القدس وقدس الأقداس ونقوش الهيكل
(1) القدس وقدس الأقداس (ع1-11):
1- وَأَتَى بِي إِلَى الْهَيْكَلِ وَقَاسَ الْعَضَائِدَ، عَرْضُهَا مِنْ هُنَا سِتُّ أَذْرُعٍ، وَمِنْ هُنَاكَ سِتُّ أَذْرُعٍ، عَرْضُ الْخَيْمَةِ. 2- وَعَرْضُ الْمَدْخَلِ عَشَرُ أَذْرُعٍ، وَجَوَانِبُ الْمَدْخَلِ مِنْ هُنَا خَمْسُ أَذْرُعٍ وَمِنْ هُنَاكَ خَمْسُ أَذْرُعٍ. وَقَاسَ طُولَهُ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَالْعَرْضَ عِشْرِينَ ذِرَاعًا. 3- ثُمَّ جَاءَ إِلَى دَاخِل وَقَاسَ عَضَادَةَ الْمَدْخَلِ ذِرَاعَيْنِ، وَالْمَدْخَلَ سِتَّ أَذْرُعٍ، وَعَرْضَ الْمَدْخَلِ سَبْعَ أَذْرُعٍ. 4- وَقَاسَ طُولَهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَالْعَرْضَ عِشْرِينَ ذِرَاعًا إِلَى قُدَّامِ الْهَيْكَلِ. وَقَالَ لِي: «هذَا قُدْسُ الأَقْدَاسِ». 5- وَقَاسَ حَائِطَ الْبَيْتِ سِتَّ أَذْرُعٍ، وَعَرْضَ الْغُرْفَةِ أَرْبَعَ أَذْرُعٍ حَوْلَ الْبَيْتِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. 6- وَالْغُرُفَاتُ غُرْفَةٌ إِلَى غُرْفَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً، وَدَخَلَتْ فِي الْحَائِطِ الَّذِي لِلْبَيْتِ لِلْغُرُفَاتِ حَوْلَهُ لِتَتَمَكَّنَ، وَلاَ تَتَمَكَّنَ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ.
7- وَاتَّسَعَتِ الْغُرُفَاتُ وَأَحَاطَتْ صَاعِدًا فَصَاعِدًا، لأَنَّ مُحِيطَ الْبَيْتِ كَانَ صَاعِدًا فَصَاعِدًا حَوْلَ الْبَيْتِ. لِذلِكَ عَرْضُ الْبَيْتِ إِلَى فَوْقُ، وَهكَذَا مِنَ الأَسْفَلِ يُصْعَدُ إِلَى الأَعْلَى فِي الْوَسْطِ. 8- وَرَأَيْتُ سَمْكَ الْبَيْتِ حَوَالَيْهِ. أُسُسُ الْغُرُفَاتِ قَصَبَةٌ تَامَّةٌ سِتُّ أَذْرُعٍ إِلَى الْمَفْصَلِ. 9- عَرْضُ الْحَائِطِ الَّذِي لِلْغُرْفَةِ مِنْ خَارِجٍ خَمْسُ أَذْرُعٍ، وَمَا بَقِيَ فَفَسْحَةٌ لِغُرُفَاتِ الْبَيْتِ. 10- وَبَيْنَ الْمَخَادِعِ عَرْضُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا حَوْلَ الْبَيْتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. 11- وَمَدْخَلُ الْغُرْفَةِ فِي الْفَسْحَةِ مَدْخَلٌ وَاحِدٌ نَحْوَ الشِّمَالِ، وَمَدْخَلٌ آخَرُ نَحْوَ الْجَنُوبِ. وَعَرْضُ مَكَانِ الْفَسْحَةِ خَمْسُ أَذْرُعٍ حَوَالَيْهِ.
