تقسيم العمل لبناء السور والأبواب
أقام اليبوسيون سكان أورشليم الأصليين سوراً للمدينة ثم حصنه وأكمله داوود وسليمان وبعد ذلك هدمه البابليون عندما دمروا أورشليم وأحرقوها بالنار والآن نحميا يعيد بناء السور والأبواب. والأبواب إثنا عشر مذكور فى هذا الأصحاح عشر منهم، ثم إثنان فى (ص12) وهى على عدد أسباط بنى إسرائيل وفى سفر الرؤيا يذكر 12 باب لأورشليم السمائية على عدد أسباط وتلاميذ المسيح (رؤ21: 12) ولم يذكر بابا أفرايم والسجن فى هذا الأصحاح لأنه غالباً كانا لا يحتاجا إلى ترميم.
(1) باب الضأن وباب السمك (ع1-5):
1- و قام الياشيب الكاهن العظيم و أخوته الكهنة و بنوا باب الضان هم قدسوه و أقاموا مصاريعه و قدسوه إلى برج المئة إلى برج حننئيل. 2- و بجانبه بنى رجال أريحا و بجانبهم بنى زكور بن أمري. 3- و باب السمك بناه بنو هسناءة هم سقفوه و أوقفوا مصاريعه و أقفاله و عوارضه.
4- وبجانبهم رمم مريموث بن أوريا بن هقوص و بجانبهم رمم مشلام بن برخيا بن مشيزبئيل و بجانبهم رمم صادوق بن بعنا. 5- و بجانبهم رمم التقوعيون و أما عظماؤهم فلم يدخلوا أعناقهم في عمل سيدهم.
باب الضأن : أحد أبواب أورشليم فى شمال شرق وكان بجواره سوق الغنم وكانت تدخل منه الأغنام والماشية التى تقدم على المذبح لان هذا الباب قريب من هيكل الرب. وهذا الباب يرمز للمسيح حمل الله الذى بلا عيب والذى خرج من هذا الباب فى ليلة صلبه إلى بستان جثيمانى ثم عاد ودخل منه بعد القبض عليه. وقد سمى هذا الباب بعد ذلك بباب استفانوس وكان قد تدمر تماماً أثناء الهجوم البابلى.
برج المئة : أحد الأبراج التى فى سور المدينة وسمى هكذا لعل بسبب ارتفاعه مئة ذراع أو كان يحرسه مئة جندى لأن هذا البرج كان له أهمية خاصة لأن هجمات الأعداء كانت تأتى غالباً من الشمال، وهذا البرج كان يكتشفها ويستعد للدفاع عن المدينة.
برج حننئيل : ومعناه حنان الله وكان أمام هيكل الرب للدفاع عنه أمام هجمات العدو.
مصاريعه : جزئى الباب أى ضلفتيه.
باب السمك : أحد أبواب أورشليم ويقع شمال المدينة وغرب باب الضأن وكان يدخل من هذا الباب تجار السمك القادمون من البحر الأبيض المتوسط أو نهر الأردن أو بحر الجليل وكان بجواره سوق السمك. وسمى بعد ذلك باب دمشق ويرمز هذا الباب للنفوس التى تدخل إلى الإيمان ويهتم الخدام باصطيادها.
سقفوه : سقف الباب هو العارضة التى تعلو ضلفتى الباب.
أقفاله : الوسائل التى استخدمت لإغلاق الباب بإحكام.
وعوارضه : الأخشاب المثبتة فى السور والتى يثبت فيها الباب (حلق الباب).
التقوعيون : سكان تقوع وهى مدينة تقع على جبل عال على بعد 16كم جنوب أورشليم.
لم يدخلوا أعناقهم : رفضوا العمل واحتمال المجهود المبذول فى إقامة السور والأبواب.
يذكر هنا المجموعات التى قامت ببناء السور وعمل الأبواب ويبدأ بالكهنة ورئيسهم ألياشيب لأن الكهنة هم قدوة لباقى الشعب فى العمل من أجل الله ولأنهم كهنة استطاعوا أن يقدسوا باب الضأن والذى يرمز بوضوح للمسيح.
والبدء بترميم باب الضأن يرمز إلى أهمية حمل الخدام للصليب من أجل المسيح، فاستعدادهم لحمل الصليب هو الذى يؤهلهم لاصطياد النفوس بقوة الله والذى يرمز إليه باب السمك.
