شرائع للتقديس والعدل والأعياد
(1) أرض القدس والكهنة واللاويون والرئيس (ع1-8):
1- «وَإِذَا قَسَمْتُمُ الأَرْضَ مِلْكًا، تُقَدِّمُونَ تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ قُدْسًا مِنَ الأَرْضِ طُولُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا طُولاً، وَالْعَرْضُ عَشَرَةُ آلاَفٍ. هذَا قُدْسٌ بِكُلِّ تُخُومِهِ حَوَالَيْهِ. 2- يَكُونُ لِلْقُدْسِ مِنْ هذَا خَمْسُ مِئَةٍ فِي خَمْسِ مِئَةٍ، مُرَبَّعَةٍ حَوَالَيْهِ، وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا مَسْرَحًا لَهُ حَوَالَيْهِ. 3- مِنْ هذَا الْقِيَاسِ تَقِيسُ طُولَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَعَرْضَ عَشَرَةِ آلاَفٍ، وَفِيهِ يَكُونُ الْمَقْدِسُ، قُدْسُ الأَقْدَاسِ. 4- قُدْسٌ مِنَ الأَرْضِ هُوَ. يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ خُدَّامِ الْمَقْدِسِ الْمُقْتَرِبِينَ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ، وَيَكُونُ لَهُمْ مَوْضِعًا لِلْبُيُوتِ وَمُقَدَّسًا لِلْمَقْدِسِ. 5- وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا فِي الطُّولِ وَعَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ تَكُونُ لِلاَّوِيِّينَ خُدَّامِ الْبَيْتِ لَهُمْ مِلْكًا. عِشْرُونَ مِخْدَعًا. 6- وَتَجْعَلُونَ مِلْكَ الْمَدِينَةِ خَمْسَةَ آلاَفٍ عَرْضًا وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا طُولاً، مُوازِيًا تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 7- «وَلِلرَّئِيسِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ مِنْ تَقْدِمَةِ الْقُدْسِ، وَمِنْ مِلْكِ الْمَدِينَةِ قُدَّامَ تَقْدِمَةِ الْقُدْسِ وَقُدَّامَ مِلْكِ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ غَرْبًا، وَمِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ شَرْقًا، وَالطُّولُ مُوَازٍ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ مِنْ تُخْمِ الْغَرْبِ إِلَى تُخْمِ الشَّرْقٍ. 8- تَكُونُ لَهُ أَرْضًا مِلْكًا فِي إِسْرَائِيلَ، وَلاَ تَعُودُ رُؤَسَائِي يَظْلِمُونَ شَعْبِي، وَالأَرْضُ يُعْطُونَهَا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَسْبَاطِهِمْ.
ع1: قام يشوع بتقسيم أرض كنعان بين الأسباط، ويكلم الله حزقيال أثناء السبى البابلى ويوصيه أنه عند العودة من السبى، أن يقسم أرض كنعان بين الأسباط. وعند هذا التقسيم أول شئ يخصص مكاناً للقدس، أى بيت الرب، وهذا المكان يكون عظيماً، فتكون مساحته 25.000 × 10.000.
ويلاحظ أن الله لم يحدد وحدة القياس وغالباً كانت بالقصبة، التى قاس بها الهيكل في بداية (ص40)، وفى هذه الحالة تكون المساحة ضخمة جداً؛ لأن القصبة تساوى أكثر من ستة أذرع، أى أكثر من ثلاثة أمتار، ولكن المقصود المعنى الرمزى، فهو يقصد كنيسة العهد الجديد وأن المؤمنين فيها ينبغى أن يعطوا أولاً مكاناً للرب في قلوبهم، ويكون مكاناً عظيماً، إذ هو أساس حياتهم. و25 هو مضروب 5 × 5، أى استخدام الحواس الخمسة الخارجية والداخلية، فإن كان هناك البصر في الخارج فالبصيرة في الداخل … وهكذا.
ورقم (10) يرمز للوصية، فوصايا الله في العهد القديم (10)، أى أن الكنيسة مبنية على أساس الجهاد حسب الوصية.
أما رقم (1000) فيرمز للأبدية، أى أن هذا هو الاستعداد للأبدية. ومن العجيب أن يهب الله الأرض لأولاده، ثم يطلب دليل محبتهم وتجاوبهم مع محبته، فيطلب نصيبه في الأرض التى وهبها لهم، حتى يظهر أهمية الإرادة الإنسانية وتجاوبها مع عمل النعمة.
