بابل تهزم مصر
(1) تهديد مصر وخوفها (ع1-9):
1- وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 2- «يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَلْوِلُوا: يَا لَلْيَوْمِ! 3- لأَنَّ الْيَوْمَ قَرِيبٌ، وَيَوْمٌ لِلرَّبِّ قَرِيبٌ، يَوْمُ غَيْمٍ. يَكُونُ وَقْتًا لِلأُمَمِ. 4- وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ، وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ، وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا.
5- يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ اللَّفِيفِ، وَكُوبُ وَبَنُو أَرْضِ الْعَهْدِ. 6- هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: وَيَسْقُطُ عَاضِدُو مِصْرَ، وَتَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا. مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ يَسْقُطُونَ فِيهَا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 7- فَتُقْفِرُ فِي وَسْطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَتَكُونُ مُدُنُهَا فِي وَسْطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ.
8- فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ إِضْرَامِي نَارًا فِي مِصْرَ، وَيُكْسَرُ جَمِيعُ أَعْوَانِهَا. 9- فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِي رُسُلٌ فِي سُفُنٍ لِتَخْوِيفِ كُوشَ الْمُطْمَئِنَّةِ، فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي يَوْمِ مِصْرَ، لأَنَّهُ هُوَذَا يَأْتِي.
ع1، 2: إن كان الأصحاح السابق قد انتهى بإظهار قوة شعب الله المتكل عليه، وانفتاح فم نبيه حزقيال، فهذا الأصحاح يحدثنا عن انهزام البعيدين عن الله الوثنيين، الذين تمثلهم مصر ويرمزون للشيطان.
ينادى الله كل الأمم لتبكى وتصرخ بحزن على يوم تحطيم مصر، وهو يرمز أيضاً ليوم الدينونة، حيث يلقى الشيطان فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
عندما يقول “يا” يقصد كل الأمم، فلا تبكى مصر فقط، أو دولة معينة، بل العالم كله؛ لأنهم ظنوا أن مصر دولة عظيمة جداً، فيرونها الآن تتحطم، وكذلك كل من سلك فى الشر وراء الشيطان يرونه يلقى فى العذاب الأبدى.
ع3: يعلن الله أن يوم تحطيم مصر وتأديبها سيكون قريباً، ويظهر فيه الغيم، الذى يرمز للحزن وعدم وضوح الرؤية، إذ انقلبت آمال العالم فى مصر، وتحطمت، ولعل هذا الغيم يدعو الأمم للبحث عمن يتكلون عليه، فيصلوا إلى الله.
? ليتنا نستعد ليوم الدينونة كل يوم، لأننا لا نعرف متى نخرج من هذا العالم. وهذا الاستعداد يكون بالتوبة والالتصاق بالله، وهذا ينتج عن محبة وتسامح للكل وعمل الخير مع كل محتاج. ويدعوه يوماً للرب؛ لأنه يطلب نفوس كل العالم لتؤمن به، ومن لا يؤمن سينال عذابه.
ع4: كوش : الحبشة والمقصود هنا النوبة.
عندما تهجم بابل على مصر، وتقتل الكثيرين من أبنائها، وتنهب ثروتها، وتهدم قصورها ومعابدها، يخاف ليس فقط المصريون، بل أيضاً البلاد التابعة لمصر، مثل النوبة، إذ رأوا الدولة التى تحميها تتحطم.
ع5: فوط ولود وكوب : مناطق فى شمال أفريقيا، أى فى ليبيا وما حولها.
اللفيف : الأقليات المقيمة فى مصر من غير المصريين.
بنو أرض العهد : البلاد التى تحالفت مع مصر.
سيغطى الخوف جميع البلاد المحيطة بمصر، والتى تحالفت معها، وكذلك أيضاً غير المصريين، الذين سكنوا فى مصر؛ لأن بابل ستقتل منهم أيضاً الكثيرين.
