الملك يرسل نحميا لبناء الأسوار
(1) موافقة الملك على مطالب نحميا (ع1-8):
1- و في شهر نيسان في السنة العشرين لأرتحشستا الملك كانت خمر أمامه فحملت الخمر وأعطيت الملك و لم أكن قبل مكمدا أمامه. 2- فقال لي الملك لماذا وجهك مكمد و أنت غير مريض ما هذا إلا كآبة قلب فخفت كثيرا جدا. 3- و قلت للملك ليحيى الملك إلى الأبد كيف لا يكمد وجهي و المدينة بيت مقابر آبائي خراب و أبوابها قد أكلتها النار. 4- فقال لي الملك ماذا طالب أنت فصليت إلى اله السماء. 5- و قلت للملك إذا سر الملك و إذا أحسن عبدك أمامك ترسلني إلى يهوذا إلى مدينة قبور آبائي فابنيها. 6- فقال لي الملك و الملكة جالسة بجانبه إلى متى يكون سفرك و متى ترجع فحسن لدى الملك و أرسلني فعينت له زمانا. 7- و قلت للملك إن حسن عند الملك فلتعط لي رسائل إلى ولاة عبر النهر لكي يجيزوني حتى أصل إلى يهوذا. 8- و رسالة إلى أساف حارس فردوس الملك لكي يعطيني أخشابا لسقف أبواب القصر الذي للبيت و لسور المدينة و للبيت الذي ادخل إليه فأعطاني الملك حسب يد الهي الصالحة علي.
ع1: شهر نيسان : يقابله شهر أبريل.
السنة العشرين : هى السنة العشرون للملك أرتحشستا وبدايتها ليست مرتبطة ببداية السنة المدنية ولكنها تبدأ فى أحد شهورها وقد مرت أربعة شهور بين شهرى كسلو ونيسان (ديسمبر وابريل) منذ سماع نحميا خبر أورشليم المتهدمة إلى دخوله أمام الملك المذكور فى هذا الأصحاح.
مكمداً : هو مظهر من مظاهر الحزن الشديد على الوجه.
كان يعمل عند الملك عدد كبير من السقاة لكل واحد منهم دوره، فكل بضعة أو عدة شهور يأتى دور الساقى ليهتم بتقديم المشروبات للملك، وقد مرت أربعة شهور بين أحداث الأصحاح الأول وهذا الأصحاح، وهذا يبين أن الأيام التى قضاها نحميا فى خلوته المعبر عنها بأيام قد استغرقت مدة ليست بقصيرة قد تكون طالت إلى شهر أو اثنين فى اعتكاف.
عندما جاء دور نحميا لتقديم الخمر والمشروبات للملك كان قد مر أربعة شهور على سماعه أخبار الأسوار المهدمة والأبواب المحروقة وكان حزنه القلبى شديداً حتى أنه ظهر على وجهه طوال هذه المدة ولم يستطع أن يخفيه عند دخوله أمام الملك رغم أن هذا كان خطيراً أن يظهر الساقى وعلى وجهه الحزن لئلا يغضب الملك خاصة وأن نحميا كان إنساناً روحياً مؤمناً بالله فكانت بشاشة وجهه واضحة تعبر عن فرحه العميق وبالتالى يظهر فرقاً كبيراً عندما يكمد وجهه.
ع2: عندما لاحظ الملك علامات الحزن على وجه نحميا سأله عن سبب حزنه رغم انه غير مريض، لأن المرض أحياناً يسبب الآلام التى تجعل الوجه مكمداً، ثم استكمل الملك كلامه قائلاً إن مظاهر الحزن هذه تبين أن قلبك حزين. فخاف نحميا، لأن المعتاد فى هذا الوقت أن يظهر رجال الملك الخصوصيون أمامه بالفرح والإبتسامة، وإن ظهروا غير هذا يكونون معرضين للقتل.
ع3: أجاب نحميا الملك بالتحية والإكرام المعروفين فى هذا الوقت بأن دعا له بأن يحيا إلى الأبد. ثم أعلن له سبب حزن وجهه وهو اكتشافه أن مدينة آبائه التى توجد فيه مقابرهم مهدمة بلا أسوار وكذلك أبواب المدينة محروقة. وكان القدماء يعتزون بمقابر آبائهم ويعز عليهم أن ألا توجد فى حماية داخل مدناً حصينة وأن المساس بهذه المقابر يهينهم ويضايقهم جداً، وبهذا أثار نحميا تعاطف الملك معه وأشعره بمشكلته وأحزانه. ولم يقل للملك أنى أريد أن أبنى أورشليم وأحصنها حتى لا يخاف الملك من بناء مدن حصينة قد تثور عليه فى يوم من الأيام، بل قال أنها مجرد مدينة مقابر آبائه ليتعاطف معه.
