نهاية حياة طوبيا ووصيته الأخيرة
(1) موت طوبيا فى شيخوخة صالحة (ع1-4):
1 وفرغ طوبيا من كلامه وعاش طوبيا بعدما عاد بصيرًا إثنين وأربعين سنة ورأى بنى حفدته.
2 فتمت سنوه مئة واثنتين ودفن بكرامة فى نينوى. 3 وكان حين ذهب بصره ابن ست وخمسين سنة وعاد يبصر وهو ابن ستين سنة. 4 وقضى بقية حياته مسرورًا وإذ بلغ من تقوى الله غاية حسنة انتقل بسلام.
ع1-4: فى الإصحاح الأخير يلخص لنا السفر حياة القديس طوبيا الأب، الذى عاش ست وخمسين سنة فى حياة تقية مع الله وأعمال الخير، ثم أصيب بالعمى واستمر أربع سنوات فى هذه الضيقة الشديدة وفى نهايتها، سافر ابنه مع الملاك رافائيل، ثم عاد متزوجًا سارة وفتح عينى أبيه، فكان عمره حين أبصر ستين عامًا، ثم عاش بفرح مع الله ومع زوجته وابنه وكل أحبائه، بل ومع بنى حفدته، فى تقوى الله، حتى مات فى شيبة صالحة، بعد إثنين وأربعين سنة من عودة بصره، أى كان عمره حينذاك مائة وإثنين عامًا وكان ذلك حوالى عام 631 ق.م. ودفن فى مدينة نينوى، مكرمًا من أبنائه وكل أحبائه بكرامة عظيمة.
(2) نبوة طوبيا بعودة السبى ووصيته الأخيرة (ع5-13):
5 ولما حضرته الوفاة دعا ابنه طوبيا وبنى ابنه السبعة الفتيان وقال لهم. 6 قد دنا دمار نينوى لأن كلام الرب لا يذهب باطلاً وإخوتنا الذين تفرقوا من أرض إسرائيل يرجعون إليها. 7 وكل أرضها المقفرة ستمتلئ وبيت الله الذى أحرق فيها سيستأنف بناؤه وسيرجع إلى هناك جميع خائفى الله. 8 وستترك الأمم أصنامها وترحل إلى أورشليم فتقيم بها. 9 وتفرح فيها ملوك الأرض كافة ساجدة لملك إسرائيل. 10 إسمعوا يا بنى لأبيكم اعبدوا الرب بحق وابتغوا عمل مرضاته. 11 وأوصوا بنيكم بعمل العدل والصدقات وأن يذكروا الله ويباركوه كل حين بالحق وبكل طاقتهم. 12 إسمعوا لى يا بنى لا تقيموا ههنا بل أى يوم دفنتم والدتكم معى فى قبر واحد ففى ذلك اليوم وجهوا خطواتكم للخروج من هذا الموضع. 13 فإنى أرى أن إثمه سيهلكه.
ع5: وقبل موت طوبيا الأب، استدعى ابنه طوبيا، الذى كان قد أنجب سبعة بنين وأعطاهم كلهم وصيته الأخيرة وهى مملوءة بنبوات مفرحة لشعب الله.
وإنجاب سارة – التى ترمز للكنيسة، بزواجها من طوبيا الابن الذى يرمز للمسيح – سبعة بنين فيرمزون إلى أسرار الكنيسة السبعة، التى وهبها المسيح لكنيسته.
ع6: ثم أكد كلام الأنبياء، مثل ناحوم (نا3: 1)، بأن نينوى ستدمر تمامًا، وكان هذا شيئًا غريبًا جدًا؛ لأنها كانت المدينة العظمى فى العالم، إذ هى عاصمة الإمبراطورية الأشورية التى تحكم العالم.
وهذا يبين بطلان القوى المادية الفانية؛ فلا يجب أن يعتمد عليها أولاد الله. وكذلك لا يغتر أحد بقوته وسلطانه، بل لينظر إلى الله، القوة الوحيدة الثابتة فى هذه الحياة وإلى الأبد، فلا يضطرب من الضيقات، أو من تهديدات الآخرين وسطوتهم، بل ويلتجئ إلى الله فى كل شئ، حتى قبل تفكيره فى قوته أو قوة المحيطين به. وهكذا يطمئن قلبه، بين يدى الله، تحت كل الظروف.