ع2: هذه الأرض التى خصصت للقدس، يبنى في وسطها القدس، أى بيت الرب، وتكون مساحته 500 × 500. ولم يحدد أيضاً وحدة القياس؛ ليؤكد أن الأرقام رمزية. ورقم 500 هو مضروب 5 × 100 والخمسة هى الخمسة حواس، أى الجهاد الإنسانى، والـ100 هو عدد قطيع المسيح (التسعة والتسعين + الخروف الضال الذى يبحث عنه الراعى) أى المقصود جهاد كل المؤمنين بالكنيسة.
وبيت الرب مربع، أى يحوى المؤمنين من أركان العالم الأربع. وحوله مسرحٌ، أى مساحة فضاء، أو فناء للخدمات المرتبطة ببيت الرب، وهذه المساحة 50 ذراعاً من كل جانب. ولم يحدد هنا نوع الذراع هل هو ذراع إنسان، أو ملاك؛ لأن حزقيال رأى رؤيا وليست أحداث حقيقية، فالمقصود بالذراع وحدة رمزية. ورقم 50 هو مضروب 5 × 10، أى الجهاد بحسب الوصايا، ومعناه السلوك في قداسة، وهذا ما ينبغى أن يتصف به المؤمنون عندما يقتربون إلى بيت الرب.
ع3: يلخص الآيتين السابقتين في أن القدس يقع في وسط مساحة 25000 × 10000.
ع4: يقرر الله أن الكهنة سيسكنون في المساحة المخصصة للقدس حول بيت الرب (25.000 × 10.000)؛ لأن حياتهم هى مخصصة لمحبة الله وخدمته، بل هم ملتصقون به، فهم مكرسون قلبياً ومادياً لله، لا يشغلهم إلا محبة الله وخدمته وجذب كل النفوس إليه.
ع5: يخصص الله مساحة بجوار مساحة القدس وبنفس مقاساته، فهى 25000 × 10000، ولا يذكر هنا أيضاً وحدة القياس؛ لأن الموضوع رمزى. والمعانى الرمزية لهذه المقاسات سبق ذكرها في (ع1).
ويظهر هنا اهتمام الله باللاويين خدام بيته أن يسكنوا بجواره مباشرة، لأن هدفهم الوحيد هو خدمته، إذ هم مكرسون له.
ويذكر أن لهم في مساحتهم عشرين مخدعاً. ورقم عشرين هو مضروب 5 × 4، أى استخدامهم كل حواسهم لخدمة المؤمنين من أركان المسكونة الأربعِ، فهم يحيون في هذه المخادع لخدمة أولاد الله في كل مكان.
والمخادع فيها يستريح الناس، فهذا يرمز إلى أن راحة اللاويين تكون في خدمة المؤمنين.
ع6: يخصص الله لشعبه الآتين لبيته مساحة 25000 × 5000، وقد سبق شرح المعنى الرمزى للأعداد في (ع1)، وهذا يبين اهتمام الله بكل نفس من المؤمنين الآتين لعبادته.
ع7: يخصص للرئيس، أى الملك مساحة على جانبى المساحات المذكورة، وهى مساحة سكنى اللاويين، ثم القدس، ثم مساحة المدينة التى يسكنها الشعب. أى يخصص للرئيس مساحتان، إحداهما من جهة الجنوب، والأخرى من الشمال.
الرئيس يرمز للمسيح، الذى يحيط بمدينة المؤمنين به، ويملك على قلوبهم.
وبهذا يكون الهيكل في منتصف هذه المنطقة، وهذا يرمز إلى القلب الذى في وسط الجسم، فيقدم عبادة ومشاعر روحية دائمة لله.
ع8: وبهذا يكون للرئيس وكل معاونيه المسئولين عن إدارة هذه المنطقة كلها مكاناً يسكنون فيه، وبالتالى لا يأخذون حقوق رعيتهم، ولا يظلمونهم، بل يسلك الرئيس ومعاونوه بالعدل.
لم يحدد الله المساحة للرئيس الموجودة على الجانبين، ولكنه حدد فقط طولها، أى حدود المساحات المذكورة؛ ليعلن أنه محيطٌ بشعبه وقد أخذ الرئيس ملكاً كافياً، فلا يطمع في أماكن ملك رعيته، فهذا توجيه لكل الرؤساء والمسئولين في كل مكان ألا يستخدم أحد سلطانه لسلب حقوق غيره لمصلحته.