وقد اهتم كل من قام بالعمل أن يتمم العمل على أكمل وجه فيصنعوا الأبواب بدقة وأقفالها بإحكام.
لكن للأسف نرى أن المجموعة الأخيرة المذكورة فى ع5 وهم التقويميون تقدم الشعب فقط لينال بركة البناء أما رؤساؤهم فلأجل كبريائهم تكاسلوا عن هذه الخدمة فحرموا من هذه البركة. والتقويميون أتوا من خارج أورشليم للمشاركة فى البناء بينما تكاسل بعض سكان أورشليم.
احترس من الكبرياء الذى يمكن أن يحرمك من الجهاد الروحى وخدمة الله فلا تهمل أية خدمة مهما بدت صغيرة أو وضيعة فما دامت من أجل الله فهى تعتبر عظيمة جداً وإن كان المسيح قد اتضع وحمل الصليب فينبغى أن تتضع وتخدمه بأمانة.
(2) الباب العتيق وباب الوادى (ع6-13):
6- و الباب العتيق رممه يوياداع بن فاسيح و مشلام بن بسوديا هما سقفاه و أقاما مصاريعه وأقفاله و عوارضه. 7- و بجانبهما رمم ملطيا الجبعوني و يادون الميرونوثي من أهل جبعون و المصفاة إلى كرسي والي عبر النهر. 8- و بجانبهما رمم عزيئيل بن حرهايا من الصياغين و بجانبه رمم حننيا من العطارين و تركوا أورشليم إلى السور العريض. 9- و بجانبهم رمم رفايا بن حور رئيس نصف دائرة أورشليم. 10- و بجانبهم رمم يدايا بن حروماف و مقابل بيته و بجانبه رمم حطوش بن حشبنيا.
11- قسم ثان رممه ملكيا بن حاريم و حشوب بن فحث موآب و برج التنانير. 12- و بجانبه رمم شلوم بن هلوحيش رئيس نصف دائرة أورشليم هو و بناته. 13- باب الوادي رممه حانون و سكان زانوح هم بنوه و أقاموا مصاريعه و أقفاله و عوارضه و ألف ذراع على السور إلى باب الدمن.
الباب العتيق : يقع فى الجهة الغربية من أورشليم ويسمى أيضاً باب الزاوية وقد بنى أيام ملكى صادق، ويواجه الجزء القديم من أورشليم ويرمز للناموس والأنبياء، وإلى أن الخلاص مقدم للعهد القديم كما للعهد الجديد.
جبعون والمصفاة : جبعون من أهم مدن الحويين وصارت فى نصيب سبط بنيامين وتقع مع المصفاة شمال غرب أورشليم وقد خدع الجبعونيون قديماً يشوع وقد حلف لهم فلم يبدهم (يش9: 3-16).
كرسى والى عبر النهر : يبدو أن والى المناطق المحيطة بنهر الأردن قد أقام له مقراً ناحية الباب العتيق وحتى بعدما تركه ظل المكان يسمى باسمه.
الصياغين : العاملين فى صياغة الذهب والفضة.
تركوا أورشليم : تركوا السور القديم لأورشليم لأنه كان سليماً غير متهدم.
السور العريض : كان السور عريضاً فى بعض مناطقه أكثر بكثير من العادى ليسمح بتجمع عدد كبير فوقه فى هذه المنطقة.
رئيس نصف دائرة أورشليم : كانت أورشليم مقسمة إلى نصفين لكل منها رئيس ويبدو أن هذه كانت سياسة فارسية ليراقب كل رئيس الآخر فتضمن لإمبراطورية خضوع المدينة لها.
فحث موآب : فحث معناها رئيس وكان من سبط يهوذا وله سلطان على منطقة من موآب.
برج التنانير : يقع فى الشمال الغربى لأورشليم بجواب الباب العتيق وسمى بهذا الإسم لكثرة التنانير به أى الأفران التى يصنع بها الخبز.
