شرائع لخدام الهيكل
يؤكد الله هنا الشرائع المذكورة في سفر اللاويين، والتى أغفلها شعبه وكهنته، لارتباطهم بعبادة الأوثان والشهوات الشريرة. فيؤكد هنا بعضها؛ حتى يدعوهم للعودة إلى التمسك بالشريعة.
(1) الباب الشرقى المغلق (ع1-3):
1- ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ، وَهُوَ مُغْلَقٌ.
2- فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «هذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقًا، لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقًا. 3- اَلرَّئِيسُ الرَّئِيسُ هُوَ يَجْلِسُ فِيهِ لِيَأْكُلَ خُبْزًا أَمَامَ الرَّبِّ. مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ يَدْخُلُ، وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ».
ع1: يوضح حزقيال أن الله أرجعه من الدار الداخلية (ص43: 5) إلى الباب الشرقى الخارجى للمقدس، أى باب الهيكل الخارجى، فوجده حزقيال مغلقاً.
ع2: أعلن الله لحزقيال أن هذا الباب الشرقى سيظل مغلقاً ولن يفتح أبداً لأى إنسان؛ لأن الله دخل منه. وهو هنا يتكلم عن العذراء مريم التى حبلت وولدت المسيح، وظلت بكراً وعذراء ولم يقترب منها أى إنسان للتزوج بها.
ع3: يؤكد الله هنا أن الذى سيدخل من الباب الشرقى هو الرئيسى. ويكرر كلمة الرئيس تأكيداً أنه هو الإله الوحيد للعهدين القديم والجديد، ويقصد المسيح رئيس الكهنة الأعظم الذى كان يرمز إليه رئيس الكهنة في العهد القديم، وهو وحده الذى يأكل ويشرب، فهو هنا يتكلم بوضوح عن الإله المتجسد، أى المسيح الذى كان يأكل ويشرب؛ لأن إله إسرائيل بالطبع لا يأكل ولا يشرب. وقد دخل عن طريق رواق الباب الشرقى وخرج منه، وهو قادر أن يدخل ويخرج دون أن يحل بتولية العذراء.
ما أعظم محبتك يا الله لى في تجسدك وحفظك لبتولية العذراء، فهى أرادت أن تظل بتول، فولدت منها ومازالت عذراء؛ لأنى يا إلهى مشتاق أن أحيا لك في العالم، ولكن ليكن قلبى كله لك، فتحفظ لى عذراويتى؛ لأحيا مكرساً قلبى لك.
(2) شرائع اللاويين (ع4-14):
4- ثُمَّ أَتَى بِي فِي طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ إِلَى قُدَّامِ الْبَيْتِ، فَنَظَرْتُ وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ قَدْ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ، فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. 5- فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ قَلْبَكَ وَانْظُرْ بِعَيْنَيْكَ وَاسْمَعْ بِأُذُنَيْكَ كُلَّ مَا أَقُولُهُ لَكَ عَنْ كُلِّ فَرَائِضِ بَيْتِ الرَّبِّ وَعَنْ كُلِّ سُنَنِهِ، وَاجْعَلْ قَلْبَكَ عَلَى مَدْخَلِ الْبَيْتِ مَعَ كُلِّ مَخَارِجِ الْمَقْدِسِ.6- وَقُلْ لِلْمُتَمَرِّدِينَ، لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: يَكْفِيكُمْ كُلُّ رَجَاسَاتِكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، 7- بِإِدْخَالِكُمْ أَبْنَاءَ الْغَرِيبِ الْغُلْفَ الْقُلُوبِ الْغُلْفَ اللَّحْمِ لِيَكُونُوا فِي مَقْدِسِي، فَيُنَجِّسُوا بَيْتِي بِتَقْرِيبِكُمْ خُبْزِي الشَّحْمَ وَالدَّمَ. فَنَقَضُوا عَهْدِي فَوْقَ كُلِّ رَجَاسَاتِكُمْ.