ع7: وكذلك بشر برجوع شعب الله من السبى إلى أورشليم. إذ بعد السبى الأشورى، الذى كان يعيش فيه طوبيا، سيأتى السبى البابلى وبعده تقوم مملكة مادى وفارس، التى فى بدايتها سيعود اليهود إلى أورشليم وبشر أيضًا بامتلاء المدينة وكل اليهودية بخائفى الله المحبين لعبادته، إذ سيبنى ثانية بيت الله المنهدم ويقدمون فيه ذبائحهم وعبادتهم لله الواحد.
ع8، 9: بل وتنبأ أيضًا عن إيمان الأمم ورؤسائها، الذين سيعظمون أورشليم ويسجدون لله فيها ويعبدونه وينضمون إلى شعبه، تاركين عبادة الأوثان.
لم تكن هذه نبوة عن أورشليم والرجوع من السبى فقط، بل وأيضًا عن رجوع العالم إلى الإيمان وانتشار المسيحية فى كل مكان، قبل مجئ المسيح الثانى.
فرجوع الأمم لله سيتم بإيمانهم بالمسيح، حيث آمن الكثيرون من أمم العالم المختلفة.
ع10: ثم يكمل طوبيا الأب وصيته الأخيرة، بدعوة بنيه للعبادة الحقيقية لله من القلب والاهتمام بإرضائه فى كل حياتهم.
ع11: كما أوصاهم، أن يعلموا أولادهم السلوك بإستقامة، ومراعاة العدل فى كل معاملاتهم؛ حتى لا يظلموا أحدًا. ثم أكد على أهمية الصدقة والرحمة. وفى النهاية، الإهتمام بذكر اسم الرب كل حين وتسبيحه وتمجيده؛ للبقاء فى معيته وعشرته الدائمة.
ع12، 13: ثم ختم وصيته بأمر محدد وهو ترك مدينة نينوى، فور موت ودفن زوجته حنة معه فى قبر واحد؛ لينجوا من الهلاك فى نينوى المدينة العظيمة، التى ستدمر نتيجة شرورها الكثيرة.
ونينوى ترمز للعالم الذى سيهلك بإثمه ولذا وجب على أولاد الله أن يخرجوا منه، أى يتغربوا عن شهواته وخطاياه ويحيوا للمسيح.
(3) ذهاب طوبيا إلى حمويه (ع14-17):
14 فكان أن طوبيا بعد موت أمه ارتحل عن نينوى بزوجته وبنيه وبنى بنيه ورجع إلى حمويه.
15 فوجدهما سالمين بشيخوخة صالحة فاهتم بهما وهو أغمض أعينهما وأحرز كل ميراث بيت رعوئيل ورأى بنى بنيه إلى الجيل الخامس. 16 وبعد أن استوفى تسعًا وتسعين سنة فى مخافة الرب دفن بفرح. 17 ولبث كل ذوى قرابته وجميع أعقابه فى عيشة صالحة وسيرة مقدسة وكانوا مرضيين لدى الله والناس وجميع سكان الأرض.
ع14: أغمض أعينهما : ما يفعله المقربون للموتى بعد وفاتهم مباشرة، أى حضر وفاتهما ودفنهما.
أحرز : نال وكسب.
إهتم طوبيا الابن بتنفيذ وصية أبيه؛ فبعد دفن أبيه بسنوات قليلة، ماتت أمه، فدفنها بإكرام مع والده، ثم ارتحل هو وكل بنيه وحفدته وأخذ كل أمواله، مسافرًا إلى حمويه رعوئيل وحنة، اللذين فرحا جدًا بلقياه هو وابنتهما، وكل بنيهما الذين تمنيا أن يريانهم، وكان رعوئيل وحنة قد أصبحا شيخين.
وهكذا يظهر إيمان طوبيا الابن وطاعته لوالده، إذ تخلى عن المدينة العظيمة نينوى، بكل مجدها، واثقًا من صدق كلام والده، أنها ستخرب.
ليتنا نطيع وصايا الله، مهما تعارضت مع حكمتنا البشرية وأفكار العالم.
ع15: وبعد أن أنعم الله ببركات كثيرة على طوبيا الأب والابن، أنعم أيضًا على البارين رعوئيل وحنة؛ إذ عاشا سنوات مع بنى ابنتهما سارة، وأكملا حياتهما فى التقوى والصلاة، فرحين بالرب، حتى ماتا بشيخوخة صالحة ودفنهما طوبيا بإكرام عظيم.