باب الوادى : يقع جنوب الباب العتيق أى نحو الجنوب الغربى لأورشليم ويقابله خارج أورشليم وادى ابن هنوم حيث تلقى مخلفات المدينة وكانت النار تشتعل فيه ليلاً ونهاراً فى وسطه وحوله الدود يأكل فى الجثث الميتة للحيوانات فالدود هناك لا يموت ومنه أخذت كلمة جهنم، وجه معناها وادى أى وادى هنوم. ومعنى هذا الباب أن من يخرج خارج أورشليم التى ترمز للكنيسة يفقد خلاصه ويسقط فى جهنم حيث العذاب الأبدى.
يذكر من أقاموا الباب العتيق بعوارضه وسقفه أى العارضة العليا والعوارض الجانبية التى يركب فيها الباب وكذا الأقفال والضلف.
وقد اشترك فى عمل هذا الباب والسور المجاور له عدد كبير، فهم أناس من أورشليم أو من خارجها مثل أهل جبعون والمصفاة، وقد رمموا وفئات من الشعب أغنياء مثل الصياغ وكذا أصحاب محلات العطارة، وأعطى كل إنسان من أمواله بحسب غناه، ورمموا السور المتهدم، ولما وجدوا أجزاء من السور غير متهدمة تركوها وبهذا اتصل السور حتى الجزء العريض منه.
واشترك الشعب مع الرؤساء فى بناء السور الممتد من الغرب حيث الباب العتيق إلى الجنوب حتى باب الوادى الذى يقع فى جنوب غرب المدينة، وهذا يظهر اهتمام كل الشعب بمراكزهم المختلفة سواء أعلى المراكز مثل رؤساء المدينة أو التجار أو فئات الشعب المختلفة، بل واشترك أيضاً الرجال والنساء فى العمل. فالكل كان يشعر أن أورشليم مدينة إلههم العظيم التى فيها هيكله المقدس. وامتد العمل فى السور بعد باب الوادى حتى وصلوا إلى باب الدمن الذى سنذكر تفاصيله فى الأعداد القادمة.
إن عمل الخير متاح لكل الناس ليقدم كل أحد بحسب إمكانياته، والله يفرح بعملك حتى لو كان صغيراً. فقدم لله كل ما تستطيع لتنال بركته فى حياتك وهو غنى سيجزل لك العطاء وتفرح بأنه قد أشركك فى خدمته.
(3) باب الدمن وباب العين (ع14-25):
14- و باب الدمن رممه ملكيا بن ركاب رئيس دائرة بيت هكاريم هو بناه و أقام مصاريعه وأقفاله و عوارضه. 15- و باب العين رممه شلون بن كلحوزة رئيس دائرة المصفاة هو بناه و سقفه وأقام مصاريعه و أقفاله و عوارضه و سور بركة سلوام عند جنينة الملك إلى الدرج النازل من مدينة داود. 16- و بعده رمم نحميا بن عزبوق رئيس نصف دائرة بيت صور إلى مقابل قبور داود و إلى البركة المصنوعة و إلى بيت الجبابرة. 17- و بعده رمم اللاويون رحوم بن باني و بجانبه رمم حشبيا رئيس نصف دائرة قعيلة في قسمه. 18- و بعده رمم أخوتهم بواي بن حيناداد رئيس نصف دائرة قعيلة. 19- و رمم بجانبه عازر بن يشوع رئيس المصفاة قسما ثانيا من مقابل مصعد بيت السلاح عند الزاوية. 20- و بعده رمم بعزم باروخ بن زباي قسما ثانيا من الزاوية إلى مدخل بيت الياشيب الكاهن العظيم. 21- و بعده رمم مريموث بن أوريا بن هقوص قسما ثانيا من مدخل بيت الياشيب إلى نهاية بيت الياشيب. 22- و بعده رمم الكهنة أهل الغور. 23- و بعدهم رمم بنيامين و حشوب مقابل بيتهما و بعدهما رمم عزريا بن معسيا بن عننيا بجانب بيته. 24- و بعده رمم بنوي بن حيناداد قسما ثانيا من بيت عزريا إلى الزاوية و إلى العطفة. 25- و فالال بن أوزاي من مقابل الزاوية والبرج الذي هو خارج بيت الملك الأعلى الذي لدار السجن و بعده فدايا بن فرعوش.
ع14: ملكيا بن ركاب : وكان من قبيلة ركاب وهم ليسوا يهوداً ولكنهم كانوا يعيشون بجوارهم فى سلام وذكرهم أرميا مثالاً لطاعة أوامر رئيسهم (أر35).