ع1: يبدأ هنا الحديث عن البيت الموجود في الدار الداخلية، ويشمل القدس ثم قدس الأقداس. هذا البيت سمك عضائده، أى سمك حائطه ستة أذرع من جميع الجوانب. ويقول “عرض الخيمة” ويقصد بها البيت الذى مثل خيمة الاجتماع في عرضها، إذ أن سفر الخروج يخبرنا أن عرض القدس وقدس الأقداس هو 12 ذراع (خر26: 16، 22، 23) وهنا سمك حائط البيت من هنا ومن هناك، أى الشمالى والجنوبى ستة أذرع من كل جانب، وهذا السمك لثلاثة حوائط هى الشمالى والغربى والجنوبى، أما الشرقى ففيه المدخل الباب، الذى سيأتى ذكره في (ع2، 23).
ونلاحظ أن عرض خيمة الاجتماع أصغر من عرض البيت، إذ أن عرضه 32 ذراعاً، فهو عشرون بالإضافة إلى ستة أذرع من كل جانب. وهذا الهيكل يرمز لكنيسة العهد الجديد، أى أن خيمة الاجتماع في العهد القديم كانت رمزاً ومدخلاً لكنيسة العهد الجديد.
ونرى أن حزقيال قد رأى رؤيا عامة للهيكل من الخارج في الأصحاح الماضى، أما هنا فيدخل إلى العمق، إذ يأتى إلى القدس وقدس الأقداس.
لا تكتفى بمعرفتك السطحية للحياة الروحية، بل ينبغى أن تسعى للعمق في معرفتك ومحبتك لله، أى تعى ما تقوله في الصلاة، وتتأمل فيما تقرأه في الكتاب المقدس، فيكشف الله لك كنوزاً عجيبة وتستنير وتفرح مع الله.
ع2: يحدثنا عن مدخل القدس فيقول أن فتحة الباب، أى المدخل عشرة أذرع وجانبى الباب من هنا ومن هناك خمسة أذرع، فبالتالى يكون عرض القدس كله عشرين ذراعاً، أما طوله فأربعين ذراعاً.
والمدخل عشرة أذرع يرمز إلى أن الكاهن الذى يدخل إلى القدس ينبغى أن يكون متمسكاً بوصايا الله العشرة. وتتلخص الوصايا العشر في العهد الجديد في وصية المحبة التى تتميز باتساع القلب، لذا فالباب واسع، أى عشرة أذرع. أما الحائط الأيمن والأيسر على جانبى الباب فكان خمسة أذرع، وهو يرمز إلى أهمية أن يقدس الكاهن حواسه الخمسة الداخلية والخارجية. وعدد خمسة أيضاً يرمز إلى عمل النعمة الذى بارك الخمس خبزات فأشبعت الجموع، أى أن السلوك بمحبة وهو المدخل يعتمد من جانبه على العدد خمسة، أى عمل النعمة.
وطول القدس أربعون ذراعاً أى 10 × 4، فيحيا الكاهن بوصايا الله ويرفع صلواته عن العالم كله بأركانه الأربعة. وعرض القدس هو عشرون ذراعاً أى 5 × 4، أى يقدس حواسه من جهة كل العالم المحيط به.
ع3: بعد هذا جاء حزقيال إلى قدس الأقداس، وهذا لا يمكن دخوله إلا لرئيس الكهنة، وفى العهد الجديد رئيس كهنتنا هو المسيح، فيه نستطيع الدخول لأنه وحده دخل إلى الأقداس العليا في السماويات.
عضادة المدخل هى سمك الجدار الفاصل بين القدس وقدس الأقداس، وكانت ذراعين. ورقم 2 يرمز إلى التجسد، إذ فيه تم اتحاد اللاهوت مع الناسوت ويرمز أيضاً إلى الحب الذى يربط بين اثنين مثل آدم وحواء، أو الإنسان والله. فبالمسيح المتجسد وبمحبته لنا نستطيع الدخول إلى هيكل العهد الجديد لنتناول جسده ودمه، ثم إلى ملكوت السموات في نهاية الأيام. وهذا الحب نحياه في محبتنا بعضنا لبعض، فهذا يؤكد استعدادنا للدخول إلى الأقداس.
