المخادع المقدسة
(1) مخادع الهيكل (ع1-12):
1- وَأَخْرَجَنِي إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ جِهَةِ الشِّمَالِ، وَأَدْخَلَنِي إِلَى الْمِخْدَعِ الَّذِي هُوَ تُجَاهَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ، وَالَّذِي هُوَ قُدَّامَ الْبِنَاءِ إِلَى الشِّمَالِ.2- إِلَى قُدَّامِ طُولِ مِئَةِ ذِرَاعٍ مَدْخَلُ الشِّمَالِ، وَالْعَرْضُ خَمْسُونَ ذِرَاعًا. 3- تُجَاهَ الْعِشْرِينَ الَّتِي لِلدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَتُجَاهَ الْمُجَزَّعِ الَّذِي لِلدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ أُسْطُوَانَهَ تُجَاهَ أُسْطُوَانَةٍ فِي الطَّبَقَاتِ الثَّلاَثِ. 4- وَأَمَامَ الْمَخَادِعِ مَمْشًى عَشَرُ أَذْرُعٍ عَرْضًا. وَإِلَى الدَّاخِلِيَّةِ طَرِيقٌ، ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ عَرْضًا وَأَبْوَابُهَا نَحْوَ الشِّمَالِ. 5- وَالْمَخَادِعُ الْعُلْيَا أَقْصَرُ. لأَنَّ الأَسَاطِينَ أَكَلَتْ مِنْ هذِهِ. مِنْ أَسَافِلِ الْبِنَاءِ وَمِنْ أَوَاسِطِهِ. 6- لأَنَّهَا ثَلاَثُ طَبَقَاتٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَعْمِدَةٌ كَأَعْمِدَةِ الدُّورِ، لِذلِكَ تَضِيقُ مِنَ الأَسَافِلِ وَمِنَ الأَوَاسِطِ مِنَ الأَرْضِ. 7- وَالْحَائِطُ الَّذِي مِنْ خَارِجٍ مَعَ الْمَخَادِعِ نَحْوَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ إِلَى قُدَّامِ الْمَخَادِعِ، طُولُهُ خَمْسُونَ ذِرَاعًا. 8- لأَنَّ طُولَ الْمَخَادِعِ الَّتِي لِلدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا. وَهُوَذَا أَمَامَ الْهَيْكَلِ مِئَةُ ذِرَاعٍ. 9- وَمِنْ تَحْتِ هذِهِ الْمَخَادِعِ مَدْخَلٌ مِنَ الشَّرْقِ مِنْ حَيْثُ يُدْخَلُ إِلَيْهَا مِنَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ. 10- اَلْمَخَادِعُ كَانَتْ فِي عَرْضِ جِدَارِ الدَّارِ نَحْوَ الشَّرْقِ قُدَّامَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ وَقُبَالَةَ الْبِنَاءِ. 11- وَأَمَامَهَا طَرِيقٌ كَمِثْلِ الْمَخَادِعِ الَّتِي نَحْوَ الشِّمَالِ، كَطُولِهَا هكَذَا عَرْضُهَا وَجَمِيعُ مَخَارِجِهَا وَكَأَشْكَالِهَا وَكَأَبْوَابِهَا،
12- وَكَأَبْوَابِ الْمَخَادِعِ الَّتِي نَحْوَ الْجَنُوبِ بَابٌ عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقِ. الطَّرِيقِ أَمَامَ الْجِدَارِ الْمُوافِقِ نَحْوَ الشَّرْقِ مِنْ حَيْثُ يُدْخَلُ إِلَيْهَا.
ع1: أخرج المسيح (الرجل الذى بيده القصبة) حزقيال من الدار الداخلية من خلال الباب الشمالى إلى الدار الخارجية وأدخله إلى مخادع الهيكل، التى تقع شمال البيت، أى القدس وقدس الأقداس وشمال المكان المنفصل.
ع2: كانت مخادع الهيكل التى تقع ناحية الشمال طولها مئة ذراعاً وعرضها خمسون ذراعاً.