باب الدمن كما ذكرنا فى (ص2: 13) يقع جنوب مدينة أورشليم وشرق باب الوادى وكانت تلقى منه روث الحيوانات ولذا فهذا الباب يرمز للطهارة أى تخلص الإنسان من كل شروره ونجاساته التى ترمز إليها الفضلات.
وهذا الباب قام بترميمه أحد العظماء الذى سمى ملكيا بن ركاب وكان رئيس منطقة تسمى رئيس دائرة بيت هكاريم.
هذا يبين اهتمام العظماء بترميم السور والأبواب وبالطبع كان يتبعهم باقى عائلاتهم فكان العمل عملاً شعبياً يشترك فيه كل الشعب العظماء وغير العظماء.
ع15: دائرة المصفاة : هى مكان خارج أورشليم يقع قريباً منها داخل سبط بنيامين.
باب العين : يسمى باب الينبوع وهو مقابل عين روجل وقد ذكرنا عنه فى (2: 14) أنه يقع شرق باب الدمن وبجواره بركة سلوام التى تكونت من عين الماء أى تصب فيها هذه العين. وبركة سلوام هى حقيقة قناة مكشوفة منحدر فيها الماء بانحدار خفيف ويصب فى النهاية فى بركة تسمى العتيقة أو بركة سلوام الذى ذكرت فى العهد الجديد واغتسل فيها المولود أعمى (يو9: 6).
والعين ترمز للروح القدس إذ لا يحفرها أحد بل تخرج طبيعياً كما أن نعمة الله تعطينا عمل الروح القدس فينا. والعين أو الماء يرمز لسر المعمودية فهذا الباب يرمز للروح القدس والمعمودية.
وقد رمم شلون هذا الباب هو وأسرته ثم رمم السور بجوار هذا الباب حتى حديقة الملك المسماة جنينة أو جنة وهى حدائق واسعة تابعة للملك وامتد بعدها إلى سلم يسمى سلم مدينة داود ولأن أورشليم مبنية على تلال فتكثر السلالم فيها. ومدينة داود هى جزء من أورشليم يسمى بهذا الأسم وأحياناً يطلق اسم مدينة داود على أورشليم كلها. وكان شلون رئيساً على دائرة المصفاة وهى مكان خارج أورشليم وهذا يبين اهتمام اليهود فى كل منطقة اليهودية المحيطة بأورشليم بترميم سور مدينة الله كما أن غير اليهود الساكنين بجوارهم مثل الركابيين تعاونوا أيضاً فى هذا العمل العظيم.
ع16: دائرة بيت صور : ضاحية تقع خارج أورشليم على بعد 20 ميلاً جنوب أورشليم.
قبور داود : كانت العادة إقامة المقابر خارج المدن لأن من يمس ميت يتنجس ولكن أقيمت مقابر للملوك وهم من نسل داود داخل مدينة أورشليم.
البركة المصنوعة : أقامها حزقيا الملك ليخزن فيها الماء بعد أن ردم العيون التى خارج مدينة أورشليم حتى لا يستخدمها الأشوريون المحاصرون لمدينته وقتذاك.
بيت الجبابرة : حيث أقام القادة الحربيون لجيش داود وتحولت هذه المنطقة بعد ذلك إلى ثكنات الجيش ومخازن للأسلحة.
يظهر هنا التكامل بين المهمتين ببناء السور فبعد شلون رمم نحميا بن عزبوق السور المقابل لمقابر داود والبركة المصنوعة وبيت الجبابرة. وهكذا يمتد ترميم السور من جنوب أورشليم نحو شرقها حتى باب الماء المذكور فى (ع26).
وبهذا نجد أن اتجاه الترميم بدأ من الشمال ويدور عكس عقارب الساعة حتى يصل فى النهاية للشمال مرة أخرى فى نهاية هذا الأصحاح.
ع17: قعيلة : مدينة تقع فى سهل يهوذا بقرب حدود سبط يهوذا مع الفلسطينيين.
اشترك أيضاً فى ترميم السور اللاويون بقيادة رحوم وكذلك حشبيا الذى كان رئيساً على مدينة قعيلة.