وجد حزقيال أن مدخل قدس الأقداس، أى فتحة الباب ستة أذرع، ورقم ستة يرمز للكمال الإنسانى، وأنه أنقص من الكمال الإلهى الذى هو رقم سبعة، وهذا يشير إلى أن الإنسان الناقص يستطيع بقوة الله وفدائه أن يدخل إلى الأقداس.
وعرض المدخل أى الحائطان على جانبى المدخل كل منهما سبعة أذرع، تأكيداً على أن هذا المكان وهو قدس الأقداس يعتمد على قوة الله وعملها في الإنسان، فالدخول إلى الأقداس هو دخول إلى الله للاتحاد به والتمتع بعشرته.
ع4: قاس الرجل ذو القصبة (ص40: 3) قدس الأقداس، فوجده 20 × 20 ذراعاً فهو مربع، أى أنه يتسع لقبول المؤمنين من العالم كله بأركانه الأربعة.
وعدد 20 هو مضروب 5 × 4 ورقم (5) يرمز لعمل النعمة، أى أنه لا يمكن دخول هذا المكان، أى هيكل الله في العهد الجديد، أو ملكوت السموات إلا بعمل النعمة الذى يعمل في المؤمنين من أركان العالم الأربعة.
ع5، 6: سمك حائط البيت، الذى هو القدس، ثم يليه قدس الأقداس، كان ستة أذرع. وحول البيت من الثلاثة جوانب الجنوبية والشمالية والغربية عملت غرفات، وترك بالطبع الجانب الشرقى، أى مدخل القدس.
وكانت هذه الحجرات، أو الغرفات محاطة بجدار من الخارج من الثلاثة جوانب السابق ذكرها، أى بين الجدارين عملت هذه الغرفات.
وكانت كل غرفة مربعة أى 4 × 4 أذرع.
وسمك الجدار المحيط بالبيت ستة أذرع يرمز كما قلنا للجهاد الإنسانى الناقص الذى يستطيع بنعمة الله أن يدخل إلى هيكل الله.
وكانت الغرفات مربعة 4 × 4 أذرع، رمزاً لاحتوائها المؤمنين من أركان العالم الأربعة.
كان عدد الغرفات 33 حول القدس وقدس الأقداس وهو عمر السيد المسيح على الأرض، أى أن الراحة في هذه الغرفات ترمز إلى الراحة في المسيح الفادى.
والحجرات المحيطة بالقدس وقدس الأقداس التى يقيم فيها البشر ترمز لناسوت المسيح. أما القدس وقدس الأقداس الذى يحل فيه الله، فيرمز إلى لاهوته، فالمسيح هو الإله المتجسد. ويقع القدس وقدس الأقداس داخل الحجرات، أى أن اللاهوت داخل الناسوت.
وكانت الأسقف الفاصلة بين الحجرات غير مثبتة في حائط البيت ولكنها تستند عليه، فهى غير ممكنة بمعنى أنه لم يحفر لها في حائط البيت لئلا يضعف، ولكن كانت هناك شفة بارزة في حائط البيت والحائط المقابل له أستندت عليه الألواح الخشبية المكونة للسقف، وهو في نفس الوقت أرضية الحجرات التى في الدور الأوسط والدور الأعلى، كما شرحنا في هيكل سليمان (1مل6: 6). وهذا يرمز إلى أن الإنسان الروحى يستند على نعمة الله، ولكنه غير مثبت، أى غير مجبر على الحياة مع الله، ولكن إن أراد أن يستند فحينئذ ينال كل البركات.
والحجرات محيطة بالهيكل وهذا يرمز إلى أهمية التصاق المؤمنين وخاصة الكهنة والخدام بهيكل الله؛ ليشبعوا ويتقووا بقوة الله، وحينئذ يستطيعوا أن يخدموه.
والحجرات خمسة عشر من الجانب الشمالى وخمسة عشر من الجانب الجنوبى، وبينهما من الجانب الغربى ثلاث حجرات، أو بمعنى آخر خمس حجرات من الجانب الغربى، ثم على كل جانب من الجانبين أربعة عشر حجرة، مع وجود حوائط فاصلة بين الحجرات حوالى خمس ذراع فالحجرات على شكل مستطيل ناقص.