ع3: كانت هذه المخادع واقعة بين الساحة ذات العشرين ذراعاً المحيط بالبيت وبين المجزع، أى الغرفات المعدة للشعب في الدار الخارجية.
كانت هذه المخادع مقامة في ثلاثة طوابق، وكل طابق به صفين من المخادع وأمام كل صف صالة، أو دهليز طويل، ويسمى هنا اسطوانة وفى الترجمة الإنجليزية (Gallery) وفى الترجمة اليسوعية “ممشى”.
ع4: كان بين صفى المخادع والصالات الملحقة بها طريق، أو ممر يسمى ممشى عرضه عشرة أذرع؛ للدخول منه إلى هذه المخادع والصالات المحاطة بها.
ومجموعة المخادع هذه يفصلها عن الدار الداخلية طريق ضيق، عرضه ذراع واحد؛ ليميزها عن الدار الداخلية، ولكن هذه الغرفات كان يقيم بها الكهنة الذين يخدمون الهيكل.
في (ع2) يذكر أن عرض هذه الغرفات خمسون ذراعاً، فيكون عرض كل صف من المخادع والصالة الملحقة به حوالى عشرين ذراعاً.
ع5، 6: أقصر : أضيق، كما هو مكتوب في الترجمة اليسوعية.
الأساطين : المقصود بها الأسطوانات المذكورة في (ع4)، أى الصالات الملحقة بالمخادع.
يحدثنا عن الصالات الملحقة بالمخادع أنها كانت عريضة أمام المخادع التى في الطابق العلوى، ثم تضيق الصالة وتتسع المخادع التى أمامها في الطابق الأوسط، أما في الطابق السفلى، أى الأرض فتكون الصالة أكثر ضيقاً وبالتالى تكون مخادعها أكثر اتساعاً، وهذا تفسير الآية “الأساطين أكلت من هذه”، أى أن الصالات تزداد اتساعاً على حساب المخادع كلما صعدنا إلى أعلى. وهذا يرمز إلى اتساع قلب الإنسان بالمحبة لله وللآخرين، كلما ارتفع نحو السماء. ولم تقم هذه المخادع على أعمدة، بل على حوائط.
ليتك تهتم بصلواتك وبتأملاتك في الكتاب المقدس؛ حتى تحب الله وتستطيع أن تحب الناس ولا تغضب عليهم، أو تدينهم، بل تطيل أناتك وتشفق عليهم وتساعدهم قدر ما تستطيع.
ع7، 8: يؤكد لنا هنا ما سبق أن ذكر في (ع2) أن عرض هذه الوحدة من المخادع هو الخمسون ذراعاً، وطولها مئة ذراع، وتشمل صفى المخادع بصالاتها، والممشى الذى بينها، بالإضافة للطريق الضيق الذى نحو الدار الداخلية.
الثلاثة طوابق التى للمخادع ترمز إلى :
- الطابق السفلى يرمز للمبتدئين في الحياة الروحية، والأوسط للسالكين بالكمال، أما العلوى فللمنطلقين بالروح.
- الطابق السفلى يرمز لتفسير الكتاب المقدس تفسيراً حرفياً، والطابق الأوسط لمن يطبقونه في حياتهم وسلوكهم، أما العلوى فيرمز إلى التفسير الروحى بأعماقه المتسعة جداً.
- في ملكوت السموات نجماً يمتاز عن نجم، أى توجد درجات في المجد، وهو ما يرمز إليه تعدد الطوابق.
وكانت المخادع قريبة جداً من الهيكل؛ لأن الله يريد ان يكون كهنته وخدامه مرتبطين به جداً.
والمخادع أيضاً، كما ذكرنا، ترمز إلى الحياة الداخلية للإنسان الروحى وعبادته الخاصة في بيته والتى تنتج عن عبادته في الكنيسة.
ع9-12: يحدثنا هنا عن وحدة ثانية من المخادع موجودة ناحية الجنوب، مقابلة للتى نحو الشمال، أى على الجانب الجنوبى من البيت وهو القدس وقدس الأقداس والبناء المنفصل.
هذه الوحدة مماثلة تماماً لنظيرتها التى نحو الشمال، المذكور تفاصيلها في الأعداد السابقة. ولكل وحدة من هاتين الوحدتين الشمالية والجنوبية مدخل وباب نحو الشرق.