ع4: تظهر هنا نعمة الله فى تجاوب الملك مع نحميا واستعداده لتلبية طلباته لحل مشكلته بل طلب منه تحديد مطالبه. وهنا يظهر نحميا كإنسان روحى، فرفع قلبه بالصلاة ليعطيه الله حكمة فى عينى الملك، ويرشده للمطالب التى يقولها فرغم صلواته وأصوامه العميقة طوال أربعة شهور، ولكنه الآن يصلى ثانية فى حضرة الملك ليتكلم الله على لسانه، لأنه لم يكن مسموحاً للسقاة أن يطلبوا شيئاً من الملك مستغلين وظيفتهم وقربهم إليه، ولكن بالصلاة آمن نحميا أن الله قادر أن يعطيه نعمة فى عينى الملك فيجيب طلباته ولا يغضب عليه.
ما أجمل أن تلتجئ إلى الله فى كل حين وفى كل المواقف ليسندك فتختبر قوته، ومن ناحية أخرى تتمتع بالكلام مع الله طوال اليوم فتشعر بجمال عشرته.
ع5: بتأدب واتضاع قال نحميا للملك أنه إن رضى عنه وشعر أن مطالبه مناسبة فليته يسمح له بالذهاب إلى منطقة يهوذا التى فيها بلاد آبائه وأورشليم عاصمتها ليبنيها ويرممها لأنها مهدمة.
ع6: كان الملك أرتحشستا جالساً وبجواره الملكة ولعل الملكة كان لها دوراً فى موضوع نحميا، أى تحدثت مع الملك فى حديث جانبى لتشجيعه على التعاطف مع نحميا ومن المحتمل أن تكون هذه الملكة هى أستير زوجة أحشويرش الملك والد أرتحشستا وتكون هى أمه، أو بمثابة أم أرتحشستا.
وافق الملك على الطلب الأول لنحميا بالسماح له أن يذهب إلى أورشليم ليبنيها وطلب منه تفاصيل مهمته أى ميعاد سفره والمدة التى يريد أن يقضيها هناك وبإرشاد الله حدد نحميا المدة المطلوبة ليسمح له الملك بهذه الأجازة من عمله كساقٍ وغالباً كانت هذه المدة شهور أو سنة جددها بعد ذلك، ومن الممكن ألا يوجد نحميا قد مكث فى أورشليم الإثنتى عشرة سنة فتصله، كما يذكر فى هذا السفر (ص13: 6)، ولكن قد يكون رجع مرة أو مرات إلى شوشن القصر، ثم عاد إلى أورشليم مرة أخرى.
ع7: عبر النهر : الأراضى الواقعة حول نهر الأردن.
قدم نحميا المطلب الثانى له إلى الملك، وهو حصوله على رسائل من الملك إلى الولاة التابعين له فى المنطقة المحيطة شرقاً وغرباً لنهر الأردن ليسمحوا له بالمرور فى بلادهم حتى يصل إلى يهوذا.
ع8: فردوس الملك : حدائق الملك ذات الأشجار الكثيرة.
القصر الذى للبيت : مبنى بجوار البيت الذى هو هيكل الله.
البيت الذى أدخل إليه : المسكن الخاص بنحميا المسئول من قبل الملك عن بناء أورشليم.
بعد أن طلب نحميا من الملك إجازة للسفر إلى أورشليم (ع6) ثم طلب السماح له بالمرور فى بلاد عبر الأردن (ع7)، طلب مطلبه الثالث فى هذه الآية وهو رسالة إلى المسئول عن حدائق الملك، وهى فى نواحى أورشليم ليأخذ منها أخشاباً لبناء القصر الملحق بهيكل الله والذى يوجد فيه مخازن وملحقات خاصة بالخدمة وكذلك أخشاب لبناء سور المدينة وأبوابها وأخيراً أخشاب لبناء مسكن خاص لنحميا فهو يهتم بهيكل الله والمدينة وفى النهاية يطلب الضرورى لنفسه أى مسكن يعيش فيه. وقد قدم بناء القصر قبل السور حتى يظهر للملك اهتمامه بعبادة الله فى المدينة التى عاش فيها أباؤه والتى توجد بها مقابرهم، وليس الاهتمام بأن تكون أورشليم مدينة عظيمة ومحصنة حتى لا يثير مخاوف الملك منها.
