبه إلى الأبد؛ لنتمتع بعشرته. في النهاية وفي ع(21، 22) يوضح أن للرئيس مساحتين متعامدتين على المساحات السابقة إحداهما من الشرق والأخرى من الغرب، وينحصر بينهما ملك اللاويين والكهنة والمدينة وبهذا يحد كل هذه المساحات المقدمة لله من الشمال نصيب يهوذا، ومن الجنوب نصيب بنيامين (ع22).
وبهذا تشمل التقدمة المقدمة لله مكاناً للكهنة وفى وسطهم المقدس وكذلك مكاناً لللاويين والمدينة والرئيس.
والرئيس هو المسيح الذى هو محور كنيسة العهد الجديد والملكوت وهو قائدها ومدبرها، فهو الرأس الذى يحرك الجسد كله. فالمسيح هو في المركز، أى يسكن في القدس، وفى نفس الوقت يحيط بكل المؤمنين، أى هو مركز تفكيرنا وحياتنا وفى نفس الوقت هو يحيط بنا ويحمينا ويحتضنا.
إن كان الله يحمل لك كل هذا الحب ويريدك أن تكون معه إلى الأبد، فكيف تعبر عن حبك له ؟ ماذا ستقدم له في هذه الحياة وتتعب من أجله ؟ فعلى قدر ما تعطى وتظهر بهذا استعدادك للوجود معه، سيفيض عليك ببركات لا تحصى إلى الأبد.
[3] نصيب باقى الأسباط (ع23-29):
23- وَبَاقِي الأَسْبَاطِ: فَمِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِبَنْيَامِينَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 24- وَعَلَى تُخْمِ بَنْيَامِينَ، مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِشِمْعُونَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 25- وَعَلَى تُخْمِ شِمْعُونَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِيَسَّاكَرَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 26- وَعَلَى تُخْمِ يَسَّاكَرَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِزَبُولُونَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 27- وَعَلَى تُخْمِ زَبُولُونَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِجَادٍ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 28- وَعَلَى تُخْمِ جَادٍ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ يَمِينًا يَكُونُ التُّخْمُ مِنْ ثَامَارَ إِلَى مِيَاهِ مَرِيبَةِ قَادِشِ النَّهْرِ إِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. 29- هذِهِ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي تَقْسِمُونَهَا مُلْكًا لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَهذِهِ حِصَصُهُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
ثامار : مدينة محصنة تقع في جنوب غرب البحر الميت وتعبتر نقطة تموين للقوافل.
مريبة قادش : مدينة تقع في جنوب بلاد اليهود.
البحر الكبير : البحر الأبيض المتوسط.
يذكر هنا نصيب باقى الأسباط التى تسكن جنوب المقدس، وهى خمسة أسباط يمتد نصيب كل منها من الشرق إلى البحر غرباً وكل الأنصبة متلاصقة، مثل أسباط الشمال؛ لتأكيد الوحدانية بين الأسباط كما ذكرنا.
ونلاحظ أنه يضع سبعة أسباط في الشمال وخمسة في الجنوب، وبينهما مكان بيت الرب، وهذا يرمز إلى أن من يضبط حواسه الخمسة ينال بركة عمل الله الكامل فيه، الذى يرمز إليه رقم سبعة، ويسكن مع الله إلى الأبد في بيته. ومعنى هذا أن من يضبط حواسه أى يجاهد روحياً ينال عمل النعمة الذى يرمز إليه رقم سبعة، فالجهاد والنعمة ضروريتان معاً للوصول إلى الملكوت.
كل سبط كان له نصيب من الله، فثق أن لك مكاناً في قلب الله وهو يحبك ويريدك أن تثبت فيه؛ لتتمتع بحبه، فتمسك بصلواتك وقراءاتك لكلمة الله كل يوم وأثبت في الكنيسة؛ لتتمتع بعشرة الله.
[4] محيط المدينة وأبوابها (ع30-35) :
30- «وَهذِهِ مَخَارِجُ الْمَدِينَةِ: مِنْ جَانِبِ الشِّمَالِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةِ مِقْيَاسٍ.