ع18: وبعد حشبيا رئيس نصف دائرة قعيلة رمم أقاربه بقيادة بواى رئيس النصف الآخر لدائرة قعيلة.
أى أن كل سكان المدينة اهتموا بالاشتراك فى هذا العمل.
ع19: بيت السلاح : مخازن للأسلحة تلجأ إليها المدينة عند الحرب.
الزاوية : زاوية فى سور المدينة.
تقدمت مجموعة من مدينة المصفاة بأحد رؤسائها وهو عازر ليرمموا قسماً ثانياً من السور غير الذى رممه إخوتهم من مدينة المصفاة المذكورون فى (ع15) وكان هذا القسم مقابل سلم عند بيت السلاح الذى فى زاوية المدينة.
ع20: بعد مجموعة المصفاة الذين كان يقودهم عازر تقدم باروخ ومن يتبعه بهمة شديدة تميزت عن باقى المجاميع العاملة فى ترميم السور، فرمم من زاوية المدينة إلى مدخل بيت الياشيب الكاهن العظيم أى رئيس الكهنة.
ليتك تتقدم نحو الله فى عبادة جادة باهتمام سواء فى صلواتك أو قراءاتك. ضع خطة لنفسك مع أبيك الروحى وداوم عليها وحاول انتهاز كل فرصة لتنمو فى عبادتك وهذا بالطبع سيحرك محبتك نحو الله وسيكافئك بأمور كثيرة ويفتح قلبك بمحبة من حولك فتخدمهم بأمانة وتختبر أعماقاً جديدة فى محبة الله.
ع21: تظهر محبة مريموث والمجموعة التى معه فى اهتمامهم بترميم قسمٍ ثانٍ من السور غير الذى رمموه فى (ع4) وهذا القسم يقع فى الجزء الشرقى من الهيكل ويمتد من مدخل رئيس الكهنة، والكهنة المجاورين له حتى نهاية هذه المبانى وكانت ملتصقة بالسور وتقابل وادى قدرون الذى يقع خارج أورشليم.
ويلاحظ أن مجموعة مريموث لم يكتفوا بترميم السور مقابل بيوتهم بل لاهتمامهم رمموا جزءاً آخراً يحتاج للترميم فهذا يبين نشاطهم الذى يقدره الله جداً فما رمموه فى (ع4) كان عند باب السمك فى شمال المدينة أما القسم الثانى فى هذا العدد فكان عند شرق المدينة.
ع22: الغور : منخفض فى الأرض أى سهل، أو وادى ويطلق هذا الاسم على الجزء الجنوبى من وادى نهر الأردن.
سكن بعض العاملين فى الهيكل وبعض الكهنة فى غور الأردن أى السهل المحيط بأورشليم ويسمى أيضاً الدائرة وقد حضر هؤلاء الكهنة واشتركوا فى ترميم سور أورشليم، وهذا يؤكد إحساس الكهنة بأن ترميم السور عمل مقدس، لأنه يرتبط بالمدينة المقدسة أورشليم التى فيها هيكل الرب.
ع23: يواصل ذكر الذين اشتركوا فى الترميم فيذكر بنيامين وحشوب اللذان رمماها وأتباعهما مقابل بيوتهما وبعدهما رمم عزريا بن معسيا. وهذا يبين أن ترميم السور كان عملاً شعبياً اشترك فيه كل إنسان من أجل الله، ولحماية نفسه ومدينته. وهذا يرمز إلى واجب كل إنسان أن يصلح أى أخطاء تقابله ويعمل الخير المتاح له، فيكون له نصيب فى ملكوت السموات إذ يصبح عضواً حقيقياً فى الكنيسة بمحبته وخدمته وعمله للخير.
عندما تجد فرصة لعمل الخير لا تهملها فالله هو الذى منحك إياها لتظهر محبتك له فتصبح ابناً حقيقياً وتنال مراحمه الكثيرة.
ع24: تظهر هنا همة بعض الأشخاص فى ترميم السور فبعدما أكملوا الجزء المخصص الذى خصصه لهم نحميا عادوا فرمموا قسماً آخراً؛ من هؤلاء بنوى بن حيناداد المذكور فى هذه الآية وهو يدعى أيضاً بواى بن حيناداد المذكور فى (ع18). وفى هذا العدد رمم جزءاً من السور عند زاوية كانت فى السور ومقابلها كانت عطفة أى حارة صغيرة كانت مشهورة فى أورشليم.