ع7: كانت الغرفات المحيطة بالبيت في ثلاثة طوابق، كان الطابق الأول أقل اتساعاً من الأوسط، والأوسط أقل اتساعاً من العلوى؛ لأن الحوائط التى للحجرات يقل سمكها كلما ارتفعنا، فالطابق العلوى أكثر الطوابق اتساعاً والسفلى هو أقلها.
واتساع الحجرات كلما صعدنا إلى فوق يرمز إلى اتساع القلب، واحساسه بالله كلما ارتفع إلى السماويات. أما جدار الحجرات فيقل كلما ارتفعنا للسماء، وهذا الجدار يرمز إلى الجسد، الذى تقل احتياجاته كلما تقدمنا في الحياة الروحية، فكلما اتحدنا بالمسيح يمكن الاستغناء عن الاحتياجات الأرضية.
لا ننسى وجود غرفات في الدار الخارجية، وهنا غرفات ملاصقة للهيكل، أى في الدار الداخلية، وهذه الغرفات كانت للخلوة. وهذه الغرفات التى في الدار الخارجية ترمز إلى أهمية العلاقة مع الله، التى تزداد عمقاً؛ لتصل إلى الغرفات التى في الدار الداخلية. لا يحدد ارتفاع للحجرات؛ لأنها ترمز إلى الارتفاع إلى الله، وهذا غير محدد وينمو فيه الإنسان قدر ما يستطيع.
ع8: المفصل : حدود سقف الحجرة الذى يفصلها عن الحجرة التالية كان عرض حائط البيت، كما ذكرنا قصبة واحدة، أى ستة أذرع، وسمك الحائط ستة أذرع يكون في الحجرات السفلية ولكن التى في الدور الأوسط يكون سمكه أقل كما ذكرنا.
ع9: الحائط الداخلى للغرفات، أى الذى يحيط بالقدس وقدس الأقداس ستة أذرع، ثم الحجرات أربعة أذرع، والحائط الخارجى الذى للحجرات سمكه خمسة أذرع. ويحيط بهذا الحائط من جميع الجوانب، أى الناحية الشمالية والغربية والجنوبية فسحة أى فناء عرضه خمسة أذرع (ع11).
ع10: أحاط بالفناء المحيط بالغرفات فناء آخر أوسع يمتد ليكون محيطاً بكل الدار الداخلية وعرضه عشرين ذراعاً.
ع11: يعيد الحديث عن الفسحة المحيطة بجدار الغرفات، فيؤكد أن عرضها خمسة أذرع، ويوجد فيها باب للدخول إلى الغرفات من الناحية الشمالية، وباب من الناحية الجنوبية، ويفهم ضمنياً أن من هذا الباب درج، أى سلم يصعد إلى الطابق الأوسط والطابق العلوى.
[2] المبنى المنفصل (ع12-17) :
12- وَالْبِنَاءُ الَّذِي أَمَامَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ الطَّرَفِ نَحْوَ الْغَرْبِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا عَرْضًا، وَحَائِطِ الْبِنَاءِ خَمْسُ أَذْرُعٍ عَرْضًا مِنْ حَوْلِهِ، وَطُولُهُ تِسْعُونَ ذِرَاعًا. 13- وَقَاسَ الْبَيْتَ مِئَةَ ذِرَاعٍ طُولاً، وَالْمَكَانَ الْمُنْفَصِلَ وَالْبِنَاءَ مَعَ حِيطَانِهِ مِئَةَ ذِرَاعٍ طُولاً. 14- وَعَرْضَ وَجْهِ الْبَيْتِ وَالْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ نَحْوَ الشَّرْقِ مِئَةَ ذِرَاعٍ. 15- وَقَاسَ طُولَ الْبِنَاءِ إِلَى قُدَّامِ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ الَّذِي وَرَاءَهُ وَأَسَاطِينَهُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ مِئَةَ ذِرَاعٍ. مَعَ الْهَيْكَلِ الدَّاخِلِيِّ وَأَرْوِقَةِ الدَّارِ. 16- الْعَتَبَاتُ وَالْكُوَى الْمُشَبَّكَةُ وَالأَسَاطِينُ حَوَالَيِ الطَّبَقَاتِ الثَّلاَثِ مُقَابِلُ الْعَتَبَةِ مِنْ أَلْوَاحِ خَشَبٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَمِنَ الأَرْضِ إِلَى الْكُوَى، وَالْكُوَى مُغَطَّاةٌ. 17- إِلَى مَا فَوْقَ الْمَدْخَلِ، وَإِلَى الْبَيْتِ الدَّاخِلِيِّ وَإِلَى الْخَارِجِ، وَإِلَى الْحَائِطِ كُلِّهِ حَوَالَيْهِ مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ بِهذِهِ الأَقْيِسَةِ.