8- وَلَمْ تَحْرُسُوا حِرَاسَةَ أَقْدَاسِي، بَلْ أَقَمْتُمْ حُرَّاسًا يَحْرُسُونَ عَنْكُمْ فِي مَقْدِسِي. 9- « هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: ابْنُ الْغَرِيبِ أَغْلَفُ الْقَلْبِ وَأَغْلَفُ اللَّحْمِ لاَ يَدْخُلُ مَقْدِسِي، مِنْ كُلِّ ابْنٍ غَرِيبٍ الَّذِي مِنْ وَسْطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.10- بَلِ اللاَّوِيُّونَ الَّذِينَ ابْتَعَدُوا عَنِّي حِينَ ضَلَّ إِسْرَائِيلُ، فَضَلُّوا عَنِّي وَرَاءَ أَصْنَامِهِمْ، يَحْمِلُونَ إِثْمَهُمْ. 11- وَيَكُونُونَ خُدَّامًا فِي مَقْدِسِي، حُرَّاسَ أَبْوَابِ الْبَيْتِ وَخُدَّامَ الْبَيْتِ. هُمْ يَذْبَحُونَ الْمُحْرَقَةَ وَالذَّبِيحَةَ لِلشَّعْبِ، وَهُمْ يَقِفُونَ أَمَامَهُمْ لِيَخْدِمُوهُمْ. 12- لأَنَّهُمْ خَدَمُوهُمْ أَمَامَ أَصْنَامِهِمْ وَكَانُوا مَعْثَرَةَ إِثْمٍ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. لِذلِكَ رَفَعْتُ يَدِي عَلَيْهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَيَحْمِلُونَ إِثْمَهُمْ.13- وَلاَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيَّ لِيَكْهَنُوا لِي، وَلاَ لِلاقْتِرَابِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَقْدَاسِي إِلَى قُدْسِ الأَقْدَاسِ، بَلْ يَحْمِلُونَ خِزْيَهُمْ وَرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي فَعَلُوهَا.14- وَأَجْعَلُهُمْ حَارِسِي حِرَاسَةَ الْبَيْتِ لِكُلِّ خِدْمَةٍ لِكُلِّ مَا يُعْمَلُ فِيهِ.
ع4: ظهر مجد الرب لعله بنور قوى، أو ضباب، أو أى مظهر آخر، ولكنه كان واضحاً تماماً في الرؤيا، فسجد له حزقيال.
كان ظهور الله عند باب الشمال لماذا ؟
- لأن بنى إسرائيل وضعوا صنماً عند باب الشمال لهيكل سليمان، هو تمثال الغيرة، المذكور في (ص8: 3) بكل بجاحة، أى لصقوا عبادة الأوثان بعبادة الله، فظهر الله؛ ليطهر هذا الباب.
- لأجل شرور بنى إسرائيل، سمح لهم الله أن تهاجمهم الأمم الوثنية من الشمال، مثل أشور وبابل، لتأديبهم. ويعود الله فيظهر بمجده من باب الشمال؛ ليطمئنهم أنه قادر أن يحميهم إذا عادوا إليه بالتوبة.
لذا ففى دورة الأناجيل بأحد الشعانين وأعياد الصليب تذكر الكنيسة عند باب الشمال (أى البحرى) مجئ المسيح الثانى للدينونة، وقوة الصليب التى تحمى أولاده المؤمنين وتبررهم في هذا اليوم.
ع5: يدعو الله حزقيال حتى ينتبه لوصايا الله (سننه) وعبادته (فرائضه)، ويستخدم حواسه الخارجية، وأهمها النظر والسمع، وحواسه الداخلية، أى قلبه، حتى يستطيع أن يحفظ مدخل بيت الله ومخارجه.
وبهذا يظهر أهمية التركيز في الممارسات الروحية بالحواس الداخلية والخارجية، فتكون الصلاة بالشفاه والذهن والقلب.