ع6: يؤكد الله أن الخراب والهجوم البابلى سيشمل مصر كلها من أقصى شمالها، أى مجدل إلى أقصى جنوبها، أى أسوان. ويضعف عاضدو مصر ويخافون؛ لأن مصر العظيمة قد سقطت، فيخاف كل من كان يساندها.
ع7: وتصبح مصر قفراً وخراباً وتعتبر من الأماكن الخربة فى العالم، وليست من الدول العظيمة الغنية.
ع8: عندما ترى الأمم تحطيم مصر وكل من يساندها، يعلمون أن القوة الحقيقية هى الله وحده وليس البشر مثل مصر؛ لعلهم يرجعون لله ويؤمنون. وإضرام النار المقصود بها تخريب مصر، كما تحرق النار وتخرب كل ما تأتى عليه.
والله هو الذى سيضرم النار، أى أن الله هو الذى يسمح لبابل أن تحطم مصر ليكسر كبرياءها.
ع9: وعند تحطيم مصر سيهرب البعض من المصريين فى سفن إلى كوش، التى يقصد بها هنا ليس فقط النوبة بل الحبشة أيضاً، أى تخاف كل البلاد التى تعيش فى سلام، المتكلة على مصر.
(2) تحطيم مصر وسبيها (ع10-19):
10- « هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُبِيدُ ثَرْوَةَ مِصْرَ بِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ.
11- هُوَ وَشَعْبُهُ مَعَهُ، عُتَاةُ الأُمَمِ يُؤْتَى بِهِمْ لِخَرَابِ الأَرْضِ، فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى مِصْرَ وَيَمْلأُونَ الأَرْضَ مِنَ الْقَتْلَى. 12- وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ، وَأُخْرِبُ الأَرْضَ وَمِلأَهَا بِيَدِ الْغُرَبَاءِ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ.13- هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأُبِيدُ الأَصْنَامَ وَأُبَطِّلُ الأَوْثَانَ مِنْ نُوفَ. وَلاَ يَكُونُ بَعْدُ رَئِيسٌ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَأُلْقِي الرُّعْبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. 14- وَأُخْرِبُ فَتْرُوسَ، وَأُضْرِمُ نَارًا في صُوعَنَ، وَأُجْرِي أَحْكَامًا فِي نُو. 15- وَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَى سِينَ، حِصْنِ مِصْرَ، وَأَسْتَأْصِلُ جُمْهُورَ نُو. 16- وَأُضْرِمُ نَارًا فِي مِصْرَ. سِينُ تَتَوَجَّعُ تَوَجُّعًا، وَنُو تَكُونُ لِلتَّمْزِيقِ، وَلِنُوفَ ضِيقَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ.
17- شُبَّانُ آوَنَ وَفِيبِسْتَةَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَهُمَا تَذْهَبَانِ إِلَى السَّبْيِ. 18- وَيُظْلِمُ النَّهَارُ فِي تَحْفَنْحِيسَ عِنْدَ كَسْرِي أَنْيَارَ مِصْرَ هُنَاكَ. وَتَبْطُلُ فِيهَا كِبْرِيَاءُ عِزِّهَا. أَمَّا هِيَ فَتَغْشَاهَا سَحَابَةٌ، وَتَذْهَبُ بَنَاتُهَا إِلَى السَّبْيِ. 19- فَأُجْرِي أَحْكَامًا فِي مِصْرَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
ع10: تميزت مصر بأنها من أغنى الدول فى العالم القديم لوجود نهر النيل بها، ووفرة الزراعة والمحاصيل، ومن ناحية أخرى تربية المواشى بها. فيعلن الله أنه سيبيد ويفنى ثروة مصر العظيمة بيد بابل. حتى لا تتكل عليها مصر وتتكبر، بل وتصير أمة حقيرة وفقيرة وقفر، كما ذكر فى هذا الأصحاح والأصحاح السابق، وحينئذ تتكل على الله ويباركها، فتصير من أعظم الدول فى الإيمان.