ونرى هنا الفرح الذى يميز أولاد الله عن أهل العالم، هذا الفرح الذى يستمر طوال حياتهم، حتى وسط الضيقات وفى سن الشيخوخة، حين يضعف الإنسان وتزداد حروب الخوف والقلق والتذمر. ولكن نعمة الله تحفظ لهم فرحهم، حتى نهاية حياتهم على الأرض؛ ليكملوه بعد ذلك فى السماء فى الفرح الأبدى.
ع16: وعاش طوبيا الابن أيامًا كثيرة فى صلاح وبر. ورأى حفدته حتى الجيل الخامس حتى مات وعمره تسعة وتسعون عامًا.
ع17: واستمر أبناؤه وأقرباؤه وأحباؤه فى عيشة صالحة، كنموذج حسن وسط العالم، يعلن اسم الله.
فمن بركات الله على الإنسان، أن يحيا أيامًا كثيرة فى تقوى الله على الأرض وليس هو فقط، بل وأيضًا أن تكون له ذرية صالحة تشهد لله.
وهكذا يختم هذا السفر العظيم ببركات وفيرة وفرح دائم لأولاد الله الصالحين، الذين احتملوا ضيقات كثيرة وتمسكوا بإيمانهم.
دراسة مقارنة للصلوات المذكورة فى سفر طوبيا
أ – صلاة طوبيا عندما كان فى الضيقة (ص3: 1-6).
تشمل عدة معانى أهمها :
- الخضوع لتدابير الله.
- اعتراف بالخطايا وتوبة.
- طلب رحمة الله.
- استحقاق للعقوبة.
- اتكال على الله.
- تألم يقارب الموت.
ب – صلاة سارة عندما كانت فى ضيقة (ص3، 13: 22).
تشمل عدة معانى أهمها :
- انتظار رحمة الله.
- غفران الله فى الضيقة.
- التعلق بالله.
- طلب رفع الضيقة.
- تألم حتى الموت.
- حيرة من سبب الضيقة لأنها :
أ – سلكت ب.
ب – طلبت الزواج بطهارة الله.
- قبول مشيئة الله.
- سمو حكمة الله.
- بركات الضيقة وأكاليلها.
- الله ينقذ أولاده من الضيقات.
- الإيمان بقوة الله المخلصة.
- تمجيد الله.
حـ- صلاة طوبيا بعد شفائه (ص13).
تشمل عدة معانى أهمها :-
- تمجيد الله بالكلام وبالأعمال.
- السماح بالضيقة وإعطاء بركات منها.
- مسئولية أولاد الله أن يظهروه للعالم.
- الضيقة تأديب من أجل خطايانا.
- الخلاص من الضيقات برحمة الله.
- دعوة للتوبة وتمجيد الله.
- نبوة عن الرجوع من السبى ومجد أورشليم، سواء بالمسيح المخلص، أو فى ملكوت السموات.
د – مقارنة بين صلاتى طوبيا وسارة عندما كانا فى الضيقة :
يوجد تشابه كبير بين الصلاتين فيما يلى :
- طلب رحمة الله.
- تسليم لمشيئة الله.
- اعتراف بالخطايا وتوبة.
- تألم حتى الموت.
- تمجيد الله ومباركة أحكامه.
هـ- مقارنة بين صلاتى طوبيا عندما كان فى الضيقة وبعد شفائه منها :-
يوجد تشابه بين الصلاتين فيما يلى :-
- تمجيد الله.
- الخطية هى سبب الضيقة.
- دعوة للتوبة.
ولكن يوجد فارق واضح بينها وهو أن الصلاة الأولى تتميز بالمعاناة من الألم وانتظار الموت، أما الصلاة الثانية فتتميز بالشكر والحمد والإيمان بالخلاص ودعوة أولاد الله لتمجيده والتمتع ببهاء أورشليم.
الزواج فى سفر طوبيا
- إجراءات الزواج التى تتمثل فى كتابة رعوئيل والد الزوجة عقد الزواج وإمساكه بيد ابنته وتسليمها لعريسها، فهو يمثل هنا كاهن الأسرة (ص7: 15).
- تعفف طوبيا وسارة ثلاثة أيام وصلواتهما (ص8: 4).
- عمل وليمة العرس بمخافة الله (ص9: 12).
- وصايا والدى سارة إليها بمشتملاتها الخمسة (ص10: 13).