ومن نعمة الله وافق الملك على كل مطالب نحميا وشعر نحميا أنه ينال مطالبه من يد الله عن طريق الملك فتعامله المباشر هو مع الله قبل الناس وغالباً أعطاه الملك بسخاء حسبما حركه الله، لأن يـد الله الصالحة هى التى تعطى نحميا وهو “الذى يعطى الجميع بسخاء ولا يعير” (يع1: 5).
(2) نحميا فى أورشليم واستياء الأعداء (ع9، 10):
9- فأتيت إلى ولاة عبر النهر و أعطيتهم رسائل الملك و أرسل معي الملك رؤساء جيش وفرسانا. 10- و لما سمع سنبلط الحوروني و طوبيا العبد العموني ساءهما مساءة عظيمة لأنه جاء رجل يطلب خيرا لبني إسرائيل.
ع9: ظهرت نعمة الله مع نحميا فى اهتمام الملك أن يرسل معه جنوداً لحراسته هو والقليل من اليهود الذين رافقوه (ع11)، وهكذا تحرك نحميا كمسئول رسمى من الملك تحرسه فرقة حربية، مما أعطاه مهابة فى نظر ولاة عبر الأردن، فاستقبلوه بترحاب خاصة عندما قرأوا رسائل الملك إليهم، وهكذا اجتاز فى بلادهم حتى وصل إلى أورشليم.
إن الله مستعد أن يعطيك نعماً من عنده لم تطلبها ومهابة فى أعين من حولك فلا تخشى الأشرار بل استخدم هذه المهابة لتكسب الكل للمسيح فمع احترامهم لك يرون محبتك فينجذبوا إلى مسيحك.
ع10: سنبلط الحورونى : من مدينة حورنايم التى تقع فى جنوب موآب وشمال غرب أورشليم على بعد 30 كم وكان رئيساً ووالياً فى مدينة السامرة ويكره اليهود لأن قوتهم تخيف السامريين فكان يعمل على إضعافهم.
طوبيا العبد العمونى : كان عبداً للملك وفى نفس الوقت رئيساً لبنى عمون التى تقع شرق البحر الميت وهذا الشعب من نسل لوط وكان معادياً لبنى إسرائيل.
مساءة : إساءة أى أمر يحزن ويغضب.
لما سمع أعداء بنى إسرائيل الممثلون فى قادة بعض المدن والشعوب المحيطة بشعب الله وهما سنبلط وطوبيا تضايقا جداً لأن مجئ نحميا معناه خير وبركة لأورشليم ويهوذا إذ كلما كانت يهوذا ضعيفة يشعر هؤلاء الأعداء بقوتهم أما إن كانت قوية فيخافون منها.
(3) فحص المدينة والأسوار (ع11-18):
11- فجئت إلى أورشليم و كنت هناك ثلاثة أيام. 12- ثم قمت ليلا أنا و رجال قليلون معي و لم اخبر أحدا بما جعله الهي في قلبي لأعمله في أورشليم و لم يكن معي بهيمة إلا البهيمة التي كنت راكبها. 13- و خرجت من باب الوادي ليلا أمام عين التنين إلى باب الدمن و صرت أتفرس في أسوار أورشليم المنهدمة و أبوابها التي أكلتها النار. 14- و عبرت إلى باب العين و إلى بركة الملك و لم يكن مكان لعبور البهيمة التي تحتي. 15- فصعدت في الوادي ليلا و كنت أتفرس في السور ثم عدت فدخلت من باب الوادي راجعا. 16- و لم يعرف الولاة إلى أين ذهبت و لا ما أنا عامل و لم اخبر إلى ذلك الوقت اليهود و الكهنة و الإشراف و الولاة و باقي عاملي العمل.17- ثم قلت لهم انتم ترون الشر الذي نحن فيه كيف إن أورشليم خربة و أبوابها قد أحرقت بالنار هلم فنبني سور أورشليم و لا نكون بعد عارا. 18- و أخبرتهم عن يد الهي الصالحة علي و أيضا عن كلام الملك الذي قاله لي فقالوا لنقم و لنبن و شددوا أياديهم للخير.