الله أعطى مصر خيرات كثيرة ولكنها لم تكن أمينة عليها وتشكر الله، بل تكبرت بسببها وأرجعت الفضل لآلهتها ونسيت الله؛ فأزال خيراتها.
? اشكر الله دائماً على إمكانياتك ومواهبك، فيباركك ويزيد عطاياه لك وتتمتع بما هو أعظم وهو الغنى الروحى، فتشعر بوجود الله معك وتذوق الملكوت وأنت على الأرض.
ع11: عتاة : جبابرة وأقوياء.
يعلن الله أن الذى سيبيد ثروة مصر ويحطمها هو ملك بابل، ويقصد نبوخذنصر الذى سيقتل المصريين، ومعه جيشه الجبار، فيكثر القتل فى كل أنحاء مصر.
ع12: يبين الله أن إبادة ثروة مصر ستتم بأمرين :
- جفاف أنهارها، أى نهر النيل وفروعه، إذ سيسمح ألا تأتى مياه الفيضان وبالتالى تحدث مجاعة فى مصر لضعف الزراعة بها.
- هجوم بابل على كل أنحاء مصر، فيستولون على أراضيها. ويسميهم الله الأشرار والغرباء لأنهم يسيئون إلى مصر جداً وهم غرباء عنها. وفى النهاية يقرر الله أنه هو المسئول عن هذا التأديب لمصر، وأن بابل مجرد أداة لتنفيذ خطته، وبالطبع يقصد الله اتضاع مصر وتوبتها.
ع13: نوف : مدينة عظيمة كانت عاصمة لمصر، وتسمى ممفيس باليونانية، وهى تبعد 10 أميال جنوب القاهرة الحالية وقامت فيها الأهرامات المعروفة حتى الآن، أى أنها كانت فى مكان الجيزة الحالية بجوار قرية تسمى ميت رهينة، وقد زالت نوف.
كانت مصر تعتمد فى قوتها على آلهتها الوثنية، فيعلن الله أنه سيحطم هذه الأصنام بيد بابل، وسيخاف كل المصريين عندما تحتلهم بابل ولا يوجد ملك لمصر بسبب خضوع مصر لبابل، إذ كانت مصر قديماً تفتخر بفراعينها وتعبدهم، ولكن بعد احتلالها تعود إلى الله وتتكل عليه.
ع14: فتروس : مصر العليا، أى جنوب مصر وتشمل منطقة قنا والأقصر وأسوان، أى ما هو جنوب أسيوط.
صوعن : مدينة عظيمة تقع شرق الدلتا، أى مكان محافظة الشرقية الحالية، وتسمى أيضاً مدينة تانيس، وكانت فيها مقابلات موسى وفرعون والضربات العشر. وقد بنيت صوعن بعد مدينة حبرون التى تقع جنوب بلاد اليهود وذلك بسبع سنوات (عد13: 22).
نو : هى مدينة طيبة، وكانت عاصمة لمصر، وتقع فى محافظة الأقصر حالياً، وفيها معبد الكرنك، أى عبادة الإله أمون، وكانت تسمى نو آمون أو آمون نون.
يقرر الله أن تخريب بابل لمصر سيشمل كل مدنها العظيمة ويكون أقصى الجنوب، وهى منطقة فتروس، وفيها مدينة نو، وأيضاً فى شمال مصر، أى مصر السفلى حيث مدينة صوعن.
ع15: سين : حصن مصرى فى الناحية الشرقية منها يقع شمال مدينة القنطرة على بعد عشرين ميلاً وشرق مدينة بورسعيد الحالية.
يتنبأ حزقيال بأن الله سيسمح بتحطيم أقوى حصون مصر الشرقية وهى سين. ثم يكرر هنا أنه سيقتل الجمهور الكبير المجتمع فى مدينة نو لتقديم العبادة لأشهر الآلهة المصرية وهى آمون رع.