كما يظهر أهمية حراسة مداخل الإنسان وهى الفكر والنظر والسمع وكل المداخل؛ حتى يظل القلب نقياً، ثم حراسة المخارج أيضاً، أى كل شئ يخرجنا من متعة الوجود مع الله إلى أباطيل العالم وشهواته.
ع6: يوجه الله توبيخاً شديداً بيد حزقيال إلى شعبه؛ لتمردهم على وصاياه وشرائعه من جهة بيته، فبهذا نجسوه، وهو تحدى لله وإغاظة له، ويقصد بالأكثر اللاويين خدام بيته. ومعنى توبيخه، دعوتهم للتوبة، فإيقاف الرجاسة – أى الشرور هو – بالرجوع إلى الله.
ع7: خبزى الشحم والدم : الذبائح المقدمة لله.
يوضح الله شر شعبه في إدخالهم أناس من الأمم، أى غير يهود، وليسوا مختونين في أجسادهم، وأيضاً قلوبهم غير مؤمنة بالله الواحد، إله إسرائيل؛ حتى يخدموا في بيت الله بدل اللاويين. وبهذا يكون شعب الله قد نقض عهده مع الله، فبدلاً من أن يقدم اللاويون ذبائح وتقدمات لله، أدخلوا الغرباء الأمميين الممنوع دخولهم في الهيكل، بل وقاموا بأعمال الخدمة، التى كلف الله بها اللاويين، فهذا إهمال ونقض العهد مع الله.
هذا ما يفعله خدام الله الآن، عندما يبتعدوا عن الله، فيدخلوا أفكار العالم داخلهم، بل يتصرفوا بها داخل بيت الله وفى خدمته، ويعملوا بها، فبهذا ينقضون عهدهم وبنوتهم لله التى نالوها في أسراره المقدسة.
إن حاربتك الأفكار الشريرة، فاطردها سريعاً؛ حتى لو انتشرت حولك، فقلبك مكرس لله وفكرك هو فكر المسيح؛ حتى تكون نقياً ولا تتكلم إلا بما يليق بأولاد الله وتعلم بما يرضيـه.
ع8: لم يكتف اللاويون بإدخال الغرباء إلى بيت الله، بل أقاموهم حراساً عليه؛ لأنه لم يعد مهماً في نظر شعب الله حفظ بيت الله من الغرباء فلا يدخله إلا اليهود، أى أن بيت الله أصبح في نظر شعبه مجرد مكان، مثل باقى أماكن العالم، وليس له قداسة.
إلى أى مدى تحترم بيت الله، فعندما تقترب إليه ترشم ذاتك بعلامة الصليب، وعندما تدخله تقف فيه بخشوع وتركز في كلمات الصلوات، ولا تتكلم مع أحد، ولا تعمل أى شئ يغضب الله.
ع9، 10: يقرر الله شريعته، أنه ممنوع أن يدخل إلى بيته غير اليهود، بل اللاويين فقط كل واحد في مسئوليته، سواء الحراسة، أو مساعدة الكهنة في تقديم الذبائح، أو جمع التقدمات في المخازن …
ويوبخ اللاويين المتمردين الذين تركوا خدمتهم جرياً وراء مكاسب العالم، ولعلهم خدموا في معابد الأوثان؛ لأجل المكاسب الأكبر. ويعلن أنهم يحملون إثمهم على رؤوسهم، وهذا معناه أن الله سيعاقبهم؛ لإصرارهم على خطاياهم.
ع11: يظهر حنان الله في قبول اللاويين إن تابوا، فيعودون لخدمة بيته، ويحرسون أبواب البيت، ويساعدون الكهنة في تقديم الذبائح، ويقومون بكل خدمة في بيت الله يحتاجها شعبه في عبادته.