ع12: يحدثنا هنا عن بناء يلى البيت، أى القدس وقدس الأقداس من نحو الغرب. هذا البناء يكون أمام المكان المنفصل، ويقصد به الفناء المحيط بالبيت ومخادعه من كل جانب المذكور في (ع10).
هذا البناء المنفصل عرضه سبعين ذراعاً، وحوائطه من كل جانب خمسة أذرع، أى يبلغ عرضه 80 ذراعاً. ثم على جانبيه يميناً ويساراً فناء عرضه 10 أذرع، فيكون إجمالى عرضه 100 ذراع.
أما طول هذا البناء المنفصل فهو تسعون ذراعاً، وإذا أضفنا عرض حوائطه وهى خمسة أذرع من كل جانب يصبح طوله 100 ذراعاً.
أى أن مساحة هذا البناء في النهاية هى 100 × 100 ذراع ورقم 100 يرمز لما يلى :
- قطيع المسيح المؤمنون به، كما يذكر في مثل المائة خروف (لو15: 4).
- مكافأة الله التى يعطيها لمن يؤمن به ويترك من أجله العالم ومافيه، أى يحب الله أكثر من كل شئ، فيعوضه بمائة ضعف (مت19: 29).
- الطول يرمز إلى علاقتنا بالله والعرض إلى علاقتنا مع الآخرين، أى أن محبتنا لله لابد أن تظهر في محبتنا للآخرين، لذا كل منهما 100 ذراع فالإثنان ضروريان لخلاص نفوسنا بنفس المقدار.
والبناء المنفصل كله يرمز إلى :
- المؤمنون من الأمم هم في ذهن الله وخصص لهم هذا البناء المنفصل عن اليهود، ولكنهم سيؤمنون به في ملء الزمان، ويصيرون كنيسة واحدة مع المؤمنين من اليهود.
- العلاقة الخاصة للمؤمن، أى الصلوات والقراءات التى يقدمها في مخدعه، بالإضافة لعبادته العامة في هيكل الله، أى الكنيسة.
ونلاحظ أن مساحة الدار الداخلية التى فيها القدس وقدس الأقداس 100 × 100 ذراع، والبناء المنفصل وما يحيط به مساحته 100 × 100 ذراع، وهذا معناه أن الله مهتم بخلاص الأمم الذين يرمز إليهم المكان المنفصل بمثل اهتمامه باليهود، الذين يرمز إليهم بالقدس وقدس الأقداس وما يحيط بهما.
ع13: قاس الرجل طول البيت، أى القدس وقدس الأقداس وما يحيط بهما، فوجده 100 ذراع؛ لأن طول القدس 40 ذراعاً وبعده طول قدس الأقداس 20 ذراع، ثم الحائط 6 أذرع والغرفات بعده 4 أذرع. وحائط الغرفات الخارجى 5 أذرع، ثم فسحة الغرفات 5 أذرع، ويليها فناء 20 ذراع، فيكون المجموع 100 ذراع.