أى أن الله سيجعل مصر غير محصنة يغزوها أى إنسان، وفى نفس الوقت يحطم أهم معابدها لتشعر بضعف آلهتها لعلها تؤمن بالله.
ع16: يلخص الله فى النهاية الدمار الذى يحل فى مصر، وإزالة ثرواتها، كأن ناراً قد أحرقتها ولعل البابليين، قد أحرقوا مدناً فى مصر. ثم يبين أن أهم مدن مصر كانت فى ضيق وألم شديد ومنها الحصون، مثل سين ونو التى فيها أهم العبادات المصرية، وكانت عاصمة مصر ثم العاصمة الى تليها وهى نوف المدينة العظيمة.
ع17: آون : أى مدينة الشمس وهى عين شمس، وتسمى أيضاً هليوبوليس، وتبعد سبعة أميال شمال شرق القاهرة وكان فيها بيت حمى يوسف.
فيبسته : ومعناها بيت الآلهة باست، ومكانها الآن تل بسطا شرق الدلتا بجوار الزقازيق، ومرت به العائلة المقدسة.
يقرر الله أن الشبان فى مدن الآلهة المشهورة مثل آون وفيبسته ستقتلهم سيوف بابل، ثم يأخذون الباقين من سكانها سبايا. ولأن الشباب يمثل القوة، فمعنى ذلك، فقد مصر قوتها، والباقى من قوتها يؤخذون سبايا، أى تتجرد من كل قوة فيها.
ع18: تحفنحيس : هو أحد الحصون المصرية المشهورة، ويقع غرب القنطرة على بعد عشرة أميال أى شرق الدلتا. وقد هرب إليها بنو إسرائيل ومعهم إرميا (أر43: 7).
أنيار : جمع نير، وهى الخشبة المستعرضة التى توضع على رقبتى الحيوانين اللذين يجران الآلات الزراعية. والنير يرمز للتسلط واستعباد الآخرين.
يواصل وصف الدمار الذى يحل بمصر، بأن الظلام يغطى تحفنحيس، أى أن الغبار الحادث من تدمير هذه المدينة يغطى الجو حتى يكاد النهار يظلم، وبهذا يظهر ضعف الإله رع إله الشمس الذى يعبدونه، فلا يستطيع أن يضئ على المدن المصرية المخربة.
بهذا لم يعد لمصر سلطاناً على مدنها، أو سلطاناً على البلاد المجاورة، أى كسرت أنيارها، وهو استعبادها وتسلطها على البلاد المجاورة لها. ويبطل الله كبرياء مصر وتفاخرها، إذ تحطمت وصارت حقيرة، وقد غطتها سحابة التراب الناتج من تدمير المدن، بالإضافة إلى ذلك تؤخذ بناتها سبايا؛ أى سكانها يسبون إلى بابل والدول التابعة لها. وبكسر كبرياء مصر تحررت من سلطان الشيطان عليها، فصارت مستعدة لأن تقبل عليها سحابة الإيمان، أى العائلـة المقدسة، العذراء ويوسف النجار والمسيح الذى يبارك أرضها، كما تنبأ أشعياء (اش19: 25).
ع19: بإتمام هذه العقوبات الإلهية على مصر، وعندما تحدث، سيعلم الناس بصدق كلام الله الذى تنبأ به على فم حزقيال لعل هذا يدعوهم إلى الإيمان به.
ويلاحظ فى هذا الدمار الذى سيسمح به الله أنه سيكون منتشراً فى مصر كلها، بدليل كثرة المدن العظيمة المذكورة. وسيكون أيضاً هذا الدمار عميقاً فى تأثيره بسبب جفاف نهر النيل، فيموت الكثير من الإنسان والحيوان.