ع12: يعود الله فيتكلم عن اللاويين المصرين على خطاياهم في خدمتهم للأصنام وصاروا عثرة للشعب، إذ شجعوهم على عبادة الأوثان، وأبعدوهم بالتالى عن عبادة الله في بيته. لذا قرر الله أن يرفع يده على هؤلاء اللاويين الأشرار من أجل آثامهم؛ التى لا يريدون التوبة عنها، فيعاقبهم بشدة.
ع13: عقاب الله لهؤلاء اللاويين المصرين على خدمة الأصنام، أن يستبعدوا من خدمة هيكله، ويحاسبوا على تماديهم في شرورهم ويعاقبوا.
ع14: يختم في النهاية حديثه مع اللاويين بالعودة للكلام عن اللاويين التائبين، الذين تركوا خدمة معابد الأصنام وعادوا لله، فيقبل توبتهم، ويجعلهم حراساً لبيته، وخداماً له في بيته.
الخلاصة أن الله يعاتب اللاويين على أمرين :
- عدم حراستهم لبيته وإدخال الغرباء إليه، بل تكليف الغرباء بحراسة البيت، أى أنه لم تعد هناك حراسة وتقديس لبيته.
- خدمتهم في معابد الأصنام، فشجعوا الشعب على هذه العبادة وأعثروهم .. والعلاج هو التوبة، والابتعاد عن معابد الأصنام، وقيامهم بحراسة البيت وخدمة الله وشعبه، فيزيلوا العثرة التى عملوها للشعب، والله في حنانه مستعد أن يقبلهم، ولكن إن أصروا على الخطية فسيعاقبهم.
(3) شرائع الكهنة (ع15-31):
15- «أَمَّا الْكَهَنَةُ اللاَّوِيُّونَ أَبْنَاءُ صَادُوقَ الَّذِينَ حَرَسُوا حِرَاسَةَ مَقْدِسِي حِينَ ضَلَّ عَنِّي بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَيَّ لِيَخْدِمُونِي، وَيَقِفُونَ أَمَامِي لِيُقَرِّبُوا لِي الشَّحْمَ وَالدَّمَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
16- هُمْ يَدْخُلُونَ مَقْدِسِي وَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى مَائِدَتِي لِيَخْدِمُونِي وَيَحْرُسُوا حِرَاسَتِي. 17- وَيَكُونُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ أَبْوَابَ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ، أَنَّهُمْ يَلْبَسُونَ ثِيَابًا مِنْ كَتَّانٍ، وَلاَ يَأْتِي عَلَيْهِمْ صُوفٌ عِنْدَ خِدْمَتِهِمْ فِي أَبْوَابِ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ وَمِنْ دَاخِل. 18- وَلْتَكُنْ عَصَائِبُ مِنْ كَتَّانٍ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَلْتَكُنْ سَرَاوِيلُ مِنْ كَتَّانٍ عَلَى أَحْقَائِهِمْ. لاَ يَتَنَطَّقُونَ بِمَا يُعَرِّقُ. 19- وَعِنْدَ خُرُوجِهِمْ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ، إِلَى الشَّعْبِ، إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ، يَخْلَعُونَ ثِيَابَهُمُ الَّتِي خَدَمُوا بِهَا، وَيَضَعُونَهَا فِي مَخَادِعِ الْقُدْسِ، ثُمَّ يَلْبَسُونَ ثِيَابًا أُخْرَى وَلاَ يُقَدِّسُونَ الشَّعْبَ بِثِيَابِهِمْ. 20- وَلاَ يَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُمْ، وَلاَ يُرَبُّونَ خُصَلاً، بَلْ يَجُزُّونَ شَعْرَ رُؤُوسِهِمْ جَزًّا. 21- وَلاَ يَشْرَبُ كَاهِنٌ خَمْرًا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ. 22- وَلاَ يَأْخُذُونَ أَرْمَلَةً وَلاَ مُطَلَّقَةً زَوْجَةً، بَلْ يَتَّخِذُونَ عَذَارَى مِنْ نَسْلِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، أَوْ أَرْمَلَةً الَّتِي كَانَتْ أَرْمَلَةَ كَاهِنٍ.