والبناء المنفصل وجد طوله 100 ذراع أيضاً؛ لأنه كما ذكر في (ع12) طوله 90 ذراع وحائطه الأمامى والخلفى المحيط به 5 أذرع، فيكون الطول كله 100 ذراع.
ع14: كذلك عرض البيت، أى القدس وقدس الأقداس هو نفس عرض البيت المنفصل، فكل منهما عرضه 100 ذراع. نفهم من الأعداد (ع1-11) أن عرض البيت هو 20 ذراعاً للقدس ويحيط به من كل جانب حائط سمكه 6 أذرع، ثم 4 أذرع للغرفات، يليها حائط الغرفات وهو 5 أذرع وبعد هذا الحائط الخارجى فسحة عرضها 5 أذرع، يليها فناء عرضه 20 ذراعاً، فيكون الإجمالى هو 6 + 4 + 5 + 5 + 20 = 40، أى أن القدس عرضه 20 ويحيط به من كل جانب مساحة 40 ذراعاً، فيكون عرض البيت 100 ذراع.
وعرض المكان المنفصل هو 70 ذراعاً، كما ذكر في (ع12) وحائطه من كل جانب 5 أذرع، ثم فناء عرضه 10 أذرع من كل جانب، فيكون الإجمالى 10 + 5 + 70 + 5 + 10= 100 ذراعاً.
والخلاصة أن عرض البيت هو نفسه عرض المكان المنفصل الذى يلاصقه من جهة الغرب.
ع15: أساطينه : جمع أسطون، وهى من اسطوانة، والمقصود أعمدة البيت.
أروقة : جمع رواق وهو فناء.
يؤكد هنا أن طول البيت الذى أمام المكان المنفصل هو 100 ذراع، وهذه تشمل الهيكل، أى القدس وقدس الأقداس وأعمدته وأروقته.
ع16: العتبات : جمع عتبة، ويقصد بها العتبة العليا للباب التى فوق القائمتين.
الكوى المشبكة : النوافذ الموضوع عليها شبكة من الخشب لمنع دخول الطيور.
الطبقات الثلاث : التى للغرفات المحيطة بالقدس وقدس الأقداس.
يوضح هنا أن عتبات الأبواب والكوى المشبكة والأساطين المحيطة بالغرفات التى في ثلاثة طوابق، كلها مصنوعة من الخشب. ونلاحظ أنه يقول أن الخشب محيط بالبيت من كل جانب، وأيضاً من الأرض إلى الكوى، أى عرضاً وطولاً، وهذا يرمز لقائمتى الصليب العرضية والطولية المصنوعتين من الخشب، أى أن الهيكل يعتمد على صليب رب المجد يسوع المسيح، الذى يقدم جسده ودمه في هيكل العهد الجديد، فالقائمة الطولية للصليب تمثل علاقة الإنسان بالسماء والقائمة العرضية ترمز لعلاقة المؤمنين بعضهم ببعض، فالمحبة تكمل في علاقتنا مع الله وعلاقتنا ببعضنا البعض في جسد المسيح الواحد، أى الكنيسة.
إن محبتك لله تظهر من خلال محبتك للآخرين، فهى الدليل على صدق محبتك لله، خاصة عندما تقدم محبتك لمن يسيئون إليك، فتحتملهم بالحب.
ع17: يكرر هنا أن مقاييس البيت من الخارج والداخل كذلك الأبواب كلها كما ذكرت سابقاً في الأعداد السابقة لهذا الأصحاح والأصحاح السابق.
(3] نقوش الهيكل وأبوابه (ع18-26) :
18- وَعُمِلَ فِيهِ كَرُوبِيمُ وَنَخِيلٌ. نَخْلَةٌ بَيْنَ كَرُوبٍ وَكَرُوبٍ، وَلِكُلِّ كَرُوبٍ وَجْهَانِ.
19- فَوَجْهُ الإِنْسَانِ نَحْوَ نَخْلَةٍ مِنْ هُنَا، وَوَجْهُ الشِّبْلِ نَحْوَ نَخْلَةٍ مِنْ هُنَالِكَ. عُمِلَ فِي كُلِّ الْبَيْتِ حَوَالَيْهِ. 20- مِنَ الأَرْضِ إِلَى مَا فَوْقَ الْمَدْخَلِ عُمِلَ كَرُوبِيمُ وَنَخِيلٌ، وَعَلَى حَائِطِ الْهَيْكَلِ.