إن كنت أباً، أو رئيساً في أى مكان، فاهتم أولاً برعاية من معك وراحتهم قبل نفسك، وثق أن الله قادر أن يشبعك، فتعطى أكثر مما تأخذه، وكلما أعطيت لغيرك يعطيك الله أكثر وأكثر.
إن كان القدس في مركز المساحات السابقة والكهنة يسكنون حوله فهم يرمزون إلى القلب المقدس لله. والرئيس يرمز إلى الذهن، أو العقل الذى يقود الإنسان، أما اللاويون الذين يحرسون القدس فيرمزون للحواس التى تحرس الإنسان، والشعب يرمز إلى الجسم كله، والكل مرتبط بالقدس الذى في الوسط، أى يحيون في قداسة.
وواضح مما سبق أن الله حدد أماكن لكل فئة، حتى يسود العدل ولا يجور أحد على نصيب الآخر، وبهذا يستطيع الكل أن يرفع قلبه بنقاوة أمام الله.
(2) العدل في الموازين والمكاييل والذبائح (ع9-17):
9- « هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: يَكْفِيكُمْ يَا رُؤَسَاءَ إِسْرَائِيلَ. أَزِيلُوا الْجَوْرَ وَالاغْتِصَابَ، وَأَجْرُوا الْحَقَّ وَالْعَدْلَ. ارْفَعُوا الظُّلْمَ عَنْ شَعْبِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 10- مَوَازِينُ حَقّ، وَإِيفَةُ حَقّ، وَبَثُّ حَقّ تَكُونُ لَكُمْ. 11- تَكُونُ الإِيفَةُ وَالْبَثُّ مِقْدَارًا وَاحِدًا، لِكَيْ يَسَعَ الْبَثُّ عُشْرَ الْحُومَرِ، وَالإِيفَةُ عُشْرُ الْحُومَرِ. عَلَى الْحُومَرِ يَكُونُ مِقْدَارُهُمَا. 12- وَالشَّاقِلُ عِشْرُونَ جِيرَةً. عِشْرُونَ شَاقِلاً وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ شَاقِلاً وَخَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلاً تَكُونُ مَنَّكُمْ. 13- « هذِهِ هِيَ التَّقْدِمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا: سُدْسَ الإِيفَةِ مِنْ حُومَرِ الْحِنْطَةِ، وَتُعْطُونَ سُدْسَ الإِيفَةِ مِنْ حُومَرِ الشَّعِيرِ. 14- وَفَرِيضَةُ الزَّيْتِ بَثٌّ مِنْ زَيْتٍ. اَلْبَثُّ عُشْرٌ مِنَ الْكُرِّ، مِنْ عَشَرَةِ أَبْثَاثٍ لِلْحُومَرِ، لأَنَّ عَشَرَةَ أَبْثَاثٍ حُومَرٌ. 15- وَشَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الضَّأْنِ مِنَ الْمِئَتَيْنِ مِنْ سَقْيِ إِسْرَائِيلَ تَقْدِمَةً وَمُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، لِلْكَفَّارَةِ عَنْهُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.16- وَهذِهِ التَّقْدِمَةُ لِلرَّئِيسِ فِي إِسْرَائِيلَ تَكُونُ عَلَى كُلِّ شَعْبِ الأَرْضِ.17- وَعَلَى الرَّئِيسِ تَكُونُ الْمُحْرَقَاتُ وَالتَّقْدِمَةُ وَالسَّكِيبُ فِي الأَعْيَادِ وَفِي الشُّهُورِ وَفِي السُّبُوتِ وَفِي كُلِّ مَوَاسِمِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. وَهُوَ يَعْمَلُ ذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ وَالتَّقْدِمَةَ وَالْمُحْرَقَةَ وَذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ، لِلْكَفَّارَةِ عَنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
ع9: يبدو أن رؤساء شعب الله قد سلكوا بأنانية وظلموا الشعب لحسابهم، فيدعوهم الله للرجوع إلى العدل، ورفع كل المظالم، فيكونوا قدوة للشعب؛ حتى لا يظلم أحد الآخر. من هذا نفهم أنه بعدما يعطى الإنسان حق الله، كما ظهر في (ع1-8)، فتلقائياً يكون قد تعلم العدل فيسلك به مع الآخرين؛ فلا يغتصب أى حق مستغلاً سلطانه، أو ضعف الآخر.
ع10، 11: الإيفة : مكيال للحبوب الجافة يساوى 22.9 لتراً.
البث : مكيال للسوائل يسع 22.9 لتراً، أى أن البث مكيال يساوى الإيفة.