31- وَأَبْوَابُ الْمَدِينَةِ عَلَى أَسْمَاءِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ نَحْوَ الشِّمَالِ: بَابُ رَأُوبَيْنَ وَبَابُ يَهُوذَا وَبَابُ لاَوِي. 32- وَإِلَى جَانِبِ الشَّرْقِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ، وَثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ: بَابُ يُوسُفَ وَبَابُ بَنْيَامِينَ وَبَابُ دَانٍ. 33- وَجَانِبُ الْجَنُوبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةِ مِقْيَاسٍ، وَثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ: بَابُ شِمْعُونَ وَبَابُ يَسَّاكَرَ وَبَابُ زَبُولُونَ. 34- وَجَانِبُ الْغَرْبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ، وَثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ: بَابُ جَادٍ وَبَابُ أَشِيرَ وَبَابُ نَفْتَالِي.35- الْمُحِيطُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَاسْمُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ: يَهْوَهْ شَمَّهْ».
نرى أن المدينة المقدسة؛ التى هى ملكوت السموات مربعة، وكل ضلع فيها طوله أربعة آلاف وخمس مئة (ع30) ويقول مقياس ولم يحدد نوعه؛ ليؤكد أن هذه الأرقام رمزية.
ورقم 4 يرمز لأركان العالم الأربعة، أى أن ملكوت السموات يدخله المؤمنون من كل أرجاء المسكونة. ورقم 4000 أى 4 × 1000 والألف ترمز للسماء. ثم رقم 500 وهو مضروب 5 × 100 ، رقم 100 يرمز لقطيع المسيح ورقم 5 يرمز للبركة، كما بارك المسيح الخمس خبزات، أى أن قطيع المسيح المؤمنين به ينالون البركة الدائمة في ملكوت السموات.
وفى (ع30، 31) يبين مخارج المدينة، أى أبوابها، وهى ثلاثة من كل جانب، ففى جانب الشمال، يذكر ثلاثة من الأسباط، والغريب أنه يعطى بابا لسبط لاوى ضمن الأسباط الإثنى عشر، وذلك لأن لاوى هو مكرس ونصيب الرب على الأرض، أما في السماء فكل الأسباط هى نصيب الرب، أى كل المؤمنين؛ لذا يذكر لاوى واحداً ضمن الأسباط. وعلى الأرض لم يكن للاوى ملك في أرض الميعاد، ولكن في السماء له ملك أبدى مع المسيح، مثل باقى الأسباط.
وعدد ثلاثة أبواب يرمز للثالوث القدوس، فمن يدخل الملكوت يجب أن يكون مؤمناً بالله بأقانيمه الثلاثة.
ويقول مخارج المدينة وهى مداخلها في نفس الوقت؛ لأن من يؤمن بالمسيح يحيا في رعايته بحرية كاملة، كما قال المسيح أن من يؤمن به سيحيا معه “ويدخل ويخرج ويجد مرعى” (يو10: 9). فالمؤمن في الملكوت ينطلق تحت رعاية الله ويتحرك بحرية.
وفى (ع32) يذكر من الناحية الشرقية ثلاثة أبواب أحدها ليوسف، إذ أنضم أفرايم ومنسى فيه وهذا دليل على الوحدانية، كما يذكر يوسف بجوار بنيامين. أما الكل فيشبع شبعاً كاملاً، سواء البكر روحياً، أى يوسف، أو باقى إخوته، فلم يعد هناك تملك للماديات كما على الأرض، عندما كان يعطى الضعف للبكر. ويضع يوسف في باب الشرق، الذى يرمز للبركة؛ لأن الشرق أتم فيه المسيح الخلاص على الصليب؛ فهذه الأسباط الثلاثة لعل منها يكون أناس لهم تميز في الحياة الروحية؛ لأن نجماً يمتاز عن نجم في المجد في الملكوت.
وفى (ع35) يعلن أن اسم المدينة السماوية هو “يهوه شمه” وهى كلمة عبرية بمعنى “يهوه هناك” أى “الله هناك”، أى تغير اسمها من أورشليم مدينة السلام إلى يهوه شمه، أى وجود دائم مع الله.
وإن كان سفر حزقيال يعلن في الأصحاح الأول منه ظهور الله بمجده بين الكاروبيم، فينهى السفر بالسكنى مع الله إلى الأبد. فغاية السفر هو التوبة والحياة مع الله؛ لنتمتع إلى الأبد بعشرته.
الله أعد لك مكاناً عظيماً فى السماء، فجاهد وتمسك بوصاياه لتحصل على هذا المكان الرائع، وتفرح إلى الأبد مع الله.