23- وَيُرُونَ شَعْبِي التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَيُعَلِّمُونَهُمُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ.
24- وَفِي الْخِصَامِ هُمْ يَقِفُونَ لِلْحُكْمِ، وَيَحْكُمُونَ حَسَبَ أَحْكَامِي، وَيَحْفَظُونَ شَرَائِعِي وَفَرَائِضِي فِي كُلِّ مَوَاسِمِي، وَيُقَدِّسُونَ سُبُوتِي. 25- وَلاَ يَدْنُوا مِنْ إِنْسَانٍ مَيِّتٍ فَيَتَنَجَّسُوا. أَمَّا لأَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ أَوْ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ لَمْ تَكُنْ لِرَجُل يَتَنَجَّسُونَ. 26- وَبَعْدَ تَطْهِيرِهِ يَحْسِبُونَ لَهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
27- وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ لِيَخْدِمَ فِي الْقُدْسِ، يُقَرِّبُ ذَبِيحَتَهُ عَنِ الْخَطِيَّةِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 28- وَيَكُونُ لَهُمْ مِيرَاثًا. أَنَا مِيرَاثُهُمْ. وَلاَ تُعْطُونَهُمْ مِلْكًا فِي إِسْرَائِيلَ. أَنَا مِلْكُهُمْ.
29- يَأْكُلُونَ التَّقْدِمَةَ وَذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ وَذَبِيحَةَ الإِثْمِ، وَكُلُّ مُحَرَّمٍ فِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ لَهُمْ.
30- وَأَوَائِلُ كُلِّ الْبَاكُورَاتِ جَمِيعِهَا، وَكُلُّ رَفِيعَةٍ مِنْ كُلِّ رَفَائِعِكُمْ تَكُونُ لِلْكَهَنَةِ. وَتُعْطُونَ الْكَاهِنَ أَوَائِلَ عَجِينِكُمْ لِتَحِلَّ الْبَرَكَةُ عَلَى بَيْتِكَ. 31- لاَ يَأْكُلُ الْكَاهِنُ مِنْ مَيِّتَةٍ وَلاَ مِنْ فَرِيسَةٍ، طَيْرًا كَانَتْ أَوْ بَهِيمَةً.
ع15، 16: حرسوا حراسة المقدس : تمسكوا بشرائع بيت الله وتمموها بأمانة.
يقدم هنا الله شرائع للكهنة، ويقول “بنى صادوق”، وكلمة صادوق معناها صادق، أو بار، وصادوق هو رئيس الكهنة الذى كان أيام داود وسليمان، ويقصد الكهنة الصادقين الأبرار، الذين تمسكوا بالشريعة. هؤلاء هم وحدهم الذين يسمح لهم الله أن يقدموا الذبائح له، ويهتموا بكل خدمة الهيكل، أى أن الكهنة المتمسكين بالشريعة هم الذين يخدمون في الهيكل الذى سيبنيه زربابل وعزرا، وأيضاً يخدمون في كنيسة العهد الجديد، التى يؤسسها المسيح بدمه بدل دماء الذبائح.
ع17-19: ومن داخل : داخل الدار الداخلية.
عصائب : قطع من القماش تلف حول الرأس فتكون مثل عمامة.
سراويل : ما يلبس تحت الملابس الخارجية من على الوسط حتى قبل الركبتين، رمزاً للخطية.
أحقائهم : جمع حُق وهو وسط الجسم الذى يلبس عليه الحزام.
يتنطقون : يلبسون حزام أو ما يشبهه على وسطهم.