الحومر : مكيال للحبوب الجافة يساوى عشرة أضعاف الإيفة، أى 229 لتراً.
يدعو الله الرؤساء وكل شعبه أن يلتزموا في تجارتهم بالموازين والمكاييل الصحيحة، أى يكون حجم المكاييل سليم؛ ليأخذ المشترى حقه.
ع12: المنا : (ويطلق عليه أحياناً المن) يساوى 60 شاقلاً.
الشاقل : يساوى 20 جيرة، أى 12 جراماً تقريباً.
الجيرة : 0.6 جراماً تقريباً.
يؤكد الله قيمة العملات المستخدمة وقتذاك، فالشاقل يلزم أن يساوى 20 جيرة، والمنا يلزم أن يساوى 60 شاقلاً (20 + 25 + 15)، ويبدو أن هذه كانت العملات السائدة وقتذاك، أى العشرون والخمس وعشرون والخمسة عشر شاقلاً والتى مجموعها يكون المنا.
ع13: ينتقل الله للكلام عن العدل في تقديم حق الله، قبل أن يستخدم الإنسان ما يمتلكه من محاصيل، أو حيوانات؛ لأن الله هو صاحب ومعطى كل الأشياء للإنسان، فيطلب من شعبه أن يقدم سدس الإيفة من الحومر من منتجات الحبوب، مثل القمح والشعير، ولأن الحومر يساوى 100 إيفة، فالمطلوب أن يقدم الإنسان لله 1/600 من كل حومر يمتلكه.
القمح والشعير هما الطعام الأساسى لحياة الإنسان، فنحن عندما نقدم الحنطة والشعير للرئيس – كما يظهر في هذه الآيات – فهذا يرمز إلى :
- أن البشرية قدمت للمسيح الجسد، أى أنه أخذ جسدنا وصار إنساناً مثلنا بتجسده؛ ليموت عنا ويفدينا على الصليب.
- المسيح بعدما أخذ جسدنا وفدانا على الصليب، يعطينا جسده ودمه على المذبح، تحت شكل الخبز المصنوع من الحنطة والشعير. وعندما نأكل جسده نحيا به، كما تقول تسبحة يوم الجمعة “هو أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له”.
3- وعندما نتناول جسده ودمه ونحيا له تسرى فينا روح الفداء والحب الباذل ونقتدى به، فنقدم للمسيح في بذل، أى نضيع حياتنا من أجله، فنجدها ونربح الملكوت.
ع14: الكر = حومر = 229 لتراً تقريباً، وهو عشرة أبثاث. أما من جهة الزيت فيقدم كل إنسان لله بث من كل كر، أو حومر يملكه.
والزيت يرمز لعمل الروح القدس، الذى يعطينا الله إياه، فنتجاوب معه، ونقدم أعمالاً صالحة بفعل روحه القدوس. أى أن الله أعطانا الروح القدس غير المحدود، الذى يرمز إليه كل الزيت الذى عندنا، فنتجاوب ونعطيه عشر الزيت، أى قدر ما نستطيع كبشر من أعمال صالحة.
ع15، 16: شاه : هى الحيوان الواحد من الضأن، أى الخروف.
سقى إسرائيل : هى الأرض التى تسقى بوفرة، فهى الأرض الجيدة، والمقصود أفضل الحيوانات التى ترعى في أجود الأراضى.
يأمر الله بتقديم شاة من كل 200 شاة يملكها الإنسان من شعبه. وتكون من أجود الحيوانات لتقدم لله كتقدمة، سواء كمحرقة، أو ذبيحة سلامة، وهما نوعان من الذبائح التى تقدم لله، كما أمر موسى في سفر اللاويين، وهى للتكفير عن الشعب، وترمز كلها لذبيحة الصليب.
ورقم 200 هو مجموع 100 + 100، ورقم 100 يرمز لشعب الله، كما ذكرنا في (ع2)، ويكون رقم 200 هو شعبه في العهدين القديم والجديد (100 + 100).
هذه التقدمات المذكورة يقدمها الشعب للرئيس، فيقدمها الرئيس عنهم أمام الله للتكفير عنهم.
وتقديم الشعب الذبائح للرئيس، يرمز للبشرية التى تقدم جسدها للمسيح، فيتجسد لأجل خلاصها ويفديها على الصليب؛ لأن على الرئيس تقديم الذبائح في كل المناسبات، كما سيظهر في (ع17)، أى أن المسيح هو المخلص لأولاده في جميع الظروف.