يلاحظ أن وحدتى المخادع الشمالية والجنوبية على جانبى البيت والبناء المنفصل الذى أمامه هما بطول 100 × 50 لكل وحدة على جانبى 200 × 100 ذراع (الهيكل والبناء المنفصل) فيكون الشكل العام لها جميعاً على شكل صليب، فالمسيح المصلوب هو محور خلاص اليهود في الهيكل، والأمم في البناء المنفصل، والحياة الروحية الخاصة في المخادع. بالإضافة إلى أن كل المؤمنين من أصل يهودى وأممى، وكذلك الشعب والكهنة، الكل أعضاء في جسد المسيح الواحد المصلوب على الصليب.
(2) إستخدام المخادع (ع13، 14):
13- وَقَالَ لِي: «مَخَادِعُ الشِّمَالِ وَمَخَادِعُ الْجَنُوبِ الَّتِي أَمَامَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ هِيَ مَخَادِعُ مُقَدَّسَةٌ، حَيْثُ يَأْكُلُ الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى الرَّبِّ قُدْسَ الأَقْدَاسِ. هُنَاكَ يَضَعُونَ قُدْسَ الأَقْدَاسِ وَالتَّقْدِمَةَ وَذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ وَذَبِيحَةَ الإِثْمِ، لأَنَّ الْمَكَانَ مُقَدَّسٌ. 14- عِنْدَ دُخُولِ الْكَهَنَةِ لاَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُدْسِ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ، بَلْ يَضَعُونَ هُنَاكَ ثِيَابَهُمُ الَّتِي يَخْدِمُونَ بِهَا لأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ، وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا غَيْرَهَا وَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى مَا هُوَ لِلشَّعْبِ».
ع13: خصصت المخادع المذكورة في الآيات السابقة للكهنة، حيث يأكلون فيها اللحم المقدس الذى للذبائح، الذى لابد أن يؤكل في المكان المقدس، كما نصت الشريعة (لا6: 26). والمقصود بقدس الأقداس هو لحم الذبائح الذى خصص للكهنة؛ ليأكلوه بجوار الهيكل، وهو اللحم المأخوذ من ذبائح الخطية والإثم. وكذلك يأكل الكهنة أيضاً الجزء المخصص لهم من تقدمة القربان (لا2).
ع14: تستخدم هذه المخادع أيضاً ليبدل فيها الكهنة ثيابهم. فيلبسون ثياب الخدمة ليخدمون بها في الهيكل، وعند مقابلة الشعب يتركون ثياب الكهنوت في هذه المخادع ويلبسون ثيابهم العادية، ولا يخرج الكهنة بالثياب الكهنوتية إلى الدار الخارجية.
وهذا ما يحدث في الكنيسة عندما يلبس الكهنة ثياب الخدمة البيضاء ليدخلوا إلى الهيكل، وبعد انتهاء القداس يخرجون بثيابهم العادية إلى الشارع.
يلاحظ في المخادع الرموز الآتية :
- كان فيها ممشى وهذا يرمز للنمو الروحى، أى السير في طريق الله.
- كان للمخادع أبواب، وهذه ترمز إلى أن الله يدعو الكل ليؤمنوا به، ويصيروا كهنة يقدمون ذبائح روحية هى عبادتهم العقلية (رو12: 1).
- كان الكهنة يأكلون اللحم المقدس في المكان المقدس في هذه المخادع، وهذا يرمز لتناول المؤمنين في العهد الجديد جسد الرب ودمه في الهيكل.
تذكر عندما تتقدم للصلاة أمام الله أن تنقى قلبك بالتوبة من كل خطية، وتلبس ثياب البر، فترفع صلوات وتسابيح تقدسك وتفرح وجه الله.
(3) قياس السور (ع15-20):
15- فَلَمَّا أَتَمَّ قِيَاسَ الْبَيْتِ الدَّاخِلِيِّ، أَخْرَجَنِي نَحْوَ الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَقَاسَهُ حَوَالَيْهِ.