ع11: وصل نحميا إلى أورشليم وظل فيها ثلاثة أيام يفحص المدينة والأسوار ويتعرف على كل الأمور الحادثة فيها ونحميا هنا يرمز للمسيح الذى ظل ثلاثة أيام فى القبر وبعد هذا قام من الأموات كما قام نحميا ليبنى المدينة.
ع12: من أجل الخزى الذى كانت فيه أورشليم المتهدمة تحرك نحميا ليلاً وقام مع المجموعة الصغيرة من اليهود التى أتت معه من شوشن القصر وخرجوا فى مهمة سرية ليفحصوا الأسوار والمدينة وكان نحميا يركب دابة ويتحرك بهدوء ولم يخبر أحداً من رؤساء أورشليم بالعمل العظيم الذى يود أن يعمله وهو بناء السور والمدينة خاصة أنه يوجد أعداء يهمهم عدم عمل اى شئ مفيد لأورشليم، فنحميا لم يهتز من مقاومتهم ولكنه كان حريصاً أن تكون مهمته سرية لئلا يعطى الأعداء فرصة أن يزيدوا مقاومتهم.
الأعمال العظيمة تحتاج إلى فحص بتريث وهدوء مع النفس قبل اتخاذ القرارات الكبيرة فالهدوء مع الصلاة والصوم يجعلوك تنال مراحم الله وإرشاده بسهولة فلا تندفع فى أى أمر كبير فى حياتك بل إعط نفسك فرصة لتسمع صوت الله.
ع13: باب الوادى : أحد أبواب أورشليم ويقع فى الجنوب الغربى منها وكان يطل على وادى هنوم المجاور لأورشليم حيث تلقى مخلفات الحيوانات وكل ما يتخلف عن المدينة ويحرق بالنار فكانت النار مشتعلة دائماً فيه ومنه أخذت كلمة جهنم فهو يرمز للعذاب الأبدى، فباب الوادى يرمز إلى الحاجة للدموع والتوبة للخلاص من الدينونة والعذاب الأبدى.
عين التنين : عبارة عن تمثال لتنين يخرج من فمه ماءً، وهذه العين كانت بجوار باب الوادى.
باب الدمن : الدمن هو روث الحيوانات أى فضلاتها لأنه أمام هذا الباب كان يلقى روث الحيوانات فهذا الباب يرمز لأهمية التطهر من كل نجاسة التى يشير إليها الروث الذى يلقى بعيداً عن المدينة من هذا الباب يحكى نحميا بالتفصيل كيف بدأ يفحص أسوار المدينة وواضح أن تحركه كان فى الجزء الجنوبى من سور المدينة وهو الجزء الباقى من السور لأن هجمات الأعداء كانت غالباً تأتى من شمال المدينة وشرقها فكان السور فى هذه الجهات لا يوجد منه إلا آثار قليلة. فتحرك من باب الوادى متجهاً إلى باب الدمن وهى مسافة حوالى 1 كم وأخذ يفحص الأسوار المهدمة والأبواب المحروقة كل ذلك تم ليلاً بعيداً عن أعين الأعداء حتى يتسنى له أن يدبر أمره ويتخذ قراراته لإعادة بناء السور.
وذكر هذين البابين يرمز إلى أهمية التوبة والطهارة للبدء فى البناء الروحى.
ع14: باب العين : أحد أبواب أورشليم ويقع شرق باب الدمن وبجواره بركة يخزن فيها ماء العين القريبة من الباب وهذه البركة تسمى بركة سلوام أو بركة الملك لأنها قريبة من جنة الملك أى حدائقه (2مل25: 4، أرميا 52: 7).
استمر نحميا فى فحص السور فعبر من باب الدمن على السور إلى باب العين وهناك صار السور مهدماً وضيقاً لدرجة أنه لم يجد مكاناً لتمشى عليه دابته التى يركبها.
نلاحظ أن نحميا بدأ بفحص السور فى الجزء الجنوبى الذى لم يتهدم بالمقدار الذى تهدم به السور من الجزء الشمالى فهو شخص إيجابى يرى الجزء الصالح من السور بشكل ما قبل الجزء المتهدم من السور تهدماً شبه كامل ليقوى الرجاء فى نفسه ومن معه.
ع15: مر بعد ذلك نحميا فى وادى وصعد إلى أحد الجبال لأن أورشليم مبنية على خمسة جبال ومن على الجبل استطاع أن يرى جزءاً ليس بقليل من السور ثم عاد من حيث بدأ أى إلى باب الوادى.