ع17: يطالب الله الرئيس أن يقدم الذبائح في الأعياد وفى رؤوس الشهور والسبوت، أى يقدم الذبائح كل عام في الأعياد المعروفة عند اليهود، وكل شهر وكل أسبوع، ويقدم جميع أنواع الذبائح والتقدمات التى أوصى بها الرب موسى، المذكورة في بداية سفر اللاويين. فهذا يبين مسئولية القائد عن شعبه وهذا رمز واضح عن المسيح رأس الكنيسة وفاديها. فالمسيح أخذ جسدنا وأعطانا فداءً على الصليب.
إن كنت مسئولاً في بيتك، أو عملك، أو الكنيسة، أى خادماً فيها، فتذكر المسيح فادى شعبه، حتى تضحى من أجل الكل لتريحهم وتكسبهم وتجمعهم في محبة، فالقائد هو الباذل، كما يذكر المسيح أن “الراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يو10: 11).
(3) تقديس البيت والأعياد (ع18-25):
18- « هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، تَأْخُذُ ثَوْرًا مِنَ الْبَقَرِ صَحِيحًا وَتُطَهِّرُ الْمَقْدِسَ. 19- وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ وَيَضَعُهُ عَلَى قَوَائِمِ الْبَيْتِ، وَعَلَى زَوَايَا خُصْمِ الْمَذْبَحِ الأَرْبَعِ، وَعَلَى قَوَائِمِ بَابِ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ. 20- وَهكَذَا تَفْعَلُ فِي سَابعِ الشَّهْرِ عَنِ الرَّجُلِ السَّاهِي أَوِ الْغَوِيِّ، فَتُكَفِّرُونَ عَنِ الْبَيْتِ. 21- فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الرَّابعِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، يَكُونُ لَكُمُ الْفِصْحُ عِيدًا. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُؤْكَلُ الْفَطِيرُ. 22- وَيَعْمَلُ الرَّئِيسُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كُلِّ شَعْبِ الأَرْضِ ثَوْرًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 23- وَفِي سَبْعَةِ أَيَّامِ الْعِيدِ يَعْمَلُ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: سَبْعَةَ ثِيرَانٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ صَحِيحَةٍ، كُلَّ يَوْمٍ مِنَ السَّبْعَةِ الأَيَّامِ. وَكُلَّ يَوْمٍ تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ.
24- وَيَعْمَلُ التَّقْدِمَةَ إِيفَةً لِلثَّوْرِ، وَإِيفَةً لِلْكَبْشِ، وَهِينًا مِن زَيْتٍ لِلإِيفَةِ. 25- في الشَّهْرِ السَّابعِ، في الْيَوْمِ الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، فِي الْعِيدِ يَعْمَلُ مِثْلَ ذلِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ وَكَالْمُحْرَقَةِ وَكَالتَّقْدِمَةِ وَكَالزَّيْتِ.
إن سلك شعب الله بالقداسة والعدل ينال الفرح في الأعياد الإلهية؛ لذا يحدثنا هنا الله بعد كلامه عن القداسة والعدل، عن الفرح بالأعياد. والفرح يتم أيضاً بالذبائح التى ترمز للمسيح، والذى هو فرحنا الحقيقى.
ع18: يطلب الله في العيد الأول وهو رأس السنة، أى في الشهر الأول في أول الشهر أن يقدم شعبه ثوراً صحيحاً من البقر ذبيحة خطية لتطهير بيته.
إن كان الفرح في العهد القديم يتم بتقديم ذبيحة حيوانية، ففى العهد الجديد جميع أعياد الكنيسة تتم من خلال القداس الإلهى، أى ذبيحة المسيح غير الدموية.
ع19: خصم : سطح.
يتم تقديس بيت الرب بمسح قوائم البيت بدم ذبيحة الخطية، ثم زوايا خصم المذبح الأربع، أى زوايا سطح المذبح، وكذلك قوائم باب الدار الداخلية؛ لأن الخلاص في بيت الرب يقوم على الدم، كما أن حجر الأساس في الكنيسة هو دم المسيح. والمذبح في العهد القديم يقدس بدم الذبيحة، كما أن مذبح العهد الجديد يتقدس بذبيحة جسد الرب ودمه.
وقوائم الدار الداخلية ترمز لأهمية تقديس الحياة الداخلية للإنسان الروحى، فيكون القلب كله مكرس ومقدس لله.