يضع الله شرائع للكهنة هى : أولاً الملبس : يأمر الله الكهنة أن تكون ملابسهم من الكتان، وهو نبات، وترمز الألياف المأخوذة منه إلى النقاوة. ولا تكون الملابس من الصوف لما يلى :
- الصوف مأخوذ من الحيوانات، فهو يرمز للحياة الجسدانية الشهوانية التى يسمو عنها الكاهن.
- الصوف يجعل الكاهن كثير العرق، والكاهن في العهد القديم كانت أعماله تحتاج إلى مجهود ومعرض للعرق، فلا يكون بأفضل مظهر أمام الله، بل العرق يجعل رائحته غير طيبة. والعرق قد يعوقه عن استكمال عمله، فيجعله مجهداً ويميل للكسل.
- إن كان الصوف مأخوذاً من حيوان ميت، فلا ينبغى أن يدخل شئ ميت إلى الهيكل مكان الحياة؛ لأن الموت رمز للخطية.
يستكمل الله شرح ملابس الكهنة، فيقول أن العصائب أيضاً التى على الروؤس والسراويل، وهى الملابس الداخلية، تكون من الكتان، فلا يلبس الكهنة أية ملابس من الصوف التى تساعد على العرق.
والعصائب التى تكون عمامة هى نوع من الوقار للكاهن، لأن الشيوخ يلبسون عمامة دليل وقارهم، ويكون هذا الوقار مرتبطاً بالنقاوة؛ لذا تكون من الكتان.
يطلب الله أيضاً من الكهنة أن تكون لهم ملابس خاصة بالخدمة في الدار الداخلية، ثم عند خروجهم لمباركة الشعب يغيرون ثيابهم الكهنوتية ويضعونها في غرف الكهنة الموجودة في الدار الداخلية بجوار القدس، ويلبسون ملابس أخرى عادية لمقابلة الشعب.
هذا ما يحدث حتى الآن في الكنيسة، فيلبس الكاهن ملابس الخدمة البيضاء، التى تعطى معنى البهاء والنقاوة عند مقابلة الله في هيكله لخدمته، وهذا يظهر أهمية النقاوة عند الدخول إلى خدمة الله.
ع20: خصلاً : جمع خصلة وهى مجموعة من الشعر تشبه الضفيرة.
يجزون : يحلقون.
ثانياً المظهر : ينهى الله الكهنة أن يتمثلوا بكهنة الأوثان في حلق رؤوسهم بشكل معين، مثل ترك دائرة من الشعر فوق الرأس وحلق باقى الرأس، أو عمل خصل وضفائر كثيرة، ولكن يحلقون شعر رؤوسهم كله، فيحلقون باعتدال، والمعنى أن لا يهتموا بشعر الرأس، ولا يتشبهوا بكهنة الأوثان، ويكونون في اعتدالهم قدوة للشعب في السلوك المعتدل.
ع21: ثالثاً الشراب : ينهى الله الكهنة أيضاً عن شرب الخمر عند الدخول لخدمة الله في الدار الداخلية، وذلك لما يلى :
- الخمر ترمز للتنعم والانشغال بالماديات، وينبغى أن يكون الكاهن جاداً ناسكاً ناظراً إلى هدفه وهو محبة الله وعبادته.
- قد يتهاون الكاهن فيشرب من الخمر أكثر مما يجب، فيدخل في حالة سكر ولو جزئى؛ وهذا بالطبع لا يصح أبداً عند مقابلة الله، فينبغى أن يكون الإنسان في كامل وعيه. فتهاون نوح ساعة واحدة بعد تعففه ستين عاماً، جعله يتعرى في خزى أمام الله وأولاده (تك9: 21).
ع22: رابعاً الزواج : يوصى الله الكاهن أيضاً ألا يتزوج إلا بعذراء، فلا يتزوج بأرملة، أو مطلقة؛ لأن العذراء ترمز للعفة وعدم الارتباط بشهوات العالم، فتحيا هذه العذراء في حياة مقدسة ترضى الله.