ع16: الولاة : رؤساء مدينة أورشليم.
الأشراف : العظماء والأغنياء.
قام نحميا بفحص السور ومعه عدد قليل من اليهود الذين حضروا معه من شوشن القصر وكانت هذه المهمة سرية تماماً لم يخبر بها الولاة ولا الكهنة ولا الأشراف ولا كل الشعب احتراساً من الأعداء حتى لا يعرفوا خطته فتزداد مقاومتهم.
ع17: بعد الفحص السرى لأورشليم وأسوارها جمع نحميا ولاة المدينة وكهنتها وأشرافها ورؤساء العمال بها. وقال لهم عن سو حالة المدينة وأسوارها حتى صارت خزياً وعاراً بين البلاد المحيطة بها وذلك ليستثير حماسهم واهتمامهم بالمدينة المقدسة وكان يتكلم عن دراسة وليس مجرد أخبار سمعها فكان كلامه قوياً مؤثراً فيهم ودعاهم للنهوض وبناء المدينة وأسوارها.
ع18: أخبرهم أيضاً نحميا عن بركة الله التى أعطته نعمة أمام الملك أرتحشستا فوافق على مطالبه الثلاثة ففرحوا وتشجعوا وأعلنوا استعدادهم للنهوض والبناء. وهكذا نجح نحميا فى تشجيع الشعب ورؤسائه فالعمل عمل جماعى ينبغى أن يقوم به الكل وليس فرداً واحداً مهما كانت قوته.
اهتم بالتعاون مع من حولك لأن العمل الجماعى أعظم من الأعمال الفردية ولكن يحتاج إلى دراسة ومحبة للآخرين وتشجيع لتجميع الطاقات فيبارك الله ويكمل بالنجاح.
(4) احتقار الأعداء لنحميا (ع19، 20):
19- و لما سمع سنبلط الحوروني و طوبيا العبد العموني و جشم العربي هزأوا بنا و احتقرونا وقالوا ما هذا الأمر الذي انتم عاملون اعلى الملك تتمردون. 20- فأجبتهم و قلت لهم أن إله السماء يعطينا النجاح و نحن عبيده نقوم و نبني و أما انتم فليس لكم نصيب و لا حق و لا ذكر في أورشليم
ع19: جشم العربى : أحد رؤساء قبيلة قيدار التى تسكن فى شبه الجزيرة العربية
سمع أعداء اليهود بكلام نحميا واستعداد الشعب للبناء فاغتاظوا جداً لأن قوتهم تظهر فى ضعف اليهود بل كانوا يحاولون استغلال اليهود ويجذبونهم لتبعيتهم فتضايقوا من محاولتهم التجمع وبناء المدينة وبالتالى يصيرون قوة تخيف هؤلاء الأعداء. فأرسلوا أول مقاومة لنحميا باتهامه بالتمرد على الملك أرتحشستا فى تفكيره بناء المدينة وأسوارها فرغم أن نحميا معه أوامر الملك وتصريح ببناء المدينة ولكن الأعداء يخيفونه بأنهم مزمعون أن يرسلوا رسائل للملك يتهمونه بالتمرد حتى يهتز ويتراجع لأن الملوك لا يريدون قلاقل داخل البلاد التابعة لهم.
ع20: ظهرت قوة إيمان نحميا فى عدم اهتزازه بتهديدات الأعداء لأنه يعتمد على الله إله السماء الذى يعلو عن كل قوة أرضية وأعلن بثقة أن الله يعطيهم النجاح وأنهم مزمعون أن يبنوا المدينة وأسوارها، ثم بقوة أعلن للأعداء رفضه أى تدخل منهم فى شئون اليهود رغم أن هؤلاء الأعداء بنفوذهم وأموالهم كانوا قد تغلغلوا واستمالوا الكثيرين من اليهود إليهم. مثل طوبيا الذى صاهر الكهنة اليهود واستمال الكثيرين حتى أنهم عملوا له مكان إقامة داخل هيكل الله (ص13) فهكذا تظهر قوة الإيمان التى لا تخشى المؤامرات ولا قوة الأعداء. ليكن لك إيمان بالله القادر على كل شئ مهما كانت المقاومات أو التهديدات المحيطة بك، فهى لا شئ أمام قوته تمسك به وألح عليه فى الصلوات فهو حتماً لا يتركك وينقذك من كل شر.