ليتك لا تنسى أن قلبك مقدس لله فترفض كل فكر شرير، أو مشاعر ردية، ولا تنزعج من أى مشاكل خارجية ما دام الله يسكن في قلبك ويقدسه له، فيعطيك طمأنينة وفرحاً حتى وسط الضيقات.
ع20، 21: الساهى : الذى يعمل خطيته سهواً دون قصد.
الغوى : الذى يعمل الشر بإرادته وبوعى كامل.
ينبه الله إلى تقديم ذبيحة للخطية في اليوم السابع من الشهر الأول للتكفير عن الذين أخطأوا بإرادتهم، أو بغير إرادتهم، بمعرفة، أو بغير معرفة، كما أن الكنيسة في العهد الجديد تصلى عن المخطئ بمعرفة، أو بغير معرفة، بالإرادة، أو بغير الإرادة. وبتقديس شعب الله وتطهيرهم وهم الساهى والغوى يتقدس بيت الله؛ لأن بيت الله ليس فقط المكان، بل بالأكثر المؤمنين الذين فيه.
ونرى هنا رجاء لكل إنسان خاطئ، سواء كان ساهياً، أو متعمداً، فالله يريد أن الجميع يخلصون ويتوبون ويرجعون إليه. وبتوبة شعب الله يشعرون بالفرح ويفرح الله أيضاً بهم.
يحدث الله شعبه عن أهم الأعياد وهو عيد الفصح، الذى يتم في اليوم الرابع عشر من الشهر الأول، وهو رمز واضح لذبيحة المسيح على الصليب، ويشترك فيه كل شعب الله، ويأكل منه، كما يأكل المؤمنون في العهد الجديد من جسد الرب ودمه، ثم يستمرون في الفرح والاحتفال بهذا العيد سبعة أيام أخرى يأكلون فيها الفطير، أى الخبز الذى بلا خمير؛ إعلاناً لأهمية القداسة والطهارة؛ لأن الخمير يرمز للشر.
ع22: يأمر الرئيس أن يقدم ذبيحة خطية عن نفسه وعن كل الشعب، والرئيس كما ذكرنا يرمز للمسيح الذى قدم نفسه ذبيحة عن كل البشرية.
ع23: في سبعة أيام الفطير التى بعد عيد الفصح يقدم كل يوم سبعة ثيران وسبعة كباش محرقات للرب، ويقدم أيضاً كل يوم تيساً ذبيحة خطية.
ورقم 7 يرمز لكمال العمل الإلهى، كما في السبعة أسرار. وكل هذه الذبائح ترمز لجوانب من ذبيحة الصليب، فالمحرقة إرضاءً للرب، وذبيحة الخطية تكفيراً عن خطايا الشعب.
ع24: هين : مكيال للسوائل يساوى 4 لتر.
يقدم مع كل ذبيحة تقدمة دقيق مقداره إيفة، سواء للثور، أو للكبش، ويقدم أيضاً مقدار من الزيت هو الهين. والدقيق يرمز لجسد المسيح، والزيت يرمز للروح القدس، أى أن المسيح قدم ذاته ذبيحة عنا، والروح القدس يعمل فينا؛ لنحيا لله إلى الأبد.
ع25: العيد الأخير الذى يذكره هنا هو عيد عظيم يُعمل في الشهر السابع في اليوم الخامس عشر منه وهو عيد المظال، الذى يترك أولاد الله فيه بيوتهم ويسكنون في مظال؛ ليتذكروا غربتهم عن العالم ويهتموا بروحياتهم فقط، وبهذا يفرحون ويكون العيد لمدة 7 أيام، يقدمون فيها ذبائح الخطية والمحرقات والتقدمات والزيت على مذبح الله (لا23: 34-43).
وهكذا رأينا صور للفرح في الأعياد، ففى رأس السنة، أى اليوم الأول من الشهر الأول (ع18) نفرح بالمسيح رأس الجسد الذى هو الكنيسة وهو رأس أعيادنا وفرحنا.
وفى اليوم السابع من الشهر الأول يفرح الخطاة، إذ لهم رجاء سواء الساهى، أو الغوى (ع20).
أما عيد الفصح الذى يأتى في الشهر الأول في اليوم الرابع عشر منه، ويليه عيد الفطير (ع21)، فهو فرح واضح بالمسيح الفادى والحياة النقية، التى يتمتع بها المؤمنون به.
وأخيراً يفرح أولاد الله بغربتهم عن العالم ونظرهم إلى الأبدية، وذلك في عيد المظال (ع25).