ولا يستثنى من الأرامل إلا أرملة كاهن يكون قد مات، فيسمح لكاهن غيره أن يتزوجها؛ لأنها تعودت الحياة مع الله، فتساعد الكاهن على مواصلة حياته الروحية وخدمته.
ع23: خامساً التعليم : من واجبات الكاهن أن يعلم الشعب كيفية عبادة الله والسلوك في الحياة، فيعرفونه الأمور المحرمة التى ينبغى أن يبتعد عنها، مثل الأطعمة النجسة، أو كل ما ينجس الإنسان، والأمور المحللة المقدسة، فكيف يتقرب إلى الله ويقدم ذبائحه له.
ع24: سادساً القضاء : من واجبات الكاهن أيضاً القضاء في الأمور المتشابكة والمنازعات بين الشعب، ويكون حكم الكهنة بحسب شريعة الله.
ليت حكمك على الأمور يكون بحسب وصايا الله، مهما كان الخطأ منطقياً، أو يعمله كل الناس، بهذا تكون نوراً للعالم ومثالاً وقدوة وصورة حسنة لله.
ع25-27: سابعاً دفن الموتى : من جهة دفن الموتى يوصى الله الكهنة ألا يشتركوا في هذا الدفن؛ لأن لمس الميت ينجس من يلمسه، وذلك ليرفع قلوبهم إلى السماويات، ولكن يستثنى هؤلاء، فيُسمح للكاهن بدفنهم؛ لأن ليس لهم أحد يدفنهم وهم :
- الوالدان.
- البنون والبنات.
- الأخ.
- الأخت غير المتزوجة.
فإذا دفن أحد هؤلاء يتنجس ويلزمه أن يقوم بشريعة التطهير (لا21: 1-3) ويظل أسبوعاً بعيداً عن خدمة الكهنوت، وبعد ذلك يقدم ذبيحة خطية، وبهذا يكون قد استكمل تطهيره فيستطيع أن يمارس خدمته الكهنوتية. ونرى هنا مراعاة الله لمشاعر الإنسان الطبيعية، فلا يستطيع أن يبتعد عن المقربين إليه جداً بالجسد عند موتهم.
ع28: ثامناً إعالتهم : يعلن الله أن الكهنة واللاويين لا يأخذون ميراثاً في الأرض؛ لأن الله هو ميراثهم وهو المسئول أن يوفر لهم كل احتياجاتهم.
ع29: يوضح الله كيف سيشبع الكهنة واللاويين، فيعطيهم أولاً : نصيباً في التقدمات والقرابين، وكذلك ذبائح الخطية والإثم، وكذلك الغنائم التى يحرم على الشعب استخدامها مما استولى عليه من أعدائه، فيقدم للهيكل ويأكل منه الكهنة واللاويون.
ع30: كذلك يوفر الله احتياجات الكهنة واللاويين من الباكورات التى يقدمها الشعب لله في هيكله وكذلك الرفائع، أى التقدمات الاختيارية التى يقدمونها لله محبة فيه. وكذلك يقدم الشعب أوائل العجين الذى يخبزونه في بيوتهم للكاهن، فيبارك الله بذلك بيوت الشعب.
وشريعة البكور مستمرة في العهد الجديد، مثل العشور، حتى يشعر الإنسان عندما يقدم لله أن الله هو الذى يبارك حياته، ثم ينمو في مفهوم العطاء، فيتشبه بالمسيح الذى قدم حياته عنا على الصليب. وإن كان المسيح هو البكر بين إخوة كثيرين، ففى اتحادى به أصير أنا نفسى بكراً، فأقدم حياتى للمسيح.
ع31:تاسعاً الطعام : يمنع الله الكاهن، مثل باقى الشعب، من أن يأكل حيواناً قد مات، أو افترسه حيوان آخر؛ لأنه يُعتبر نجس وينجس كل من يأكل منه. وأكل الحيوان الميت يدل على دناءة الإنسان، والله يريد من كهنته التعفف.