يلاحظ أن بنوى أو بواى هو رئيس نصف دائرة قعيلة أى أن الرؤساء اهتموا بترميم السور وليس الشعب فقط وهذا يؤكد أن كل فئات الشعب اهتمت بعمل الله.
ع25: البرج : كان برجاً مقاماً للدفاع عن بيت الملك.
بيت الملك الأعلى : غالباً هو بيت داود القديم.
دار السجن : كان سجناً ملحقاً ببيت الملك ويوضع فيه غالباً الذين يذنبون ضد الملك شخصياً أو من عبيده والعاملين معه.
يواصل اليهود ترميم السور من باب العين متجهين نحو باب الماء فيرمم فالال مقابل الزاوية التى انتهى إليها بنوى المذكور فى العدد السابق، ومقابل أيضاً البرج الملحق ببيت الملك الأعلى ودار السجن. وبعد فالال رمم شخصٌ آخرٌ يسمى فدايا بن فرعوش.
يلاحظ اهتمام الكتاب المقدس بذكر اسم كل من رمم السور ليظهر اهتمام الله بعمل كل إنسان يقدم له خدمة فيسجله فى كتابه إعلاناً بأنه يسجل كل عمل خير ويجازى صاحبه فى ملكوت السموات.
ثق أن كل خير تعمله له قيمة أمام الله حتى لو أهمله الآخرون أو احتقروه أو رفضوه فالله يشكرك على ما عملته ويسجله عنده لتنعم بمكافأته فى الحياة الأبدية فاستمر فى عمل الخير مهما كانت المعوقات.
(4) باب الماء وباب الخيل (ع26-28):
26- و كان النثينيم ساكنين في الأكمة إلى مقابل باب الماء لجهة الشرق و البرج الخارجي.
27- و بعدهم رمم التقوعيون قسما ثانيا من مقابل البرج الكبير الخارجي إلى سور الأكمة.28- وما فوق باب الخيل رممه الكهنة كل واحد مقابل بيته.
ع26: النثنيم : هم الجبعونيون الذى خدعوا يشوع قديماً فتعهد بعدم إهلاكهم، فلما اكتشف سكناهم قريباً منه جعلهم يعملون فى خدمة الهيكل لجمع الحطب وسقى الماء.
الأكمة : هى جزء من التل الواقع جنوب شرق أورشليم.
باب الماء : هو الذى يؤدى إلى عين جيحون وهو المصدر الرئيسى للماء العذب الذى يغذى مدينة أورشليم، ومقابل باب العين توجد ساحة كبيرة داخل المدينة يجتمع فيها الناس إما لسـمـاع الأسفار المقدسة كما فعل عزرا (نح8: 1) أو تقام فيه المظال أيام عيد المظال
(نح8: 16). وهناك رأى بأن باب الماء ليس باباً للمدينة بل باباً للقصر الملحق بهيكل الرب.
المجموعة التالية فى الترميم هى مجموعة النثنيم فقد رمموا السور عند باب الماء والبرج الخارجى وهذا يبين أن كل فئات العاملين فى الهيكل اشتركوا فى ترميم السور ليس الكهنة واللاويون فقط بل أيضاً النثنيم فلم يشترك اليهود فقط بل وغير اليهود الملتصقون بهم، فالله يقبل خدمة الكل ومحبتهم، وقد أتى المسيح لخلاص كل البشرية.
وباب الماء يرمز إلى كلمة الله التى تفيض على كل من يهتم بها وتشبعه وتعمل فيه وبه وهذا الباب كان سليماً ولم يكن محتاجاً لترميم فهو يرمز إلى ثبات كلمة الله.
لا تحتقر خدمة أحد مهما كان مركزه أو جنسه أو دينه فالله يرحب ويفرح بالكل وهو العامل فى الكل ليحذبهم إليه.
ع27: امتد العمل بعد باب الماء نحو الشرق، فرمم التقويميون جزءاً من السور وهذا الجزء هو قسمٌ ثانى فبعدما رمموا الجزء الأول المذكور فى (ع5) تقدموا لترميم جزءَ آخر وهذا يبين نشاطهم رغم تخاذل رؤسائهم عن هذا العمل فلم يؤثر هذا فى نشاطهم وكان هذا الجزء الجديد مقابل البرج الكبير والأكمة.