(3) تدمير مصر وتشتيتها (ع20-26):
20- وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي السَّابعِ مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ قَائِلاً: 21- «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنِّي كَسَرْتُ ذِرَاعَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، وَهَا هِيَ لَنْ تُجْبَرُ بِوَضْعِ رَفَائِدَ وَلاَ بِوَضْعِ عِصَابَةٍ لِتُجْبَرَ فَتُمْسِكَ السَّيْفَ. 22- لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ، وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ. 23- وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي. 24- وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ، وَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْ فِرْعَوْنَ فَيَئِنُّ قُدَّامَهُ أَنِينَ الْجَرِيحِ. 25- وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ، أَمَّا ذِرَاعَا فِرْعَوْنَ فَتَسْقُطَانِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَمُدُّهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ.
26- وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
ع20: يحدد الله ميعاد هذه النبوة، أنه فى أول الشهر السابع من السنة الحادية عشر لسبى يهوياكين، كان كلام الله بالنبوة على فم حزقيال النبى، وفى هذه السنة تم سقوط أورشليم. فهو يتنبأ عن سقوط مصر وتدمير قوة فرعون مصر خفرع، وكان ذلك فى عام 587 ق.م.
ع21: رفائد : جمع رفادة وهى قطع من القماش توضع على الجروح والكسور وتحتها بعض الأدوية لعلاج المصاب.
عصابة : قطعة طويلة من القماش تربط بها الكسور لتكون مساندة لها.
يعلن الله أنه قرر تحطيم قوة مصر التى يرمز إليها بذراعيها، وأن الأذرع المكسورة لا يمكن علاجها بالأدوية البشرية، وربطها بالرفائد والعصابات، لأن التحطيم هو من قبل الله، ولن تستطيع أن تدافع عن نفسها بحمل السيف، وبالتالى أيضاً ليس لها سلطان أن تهاجم غيرها من البلاد، أى أصبحت ضعيفة جداً. كل هذا لتتضع ولا يكن أمامها إلا أن تؤمن بالله.
ع22: يؤكد الله أنه يحطم قوة فرعون، وإن كانت بعض قوته قد ضاعت، أى كُسرت إحدى ذراعيه، فسيكسر الله ذراعه الأخرى التى مازالت قوية، وبها يحطم كل قوته، فلا يستطيع أن يمسك بالسيف؛ أى يعجز عن الدفاع عن نفسه.
ع23: إذ ضعفت قوة مصر، أصبح المصريون ضعفاءً فهربوا إلى البلاد المحيطة وأخذ منهم الكثيرون سبايا بواسطة بابل.
ع24، 25: على الجانب الآخر يعطى الله قوة لملك بابل، أى يشدد ذراعيه ويعطيه سيف ليقتل ويخيف مصر، ويكون المصريون بقيادة ملكهم مكسورين وضعفاء ومجروحين ويتوجعون من جروحهم وضعفهم أمام ملك بابل. وعندما يحدث هذا يعلم العالم كله صدق نبوة حزقيال.
وفرعون مصر يرمز إلى الشيطان، الذى قيده المسيح على الصليب، والمسيح يرمز إليه بملك بابل. ويلاحظ أن ملك بابل حطم ذراعى فرعون فقط ولم يقتله، كما أن المسيح قيد الشيطان فقط بالصليب، فلم يعد له سلطان على المؤمنين، يخيفهم فقط ويغريهم، ولكن لا يستطيع أن يقبض عليهم ويذهب بهم إلى الجحيم. وإذا تمسك المؤمنون بالمسيح، يستطيعون قهر الشيطان ويصلون إلى الملكوت.
ع26: يكمل عقاب الله للمصريين بهروبهم إلى البلاد المحيطة، وتشتيتهم بالسبى ليفقدوا ارتباطهم بأرضهم التى افتخروا بها، فيؤمنوا بالله ويتكلوا عليه.? ليتك تفهم معنى الضيقات التى تمر بك، والتى تقودك للتمسك بالله والاتكال عليه حين تبطل كل مساندة أرضية، ولا يبقى إلا الله القوى، فيملك على قلبك ويريحك ويفرحك.