21- وَقَوَائِمُ الْهَيْكَلِ مُرَبَّعَةٌ، وَوَجْهُ الْقُدْسِ مَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ وَجْهِ الْهَيْكَلِ. 22- اَلْمَذْبَحُ مِنْ خَشَبٍ ثَلاَثُ أَذْرُعٍ ارْتِفَاعًا، وَطُولُهُ ذِرَاعَانِ، وَزَوَايَاهُ وَطُولُهُ وَحِيطَانُهُ مِنْ خَشَبٍ. وَقَالَ لِي: «هذِهِ الْمَائِدَةُ أَمَامَ الرَّبِّ».23- وَلِلْهَيْكَلِ وَلِلْقُدْسِ بَابَانِ. 24- وَلِلْبَابَيْنِ مِصْرَاعَانِ، مِصْرَاعَانِ يَنْطَوِيَانِ. مِصْرَاعَانِ لِلْبَابِ الْوَاحِدِ وَمِصْرَاعَانِ لِلْبَابِ الآخَرِ. 25- وَعُمِلَ عَلَيْهَا عَلَى مَصَارِيعِ الْهَيْكَلِ كَرُوبِيمُ وَنَخِيلٌ كَمَا عُمِلَ عَلَى الْحِيطَانِ، وَغِشَاءٌ مِنْ خَشَبٍ عَلَى وَجْهِ الرِّوَاقِ مِنْ خَارِجٍ، 26- وَكُوًى مُشَبَّكَةٌ وَنَخِيلٌ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ عَلَى جَوَانِبِ الرِّوَاقِ وَعَلَى غُرُفَاتِ الْبَيْتِ وَعَلَى الأُسْكُفَّاتِ.
ع18، 19: يحدثنا هنا عن النقوش، التى زين بها الهيكل وهى :
- النخيل : لأن النخلة ترمز إلى الصديق أو البار، كمايقول المزمور “الصديق كالنخلة يزهو” (مز92: 12)، فالصديق مرتفع إلى السماء بقلبه كالنخلة، ويبسط يديه أمام الله للصلاة، كما تبسط النخلة فروعها نحو السماء، وإذا أساء إليه أحد يباركه. كما إذا ألقى حجراً على النخلة تعطى بلحاً حلواً.
- الكروبيم : وهى رتبة من الملائكة تعلن حضور الله. ولكل كروب وجهان ينظر كل منهما إلى نخلة معلناً بذلك رعاية واهتمام الملائكة بالبشر.
ويلاحظ وجود نخلة بين كل كروبين؛ ليبين الرعاية الشديدة من الملائكة لكل إنسان، وليظهر أهمية رفع القلب إلى السماء حيث الملائكة، فمن يدخل هيكل الله ينبغى أن يكون قلبه مرتفع إلى السماء؛ ليسبح الله مثل الملائكة.
في الأصحاح الأول من حزقيال نجد أن الكروب له أربعة أوجه لأنه مجسم، أما هنا فهو منقوش على حوائط الهيكل، فيكون له وجهان أحدهما ينظر إلى اليمين والآخر إلى اليسار.
كان للكروب وجه إنسان، ليعلن إشفاقه ورعايته للبشر، أما الوجه الآخر فكان شبلاً؛ ليظهر قوة الملاك التى يساند بها البشر.
ع20: يبين هنا أن النقوش كانت على حوائط الهيكل كلها من الأرض إلى فوق؛ لتعلن أهمية البر والنظر إلى السماء، بالإضافة إلى أن الله يطمئنا برعاية ملائكته للبشر.
ع21: كانت القوائم الخشبية التى في الهيكل في قدس الأقداس مربعة وليست أسطوانية، وهذا يرمز إلى أن هيكل الله تُرفع فيه الصلوات من أجل العالم بأركانه الأربعة.