ع28: باب الخيل : يقع فى الجهة الشرقية من المدينة شمال باب الماء وكانت تدخل منه خيل الملك إلى إسطبلاتها، ويلاحظ أن قصر الملك كان قريباً من هذا الباب، لأن باب الخيل كان قريباً من الهيكل فكانت بجواره مساكن الكهنة فاهتموا بترميمه والسور الذى فوقه.
ولأن الخيل تشترك فى الحرب فكانت وقتذاك تمثل القوة الحربية؛ لذا فباب الهيكل يرمز للجهاد والنصرة.
(5) باب الشرق وباب العد (ع29-32):
29- و بعدهم رمم صادوق بن أمير مقابل بيته و بعده رمم شمعيا بن شكنيا حارس باب الشرق. 30- و بعده رمم حننيا بن شلميا و حانون بن صالاف السادس قسما ثانيا و بعده رمم مشلام بن برخيا مقابل مخدعه. 31- و بعده رمم ملكيا ابن الصائغ إلى بيت النثينيم و التجار مقابل باب العد إلى مصعد العطفة. 32- و ما بين مصعد العطفة إلى باب الضان رممه الصياغون و التجار
ع29: باب الشرق : يقع فى الجهة الشرقية من المدينة مقابل الهيكل وهو أول باب يفتح فى المدينة عند طلوع الشمس ويعتبر المدخل الرئيسى للهيكل وسمى فيما بعد باب الجميل
(أع3: 2).
استمر اشتراك الشعب فى ترميم السور، فرمم صادوق مقابل بيته وبعده رمم شمعيا مقابل بيته وكان شمعيا هو المسئول عن حراسة باب الشرق فمسكنه كان مقابل هذا الباب. باب الشرق يرمز لشمس البر إذ هو أول باب تظهر منه الشمس لذا فهو يرمز إلى تجسد المسيح، شمس البر الذى ولد فى الشرق ويرمز أيضاً إلى مجيئه الثانى الذى سيأتى من الشرق.
ع30: يستمر الترميم بعد باب الشرق متجهين إلى الشمال، فرمم حننيا وحانون وبعدهما رمم مشلام مقابل بيته وربما كان مشلام من الكهنة وله مركز بينهم فوهب له مخدع أى مكان إقامة داخل الهيكل، فرمم السور الذى مقابل هذا المخدع.
ويلاحظ نشاط حانون إذ أنه رمم قسماً ثانياً فقد رمم أولاً باب الوادى (ع13) ورغم أن الكتاب المقدس يذكر أنه السادس وغالباً يقصد أن ترتيبه السادس بين إخوته وليس البكر أو ما بعده فقد امتلأ حماساً ونشاطاً أكثر من باقى إخوته، فرمم قسمين ولم يذكر أن إخوته رمموا شيئاً من السور فقد يكون هو الوحيد الذى اهتم بالعمل المقدس.
لا يستهن أحد بحداثتك بل كن إيجابياً وأعمل كل خير بوسعك أن تعمله، فالله قادر أن يعمل بضعفك أعظم من كل أحد فيتمجد بك وتتمتع بعشرته.
ع31: بيت النثينيم : غالباً كان بيتاً مقاماً لإدارة أعمال النثينيم فى الهيكل لأن النثنيم كان يسكنون خارج أورشليم وبجوارها.
باب العد : كانت تدخل منه الجيوش العائدة من الحرب وكان الملك يقف عند هذا الباب يعد جيوشه العائدة ليعرف مدى انتصارهم أو انهزامهم أمام الأعداء، ويقع هذا الباب شرقاً نحو الشمال وقريباً من بيت الملك، وهو آخر الأبواب قبل الوصول إلى باب الضأن الذى بدأنا به.
يمتد العمل فى السور بعد باب الشرق لنقترب من باب العد فيرمم ملكيا، ويذكر الكتاب أنه ابن الصائغ أى أن بعض الصاغة سكنوا شرق المدينة مقابل هذا الباب والبعض الآخر سكنوا غرباً قريباً من الباب العتيق كما ذكرنا (ع8). واشترك أيضاً التجار فى ترميم السور وباب العد حتى مصعد العطفة فكما ذكرنا كانت توجد سلالم كثيرة للمدينة لأنها مبنية على تلال ويبدو أن هذا السلم كان يؤدى إلى حارة معروفة فى المدينة.