16- قَاسَ جَانِبَ الْمَشْرِقِ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ، خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ حَوَالَيْهِ. 17- وَقَاسَ جَانِبَ الشِّمَالِ، خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ حَوَالَيْهِ. 18- وَقَاسَ جَانِبَ الْجَنُوبِ، خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ. 19- ثُمَّ دَارَ إِلَى جَانِبِ الْغَرْبِ وَقَاسَ خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ.
20- قَاسَهُ مِنَ الْجَوَانِبِ الأَرْبَعَةِ. لَهُ سُورٌ حَوَالَيْهِ خَمْسُ مِئَةٍ طُولاً، وَخَمْسُ مِئَةٍ عَرْضًا، لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ.
ع15-20: يحدثنا في النهاية في هذه الآيات عن السور المحيط بالهيكل وكل الدور والمخادع التى داخلها، فيقول أن طوله 500 قصبة من الأربعة جوانب وهذا يرمز إلى :
- مكان الهيكل مربع؛ لأنه يتسع لكل المؤمنين بالمسيح من أركان العالم الأربع.
- هذه المساحة أكبر من خيمة الاجتماع وهيكل سليمان، فهو بالتالى لابد أن ينطبق على كنيسة العهد الجديد المتسعة؛ لتضم العالم كله، ويقدم فيها ذبيحة واحدة ترمز لها كل الذبائح وهى جسد الرب ودمه.
- رقم 5 يرمز إلى بركة الله الذى بارك الخمس خبزات، و100 تمثل قطيع المسيح، أى المائة خروف التى ضاع واحد منها، أى أن الهيكل الذى قياسه 500 من كل جانب وهو 5 × 100 يرمز إلى نعمة المسيح المعطاة للمؤمنين به في الكنيسة.
- إذا كان رقم 5 يرمز إلى بركة الله، فرقم 100 يرمز أيضاً إلى مكافأة الله لمن يترك ماديات العالم فيكافئه الله بمئة ضعف، فرقم 500 يرمز لنعمة الله ومكافآته للمؤمنين به في الكنيسة وفى الحياة الأبدية.
- رقم 1000 يرمز للحياة الأبدية لأن يوماً واحداً عند الله كألف سنة. ورقم 500 هو نصف الـ1000، فيرمز للمؤمنين المجاهدين في الكنيسة على الأرض، الذين إذا أكملوا جهادهم يكملون إلى 1000 أى يدخلون ملكوت السموات.
- السور من كل جانب هو المسيح الذى يحمى أولاده داخل كنيسته.
- داخل هذه الأسوار، أى الكنيسة يأكل المؤمنون الطعام المقدس، الذى هو جسد الرب ودمه، وبهذا يتم الفصل بين المقدس وهو جسد الرب ودمه، والمحلل وهو كل ما في العالم، أى كل ما يحل للإنسان أن يستخدمه، ولكن يترك كل ما لا يوافقه منه.
الكنيسة تنتظرك كل يوم؛ لتجد حياتك فيها من خلال جسد الرب ودمه، وداخل أسوارها تجد حمايتك ورعايتك، فلا تنشغل عن خلاص نفسك بأمور العالم الزائلة.
ملحوظة :
- يخبرنا الأصحاح 46 من هذا السفر (ع19-24) أن هناك أربعة مطابخ في أركان الدار الخارجية؛ ليطبخ الطباخون فيها اللحم لأكل الشعب. بالإضافة إلى مطبخين بجوار مخادع الكهنة وتقدمة القربان فلا يحتاجوا للخروج إلى المطابخ الخارجية، ولأن هذا اللحم يأكله الكهنة فقط.
- تذكر دائماً أن الأصحاحات الثلاثة 40-43 بكل تفاصيلها هى رمزية ويصعب جداً تطبيقها عملياً، إذ تلاحظ أحياناً عدم المنطقية في القياسات في الحجرات مثلاً عرضها 4 أذرع أما السور المحيط بها فهو 6 أذرع و5 أذرع (ص41: 2، 5) أى أن المهم هو الفهم الروحى الرمزى، وكلها تشير إلى الكنيسة في العهد الجديد.