وكانت هذه القوائم مع النقوش على مدخل القدس مثلما كانت على مدخل قدس الأقداس، وهذا ليعلن أن الهيكل من الداخل كما من الخارج شئ واحد؛ ليرمز بذلك إلى أن الإنسان الروحى باطنه مثل ظاهره نقى ويتقى الله.
إفحص نفسك لتنقى قلبك، فكما تهتم بالسلوك الحسن ومظهرك السليم أمام الناس، كذلك تكون أفكارك ونيات قلبك.
ع22: المذبح هنا الذى يصفه هو مذبح البخور الموجود داخل القدس، فيقول أن ارتفاعه 3 أذرع، رمزاً لأن الإنسان الذى يرفع صلاته إلى الله مثل البخور الصاعد رائحته إلى السماء يجب أن يكون من خلال الثالوث الأقدس.
أما طول المذبح وعرضه فهو ذراعان، ورقم 2 يرمز للحب، أى أن المصلى يتصل بالحب مع باقى أخوته المؤمنين. والخشب يرمز لصليب المسيح الذى صلب عليه، فارتفعت رائحة ذبيحته كالبخور أمام الآب، وهكذا ترتفع صلاة كل مؤمن كالبخور أمام الله.
يؤكد في نهاية الآية أن هذا المذبح، أى هذه المائدة المربعة بحيطانها الأربعة يرتفع عليها البخور أمام الرب، فالصلاة هدفها الحديث مع الله.
ونرى هنا – تأكيداً إلى أن كل الكلام عن الهيكل رمزى – أنه لا يمكن حرق البخور على الخشب وإلا احترق.
ع23، 24: مصراعان : جزأى الباب، أى ضلفتيه.
يوضح هنا أن هناك باب للقدس وباب آخر لقدس الأقداس، وكل منها يتكون من مصراعين. وللمصراع الواحد جزءان؛ حتى يمكن أن ينطوى الجزء الواحد على الآخر، ومتصـل به بمفصلات. والباب هو المسيح، كما أعلن ذلك إذ قال أنه هو باب الخراف (يو10: 7) فلا يستطيع أحد أن يدخل إلى الكنيسة، أوالحياة الأبدية إلا من خلال الإيمان بالمسيح. والباب هو الذى يحرس المكان، فالمسيح هو الذى يحرس كنيسته، كما يقول المزمور “إن لم يحفظ الرب المدينة، فباطلاً يسهر الحراس (مز127: 1)، فالمسيح يحمى أولاده من حسد الشياطين وشرهم.
وللباب مصراعان، وللمصراع جزءان، فرقم 2 يرمز للحب، فبالحب يرتبط الإنسان بالله وبإخوته البشر، وبهذا يكون له مكان في الكنيسة وفى ملكوت السموات، لأن المسيح أعلن أن الناموس كله يتلخص في محبة الله من كل القلب … ومحبة القريب كالنفس (مر12: 30، 31).
ع25، 26: الأسكفات : العتبات العليا للأبواب.
كانت زينة الأبواب بالنقوش السابقة وهى النخيل والكاروبيم؛ لأن من يدخل إلى الكنيسة لابد أن يتميز بالبر والنظرة السماوية. وكان الرواق، أى الفناء المحيط بالبيت مغطى بالخشب، وبه كوى مشبكة، وهو يرمز للصليب الذى ينبغى أن يحمله المؤمنون؛ ليتبعوا المسيح ويحيوا معه.
وزين جوانب الرواق وحوائط الغرفات وعتبات الأبواب بأشكال النخيل، الذى يرمز إلى البر، فلا يمكن أن يدخل إلى الرواق المؤدى إلى الهيكل إلا الأبرار.
ويلاحظ أن الهيكل نُقش عليه النخيل والكاروبيم، أما الرواق فنقش عليه النخيل فقط؛ لأن الرواق يحوى المؤمنين، أما الهيكل فيدخله من له النظرة السماوية ويتمتع برعاية السماء.