ويرمز باب العد إلى الدينونة لأن الملك يقف بنفسه ليعد جنوده العائدين من الحرب كما أن ملك الملوك ربنا يسوع المسيح سيدين العالم كله ليفرز المنتصرين على الشيطان من الذين خضعوا لشهواتهم.
ع32: يذكر هنا أن الجزء المتبقى من السور بين مصعد العطفة وباب الضأن قام بترميمه الصياغ والتجار، أيضاً بالإضافة إلى ما رمموه قبلاً فى السور، فقد استخدموا قوتهم وأموالهم لإتمام هذا العمل المقدس.
ونلاحظ أيضاً اهتمام بعض الفئات مثل الصياغ والتجار بترميم الأجزاء المتبقية بين الأقسام المرممة من السور، إذ قد تتبقى أجزاء بين ما رممته الفئات المختلفة فهم يمرون على السور ليكشفوا أى أجزاء أهملت ليرمموها.
كن مساعداً لمن حولك لتكمل عملهم وخدمتهم حتى لو لم يظهر اسمك أو تنال كرامة من الناس ولكن الله يعتبر جداً كل أعمالك الخيرة ويباركها.
ويلاحظ أن الأبواب الإثنى عشر لها معانى روحية كلها تدور حول المسيح كما يظهر فيما يلى :
- باب الضأن : يرمز للمسيح الحمل المتجسد لفداء البشرية.
- باب السمك : يرمز للخدمة وجمع النفوس للإيمان بالمسيح.
- باب أفرايم : يرمز للبركة إذ كان أفرايم أكبر الأسباط عدداً إذ أننا بالمسيح الفادى نلنا كل البركات.
- باب السجن : ويرمز للمسيح الفادى الذى حررنا من سجن الخطية وعبوديتها وأعطانا حرية مجد أولاد الله.
- الباب العتيق : ويرمز للمسيح الأزلى الأبدى الذى هو قبل كل الأكوان عتيق الأيام وخالق كل شئ ومجدد طبيعتنا.
- باب الوادى : ويرمز إلى أن الخلاص داخل الكنيسة التى ترمز إليها أورشليم ومن يخرج خارج أورشليم يسقط فى وادى ابن هنوم أى جهنم فبالمسيح الفادى داخل الكنيسة ننال الخلاص بالأسرار المقدسة ووسائط النعمة.
- باب الدمن : ويرمز للطهارة إذ منه تلقى الفضلات النجسة، فبالمسيح الفادى ننال الطهارة والنقاوة فى الأسرار المقدسة.
- باب العين : ويرمز للروح القدس الذى يعمل فينا ويفيض منا وننال الحياة الجديدة به من خلال سر المعمودية فنولد ولادة جديدة فى المسيح المخلص.
- باب الماء : ويرمز للمسيح كلمة الله العامل فى أولاده.
- باب الخيل : ويرمز للجهاد الروحى والنصرة بقوة المسيح على الشيطان.
- باب الشرق : ويرمز للمسيح شمس البر المتجسد لفدائنا والآتى فى مجيئه الثانى ليمجد أولاده.
- باب العد : ويرمز للدينونة ومجازاة كل إنسان بحسب أعماله بواسطة المسيح الديان.
فنلاحظ أننا بدأنا بالمسيح الفادى على الصليب وأنتهينا بالمسيح الديان فالمسيح هو الألف والياء، البداية والنهاية.
ملحوظة أخيرة فى هذا الإصحاح، أنه لم يذكر اسم نحميا ممن رمموا السور لأنه كان مسئولاً عن إدارة وتنظيم الفئات المختلفة فى هذا العمل، وهذه الإدارة عمل كبير يستغرق وقتاً طويلاً وهو أصعب من عمل الترميم، إذ بدونه لا يكمل السور، فتنسيق العمل وتنشيطه وتدبير الدفاع عن السور ضد الأعداء، ومساندة المشتركين فى الترميم ورعايتهم، هو عمل يفوق كل الأعمال.